الجواب: كشف المرأة ما يجب عليها ستره من أجل مصلحة الطب ببيان ما فيها من مرض وتشخيصه لا بأس به؛ لأنه للحاجة، والحاجة تبيح مثل هذا المحرم، إذا القاعدة المعروفة عند أهل العلم أن ما حرم تحريم الوسائل أباحته الحاجة، وما حرم تحريماً ذاتياً -تحريم المقاصد- فإنه لا يبيحه إلا الضرورة، وذكروا لذلك أمثلة منها هذه المسألة، وهي النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه من المرأة للحاجة، كما يجوز نظر الخاطب إلى ما لا يجوز النظر إليه من أجل مصلحة النكاح، وكما في هذه المسالة التي سأل عنها الأخ، فإنه يجوز للطبيب أن يكشف عن المرأة ليعرف المرض ويشخص أعراضه.
الجواب: لا يجوز للمسلم أن يدع الطب من أجل هذه المسائل؛ لأن هذه المسائل لا بأس بها، وإذا كانت لا بأس بها فإنه لا يجوز للمرء أن يدعها من أجل تخيلات يتخيلها ويظن أنها حرام، ولا شك أن تعلم الطب من فروض الكفايات كما قاله أهل العلم؛ لأن هذا لا تقوم مصالح الناس إلا به، وما لا تقوم مصالح المسلمين العامة إلا به كان من فروض الكفايات وإن لم يكن أصله من العبادات، ولهذا قال العلماء في قواعدهم المقررة العامة: أن المصالح العامة التي يحتاج الناس إليها تكون فرض كفاية كالصناعة والنجارة والحدادة وغيرها، فإذا لم يقم بها أحد كافٍ صارت فرض كفاية على المسلمين، فعليه نقول: يجب على أبناء المسلمين في بلاد الإسلام أن يتعلموا مهنة الطب وأن يمارسوها حتى يستغنى بهم عن غيرهم من الكفار من النصارى أو غيرهم.
مداخلة: ولو دعا ذلك إلى ما يتحرجون إليه من كشف عورات المسلمين؟
الشيخ: نعم ولو دعا الأمر أن يكشف لهم ما يتحرج منه من هذه العورات.
مداخلة: لأن الأخ في معرض رسالته الطويلة جداً يقول: إن بعض الطلاب تركوا مهنة الطب لأنهم يتحرجون من كشف عورات المسلمين، وقد نصحهم هو وبعض الزملاء ولكن بعضهم لم يستجب لنصائح الزملاء.
الشيخ: نحن لا نرى ذلك، نرى أنه ما دام الأمر في نطاق الحل الشرعي فإنه لا ينبغي للمسلم أن يتحرج منه.
الجواب: منع الحمل على نوعين:
إحداهما: أن يكون الغرض منه تحديد النسل، بمعنى: أن الإنسان لا يتجاوز أولاده من ذكور أو إناث هذا القدر فهذا لا يجوز؛ لأن الأمر بيد الله عز وجل، ولا يدري هذا المحدد لنسله فلعل من عنده من الأولاد يموتون فيبقى ليس له أولاد.
والنوع الثاني: منع الحمل لتنظيم النسل، بمعنى: أن تكون المرأة كثيرة الإنجاب وتتضرر في بدنها أو في شئون بيتها، وتحب أن تقلل من هذا الحمل لمدة معينة، مثل أن تنظم حملها في كل سنتين مرة، فهذا لا بأس به بإذن الزوج؛ لأن هذا يشبه العزل الذي كان الصحابة رضي الله عنهم يفعلونه ولم ينه عنه الله ولا رسوله.
وموضوع تحديد النسل أو تنظيمه للخوف من ضيق الرزق لا شك أنه سوء ظن بالله عز وجل، وأنه يشبه من بعض الوجوه ما كان يفعله أهل الجاهلية من قتل أولادهم خشية الفقر، وهذا لا يجوز؛ لأن فيه هذين المحظورين، وهما: سوء الظن بالله سبحانه وتعالى، والثاني: مشابهة عمل الجاهلية من بعض الوجوه.
والواجب على المسلم أن يؤمن بأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، وأن الله تعالى إذا رزقه أولاداً فسيفتح له أبواباً من الرزق حتى يقوم بشئون هؤلاء الأولاد ورزقهم، ثم إن بعض الناس قد يقول: أنا لا أحدد النسل أو لا أنظمه من خوف ضيق الرزق، ولكن من خوف العجز عن تأديبهم وتوجيههم، وهذا أيضاً خطأ، فإن تأديبهم وتوجيههم كرزقهم الكل بيد الله عز وجل، وكما أنك تعتمد على الله عز وجل في رزق أولادك كذلك أيضاً يجب أن تعتمد على الله سبحانه وتعالى في أدب أولادك وهدايتهم، فإن الله تعالى هو الهادي سبحانه وبحمده مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي [الأعراف:178]، وعلى هذا فالذي ينظم نسله أو يحدده خوفاً من غوايتهم وعدم القدرة على تأديبهم هو أيضاً مسيء للظن بربه تبارك وتعالى، وإلا فالله سبحانه وتعالى بيده الأمور، والذي ينبغي للإنسان ألا يفعل شيئاً مما يقلل الأولاد إلا إذا دعت الحاجة لذلك أو الضرورة.
ثم ينبغي أن يعلم المستمعون أن كثرة الأمة وكثرة النسل من نعم الله عز وجل، ولهذا شعيب عليه الصلاة والسلام ذكّر قومه بهذه النعمة، فقال: وَاذْكُرُواْ إِذْ كُنتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ [الأعراف:86] وكذلك منّ الله بها على بني إسرائيل، حيث قال: وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيراً [الإسراء:6] فكثرة الأمة لا شك أنه سبب لعزتها وقيامها بنفسها واكتفائها بما لديها عن غيرها، وربما لكثرتها تكون سبباً لفتح مصادر كثيرة من الرزق كما أشرنا إليه أولاً، بأنه ما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها، ونحن نعلم أن بعض الدول غزت دولاً أكبر منها وأشد منها قوة بسبب كثرة أفرادها؛ لأنهم صاروا يفتحون المعامل والمصانع وينتجون إنتاجاً بالغاً، لهذا يجب على الأمة الإسلامية أن تعرف أن محاولة تحديد النسل أو تنظيمه إنما هو من كيد أعدائنا بنا، وهو مخالف لما يرمي إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولِما يوده من تكثير هذه الأمة وتحقيق مباهاته صلى الله عليه وسلم بها الأنبياء.
الجواب: لا بأس به عند الحاجة، لكننا نزيد شرطاً ثانياً وهو: أن نأمن من هؤلاء بحيث نثق بأمانتهم، والكافر قد يؤمن في مثل هذه الأمور، فإذا أمنا جانبه ودعت الحاجة لذلك فلا بأس به، كما أن المسلم أيضاً ينبغي أن نزيد هذا القيد فيه، فكم من مسلم لا يؤتمن على فروج المسلمات وما يستتر منهن.
الجواب: إذا ثبت أن الرضاع المذكور رضاع محرِم وهو خمس رضعات فأكثر قبل الفطام فإنه لا يجوز لأبناء العم الذين رضعوا من أمهات هؤلاء البنات أن يتزوجوا بهن، وأما من لم يرضع من بني العم من أمهات هذه البنات فإنه يجوز لهم أن يتزوجوا هذه البنات إلا من رضعت من أمهن، أو من لبن أبيهم من زوجة أخرى.
الجواب: أما الدليل النقلي على أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يصلي في نعليه فإنه ثبت في الصحيحين من حديث أنس رضي الله عنه سئل: ( أكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي في نعليه؟ قال: نعم ) وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة بالنعلين مخالفة لليهود، وكان يأمر بالاحتفاء أحياناً، فعلى هذا نقول: إذا كان الإنسان عليه نعلان فإنه لا يسن خلعهما من أجل الصلاة ولا يسن لبسهما من أجل الصلاة أيضاً، وإنما إذا كانت النعال عليه صلى بهما بدون خلع، وإذا لم تكن عليه لم يتقصد أن يصلي بهما، كما يقال كذلك في المسح على الخفين، إذا كان عليه خفان فلا ينبغي نزعهما لغسل رجله، وإذا لم يكن عليه فلا ينبغي لبسهما من أجل أن يمسحهما، ولكن إذا كان الإنسان يخشى من ضرر على المسجد في هذه المسألة فإنه لا بأس أن يدع ذلك وأن يخلع نعليه فإن كثيراً من الناس إذا رأوا من يقتدى به يصلي بنعليه صلوا بنعالهم من غير مراعاةِ لما ينبغي، والذي ينبغي أن الإنسان إذا أراد دخول المسجد ينظر في نعليه، فإن رأى فيهما أذى أو قذراً مسحه بالتراب حتى يزول، وبذلك تطهر النعلان، ولكن أكثر الناس اليوم لا يراعون هذا الشرط ولا يتأدبون بهذا الأدب، ولهذا تجدهم يدخلون المساجد من غير أن ينظروا في نعالهم ولا في خفافهم -أي: الكنادر وشبهها- وإنما يدخلون هكذا بما في نعالهم وكنادرهم من الأذى والقذر، حتى إنك أحياناً تجد في نفس المسجد قطعاً من أرواث البهائم، وهذا لا شك أنه خلاف المشروع وخلاف الأدب، فإذا خاف الإنسان أن يقع الناس في هذا الأمر وتركه خوفاً من ذلك -أي: ترك الصلاة في النعلين خوفاً من هذه المفسدة- فنرجو أن لا يكون به بأس إن شاء الله.
مداخلة: ثم أيضاً خلاف فرش المساجد عما كانت عليه سالفاً تتأثر بأي شيء من التراب حتى لو مثلاً حاول تنظيف نعله بالتراب فإن هذا التراب سيؤدي إلى وساخة فرش المسجد.
الشيخ: على كل حال هذا أمره هين إذا تأدب الإنسان بالأدب الشرعي ونظف خفيه ونعليه من الأذى هذا أمره سهل؛ لأن غالب المساجد لها فراشون دائماً يلاحظونها بالكنس.
الجواب: نعم، يجوز لهن بشرط أن يخرجن على الوجه الشرعي غير متطيبات ولا متبرجات بزينة، وأن يكن في مكان منفرد عن الرجال أو بعيداً عنهم، بحيث لا يختلطن بالرجال، وكذلك أيضاً يبادرن بالقيام بعد سلام الإمام حتى يخرجن قبل الرجال وقبل مزاحمتهم، فإذا صلين مع الإمام الجمعة صحت لهن وسقطت عنهن فريضة الظهر.
الجواب: هذا سؤال مهم الحقيقة وينبغي للسامعين أن يتفطنوا لما سنقول إن شاء الله: سجود السهو إذا كان عن زيادة في الصلاة فإنه بعد السلام سواء كانت الزيادة قولية أو فعلية، مثال الزيادة القولية: إذا سلم الإنسان من صلاته قبل تمامها ثم ذكر فأتم الصلاة، فإنه هنا يسجد للسهو بعد السلام؛ لأنه زاد زيادة قولية وهو السلام في أثنائها، فكان السجود بعد السلام، ودليل ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه حينما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر ركعتين وسلم ثم ذكر فأتم صلاته وسلم ثم سجد سجدتين بعد السلام وسلم، وكذلك لو زاد ركعة في صلاته فصلى الفجر ثلاثاً أو المغرب أربعاً أو الصلاة الرباعية خمساً فإنه يسجد بعد السلام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه صلاة الظهر خمساً، لما سلم قيل له: ( أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمساً، فثنى رجليه صلى الله عليه وسلم واستقبل القبلة وسجد سجدتين وسلم ) فهذا أيضاً من الزيادة الفعلية ويكون السجود فيها بعد السلام، وقد علمت دليلهما، دليل الزيادة القولية والفعلية.
أما تعليل ذلك من الوجهة النظرية فإن التعليل هو ألا يكون في الصلاة زيادتان، وهي الزيادة الفعلية والقولية التي وقعت سهواً وسجدتا السهو، فلهذا كان من الحكمة أن تكون السجدتان بعد السلام؛ لئلا يجتمع فيها زيادتان، وبهذا عرفنا القاعدة أنه إذا زاد الإنسان في صلاته زيادة قولية تبطل بها الصلاة كالسلام مثلاً سهواً أو زيادة فعلية تبطل بها الصلاة أيضاً وجب عليه سجود السهو ويكون محله بعد السلام؛ وذلك للدليل الأثري والتعليل النظري.
أما إذا كانت السجدتان بسبب نقص في الصلاة فإنه يكون محلهما قبل السلام، مثل أن ينسى الإنسان التشهد الأول فيقوم، فإنه إذا نسي التشهد الأول وهو التشهد الأوسط كما يقول العامة، ثم قام فلا يرجع إليه بل يتم صلاته ويسجد قبل أن يسلم؛ لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قام من اثنتين في صلاة الظهر أو العصر ثم إنه عليه الصلاة والسلام سجد سجدتين قبل أن يسلم، وكذلك لو نسي أن يقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، أو نسي أن يقول: سبحان ربي الأعلى في السجود، أو نسي أن يكبر في الانتقالات فإنه في هذه الحال يكون السجود قبل السلام؛ لأنه عن نقص في الصلاة، دليله ما أشرنا إليه من ترك النبي صلى الله عليه وسلم التشهد الأول وسجوده قبل السلام، أما تعليله فلأن الصلاة لما كان فيها هذا النقص كان من المناسب أن يسجد للسهو قبل أن يسلم منه حتى يوجد الجابر قبل انتهائها؛ لأن هذا السجود يجبر النقص، فكون الجابر قبل أن يسلم إذا نقص منها أولى من كونه بعد أن يسلم.
وهناك أيضاً في مسألة الشك: إذا شك الرجل هل صلى ثلاثاً أم أربعاً في الرباعية مثلاً؟ فإن كان الشك متساوي الطرفين لا يرجح لا الثلاث ولا الأربع جعلها ثلاثاً، يعني: بنى على الأقل وأتم عليه وسجد للسهو قبل أن يسلم، أما إذا كان الشك ترجح عنده أنها ثلاث أو أنها أربع فليتم عليه، أي: على ما ترجح عنده ولكنه يسجد للسهو بعد السلام.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر