ومن هذه المسائل: وقف الحيوان.
ومن هذه المسائل أيضاً: وقف المنقول، على أن ما فعله عمر رضي الله تعالى عنه كان وقفاً، وقال بعض العلماء: بأن هذا ليس من قبيل الوقف، وإلا لما جاز لهذا الرجل أن يبيع هذا الفرس الموقوف، لكن عمر رضي الله تعالى عنه تصدق عليه، ولم يجعل ذلك وقفاً، وإلا لو كان وقفاً فإنه لا يجوز له أن يبيع هذا الوقف، والمقصود أن عمر رضي الله تعالى عنه ملكه هذا الفرس, ولو قلنا بأنه من قبيل الوقف -كما استنبطه بعض العلماء- فإن الوقف يباع إذا تعطلت منافعه، أو كان في بيعه مصلحة، يعني: إذا تعطلت منافعه أو كان بيعه أصلح من بقائه فإن هذا جائز ولا بأس به.
ومن مسائل هذا الحديث: الإعانة على الجهاد في سبيل الله عز وجل.
ومن مسائله: أن المسلم كونه يخرج الصدقة فإنه يحرم عليه أن يرجع فيها، يعني: يذهب ويشتري هذه الصدقة، فنقول: هذا محرم ولا يجوز، لكن لو رجعت إلى المتصدق عن طريق الميراث، يعني: ورثها، تصدق بهذه الصدقة على قريب له ثم مات، ثم ورثه، فإن هذا جائز ولا بأس به، كما جاء في صحيح مسلم ، فهذا جائز، والعلماء يحكون الإجماع على ذلك، يعني: رجوع الصدقة إلى المتصدق إن كان عن طريق الشراء فإن هذا لا يجوز، وإن كان عن طريق الميراث فإن هذا جائز ولا بأس به.
إن كان عن طريق الهدية أو الإطعام ونحو ذلك، يعني: تصدق عليه بطعام ثم بعد ذلك أهداه من هذا الطعام إلى آخره، فهذا أيضاً جائز ولا بأس به إن شاء الله.
وفي هذا أيضاً: أن كل شيء أخرجه الإنسان لله عز وجل فإنه لا يجوز له أن يعود فيه.
وفي هذا أيضاً: أنه يستثنى من العود في الهبة والصدقة عود الوالد على ولده، فلو وهب ولده هبة فإنه يجوز له أن يعود فيها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل لرجل مسلم أن يعطي العطية ثم يرجع فيها، إلا الوالد فيما يعطي ولده )، والأب مع الولد له أحكام خاصة، فيما يتعلق بالمال والتملك والرجوع والهبة إلى آخره، فنقول: هذا من الأحكام المستثناة.
وقوله: ( فإن العائد في هبته كالعائد في قيئه ) هذا اللفظ استدل به جمهور العلماء رحمهم الله تعالى على أن الهبة يصح العود فيها قبل القبض، يعني: بعد العقد ليست الهبة لازمة صحيحة، لكنها لا تلزم إلا بالقبض؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العائد في هبته كالكلب يقيء )، وقوله: (يقيء) هذا يدل على أنه أخرج هذه الهبة إلى الموهوب ثم عاد فيها.
والرأي الثاني: أنه يحرم الرجوع في الهبة وإن لم يقبضها الموهوب له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن العود في الهبة، ولكن كونه يرجع بعد القبض هذا أشد نهياً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم شبهه بالكلب، وهذا قول الإمام مالك رحمه الله تعالى في الجملة: أنه لا يجوز العود في الهبة حتى وإن لم يقبضها الموهوب له، لكن كونه يرجع بعد القبض، هذا من باب أولى أنه أشد نهياً.
قال رحمه الله: [وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( العائد في هبته كالعائد في قيئه )] هذا تقدم الكلام عليه.
وفي هذا كما ذكرنا دليل الجمهور الذين قالوا: إن القبض ملزم، وأنه قبل القبض يجوز له أن يرجع، والرأي الثاني: رأي الإمام مالك رحمه الله في الجملة، أنه لا يجوز له أن يرجع حتى وإن لم يقبض مادام أن العقد قد تم.
الشرح:
حديث النعمان رضي الله تعالى عنه هذا فيه: وجوب العدل بين الأولاد في الهبة، وأنه يحرم على الأب أن يفضل بعض الأولاد على بعض في الهبة.
واعلم أن ما يعطاه الولد من والده ينقسم إلى قسمين:
القسم الأول: أن يعطيه الوالد على سبيل النفقة، فنقول: ضابط العدل في هذا أن يعطي كل واحد من الأولاد ما يحتاجه، فهذه بنت تحتاج إلى حلي بألف ريال، وهذا ابن يحتاج إلى قلم بريال، هذه البنت يعطيها ألفاً وهذا يعطيه ريالاً، هذا العدل، هذا يحتاج إلى ثوب بمائة ريال، وهذا يحتاج إلى ثوب بعشرين ريالاً فالعدل أن يعطي هذا مائة وأن يعطي هذا عشرين ريالاً، فإذا كان ما يعطيه الوالد لولده على سبيل النفقة، فالضابط في ذلك أن يعطي كل واحد منهم ما يحتاجه، هذا يحتاج إلى زواج بعشرة آلاف ريال، وهذا يحتاج إلى ثوب بمائة ريال، هذا يعطيه عشرة آلاف، وهذا يعطيه مائة ريـال.
القسم الثاني: أن يكون ما يعطيه الوالد لولده على سبيل الهبة، فالمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنه يجب العدل فيه، وعند الأئمة الثلاثة أنه لا يجب العدل.
أما دليل الحنابلة فاستدلوا بهذا الحديث، وهو ظاهر: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، ( فلا تشهدني على جور )، ( أشهد على هذا غيري )، إلى آخره.
وعند الجمهور يقولون: بأن هذا جائز، ويدل لذلك أن الله عز وجل قال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النحل:90]، وكونه يعطي هذا الابن ويترك هذا الابن هذا من الإحسان، وأيضاً استدلوا بأن عائشة رضي الله تعالى عنها وهبها أبو بكر عشرين وسقاً من جذاذ نخله بالعالية.
أما قول الله عز وجل: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ [النحل:90]، فنقول: الإحسان هو اتباع السنة، وإذا كان الإنسان يريد الإحسان فليتبع السنة، عليه أن يحسن إلى جميع الأولاد، وأما فعل أبي بكر رضي الله تعالى عنه، فنقول: هذا محمول على أنه: إما من قبيل النفقة، وإذا كان من قبيل النفقة يكون على حسب الحاجة، حيث كانت عائشة رضي الله تعالى عنها محتاجة فأعطاها على سبيل النفقة، وإما هذا برضا بقية إخوتها، أو كما قال ابن حزم: إن هذا ليس من قبيل الهبة وإنما هو من قبيل العدة.
الجواب: في هذه الحالة إذا مرت المرأة أو الكلب بين الإمام وبين سترته بطلت صلاة الإمام وبطلت صلاة المأمومين؛ لأن سترة الإمام سترة للمأمومين.
الجواب: ليس داخلاً، فهذا فعل السنة، فكيف يكون داخلاً في النهي؟!
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر