إسلام ويب

أربعون وسيلة لاستغلال رمضانللشيخ : إبراهيم الدويش

  •  التفريغ النصي الكامل
  • رمضان فرصة عظيمة لطاعة الله؛ سواء من قبل عامة الناس، أو أئمة المساجد والدعاة، أو النساء والصغار؛ ذلك لما له من فضائل وخصائص ومزايا عن غيره من سائر الشهور، ولكن لابد من معرفة الوسائل المعينة على استغلاله، فيا ترى ما هي هذه الوسائل؟ هذا ما ستجده في هذه المادة.

    1.   

    أسباب اختيار الموضوع

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    أحبتي في الله! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    نلتقي في يوم الإثنين الموافق للسابع والعشرين من الشهر الثامن لعام (1414هـ) ومع موضوع بعنوان: ثلاثون وسيلة لاستغلال رمضان، ولعل هذه الوسائل ازدادت بعد الإعلان وتواصل الإخوة بارك الله فيهم جميعاً، فأصبح العنوان: (أربعون وسيلة لاستغلال رمضان) ولعلنا لا نخرج من هذا المكان إلا وقد زيدت هذه الوسائل وهذه الأفكار من قبلكم -إن شاء الله- باقتراحاتكم وآرائكم إلى الخمسين أو فوق ذلك.

    وهذه الوسائل هي عبارة عن جمع عدد من التوجيهات والأفكار والمقترحات لاستغلال رمضان، ولابد لهذه الوسائل من شرطين حتى تكون الوسيلة صحيحة:

    أولاً: أن تكون وسيلةً مشروعةً، أي: مباحة.

    وثانياً: أن تؤدي هذه الوسيلة الغرض المطلوب والمقصود منها.

    أما أسباب اختيار الموضوع، فمن هذه الأسباب:

    أولاً: كيف نستغل رمضان؟ وماذا نفعل في رمضان؟

    سؤال نسمعه كثيراً من الحريصين والحريصات، ومن بعض أئمة المساجد، ووجود هذا السؤال من المبشرات، فتبقى الإجابة، ومن هذه الإجابة هي جمع هذه الوسائل.

    سبب ثانٍ: تضييع ليالي رمضان باللهو والسهر، ونهاره بالنوم والكسل، فذكر هذه الوسائل وحصرها توجيهات لمثل هؤلاء، وتشجيعاً لاستغلال رمضان.

    وسبب ثالث: وهو ترشيداً لهذه الصحوة المباركة، وتوجيهاً لطاقاتها للعمل والعبادة والدعوة إلى الله من خلال هذه الأفكار والوسائل.

    وسبب رابع: يمر على الإنسان رمضان تلو رمضان، وهكذا تمر الرمضانات بدون رصد للأعمال والمواضيع والمشاريع، وبدون تدارك للأخطاء والتقصير، مما يجعلنا في كل رمضان يأتي نبدأ من جديد، ولا شك أن هذا مضيعة للأوقات والأعمار، فكان هذا الرصد لهذه الوسائل .

    سبب خامس: لو لم يكن في شهر الصوم إلا أنه أحد أركان الإسلام التي لا يتم إسلام المرء إلا بها، ثم أيضاً أنه العمل -أي: الصيام- الذي اختصه الله سبحانه لنفسه من بين عمل ابن آدم كله، ثم أيضاً فيه ليلة هي أفضل من ألف شهر، وأنه الشهر الذي اختصه الله بنزول القرآن، وأنه شهر المغفرة ومحو الذنوب والسيئات، لو لم يكن في هذا الشهر إلا هذه الأمور لكفاه شرفاً ومنزلة، ولكفانا حرصاً وإصراراً على استغلال أيامه وساعاته وكل لحظة من لحظاته.

    وهذا الاستغلال منطلق من سنته صلى الله عليه وآله وسلم، فاسمع لـابن القيم رحمه الله تعالى وهو يقول في زاد المعاد في الجزء الثاني صفحة [32]: (فصل: وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن في رمضان، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود الناس وأجود ما يكون في رمضان، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن، والصلاة والذكر والاعتكاف، وكان يخص رمضان من العبادة بما لا يخص غيره، حتى إنه كان ليواصل فيه أحياناً؛ ليوفر ساعات ليله ونهاره على العبادة..) إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى.

    إذاً: فاستغلال هذا الشهر المبارك، بل أقول: استغلال كل لحظة من لحظاته وساعة من ساعاته هو أمر وسنة نبوية، كان صلى الله عليه وآله وسلم يحرص عليها كل الحرص وكان يحث أصحابه.

    هذه الأسباب الخمسة وغيرها جعلتني أختار مثل هذا الموضوع.

    وهذه الوسائل -كما ذكرت- هي أربعون وسيلة، وقد قسمت هذه الوسائل إلى أقسام، منها ما هو توجيهات وأفكار عامة، ومنها ما هو وسائل وتوجيهات لأئمة المساجد، ومنها توجيهات وأفكار للجادين فقط، ومنها توجيهات وأفكار في الاهتمام بالقرآن، ومنها توجيهات للمرأة، ومنها وسائل وأفكار للصغار.

    وتنبيهات قبل أن أبدأ بعرض هذه الوسائل:

    أولاً: سيكون العرض بالاختصار الشديد في طرح الأفكار والتوجيهات بقدر الإمكان، فأكتفي في بعض الأحيان بذكر المضمون فقط لوضوح الفكرة ولضيق الوقت، فلعلكم -بارك الله فيكم- تعذروننا في سرد هذه الأفكار والتوجيهات، والقصد منها المعرفة والبيان، أما التفصيل فلا شك أن كل فكرة وتوجيه يحتاج إلى درس خاص، وإذا كانت الأفكار أربعين فكرة أو وسيلة، فلو أعطينا كل وسيلة أو فكرة دقيقتين فقط، لرأيتم كيف سيذهب علينا الوقت بدون أن نشعر.

    التنبيه الثاني: من هذه التوجيهات ومن هذه الوسائل ما هو مكرر ومعلوم ومشهور، لكن ذكرها من باب التذكير والإرشاد ولتكامل الموضوع، ثم للتأكيد عليها في هذا الشهر الكريم الذي تضاعف فيه الحسنات.

    تنبيه ثالث: هذه الوسائل والأفكار هي للنشر ويجوز فيها الزيادة والنقصان، فحقوق الطبع والنشر فيها ليست محفوظةً، بل هي وقف لله تعالى، فعلى كل داع للخير أن ينشرها ويذكر بها، والدال على الخير كفاعله.

    1.   

    توجيهات وأفكار ووسائل عامة

    نتوجه الآن لهذه الوسائل:

    توجيهات وأفكار ووسائل عامة، أي: للناس عامة:

    تفطير الصائمين

    أول هذه الوسائل: هل تحب أن تصوم رمضان مرتين؟

    الإجابة تكمن في حديث زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من فطر صائماً كان له مثل أجره، غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء) رواه الترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة ، وابن خزيمة ، وابن حبان في صحيحيهما، والحديث قال عنه الترمذي : حسن صحيح، وهو صحيح كما قال.

    ولهذا -أي: لهذا الأجر- ولصيام رمضان مرتين كما فهم من تفطير الصائمين صور، من هذه الصور:

    تفطير الصائمين من المسلمين في الخارج.. فهل تصدق يا أخي الحبيب! أن عشرة ريالات تفطر صائماً في اليوم الواحد؟ إذاً ففي الشهر ثلاثمائة ريال، فإذا أردت أن تصوم رمضان مرتين فعليك أن تدفع ثلاثمائة ريال وتنال أجر تفطير صائم.

    ثم صورة أخرى: تفطير الجاليات المسلمة الموجودة في البلد أو المدينة من خلال مساجد الأحياء، وهذه مشهورة في كثير من مساجد وأحياء هذه المدينة، ولكننا نريد المزيد، ونريد أيضاً التخطيط والتنظيم، فلو رافق هذا التفطير التوجيه والإرشاد، وعقد الدروس قبل الإفطار على الأقل بساعة؛ لكان هذا شيئاً جيداً يضاف إلى هذا الإفطار وإلى هذا العمل العبادي.

    ثم أيضاً لو قامت مكاتب دعوة الجاليات مشكورةً بتبني هذه الفكرة، أقصد بتبنيها عموماً بتخطيط وتنظيم مجدول، يشرف عليها المكتب في جميع مساجد أحياء المدينة، وأيضاً يشرف على الدروس وتوفير المدرسين باللغات المختلفة أو الترجمة، ويصاحب هذا توزيع الأشرطة والرسائل والكتيبات التي تناسب لغة أولئك القوم، ولا شك أن هذا متوفر في هذا الزمن ولله الحمد وبكثرة بجميع اللغات .

    ثم أيضاً صورة ثالثة: قد يكون التفطير للأقارب والأسر والجيران، وفي هذا صيام -كما ذكرنا- لرمضان مرتين، وفيه صلة رحم وبر.

    الإحسان والتصدق

    الوسيلة الثانية: يكثر المحسنون والمتصدقون في هذا الشهر، والقلوب مهيئة بجميع أبواب الخير، وفي رمضان خاصةً تكثر المناسبات، خاصةً في الإفطار لكثير من الأسر، وهذه المناسبات تجمع أعداداً كبيرةً من الرجال والنساء.. فلم لا يستغل هذا الجمع؟ كيف؟

    يستغل بالبذل والعطاء، ولجمع الصدقات من خلال صناديق صغيرة توضع عند الرجال وعند النساء، ولا شك أن هذا باب عظيم لو جرب لكثير من الأسر والعوائل لوجدنا خيراً كثيراً.

    وقد جربه -كما أشرت في بعض الدروس- أحد الشباب ونجح نجاحاً باهراً مع أسرته، فجمع أموالاً، نسأل الله جل وعلا أن يجزيه عنا وعن المسلمين خير الجزاء.

    فلعل هذا الأمر أن يجرب، فإن حال المسلمين اليوم في كل مكان وفي كل صقع من أصقاع المعمورة حالة يرثى لها، وإن كان هناك كثير من المبشرات ولله الحمد والمنة، ولكننا أيضاً نريد أن نشعر بالجسد الواحد، وأن نقف مع المسلمين وقفةً صادقةً؛ لنكون كما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بذلك المثل في (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر).

    ولا بأس أن يكتب حتى تتجه النية للمتصدق على هذه الصناديق، إما للفقراء والمساكين في الداخل، أو يكتب عليها -أيضاً- للمسلمين في الخارج، أو ما شابه ذلك.

    استغلال آخر كل أسبوع من رمضان

    الوسيلة الثالثة: استغلال آخر كل أسبوع من رمضان، فرمضان أربعة أسابيع، نريد من الشباب أصحاب السواعد الفتية والعضلات القوية، نريد منهم في نهاية كل أسبوع من أسابيع رمضان أن يتجهوا للقرى والهجر لتوزيع الإعانات وإطعام الطعام والقيام على المساكين في تلك القرى والهجر، وتوعية أهلها عبر الكلمات وخطب الجمع، وتوزيع الأشرطة والرسائل.

    نتمنى حقيقةً أن نجد من أصحاب الهمم والسواعد الفتية، ومن شباب الإسلام، وممن تعلق قلبه بالجنان؛ ألا يترك أسبوعاً من أسابيع رمضان في هذا الشهر إلا وتنطلق فئات الشباب محملون بكل خير، ولو نظم هذا الأمر أيضاً وخطط له وطرح بقوة، ورتب له من قبل مكاتب الدعوة والجمعيات الخيرية؛ لرأينا شبابنا أفواجاً، فإننا نحسن الظن كثيراً ولله الحمد والمنة بهم، وقد رأينا كثيراً من نشاطاتهم.

    ولكننا نريد أن نستغل توجه القلوب إلى الله جل وعلا في هذا الشهر المبارك، فلا نريد الخمول والكسل، والجلوس بين الأولاد والأزواج، وترك هذا الأمر العظيم، وندع كثيراً من المسلمين ومن أهل البادية في جهل عظيم.

    زيارة أماكن تجمع الشباب من قبل الدعاة

    الوسيلة الرابعة -وهي من الاقتراحات العامة-: الزيارات من قبل الدعاة وطلبة العلم والصالحين ومحبي الخير من شباب الصحوة للأرصفة وتجمعات الشباب، والجلوس معهم، وتقديم الهدايا والأشرطة والكتيبات لهم، فإن هؤلاء الشباب يشكون هجركم أيها الأحبة! بل ويتهمونكم بالتقصير، بل وأنكم سبب كبير في غفلتهم وبعدهم عن الله، كما ذكر ذلك كثير منهم، ويعتذرون بالخجل والحياء منكم، وإلا لجاءوا بأنفسهم إليكم كما قال كثير منهم أيضاً.

    و أتمنى كذلك لو قامت مكاتب الدعوة والإرشاد بالإعلان عن مثل هذا المشروع قبل رمضان، وتسجيل الأسماء وترتيب جدول للزيارات، ويكون ذلك -كما ذكرت- قبل دخول شهر رمضان.

    إبعاد الأهل عن وسائل الإعلام

    وسيلة خامسة: -وهي من التوجيهات العامة أيضاً-: إذا كنت ممن ابتلي ببعض وسائل الإعلام في بيته، فلماذا لا تفكر يا أخي الحبيب! ويا ولي الأمر! لماذا لا تفكر بعقد هدنة مع أهلك وأولادك خلال هذا الشهر المبارك بهجرها والابتعاد عنها وعزلها؟ وذلك بالترغيب، وبالكلمة الطيبة، وبالتذكير بعظمة هذه الأيام، على الأقل خلال هذا الشهر، ولعلها -إن شاء الله- أن تكون بداية الهداية، ولا شك أن رمضان من أعظم المناسبات لتربية النفوس، وإن لم تستطع خلال هذا الشهر أن تعزل أهلك ولو لشهر واحد من السنة، فمتى إذن؟ خاصةً وأن النفوس -كما ذكرنا- مهيئة والشياطين مصفدة.

    فحاول يا أخي الحبيب! واستعن بالله تعالى، وكن صادقاً من قلبك، ستجد -إن شاء الله- العون وستجد الإجابة والإعانة من الأهل والأولاد، بل وستجد -إن شاء الله- الإعانة ممن يكونون حولك من أهل الحي، فعلَّنا نرى هذه صفة مميزة؛ خاصة وأننا نرى في شهر رمضان تخطيط أعداء الإسلام لأولادنا ونسائنا، لا أعلق ولكني أقول: انظروا إلى البرامج المنشورة في وسائل الإعلام هذه الأيام؛ أقصد برامج شهر رمضان؛ فسوف تجدون عجباً.

    وأيضاً أتمنى أن تفكر كثيراً بأن تتوقف في هذا الشهر المبارك عن شراء المجلات والجرائد، حتى ولو كانت مباحة، فإن السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، ومن سار على نهجهم كانوا يهجرون حلق التحديث والتعليم؛ ليتفرغوا في رمضان لقراءة القرآن والنظر فيه والعبادة ولقيام الليل.. أفلا نستطيع أن نهجر الجرائد والمجلات خلال هذا الشهر فقط؟

    استغلال أفضل الأوقات للدعاء

    الوسيلة السادسة: أوقات الإفطار وقبل الأذان بدقائق لحظات ثمينة ودقائق غالية، هي من أفضل الأوقات للدعاء وسؤال الله سبحانه وتعالى، وهي من أوقات الاستجابة كما تعلمون، والعبد صائم مقبل على الله منكسرة نفسه، ومع ذلك يغفل كثير من الناس عن هذه اللحظات؛ خاصةً الأسر عند الاجتماع على الإفطار، بالحديث وبالذهاب والإياب وتجهيز وجبات الإفطار.

    فلماذا لا نتذاكر -أيها الأحبة- بفضل استغلال هذه اللحظات والحرص عليها، برفع الأيدي والأكف والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى؟

    راقب هذه اللحظات وستجد الغفلة العجيبة من كثير من الناس، والعجيب -أيضاً- أننا نرى التجمعات والجلسات في الطرقات وعند الأبواب من بعض الشباب، بل أقول: أيضاً من بعض الآباء، وإذا مررت بأحد الشوارع فانظر يمنةً ويسرةً ستجد تلك التجمعات، وتستمر وللأسف هذه التجمعات حتى قبيل الغروب إن لم يكن إلى الأذان.. سبحان الله! هذه اللحظات الغالية، أوقات الدعاء والاستجابة والتفرغ يغفل عنها أهل التوحيد، وكلنا بحاجة إلى الله جل وعلا وسؤاله سبحانه وتعالى، والموفق من وفقه الله تعالى.

    بر الوالدين والقرب منهما

    الوسيلة السابعة: بر الوالدين والقرب منهما في هذا الشهر، وقضاء حوائجهما وطاعتهما، ومحاولة الإفطار معهما، فبعض الشباب تجده كثير الإفطار في بيته أو عند أصحابه، ولا يجلس مع والديه أو يفطر معهما إلا قليلاً، ولا شك أن برهما من أعظم القربات والعبادات إلى الله تعالى، كيف لا وقد قرن سبحانه وتعالى حقهما بتوحيده وعدم الإشراك به جل وعلا؟ومن صور التقصير -أيضاً- في حق الوالدين خلال هذا الشهر المبارك، أنك قد تجد الفتاة تكثر من النوم في النهار والسهر في الليل، أو حتى في الخروج، أو نقول: حتى في قراءة القرآن، والأم لوحدها في المطبخ لإعداد الوجبات للفطور والسحور، وربما لو أن الأم أمرت أو نهت تلك الفتاة، لوجدت أن تلك الفتاة صاحت وانهالت على أمها بالكلام، ونغفل عن هذه العبادة العظيمة التي يجب أن نحرص عليها لاستغلال هذا الشهر المبارك، ولا شك أن الأجر مضاعف في هذا الشهر، فلعل مثل هذا الأمر ينتبه إليه إن شاء الله.

    النوم المبكر لاستغلال الأوقات الفاضلة

    الوسيلة الثامنة: النوم في ليالي رمضان يعين كثيراً على استغلال كثير من الأوقات الفاضلة؛ كبعد صلاة الفجر مثلاً، أو قبل السحر، ونحن نرى المساجد بعد صلاة الفجر بدأت تهجر، بعد أن كانت في رمضانات مضت تمتلئ بالتالين والذاكرين، مما يشجع كثيراً من الناس على المكث بعد صلاة الفجر في المسجد مع الناس، لكننا نرى المساجد في مثل هذا الوقت وهي شبه خاوية، لسرعة خروج المصلين، ولو أن الإنسان نام شيئاً في ليالي رمضان لكسب الكثير من الأوقات، ولأحيا هذه السنة المباركة في الجلوس بعد صلاة الفجر إلى شروق الشمس.

    مجاهدة النفس على ترك المعاصي

    الوسيلة التاسعة -وما زلنا في التوجيهات والأفكار والوسائل العامة-: إذا كنت ممن ابتلي بمعصية أو فتنة، واعتادت عليها النفس وألفتها، وأصبح الفراق عليها صعباً وثقيلاً؛ فإن رمضان فرصة عظيمة للصبر والمصابرة، ومجاهدة النفس عن تلك الفتنة، فالشياطين مصفدة، والنفس منكسرة، والروح متأثرة، والناس من حولك صيام قيام، إذاً فالأجواء والظروف كلها مهيئة للابتعاد وهجر هذه الفتنة وهذه المعصية.

    فمثلاً: التدخين، فرمضان فرصة عظيمة للمدخنين في هجر وترك التدخين وتدريب النفس على الابتعاد عنه، وكذلك العادة السرية التي يشكو منها كثير من الشباب، وكذلك مشاهدة الحرام، أو الغيبة، أو النجوى، أو استماع الغناء، أو بذاءة اللسان، أو غيرها من الابتلاءات، نسأل الله جل وعلا أن يحفظنا وإياكم، وأن يعين أصحابها على هجرها وتركها.

    فأقول لك يا أخي الحبيب: استعن بالله سبحانه وتعالى، وكن صاحب عزيمة وهمة عالية، فلا تغلبك تلك الشهوة.. أيجوز أن تكون مسلماً موحداً وتغلبك سيجارة؟! والله إن هذه هي الدناءة، نسأل الله العافية!

    ثم أيضاً عليك بالإكثار من الدعاء والالتجاء إلى الله سبحانه وتعالى فإنه خير معين، واصبر وصابر واحتسب، وحاسب النفس، وستجد -إن شاء الله- أنك تغلبت على هذه الشهوات المحرمة.

    واسمحوا لي -كما ذكرت- بأن أواصل وباختصار وبسرعة لهذه الوسائل وهذه الأفكار، وكما ذكرت أنها بلغت أربعين، لعلنا -إن شاء الله- أن نأتي عليها وبدون أن يضايقنا الوقت.

    استعمال السواك

    الوسيلة العاشرة: السواك سنة مؤكدة في كل وقت في رمضان لعموم الأدلة، لكنها كغيرها من العبادات في مضاعفة الأجر وطلب الثواب لمناسبة الزمان، وهي من أهم أبواب الخير التي يغفل عنها أيضاً في رمضان.

    ومنافع السواك كثيرة، وفيه من الأجر والثواب العظيم، ولكن -كما ذكرنا- يغفل عن هذا الكثير خاصةً من النساء، فإنك لا تكاد ترى أو تسمع هذه السنة بين النساء، وأنت تنظر لزوجك أو بناتك أو أخواتك، وترى قلة وجود السواك بين الأصابع، وقد كانت كثير من الصالحات من الصحابيات رضوان الله تعالى عليهن، وأيضاً من غيرهن ممن سار على نهج سلفهن يداومن على هذه السنة.ومن الطريف أن علياً بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه دخل يوماً على زوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فوجد في فيها عوداً من الأراك، فأراد أن يداعبها، والشاهد أنها كانت تستاك رضي الله عنها، وهذه قصة ومثال نسوقه لأخواتنا من الصالحات ومن بناتنا لعلهن -إن شاء الله- أن يقتدين بتلك الصالحات؛ فأراد أن يداعبها رضي الله تعالى عنه، فقال لها هذين البيتين الجميلين وهو يخاطب عود الأراك:

    [لقد فزت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكا؟

    لو كنت من أهـل القتال قتلتك ما فاز مني يا سواك سواكا]

    و هذه من مداعبة الأزواج لزوجاتهم.ولو قام بعض أهل الخير والمحسنين بتوفير أعداد كبيرة من السواك في هذا الشهر المبارك وتوزيعها على المساجد بين المسلمين خلال هذا الشهر؛ لكان ذلك إحياء لسنة غفل عنها كثير من الناس.

    العمرة في رمضان

    أيضاً من الوسائل العامة: العمرة في رمضان، فالعمرة في رمضان تعدل حجةً -أي: في ثوابها- ومع ذلك يصر كثير من المسلمين أو من الناس على أن تكون في العشر الأواخر من رمضان، ولا شك أن هذا يضاعف الأجر، إلا أننا بالنظر إلى بعض الأحوال؛ كالغلاء الفاحش في المساكن هناك، ووجود النساء وتبرجهن، والازدحام في الحرم، وكثرة المتسكعين بالأسواق المجاورة للحرم، وأيضاً ازدحام الناس بشدة، كل هذه الظروف تجعلنا نقول: لعلنا أن نحرص على العمرة في أوائل أيام شهر رمضان دفعاً لهذه الأمور، ولا شك أنه من الأنسب، خاصةً إذا نظرنا لهذه الظروف أن تبتعد عن العشر الأواخر في العمرة.

    ثم -أيضاً- قضاء العمرة في العشرين الأولى يتيح لك فرصة استغلال العشر الأواخر بالاعتكاف، أو نفع المسلمين، أو القيام على الأهل وحاجاتهم والوالدين والجلوس معهما، أو حتى -كما ذكرنا- في نفع المسلمين في الوقت الذي ارتحل فيه كثير من الدعاة والمصلحين وطلبة العلم عن أحيائهم وتركوا مساجدهم بدون موجه أو مرشد.

    إمامة الناس في القرى والهجر ودعوتهم وتوجيههم

    الوسيلة الثانية عشرة من الأفكار والاقتراحات العامة: توجه بعض الشباب ليؤموا الناس في القرى والهجر، وللدروس والتوجيه، وهذه تختلف عن الوسيلة الأولى؛ لأن الوسيلة الأولى فقط في نهاية الأسبوع للتوزيع وإطعام الطعام، ولا بأس بالخطب كما ذكرنا، ولكن هذه الفكرة هي أن يتوجه عدد كبير من الشباب إلى القرى والهجر خلال هذا الشهر ليؤموا الناس هناك، ولإلقاء الدروس، وإرشاد الناس وتوجيههم، فإن الجهل هناك عظيم كما تعلمون، فكم من المسلمين في هذه الأماكن لا يجدون حتى من يصلي بهم، وإن وجدوا فخذ اللحن والأخطاء الجلية في كتاب الله جل وعلا، وإن وجدوا أيضاً من يقرأ ويصلي بهم فإنهم لا يجدون الموجه الذي يبين لهم كثيراً من الأحكام ومن الفقه في أمور دينهم.

    ولو نظرنا لسيرة صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هل مكثوا في المدينة ؟ لا. بل إنك تجد أنه ما مات منهم بـالمدينة إلا عدد قليل، كلهم توجهوا شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً لبث الدعوة، ونشر الإسلام وتفقيه الناس، فقد يتثاقل بعض الشباب عن مثل هذا الأمر، فأقول: لا بأس بالتعاون؛ بالتناوب بين بعض الشباب لسد هذه الأماكن وحاجاتها، ولو في القرية الواحدة والهجرة الواحدة، يتناوب عليها ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو أقل أو أكثر.

    ولو قامت -أيضاً- مكاتب الأوقاف لشئون المساجد بالتعاون مع مكاتب الدعوة والإرشاد؛ بالتخطيط والتنظيم لهذه الفكرة، وقام المحسنون أيضاً برصد المكافآت المالية لأولئك الشباب المحتسبين، لوجدنا ورأينا أثر هذا الأمر على تلك المناطق.

    وقد سمعت -ولله الحمد- أن وزارة الشئون الإسلامية ممثلةً بمكاتب الأوقاف وشئون المساجد، قد وضعت مكافأةً ماليةً قدرها ألفا ريال لأولئك الذين يؤمون الناس في تلك المساجد الشاغرة، سواءً في داخل المدينة أو في غيرها.فما هو عذركم أيها الشباب أمام الله والسبل كلها مهيئة؟

    استغلال عصر كل خميس من رمضان للدعوة

    الوسيلة الثالثة عشرة والأخيرة من التوجيهات والوسائل العامة، وهو اقتراح آخر لمكاتب الدعوة أيضاً، وعندما أقول: لمكاتب الدعوة راجياً أن ينتفع من هذه الوسائل الناس عموماً؛ سواء في هذه المدينة أو في غيرها، فأقول: هذه الوسيلة أو هذه الفكرة هي: استغلال عصر الخميس من كل أسبوع من رمضان، وكيف يكون هذا الاستغلال؟

    يكون مثلاً في إقامة المحاضرات العامة، أو الندوات، أو المسابقات الثقافية الكبرى.

    ولماذا عصر الخميس بالذات؟ لأن الناس في إجازة، وقد أخذوا قسطاً كبيراً من الراحة، ثم الناس أيضاً في عصر الخميس تجد أنهم متفرغون لا شغل لهم، فيقبلون -لا شك- على مثل هذه المشاريع عندما يسمعونها، وعندما تتبنى من مكاتب الدعوة ويعلن عنها، فهل نرى ذلك قريباً؟ إن شاء الله!

    1.   

    توجيهات وأفكار ووسائل لأئمة المساجد

    ندخل الآن في توجيهات وأفكار ووسائل لأئمة المساجد، وهذه التوجيهات والأفكار لأئمة المساجد عددها تقريباً إحدى عشرة وسيلة، فلينتبه أئمة المساجد بارك الله فيهم، فإن المسئولية عليهم عظيمة، ووالله يا أيها الأحبة! لو أن أئمة المساجد قاموا بشيء من واجبهم لوجدنا التحول الكبير، لا أقول في المدن، بل في كل مكان.

    ويتصور بعض أئمة المساجد أن الوظيفة هي الصلاة بالناس وينتهي الأمر، لا والله، بل إن الأمر عظيم، والمسئولية أشد، ولذلك على هؤلاء الأخيار أن يتموا هذا العمل، ولعل هذه الأمور أن تعينهم إن شاء الله.

    فهذه التوجيهات لأئمة المساجد في استغلال هذا الشهر المبارك لنفع الناس بكل وسيلة، ومنها:

    الحديث إلى الناس بعد صلاة العصر والاهتمام به

    الوسيلة الرابعة عشرة: الاهتمام بالحديث بعد صلاة العصر؛ وذلك بتنويعه والتجديد فيه، فتارةً مثلاً بأحكام الصيام، وتارةً في الرقائق، وتارةً بأخطاء يقع فيها الناس، وتارةً بفتح الحوارات مع المصلين والآباء وكبار السن، وليس شرطاً أن يكون الحديث دائماً من الإمام، بل يكون أحياناً باستضافة بعض طلبة العلم أو الدعاة في بعض الأيام.

    وأقول: لماذا يا أيها الإمام! يا من توليت هذه المسئولية! لماذا لا تضع خطةً كاملةً لشهر رمضان في المواضيع والمشاريع التي ستعملها خلال هذا الشهر؟ بدلاً من اللامبالاة وعدم الاهتمام والتخبط في المواضيع التي يقرؤها بعض الأئمة على جماعتهم، أو القراءة من أي كتاب قريب لديه، بدون إعداد ولا تعليق، بل تعال واسمع لكثرة الأخطاء واللحن في كثير من النصوص.

    ولا تجزع إذا لم تعط طاعةً، وإذا لم يكن يقدر لك قدر أيها الإمام! مادمت لا تبالي ولا تهتم بهؤلاء الناس الذين أمامك، لكن افعل ذلك وستجد التكريم والتقدير من جماعة المسجد، والاحترام الذي فرضه عليهم حبك لله سبحانه وتعالى ونشر هذا الدين، فضلاً عن الأخلاق وما يرونه من نشاط ومن عمل تقوم أنت به.

    تعليم الناس أحكام الصيام

    الوسيلة الخامسة عشرة، وهي الثانية بالنسبة للأئمة: لم لا يقرأ الإمام على جماعته كتاب الصيام من أحد كتب الفقه المعتمدة؛ كـالزاد مثلاً أو المغني ، أو العدة ، أو غيرها من كتب الفقه المتعمدة؟ فالناس بحاجة عظيمة للتفقه في شهرهم، وهذا ركن عظيم من أركان الإسلام، وكثيراً ما يجهل الناس كثيراً من الأحكام، فلماذا لا تأخذ عهداً على أن تبدأ من أول يوم في رمضان إلى آخر يوم بتقسيم كتاب الصيام؟ ولا بأس من بعض التوجيهات أو الشروح عليه من خلال بعض الشروح الموجودة .

    وليس شرطاً أن يكون بعد صلاة العصر، فاجعل ما بعد صلاة العصر للمواضيع العامة، وقد يكون بعد صلاة الفجر؛ خاصةً أنه بعد الصلاة، ومن أراد أن يجلس فليجلس، ومن أراد أن يذهب فليذهب، ولو لم يبق بعد صلاة الفجر إلا واحد أو اثنان معك لكفى؛ فهو تفقيه للنفس، وجلوس في المسجد إلى شروق الشمس، وعلم ينتفع به. أو بعد صلاة الظهر، أو ما شئت من الأوقات، ولكن هذا مجرد اقتراح، فنسأل الله أن نراه قريباً في مساجدنا من خلال أئمتنا.

    وضع صندوق للفتاوى والأسئلة عند الرجال والنساء

    الوسيلة السادسة عشرة: وضع صندوق للفتاوى والأسئلة عند الرجال والنساء؛ خاصةً في هذا الشهر، ثم جمعها وإعداد الإجابات عليها كل فترة، فإن لدى الناس كثيراً من الأسئلة؛ لتفقيههم في أمور دينهم، لكنهم لا يجدون من يسألون، أو يتهاونون ويتكاسلون في ذلك.

    ومثل هذه الصناديق، لا شك أنها ستكون -إن شاء الله- عوناً وميسراً لهم لكثير من المسائل والاستفسارات، وجرب هذا وستجد أثر ذلك لا شك من خلال جمع الأسئلة والاستفسارات من خلال هذه الصناديق.

    الاهتمام بلوحة الإعلانات والتوجيهات بالمسجد

    الوسيلة السابعة عشرة: الاهتمام بلوحة الإعلانات والتوجيهات بالمسجد، أقول: الاهتمام بها والتجديد فيها، والإثارة بالمواضيع، والدعاية والإعلان الملون وغيره، فإن هذه من أهم الوسائل لتوجيه وتفقيه الناس.

    توزيع الأشرطة والكتيبات

    الوسيلة الثامنة عشرة: توزيع الأشرطة والكتيبات، ولو ليوم واحد في الأسبوع، واستغلال المناسبات التي يكثر فيها المصلون، وإن لم يكن هذا دائماً وفي كل أسبوع؛ فلا أقل من أن تقدم هديةً تسمى بهدية رمضان لأهل الحي، مكونةً من شريط ورسالة أو كتيب، وبعض الأحكام والنشرات لعلمائنا الموثوق بهم، ترسل إلى بيوت الأحياء، معنوناً لها ب(هدية رمضان).

    إقامة مسابقات رمضانية للأسرة المسلمة

    الوسيلة التاسعة عشرة: إقامة مسابقة الأسرة المسلمة، وتعلن في بداية شهر رمضان، وتوزع الجوائز في آخر ليلة وهي ليلة العيد -وسيأتي أيضاً بعض مثل هذه الاقتراحات التي ستجمعها ليلة العيد- فأقول: لماذا نجعل وسائل الإعلام من جرائد ومجلات وتلفاز وغيرها تسيطر على عقول وأفكار بناتنا وإخواننا وشبابنا بأسئلة أنتم أعلم بها، انظروا للجرائد، وانظروا واسمعوا الأسئلة التي تدار في وسائل الإعلام بأنواعها، وستجدون عجباً في صرف الناس عن أمر دينهم، إلا من بعض الأسئلة.

    فأقول: لماذا لا يستغل المسجد أيضاً لطرح مثل هذه المسابقات؟ بعنوان: (مسابقة الأسرة المسلمة) توزع على أهل الحي، ويشارك فيها الجميع كباراً وصغاراً، رجالاً ونساءً، ثم تعلن النتائج في آخر ليلة من رمضان.

    ولا بأس أن يشارك المأمومون من الناس في الحي أو في المسجد كل بما يستطيع.. هذا بإعداد الأسئلة، وهذا بتوزيعها من الصغار، وبعض التجار والمحسنين برصد مبالغ للجوائز في ليلة رمضان، وهكذا يتكاتف المسلمون في إحياء شهرهم، وأيضاً في تحريك وتوجيه وتفقيه أولادهم وبناتهم.

    استضافة الدعاة لإلقاء خواطر بعد الصلوات

    الوسيلة العشرون: استضافة بعض الدعاة وطلبة العلم في بعض الأحيان، لتوجيه كلمات يسيرة لبضع دقائق، وذلك كبعد التراويح مثلاً، أو بعد صلاة العصر، أو غيرها من الأوقات.

    دعوة أهل الحي للاعتكاف في المسجد

    الوسيلة الحادية والعشرون: دعوة أهل الحي أو جماعة المسجد للاعتكاف ولو ليوم واحد؛ لإحياء هذه السنة، وللألفة والترابط بين جماعة المسجد الواحد، فيحدد يوم في بداية العشر ويقال لجماعة المسجد: من أراد أن يشارك في الاعتكاف فإننا -إن شاء الله- ننوي أن نعتكف في مسجدنا ليلة كذا، فإن هذا فيه خير عظيم.

    دعوة أهل الحي للإفطار في المسجد

    الوسيلة الثانية والعشرون: دعوة أهل الحي وجماعة المسجد للإفطار في المسجد، ولو ليوم أيضاً واحد خلال الشهر، فإن هذا يزيد الألفة والمحبة والترابط بين جماعة المسجد.

    دعوة المتهاونين في صلاة الجماعة في غير رمضان

    الوسيلة الثالثة والعشرون: اغتنام فرصة وجود المتأخرين عن صلاة الجماعة، أي: المتأخرين في غير رمضان، لأنهم يحافظون على الصلاة في رمضان، وبئس رجل لا يعرف الله إلا في رمضان.

    فأقول: إن اغتنام فرصة وجود هؤلاء والذين لا نراهم إلا في رمضان، وذلك بكثرة السلام عليهم، والتودد لهم بزيارتهم وبإهدائهم بعض الهدايا، لإبعاد الوحشة والنفرة التي يظنونها، أو التي يوقعها الشيطان في قلوبهم.

    إقامة حفل مصغر بمناسبة العيد لأهل الحي

    الوسيلة الرابعة والعشرون: إقامة حفل مصغر بمناسبة العيد لأهل الحي، ليكن مثلاً في ليلة العيد، أو في أي وقت يراه جماعة المسجد، وذلك لأهل الحي، وتوزع فيه جوائز المسابقات المعلنة والتي ذكرنا منها شيئاً، وسنذكر بعد قليل شيئاً منها، والهدايا على الصغار والكبار، ولا شك أن إقامة مثل هذا الأمر ستجد فيه إحياءً لأهل الحي وترابطاً عجيباً، وألفةً ومحبةً بين جماعة المسجد الواحد.

    وسائل وأفكار وتوجيهات في الاهتمام بالقرآن، وهي تقريباً أربع وسائل:

    1.   

    وسائل ومقترحات للاهتمام بالقرآن

    إقامة حلقات لتصحيح قراءة القرآن

    الوسيلة الخامسة والعشرون: نسمع كثيراً ممن يقرءون القرآن في المساجد من العامة، بل ومن الموظفين وغيرهم، وهم كحاطب ليل في القراءة، وقد يسمعه من بجواره يخطئ ويلحن، ومع ذلك يخجل من تقويمه والرد عليه، فيظل كثير من الناس على حالهم مع كتاب الله في لحنهم وأخطائهم.

    فأقول: لماذا لا تقوم جماعات المساجد وأئمة المساجد بإحياء حلقات للكبار لتحسين التلاوة، لا نقول للحفظ وإنما لتحسين التلاوة، ويكون ذلك بعد صلاة الفجر أو الظهر أو العصر، أو غيرها من الأوقات المناسبة التي يتفقون عليها، وإعلان ذلك لجماعة المسجد وحثهم على المشاركة خلال شهر رمضان، وستكون هذه بداية خير لكثير ممن يشارك في مثل هذه الحلقات.. فهل نرى ونسمع هذه الإعلانات من أئمة المساجد لتطبيق هذه الفكرة؟ فلا شك أن في ذلك خيراً كثيراً لو وجدنا مثل هذه الأمور منتشرة في مساجد أحيائنا.

    توجيه الآباء لعقد حلقات قرآنية مع أهلهم

    الوسيلة السادسة والعشرون: نحن نرى أيضاً كثيراً من الآباء يجلسون بعد صلاة العصر لتلاوة القرآن، وهذا لا شك أنه أمر محمود، نسأل الله عز وجل ألا يحرمهم الأجر، ولكن لو سألته وقلت له: أين أولادك الآن ؟ ماذا تفعل بناتك الآن في البيت؟ ربما لا يعلم، وربما أنهم نيام، وربما أنهم أمام التلفاز، وربما في الشارع، أو في غيرها، فنقول: لم لا يتوجه الأب بعد صلاة العصر مباشرةً إلى بيته، فيعقد حلقةً لتلاوة القرآن مع أولاده وبناته، ويرصد للاستمرار فيها - أي: الاستمرار في هذه الحلقات الخاصة مع أولاده وبناته- يرصد لأولاده ومن يرى منهم حرصاً عليها وعلى الاستمرار فيها جوائز وهدايا تشجيعاً لهم.

    وبهذا العمل تحصل مكاسب عظيمة، من هذه المكاسب:

    أولاً: حفظ الأولاد من البرامج المسمومة الموجهة لهم، وقتل أعظم أيامهم وأفضلها.

    ثانياً: مشاركة البنات اللاتي يذهبن ضحية الغفلة عن تربيتهن والمحافظة على أوقاتهن.

    ثالثاً: إحياء البيت بذكر الله، وملؤه بالجو الإيماني الروحاني، بدل إماتته وملئه بالأغاني وبرامج التلفاز ومسلسلاته.

    رابعاً: الارتباط الأسري الوثيق بين الأب وأولاده وبناته.

    خامساً: محاولة ختم القرآن لأهل البيت جميعاً، واستغلال رمضان من جميع أهل البيت، وغيره.

    قراءة القرآن بتدبر مع الرجوع إلى التفسير

    يمر علينا رمضان تلو رمضان، وربما ختمنا القرآن كثيراً بالقراءة، وربما كان هم أحدنا متى يصل لنهاية السورة، ومتى يصل إلى نهاية القرآن، فأقول: لماذا لا أضع خطةً خلال هذا الشهر أن أقرأ القرآن بتدبر ونظر، والوقوف مع آياته بالرجوع إلى كتب التفسير، وتقييد الخواطر والفوائد منها، فنتمنى أن نرى شبابنا في المساجد يقرءون القرآن وبجوارهم كتب التفاسير، ينظر لهذا تارةً ولهذا تارة.

    ونغفل أيضاً عن الأحاديث الرمضانية والنظر فيها، وفي شروحها، وتقييد الشوارد والفوائد منها، فإنه يفتح على الإنسان في الشهر ومناسبة الزمان ما لا يفتح عليه في غيره.

    استخدام برامج ووسائل دعوية في أماكن تجمعات الشباب

    الوسيلة الثامنة والعشرون: وهي مقدمة للتجمعات والشلل الشبابية، سواءً على الأرصفة، أو في الاستراحات، أو في الخيام أو في غيرها، والتي تقضى ساعات الليل في لعب الورق تارةً، وفي لعب الكرة تارةً أخرى، وفي الاسترخاء ومشاهدة التلفاز تارة، وفي الأحاديث والثرثرة تارةً، وهكذا تقتل ليالي رمضان بدون أي استشعار لعظمة هذه الأيام وفضلها.

    فأقول لهؤلاء الشباب: لماذا لا يفكر هؤلاء الشباب ولو في ليالي رمضان من إدخال بعض البرامج النافعة؟ نتمنى أن يغير البرنامج كاملاً، ولكن لن يستجاب لنا بهذا الطلب؛ فأقول: لماذا إذاً لا يفكر بإدخال بعض البرامج النافعة؟ ولا ينكر على هؤلاء الشباب أيضاً بإدخال بعض هذه البرامج.

    مثلاً: لماذا لا يكون من البرنامج الليلي الذي سمعتوه قبل قليل؛ ما بين لعب كرة، ولعب ورقة، وثرثرة، ومشاهدة تلفاز أو غيره، لماذا لا يكون على الأقل ولو لمدة نصف ساعة قراءة القرآن، وضع من ضمن البرنامج قراءة قرآن لمدة نصف ساعة؟ أم أننا نقول كما يقول بعض الشباب: إن قراءة القرآن لا تصلح إلا للمطاوعة!!

    أذكر أنني طرحت هذه الفكرة على طلابي في الكلية، وقلت: لماذا لا يتجرأ أحدكم على زملائه ويقول: لنحرص يا شباب على أن نجلس نصف ساعة مع كتاب الله سبحانه وتعالى نقرأ؟

    القرآن ليس حكراً على الصالحين، القرآن دستور الله جل وعلا، وكتاب الله سبحانه وتعالى، وهو لنا جميعاً، وإن عصينا وأذنبنا، وإن وقعنا في كبائر الذنوب، فإن من يقع في ذلك أيضاً يقرأ القرآن وينظر فيه، فإذا كنا نريد أن نضع في برنامجنا ولو شيئاً قليلاً من الفائدة، فلماذا لا نقترح على هؤلاء الشباب، أو يقترح بعضهم على بعض أن يكون من البرنامج ولو لنصف ساعة قراءة القرآن، أو استماع شريط، أو غيرها من البرامج الجادة النافعة، فإنه -كما ذكرنا- حب القرآن وقراءته والإقبال عليه ليس حكراً على الصالحين فقط، فهل نرى ذلك -إن شاء الله- بين شبابنا قريباً؟

    1.   

    وسائل وتوجيهات للجادين

    من التوجيهات أيضاً ومن الوسائل وهي الآن توجيهات ووسائل للجادين فقط، من هذه التوجيهات لهؤلاء الجادين نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياهم ما يأتي:

    الالتزام والجدية في تصحيح الخطأ

    نقول: لو نظرنا لأنفسنا وحرصنا على الصلاة والتبكير إليها، لوجدنا التقصير الواضح بل أقول المخجل والله، خاصةً منا نحن ممن يدعي الجدية والالتزام، فلم لا يكون رمضان فرصةً عظيمةً للمحاولة في تصحيح هذا الخطأ، وذلك بمعاهدة النفس ألا تفوتني تكبيرة الإحرام أبداً خلال هذا الشهر، ثم حاول أن تحسب -إن فاتتك- كم من المرات فاتتك تكبيرة الإحرام في شهر رمضان، ولعلك أن تنجح -إن شاء الله- في تصحيح هذا الخطأ.

    ثم أيضاً: لماذا لا نحرص على تطبيق اليوم الإسلامي الكامل خلال رمضان؟ وذلك بالحرص على النوافل، والطاعات، وإحياء السنن، فلا تفوت عليك السنن الرواتب خلال هذه الثلاثين يوماً أبداً، احرص على ألا تفوت عليك سنة من السنن الرواتب خلال هذا الشهر كاملاً.

    ولا تغفل عن لسانك وحبسه من الغيبة والنجوى وغيرها، وأيضاً لا تغفل عن صلاة الليل وقيامه، وقراءة جزء واحد من القرآن على الأقل، أو الحرص على الصدقة، وصلة الرحم، وقضاء حاجات الناس؛ خاصةً الفقراء والمساكين، وزيارة المرضى والمقابر، والاستغفار والدعاء في كل لحظة، بل أقول: في كل ساعة، فإن هذه غنيمة باردة، وهذا الشهر فرص ومواسم تذهب ولا ترجع.

    وباختصار أقول لك يا أخي الحبيب! احرص على كل عمل صالح، وإن كنت تفعل ذلك في غير رمضان فإنه يتأكد في شهر رمضان لمضاعفة الحسنات ولمناسبة الزمان، وفقنا الله وإياك للعمل الصالح.

    الدعوة بين الطلاب والزملاء

    الوسيلة الثلاثون هي للجادين فقط: أقول: لماذا لا يستغل تصفيد الشياطين، وفتح أبواب الجنان، وإغلاق أبواب النيران، وانكسار النفوس، ورقة القلوب في هذا الشهر في توجيه طلابنا وزملائنا في الفصول والقاعات الدراسية، وذلك بعد صلاة الظهر مثلاً، أو في أماكن العمل والدراسة؟

    فأين الكلمة الصادقة الناصحة في نهار رمضان من المدرس لطلابه، أو من الطالب أو الموظف لزملائه؟

    أين الجلسات الانفرادية بالزملاء الغافلين، والتحدث معهم ونصحهم باستغلال شهر رمضان هذه الأيام، وإهداؤهم الشريط أو الكتاب، أو غير ذلك من الهدايا النافعة؟ فإن النفوس -كما ذكرنا- مهيأة، ورغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك رمضان فلم يغفر له!

    الصدقة في رمضان

    الوسيلة الحادية والثلاثون وما زلنا للجادين فقط: الصدقة في رمضان لها مذاق خاص عند المسلمين، وهي من دواعي القبول للأعمال والعبادات، وأنت يا أخي الحبيب! بحاجة ماسة شديدة لنفعها وأجرها وظلها يوم القيامة، فلم لا تجعل لك مقداراً من الصدقة تعاهد نفسك على إخراجها كل ليلة، وتداوم عليها، ثم أيضاً تنوعها؛ فتارةً مالاً، وتارةً أخرى طعاماً، وليلةً ثالثةً لباساً، وليلةً رابعةً فاكهةً أو حلوى،وتتحسس بيوت المساكين والفقراء بنفسك لتوصلها إليهم.

    وأنصحك -أيضاً- بألا يعلم بهذا العمل أحد غيرك، فإنك بحاجة إلى عمل السر بينك وبين الله، فكم من الأجر العظيم سينالك بهذا الفعل، وقد ورد مثل هذا عن كثير من السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم، بتحسس بيوت الفقراء والمساكين، وهذا العمل السري بينهم وبين الله جل وعلا، فهل تفعل ذلك وتحرص على هذه العبادة العظيمة في السر بينك وبين الله؟

    استغلال وقت السحر في العبادة

    الوسيلة الثانية والثلاثون: السحر من أجمل الأوقات، وفيه نزول المولى جل وعلا، وفي رمضان لا شك نستيقظ في السحر للسحور، فأين أنت من ركعتين تركعهما في ظلمة الليل تناجي فيهما ربك؟

    فكثير من الناس عن هذا غافلون أو متهاونون، وبعض الناس يتصور أنه إذا صلى التراويح مع الناس وأوتر في أول الليل انتهت صلاة الليل واكتفى بذلك، وحرم نفسه من هذه الأوقات الثمينة والدقائق الغالية.

    فالله الله في استغلال السحر مادمت فيه مستيقظاً، فإن من صفات أهل الجنة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ [آل عمران:17].

    ثم ذكر سبحانه وتعالى في الذاريات صفات المتقين أصحاب الجنات والعيون فقال: وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ [الذاريات:18] فهذه من صفات المتقين.

    ثم هل تستغل هذه الأوقات بكثرة الاستغفار؟ فإن قلت: نعم. فأقول: إذن عليك بسيد الاستغفار، وعليك أيضاً بكثرة التكرار للمائة والسبعين كما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل ليلة وقت من أوقات السحر خلال هذا الشهر المبارك.

    وأخيراً لا تنس أن من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه.

    فاحرص يا أخي الحبيب! على هذا الوقت الثمين، واحرصي يا أختي المسلمة! على هذا الوقت العظيم؛ ألا يفوت علينا، خاصةً وأننا في شهر رمضان، وخاصة وأننا ممن قام للسحور، فجميعنا يقظان في هذه اللحظات، فلنستغل هذه الدقائق بمثل هذه العبادة.

    1.   

    وسائل وتوجيهات للمرأة

    الوسيلة الثالثة والثلاثون، وهي وسائل وتوجيهات وأفكار موجهة للمرأة في رمضان: فالمرأة في رمضان تصرف الكثير من وقتها في هذا الشهر المبارك في مطبخها، خاصةً في الساعات المباركة، كساعة الغروب مثلاً في أوقات الاستجابة، وكذلك ساعة السحر في وقت السحور .

    وأنا قلت: -ولله الحمد- (تصرف) ولم أقل (تضيع) كما يتهمها الكثير بمثل هذا، لكن وحتى لا تعتبر هذه الساعات الطويلة ضياعاً عليها أن تنتبه لهذه الأمور، على المرأة أن تنتبه لهذه الأمور، وعلينا نحن أن ننبه زوجاتنا وبناتنا ونساءنا على مثل هذا الأمور؛ حتى يكتب لها وقتها ولا يضيع عليها، ومن هذه الأمور:

    استحضار المرأة للنية والإخلاص في إعداد السحور والإفطار

    فعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في السفر فمنا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا منزلاً في يوم حار، وأكثرنا ظلاً صاحب الكساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، فسقط الصوَّم وقام المفطرون فضربوا الأبنية -وهذا هو الشاهد- وسقوا الركاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذهب المفطرون اليوم بالأجر) الحديث أخرجه البخاري ومسلم .

    فيا أيتها المسلمة! إن عملك لن يضيع أبداً، بل هل تصدقين إن قلت لك أن هذا العمل حرم منه كثير من الرجال؟ لأن القائم على الصائم له أجر عظيم، فما بالك وأنت صائمة، ثم أنت أيضاً تعدين هذا الطعام وتقضين كثيراً من وقتك في إعداده، والمهم استحضار النية في هذا العمل، ولن يضيع -إن شاء الله- عليك لحظة من اللحظات باستحضار هذه النية.

    ثم أمر آخر: يمكنها استغلال هذه الساعات في الغنيمة الباردة، وهي كثرة الذكر والتسبيح والاستغفار والدعاء، وهي تعمل لا بأس أن تستغفر مائة مرة في اليوم، لا بأس أن تذكر وتهلل وتسبح بدل أن يضيع عليها وقتها أو كثير من أوقاتها في رمضان بدون فائدة.

    أيضاً أمر ثالث هو الاستماع إلى القرآن والمحاضرات عبر جهاز التسجيل الخاص بالمطبخ، وأقول الخاص بالمطبخ لأحث الرجال والإخوان على الحرص على توفير جهاز التسجيل الخاص بالمطبخ، لماذا؟ لأنه كما ذكرت أن المرأة تقضي كثيراً من وقتها في مطبخها فلعلها أن تستغل وقتها بمثل هذه الأمور، تارةً باستماع شريط، وتارةً بالتسبيح والاستغفار والتهليل والتكبير، وأيضاً بالاحتساب واستحضار النية الخالصة في إطعامها وعملها وتعبها لأهلها وأولادها وزوجها.

    قضاء حاجيات العيد قبل العشر الأواخر للتفرغ للعبادة

    الوسيلة الرابعة والثلاثون من الوسائل والأفكار: شراء وتفصيل حاجيات العيد من الآن، وفي ذلك مكاسب، من هذه المكاسب:

    استغلال أيام وليالي رمضان وخاصةً في العشر الأواخر، ما الذي يحدث؟ يضيع وقت كثير من النساء، بل وأقول من أولياء النساء.. اذهب للخياط.. اذهب للمعارض.. ادخل إلى السوق.. إلخ.

    ثم أيضاً الاختيار الحسن وقلة التكاليف، الآن -والحمد لله- الأسواق شبه فارغة، فلماذا إلا في أوقات الازدحام وغلاء البضاعة؟

    أيضاً أمر آخر وهو تفريغ الزوج وعدم إشغاله في أعظم الأيام وأفضلها العشر الأواخر.

    وأيضاً لماذا أفتن ولدي أو زوجي أو غيره بمخالطة النساء المتبرجات في مثل هذه الأيام الفاضلة، خاصةً وأننا نعلم أنه كما أن الحسنات تضاعف في شهر رمضان أيضاً السيئات تضاعف في شهر رمضان؟

    فلعلنا من خلال هذه الأسباب نقترح ونقول: لماذا لا يبكر بشراء وتفصيل الملابس وحاجيات العيد من الآن؟

    خروج المرأة لصلاة التراويح

    الوسيلة الخامسة والثلاثون، وهي الثالثة الخاصة بالمرأة: صلاة التراويح من السنن الجميلة، ومن الآثار النبيلة، التي تعطي هذا الشهر ولياليه روحانيةً متميزةً، فتجد صفوف المسلمين والمصلين متراصةً، وتسمع التسبيح والتكبير والبكاء والنشيج، إلا أن هذا الخير قد تحرمه بعض نسائنا؛ لا إهمالاً وإنما انشغالاً بالأولاد والجلوس معهم، وهي بهذا بين أمرين كلاهما ثقيل:

    إما الذهاب إلى المسجد وأخذ صغارها، وقد يؤذون المصلين وتنشغل بهم، أو بين الجلوس في البيت وحرمان النفس من المشاركة مع المسلمين، وربما حاولت الصلاة في بيتها وبمفردها، لكنها تشكو من ضعف النفس، وقلة الخشوع، وكثرة الأفكار والهواجس والشوارد، فماذا تفعل إذن؟

    أسوق هذا الاقتراح، فأقول: لم لا تتفق مع أخواتها -شقيقاتها- أو رفيقاتها وصاحباتها بالاجتماع في أحد البيوت للصلاة جماعةً مع اهتمام إحداهن بالصغار، أو تجلس إحداهن مع الصغار والأخريات يذهبن لحضور الصلاة بالمسجد؟

    وهكذا إذا اتفقت الأخوات على أن تقوم واحدة منهن كل ليلة بالاهتمام بالصغار؛ فإنها على الأقل ستكسب كثيراً من ليالي وأيام رمضان والصلاة مع المسلمين، أما أن تخسرها بهذه السهولة فلا، ولا نؤيد ذلك؛ بل وأقول: على الأزواج والآباء الحرص والحث لأزواجهم وأخواتهم وبناتهم بأخذهم معهم إلى المساجد.

    فإلى متى ونحن نترك المرأة أيها الأخيار! لوحدها في البيت، ونحرمها من الدروس والتوجيه والروحانية في الصلاة مع المسلمين وسماع الخير الكثير؟ فإن في ذهابها خيراتٍ حساناً، فمن المسئول عنها أمام الله سبحانه وتعالى؟

    ولا تنسوا أنه بصلاح النساء صلاح للمجتمع؛ فلذلك نحث الآباء والإخوة على الحرص على أخذ أزواجهم وأخواتهم وبناتهم إلى المساجد، وألا يتركوا في البيت؛ لأنها بلا شك ستكون أمام التلفاز، أو أمام غيره في ضياع الأوقات.

    تنويع الطعام مع عدم الإسراف

    وهي الرابعة الخاصة بالمرأة: إذا رأينا كثرة المأكولات والمشروبات، وتنوع أصنافها عند سفرة الإفطار، فإنك تضطر إلى أن تقول: لماذا يا أيتها المرأة المسلمة! لا تجعلين جدولاً غذائياً منتظماً في تقسيم هذه الأصناف على أيام الأسبوع؟

    فهل يشترط أن نرى جميع أنواع المقليات -مثلاً- من السنبوسة، أو اللقيمات، أو البطاطس أو غيرها في كل يوم؟ لا يشترط هذا.

    وهل يشترط أن نرى -مثلاً- جميع أنواع العصيرات والمشروبات في كل يوم؟ أيضاً هذا لا يشترط.

    فأقول للأخوات: لماذا لا تضع جدولاً غذائياً منتظماً تقسم فيه هذه الأصناف على مدار الأسبوع؟

    ولا شك أننا بهذا العمل نكسب أموراً كثيرة منها:

    أولاً: عدم الإسراف في الطعام والشراب.

    ثانياً: قلة المصاريف المالية وترشيد الاستهلاك.

    ثالثاً: التجديد في أصناف المأكولات والمشروبات، وإبعاد الروتين والملل الموجود بوجود الأصناف في كل يوم.

    رابعاً: حفظ وقت المرأة وطلب راحتها، واستغلال وقتها بما ينفع، خاصةً في هذا الشهر المبارك.

    فهذا شيء من الثمار والفوائد في تطبيق هذا الاقتراح.

    فيا ليت المرأة أو بعض الأخوات يفعلن ذلك الجدول، ولعلهن أن ينفعن بعض أخواتهن في توزيعه في مدارسهن وأماكن اجتماعهن، فإن فعل ذلك -كما ذكرنا- فيه فوائد جمةً.

    ثم أختم هذا الاقتراح بتذكير المرأة أنها المسئولة أمام الله سبحانه وتعالى عن الإسراف في بيتها، هي المسئولة الأولى عن الإسراف في بيتها؛ في الطعام والشراب، وتعداد الأنواع وغيرها، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته -ثم قال- والمرأة راعية ومسئولة في بيت زوجها).

    حرص المرأة على أداء الصلاة في وقتها

    الوسيلة: السابعة والثلاثون: الصلاة في وقتها من أعظم الوسائل لاستغلال رمضان، والملاحظ خاصةً عند المرأة ولعدم ارتباطها بالجماعة، تأخير الصلاة عن وقتها، والتكاسل عنها، ثم نقرها كنقر الغراب؛ وذلك إما بحجة العمل في المطبخ، أو التعب في الدراسة، أو التعب من الصوم، أو غيرها من الأعذار، فعلى المرأة أن تحرص على المحافظة على الفرائض الخمس في وقتها، وفي أول وقتها وبخشوع؛ خاصةً في هذا الشهر المبارك الذي -كما ذكرنا- تتضاعف فيه الحسنات وتتنوع فيه العبادات.

    وأيضاً بعض النساء إذا حاضت أو نفست تركت الأعمال الصالحة، وأصابها الفتور؛ مما يجعلها تحرم نفسها من فضائل هذا الشهر العظيم ومن خيراته، فنقول لهذه الأخت: وإن تركت الصلاة والصيام فهناك -ولله الحمد- خير كثير، مثل الدعاء، والتسبيح، والاستغفار، والذكر بأنواعه، والصدقة، والقيام على الصائمين وتفطيرهم، وغيرها من الأعمال الصالحة الكثيرة، ثم أبشرك أنه يكتب لك مثل ما كنت تعملين وأنت صحيحة شحيحة.

    كيف ذلك؟ في حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال فيه: (إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثلما كان يعمل صحيحاً مقيماً) أخرجه البخاري ومسلم .

    إذاً: فأبشري، المهم هو استحضار النية الصادقة والخالصة، والحرص على كثير من الخير والعبادات التي تستطيعينها.

    ثم أيضاً قراءة القرآن للحائض والنفساء على خلاف مشهور بين العلماء، لكن شيخ الإسلام ابن تيمية

    رحمه الله تعالى يرى جواز قراءة القرآن للحائض والنفساء بدون شرط أو قيد.

    1.   

    وسائل وتوجيهات للصغار

    أخيراً من الوسائل والأفكار للصغار والخاصة في رمضان ثلاث وسائل:

    تشجيع الصغار وتعويدهم على الصلاة وغيرها

    الأولى: وهي الثامنة والثلاثون بالعدد العام: اقتراح لأئمة المساجد للاهتمام بالصغار، وتشجيعهم على المحافظة على الصلوات، والتبكير للمسجد، وتعويدهم على صلاة التراويح، كيف ذلك؟

    يكون ذلك بأن يعلن إمام المسجد لأهل الحي من أول يوم في رمضان أن هناك عشر جوائز -تقل أو تكثر- لأحسن وأفضل عشرة صغار يحافظون على صلاة الجماعة ويبكرون لها، ويحرصون على صلاة التراويح.

    ولا بأس بمشاركة بعض جماعة المسجد بالتشجيع، كبعض التجار بالجوائز القيمة، ولا بأس أيضاً بمشاركة بعض الآباء بطرح بعض المبالغ المالية لشراء جوائز قيِّمةٍ لتشجيع هؤلاء، ولا بأس بالتعاون من الشباب مع إمام المسجد؛ بمتابعة هؤلاء الصغار، أو تكوين لجنة خاصة تتابعهم لتفرز في نهاية الشهر عن هؤلاء العشرة أو العدد الذي يحدد.

    ثم في نهاية الشهر -أي: في ليلة العيد- توزع الجوائز على هؤلاء الصغار، ولك أن ترى أثر ذلك على الصغار؛ بل وأقول الكبار؛ بل الحي كله، ولو كان في المسجد لوحة للمثاليين كل شهر، لرأيت عجباً من الأبناء بل ومن الآباء.

    وضع مسابقة رمضانية للصغار

    الوسيلة التاسعة والثلاثون: وهي أيضاً اقتراح للصغار: وذلك بطرح مسابقات رمضانية لهم، إما بحفظ بعض الأحاديث، أو الأجزاء من القرآن، أو بمعرفة سيرة أحد من الصحابة معرفةً شاملةً، أو غيرها من المسابقات، وأيضاً تعلن في بداية رمضان، وتوزع الجوائز في الليلة الأخيرة من رمضان، ولك أيضاً أن ترى أثر ذلك على الصغار واستغلال أوقاتهم، وحفظهم من الشوارع، ومن أجهزة التلفاز، وانشغالهم بالبحث والقراءة والنظر والحفظ من خلال هذه المسابقات المطروحة.

    ولعلك تسمع كثرة توزيع الجوائز من خلال هذه المسابقات في ليلة العيد، فأصبحت ليلة عيد حقاً، ففي ليلة العيد وفي ختام شهر رمضان -نسأل الله أن يبلغنا ذلك- تجد أن المسجد الذي قامت فيه هذه الأنشطة أصبح مسجداً نشيطاً وحياً، ترى أثر ذلك كاملاً على أهل الحي جميعاً، لا أقول على الصغار فقط، ولا أقول على الآباء؛ بل حتى والله على النساء في البيوت.

    وإننا لنسمع تشجيع كثير من الأمهات ومن الأخوات لكثير من الصغار في مثل هذه الأمور إذا طرحت من جماعة المسجد، فهل نرى أيضاً ذلك قريباً إن شاء الله؟

    تعويد الصغار على الصيام والقيام

    الوسيلة الأربعون والأخيرة: تعويد الصغار على الصيام والقيام، وتشجيع الأب بصحبته لهم للمسجد، بالثناء تارة بالكلمة الطيبة، وبالجوائز، بل وتعويدهم على الصدقة، وبذل الطعام وتوزيعه على الفقراء والمساكين، مثل المجاورين، عندما تعطي الطفل الصغير أن يوزع هو بنفسه للجيران، وللفقراء والمساكين، وتذكره بالأجر وفضل هذه الأعمال، فإن ذلك ينشئه تنشئةً صالحةً.

    تقول إحدى الأمهات لصغيرها بعد أن وزع بعض الأشياء على بيوت بعض جيرانهم، قالت له -وكان في وجبة الغداء- تغديت؟ قال: نعم تغديت أجراً.

    فنتمنى حقيقةً أن يعيش صغارنا في مثل هذه المعاني الجميلة التي تربيهم وتنشئهم تنشئةً صالحةً.

    وتقول الربيع بنت معوذ عن رمضان: (فكنا نصومه بعد ونُصَوِّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن -أي:من القطن- فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذاك -أي: اللعبة التي من العهن- حتى يكون عند الإفطار) أخرجه البخاري في صحيحه.

    تقول رضي الله عنها: حتى يتم صومه ذلك اليوم نشغله بهذه اللعبة.

    وفي ذلك -كما ذكرنا- تمرين لهم، وقد أقر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك الفعل؛ لأنه فعل في حضرته، فهو أيضاً من السنن التقريرية عنه صلى الله عليه وآله وسلم .

    هذه أربعون وسيلة لاستغلال شهر رمضان، وكما ذكرت أن هذه الوسائل منها ما هو معلوم، ومنها ما هو جديد، وما بقي -أيها الأحبة- إلا أن نستغل هذه الوسائل، وننشرها بين الناس عموماً، ومحاولة الوقوف مع أئمة المساجد، ومع الشباب الصالحين لإحياء مساجدنا وأحيائنا بمثل هذه الأفكار وهذه الاقتراحات.

    1.   

    الأسئلة

    تضاعف الحسنات والسيئات في رمضان

    السؤال: ذكرت أن السيئات تضاعف في رمضان، والله سبحانه وتعالى يقول: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشورى:40] فما معنى تضاعف السيئات في رمضان؟

    الجواب: ذكر كثير من أهل العلم أنه كما أن الزمان له شرف في الأعمال الصالحة، فأيضاً له شرف في الخطأ والمعصية فيه، فإنه تتضاعف السيئة فيه كما تتضاعف الحسنة، كما أنه إذا قلنا أن الحسنة تتضاعف في الحرم فإن السيئة أيضاً تتضاعف في الحرم، فإن مناسبة الزمان أو مناسبة المكان لها حرمتها، وقد نص كثير من أهل العلم على هذا الأمر.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا وإياكم بما قيل، وأن يوفقنا للعمل الصالح النافع، ونسأله جل وعلا أن يبلغنا شهر رمضان، اللهم بلغنا رمضان، واجعلنا من الصائمين القائمين فيه يا أرحم الراحمين .

    اللهم اجعلنا من الصالحين المصلحين، اللهم انفعنا وانفع بنا، أنت ولي ذلك والقادر عليه.

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

    وسبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756503748