وإن شهادة الله تعالى والنبي صلى الله عليه وسلم والملائكة والكتب والأرض والخلق والجوارح على العبد يوم القيامة لمما يدعو إلى المبادرة بالأعمال الصالحات قبل حلول الآجال وبقاء الحسرات.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، شهادة عبده وابن عبده، وابن أمته، ومن لا غنى له طرفة عين عن رحمته.
وأشهد أن محمدًا عبد الله ورسوله، أرسله الله رحمة للعالمين، فشرح به الصدور، وأنار به العقول، وفتح به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلْفًا، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله -جلَّ وعلا- وأن نُقِّدم لأنفسنا أعمالاً تُبيض وجوهنا يوم نلقى الله: يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ [الشعراء:88-89] .. يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران:30] .. يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا [النحل:111] .. يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:2].
يوم يُبَعثر ما في القبور، ويُحَصَّل ما في الصدور؛ يوم يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً [النساء:42].. وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً [الفرقان:27-28] يوم الحاقة .. يوم الطَّامة .. يوم القارعة .. يوم الزلزلة .. يوم الصاخة يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ [عبس:34-37].
إذًا فلتسقط رقابة المخلوقين، ولتسقط رقابة الكائنات جميعها، وتبقى الرقابة الكاملة؛ والرقابة المطلقة، ألا وهي: رقابة الله -جلَّ وعلا-.
باري البرايا مُنشئ الخلائق مبدعهم بلا مثال سابق |
حيٌ وقيوم فلا ينام وجلَّ أن يشبههُ الأنام |
فإنه العلي في دنّوه وإنه القريب جلَّ في علوه |
إنه العلم الكامل المطلق، علم الله السميع العليم الخبير يَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ [النحل:19] ، يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19] يعلم ويسمع ويرى دبيب النملة السوداء على الصخرة السوداء، في الليلة الظلماء، لا إله إلا هو!
هو الذي يرى دبيب الذَّر في الظلمات فوق صمِّ الصَّخر |
وسامع للجهر والإخفات بسمعه الواسع للأصوات |
وعلمه بما بدا وما خفي أحاط علمًا بالجليِّ والخفي |
اغتنم صفوان ذلك الانفعال وذلك التأثر، وقال: عليَّ دَيْنُك، وعيالك عيالي لا يسعني شيء ويعجز عنهم، قال عمير : فاكتم شأني وشأنك -لا يعلم بذلك أحد- قال صفوان : أفعل.
فقام عمير وشحذ سيفه، وسمَّه، وانطلق به يغذ السير إلى المدينة ووصل إلى هناك، وعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في نفر من المسلمين، أناخ عمير على باب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشحًا سيفه، فقال عمر -وهو يعرفه-: عدو الله! والله ما جاء إلا لشر.
ودخل عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره بخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أدخله عليّ، فأخذ عمر بحمائل سيفه فلببه بها -جعلها له كالقلادة- ثم دخل به على النبي صلى الله عليه وسلم فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعمر : أرسله يا عمر ، ثم قال: ما جاء بك يا عمير ؟ وكان له ابن أسير عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: جئت لهذا الأسير فأحسنوا به.
قال صلى الله عليه وسلم: فما بال السيف في عنقك؟ قال: قبَّحها الله من سيوف! وهل أغنت عنا شيئًا؟
فقال صلى الله عليه وسلم وقد جاءه الوحي بما يضمره عمير -: اصدقني يا عمير ! ما الذي جاء بك؟ قال: ما جئت إلا لذاك. فقال صلى الله عليه وسلم: بل قعدت مع صفوان في الحجر في ليلة كذا، وقلت له كذا، وقال لك كذا، وتعهد لك بدَينك وعيالك، والله حائل بيني وبينك.
قال عمير : أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، هذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان، والله إني لأعلم أنه ما أتاك به الآن إلا الله، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق، والحمد لله الذي هداني للإسلام.
جاء ليقتل النور، ويطفئ النور، فرجع وهو شعلة نور، اقتبسه من صاحب النور صلى الله عليه وسلم.
عباد الله! سمعتم المؤامرة تحاك تحت جدار الكعبة في ظلمة الليل لا يعلم بها أحد حتى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا يعلم الغيب، حُبكت المؤامرة سرًا، من الذي أعلنها؟ من الذي سمعهما وهما يخططان، ويدبران، ويمكران عند باب الكعبة؟ إنه الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء!
كم تآمر المتآمرون في ظلام الليل؟!
كم من عدو للإسلام جلس يٌخطط لضرب الإسلام وحده أو مع غيره سرًا؟! ويظن أنه يتصرف كما يشاء؛ متناسيًا أن الذي لا يخفى عليه شيء يسمع ما يقولون، ويبطل كيدهم فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين.
يا أيها المؤمن: إذا جُعلت الأصابع في الآذان، واستُغشيت الثياب، وزاد الإصرار والاستكبار، وكثر الطعن، وضاقت نفسك، فلا تأس ولا تحزن؛ إن الله يعلم ويسمع ما تقول، وما يقال لك: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير [الشورى:11] .. يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19].
يا أيها الشاب الذي وضع قدمه على أول طريق الهداية فسمع رجلاً يسخر منه، وآخر يهزأ به، وثالثًا يقاطعه؛ اثبت ولا تأس، واعلم علم يقين أنك بين يدي الله، يسمع ما تقول، ويسمع ما يُقال لك، وسيجزي كل امرئ بما فعل لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ [سبأ:3].
ما أنت -والله- إلا أحد رجلين؛ إن كنت ظننت أن الله لا يراك فقد كفرت، وإن كنت تعلم أنه يراك فكيف تجترئ عليه، وتجعله أهون الناظرين إليك يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ [النساء:108].
يدخل بعض الناس غابة ملتفة أشجارها لا تكاد ترى الشمس معها، ثم يقول: لو عملت المعصية -الآن- من يراني؟ فيسمع هاتفًا بصوت يملأ الغابة ويقول: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] بلى والله!
يا منتهكًا حرمات الله في الظلمات .. في الخلوات .. في الفلوات، بعيدًا عن أعين المخلوقات: أين الله؟!
هل سألت نفسك هذا السؤال:
في الصحيح من حديث ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {لأعلمن أقوامًا من أمتي يوم القيامة يأتون بحسنات أمثال جبال تهامة بيضاء ، يجعلها الله هباءً منثورًا، قال
إلى من يملأ عينه وأذنه ويضيع وقته، حتى في ثلث الليل الآخر، يملأ ذلك بمعاصي الله؛ أين الله؟!
فقد روى الثقات عن خير الملا بأنه عز وجل وعلا |
في ثلث الليل الأخير ينزل يقول هل من تائب فيُقْبِل |
هل من مسيء طالب للمغفرة يجد كريمًا قابلاً للمعذرة |
يمنُّ بالخيرات والفضائل ويستر العيب ويعطي السائل |
فنسأله من فضله.
إن الله لا يخفي عليه شيء، فهلا اتقيته يا عبد الله!
ويمر عمر مرة أخرى بامرأة أخرى تغيب عنها زوجها منذ شهور في الجهاد في سبيل الله -عز وجل- قد تغيبت في ظلمات ثلاث: في ظلمة الغربة والبعد عن زوجها، وفي ظلمة الليل، وفي ظلمة قعر بيتها، وإذا بها تنشد وتقول وتحكي مأساتها:
تطاول هذا الليل وازورَّ جانبه وأرَّقني ألا حبيب ألاعبه |
فو الله لولا الله لا رب غيره لحُرِّك من هذا السرير جوانبه |
من الذي راقبته في ظلام الليل، وفي بُعْد عن زوجها، وفي هدأة العيون؛ والله ما راقبت إلا الذي لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء. أنْعِم بها من مراقبة، وأنْعِم بها من امرأة!
وأعرابية أخرى يراودها رجل على نفسها -كما أورد ابن رجب - ثم قال لها: لا يرانا أحد إلا الكواكب. فقالت: وأين مكوكبها يا رجل؟! حالها: أين الله يا رجل؟ أتستخفي من الناس ولا تستخفي من الله وهو معك، إذ تبيت ما لا يرضى من القول!
جلس تحت شجرة وقال: يا مبارك ! ائتني بقطف من عنب، فجاءه بقطف، فإذا هو حامض، فقال: ائتني بقطف آخر إن هذا حامض، فأتاه بآخر فإذا هو حامض، فقال: ائتني بآخر إن هذا حامض، فجاءه بالثالث فإذا هو حامض، وكاد أن يستولي عليه الغضب، وقال: يا مبارك ! أطلب منك قطف عنب قد نضج، وتأتيني بقطف لم ينضج، ألا تعرف حلوه من حامضه؟ قال: والله! ما أرسلتني لآكله، وإنما أرسلتني لأحفظه، وأقوم على خدمته، والذي لا إله إلا هو! ما ذقت منه عنبة واحدة، والذي لا إله إلا هو! ما راقبتك ولا راقبت أحدًا من الكائنات، ولكني راقبت الذي لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السَّماء.
فأعجب به، وأُعْجِب بورعه، وقال: الآن أستشيرك -والمؤمنون نصحة، والمنافقون غششة، والمستشار مؤتمن- تقدم لابنتي فلان وفلان من أصحاب الثراء والمال والجاه، فمن ترى أن أزوج هذه البنت؟
فقال مبارك : لقد كان أهل الجاهلية يزوجون للأصل والحسب والنسب، واليهود يزوجون للمال، والنصارى للجمال، وعلى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يزوجون للدين والخلق، وعلى عهدنا هذا للمال والجاه، والمرء مع من أحب، ومن تشبَّه بقوم فهو منهم.
أي نصيحة وأي مشورة! نظر وقدَّر وفكَّر، وتملى ونظر فما وجد خيرًا من مبارك ، قال: أنت حرُ لوجه الله، فأعتقه أولاً، ثم قال: لقد قلبت النظر، ورأيت أنك خير من يتزوج بهذه البنت، قال: اعرض عليها، فذهب فعرض على البنت، وقال لها: إني قلبت ونظرت وحصل كذا وكذا، ورأيت أن تتزوجي بـمبارك ، قالت: أترضاه لي؟ قال: نعم. قالت: فإني أرضاه مراقبة للذي لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء.
فكان الزواج المبارك من مبارك ، فما الثمرة وما النتيجة؟ حملت هذه المرأة وولدت طفلاً أسمياه عبد الله ، لعل الكل يعرف هذا الرجل، إنه عبد الله بن المبارك المحدث الزاهد العابد الذي ما من إنسان قلَّب صفحة من كتب التاريخ إلا ووجده حيًا بسيرته وذِكْره الطيب، إن ذلك ثمرة مراقبة الله -عز وجل- في كل شيء.
فيا أيها المؤمن: إن عين الله تلاحقك أينما ذهبت، وفي أي مكان حللت؛ في ظلام الليل .. وراء الجدران .. وراء الحيطان .. في الخلوات .. في الفلوات، ولو كنت في داخل صخور صم. هل علمت ذلك واستشعرت ذلك فاتقيت الله ظاهرًا وباطنًا، فكان ظاهرك خيرًا من باطنك، بل باطنك خيرًا من ظاهرك؟
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل عليّ رقيب |
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفيه عنه يغيب |
عباد الله: اتقوا الله فيما تقولون، واتقوا الله فيما تفعلون وتذرون، واتقوا الله في جوارحكم، واتقوا الله في مطعمكم ومشربكم، فلا تدخلوا أجوافكم إلا حلالاً؛ فإن أجوافكم تصبر على الجوع، لكنها لا تصبر على النار، اتقوا الله في ألسنتكم، واتقوا الله في بيوتكم، وأبنائكم، وخَدَمِكم، وأنفسكم، وليلكم ونهاركم، واتقوا الله حيثما كنتم: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة:281].
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
أما بعد:
ويقول جلَّ وعلا: إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:17-18]. فالملائكة أيضًا ستشهد.
وأما الذين أجرموا وكفروا ونافقوا فما بكت عليهم السماء والأرض وما كانوا منظرين.
لطالما تفكه الإنسان بين هؤلاء الخلق بالوقوع في أعراض المسلمين، وبذكر ما ستره الله عليه؛ وما علم أن الخلق يشهدون.
في الصحيح : {أن جنازةً مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في نفر من أصحابه، فيثني عليها الناس خيرًا، فيقول صلى الله عليه وسلم: وجبت. وتمر أخرى فيثني عليها الناس سوءًا، فيقول صلى الله عليه وسلم: وجبت. فيتساءل الصحابة، فيقول صلى الله عليه وسلم: أثنيتم على الأولى بخير فوجبت لها الجنة، وعلى الثانية بسوء فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في أرضه، أنتم شهداء الله في أرضه}.
أيا من يدَّعي الفهم إلى كم يا أخا الوهم |
تعبي الذنب بالذنب وتخطئ الخطأ الجم |
أما بان لك العيب أما أنذرك الشيب |
وما في نصحه ريب ولا سمعك قد صم |
أما نادى بك الموت أما أسمعك الصوت |
أما تخشى من الفوت فتحطاط وتهتم |
فكم تسدر في السهو وتختال من الزهو |
وتنصب إلى اللهو كأن الموت ما عم |
وحتى ما تجافيك وإبطاؤك لافيك |
طباع جمعت فيك عيوب شملها انضم |
أتسعى في هوى النفس وتحتال على الفلس |
وتنسى ظلمة الرَّمس ولا تذكر ما تم |
ستذري الدم لا الدمع إذا عاينت لا جمع |
يقي في عرصة الجمع ولا خال ولا عم |
كأني بك تنحط إلى اللحد وتنغط |
وقد أسلمك الرهط إلى أضيق من سم |
هناك الجسم ممدود ليستأكله الدود |
إلى أن ينخر العود ويمسي العظم قد رم |
فبادر أيها الغمر لما يحلو به المر |
فقد كاد يهي العمر وما أقلعت عن ذم |
وزود نفسك الخير ودع ما يعقب الضير |
وهيئ مركب السير وخفف لجَّة اليمَّ |
اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
اللهم يا من لا تراه العيون، ولا تخالطه الظنون!
يا من دبَّر الدهور، وقدَّر الأمور، وعلم هواجس الصدور!
يا من عليه يتوكل المتوكلون! أَقِلْ العثرة، واغفر الزلة، وجُدْ بحلمك على من لم يرجُ غيرك ولا قصد سواك.
اللهم هب لنا فرجًا قريبًا، وصبرًا جميلاً، وكن لنا ولا تكن علينا، وامكر لنا ولا تمكر بنا، وتولَّ أمرنا، لا إله إلا أنت. أنت حسبنا.
اللهم لا تجعل بيننا وبينك في رزقنا أحدًا سواك، اللهم اجعلنا أغنى خلقك بك، وأفقر عبادك إليك ،وهب لنا غنىً لا يطغينا، وصحةً لا تلهينا، واغننا اللهم عمن أغنيته عنا.
اللهم أصلح من في صلاحه صلاح للإسلام والمسلمين، وأهلك من في هلاكه صلاح للإسلام والمسلمين. اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره، يا حي يا قيوم، يا قوى يا عزيز.
اللهم خلقت أنفسنا وأنت تتوفاها، فزكها أنت خير من زكَّاها، أنت وليها ومولاها، لك مماتها ومحياها.
اللهم إنا عبيدك، بنو عبيدك، بنو إمائك، في حاجة إلى رحمتك، وأنت غني عن عذابنا، اللهم فجازنا بالإحسان إحسانًا، وبالإساءة عفوًا وغفرانًا، اللهم آنس وحشتنا في القبور، وآمن فزعنا يوم البعث والنشور، واغفر لنا ولجميع موتى المسلمين يا أرحم الراحمين.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر