الجواب: الإنسان إذا غسل عورته وأنقى المحل لا يجب عليه إعادة غسل العورة مرةً ثانية إلا إذا خرج منه شيء, وعلى هذا فالسائل إذا كان أحدث في أثناء وضوئه -أي: في أثناء تجدده كما يقول العامة- فإنه لا يعيد غسل فرجه إذا لم يخرج منه شيء, يعني: خارجٌ محسوس، أما الريح فلا يجب غسل الفرج منها إذا لم يخرج معها بلل, فعليه إذا أحدث بريحٍ في أثناء وضوئه فإنه لا يعيد غسل فرجه, والمراد بريحٍ لا رطوبة معها فإنه لا يعيد غسل فرجه, وإنما يعيد الوضوء من جديد, بمعنى أنه يعود فيغسل كفيه ويتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه.. إلخ.
الجواب: لا يجوز للإنسان أن يحاول إخراج منيه بيده؛ لأنه من العدوان, كما قال الله سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7] يعني: فمن طلب وراء الأزواج وما ملكت اليمين فإنه عادٍ متجاوزٌ للحد, ثم إن فيه ضرراً جسمياً كما هو معروفٌ عند الأطباء؛ لأنه يهدم هذه الغريزة هدماً بالغاً, حتى إنهم قالوا: إن المرة الواحدة منه تعادل في هدم البدن اثنتي عشرة مرةً بالجماع الطبيعي.
وعلى هذا فالواجب على المؤمن أن يصبر ويحتسب ويكبح شهوته بما أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: ( يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج, فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج, ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء) فإذا كان الإنسان قوي الشهوة ويخشى على نفسه من الزنا إن لم يخففها بإخراج هذه المادة فإنه يصوم كما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم, إذا لم يستطع النكاح, وإذا كان لا يستطيع أن يصوم فإنه يصبر ويحتسب, وكلما ثارت عليه الشهوة يحاول أن يتشاغل بأمرٍ آخر يلهيه عنها حتى ييسر الله له, فإن الله سبحانه وعد المستعففين بالغنى: وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ [النور:33].
الجواب: مدته يوم وليلة, أربع وعشرون ساعة، وتبتدئ هذه المدة من أول مرةٍ مسح إلى دورها من اليوم الثاني, فإذا مسح في تمام الساعة الثانية عشرة من اليوم فإن له أن يمسح إلى تمام الساعة الثانية عشرة من اليوم الذي يليه, وإذا مسح قبل انتهاء المدة وبقي على طهره وانتهت مدته وهو على طهره فإنه لا ينتقض وضوءه, ويبقى على وضوئه حتى ينتقض بناقضٍ معلوم.
مداخلة: إذاً: المدة التي قبل المسح لا يعتد بها، كأن يتوضأ مثلاً للفجر, ويستمر على طهارته الظهر والعصر والمغرب, ثم يتوضأ للعشاء الآخرة, تبدأ المدة من العشاء الآخرة لمدة أربع وعشرين ساعة؟
الشيخ: نعم.. نعم, وأقول لك أيضاً: لو فرض أنه صلى العشاء الآخرة بوضوء الفجر ولم يمسح إلا من الفجر في اليوم الثاني فإن المدة تبتدئ من الفجر من اليوم الثاني, ولنفرض أنه قبل زمن بداية المسح من اليوم الثالث أنه مسح قبل انتهاء المدة, وبقي على طهارته إلى العشاء من الليلة الثالثة أو الرابعة, فإن ذلك صحيح, ولهذا يخطئ بعض العوام الذين يقولون: إن الذي يلبس الخفين يصلي فيهن خمسة أوقات, لا. ربما يصلي أكثر من خمسة أوقات، نعم.
الجواب: الكذب لا يجوز مازحاً ولا جاداً؛ لأنه من الأخلاق الذميمة التي لا يتصف بها إلا أهل النفاق, ومن المؤسف أننا نسمع كثيراً من بعض الناس أنهم يقسمون الكذب إلى قسمين: كذب أبيض, وكذب أسود, فإذا ترتب على الكذب ضررٌ بأكل مالٍ أو اعتداءٍ أو ما أشبه ذلك فهو عندهم كذبٌ أسود, وإذا لم يتضمن ذلك فهو عندهم كذبٌ أبيض. وهذا تقسيمٌ باطل, فالكذب كله أسود, ولكن يزداد سواداً إذا ترتب عليه ضرر أعظم.
وبهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين مما يصنعه بعض السفهاء من (كذبة إبريل), وأظن أنه قريبٌ هذه الكذبة التي تلقوها عن اليهود والنصارى والمجوس وأصحاب الكفر, ثم هي مع كونها كذباً, والكذب محرم شرعاً, وكونها تشبهاً بغير المسلمين, والتشبه بغير المسلمين محرم؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقومٍ فهو منهم). قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إسناده جيد, وأقل أحواله التحريم, وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم, هي مع تضمنها هذين المحظورين؛ هي أيضاً إذلالٌ للمسلم أمام عدوه؛ لأن من المعلوم بطبيعة البشر أن المقلد يفخر على من قلده, ويرى أنه أقدم منه, ولذلك ضعف مقلده حتى قلده. ففيها إذلالٌ للمؤمن بكونه ذيلاً وتبعاً للكفار.
المحظور الرابع: أن غالبها -أي: غالب هذه الكذبة الخبيثة- تتضمن أكلاً للمال بالباطل, أو ترويعاً للمسلم، فإنه ربما يكذب فيكلم أهل البيت ويقول: ترى عندنا جماعة اليوم يطبخون غداءً كثيراً ولحماً وما أشبه ذلك, أو ربما يخبرهم بأمرٍ يروعهم، كأن يقول: قيمكم دعسته سيارة أو ما أشبه ذلك من الأمور التي لا تجوز بدون أن تكون بهذا الحال.
فعلى المسلم أن يتقي الله سبحانه وتعالى, وأن يكون عزيزاً بدينه فخوراً به معجباً به؛ لأجل أن يهابه أعداء المسلمين ويحترموه, وأنا ضامن لكل من اعتز بدين الله أن يكون عزيزاً بين الناس, ولكل من ذل أمام أعدائه أن يكون أذل وأذل عند الله وعند أعدائه.
فلا تظن أيها المسلم أن متابعتك للكفار وأخذك أخلاقهم أن ذلك يعزك في نفوسهم, بل إنه يذلك غاية الذل, وأنت تعلم ذلك, الآن لو أن أحداً اقتدى بك في أفعالك لرأيت لنفسك فخراً عليه, ورأيت أنه ذل أمامك حيث كان مقلداً لك, وهذا أمرٌ معلوم معروف بطبيعة البشر.
وكلما رأى أعداؤنا أننا أقوياء وأعزاء بديننا وأننا لا نبالي بهم ولا نعاملهم إلا بما تقتضيه شريعة الله التي هي شريعة كل العالم بعد بعثة الرسول عليه الصلاة والسلام: قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا [الأعراف:158] وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( والذي نفسي بيده لا يسمع بي يهوديٌ ولا نصرانيٌ ثم لا يؤمن بما جئت به إلا كان من أهل النار) فإذا كان هذا في أهل الكتاب, وهم أهل كتاب, فما بالك بغيرهم من الكفار, كل من سمع بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ولم يتبعه فإنه من أهل النار. فإذا كان كذلك فما بالنا نحن المسلمين نذل أنفسنا ونتبع غيرنا.
وكلنا يعلم ما جرى في محاورة هرقل عظيم الروم مع أبي سفيان وهو كافر، حينما تحرز أبو سفيان أن يكذب في حق النبي صلى الله عليه وسلم خوفاً من أن تؤخذ عليه هذه الكذبة, مع أنه يود أن يكذب ضد صالح الرسول صلى الله عليه وسلم, فإذا كان هذا كافراً فما بالك أيها المؤمن تكذب, والله الموفق.
الجواب: إذا كان قد اشترط عليه في العقد أن لا يسافر بهما فلآبائهما الحق في منعه من السفر بهما ما لم تختارا السفر معه, فإن اختارت السفر معه حرم على آبائهما منعهما؛ لأن الحق لهما -أي: للزوجتين- وإذا كان لم يشترط عليه ذلك فإن الزوج مالكٌ لزوجته, فإذا سافر وطلب أن تسافر معه زوجتاه وجب عليهما أن تسافرا معه, وحرم عليهما وعلى أبيهما الامتناع, فإن امتنعتا أو منعهما آباؤهما فإنه ليس عليه حرجٌ فيما إذا سافر وتأخر عنهما؛ لأن النشوز منهما في الحقيقة.
الجواب: الحقيقة أن هذا العمل سفه من هذا الرجل؛ لأن من أهم ما يجمع له الإنسان الدنيا التمتع بنيل شهوته, وقد بدأ الله سبحانه وتعالى النساء مقدماً على القناطير المقنطرة؛ فقال: زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ [آل عمران:14] فما أدري هذا الرجل كيف يصبر هذه المدة عن أهله من أجل جمع الدنيا التي ليست نافعةً له إذا لم يبذلها في نيل متعته!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( الدنيا متاعٌ, وخير متاعها المرأة الصالحة) ثم هي إن رضيت بعمله فلا إثم عليه؛ لأن الحق لها، إلا أن يكون في إهماله إياها خوفٌ عليها أن تفتتن أو يفتتن بها, فيجب عليه مراعاة أهله, وإن كانت تطالبه ولم ترضَ بغيبته هذه الفترة الطويلة فيجب عليه أن يؤدي حقها, ولا يهجرها بهذا السفر.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر