إن سنة الله تعالى جارية في الصراع بين الحق والباطل، ففي كل أرض وبلاد من بلاد المسلمين صراع ومواجهة، وهذا دليل على الحقد الدفين في قلوب الأعداء من اليهود والنصارى للمسلمين؛ لهذا لا بد من البراءة الكاملة من المشركين وعدم موالاتهم أو انتظار نصرتهم، ومن تلك البلاد المكلومة أرض كوسوفا، .. فقد تحدث عنها الشيخ، فذكر مشاهد مما يجري هناك من تقتيل وتشريد وتنكيل، ثم ذكر بعض القصائد التي تصف أحوال المسلمين في تلك البلاد، ثم تكلم عن واجب المسلمين تجاه إخوانهم، وما يجب عليهم من التألم لجراحاتهم، والدعاء لهم، وقبل ذلك كله الرجوع إلى الله تعالى...
-
عداوة اليهود والنصارى للمسلمين
-
وقفات مع كوسوفا وما يجري فيها
أيها الإخوة: إن من الكفار اليوم من قاتلونا في الدين لأننا مسلمون، وأخرجونا من ديارنا، والإخراج من الديار ليس أمراً سهلاً يا عبد الله، أن يسلب بيتك، وأن تخرج منه، وأن تكون هائماً في الأرض ليس لك مأوى، ولا بيت ترجع إليه.. تصبح شريداً طريداً في الأرض.. ليست القضية سهلةً على الإطلاق، ولذلك ذكر الله في كتابه كيف أن الكفار يخرجوننا من ديارنا، وطائفة أخرى يظاهرون على إخراجنا، أي: يعاونون على ذلك بتسريعها والتخطيط لها، والإعانة عليها بشتى صور الإعانة، ولا يهولنك التمثيليات وانظر إلى النتائج.
إذا أردت أن تكون فطناً فانظر إلى النتائج ما هي؟ الإخراج من الديار، والمظاهرة على ذلك في السر والعلن، وقد يقع بين الكفار خلافات وقد يصطدمون، ولكن إذا نظرت إلى النتائج على المسلمين تجد أن المسلمين هم الطرف الخاسر الذي يخسر باستمرار، قال تعالى: إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ [الممتحنة:9].
إن المسلمين في كوسوفا يخرجون من ديارهم ويُظاهرُ على إخراجهم، مليونان من البشر سيصبحون بلا مأوى، سيوزعون على البلدان، سيحصرون في شريط ضيق ليس لهم ديار، أُخرجوا من ديارهم، وظاهر الكفار الكفارَ على إخراجهم، فما هو موقف المسلم؟
لا شك أنها العداوة للكفار أبداً؛ لأنهم أخرجوا إخواننا من ديارهم، وظاهروا على إخراجهم، لقد كان الإخراج من الديار دافعاً للقتال عند المسلمين الذين كانوا عند نبي لهم من بني إسرائيل، قال تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلأِ مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا [البقرة:246] فكان ذلك سبباً للجهاد في سبيل الله.
الجهاد هو الحل لمآسي المسلمين
اعتداء الصرب الحاقدين على المسلمين
أيها المسلمون.. لقد صار من المصائب على المسلمين في تلك الديار أمرٌ عظيم، ألم يأتكم نبأ ما حصل في عيد الأضحى لإخواننا في تلك الديار؟ لقد قام الصرب بالإحاطة بأئمة المساجد والمصليات في صلاة العيد، وقاموا أولاً بقتل أئمة صلاة العيد أمام المسلمين وأقربائهم، ثم ألحقوا ذويهم بهم، ثم ألحقوا جموع المصلين، حتى بلغ عدد القتلى في يوم العيد من المصلين. ليس من أهل البيوت بل من المصلين فقط عشرة آلاف في أنحاء الإقليم!! ضحوا بهم في يوم الأضحى، وأعدموهم بالسلاح الأبيض بطريقة وحشية وبحقدٍ دفين وحصدوهم بالرصاص، وفي جامع واحد قتلوا ألفاً وثمانمائة مصلٍ؛ لأنهم يقولون لا إله إلا الله، لم يعملوا شيئاً إلا لأجل لا إله إلا الله، فعليها يعادوننا ومن أجلها يقتلوننا، وقد جمعوا الرجال فحصدوهم، وأخذوهم، وفرقوا النساء والأطفال عنهم، وهكذا فعلوا كما هو المعهود عنهم في أمور الاغتصاب والفضائع والشنائع!!
-
قصائد تتحدث عن مآسي المسلمين
أيها الإخوة ... إنما حصل ويحصل من هؤلاء الصرب النصارى، ومن مالأهم وعاونهم. إنه أمرٌ عجيب.
قصيدة تحكي اغتيال أسرة مسلمة
لقد شغلنا بالمعاصي والتراهات، لقد حصل ما حصل من الآثام التي جعلت المسلمين في ضعفٍ شديد لا يقوون على نصرة إخوانهم، هل هذا حال يرضي الله أيها المسلمون؟
نحن نعلم ضعفنا، ونعلم حالنا، ونعلم أنه ليس لنا قوة، لكن لماذا ليس لنا قوة؟
لابتعادنا عن دين الله، ولتفشي المعاصي بيننا.. على أي سيءٍ ننام؟
وعلى أي شيءٍ نصحو؟
ننام ونصحو على المعاصي، والفسق، والفجور، وعلى الصور، والمسلسلات، وعلى الأغاني، والمعاكسات، وعلى تبذير الأموال والسياحة في بلاد الكفار..
ومن أجل أي شيءٍ نعيش؟ نعيش للهو والترفيه، للطعام والشراب.. ماهذا الحال؟ ألا من عودة إلى الله توقظ في هذه الأمة الحمية لنصرة إخوانهم؟!
أيها الإخوة.. والله لن يتغير حالنا إلا إذا رجعنا إلى كتاب ربنا، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم.
اللهم ردنا إلى الحق رداً جميلاً، اللهم ردنا إلى الحق رداً جميلاً، اللهم ردنا إلى الحق رداً جميلاً، اللهم إنا نسألك أن تحيينا على الإسلام، وتميتنا على الإيمان، اللهم اجعلنا بكتابك مستمسكين، وبسنة نبيك عاملين، واجعلنا ممن نصرت بهم الدين يا رب العالمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الحمد لله الذي لا إله إلا هو وحده لا شريك له، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا أشرك به أحداً، وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين نصروا دينه، ورفعوا كلمة الله، وجاهدوا في سبيل الله، اللهم ارض عنهم يا أرحم الراحمين، وارض عمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
عباد الله: لا يرجى من الكفار نصرٌ للمسلمين، فلماذا ينصرونهم؟ لا يرجى منهم نصرٌ والله، ومهما كان من الأسباب فإنما هي تمثيليات أو خلافات بين الكفار، أما أن يقصد الكفار نصر المسلمين، فذلك في عالم الأحلام، وحتى في عالم الأحلام قد لا يقع، فإنه لا ينصر المسلم إلا أهل الإسلام، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في سنته.
عباد الله: إن من المصائب العظيمة فقد الهوية الإسلامية والانتماء لهذا الدين، وهذا شيءٌ قد حصل عند كثير من الشعوب التي كانت ترزح تحت الشيوعية وغيرها، فقد فقدت هويتها الإسلامية، ولم يعرف الكثير من أبنائها حقيقة الانتماء إلى هذا الدين، فهم يرجون النصر من شرقٍ ومن غرب، ولعله لأجل أنهم لا حيلة لهم، وبعضهم ينتظر من الشرق والغرب لأنه لم يجد يداً تمتد إليه من المسلمين، ولكن القضية الأساسية الخطيرة فقد الهوية الإسلامية، عندما لا يشعر المسلم بالانتماء إلى الإسلام الذي يوجب عليه ألا يوالي الكفار، وأن يتميز عن الكفر، وأن يرفع راية الإسلام واضحةً، فإنه إن لم ترفع راية إسلامية واضحة ضاعت المبادئ، وذلك من الأخطاء التي يقع فيها بعض أهل كوسوفا ، لقد ضاع المسلمون فيها بين منافقٍ عظيم، وبين بعض الذين لم يرفعوا لواء الإسلام، وإنما رفعوا في قتالهم لواء العنصرية القومية ، وقالوا: إن الحرب ليست دينية، فضاعت الأمور.
كيف سينصرهم الله في هذا الحال؟ إنها مصيبة عظيمة أن تفقد القضية الراية الحقيقية الصحيحة، إنها أكبر مصيبة ابتلي بها أهل ذلك الإقليم، وانتظار النصر من الكفار أمرٌ غير ممكن، قال الله عزَّ وجلَّ: الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً [النساء:139] فليس عند الكفار عزةٌ للمسلم، وإن تظاهروا بنصرتهم فإما أنه خداع وتمويه، وإما أنه لمآرب أخرى عند الكفار، ليس من بينها أبداً نصرة للمسلمين، فقد يكون لخلافات بينهم أو أطماع، أو إرادة تسلط بعضهم على بعض، لكن لا يمكن أن يكون منها نصرة الإسلام وأهله مطلقاً، ونحن نعلم ذلك من الكتاب والسنة.
إذاً.. فلا حل للمضطهدين إلا بجهادٍ خالص وراية واضحة: فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا [النساء:84] فهكذا يكف بأس الكفار عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً وَأَشَدُّ تَنْكِيلاً [النساء:84].
-
الواجب علينا تجاه إخواننا المسلمين في البلاد المجروحة
أيها الإخوة.. إن هذه الأمة تعيش في سباتٍ وغفلة، والذي يكون في غيبوبة قد لا يستيقظ إلا بالصدمات، فُيعمل له صدمات كهربائية وغيرها عله أن يستيقظ، وهكذا هذه الأمة لا تستيقظ إلا بالصدمات وهي تعيش في غيبوبة، فإذا استيقظت بالصدمات قامت العزة فيها وفي أبنائها، فلعل المسلمين يعودون إلى دينهم فتعود إليهم عزتهم فينصرون إخوانهم، ويأتي الوقت الذي لا يجرؤ فيه أحد على أن يؤذي مسلمة؛ لأنه يعرف ماذا سيحصل له لو آذاها.
التألم لجراحات المسلمين
أيها المسلمون.. فماذا يجب علينا إذاً؟
أولاً: أن نتألم لأهل الإسلام، فإن الألم دليلٌ على حياة القلب وعلى الرابطة الإسلامية في قلوبنا لأجل إخواننا، قال عليه الصلاة والسلام: (إن المؤمن من أهل الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد، يألم المؤمن من أهل الإيمان كما يألم الجسد لما في الرأس) رواه الإمام أحمد وهو حديث صحيح.
إن المسملين جسدٌ واحد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى، أما أن نغيب عن الواقع وننغمس في اللذات ولا نشعر بالألم فإنها مصيبة عظيمة.
هذا هو حالنا، فينبغي أن نتألم، وينبغي أن نشعر بما يشعر به إخواننا.
هذا هو الذي لا نريده إطلاقاً؛ أن نكون ممن في الكرى سادرون، وبالنعم يستلذون، وإخوانهم يتألمون ويتكدرون ويشكون.
أيها المسلمون.. لابد أن نتألم، لابد أن توقظ المصائب فينا نخوة أهل الإسلام، لابد أن نستيقظ من السبات، حتى نعود، ولو أن يسمع بعضنا الأخبار، فلابد أن يكون له في ذلك تأثير.
العودة إلى الله جل وعلا والدعاء
العودة إلى الدين، ثم مساعدة إخواننا المسلمين بما نستطيع من أنواع المساعدة كالصدقات وغيرها.
ثم الدعاء، فندعو الله عزَّ وجلَّ أن يرفع الكروب وأن يعيد العزة لهذه الأمة، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل بالمسلمين بلية عظيمة، أو خطبٌ جسيم أو مصيبة كبيرة، قنت قنوت النازلة، فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في الركعة الأخيرة من الصلوات بعدما يقول سمع الله لمن حمده، فيدعو للمؤمنين ويلعن الكفار) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: [كان القنوت في المغرب وفي الفجر] وجاء في حادثة أخرى أنها في الصلوات الخمس عموماً، وأن أكثر ما يكون في المغرب والفجر، وكان رسول صلى الله عليه وسلم حين يرفع رأسه ويقول: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، يدعو لرجالٍ فيسميهم بأسمائهم فيقول: (اللهم أنج الوليد بن الوليد ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف) وكان أهل المشرق يومئذٍ من مضر مخالفين له.
وعن أنس رضي الله عنه قال: (قنت النبي صلى الله عليه وسلم شهراً يدعو على رعلٍ وذكوان) روى هذه الأحاديث الإمام البخاري رحمه الله تعالى في صحيحه .
فعندنا قنوت النوازل إذا استجدت مصيبة عظيمة، وإلا فالمصائب كثيرة متوالية مستمرة، فيقنت للمسلمين ويدعو لهم مدةً من الزمن، ثم يترك القنوت بعد ذلك، فإذا استجدت مصيبة أخرى دعا.. هذه هي السنة في قنوت النوازل.
اللهم إنا نسألك أن تنجي المستضعفين من المؤمنين، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم إنهم جياع فأطعمهم، عراة فاكسهم، اللهم إنهم طريدون فآوهم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم مظلومون فانصرهم، اللهم إنهم مقهورون فأعزهم، إنك أنت العزيز الحكيم.
اللهم إنك أنت الجبار ملك السموات والأرض، أنت على كل شيءٍ قدير، أنزل بالصرب والنصارى واليهود بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم أحصهم عدداً، واقتلهم بدداً، ولا تغادر منهم أحداً.. اللهم فرِّق شملهم، وشتِّت جمعهم، واجعل بأسهم بينهم، واجعل دائرة السوء عليهم، وأنزل عليهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين.
اللهم تضرعنا إليك، واستغثنا بك، ورجوناك ودعوناك، اللهم لا تخيب رجاءنا، وانصر في هذا الموقف إخواننا، ورد في هذا المقام كيد أعدائنا.
اللهم رد المسلمين إلى الإسلام رداً جميلاً، واجمع كلمتهم على التقوى والتوحيد، اللهم ألف بين قلوبهم، واهدهم سبل السلام، وأخرجهم من الظلمات إلى النور، اللهم أيقظ في نفوس المسلمين الحمية لقتال اليهود والنصارى، واجعل في قلوبهم الحمية لإخراج أولئك مما أخرجونا يا رب العالمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.