أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي والجامع للشريعة الإسلامية كاملة، عقائد، وآداباً، وأخلاقاً، وعبادات، وأحكاماً، ولم يخرج عن المذاهب الأربعة قط، وكل ما فيه دليله قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم، والكتاب ترجم إلى اللغة الفرنسية وإلى الإنجليزية، ويترجم إلى لغات؛ لأنه جامع للمسلمين، ففقد انتهت المذهبية وأنا كذا وهذا كذا، بل أنا مسلم وأنت مسلم، فعلمني ما قال ربي، وأخبرني بما قال رسول ربي صلى الله عليه وسلم؛ حتى نعبد الله على ما شرع، فلا فرق بيننا أبداً، وعندما يسألني السائل ويقول: أنا حنفي أقول له: لا يا بني! قل: أنا مسلم، وآخر يقول: أنا شافعي، فأقول له: لا، قل: أنا مسلم، فلم يكن على عهد رسول الله فرق ولا طوائف أبداً، بل أمة الإسلام أمة واحدة: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:92]، ودليلنا قال الله في كتابه، قال رسوله صلى الله عليه وسلم في بيانه وحكمه وكلامه، وقد انتهى بنا الدرس إلى [ المادة السادسة: في الحجر والتفليس ] وهو مكتوب كأنه دستور.
[ أولاً: الحجر ] فهو الحجر وليس الحجارة.
إذاً: حكم الحجر أنه مشروع بالكتاب والسنة.
فقوله تعالى: وَابْتَلُوا الْيَتَامَى [النساء:6] أي: امتحنوهم واختبروهم، حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ [النساء:6] يعني: بلغوا الحلم، فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ [النساء:6]. وإلا فلا حتى يرشدوا.
فإذا أراد المجنون أن يبيع لك فلا تأخذ منه، أو يشتري منك فلا تعطيه، أو يتصدق لا تأخذ منه؛ لأن هذا مال الورثة، لا يحق له أن يتصرف فيه؛ لأنه محجور عليه، والحجر يكون من طريق القاضي، والورثة هم الذين يشتكون ويرفعون القضية للمحكمة.
الجواب: سائل كريم يقول: والدي خرافي ضال يعبد القبور.. يذبح للأولياء.. يزورهم .. ينذر لهم، وهذا ما عرف لا إله إلا الله، وما عرف معنى (لا يعبد إلا الله). قال: نصحته.. بينت له وهو يسخر مني ويستهزئ بي ولا يستجيب لي فكيف أتعامل معه؟ الجواب: أن تبقى على نصحك له حتى يموت، ولو كان في مملكة إسلامية .. بلد إسلامي كهذه فتنقله إلى القاضي؛ ليؤدبه، لكن ما دام في بلد لا يطبق فيه شرع الله فلن يستجيب فيه لك أحد، فما عليك إلا أن تبقى تنصح له، فكلما واجهته تقول له: أبي! هذا شرك، هذا باطل، لا ترم بنفسك في جهنم، وهكذا، وإذا سبك أو شتمك أو حتى لطمك فاصبر، وابق هكذا حتى يتوفاك الله أو يتوفاه، وإن توفاه الله لا بأس أن ترث ماله؛ لأنك ولده، فأنت مع إخوانك ترثونه ولا حرج.
الجواب: يجوز، ولا حرج، ولا يعتبر هذا عقوقاً، بل يعتبر هذا تعليماً وهداية.
الجواب: لا، لا تطعه في هذا أبداً، ولا تأته بحرام.
الجواب: ما عندنا ما نقول في ذلك إلا أن نقرأ الفاتحة إذا لم نقرأها، وإذا كبر تكبيرة الإحرام وقبل أن يقرأ الفاتحة هناك الذكر الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، لكن بعد قراءة الفاتحة ( ولا الضالين آمين) ما في دعاء، وإنما نقول: آمين فقط لما يقول: (ولا الضالين)، والإمام ليس من حقه أن يسكت سكتة طويلة، فليس هنا مكان للسكوت أبداً، بل يقرأ بسم الله والسورة أو الآيات، لكن إن سكت فليس عندنا ما نقول، وإذا دعوت الله فادعه بما ترى ولا حرج.
مداخلة: هل له أن يقرأ الفاتحة في هذه السكتة يا شيخ؟!
الشيخ: نعم، إذا لم يقرأ الفاتحة في أول مرة فالسكتة هذه يغتنمها ويقرأ الفاتحة ولا حرج.
الجواب: والله ما هو بصالح، ولا بعبد مؤمن صادق، بل هو دجال كذاب، يتظاهر بالعبادة وهو يكذب.
الجواب: القطب والغوث والوتد لا يخلو منهم زمان، بل لا بد وأن يكون في كل زمان رجال صالحون يعبدون الله ويدعون إليه. نعم. لكن ليس معنى هذا أن نبحث عنهم ونعبدهم، ونركع لهم ونسجد وندفنهم ونعبد قبورهم، فالعباد الصالحون يوجدون في كل زمان ومكان. والحمد لله.
الجواب: والله إن القبض هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة الأنبياء والمرسلين، وهذا مالك في موطئه ذلكم الكتاب الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله يقول: ( إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى: إذا لم تستح فاصنع ما شئت، ووضع اليمين على اليسار فوق الصدر في الصلاة ). فالسدل بدعة منكرة، وأنا أستحي من مؤمن يسمع هذا الكلام ويسدل، ويقول: أنا مالكي، فهو كاذب في هذا، وحاشاه أن يكون مالكياً، أو يقول: أنا أباضي، والأباضي لم يقل: لا تقبض، بل قل: أنا رافضي، لا أريد أن أكون مع الجماعة، وأريد الاعتزال والاستقلال، وهذا مذهب مادي والعياذ بالله، ونحن نريد أن نجتمع، وأن تكون كلمتنا واحدة.
الجواب: هذا في المغرب الإسلامي موجود، فهم يقرءون بصوت واحد، وهذه بدعة، أي: ما فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، ولا فعلها أئمة الإسلام. والشافعي رحمة الله عليه أجاز أن يجتمع مجموعة على أن يقرأ هذا ويسكت، ويقرأ هذا ويسكت، ويقرأ هذا ويسكت حتى يحفظوا الآيات، وليس بصوت واحد كالأغاني، بل هذه بدعة.
الجواب: في الصلاة .. في الأذان .. في الإقامة لا يجوز أن تخالف رسول الله وتنقض ما قال، فقد علمهم السلام بقوله: ( قولوا: السلام عليك أيها النبي! ورحمة الله وبركاته، فقالوا: علمتنا السلام فعلمنا كيف نصلي عليك يا رسول الله! في الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد ). ولم يقل: لا سيدنا محمد ولا إبراهيم، فيجب أن تقولها كما علمها رسول الله، وإن أردت أن تنتكس فرد على الرسول، وهذا عيب وحرام عليك.
وأما الأذان فقد أذن بلال والرسول يسمع وأقره، ولم يكن يقول: أشهد أن سيدنا محمداً رسول الله، والله ما قالها، ولا قالها مؤمن ولا صحابي، وما عدا الأذان والصلاة فصل كما شئت على سيدنا وسيد الخلق أجمعين. نعم.
الجواب: يعيد، فإذا خرج من المسجد وعاد إليه يحيي المسجد أيضاً. نعم.
الجواب: هناك أدعية واردة، مثل أن تضع يدك على المريض وتقول: ( أذهب البأس رب الناس! واشف أنت الشافي! لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً ). وأحياناً تقول: ( بسم الله، بسم الله، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك، أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفيك). (أعيذك بعزة الله وقدرته من شر ما تجد وتحاذر). وهكذا أدعية كثيرة، فأيما دعاء دعوت به فلك ذلك، وإن لم ينفعه هذا الدعاء فاللهم اشف أخينا هذا، اللهم اكشف ضره وهكذا. نعم.
الجواب: نعم ولا حرج، إذا اعتمر هو عن نفسه أولاً، فيعتمر عن والدته وله الأجر، ولها أجر العمرة أيضاً.
الجواب: مثلاً: اشتريت بضاعة من الصين الكيلو بريال، ثم جئت بها المدينة ووجدت الكيلو يباع بعشرين ريالاً فبع بعشرين ريالاً، وقد ربحت تسعة عشرة ريالاً، وإذا أتيت ببضاعة أو صنعتها أو دخلت بها البلد وهي تباع بريال فلا يجوز أن تبيعها أنت بريالين ولا بريال ونصف، لا يجوز أبداً، وإذا بعت بأقل من الريال أو أقل من ربع ريال فلا بأس، هذا القدر الذي ينبغي أن نعلمه، فإذا وجدت البضاعة تباع بعشرة فلا تبيعها أنت لجاهل أو امرأة بخمسة عشر، فهذا حرام لا يجوز؛ لأنها هي تباع بعشرة عندهم، فلا تغش وتبيع بخمسة عشر، بل تبيع بأحد عشر أو باثني عشر لا بأس، وهكذا، فإذا جئت بها بمائة ووجدتها تباع بمليون فخذ المليون ولا حرج. نعم.
الجواب: إذا كان قد بلغ الحلم عليه كفارة صيام شهرين، وإن لم يبلغ الحلم ما كتب عليه شيء، فقد ( رفع القلم عن ثلاثة ). ومن بينهم الصبي حتى يبلغ.
الجواب: لا يجوز لك أن تعطي السيارة لولدك الذي لم يبلغ سن الرشد ولم يرشد، ولو بلغ سن الرشد وما رشد لا يجوز، وقد قرأنا هذا، فلو بلغ العشرين أو الثلاثين وليس عنده رشد لا يعطى، فلا نعط الأولاد قبل بلوغهم سيارة يقودونها، والله لا يجوز، وإذا دهس أو صدم شخصاً فأنت المسئول يوم القيامة والعياذ بالله، فلا نعطه إلا إذا بلغ الثامنة عشرة واختبر ونجح، وأصبح أهلاً وعلمت أنه ذو رشد أيضاً، فحينئذ تعطيه السيارة، وأما قبل ذلك فلا يجوز.
الجواب: التوبة بابها مفتوح سواء كنت كافراً أو مؤمناً، فإذا تبت يتوب الله عليك، فأكثر من الدعاء والاستغفار والتصدق والنوافل حتى يمحو الله ما عملت وما سبق لك.
الجواب: لا شيء عليك.
الجواب: يجوز إذا تابت وتبت أنت، وإذا كانت زانية ما تابت لا يجوز، وإذا أنت ما زلت زان لا يجوز، فلا يجوز إلا إذا تبتما وصحت توبتكما فلا بأس أن تتزوجا.
الجواب: لا يجوز فعلك هذا، ويكفيك أنك دعوتهم وبينت لهم الحق وطريق الحق فإن لم يستجيبوا فشأنهم، أما أنك تقتله فلا يجوز، بل حتى التمريض ما يجوز أن تمرضه، فهذا من الجهل.
الجواب: نبات الشعر يدل على البلوغ بالإجماع، فلا ينبت الشعر حول الفرج إلا مع البلوغ، فعليك بقضاء هذين اليومين.
الجواب: كل هذا والله ليس من الإسلام في شيء، وأهله كفرة فجرة، وليسوا من دين الله في شيء أبداً، وقد حاربوا الإسلام وأهله، ويا ويلهم إن ماتوا قبل أن يتوب الله عليهم. اللهم تب علينا وعليهم.
الجواب: وارد هذا، فالرسول كلم ربه في المنام، والإمام أحمد يروى عنه ذلك، يعني: مناماً وليس يقظة، فجائز أن ترى ربك في المنام ولا حرج. نعم.
الجواب: إذا كان ما استعمل شيئاً وما دام ما أحرم وبدل النية فلا حرج كما بينا أمس، لكن إذا دخل مكة متمتعاً فلا يغير، لكنه إذا كان قبل الميقات كان ينوي أن يتمتع ثم بعد ذلك بدا له أن يفرد الحج فله ذلك ولا حرج.
الجواب: هذا التوحيد واجب، وهو فريضة الله على عباده المؤمنين، لا يجوز لمؤمن ولا مؤمنة أن يجهله. وتوحيد الربوبية: أن تعتقد أنه لا خالق ولا رازق ولا معطي ولا مانع ولا ضار ولا نافع إلا الله، فلا يحيي ولا يميت ولا يعطي ولا يمنع إلا الله، فهو الملك الحق المالك لكل شيء، لا مالك سواه، هذا توحيد الربوبية، فلا يوجد معه آخر يعطي ويمنع أو يضر وينفع. وهذا غالب الناس عليه، إلا إذا جهلوا.
أما توحيد الألوهية فهو توحيد العبادة، فلا يحل أن تعبد مع الله غيره، لا نبياً ولا ملكاً ولا ولياً ولا كائناً من كان، فلا يُعبد إلا الله، فمن عبد مع الله غيره فقد أشرك، وأصبح مشركاً من أهل الخلود في جهنم.
فتوحيد الألوهية يمنعك أن تدعو ملكاً يا سيدي فلان! أو يا مولاي فلان! كأنك تنادي الله، فهذا خاص بالله عز وجل.
إذاً: توحيد الألوهية أن تعبد الله بما شرع، ولا تشرك أحداً معه في عبادته، فأقول: بسم الله، ولا أقول: بسم الله وسيدي فلان، ولو قلتها فقد أشركت، فإذا أردت أن تشرب فقل: بسم الله، فإذا قلت: بسم الله وسيدي فلان فقد ساويت بينه وبين الله، ولو قلت بعد الطعام: الحمد لله ولفلان فقد أشركت، ولو قلت: الله أكبر وفلان فقد أشركت مع الله، فتوحيد الألوهية أن نعبد الله وحده ولا نشرك غيره في عبادته.
والعبادة هي: الذكر .. الدعاء .. الاستغفار .. الصلاة .. الصيام .. الرباط، هذه عبادات لا نعبد بها إلا الله.
وأما الأسماء والصفات فأسماء الله وصفاته ليست كأسماء العباد وصفاتهم، فالله عليم حكيم، ولكن علمه ليس كعلمي، وحكمته ليست كحكمتي، فالله له يدان ليست كيدي البشر، والله يسمع ليس كسماع البشر، فصفاته خاصة به، وهو منزه أن يتصف بها غيره من ملك وغيره.
والذي ينادي غير الله كأن يقول: يا سيدي فلان! يا فلان! يا رسول الله! يا فاطمة ! يا عائشة ! يا مولاي! والله لقد أشرك هذا المخلوق مع الله، فبدلاً أن ينادي الله حتى يسمعه ويدعوه ويعطيه ينادي ميتاً أو غائباً، وهذا هو الشرك والعياذ بالله، شرك الألوهية، وصاحبه لن يفلح إلا إذا مات على لا إله إلا الله.
وقد كفر الكفار اليهود والنصارى في الألوهية، وأما الربوبية فلم يكونوا يكفرون بها، كما كان العرب مشركون كافرون، ومع ذلك وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [الزخرف:87]. فلم يكونوا يشركون بالربوبية، لكن يشركون في العبادة، لكن العلمانيين والملاحدة والشيوعيين هؤلاء لا يؤمنون بالربوبية ولا بالألوهية، فهم كفار والعياذ بالله.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر