أيها الإخوة الأعزاء! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأهلاً بكم في هذا اللقاء الجديد، ويسرنا أن يكون ضيفنا هذا اليوم فضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ليتناول الرد والإجابة على أسئلتكم في هذه الحلقة.
====السؤال: هذا سؤال من المستمع محمد مختار أحمد من السودان، يقول: عندنا بعض العادات في العزاء؛ ومنها: أن يرفع الناس أيديهم لأهل الميت ويقولون: الفاتحة.. ويقرءون سورة الفاتحة، فهل هذا جائز أم لا ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فالمشروع في العزاء هو الدعاء لأهل الميت بالتوفيق للصبر والاحتساب وعظيم الأجر وغفران الذنوب للميت، أما رفع الأيدي إليهم وقراءة الفاتحة فليس له أصل، ورفع الأيدي ما ندري ما مراده، فإن كان المراد به المصافحة عند اللقاء فهذا لا بأس به، هذا مشروع كونه يصافح المعزى إذا كان رجل أو كانت امرأة ذات محرم له كخالته وعمته وأمه ونحو ذلك فلا بأس أن يصافح المعزى ويقول: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك وجبر مصيبتك. هذا كله طيب، يقال هذا للرجل والمرأة جميعاً، فيصافح الرجل ويصافح المرأة إذا كانت محرماً له كأخته وعمته وخالته.
أما النساء غير المحارم فلا يصافحن، وما يفعله بعض الناس من مصافحة النساء غلط لا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إني لا أصافح النساء) وتقول عائشة رضي الله عنها: (ما مست يد رسول الله يد امرأة قط - يعني: في البيعة- قالت: ما كان يبايعهن إلا بالكلام).
فهذا يدلنا على أن المرأة الأجنبية ليس للرجل أن يصافحها، ولكن لا بأس بمصافحة المرأة ذات المحرم كأمه وجدته وخالته وعمته ونحو ذلك، عند العزاء وعند اللقاء لا بأس في ذلك عند المقابلة إذا قابل خالته أو عمته إذا زارها صافحها ودعا لها، أو عند العزاء صافحها ودعا لها، وهكذا إذا قابل الرجل عند اللقاء في الطريق أو زاره في البيت وصافحه كل هذا طيب، وهكذا عند العزاء يصافحه ويدعو له.
أما إن كان رفع أيدي على غير هذه الطريق رفع أيدي إلى السماء من غير مصافحة هذا لا أصل له.
وهكذا قراءة الفاتحة عند لقاء المعزى ليس له أصل بل هو من البدع. نعم.
المقدم: كذلك يقول: إنهم يجتمعون ويقرءون الكتاب على أساس أن ثوابه يمشي للميت، وأيضاً عندما يمرون بالمقابر يرفعون أيديهم ويقرءون سورة الفاتحة ترحماً على الأموات؟
الشيخ: وهكذا اجتماعهم على القراءة وقت العزاء هذا كله لا أصل له إنما يعزي وينصرف يعزي ويدعو لهم وينصرف، أما اجتماعهم عند أهل الميت على قراءة القرآن أو على قراءة أشياء أخرى أو للأكل والشرب هذا ليس له أصل، وإنما السنة أن جيران أهل الميت أو أقاربهم يبعثون لهم طعاماً كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء نعي جعفر بن أبي طالب حين قتل في مؤتة في الشام قال النبي صلى الله عليه وسلم لأهله: (اصنعوا لآل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم) هذا هو الأفضل وهذا هو السنة.
أما كون أهل الميت يصنعون طعاماً ويجمعون الناس على القراءة أو على دعاء أو على غير ذلك فهذا ليس من السنة قال جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنعة الطعام بعد الدفن كنا نعده من النياحة). فهذا يدل على أن هذا لا يجوز ولا ينبغي وليس من المشروع بل هو خلاف المشروع.
المقدم: بالنسبة لرفع أيديهم وقراءة الفاتحة فوق المقابر؟
الشيخ: كذلك عند المقابر هذا لا يجوز أيضاً وليس له أصل، لا ترفع الأيدي عند المقابر ولا يقرأ القرآن بين القبور ولا عند زيارة المقابر ليس له أصل هذا، ولكن السنة أن يدعو للموتى ويستغفر لهم، كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا زار القبور دعا للأموات بالمغفرة والرحمة، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية) وفي رواية أخرى: (يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) يدعو لهم هكذا عليه الصلاة والسلام.
فهذا يدلنا على أن السنة في زيارة القبور الدعاء للأموات والترحم عليهم، أما أنه يقرأ لهم القرآن أو يرفعوا الأيدي إلى السماء أو إلى أي إشارة فهذا شيء لا أصل له.
السؤال: أنا شاب متزوج حصل بيني وبين زوجتي نزاع بسيط وأرادت أن تذهب إلى أهلها وهي حامل فانزعجت منها وقلت لها: إذا ذهبت إلى أهلك فأنت مطلقة. بهذا الكلام ولم أزد عليه شيئاً أبداً، وكنت أقصد بهذا عدم ذهابها إلى أهلها ولا أقصد الطلاق وقد ذهبت، فما الحكم في مثل هذا الأمر؟
الجواب: إذا كان المقصود من هذا الكلام منعها من الذهاب إلى أهلها وليس المقصود إيقاع الطلاق فإن هذا يكون في حكم اليمين، هذا الطلاق يكون في حكم اليمين وعليك أيها السائل! كفارة اليمين؛ وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، والطعام يعطى كل واحد نصف صاع من التمر أو الأرز أو غيرهما من قوت البلد كيلو ونص تقريباً أو تعشيهم أو تغديهم أو تكسوهم كسوة كل واحد يعطى إزاراً ورداء أو يعطى قميصاً.
هذا هو الواجب في مثل هذا على الصحيح من قولي العلماء، وقال بعض أهل العلم: إنه يقع الطلاق لكن الصحيح أنه لا يقع إذا كانت النية المنع وليس النية إيقاع الطلاق لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى).
الجواب: الذهب الذي فيه صورة الحيوان لا يجوز لبسه بل يجب حك ذلك وإزالته، فإذا كان في قلادة أو في أسورة أو نحو ذلك فإنه يزال بالطريقة التي تزيله أو يطمس بشيء ولا يجوز لبسه.
وهكذا الثياب وهكذا الخمر وهكذا القمص كلها لا يجوز لبسها إذا كان فيها صور، بل يجب أن تزال رءوس الصور إذا حك الرأس زال المحذور، المهم زوال الرأس، فإذا حك الرأس أو طمس بشيء لا يبين معه بل يخفى زال المحذور سواء في ذهب أو فضة أو في قميص أو في غير ذلك مما يلبسه المؤمن والمؤمنة. نعم.
والحجة في هذا قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تدع صورة إلا طمستها) هكذا جاء الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهكذا الحديث الثاني: أن الرسول عليه السلام (نهى عن الصورة في البيت، وأن يصنع ذلك).
الجواب: إذا كان الواقع مثلما ذكره السائل فإنه يصلي معهم العشاء بنية المغرب، هذا هو الأرجح، فإذا قام الإمام من الثالثة جلس هو ينتظر، يتشهد يقرأ التحيات، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو حتى يسلم الإمام ثم يسلم معه، ثم يصلي العشاء بعد ذلك، فله نيته والإمام له نيته، واختلاف النية في هذا لا يضر، اختلاف النية لا يضر على الصحيح من أقوال العلماء، فيدخل معهم في العشاء إذا كانوا مقيمين، ويصلي معهم ثلاثاً ثم يجلس والإمام يقوم للرابعة، فإذا سلم الإمام سلم معه ثم صلى العشاء بعد ذلك.
أما إن كانوا في سفر فإنه يصلي معهم بنية المغرب فإذا سلم الإمام من ثنتين -لأن المسافر يقصر العشاء ثنتين- قام وأتى بواحدة تمام المغرب ثم صلى العشاء بعد ذلك.
هذا هو الواجب، وإن صلى معهم العشاء نافلة ثم صلى المغرب والعشاء وحده الفريضة فلا بأس، ولكن الأولى هو الأول حتى يحصل له فضل الجماعة في صلاة المغرب ويصلي معهم بنية المغرب ويجلس في الثالثة إذا كانت رباعية إذا كانوا يصلون في الحضر في الإقامة، فإذا سلم الإمام سلم معه ثم صلى العشاء بعد ذلك، وإن كانوا في السفر صلى معهم أيضاً بنية المغرب، فإذا سلموا من العشاء من ثنتين قام وأتى بالثالثة.
الجواب : نعم، إذا وقع مثل هذا الحادث فإنه يقطع الصلاة أحد الجماعة لإزالة الخطر، ثم يعود فيصلي معهم ما بقي والحمد لله؛ لأن خطر هذا الدخان كبير، وقطع الصلاة لمصلحة مهمة أو لدرء خطر مثل إنقاذ حريق أو إنقاذ غريق أو دفع صائل أو ما أشبه ذلك كل هذا لا بأس به، وهذا فيه في الحقيقة إنقاذ من حرق قد يهلك الماكينة أو يتعدى ضرره إلى غير ذلك، فلا حرج في قطع الصلاة ثم يعود فيبتدئ الصلاة من جديد مع الإمام فيما بقي، أو يقضيها بعدهم إذا سلموا قبله.
المقدم: وإذا لم يكف واحد لإطفائها فهل يجوز للجميع أن يقطعون الصلاة؟
الشيخ: لا بأس إذا دعت الحاجة إلى قطعهم الصلاة ليتعاونوا فلا بأس.
المقدم: جميعاً؟
الشيخ: إذا كان الخطر عظيماً فليقطعوها ثم يزيلوا الخطر ثم يرجعوا فيصلوا .
الجواب: إذا كنت أيها السائلة! غير متعمدة وإنما غفلت عنها ونسيت فلا حرج إن شاء الله، لكن إن كانت الأرانب لغيرك فعليك الضمان، إلا أن يسمح أصحابها عن ذلك، أما إن كانت لك فليس عليك شيء ولكن عليك الحذر من مثل هذا في المستقبل وأن تفعلي الشيء الذي فيه الاحتياط.
الجواب : إذا كان الواقع هو ما ذكر فإن هذا النذر ليس قربة، وإنما هو نذر لجاج وغضب، والمقصود منه منع نفسه من الكلام لأخواته.
فالحاصل أن هذا في حكم اليمين، هذا النذر في حكم اليمين فعليه كفارة يمين ولا يلزمك أيها السائل الصوم، بل هذا من أحكام النذر الذي يسمى نذر اللجاج والغضب، وحكمه أنه في حكم اليمين، فعليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم أو عتق رقبة، هذه كفارة اليمين، فإذا أطعمت عشرة مساكين غداءً أو عشاءً أو أعطيت كل واحد نصف الصاع من قوت البلد كفى ذلك أو كسوتهم كفى ذلك، وهكذا لو قال الإنسان: عليه الحج أنه ما يكلم فلان، أو عليه كذا وكذا أنه ما يكلم فلان، هذا كله ما فيه إلا كفارة اليمين، لأنه نذر لجاج وغضب المقصود منه المنع من هذا الشيء.
الجواب: نعم لا بأس إذا لم يتيسر طبيبة تعرف الداء فلا مانع من العلاج عند الرجال إذا كان عندهم دواء من أهل الخبرة الذين يعرفون مثل هذا المرض، فإنه لا حرج في هذا الشيء عند الطبيب المجرب المعروف بأنه يتعاطى علاج أمراض النساء وأمراض العقم.
المقدم: جزاكم الله خير الجزاء.
أيها الإخوة الكرام! في ختام هذا اللقاء نتوجه بشكرنا إلى صاحب الفضيلة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد على تفضله بالإجابة على أسئلة الإخوة: محمد مختار أحمد من السودان، والأخ محمود العراف الإبراهيم سوري الجنسية يعمل بمدينة عرعر، والأخت نورة من الخرج، والأخ إبراهيم محمد الشحات مصري مقيم بالقويعية، والأخت (ش. ش. ع)، والأخ (ش. ع. أ)، وأخيراً على سؤال الأخت سهام من سوريا.
مستمعينا الكرام! نستودعكم الله تعالى وإلى اللقاء، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر