إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. سلمان العودة
  5. شرح بلوغ المرام
  6. شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الحيض - حديث 149-150

شرح بلوغ المرام - كتاب الطهارة - باب الحيض - حديث 149-150للشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الحيض لغة: السيلان، وشرعاً: دم جبلة يخرج من فرج المرأة في أوقات معلومة، وهو شيء كتبه الله على بنات آدم، وأحكام الحيض كثيرة جداً تزيد على عشرين حكماً، وكلها واضحة وسهلة، إنما المشكلة تكمن في الاستحاضة، وهو دم علة وفساد يخرج من فرج المرأة، فيلتبس عليها الحيض من الاستحاضة وتفادياً لهذا اللبس اعتبر الشارع علامات لمعرفة الحيض من غيره وهي: تميز الدم، والعادة، والرد إلى غالب عادة النساء.

    1.   

    مقدمة بين يدي الكلام عن الحيض وما يتعلق به

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    نبتدئ إن شاء الله تعالى بكتاب الحيض.

    الحديث الأول: هو حديث عائشة رضي الله عنها في قصة فاطمة بنت أبي حبيش .

    والحديث الثاني: هو حديث أسماء في قصة فاطمة بنت أبي حبيش أيضاً.

    هذان الحديثان هما حصة هذه الليلة، وهما أول حديثين في باب الحيض؛ ولذلك لابد من الوقوف عند الحيض وتعريفه وما يتعلق به، فأقول:

    تعريف الحيض لغةً وشرعاً

    الحيض: مأخوذ من مادة الحاء والياء والضاد.

    يقول ابن فارس في معجمه : يُقال: حاضت السمرة، إذ خرج منها ماء أحمر؛ ولذلك سميت النفساء حائضاً؛ تشبيهاً لها بتلك السمرة.

    ويقول العرب: حاض السيل إذ فاض، ومنه سمي الحوض؛ لأن الماء يحيض إليه، أي: يسيل إليه ويجري إليه.

    وللحيض أسماء كثيرة عند العرب تزيد على العشرة، كما ذكر ابن خالويه يقال: حاضت المرأة، ونفِست، ونفُست، وعركت، وأعصرت، ودرست، وأقرأت، وضحكت، وصامت، وكادت، وأكبرت، وطمثت.

    هذه بعض أسماء الحيض عند العرب.

    وأما تعريف الحيض شرعاً فهو كما ذكر الفقهاء: دم طبيعة وجبلّة ترخيه الرحم عند بلوغ الأنثى ثم يعتادها بعد ذلك. هذا هو الحيض.

    الحيض كتبه الله على بنات آدم

    وهو أمر كتبه الله تعالى على بنات آدم، كما في حديث عائشة في الصحيحين في حجتها، لما حاضت فرآها النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، فقال لها: ( إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم )، وقد ذكر بعض أهل العلم في أول ما كتب الحيض على النساء: ما رواه ابن المنذر والحاكم .. وغيرهما بسند صحيح، كما يقول الحافظ ابن حجر، عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أن آدم لما أكل من الشجرة فعاتبه الله تعالى على ذلك. قال: يا رب حواء زينتها لي، فقال الله عز وجل: إني قد أعقبتها ألا تحمل إلا كرهاً، ولا تضع إلا كرهاً، وأدميتها في كل شهر مرتين)، وهذا الأثر كما تلاحظون عن ابن عباس رضي الله عنه، وهو يتعلق بقصص قديمة، فيحتمل أن يكون من روايات بني إسرائيل، والله تعالى أعلم.

    ولكن يؤكد حديث عائشة : ( إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم )، أن الحيض موجود في الأنثى منذ أول، ولم يكن أمراً حادثاً في زمن بني إسرائيل أو غيرهم، كما يظنه أو يقوله البعض، ومع أن الحيض أمر كتبه الله على بنات آدم، فإن العرب كانت تعتقد أن بعض الحيوانات تحيض، فـالجاحظ مثلاً في كتاب الحيوان يقول: يحيض من الحيوان أربع وذكر: المرأة، والضبع، والأرنب، والخفاش.

    بل إن منهم من كان أكثر جوداً وكرماً من الجاحظ، فعدَّ من يحيض ثمانياً، كما في البيت المنظوم المعروف عند طلاب العلم، يقول الناظم فيه:

    إن اللواتي يحضن الكل قد جمعت في ضمن بيت فكن ممن لهن يعي

    امرأة ناقة مع أرنب وزغ وكلبة فرس خفاش مع ضبع

    فهذه ثمان، وهذا ما كان يعتقده العرب أو بعضهم في الحيوانات أنها تحيض، ولكن العلم الحديث علماء الأحياء والحيوان، ينكرون ذلك، ويقولون: إن هذه الحيوانات كلها لا تحيض، وما الدم الذي يراه الناس من بعضها، الذي يسبب تهيجها بعد الجماع، فيخرج من رحمها شيء يسير من الدم، يظنه من يلاحظها حيضاً، وما هو بحيض، وذلك عكس الأنثى من بني آدم، فإنه ينزل منها البويضة المعروفة التي تخرج أو تنزل من المرأة في طهرها، وليس في حيضها، وهي لا علاقة لها بالجماع من قريب ولا من بعيد، كما هو معروف، هذا فيما يتعلق بالإناث من بنات آدم.

    وأما العلم الحديث أيضاً فيقول: إن هناك حيوانات تحيض، وهي ما يسمونها بالثدييات العليا، كالقرد، والشمبانزي كما يسمونه، والغوريلا .. ونحوها.

    المهم: أن قوله عليه الصلاة والسلام: ( إن أمر كتبه الله على بنات آدم )، لا ينفي أن يكون الحيض موجوداً في غير بنات آدم من الحيوانات، سواء من إناث القردة ..أو من غيرها.

    فائدة الحيض والحكمة منه

    وللحيض فائدة عظيمة وحكمة بالغة؛ وذلك أن الأنثى إذا حملت، تحول الحيض بإذن الله تعالى إلى غذاء لهذا الجنين في رحم أمه، حيث يقيض الله تعالى له هذا الغذاء، الذي يتغذى به؛ ولذلك لا تحيض الحامل، عند بعض العلماء لا تحيض مطلقاً، وعند بعضهم يقل ويندر حيضها؛ ولذلك قال الإمام أحمد : إنما يعرف الحمل بانقطاع الحيض، وعلمياً وطبياً يقول الأطباء: إن الحيض مستبعد للحامل، خاصة بعد مُضي الأشهر الثلاثة الأولى؛ لكنه ممكن أن يقع ولو نادراً أو قليلاً، فإذا وضعت المرأة حملها، تحول هذا الحيض بإذن الله تعالى إلى لبن سائغ في فم الصبي، يرضعه من ثدي أمه؛ ولذلك قلما تحيض المرضع أيضاً، خاصة في أيام وشهور رضاعها الأولى، وإن كان هذا يقع، وهو أكثر بكثير من حيض الحامل، فإذا لم يكن ثم حمل ولا إرضاع، فإن هذا الدم ينتهي إلى مستقر، ثم يخرج من الأنثى في أيام محددة حوالي ستة أيام أو سبعة غالباً، وقد تقل أو تكثر، يعني: تزيد أو تنقص بحسب ما ركب الله سبحانه وتعالى في طباع النساء، كما هو معروف؛ ولذلك للعلماء أقوال في أقل الحيض وأكثره معروفة، ما بين دفعة واحدة، ويوم وثلاثة أيام.. إلى غير ذلك، وكذلك فيما يتعلق بأكثر الحيض.

    المهم: أن هذا الدم -دم الحيض- له حكمة بالغة ظاهرة معروفة.

    ذكر بعض الأحكام المتعلقة بالحيض إجمالاً

    وأحكام الحيض كثيرة جداً، تزيد على عشرين حكماً:

    منها: أن الحائض لا تجوز منها الصلاة ..ولا الصيام ..ولا الطواف بالبيت ..ولا المكوث في المسجد ..ويحرم جماعها وطلاقها.

    ومنها: أن الحيض يعرف به البلوغ، والبلوغ تترتب عليه أحكام كثيرة، كما هو معروف.

    ومنها: أن الحيض تحتسب به العدة في الطلاق ..ونحوه، كما في قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228].

    ومنها: أن الحائض يجب عليها الاغتسال عقبه ..إلى غير ذلك من الأحكام، وهي كثيرة، منها المجمع عليه ومنها المختلف فيه.

    أسباب اضطراب الدورة عند المرأة الحائض

    والحاجة إلى معرفة أحكام الحيض، وما يعد حيضاً وما لا يعد مُلِحة؛ لما يوجد من فرق بين الحائض والطاهرة، وفي هذا العصر، بل وفي كل عصر يوجد اضطراب عند الناس في مسألة الحيض، وأحكامه، وتميزه، ويوجد اضطراب عند النساء أيضاً في حيضهن وطهرهن، وقد ذكر الأطباء: أن سبب الاضطراب في دورة المرأة يعود إلى أسباب عديدة:

    منها: الحالة النفسية التي تكون عليها المرأة، فإن الاضطرابات النفسية، التي تنزل بالمرأة تسبب اضطراباً في حيضها، وهذا موجود؛ ولذلك كثير من النساء إذا نزلت بهن أزمات أو مشاكل نفسيه أو أُسرية، وكذلك بعد الزواج، يقع لها شيء من الاضطراب في العادة.

    ومنها: حالتها الصحية العامة، فإن الصحة العامة في الجسم تؤثر في الحيض.

    ومنها: الحالة الخاصة لجهاز المرأة التناسلي، وسلامته من الأمراض، أو إصابته، فهي تؤثر أيضاً في اضطراب العادة وعدم اضطرابها.

    وهذا الاضطراب أيضاً في الحيض عند المرأة يحدث آثاراً:

    منها: أن يكون سبباً في العقم أحياناً.

    ومنها: أنه قد يكون سبباً في إسقاط وإجهاض الجنين إذا حملت.

    ولذلك فإن كثرة تعاطي النساء لما يُسمى بحبوب منع الحمل، أو منع العادة، لها آثار سيئة على هذا الأمر، وعلى صحة المرأة في كثير من الأحيان.

    1.   

    شرح حديث عائشة في قصة استحاضة فاطمة بنت أبي حبيش

    بعد هذه المقدمة المتعلقة بالباب عموماً: أنتقل إلى الحديث الأول:

    عن عائشة رضي الله عنها: ( أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت تستحاض، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: إن دم الحيض دم أسود يعرف، فإذا كان ذلك فأمسكي عن الصلاة، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ).

    تخريج الحديث

    الحديث كما يقول المصنف: رواه أبو داود والنسائي، وصححه ابن حبان والحاكم، واستنكره أبو حاتم فـأبو داود رحمه الله روى الحديث في موضوعين من السنن:

    أحدهما: باب من قال: تتوضأ لكل صلاة، والآخر: باب من قال تجلس إذا أقبلت الحيضة.

    وإسناد أبي داود هكذا:

    قال أبو داود رحمه الله: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد يعني: ابن أبي عدي عن محمد بن عمرو عن ابن شهاب الزهري : عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها.

    وعلى حسب ما يقضي هذا الإسناد: من هو صحابي الحديث؟ فاطمة بنت أبي حبيش، وعقب ما ذكر أبو داود هذا الإسناد، قال: قال محمد بن المثنى حدثنا به ابن أبي عدي من كتابه هكذا -يعني: كما سبق-، ثم حدثنا به بعد من حفظه: عن محمد بن عمرو عن الزهري عن عروة عن عائشة .

    وهكذا تجد في سنن الدارقطني : أنه ساق الحديث مرتين، مرة من كتابه عن فاطمة، ومرة من حفظه عن عائشة، وهذا يعتبر اضطراباً في الحديث؛ ولذلك أعله بعض العلماء بالاضطراب، بأنهم قالوا: إن الراوي مرة يقول عن عائشة، ومرة يقول: عن فاطمة .

    وهناك وجه ثالث أيضاً في الاضطراب في الحديث: وهو أن البيهقي في سننه، وابن المنذر في الأوسط : روياه عن محمد بن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة : ( أن فاطمة بنت أبي حبيش

    كانت تستحاض .. ).

    إذاً: قبل أن أنتقل إلى الترجيح أريد أن أنظر على كم وجه ورد هذا الحديث؟

    على ثلاثة أوجه:

    الوجه الأول: عن فاطمة، وأستطيع أن أسوق الإسناد حتى .... موضع الاضطراب: عن محمد بن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن فاطمة .. هذا الأول وهو من كتابه.

    الوجه الثاني: عن محمد بن أبي عدي، عن محمد بن عمرو، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة.

    الوجه الثالث: عن عروة : (أن فاطمة )، يعني: عن محمد بن أبي عدي عن محمد بن عمرو، عن ابن شهاب، عن عروة : ( أن فاطمة

    كانت تستحاض ..).

    إذاً: الوجه الثالث مرسل من مراسيل عروة، وهو يذكر قصة لم يشاهدها بطبيعة الحال؛ لأنه تابعي.

    كلام الأئمة في حديث فاطمة بنت أبي حبيش في الاستحاضة

    هذه الأوجه الثلاثة للحديث أوجدت نوعاً من الاضطراب؛ ولذلك قال الطحاوي في شرح معاني الآثار : إن الحديث مضطرب، وأعله بـمحمد بن المثنى، وأنه مرة يرويه عن عائشة، ومرة يرويه عن فاطمة، وكلام الطحاوي عليه تعقيب.

    أما التعقيب الأول: فهو أن الحمل في الاضطراب في الحديث ليس على محمد بن المثنى، وإنما الصواب أنه على محمد بن أبي عدي ؛ لأن محمد بن المثنى يقول: حدثنا محمد بن أبي عدي في الحديث على وجهين: مرة من كتابه كان يقرأ علينا، ويقول: عن ابن شهاب عن عروة عن فاطمة هذا من الكتاب، ومرة أخرى من حِفظه نسي، فبدل أن يقول: عن فاطمة قال: عن عائشة

    إذاً: الحمل ليس على ابن المثنى، وإنما على محمد بن أبي عدي، يعني: وقوع الاضطراب من ابن أبي عدي، وليس من ابن المثنى .

    والملاحظة الثانية على كلام الطحاوي رحمه الله: أن الترجيح ممكن في هذا الاضطراب، صحيح فيه اضطراب، لكن يمكن فيه الترجيح، وكيف يمكن الترجيح؟

    يمكن الترجيح بأن يقال: إن الوجه الأقوى هو حديث فاطمة ؛ لأنه ذكره من كتابه، أما حديث عائشة فإنه ذكره من حفظه فأخطأ فيه، فنرجح رواية الزهري عن عروة عن فاطمة ؛ ولذلك ذكر البيهقي بعدما ساق الحديث بروايته، ساقه بروايتين من طريق الإمام أحمد، ثم ذكر عقب روايته، قال: قال عبد الله يعني: ابن أحمد بن حنبل رحمهم الله أجمعين قال أبي: حدثنا به ابن أبي عدي عن عائشة، ثم تركه يعني: أن ابن أبي عدي حدث الإمام أحمد بالحديث عن عائشة، ثم تركه، وصار يرويه إما مرسلاً أو عن فاطمة ؛ ولذلك فإن الراجح في الرواية هو حديث فاطمة ؛ ولهذا يظهر أن الأحسن لو أن المصنف رحمه الله الحافظ ساق حديث فاطمة، لكان أجود، لكن لفظه لا يختلف، فالأمر متقارب.

    والحديث في إسناده محمد بن أبي عدي الذي وقع منه الاضطراب هو ثقة، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو صدوق، فالحديث إن شاء الله تعالى حسن، ولعل هذا الاضطراب الذي سقته لا يوهن الحديث أو يضعفه، فلعله يكون حسناً إن شاء الله تعالى.

    وعلى كل حال فقد روى الحديث أبو داود والدارقطني والحاكم والبيهقي وابن المنذر ..وغيرهم، وصححه جمع من أهل العلم، فممن صححه الحاكم، حيث قال: صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، كما في المستدرك، ووافقه الذهبي في تلخيصه؛ وكذلك صححه ابن حزم، والنووي، وقال الحافظ هاهنا: وصححه ابن حبان، وقد راجعت كتاب الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان فلم أجد فيه حديث فاطمة، إنما وجدت فيه حديث عائشة، فيصح أن ابن حبان صحح اللفظ عن عائشة، وليس عن فاطمة، أو يكون في موضع، ولكنني لم أهتدِ إليه. هذا فيما يتعلق بسند الحديث، وخلاصته: أن الحديث حسن، يعني: ممكن بعض طلاب العلم يقول: ما نفهم الأسماء والرجال والأسانيد والقيل والقال، نقول خذ النتيجة، خلاصة الكلام: أن الحديث -إن شاء الله- حسن.

    شواهد الحديث

    والحديث له شواهد منها: حديث عائشة رضي الله عنها، وهو عند الجماعة أصحاب الكتب الستة وأحمد في مسنده .. وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها: ( أن فاطمة بنت أبي حبيش

    كانت تستحاض
    )، وهو عن فاطمة نفسها، أقصد رواية قصة فاطمة عن عائشة : ( أن فاطمة بنت أبي حبيش

    كانت تستحاض، فقالت: يا رسول الله! إني أستحاض فلا أطهر، أفادع الصلاة؟ قال: لا، إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي
    )، والحديث جاء في الكتب الستة وغيرها من طرق مختلفة بألفاظ مختلفة.

    ترجمة فاطمة بنت أبي حبيش

    والحديث: فيه ذكر فاطمة بنت أبي حبيش وهي أسدية قرشية، كانت تحت عبد الله بن جحش، وهي مشهورة باستحاضتها.

    المستحاضات في عهد النبي صلى الله عليه وسلم

    والمستحاضات من النساء في عهده صلى الله عليه وسلم، حسب ما جاء في الروايات المختلفة عشرٌ: إحداهن: فاطمة بنت أبي حبيش، ولا مانع من أن يذكرنا بعض الإخوة من يعرف منهن، نعُد العشر اللاتي استحضن في عهده صلى الله عليه وسلم، ولا مانع أن واحداً منكم إن شاء الله في الدرس القادم ينظمها لنا في بيت، مثل ما نظموا اللاتي يحضن من الحيوانات، ينظم المستحاضات، حتى يسهل حفظها.

    فالآن أول مستحاضة عرفت هي فاطمة بنت أبي حبيش وحديثها عند الجماعة.

    وحمنة بنت جحش، وكانت تحت طلحة بن عبيد الله.

    وأسماء لكن ما هي بنت عميس، أسماء بنت مرثد، وحديثها عند ابن منده .

    وزينب بنت جحش أخت حمنة، وهي زوج النبي صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين زينب بنت جحش.

    وعائشة.

    يوجد الثالثة من بنات جحش أيضاً تستحاض وهي أم حبيبة بنت جحش، وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف ؛ ولذلك قال ابن عبد البر : إن ثلاثاً من بنات جحش استحضن : حمنة وزينب والثالثة أم حبيبة.

    السادسة: سهلة بنت سهيل وحديثها عند أبي داود .

    والسابعة: أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

    والثامنة: سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

    والتاسعة: أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم.

    والعاشرة: اسمها بادية بنت غيلان، وهذه بنت غيلان هي التي قال عنها هيت الرجل المخنث، الذي كان يدخل على نساء الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: عليك بـابنة غيلان، فإنها تدبر بكذا وتقبل بكذا ( فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بألا يدخل على نسائه )؛ لأنه صار يعرف أخبار النساء ومحاسنهن.

    فهذه بادية بنت غيلان كانت تستحاض، فهؤلاء عشر نسوة استحضن.

    معاني ألفاظ الحديث

    ثم في الحديث قول فاطمة رضي الله عنها: ( أنها كانت تستحاض ..).

    والاستحاضة يعرفها أهل العلم: بأنها خروج الدم من فرج المرأة في غير أوانه؛ بحيث لا ينقطع أو لا يكاد ينقطع.

    وفي الحديث قوله: (إن دم الحيض دم أسود يعرف) والرواية بفتح الراء (يعرَف) أي: تعرفه النساء، كما قال ابن رسلان في شرح سنن أبي داود، تعرف المرأة دم الحيض بلونه ونتنه ورائحته وثخونته وغلظه .. ونحو ذلك من العلامات التي تميز بها المرأة دم الحيض، وروي (يُعرِف) بكسر الراء (يُعرف)، وما معنى (يعرف)؟

    يعني: له رائحة، فالعرِف هي رائحة، فـ(يعرِف) يعني: له رائحة.

    والرواية الأولى أقوى وأشهر وأشمل؛ لأننا إذا قلنا: (يُعرَف) بفتح الراء، فالمعنى تعرفه المرأة، سواء بالرائحة، أو بغيرها من العلامات الأخرى كما أسلفت، هذا معنى قوله: (دم أسود يعرِف).

    العلامات المميزة لدم الحيض عن غيره

    ‏في الحديث: مسألة كيفية التمييز بين الحيض والاستحاضة. وهذا الحديث بين أنه يمكن التمييز بينهما بعلامات.

    ما هي العلامات التي يعرف بها الحيض من الاستحاضة في هذا الحديث؟

    التمييز بلون الدم أو صفته

    صفة الدم، وهذا ما يسميه الفقهاء بالتمييز، يعني: تمييز صفة الدم ولونه ورائحته وثخونته وغلظه؛ بحيث تعرف المرأة أن هذا دم حيض، وهذا دم استحاضة، وهذه إحدى العلامات التي يعرف بها الحيض من الاستحاضة.. أو من غيره.

    العادة: مدة الحيض وقدر أيامه

    وفي حديث عائشة في قصة فاطمة بنت أبي حبيش عند الجماعة، ذكر النبي صلى الله عليه وسلم علامات أخرى غير هذه العلامة، فما هي؟

    حديث عائشة سقته لكم قريباً، بل ومر معنا أيضاً في باب نواقض الوضوء، وفيه تحدثنا عن حكم من به حدث دائم وهو حديث: ( إنما ذلك عرق، وليست بالحيضة -ثم قال-: فإذا أقبلت حيضتك، فدعي الصلاة، فإذا أدبرت، فاغسلي عنك الدم )، وفي لفظ: ( فدعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها )، وفي لفظ أيضاً: ( امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك )، لاحظ الألفاظ هذه: (فدعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها)، واللفظ الآخر: (امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك).

    إذاً: هذا الحديث أعطانا علامة جديدة، نميز بها الحيض من الاستحاضة، وهي مدة الحيض يعني: العادة، فردها إلى قدر الأيام، وليس إلى نوع الدم، بل إلى قدر الأيام.

    الرد إلى عادة غالب النساء في الحيض

    وفي حديث حمنة بنت جحش ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم علامة ثالثة: وهي أنه صلى الله عليه وسلم قال لها: ( إنما هي ركضة من الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة )، والحديث سيأتي قريباً إن شاء الله.

    إذاً: كم من علامة ذكرها الرسول عليه الصلاة والسلام في الأحاديث؟

    ثلاث: إما التمييز، وإما العادة، وإما الرد إلى عادة غالب النساء، وهي ستة أيام، أو سبعة أيام.

    إما التمييز، يعني: بلون الدم أو صفته، وإما العادة يعني: قدر الأيام التي كانت تحيض فيها، وإما الرد إلى عادة غالب النساء، وعادة غالب النساء ستة أيام أو سبعة أيام، فما هو موقف أهل العلم من هذه السنن الثلاث؟

    الجمهور على العمل بهذه السنن الثلاث جميعاً، فيقول: إن كان لها عادة ترد إلى عادتها، وإن كان لها تمييز، يعني: تميز الدم بعضه عن بعض، ردت إلى التمييز، فإن لم يكن لها عادة ولا تمييز كالمبتدئة والناسية التي لا تمييز لها، فإنها ترد إلى عادة غالب النساء، يعني: ستة أيام، أو سبعة أيام فيعملون بهذه السنن الثلاث كلها.

    حالات اجتماع وتوافق العادة والتمييز والعكس

    لكن لو افترض: أنه وجد صفتان عند المرأة، يعني: لنفترض أن عندنا امرأة لها عادة ولها تمييز، فمثال ذلك: عندنا امرأة عادتها ستة أيام، ثم استحيضت، أثناء الاستحاضة لها تمييز، فالدم يتميز عن دم الحيض عن دم الاستحاضة، فما الحل ها هنا؟ هل تعمل بالعادة أو بالتمييز؟

    الحالة الأولى: اتفاق العادة مع التمييز

    أولاً: هناك احتمال أن تكون العادة موافقة للتمييز، أو أن يكون التمييز موافقاً للعادة، وهنا لا إشكال تعمل بهما معاً، فلو كانت عادتها سبعة أيام، وخلال الأيام السبعة التي جرت أنها عادة كان الدم دم حيض، فلما انتهت الأيام السبعة صار دم استحاضة، هل هناك إشكال؟ لا، هنا نور على نور؛ لأنه صار عندها علامتان تميز بهما الحيض عن الاستحاضة: العلامة الأولى: العادة. والعلامة الثانية: التمييز، فتعمل بهما معاً، أظن هذا المثال واضحاً.

    هذه الحالة الأولى.

    الحالة الثانية: اختلاف العادة مع التمييز

    الحالة الثانية: أن تختلف، بمعنى يكون تمييزها مختلفاً عن عادتها، فلو كانت عادتها ستة أيام تمييزها مختلف، زيادة أو نقصان فمثلاً: هي في الأيام الأربعة الأولى يتميز عندها دم الحيض، وبعد ذلك يختلف ويتغير لونه، أو بعد ثمانية أيام، فهل تعمل هنا بالعادة التي هي ستة أيام، أو تعمل بالتمييز الذي هو أربعة أيام أو ثمانية أيام، أيهما يقدم؟ هاهنا اختلاف، يعني: اختلاف داخل الاختلاف الكلي، الآن نحن لا زلنا داخل قول الجمهور، ما هو قول الجمهور؟ العمل بهذه العلامات الثلاث كلها: التمييز، والعادة، وعادة غالب النساء.

    نأخذ قول الجمهور: إذا التقى أو وجد في امرأة تمييز وعادة، فأيهما تقدم عند الاختلاف؟

    القول الأول: أنها تقدم العمل بالتمييز، وهذا مذهب الشافعي، وهو إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، ورجحه الخطابي في معالم السنن بوجه وهو: أن هذا الأمر يرجع إلى صفة الدم، فهو أولى من التمييز بأمر آخر خارج عن صفة الدم.

    القول الثاني: أنها تقدم العادة على التمييز، هذا القول يمكن أن ينسب إلى الأحناف، وإن كان في نسبته إلى الأحناف نظر، كما سيأتي وهو الرواية الأخرى عن الإمام أحمد، وهي أظهر الروايتين عنه، واختارها أكثر الأصحاب كما يقول ابن قدامة في المغني، وعليه الجمهور كما يقول الزركشي، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية .

    ويمكن أن يكون هو الراجح؛ وذلك لأن فاطمة بنت أبي حبيش في الواقع هي امرأة واحدة، وقصتها واحدة، والحديث مختلف، فأيهما نقدم؟ هل نقدم الحديث الذي ردها الرسول عليه الصلاة والسلام فيها إلى عادتها بالأيام، أو نقدم الحديث الذي ردها النبي صلى الله عليه وسلم فيه إلى التمييز؟ أيهما أولى بالتقديم من وجهة نظركم؟

    الآن حديث الباب: أليس عن فاطمة بنت أبي حبيش ؟ وفيه قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( دم الحيض دم أسود يعرف )، وكذلك الحديث الذي رواه الجماعة وفيه: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: دعي الصلاة قدر الأيام )، والقصة واحدة، والمرأة واحدة، وهي فاطمة بنت أبي حبيش فأي الحديثين أولى بالتقديم؟

    حديث: ردها إلى عادتها، فلماذا قدمناه؟

    لأنه أصح، واتفقوا على قبوله، فنقدم الحديث الذي فيه ردها إلى عادتها: ( دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها )، ويؤيده قوله عليه الصلاة والسلام لـأم حبيبة كما في مسلم : ( امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك )، فهذا أولى بالتقديم من الحديث الآخر: ( دم الحيض دم أسود يعرف ).

    فإذا تعذر الأمر الأول ولم يوجد لها عادة، لا مانع من الانتقال إلى الحديث الآخر، باعتباره حديثاً حسناً، فنقول: فالفصل بعدما لا يكون لها عادة إلى العمل بالتمييز.

    والقول الثاني في مسألة العلامات الثلاث التي يميز بها الحيض عن الاستحاضة، هو مذهب أبي حنيفة وهو العمل بالعادة لا بالتمييز، يعني: العمل بالعادة، وعدم العمل بالتمييز.

    والقول الثالث هو مذهب مالك في العمل بالتمييز وعدم العمل بالعادة.

    إذاً: ثلاثة أقوال، الجمهور على العمل بالعلامات الثلاث كلها.

    والأحناف: على العمل بالعادة فحسب.

    المالكية: على العمل بالتمييز فحسب، وإذا التقى تمييز وعادة، فإن المقدم هي العادة، ثم التمييز.

    حالات المستحاضة

    وبذلك نعرف أن المستحاضة لها ثلاث حالات من خلال الراجح:

    الحالة الأولى: أن تكون لها عادة، فترد إلى عادتها.

    الحالة الثانية: ألا تكون لها عادة، لكن لها تمييز، يعني: تمييز الدم بعضه عن بعض، تمييز دم الحيض عن دم الاستحاضة، فترد إلى تمييزها.

    الحالة الثالثة: ألا تكون لها عادة ولا تمييز، كالمبتدئة والناسية التي لا تمييز لها، فحينئذٍ ترد إلى غالب عادات النساء إلى ستة أيام، أو سبعة أيام، واختيار ستة أو سبعة ليست بالتشهي، إنما هو بالتحري, كأن تنظر إلى عادة النساء قريباتها ..وما شابه ذلك. هذا ما يتعلق بموضوع المستحاضة.

    فوائد الحديث

    في حديث فاطمة أيضاً فوائد أخرى:

    منها: أن دم الحيض أسود يعرف؛ ولذلك ذهب بعض أهل العلم، إلى أن ما كان دماً أسود، واضحاً معروفاً، فهو دم حيض، وما سواه فليس بحيض، سواء كان متصلاً بالحيض، أو منفصلاً عنه؛ وذلك كالصفرة والكدرة .. وغيرها، وهذا مذهب ابن حزم .

    ابن حزم مذهبه واضح، يقول لك: دم الحيض دم أسود يعرف، وما عداه فليس بحيض.

    أما الصفرة والكدرة، سواء كانت متصلة بالحيض قبله، أو بعده، أو منفصلة عنه، فليست عنده بحيض, يقف عند ظاهر اللفظ هذا: ( دم الحيض دم أسود يعرف ) .

    وأما الجمهور: فإنهم ذهبوا إلى أن الصفرة والكدرة إذا كانت متصلة بالحيض، فهي حيض، وحكمها حكمه، وأما إذا كانت بعد الطهر، فليست بحيض، ويستدلون بحديث أم عطية : ( كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً )، وسيأتي حديث أم عطية، ولعل الموضوع يزاد بسطاً عن حديث أم عطية رضي الله عنها.

    في حديث فاطمة بنت أبي حبيش أيضاً: فائدة أخرى: وهي أن المرأة تعرف دم الحيض وتميزه؛ ولذلك فإن على المرأة إذا كانت من شأنها التمييز، يعني: إذا كان حكمها التمييز، عليها أن تجتهد في تمييز دم الحيض، عن دم الاستحاضة بقدر وسعها، و لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] فما غلب على ظنها أنه دم حيض، عدته حيضاً، وما غلب على ظنها أنه دم استحاضة، عدته استحاضة، وإن كان يحتمل ما عدته دم حيض أن يكون استحاضة، وما عدته استحاضة أن يكون حيضاً.

    1.   

    تلخيص ابن تيمية لأقسام الدماء المتعلقة بالنساء

    ولذلك يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى : إن الدماء لا تخرج عن خمسة أقسام من حيث أحكامها:

    القسم الأول: دم مقطوع بأنه حيض، وهو الذي يخرج من المرأة غير المستحاضة في وقت عادتها.

    القسم الثاني: دم مقطوع بأنه دم استحاضة، وهو الذي يخرج من المرأة الصغيرة التي لا تحيض، يعني: لا يتصور منها حيض، فهذا دم استحاضة.

    القسم الثالث: دم محتمل للأمرين: يعني: يحتمل أن يكون حيضاً، ويحتمل أن يكون استحاضة؛ لكن الأظهر أنه دم حيض، وهو ما يخرج من المعتادة والمميزة من المستحاضة في وقت عادتها وتميزها، فهذا يعد حيضاً، وإن كان اعتباره استحاضة محتملاً.

    القسم الرابع: ما يعد استحاضة، يعني: ما هو محتمل للأمرين، ولكن الأظهر عده استحاضة، وهو ما لا يعد حيضاً من دماء المستحاضات المميزة والمعتادة.. وغيرهن. ما لا يعد حيضاً فهو استحاضة.

    القسم الخامس: دم مشكوك فيه، وهذا عده بعض فقهاء الشافعية والحنابلة، وزعموا أن هناك دماً مشكوكاً فيه.

    وقد أنكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية وقال: هذا باطل، ويستحيل أن يوجد أمر مشكوك في أصل الشرع، ورده من وجوه:

    الوجه الأول: أن الشرع ليس فيه شك، فالشك يمكن أن يوجد في نفس المجتهد، لا في نفس الحكم الشرعي، فكيف نقول للمرأة: صلي وصومي، ثم نقول: أعيدي الصوم، وأعيدي الصلاة؛ لأن هذا حكم المشكوك فيه، أن تصلي وتصوم، ثم تعيد ذلك، ويبعد أن تؤمر المرأة شرعاً بالصلاة والصيام، ثم تؤمر بالإعادة، فمن صلى بحسب استطاعته وبقدر وسعه، فلا إعادة عليه.

    الوجه الثاني: أن هذا فيه من العسر والتكليف الشيء الكثير على المرأة، وقد تكون مستحاضة طيلة عمرها، ورده بأوجه أخرى.

    المهم نعرف أن أبا محمد الدارمي صنف كتاباً فيمن يسمونها بالمتحيرة، وبعضهم يسميها: المحيرة، فهي متحيرة، وهي محيرة لغيرها من الفقهاء، لماذا؟

    لأنها ما استطاعت أن تميز، وليس لها عادة، يعني: مستحاضة ليس عندها تمييز في دمها، ولا لها عادة، فهذه سماها بعضهم: متحيرة، أو محيرة، وقد نعى الإمام الشوكاني في نيل الأوطار على الفقهاء كلامهم في المتحيرة، حتى إن أبا محمد الدارمي صنف فيها كتاباً مستقلاً، كما ذكرت لكم، جمع الإمام النووي مقاصد الكتاب، ونقله في كتاب المجموع، وهو كتاب فيه فوائد لا شك وعلم، لكن أصل القول بوجود المتحيرة فيه إشكال ونظر.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768239858