الحمد لله رب العالمين، شرع لنا ديناً قويماً، وهدانا صراطاً مستقيماً، وأسبغ علينا نعمه ظاهرةً وباطنةً وهو اللطيف الخبير.
اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، وبيدك الخير كله، وإليك يرجع الأمر كله، أنت رب الطيبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين، وخالق الخلق أجمعين ورازقهم، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [هود:6] .
وأشهد أن نبينا محمداً عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمةً للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعيناً عمياً، وآذاناً صماً، وقلوباً غلفاً، فجزاه الله عنا أفضل ما جزى به نبياً عن أمته، ورضي الله عن أصحابه الطيبين وعمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] .
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71] .
أما بعد: معشر الإخوة الكرام! تقدم معنا أن أحب البلاد وأفضلها بيوت الله جل وعلا المساجد، ففيها نوره وهداه، أذن الله برفعها ليسبح ويذكر فيها، وقد نعت الله الرجال الذين يعمرون بيوته في هذه الحياة نعتهم بأربع خصال، هي أطيب الخلال: لا تلهيهم البيوع والتجارات، ويعظمون رب الأرض والسموات، ويحسنون إلى المخلوقات، ويستعدون للقاء الله جل وعلا في جميع الحالات.
قال تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ [النور:36-37] .
وهذه الخلال التي نعت بها هؤلاء الكمل من الرجال ينبغي قبل أن ندخل في شرحها وتفصيل الكلام عليها، أن نتدارس ما في قول الله جل وعلا: (رجال) من إشارات معتبرة.
تقدم معنا أن هذا اللفظ الجليل الذي نعت الله به عباده الذين يعمرون بيوته في هذه الحياة يحتمل أمرين اثنين كل منهما مراد:
الأمر الأول: رجال كاملو الرجولة، فيهم مروءة وشهامة، فهم الرجال حقاً، وعيب أن يقال لمن لم يتصف بهذه المعان أن يوصف بالرجولة.
نعم، إن الرجولة كل الرجولة أن يتذلل المخلوق لخالقه، وأن يعبد العبد ربه، وإن الوضاعة كل الوضاعة أن يتذلل المخلوق لمخلوق مثله، وأن يعبد العباد بعضهم بعضاً.
(رجال) هؤلاء هم الرجال، ومن عداهم أهل ضلال وخبال، فهم الأنذال.
وأما الدلالة الثانية في لفظ رجال فيراد منها ما يقابل الأنوثة، فالرجال هم الذكور الذين يعمرون بيوت الله جل وعلا في هذه الحياة.
ولفظ الرجال كما قال أئمتنا في أصول الفقه: إنه اسم جنس جامد، وعليه فهو اسم لقب، وليس له مفهوم مخالفة، فلا يفيد أن النساء لسن كذلك بناءً على هذا الاصطلاح وهذا التعبير، فالرجال اسم جنس جامد، وإذا كان كذلك فلا يدل على أن ما يقابل الرجال ليس لهن هذا الوصف، لكن قال أئمتنا الكرام: إن لفظ الرجال وإن كان اسم جنس جامد فما في الرجال من معنى الذكورة صالح لإناطة الحكم به، والتفريق بين الرجال والنساء في ذلك، وعليه فلفظ الرجال هو صفة وليس بلقب، ومفهوم الصفة معتبر عند أئمتنا الكرام؛ الشافعية والمالكية والحنابلة، وهذا المفهوم أن الرجال يسبحون ويذكرون الله في بيوت الله جل وعلا، يفيد أن النساء لسن كالرجال في هذا الحكم، وهذا ما دلت عليه سنة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة الصريحة بأن النساء لا يطالبن بالجماعة التي طولب بها الرجال الذكور، فالجماعة لا تجب إلا على من كان ذكراً، عاقلاً، بالغاً، حراً، صحيحاً، مقيماً، كما هو الحال في الجمعة تماماً، وعليه فلا تجب الجماعة على صنفين؛ لا تجب على ما يقابل الذكور وهن الإناث، ولا تجب على الذكر إن كان فيه عذر من مرض أو سفر أو غير ذلك.
(رجال) أي: هم رجال يسبحون الله ويذكرونه في هذه البيوت، طولبوا بذلك على سبيل الوجوب، والنساء لسن كذلك، وهذا ما صرحت به سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند الإمام أحمد وصحيح ابن خزيمة وابن حبان ، والحديث إسناده صحيح، ونص الحافظ في الفتح على تحسين إسناده، وله شاهد من حديث عبد الله بن مسعود في صحيح ابن خزيمة ، وسنن أبي داود ، وسأذكر الشاهد بعد رواية الحديث الأول الذي رواه الإمام أحمد كما قلت في المسند، وابن حبان في صحيحه، وابن خزيمة في صحيحه، عن أم حميد رضي الله عنها: أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ( يا رسول الله! إني أحب الصلاة معك. فقال عليه الصلاة والسلام: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك معي، فأمرت رضي الله عنها أن يبنى لها مسجد في أقصى بيت لها وأظلم، فكانت تعبد الله فيه حتى ماتت -رضي الله عنها وأرضاها- ).
قوله: ( صلاتك في بيتك ) وهو البيت الداخلي، ( خير من صلاتك في حجرتك ) وهو البيت العام كالصالة وغيرها التي يدخلها الذكور والنساء، والصلاة في الحجرة خير من الصلاة في الدار وفي فنائها وفي بقعتها إذا لم تجاوز المرأة سورها، والصلاة في الدار خير من الصلاة في مسجد الحي، والصلاة في مسجد الحي -بالنسبة للمرأة- خير من أن تشهد الصلاة جماعةً في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مع النبي عليه الصلاة والسلام، والتزاماً بهذا التوجيه النبوي أمرت هذه المرأة الصالحة القانتة أن يبنى لها مصلى في أظلم مكان وأبعده من بيتها، فلزمته حتى فارقت هذه الحياة.
والحديث صحيح، وكما قلت: حسنه الحافظ، وله شاهد من رواية أبي داود وصحيح ابن خزيمة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاة المرأة في بيتها خير من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها خير من صلاتها في بيتها ). والمخدع بتثليث الميم كما قال أئمتنا: مِخْدَعٌ، ومُخْدَعٌ، ومَخْدَعٌ: وهو البيت الذي يكون داخل بيت، فبيت المرأة خاص فيها، فإذا جعلت شيئاً فيه تستتر فيه عن غيرها يقال له: مَخْدَعْ، أخْدَعْتُ الشيء إذا فبأته وأخفيته، وهذا المخدع إذا صلت المرأة فيه فهو خير من أن تصلي في بيتها الداخلي، وإذا صلت في بيتها فهذا خير لها من أن تصلي في دارها وفي حجرتها، كما ثبت هذا عن نبينا عليه الصلاة والسلام.
وعليه فمعنى (رجال) أي: ذكور ليسوا بإناث، وهذا الأمر أعني أن المرأة لا تطالب بالجماعة ولا الجمعة، ولا تكلف بالحضور إلى بيوت الله، وملازمتها لبيتها أفضل لها عند ربها، تواتر بذلك عن نبينا عليه الصلاة والسلام، والأحاديث في ذلك كثيرة، ففي مسند الإمام أحمد ، وسنن الدارمي ، ومعجم الطبراني الكبير، والحديث رواه ابن خزيمة ، والحاكم في المستدرك، وإسناده حسن، عن أمنا أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خير مساجد النساء قعر بيوتهن ).
وقد ذهب أئمتنا الكرام إلى أن تفضيل الصلاة في الحرمين الشريفين وفي بيت المقدس -نسأل الله أن ينصر المسلمين على أعدائهم في كل مكان وزمان- الصلاة في هذه المساجد المشرفة المباركة تضاعف في حق الرجال، وهذا في خصوص صلوات الرجال، وأما المرأة فصلاتها في بيتها أفضل من صلاتها في بيت الله الحرام بالنسبة للرجل، وأفضل من صلاتها في مسجد النبي عليه الصلاة السلام بالنسبة للرجل، فإذا كانت صلاتنا تضاعف في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام بألف صلاة، وفي بيت الله الحرام بمائة ألف، وفي المسجد الأقصى بخمسمائة، فالمرأة تضاعف صلاتها أكثر من ذلك إذا صلت في بيتها.
ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث رواه الإمام مسلم من رواية عبد الله بن عمر وأمنا ميمونة رضي الله عنهم أجمعين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( صلاة في مسجدي هذا خير -وفي رواية: أفضل- من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام ).
قال إمام الأئمة الإمام ابن خزيمة في صحيحه: هذا الحديث محمول على أن هذا في صلاة الرجال للأحاديث المتقدمة، كحديث أم حميد وغيرها بأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام مع النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هذا في صلاة الرجال؛ فالرجل إذا صلى في مسجد الله الحرام تضاعف صلاته بمائة ألف وهكذا، أما المرأة فصلاتها في بيتها تزيد على هذا، وفضل الله يؤتيه من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
ولم كانت صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في مسجد قومها، وصلاتها في مسجد قومها أفضل من صلاتها في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، أو في بيت الله الحرام، لم كان الأمر كذلك؟
والجواب عن هذا إخوتي الكرام! أن المرأة فيها أمران معتبران من أجلهما جعل لها هذا الحكم الخاص بها، مخالفة للرجل في هذا الأمر أعني: حضور الجماعات والجمعات.
والحديث رواه ابن حبان والحاكم في المستدرك، والطبراني في معجمه الكبير، وهؤلاء الثلاثة زادوا في الرواية ( وما عبدت المرأة ربها بمثل أن تعبده في جوف بيتها ). أي: في قعر بيتها.
وفي معجم الطبراني بإسناد حسن من رواية عبد الله بن مسعود مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث رواه ابن خزيمة في كتاب التوحيد في أوله، ورواه أيضاً في صحيحه لكن موقوفاً على عبد الله بن مسعود ، وله حكم الرفع إلى نبينا المحمود عليه صلوات الله وسلامه، ولفظ الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن النساء عورة، وإن المرأة إذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان، وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس ) أي: ليس فيها فتنة، وليس فيها شبهة، وليس فيها منكر ولا بلية، ( وإن المرأة لتخرج من بيتها وما بها بأس، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، ولا يزال يوسوس إليها فيقول: إنك لا تمرين برجل إلا أعجبتيه، وإن المرأة إذا لبست جلبابها قيل لها: إلى أين يا أمة الله؟ فتقول: لأصل رحماً، أو أشهد جنازةً، أو أصلي في المسجد، وما عبدت المرأة ربها بمثل أن تعبده في جوف بيتها ).
إذاً: قول الله جل وعلا: فِيهِ رِجَالٌ [التوبة:108] أي ذكور، فالذين طولبوا بهذه الجماعات وهذه الجمعات هم الذكور الذين اكتملت فيهم الذكورة، وهم العقلاء الكرام الفضلاء (رجال)، وأما المرأة فلا تطالب بذلك لهذا الاعتبار الأول الذي فيها؛ ألا وهو أنها عورة.
إن انجذاب الرجل إلى المرأة، والمرأة إلى الرجل أعظم بكثير من انجذاب الحديد إلى المغناطيس، وهذا أشار إليه ربنا جل وعلا في كتابه بقوله: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189].
فلا يحصل السكن للرجل إلا بأن ينضم إلى المرأة، والمرأة فرع للرجل لا تستقر إلا بأن تأوي إليه، وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21] .
وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن المرأة بعض من الرجل وجزء منه، ولأجل هذا الترابط بين الصنفين ينبغي أن يحال بينهما، إلا في الاجتماع على خير وطهر، إلا في النكاح الحلال، وما عدا هذا فيستحسن ألا ترى المرأة رجلاً، وألا يرى الرجل امرأةً.
ثبت في كتاب الرد على الجهمية للإمام ابن منده ، والحديث إسناده حسن، وهو في صفحة خمسين، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الله لما خلق آدم مسح ظهره -سبحانه وتعالى- فجرى من ظهره كل نسمة كائنة إلى يوم القيامة، ثم أخذ الله ضلعاً من أضلاع آدم فخلق منه
فالمرأة إذاً هي بعض من الرجل، وهي ضلع من أضلاعه، وثبت في تفسير ابن أبي حاتم ، وتفسير الإمام ابن المنذر وشعب الإيمان للإمام البيهقي بسند صحيح كالشمس، عن حبر الأمة وبحرها عبد الله بن عباس رضي الله عنه موقوفاً عليه، وللأثر حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( خلقت المرأة من الرجل، فجعلت نهمتها فيه، وخلق الرجل من الأرض فجعلت نهمته في الأرض، فاحبسوا نساءكم )، وقوله: (فاحبسوا نساءكم)؛ لأنها تتعلق بالرجل، وتتفنن في إغوائه وإغرائه، وإذا كان الأمر كذلك فالأولى ألا تشهد جمعةً ولا جماعةً، وصلاتها في بيتها خير من صلاتها في بيت ربها، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
عباد الله! وقد ثبت في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المرأة خلقت من ضلع )، وهذا يقرر الحديث الذي رواه الإمام ابن منده ، ويقرر كلام ابن عباس رضي الله عنهما، ففي الصحيحين وموطأ الإمام مالك وسنن الترمذي ، والحديث في أعلى درجات الصحة من رواية أبي هريرة رضي الله عنه، والحديث رواه الإمام أحمد في المسند، والنسائي في السنن، ورواه البخاري في الأدب المفرد، ورواه الإمام الدارمي من رواية أبي ذر رضي الله عنه، والحديث رواه الإمام الطبراني في معجمه الكبير، ورواه ابن حبان والحاكم في مستدركه من رواية سمرة بن جندب ، فالحديث عن ثلاثة: من رواية أبي هريرة وأبي ذر وسمرة رضي الله عنهم أجمعين: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( استوصوا بالنساء خيراً، فإنهن خلقن من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإذا ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء خيراً ).
وقوله: (المرأة خلقت من ضلع) أي: من ضلع آدم القصير أو الأيسر، كما وضحت هذا رواية الإمام ابن منده في كتاب الرد على الجهمية.
المرأة خلقت من ضلع، والفرع يحن إلى أصله، ولا يستقر بدونه.
إذاً: ينبغي أن نحول بين الصنفين ما أمكن، ولذلك شرع للمرأة أن تصلي في بيتها، وندبت إلى ذلك، وهذا أفضل من أن تصلي في بيت ربها في المساجد.
فالإمام الشافعي عليه رحمة الله استنبط تعليلاً لهذا، كما في سنن ابن ماجه في كتاب الطهارة عندما سأله أبو اليمان المصري ، وقال الحافظ في التقريب: هكذا وقع في سنن ابن ماجه أبو اليمان ، وإنما هو أبو لقمان ، وهو محمد بن عبد الله الخراساني ، إمام مستور كما قال الحافظ في التقريب، فقال أبو لقمان الخراساني للإمام الشافعي : ورد في الحديث ( يغسل من بول الجارية، ويرش -ينضح- من بول الغلام ) والماءان ماء واحد فعلام؟ فقال له أبو عبد الله الإمام الشافعي عليهم جميعاً رحمة الله: إن بول الغلام من الماء والطين، وإن بول الجارية من اللحم والدم، فهمت؟ لقنت؟ يعني: وعيت هذا؟ فقال أبو اليمان الذي هو أبو لقمان قلت: لا، وضح لي كيف يكون بول الغلام من الماء والطين، وبول الجارية من اللحم والدم؟ فقال أبو عبد الله الشافعي عليه رحمة الله: إن الله لما خلق آدم خلق حواء من ضلعه القصير، فصار بول الغلام من الماء والطين؛ لأنه يرجع إلى أبيه الذي خلق من الماء والطين وهو آدم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، وصار بول الجارية من اللحم والدم؛ لأنها خلقت من لحم ودم.
إذاً: المرأة تميل إلى الرجل، والرجل يميل إليها، فلا بد من الفصل بينهما ما أمكن، وإذا أردت أن تتحقق وأن تتأكد وأن تعلم مدى تعلق كل من الصنفين بالآخر، لا سيما تعلق النساء (الفرع) بالرجال بـ(الأصل) فاسمع إلى قول الله جل وعلا عندما تحدث عن النساء وأمرهن بالحجاب في سورة النور فختم الآية بقوله: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] .
وقد قرر أئمتنا الكرام عند تفسير هذه الآية أن طبيعة كل من الصنفين أن تتعرض للصنف الآخر، فما شعر رجل بأن امرأةً تسمعه أو تراه إلا أحدث كلمةً، أو حركةً، أو همهمةً هو في غنية عنها، إنما من أجل أن تصل هذه الحركة إلى المرأة، وما علمت المرأة أن رجلاً يراها أو يسمعها إلا أحدثت حركةً، أو همهمة، أو أسلوباً من الأساليب لتصل إلى قلب الرجل، هي في غنية عن تلك الحركة والكلمة والهيئة، وهذا قول الله الذي يعلم السر وأخفى: وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ [النور:31] .
سبحان الله! عليها الجلباب والحجاب وتمشي، لكن إذا شعرت برجل دقت الأرض برجلها لتجلب انتباهه إليها، وإذا كان الأمر كذلك فيستحسن أن نفصل بينهما ما أمكن.
إذاً: قوله: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ [النور:36-37]، أي: اكتملت فيهم الرجولة، هم أهل الشهامة والكمال، وهؤلاء الرجال ليسوا بإناث ولا نساء، فالجماعة مطالب بها الذكور العقلاء.
والجواب: نعم، وحصل هذا في كل عصر في الأمم الماضية وفي هذه الأمة، ولذلك ندب النساء أن يصلين في بيوتهن، وسأذكر حادثتين فقط: حادثة وقعت في الأمم السابقة، ومن أجلها حرم الله على النساء من بني إسرائيل أن يدخلن بيوته في هذه الحياة، وحادثة وقعت في هذه الأمة في زمن النبي عليه الصلاة والسلام.
وأثر أمنا عائشة رضي الله عنها وهو صحيح أيضاً قالت: ( كان النساء من بني إسرائيل يلبسن الأرجل من الخشب -أي: يلبسن أرجلاً خشبيةً أو نعالاً من الخشب في أرجلهن- وكانت المرأة تذهب إلى الرجل -تتشرف للرجال، تتطلع إليهم- لأجل أن تظهر مرتفعةً بارزة عالية، فلما فعلن ذلك منعن من المساجد وألقى الله عليهن الحيض ).
وقول أمنا عائشة وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم أجمعين: (وألقى الله عليهن الحيض) لا ينبغي أن يستشكله أحد منا، فيقول: الحيض موجود قبل بني إسرائيل في النساء، فلا إشكال كما حقق هذا الإمام ابن حجر في فتح الباري عند كتاب الحيض من صحيح البخاري كيف كان بدء الحيض؟ وتوهم بعض العلماء فظن أن بدء الحيض كان في بني إسرائيل، عندما فعل النساء ما فعلن من لبس الأرجل الخشبية، فألقى الله عليهن الحيض ليجلسن في بيوتهن فترة طويلة، ثم منعن من دخول بيوت الله، توهم بعض العلماء ذلك وليس هذا بمراد، فالحيض موجود قبل بني إسرائيل، وقد قال الله في كتابه: وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ [هود:71] ، قال: (فضحكت)، وقد ذكر أئمتنا ثلاثة معاني للفظ الضحك هنا:
أولها: ما رواه الطبري بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (ضحكت) حاضت، وزوجة خليل الرحمن إبراهيم -على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه- سارة هي قبل بني إسرائيل، وخليل الرحمن إبراهيم -على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه- قبل بني إسرائيل مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلا نَصْرَانِيًّا [آل عمران:67].
ثانيها: (ضحكت) بمعنى تعجبت.
ثالثها: ضحكت الضحك المعروف.
وثبت في مستدرك الحاكم وتفسير ابن المنذر بإسناد صحيح عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وله حكم الرفع إلى نبينا عليه الصلاة والسلام أنه قال: ( إن
إذاً: كانت مدة الحيض قليلة قبلهن، فلما فعلن ما فعلن ليحبسهن الله في البيوت كتب عليهن الحيض، وسلط عليهن الحيض، ثم بعد ذلك منعهن من دخول المساجد.
إذاً بهذين الأمرين: المرأة عورة.
والأمر الثاني: هي بعض من الرجل، فتميل إليه، ويحن ويميل إليها، إذا كان الأمر كذلك فلا بد من الفصل بينهما، فإذا حصل اتصال حصل اختلاط، وحصل قرب، وكل واحد سيتطلع إلى الآخر، وبعد ذلك تتكدر أحوال الناس في بيوت رب الناس.
هذه الحادثة الأولى في بني إسرائيل.
ثبت في مسند الإمام أحمد ، والحديث رواه أهل السنن الأربع باستثناء أبي داود ، وهو مروي في صحيح ابن خزيمة وابن حبان ومستدرك الحاكم ، وصححه الحاكم ، وأقره عليه الذهبي ، وصححه عدد من أئمتنا عن ابن عباس رضي الله عنهما، والذي مال إليه الإمام ابن كثير في تفسيره عند قول الله جل وعلا: وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ [الحجر:24] مال إلى أن الأثر من رواية أبي الجوزاء عن ابن عباس موقوفاً على أبي الجوزاء ولم يرفعه إلى ابن عباس ، ورفعه كما قلت: صحيح ثابت، ولفظ الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( كانت امرأة وضيئة تشهد الصلاة مع النبي عليه الصلاة والسلام في مسجده -وهذا قبل أن يفرض الحجاب، فكان الصحابة الكرام يتقدمون إلى الصفوف الأولى لئلا يروها، ولئلا يقتربوا ويقربوا منها، وكان بعض الناس يتأخر فيصلي في مؤخرة الصفوف، فإذا سجد نظر إليها من تحت إبطيه، وهو في سجوده مع النبي عليه الصلاة والسلام، فأنزل الله وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ [الحجر:24] )، أي: علم الله من يتقدم، ومن يتأخر، من يتقدم لئلا يقرب من هذه المرأة، ومن يتأخر من أجل غرض خسيس خبيث، ولعله كان يفعل هذا بعض المنافقين والعلم عند رب العالمين.
إذاً: إذا حصل اقتراب بين الصنفين يحصل ما يوجد في الطبيعة البشرية من تطلع كل صنف إلى الآخر، ومن أجل هذين الأمرين أمر الله جل وعلا النساء أن يصلين في بيوتهن، وهذا خير لهن من صلاة الرجال في بيوت ربهم، فلهن أجر يعدل صلاة الرجال في جماعة، بل هو خير من ذلك كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في حديث أم حميد .
وأئمتنا قالوا: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم ير ولم يمنع، والله يوحي إليه بكل شيء، ولو كان منع النساء من حضور المساجد واجباً، وعليهن إثم في الحضور، لو كان كذلك لأعلم الله نبيه عليه الصلاة والسلام بذلك، نعم تمنع من لم تحافظ على الصفة الشرعية في خروجها، ودخولها لبيت ربها كما سيأتينا.
وثبت في معجم الطبراني الكبير بسند رجاله موثقون، كما قال الهيثمي في المجمع، وقال الإمام المنذري : إسناده لا بأس به، عن أبي عمرو الشيباني قال: رأيت عبد الله بن مسعود يخرج النساء من المسجد يوم الجمعة ويقول: اخرجن، بيوتكن خير لكن.
وصفوة المقام، وتحقيق الأمر في ذلك: أن النبي عليه الصلاة والسلام رخص للنساء حضور الجمعة والجماعة، ولا ينبغي أن يمنعهن مانع من ذلك، نعم يرغبن في أن يصلين في بيوتهن.
ثبت في الكتب الستة باستثناء سنن النسائي ، والحديث رواه الإمام أحمد وغيره عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أجمعين: أن عبد الله بن عمر روى عن نبينا الأمين -عليه وعليهم جميعاً صلوات الله وسلامه- أنه قال: ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله )، وفي بعض رواية أبي داود : ( وبيوتهن خير لهن )، فقال بلال ولد عبد الله بن عمر : والله لنمنعهن، وقال واقد ولد عبد الله بن عمر : إذاً يتخذنه دغلاً، أي: فساداً وخديعةً ومكراً، تذهب إلى المسجد ثم تذهب إلى مكان آخر، أو تتعرض للرجال في المسجد، فأقبل عبد الله بن عمر على ولديه واقد وبلال فسبهما سباً سيئاً، يقول سالم : ما رأيت والدي سب أحداً بمثله، ثم قال: أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تمنعوا إماء الله بيوت الله)، (إذا استأذنكم نساؤكم إلى المسجد فلا تمنعوهن، فأذنوا لهن ) وأنت تقول: لنمنعهن وأنت تقول: لا ندعهن!
والحديث -كما قلت- في الكتب الستة، إلا سنن النسائي ، فهو في الصحيحين وغيرهما في أعلى درجات الصحة، فإذا استأذنت المرأة زوجها أو والدها وأرادت أن تذهب إلى بيت ربها، فلها ذلك ولا ينبغي أن يمنعها مانع، لاسيما إذا كان الذهاب إلى المسجد في مناسبة عامة كصلاة العيدين، فقد استحب للنساء على لسان خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام أن يحضرن صلاتي العيدين مع المسلمين ليشهدن الخير ودعوة المسلمين، ففي الكتب الستة وغيرها، والحديث في أعلى درجات الصحة من رواية أم عطية رحمها الله ورضي عنها قالت: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج إلى العيدين، وأن يخرج العواتق وذوات الخدور والحيض، وأن يشهدن الخير ودعوة المسلمين ).
العواتق: جمع عاتق، وهي المرأة الشابة التي هي حديثة عهد بالبلوغ، وذوات الخدور التي هي مخدرة تجلس في بيتها فلا يراها أحد، والحيض يخرجن إلى المصلى وإن كن حائضات، فيشهد النساء الصلاة ودعوة الخير، ويعتزل الحيض المصلى، لكن يكبرن بتكبير المسلمين؛ ليشهدن الخير ودعوة المسلمين.
وعليه؛ إذا أرادت المرأة أن تذهب إلى المسجد من أجل أداء صلاة، أو من أجل سماع موعظة، أو من أجل أن يتقوى إيمانها، وأن تشحذ عزمها برؤية أخواتها الصالحات، ورؤية عباد الله المؤمنين عندما يصلون في بيوت رب العالمين، لهذه المعاني الشرعية بالصفات الشرعية فلا حرج، ويبقى كما قلت: بيوتهن خير لهن.
أما الصفات الشرعية التي ينبغي أن تكون المرأة فيها إذا خرجت من بيتها إلى بيت ربها فهي خمس صفات يأتي الكلام عليها في الموعظة الآتية إن شاء الله. أقول هذا القول، وأستغفر الله.
إخوتي الكرام! قول الله جل وعلا: يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ [النور:36] يفيد فائدتين:
الفائدة الأولى: رجال كاملون.
الفائدة الثانية: ذكور.
ولذلك قال أئمتنا: خصوا بذلك لأنهم أهل الجماعات، وأهل التجارات، وهذا الذي يتناسب مع ما جاء في محكم الآيات: لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النور:37] ، وقد بينت أن الرجال هم أهل الجماعات، وبعد أن نتدارس صفة خروج المرأة إلى بيت الله ننتقل إلى الاعتبار الثاني، فالرجال هم أهل التجارات، وأما المرأة فكلما كانت قعيدةً في بيتها فهذا أستر لها ولغيرها، ولذلك ذكر أئمتنا في تراجم بعض النساء الصالحات أنها ما خرجت من بيتها إلا ثلاث مرات كما في ترجمة المرأة الصالحة فاطمة بنت نصر العطار ، التي توفيت سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وقد أدركها الإمام ابن الجوزي ، وترجم لها في المنتظم في تاريخه في حوادث سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وترجم لها الإمام ابن كثير في البداية والنهاية في حوادث هذه السنة، والإمام ابن الجوزي شهد جنازتها يقول: امتلأت الأسواق والمساجد عندما شيعت جنازتها أكثر من امتلاء الأسواق والمساجد في يوم العيد بالناس، وشهد جنازتها الصالحون والكبار رحمها الله ورضي عنها، يقول الإمام ابن الجوزي : حدثني أخوها أنها لم تخرج من بيتها إلا ثلاث مرات لضرورة، نعم، إن المرأة الصالحة لا تخرج من بيت أبويها إلا لزوجها مرة، وإلا لأداء الحج والنسك في بيت الله الحرام ومسجد النبي عليه الصلاة والسلام مرةً ثانية، والخروج الأخير الذي فيه ستر لها ولكل مؤمن خروج إلى القبر، نسأل الله أن يسترنا فوق الأرض، وأن يسترنا تحت الأرض، وأن يسترنا يوم العرض، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماماً.
اللهم استر نساءنا، وبناتنا، وأخواتنا، واستر المسلمات في جميع بقاع الأرض يا رب العالمين!
اللهم صل على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا، اللهم اسقنا وأغثنا يا رب العالمين!
اللهم أغثنا غيث الإيمان في قلوبنا، وغيث المطر المبارك لأبداننا وأرضنا وبهائمنا بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم أنزل علينا من بركات السماء، وأخرج لنا من بركات الأرض.
اللهم أدر لنا الضرع، وأنبت لنا الزرع بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين!
اللهم عاملنا بإحسانك وجودك وامتنانك، إنك أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
اللهم اغفر لآبائنا وأمهاتنا ولمشايخنا، ولمن علمنا ومن تعلم منا ولمن أحسن إلينا، ولجميع المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، والحمد لله رب العالمين.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر