كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة، فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من العمل أشد إضاعة.
وهي أول ما أوجبه الله من العبادات، والصلوات الخمس تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج.
وهي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقت فراق الدنيا، جعل يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) .
وهي أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، وآخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهبت ذهب الدين كله.
وهي عمود الدين فمتى ذهبت سقط الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) .
وقد قال الله في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره: إضاعتها تأخيرها عن وقتها، ولو تركوها كانوا كفاراً.
وقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238] والمحافظة عليها: فعلها في أوقاتها.
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5]، وهم الذين يؤخرونها حتى يخرج الوقت ].
هذا فيه بيان عظم شأن الصلاة وأنها عماد الدين، يقول المؤلف رحمه الله: عماد الدين الذي لا يقوم إلا به هو الصلوات الخمس المكتوبات؛ لأن الصلوات الخمس هي أفرض الفرائض وأوجب الواجبات بعد توحيد الله عز وجل، وهي صلة العبد بربه، فإذا ترك الصلاة قطع الصلة بينه وبين الله، فكيف يرجو الإنسان المدد من الله ويرجو رحمته وفضله وجوده وبره، وقد قطع الصلة بينه وبين ربه؟!
وكيف يقر له قرار ويهنأ بعيش؟! ويهنأ بأكل وشرب ويتمتع بالحياة وقد قطع الصلة بينه وبين الله؟! فتارك الصلاة مقطوع الصلة بالله، فصلته بالله مبتورة.
فالصلوات الخمس المكتوبات -أي: المفروضات- هي عماد الدين، ولا يقوم الدين إلا بها، فمن ترك الصلاة فلا دين له، ولهذا قال المؤلف رحمه الله: ويجب على المسلمين من الاعتناء بها ما لا يجب من الاعتناء بغيرها.
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكتب إلى عماله: إن أهم أمركم عندي الصلاة فمن حفظها وحافظ عليها حفظ دينه، ومن ضيعها كان لما سواها من عمله أشد إضاعة.
والصلوات الخمس هي أول ما أوجب الله من العبادات، فقد شرعت في مكة ليلة المعراج بخلاف بقية شرائع الإسلام، فالزكاة والصوم والحج والأذان والحدود كلها فرضت في المدينة، لكن الصلاة لعظم شأنها فرضت في مكة، وفرضت فوق السبع الطباق، لما تجاوزها نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأيضاً: فرضت بدون واسطة بخلاف بقية شرائع الإسلام فإنها تكون بواسطة جبرائيل، فيوحي الله إلى جبرائيل فينزل بالوحي على محمد صلى الله عليه وسلم.
أما الصلاة فإن الله كلم نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم من دون واسطة ليلة المعراج فوق السبع الطباق، ولهذا قال المؤلف: وهي أول ما أوجبه الله من العبادات، والصلوات الخمس تولى الله إيجابها بمخاطبة رسوله ليلة المعراج، يعني: من دون واسطة.
وهي آخر ما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم أمته وقت فراق الدنيا، جعل يقول: (الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم) يعني: الزموا الصلاة واعتنوا بها، وبالأرقاء الذين هم ملك الأيمان وهم العبيد والإماء، فالنبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالعناية بهم، وعدم إيذائهم وظلمهم.
والصلاة أول ما يحاسب عليه العبد من عمله، وآخر ما يفقد من الدين، فإذا ذهبت ذهب الدين كله، ونحو هذا روي عن الإمام أحمد أنه قال: الصلاة آخر ما يفقد من الدين وكل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء.
وهي عمود الدين فمتى ذهبت سقط الدين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة)، يعني: الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم رأسه الإسلام، وهو: الاستسلام لله تعالى بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك والبراءة منه وأهله .
وعموده الصلاة، وقد قال الله في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا [مريم:59] وهذا وعيد شديد، قال العلماء: معنى أضاعوا الصلاة: أخروها عن وقتها ومعنى: غياً: هو شدة العذاب والهلاك، وقيل: واد في جهنم.
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره: إضاعتها: تأخيرها عن وقتها ولو تركوها كانوا كفاراً.
فهذا يدل على أن ابن مسعود رضي الله عنه يرى أن ترك الصلاة كفر.
وقال تعالى: حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى [البقرة:238]، والمحافظة عليها فعلها في أوقاتها.
وقال تعالى: فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ [الماعون:4-5] وهم الذين يؤخرونها حتى يخرج الوقت؛ فإذا كان الذي يؤخر الصلاة متوعد بالويل وهو شدة العذاب، فكيف يكون حال تارك الصلاة؟ فقد دلت النصوص على أنه كافر، قال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة) رواه الإمام مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه.
وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). رواه الإمام أحمد وأهل السنن.
والبينية تفصل بين الشيء وغيره، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة حداً فاصلاً بين الإسلام وبين الكفر.
وقال عليه الصلاة والسلام: (من ترك صلاة العصر حبط عمله) . رواه البخاري في صحيحه.
والذي يحبط عمله هو الكافر، فالنصوص الكثيرة والواضحة تدل على كفر تارك الصلاة، وقد نقل إجماع الصحابة على كفر تارك الصلاة عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل، قال: كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يرون شيئاً تركه كفر غير الصلاة.
يجوز عند الحاجة أن يجمع المسلم بين صلاتي النهار وهما الظهران أي: الظهر والعصر في وقت إحداهما، فيجمعهما جمع تقديم، فيصلي الظهر مع العصر في وقت الظهر، أو يجمعهما جمع تأخير فيصلي الظهر مع العصر في وقت العصر، وكذلك يجمع بين صلاتي الليل وهما العشاءان، أي: المغرب والعشاء في وقت إحداهما، فيصلي المغرب والعشاء في وقت المغرب، وهذا جمع تقديم، أو يؤخر المغرب إلى وقت العشاء فيصليهما معاً، وهذا جمع تأخير، وذلك لمثل المسافر والمريض.
وعند اشتداد المطر إذا تأذى منه الناس في البلد فيجوز الجمع بين المغرب والعشاء جمع تقديم دفعاً للمشقة، ونحو ذلك من الأعذار كالخوف.
المسلم يصلي بحسب طاقته، فيصلي قائماً، فإن عجز صلى قاعداً، فإن عجز صلى على جنبه لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران بن حصين : (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) . يعني: على جنبه الأيمن. زاد النسائي : (فإن لم تستطع فمستلقياً) بأن يستلقي ورجلاه إلى القبلة، وهذا من فضل الله تعالى وإحسانه، فالعاجز عن الوقوف يصلي قاعداً، والعاجز عن القعود يصلي على جنبه، والعاجز على صلاة الجنب يصلي مستلقياً.
وكذلك يجب على الإنسان أن يتوضأ، فإذا عجز عن استعمال الماء أو لم يجده انتقل إلى التيمم بالتراب فينوي ويسمي الله فيقول: باسم الله، ويضرب بيديه الأرض ضربة واحدة مفرجتي الأصابع فيسمح بهما وجهه، ثم يضرب بيديه الأرض مرة أخرى وجهه ويمسح يديه ظاهرهما وباطنهما إلى الكفين كما في حديث عمار ، ولا يؤخرها عن وقتها باتفاق العلماء.
وبعض الناس إذا كان مريضاً في المستشفى لا يصلي، فإذا قلت له: يا فلان لماذا لم تصل؟ قال: يا أخي، إن ثيابي نجسة وفيها دماء ولا أستطيع، لكن إن شاء الله إذا خرجت من المستشفى تطهرت وصليت، فهذا غلط كبير يجب على الزائرين أن ينبهوا المرضى، فالصلاة لا تؤخر عن وقتها، فيجب عليه أن يصلي على حسب حاله، فإن كان لا يستطيع أن يتوضأ بنفسه يوضئه شخص آخر، وإن كان لا يستطيع الاستنجاء بالماء يستجمر بالمناديل أو الورق الخشنة ثم يتوضأ، فإن عجز يتيمم بالتراب للحدث الأكبر أو الأصغر، فإن عجز عن ذلك ييممه من حوله، فينوي ويضرب بيديه التراب ويمسح بهما وجهه ويديه، ويصلي الصلاة في وقتها ولا يعيد.
كذلك أيضاً يصلي على السرير، فإذا كان يستطيع التوجه إلى القبلة يتوجه، وإذا لم يستطع فيصلي على حسب حاله، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمران : (صل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب).
ولا يؤخر الصلاة عن وقتها بحجة أنه إذا خرج من المستشفى فإنه سيصلي، فقد يموت ويترك الصلاة. فهذا الأمر ينبغي لطلبة العلم أن ينبهوا المرضى عليه، أنه يجب على المريض أن يصلي على حسب حاله إذا كان العقل معه، وما عجز عنه يسقط، أما إذا فقد العقل ارتفع التكليف، إلا إذا كان في غيبوبة مثلاً لمدة يوم أو يومين أو ثلاثة أيام أو أكثر، فإنه يقضي الصلاة في هذه المدة، أما إذا طالت الغيبوبة وفقدان الشعور لمدة أسبوع أو أسبوعين فيعتبر كالمجنون وكالنائم والمغمى عليه مدة طويلة فيسقط عنه التكليف فلا يجب عليه القضاء.
وإذا كان الإنسان محبوساً في أرض نجسة؛ وليس عنده ماء ولا تراب أو كان مصلوباً على خشبة، أو كان زمناً بأن مرض مرضاً فلا يستطيع الحركة، فإنه يصلي على حسب حاله، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، أما من فقد الماء والتراب فيسمى فاقد الطهورين، فينوي ويصلي ولا يعيد الصلاة، والدليل على ذلك ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الغزوات، ومعه زوجته عائشة فسقط منها عقد كانت تتجمل به، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم جماعة يبحثون عنه وحان وقت الصلاة وليس معهم ماء ولم يشرع التيمم، فصلوا بغير ماء ولا تراب، ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بإعادتها.
فدل ذلك على أن الإنسان إذا كان ما عنده ماء ولا تراب فصلى بدون أحدهما فصلاته صحيحة، لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16].
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على وجوه متعددة، فإذا كان العدو جهة القبلة كان النبي يصفهم صفين، وكبر وكبروا جميعاً، ثم ركع وركعوا جميعاً، ثم رفع ورفعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، وبقي الصف الثاني يحرسهم من خلفهم، ثم قام إلى الركعة الثانية وتقدم الصف المؤخر، وتأخر الصف المقدم، ثم ركع وركعوا جميعاً، ثم رفع ورفعوا جميعاً، ثم سجد وسجد الصف الذي يليه، الذي كان هو الصف المؤخر، ثم لما انتهى من الركعة الثانية قامت كل طائفة وأتت بركعة فسلم بهم جميعاً.
وصلى بكل طائفة ركعتين ركعتين.
وإذا كان العدو في غير جهة القبلة صلى بهم إلى غير القبلة، ولها وجوه متعددة، قال الإمام أحمد: ثبتت صلاة الخوف عن النبي صلى الله عليه وسلم ستة أوجه أو سبعة أوجه، وكلها جائزة والله تعالى بينها في كتابه قال: وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ [النساء:101] والضرب في الأرض هو السفر.
ثم قال تعالى: فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا * وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ [النساء:101-102] أي: إذا كانوا خائفين فيصلون ومعهم السلاح، إذا كان فيهم من يشق عليه حمله أو كان مريضاً فيضعه مع أخذ الحذر، ثم قال تعالى: فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103].
قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم على تركها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) .
والرجل البالغ إذا امتنع من صلاة واحدة من الصلوات الخمس، أو ترك بعض فرائضها المتفق عليها؛ فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل.
فمن العلماء من يقول: يكون مرتداً كافراً لا يصلى عليه ولا يدفن بين المسلمين.
ومنهم من يقول: يكون كقاطع الطريق وقاتل النفس والزاني المحصن ].
يجب على القادر أن يأمر بالصلاة ولا سيما في بيته، فيأمر الرجال والنساء حتى الصبيان، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مروهم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر) .
فإذا بلغ الصبي سبع سنين فإنه يؤمر بالصلاة، حتى يبلغ عشراً، فإذا بلغ العشر فيؤمر بالصلاة، فإن رفض الصلاة أو تركها ضُرِبَ ضربَ تأديب لا ضرب تعذيب، فلا يجرح ولا يكسر العظم. فإذا بلغ وامتنع عن الصلاة فإنه يستتاب من قبل ولاة الأمور فإن تاب وإلا قتل.
إذاً: الصبي إذا بلغ سبع سنين فإنه يؤمر ولا يضرب إذا امتنع، فإذا بلغ عشر سنين فيؤمر فإن امتنع ضرب، فإذا بلغ خمس عشرة سنة أو نبت في عانته شعر خشن أو احتلم وامتنع عن الصلاة فيستتاب من قبل ولاة الأمور وإلا قتل.
فمن العلماء من يقول فيه: يكون مرتداً كافراً لا يصلى عليه، ولا يدفن بين المسلمين؛ لأنه يكون كافراً، وهذا هو الراجح أو الأصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) .
وقال بعض أهل العلم: يكون مسلماً لكن حكمه حكم مرتكب الكبيرة فيقتل، كقاطع الطريق وقاتل النفس، والزاني المحصن فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت، لكن هؤلاء يصلى عليهم؛ لأنهم مسلمون.
والصواب: أن ترك الصلاة كفر، وتاركها كافر ولو لم يجحد وجوبها، أما إذا جحد وجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين بغير خلاف، كأن يقول: الصلاة ليست واجبة، أما إذا كان يعتقد بقلبه ويقول بلسانه أن الصلاة واجبة، لكن تركها كسلاً وتهاوناً، فهذا هو محل الخلاف بين العلماء، والصواب أنه يقتل كفراً، وقال آخرون من أهل العلم: يقتل حداً.
وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختمها بها كما ذكره في سورة سَأَلَ سَائِلٌ [المعارج:1]، وفي أول سورة المؤمنين، قال تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:1-11] ].
هذا فيه بيان مكانة الصلاة وأهميتها، فإنها قوام الدين، يعني: لا يقوم الدين إلا بها، وهي عماد الدين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة) .
والشيء الذي هو قوام الدين وعماده هو أهم المهمات، فالصلاة أوجب الواجبات بعد توحيد الله عز وجل، والله تعالى عظمها في كتابه فوق جميع العبادات، ولها ميزة وخصوصية ليست لغيرها، فإنه سبحانه يخصها بالذكر تارة: وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ [العنكبوت:45]،
وتارة يقرنها بالزكاة: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43]، وتارة يقرنها بالصبر: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45]، وتارة يقرنها بالنسك وهو الذبح: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي [الأنعام:162].
وتارة يفتتح بها أعمال البر ويختمها بها لعظم شأنها، فالله تعالى يذكر أعمال البر ويبدؤها بالصلاة ويختمها بالصلاة لعظم شأنها، قال الله تعالى: إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا * إِلَّا الْمُصَلِّينَ [المعارج:19-22]، ثم ذكر أوصافهم وافتتحها بالصلاة فقال: الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ دَائِمُونَ [المعارج:29]، إلى أن قال الله تعالى: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المعارج:29-34]، فختم الله أعمال البر بالصلاة، ثم قال سبحانه: أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ [المعارج:35].
وقال في سورة المؤمنون: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1] والوصف الأول من أوصافهم الصلاة: الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون:2-9] ختمها بالصلاة، ثم قال: أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [المؤمنون:10-11].
الفردوس هو أعلى طبقات الجنة وأوسطها، ولا يكون وسط الشيء أعلاه إلا إذا كان مدوراً، فهذا يدل على أن الجنة مدورة ليست مربعة ولا مسدسة، فلو كانت مربعة أو مسدسة لم يكن وسطها أعلاها، فالجنة مدورة مثل القبة، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن)، وفي لفظ: (وسقفه عرش الرحمن).
إذاً: الفردوس أعلى الجنة وسقف الفردوس عرش الرحمن.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والحمد لله وحده، وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً ].
الحمد لله على التمام، وبهذا نكون قد انتهينا من الرسالة، ويكون هذا الدرس آخر الدروس.
الجواب: السلف الصالح هم أهل السنة والجماعة وهم الطائفة الناجية والمنصورة، وهم أهل الحق، وهم أهل الاستقامة، فكل هذه الأسماء تعود لمسمى واحد.
وسلف هذه الأمة هم الصحابة والتابعون، والأئمة والعلماء، فإذا قال الإنسان: أنا من السلف الصالح، أو من أهل السنة والجماعة فلا بأس؛ لأن السلف الصالح هم أهل السنة والجماعة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى)، فكل من لزم السنة فهو من أهل السنة والجماعة، ويقال: إنه من السلف؛ لأنه تابع للسلف الصالح، ولو كان متأخراً عنهم.
وأما قول بعض الناس: إن الفرقة الناجية غير الطائفة المنصورة فليس بصحيح، فالطائفة المنصورة هم الفرقة الناجية وهم أهل السنة والجماعة، وهم المذكورون في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة. قيل: من هي يا رسول؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)
وفي لفظ: (وهي الجماعة). أي: أهل السنة والجماعة، وفي مقدمتهم العلماء وكل من لزم الحق وإن كان مزارعاً أو تاجراً أو حداداً أو نجاراً أو خبازاً أو خرازاً أو بناءً أو مبلطاً أو دهاناً إذا كان مستقيماً على طاعة الله.
والطائفة المنصورة قد تكون في مكان واحد وقد تكون في أمكنة متعددة، وقد تقوى وتكثر في بعض الأمكنة وقد تقل، فقد بشرها النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى).
ومن ادعى أنه سلفي ويريد بذلك التحزب فهذا ممنوع لا يجوز، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (دعوها؛ فإنها منتنة).
وكذلك من ادعى أنه سلفي وليس بسلفي، قال الشاعر:
وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاك
والميزان في ذلك هو اتباع الكتاب والسنة، فمن كان متبعاً للكتاب والسنة فهو على الحق، أما الأسماء فلا تقدم ولا تؤخر، فالمهم الحقائق.
الجواب: هذا مفهوم خاطئ، بل السلفية اسم شرعي أصيل، يراد به أهل السنة والجماعة وأهل الأثر، وأهل الحديث، والفرقة الناجية، والطائفة المنصورة وأهل الاتباع، فإن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر في الفتاوي في رده على قول العز بن عبد السلام، فقال: لا عيب على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه، واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق، فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقاًً، فإن كان موافقاً له باطناً وظاهراً فهو بمنزلة المؤمن الذي هو على الحق باطناً وظاهراً، وإن كان موافقاً له في الظاهر فقط دون الباطن فهو بمنزلة المنافق، فتقبل منه علانيته وتوكل سريرته إلى الله، فإنا لم نؤمر أن ننقب عن قلوب الناس، ولا نشق بطونهم.
وقال في الفتوى الحموية: واعلم أنه ليس في العقل الصريح ولا في النقل الصريح ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية أصلاً.
والسلفية: هي الإسلام.
وقال الذهبي رحمه الله في التذكرة لما ترجم لـابن الصلاح رحمه الله: وكان سلفياً حسن الاعتقاد، بعيداً عن تأويل المتكلمين مؤمناً بما ثبت من النصوص غير خائض ولا معمق.
وقال الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله في فتاواه: وليست الوهابية مذهباً خامساً كما يزعمه الجاهلون والمغرضون، وإنما هي دعوة إلى العقيدة السلفية، وتجديد لما اندرس من معالم الإسلام من التوحيد.
وقال في وصيته لبعض طلاب العلم: ونوصيكم بالالتحاق بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة فهي جامعة سلفية تعلم طلابها عقيدة أهل السنة والجماعة.
وقال العلامة ابن عثمين حفظه الله في شرح العقيدة الواسطية: يخطئ من يقول: إن أهل الجماعة سلفيون وأشعريون وماتريديون، فهذا خطأ فكيف يكون الجميع أهل السنة وهم مختلفون؟
إلى أن قال: وأهل السنة والجماعة هم السلفيون معتقداً حتى المتأخر منهم إلى يوم القيامة إذا كان على طريق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنه سلفي.
وقال الألباني رحمه الله في مجلة الأصالة في الجواب على سؤال: هل السلفية دعوة حزبية أم طائفية أم مذهبية، أم هي فرقة جديدة في الإسلام؟
فقال: هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها، فيقول: لا يجوز للمسلم أن يقول: أنا سلفي متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك.
لا شك أن مثل هذا الإنسان لو قال هذا الكلام بعينه، يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن تقول: أنا مسلم على الكتاب والسنة، وعلى منهج سلفنا الصالح، أو تقول باختصار: أنا سلفي. ا هـ .
إن الانتساب إلى السلف فخر عظيم يجب أن يفخر به كل مسلم ويعتز به، ونحن نقول لطالب العلم كما قال الشيخ بكر أبو زيد حفظه الله: كن سلفياً على الجادة.
فيجب على طالب العلم أن ينبذ الحزبية وأن يتبرأ منها، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمهاجرين والأنصار لما اختلف رجلان منهما، فنادى المهاجري فقال: يا للمهاجرين! ونادى الأنصاري فقال: يا للأنصار! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟ دعوها؛ فإنها منتنة).
والمهاجرون والأنصار اسمان إسلاميان فاعتبرهما النبي صلى الله عليه وسلم أنهما من دعوى الجاهلية لأنه صار فيهما تحزب.
أما إذا أريد الانتساب إلى السنة وإلى السلف الصالح فلا بأس بذلك.
فأهل السنة والجماعة لا يصيرون أحزاباً متعددة، فالمؤمنون حزب واحد هو حزب الله، والكفار هم حزب الشيطان.
الجواب: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من لم يتغن بالقرآن)، وقال أيضاً: (ما أذن الله لأحد ما أذن لنبي يتغنى في القرآن ويجهر به).
وثبت في الحديث أيضاً: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى العشاء وقرأ بالتين والزيتون قال الراوي: فما سمعت صوتاً أحسن منه).
والتغني: المراد به تحسين الصوت، والغناء الممنوع هو ما يشبه الغناء والتطريب، وفرق بين هذا وهذا، فالتغني المطلوب هو تحسين الصوت في القراءة على وجه لا يشبه تلحين الغناء، أما الغناء الممنوع فهو أن يمطط الصوت ويلحنه تحلين الغناء المطرب الذي يذهب النفوس ويقعدها.
الشيخ: إذا كان الشريط مشتملاً على موسيقى فهذا ممنوع وحرام، حتى ولو كان بصوت أطفال صغار.
أما الدف فهو من شأن النساء في الأعراس، ولا داعي للدف لأن أقل أحواله إضاعة وقت بدون فائدة، والمسلم ولا سيما طالب العلم وقته ثمين فلا يضيعه في سماع الدف وأصوات لا فائدة فيها، بل يشغله فيما ينفعه في طاعة الله عز وجل.
الجواب: هذا مشروع لكن لا يكون بصوت جماعي، فكل واحد يكبر وحده لكن إذا اتفقت بعض الأصوات من دون قصد فلا بأس.
أما أن يرفعوا الصوت بالتكبير في صورة جماعية فهذا غير مشروع، إنما المشروع أن يكبروا أو يسبحوا كل واحد على حده.
الجواب: لا بأس بها إذا كان ليس فيها محذور، وينشدها واحد وليست أناشيد جماعية.
الجواب: كأنه من أهل السنة وكان معروفاً في ذلك الوقت، فانتسب إليه تمييزاً له عن البدع وعن أهل البدع.
الجواب: يعني بالمداد الحبر، الحبر يكون قديماً، فيجعله كالقرآن، والقرآن كلام الله قديم وهو صفة من صفاته، فالله تعالى هو الأول في ذاته وصفاته، هو الأول الذي لا بداية له، وهو الآخر الذي لا آخر بعده، فمن قال: المداد قديم، معناه: الحبر المخلوق يكون قديماً، فيكون رباً مع الله، فمن قال: إن بعض المخلوقات أول، فقد شابه قول الفلاسفة الذين يقولون: العالم قديم، فلا يوجد شيء قديم فكل المخلوقات محدثة، فالله تعالى هو الأول الذي لا شيء قبله، وما من مخلوق إلا وهو مسبوق بالعدم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر