أيها السادة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
فضيلة الشيخ عبد العزيز! هذه رسائل وردتنا من عبد الله صالح محمد أبو صافية العمري من قرية آل عطيف، والمستمع (ع. أ. س) من المدينة المنورة، صندوق بريد (217)، والمستمعة أو (نور . م. ص) من الرياض والمستمع (س. م. س) من جمهورية مصر العربية، ورسالة المستمع محمد صالح محمد من الدمام، ولعلنا نتمكن من عرض هذه الرسائل كلها.
====
السؤال: ونبدأ أولاً برسالة عبد الله صالح محمد أبو صافية العمري من قرية آل عطيف، يقول: ما حكم من لجأ إلى المشعوذين الذين يدعون أن لهم القدرة على رفع بعض الأمراض العقلية عن بعض الناس، وقد لجأ إليهم بعض الناس وشوفي من مرضه، ويقال: إنهم يستعينون بالجن في ذلك، فما جزاؤهم عند الله؟ وما حكم من لجأ إليهم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فاللجأ إلى المشعوذين وسؤالهم عما يبتلى به بعض الناس من الأمراض، أمر لا يجوز، وقد صح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء، لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) أخرجه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (من أتى كاهناً -وفي لفظ: عرافاً- فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم)، في أحاديث أخرى، والعراف والكاهن ونحوهما هو الذي يدعي علم الغيب بواسطة الجن، هذا يقال له: عراف، ويقال له: كاهن، فلا يجوز سؤال هؤلاء، ولا يجوز إتيانهم، بل يجب ترك سؤالهم، ومن سألهم وأتاهم فإنه يستحق أن يؤدب ويعزر حتى يدع ذلك، وكذلك الكهان والعرافون يجب أن يزجروا ويؤدبوا ويمنعوا من أعمالهم هذه، ويستتابوا عما فعلوا من دعواهم أنهم يعرفون ما يصيب الناس، بواسطة من يتوسطون به من الجن، وهذا كله باطل وكله منكر، أما كون بعض الناس قد يشفى، فهذا قد يكون عن أمراض سببها له الجن وشياطين الجن، ثم إذا تقرب إليهم هذا الذي يدعي أنه طبيب، إذا تقرب إليهم بما يريدون، قد يزيلون ويرفعون ما فعلوه هم بأنفسهم، من أسباب مرض هذا الشخص.
فالحاصل أنهم قد يتعاطون أشياء تؤذي الإنسان، فإذا اتصل بهم من يعبدهم ويعظمهم، أزالوا ذلك الشيء الذي يفعلونه، فيسكن المرض، كما يروى عن ابن مسعود رضي الله عنه إنه قال لامرأته لما كانت تذهب إلى يهودي فيرقي عينها، قال لها: إنه الشيطان ينخسها بيده، فإذا قرأ عليك ذاك اليهودي كف عنها. يعني: لإغرائها باليهودي.
فالمقصود أن هؤلاء الذين يدعون أنهم يتصلون بالجن، ويسألونهم بعض الحاجات، هؤلاء لا يسألون ولا يصدقون، بل يجب أن يبتعد عنهم المسلم ويحذرهم، ويجب على ولاة الأمور إذا عرفوهم أن يزجروهم وأن يؤدبوهم، حتى يمتنعوا من هذه الأعمال، وإذا كانوا يدعون الغيب وجب أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا قتلوا كفاراً؛ لأن دعوى علم الغيب كفر، الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى.
الجواب: القانع والمعتر فيما ذكر أهل العلم. القانع: هو الذي يرفع يده ويسأل.
والمعتر: هو الذي يتعرض، ويظهر منه الرغبة في أن يعطى، ولكنه لا يرفع يده ولا يسأل.
والذي لا يتصدق من الضحية قد ترك أمراً واجباً؛ لأن الله قال: فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ
[الحج:28] ..
وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ
[الحج:36]، فالواجب أن يعطي من الهدية، وأن يعطي من الضحية بعض الشيء، ويتصدق منها، وإذا قسمها أثلاثاً: تصدق بالثلث، وأكل الثلث وأهدى الثلث إلى بعض أقاربه وجيرانه، فهذا حسن، وإذا أكلها كلها فينبغي له أن يغرم ما يقابل جزءاً منها يتصدق به، مقابل ما أكل من حق الفقراء.
الجواب: الذي نرى أن صاحبه يلتمس ويعطى هذا الراديو؛ لأن هذا في الغالب ما يطرح في القمامة، فلعله طرحه صبي صغير، أو طرحه غير عاقل، فمثل هذا يلتمس، ما دام اسمه عليه يلتمس ويعطى صاحبه، فإن لم يعرف هو من اللقطات، لقطة ينادى عليه إذا كان لها قيمة، يسوى قيمة مائتين.. ثلاثمائة.. أربعمائة هذا يكون من اللقطات.
والمسجل كذلك إذا كان لها قيمة وسليم، له قيمة كبيرة ينادى عليه، وإن كان عليه اسم صاحبه يعطى صاحبه؛ لأن الظاهر إن هذا لم يلق في القمامة، إما إنه وضعه صبي صغير، وإما من خادمة لا تعقل ضعيفة التصرف كالمجنونة، ومثل هذا ما يلقيه عاقل في القمامة، لا مسجل ولا راديو، فإذا كان اسم صاحبه عليه يلتمس ويعطى إياه.
وهناك نوع احتمال قد يكون ما هو بعيد، وهو أنه قد يكون رماه، لكن إذا كان اسمه عليه وأعطاه إياه يكون أحوط من باب الاحتياط، وإن لم يجده وباعه وتصدق به فحسن.
الجواب: هذه لا نعرف لها أصلاً، وإنما هي من الحوادث، مما جد في الناس، المناكير والسحابات هذه أشياء جدت فيما نعلم، ولا نعلم لها أصلاً، فالمناكير ينبغي تركها؛ لأنها تغطي الأظفار وتمنع الماء، فينبغي تركها، لكن إذا استعملتها المرأة وغسلتها عند الوضوء فالأمر في هذا واسع، ولكن لا ينبغي أن تبقى وقت الوضوء لأنها تمنع الماء، وأما مسألة السحابات فأمرها واسع، لو كانت من الأمام كان أحسن وأولى كالطريقة السابقة الجيوب تكون أمام، هذا هو المعروف، فإذا كان الجيب من وراء ومضبوط ولا تظهر معه العورة، فلا يضر إن شاء الله.
الجواب: النبي عليه الصلاة والسلام أمر بإعفاء اللحى وتوفيرها وإرخائها، والحمد لله الذي هداك لهذا الأمر العظيم، وهذه السنة التي هي مما شرعه الله عز وجل، وهي من طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وهي سنة بمعنى أنها من أعمال النبي عليه الصلاة والسلام، وهي واجبة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بذلك فهي واجبة، إعفاؤها وإرخاؤها أمر واجب.
فالواجب على جميع المسلمين إعفاء اللحى وإرخاؤها وتوفيرها وعدم قصها وحلقها، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بمن حلق أو قص، بل ينبغي للعاقل أن يهتم باتباع النبي عليه الصلاة والسلام والسير على منهاجه؛ لأن الله يقول: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
[الأحزاب:21]، فعلينا أن نتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن ننقاد لأمره، وأن نحذر معصيته عليه الصلاة والسلام، وأنت أيها الأخ إذا سافرت إلى مصر فاستعن بالله ولا تحلقها أبداً، وأبشر بالعافية، فالحكومة إنما تطلب من كان يتسبب في مشاكلها، أما من أعرض عنها فلا تضره إن شاء الله، فأنت لا تشتغل بما لا يعنيك، وإذا وصلت إلى البلاد فاشتغل بما ينفعك من طاعة الله ورسوله، ومن كسب الحلال ولا يضرك ما يقوله هذا الرجل، بل استقم على إعفائها وإرخائها وأبشر بالعافية:
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا
[الطلاق:2] ..
وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا
[الطلاق:4].
الجواب: هذا عمل طيب، وهذا موافق للسنة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في الغالب يوتر بإحدى عشرة ركعة وربما أوتر في أول الليل، ثم أوتر في وسطه، ثم أوتر في آخره، ثم انتهى أخيراً إلى آخر الليل عليه الصلاة والسلام، فكان الغالب عليه أنه يصلي في آخر الليل عليه الصلاة والسلام، هذا الذي فعلته هو السنة، وإذا نمت عنها فلا حرج، إذا نمت عنها بعض الأحيان أو ثقلت عنها، أو لم يتيسر لك أداؤها، فافعلها في النهار، صل من النهار ما تيسر، لكن من غير إيتار، تصليها شفعاً: تصلي مثلاً ثنتي عشرة ركعة. يعني: ست تسليمات بدل إحدى عشرة ركعة، إذا تيسر ذلك، وإن صليت أقل من ذلك كثمان، أو ست ركعات، أو أربع ركعات كله طيب، لكن الأفضل أن تصلي بعدد ما كنت تفعله في الليل وتزيد ركعة حتى لا توتر بواحدة في النهار، أو تصلي شفعاً، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاته ورده من الليل لمرض أو نوم، صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة، كما قالته عائشة رضي الله عنها، هذا هو السنة، الذي يفوته ورده من الليل لنوم أو مرض أو نحو ذلك، فإنه يصلي من النهار لكن يكون شفعاً لا وتراً، وأنت بحمد الله قد وفقت للسنة، ولو أوتر الإنسان بأقل من ذلك، أو أوتر بواحدة أو بثلاث أو بخمس فكله سنة والحمد لله، أقله واحدة، إذا صلاها بعد العشاء أو صلاها في آخر الليل فقد فعل السنة.
الجواب: هذا فيه تفصيل: أما كون الضيف يعطى من الفاكهة الموجودة من غير خبنة بأن لا يحمل شيئاً بل يأكل معكم فلا بأس إن شاء الله، قد جاء في الحديث ما يدل على ذلك، أما أن تهدوه إلى الناس فلا، إلا بإذن صاحب المزرعة، لكن من زاركم وقدمتم لهم شيئاً مما في المزرعة من عنب أو بطيخ أو رطب فلا بأس، بحيث يأكل فقط ولا يحمل معه شيئاً، ولا تهدوا له شيئاً، بل يأكل معكم من هذا الذي يسره الله، هذا لا بأس به إن شاء الله، أما أن يتخذ معه شيئاً يخرج به أو تهدوا له شيئاً فلا، إلا بإذن صاحب المزرعة.
الجواب: عليك أن تجتهد وتقرأ على من تيسر من الإخوان الذين هم أعرف منك بالقرآن، حتى تزداد بصيرة بالقرآن، النبي عليه الصلاة والسلام قال: (الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق أو يتتعتع فيه له أجران)، فأنت على خير إن شاء الله ما دمت تجتهد وتعتني، أنت على خير، وهذا طريق التعلم، تقرأ وتكرر وتأمل الحروف ولا تعجل حتى تستفيد، وإذا تيسر لك من هو أعلم منك تقرأ عليه، وتسأله عما قد يشكل عليه، وبهذا تستفيد ويقل الغلط ويكثر الصواب ولا ترض بقراءتك، بل امتحن قراءتك واقرأها على من هو أعلم منك إذا تيسر، حتى تستفيد علماً إلى علمك، وحتى تحسن قراءتك بقراءتك على من هو أعلم منك، هذا هو الذي ينبغي لك ومع ذلك تستمر في القراءة مع نفسك ولا تعجل، وتأمل الحروف وبهذا توفق إن شاء الله.
الجواب: لا حرج في ذلك، دعاء القنوت سنة، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت، وقد علم الحسن كلمات القنوت في الوتر، فهو سنة، فإذا قرأت في كل ليلة فلا بأس، وإن تركه بعض الأحيان حتى يعلم الناس أنه ليس بواجب، فهذا لا بأس به، إذا ترك الإمام القنوت بعض الأحيان، ليعلم الجماعة أنه ليس بواجب فهذا لا بأس، وإذا استمر فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم لما علم الحسن القنوت ما قال له: دعه في بعض الأيام، فدل ذلك على أنه إذا استمر فلا حرج.
المقدم: شكراً أثابكم الله.
أيها السادة! إلى هنا نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه رسائل السادة عبد الله صالح محمد أبو صافية العمري من قرية آل عطيف، والمستمع (ع. أ. س) من المدينة المنورة، والمستمعة (نور . م. ص) من الرياض، والمستمع (س. م. س) من جمهورية مصر العربية، وأخيراً رسالة محمد صالح محمد من الدمام يسأل عن: حكم قراءة دعاء القنوت في كل ليلة من رمضان، ومن غير رمضان أيضاً.
عرضنا الأسئلة والاستفسارات التي وردتنا في هذه الرسائل على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وشكراً لكم أيها الإخوة، وإلى أن نلتقي إن شاء الله تعالى نستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر