مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من حلقات نور على الدرب، في هذه الحلقة يسرنا أن نعرض ما وردنا من أسئلة واستفسارات على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
====
السؤال: وأولى رسائل هذه الحلقة وردت من شخص رمز لاسمه بـ (ع. أ. ع)، يقول في رسالته: نحن في مطلع العام الهجري الجديد، ويتبادل بعض الناس التهنئة بالعام الهجري الجديد قائلين: كل عام وأنتم بخير، فما حكم الشرع في هذه التهنئة بارك الله فيكم؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وخيرته من خلقه وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فالتهنئة بالعام الجديد لا أعلم لها أصلاً عن السلف الصالح، ولا أعلم شيئاً من السنة أو من الكتاب العزيز يدل على شرعيتها، لكن من بدأك بذلك فلا بأس أن تقول: وأنت كذلك، إذا قال لك: كل عام وأنت بخير، أو قال: كل عام وأنت تكون بخير، فلا مانع أن تقول له: وأنت كذلك، نسأل الله لنا ولك كل خير أو ما أشبه ذلك.
أما البداءة فلا أعلم لها أصلاً.
الجواب: اليهود الآن الذين هم حرب للمسلمين في فلسطين، هؤلاء على المسلمين أن يعملوا كل ما يستطيعون من نهب أموالهم وقتلهم وغير ذلك؛ لأنها حرب للمسلمين، والحرب قائمة وليس بينهم وبين المسلمين صلح، فهم الآن حرب على المسلمين في بلادهم هناك، فلا مانع من مساعدة الفلسطينيين على حربهم، ولا مانع من نهب أموالهم وأخذ أولادهم ونحو ذلك، إذا كان ذلك ممكناً بدون مضرة على المسلمين الذين لديهم.
أما إذا كان أخذ أولادهم، أو نهب أموالهم يترتب عليه ما هو أضر وما هو أكبر شراً على المسلمين الذين عندهم، فينبغي ترك ذلك؛ حتى لا يضر إخوانه المسلمين المقيمين بين أظهرهم.
والمقصود أن الواجب جهادهم في الله عز وجل حتى تستنقذ البلاد من أيديهم، فالواجب على المسلمين أن يستنقذوا البلاد من أيديهم، وأن يتكاتفوا ضدهم؛ حتى تستنقذ بلاد المسلمين من أيدي أعداء الله؛ وحتى يرد إليها أهلها الأصليون.
وأما ما يتعلق بأخذ أموالهم أو أولادهم أو شبه ذلك فهذا فيه التفصيل: إن كان ذلك ممكناً بدون مضرة على المسلمين فلا بأس بذلك، أما إن كان نهب أموالهم أو أخذ أولادهم يترتب عليه الضرر على المسلمين المقيمين بينهم فلا ينبغي ذلك؛ لئلا يترتب على إضرارهم ما هو أضر على غيرهم من المسلمين، والشريعة جاءت بمراعاة المصالح وتكثيرها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، كما جاءت الشريعة بمراعاة ارتكاب أدنى المفسدتين لتفويت كبراهما إذا لم يتيسر دفعهما جميعاً، وتحصيل أعلى المصلحتين ولو بفوات الدنيا منهما إذا لم يتيسر تحصيل المصلحتين أو المصالح، فلابد من مراعاة هذه القواعد الشرعية فيما يتعلق بحرب اليهود.
الجواب: تكتب لنا غير هذه الكتابة وتحضر أو تحضر بنفسك حتى نكتب معك لقاضي البلد التي تقيم فيها بحضور الزوجة ووليها معك عند القاضي حتى يسأل الجميع عما وقع وعن صفة الواقع السابق واللاحق، ثم تكون الفتوى على ضوء ذلك.
الجواب: الواجب على المسلم أن يبتعد عن أعمال الربا وأن يحذرها؛ لأن الربا من أكبر الكبائر، يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279]، ويقول عز وجل: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:275-276].
فالربا أمره خطير، فالواجب الحذر منه، وهذه المسألة التي سألت عنها فيها تفصيل: فإن كان يبيع النقود بالنقود، المائة بمائة وخمسين، والعشرة بخمسة عشر إلى أجل أو يداً بيد هذا رباً صريح محرم عند جميع أهل العلم.
أما إن كان قصدك أنه يشتري السلعة ثم يبيعها بزيادة هذا له شأن آخر، فإذا اشترى السلعة بمائة ثم بعد ما يحوزها وتكون في ملكه ويقبضها يبيعها على المحتاج إلى أجل معلوم بمائة وخمسين أو بمائة وأربعين أو بمائة وستين أو بأكثر أو بأقل إلى أجل معلوم فهذا لا بأس به على الصحيح، ولا حرج فيه عند جمهور أهل العلم؛ لأن المسألة المذكورة تدعو لها الحاجة، وليس كل واحد يجد حاجته بالهدية أو بالقرض فيحتاج إلى أن يشتري السلع إلى أجل معلوم ولو بالزيادة، وقد يحتاجها للاستعمال كما يشتري سيارة ليستعملها، وكما يشتري البساط ليفرشه ويجلس عليه، وكما يشتري الطعام ليأكله، وقد يشتري ذلك ليبيعه بنقد لحاجته إلى النقد ليسدد ديناً عليه، أو ليعمر بيتاً له، أو ليتزوج، أو لأغراض أخرى، فهذه الصور كلها جائزة إذا كان البائع قد ملك المبيع وقبضه وحازه لديه، من سيارات أو أراضي أو أمتعة أخرى قد حازها وملكها وقبضها ثم باعها إلى أجل معلوم، باع ما يشترى مائة بمائة وخمسين، أو ما يساوي ألفاً بألف وخمسمائة، أو أكثر أو أقل، فالصحيح أنه لا حرج في ذلك، سواء كان أراد بذلك الاستعمال، أو أراد أن يبيع السلعة بنقد ليستعمل النقد في حاجته، وهذه الأخيرة تسمى: التورق، كونه يشتري السلعة إلى أجل أن يبيعها بالنقد ثم ينتفع بالنقد هذا يسميها بعض أهل العلم: مسألة التورق، ويسميها العامة: الوعدة، مسألة الوعدة، وهذه صحيحة لا بأس بها في أصح قولي العلماء لما عرفت من الأسباب.
الجواب: لا حرج في طلاقها إذا أحب أن يطلقها لمرضها المذكور فلا بأس، لكن إذا كان ليس لها من يقوم بحالها ويؤويها ويعالجها ويصبر عليها فالأولى له أن يصبر هو ويحتسب الأجر حتى يصونها وحتى يحميها عن وقوعها في النار وعما يضرها هذا هو الذي ينبغي له، ينبغي للمؤمن أن يرحم زوجته ولا سيما أم أولاده ويعطف عليها حتى يشفيها الله من فضله أو يختار لها الموت.
لكن إذا كان لها أهل يقومون عليها، ويعطفون عليها، ويتولونها، فلا مانع من طلاقه لها.
أما إن كانت ليس لها أحد فالأفضل له والأولى به الصبر؛ لعله يستطيع أن يعمل شيئاً معها من المعروف من علاج أو غيره، وأقل شيء أن ينفق عليها ويحسن إليها حتى يتم شفاؤها أو يختار الله لها الوفاة.
وقوله: لا يستطيع علاجها الأطباء ولا الأولياء هذا فيه تفصيل: فإن الأولياء هم المؤمنون، وبعض الناس يظن أن الأولياء ناس لهم خصوصية يتصرفون في الناس، أو لهم كرامات خاصة، أو لهم تصرف في الكون، وهذا غلط عظيم، فأولياء الله هم أهل الإيمان وأهل التقوى، كل من كان مسلماً مؤمناً هو ولي لله، قال تعالى: أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [يونس:62-63]، قال سبحانه في سورة الأنفال: وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال:34]، فأولياء الله هم أهل التقوى، هم أهل الخير والاستقامة، هم صالحو المسلمين، فينبغي لك أن تعلم ذلك، فليس الولي شخصاً له خصوصية بالتصرف في الكون، أو بشفاء المرضى، أو بعلم الغيب، أو ما أشبه ذلك، هذا يظنه بعض الجاهلين، ويظنه بعض الصوفية الغالطين الجاهلين، فالأولياء هم المؤمنون، ليس لهم خصوصية أخرى غير المؤمنين، هم المؤمنون، هم مطيعون لله ولرسوله، هم أهل التقوى والهدى، يقال لهم: أولياء الله، ويقال لهم: مؤمنون، ويقال لهم: مسلمون، ويقال لهم: الأبرار، ويقال لهم: الصالحون، وهم ليس في أيديهم شيء من علم الغيب، ولا من شفاء المرضى، ولا من التصرف بعباد الله بما ليس في طوق العبد، وإنما قد يدعون فينفع الله بدعائهم، قد يرقون الميت فينفع الله برقيتهم كسائر المؤمنين، فليس لهم صفة خاصة، بل كل مؤمن هو ولي لله عز وجل، وليس في أيديهم التصرف في العباد أو في الكون كما يظن بعض الجهلة من الصوفية وغيرهم، فمن ظن أو اعتقد أن بعض الناس يتصرف في الكون مع الله بأن يدبر الكون، ويشفي المرضى، ويعلم الغيب، فهذا ضلال وكفر أكبر نعوذ بالله من ذلك.
وإنما شفاء المرضى بيد الله، وعلم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، والتصرف بالعباد بيده جل وعلا، لا أحد يتصرف بالعباد غيره سبحانه وتعالى، فينبغي للسائل أن يعلم هذا، وأن يكون على بينة، حتى لا يقع فيما وقع فيه الجاهلون من اعتقادات فاسدة فيما يظن فيما يسمونهم بالأولياء، نسأل الله للجميع التوفيق والهداية.
الجواب: عليها كفارة اليمين؛ لأن ما حلفت عليه وقع، حلفت أن لا تزوج ابنتها من هذا الشخص ثم سمحت بذلك ووافقت عليه، فما دام زوجت عليه فعليها كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، عشرة كل مسكين يعطى نصف الصاع من التمر؛ كيلو ونصف تقريباً من التمر أو من الأرز أو من أي نوع من أنواع قوت البلد، أو تكسوهم كسوة على قميص قميص أو على إزار ورداء، هذه هي الكفارة، أو عتق عبد مؤمن أو أمة مؤمنة.
الجواب: أولاً عمل قوم لوط من أكبر الكبائر، ومن أعظم الفواحش نسأل الله العافية، قال الله في ذلك في قوم لوط : إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ [العنكبوت:28].
وفي الحديث: (لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط، لعن الله من عمل عمل قوم لوط )، فهي فاحشة عظمى ونكراء نسأل الله السلامة، وعليك التوبة إلى الله من ذلك، التوبة الصادقة المتضمنة الندم على ما مضى منك، والإقلاع من ذلك؛ تعظيماً لله وخوفاً منه سبحانه وتعالى وطاعةً له، مع العزم الصادق أن لا تعود إلى ذلك، هذا هو الواجب عليك، نسأل الله أن يمن عليك بالتوبة، ولعلك تبت إن شاء الله من ذلك، والمقصود أن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، وإن من الله عليك بالتوبة الصادقة فأنت على خير وعرفت التوبة الصادقة هي المتضمنة لأمور ثلاثة:
الأمر الأول: الندم على ما مضى منك من هذا العمل القبيح المنكر.
الثاني: الإقلاع منه والحذر منه.
الثالث: العزم الصادق أن لا تعود فيه.
وينبغي لك مع هذا ويشرع لك أن تتبع هذا بالعمل الصالح؛ لقول الله عز وجل: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31]؛ ولقوله سبحانه لما ذكر الشرك والقتل والزنا في سورة الفرقان قال في الآية: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا [الفرقان:68-69]، هذا العذاب لهؤلاء: للمشرك، والقاتل بغير حق، والزاني، وإذا كان هذا العذاب الأليم للزاني وهذا الذي معه، فاللائط أشد من ذلك نسأل الله العافية، ثم قال بعد ذلك سبحانه: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ [الفرقان:70].
فعليك -يا أخي- بالتوبة الصادقة والعمل الصالح، وأبشر بالخير إن شاء الله، والله يقول سبحانه أيضاً في الآية الأخرى: وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى [طه:82].
أما الطلاق فعلى حسب نيتك على الصحيح، إن كنت أردت أنك إن لم تسافر فامرأتك طالق، وقع عليها طلقة بكلامك هذا.
أما إن كنت أردت حث نفسك والعزم عليها بالسفر ولم ترد إيقاع الطلاق بزوجتك إن لم تسافر، وإنما أردت بهذا أن تحث نفسك وأن تلزمها بالسفر، وأن تؤكد عليها حتى تسافر، ولم ترد إيقاع الطلاق إن لم تسافر، ولم يخطر ببالك إيقاع الطلاق إن لم تسافر، فعليك كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، وإطعامهم يكون بنصف صاع كيلو ونصف تقريباً من التمر أو من الأرز أو من الحنطة أو غيرها من قوت البلد، أو كسوة الفقراء العشرة، كل واحد يعطى قميصاً وهو مدرعة، أو إزار ورداء يعطى إزاراً ورداء، أو تعتق رقبة مؤمنة من ذكر وأنثى، رقبةً مؤمنة ذكراً كان أو أنثى، فإن عجزت كنت فقيراً لا تستطيع هذه الأمور، فعليك أن تصوم ثلاثة أيام، هذه كفارة اليمين، والطلاق لا يقع، فما دمت ما أردت إلا الحث والتحريض على السفر ولم ترد إيقاع الطلاق فعليك الكفارة ولا يقع الطلاق.
أما إن كنت أردت إيقاع الطلاق إن لم تسافر في وقت معين أردته، فإنه يقع طلقة عليها ولك أن تراجعها إذا كنت لم تطلقها قبل طلقتين، فإذا كنت لم يسبق منك طلاق قبل ذلك مرتين فلك أن تراجعها، فإن كنت طلقتها قبل ذلك مرتين فهذه الثالثة فلا تحل لك إلا بعد زوج.
الجواب: لا تكون خرجت بهذا؛ لأنك تلوم نفسك؛ تلومها على عملك السيئ، وتستقبح منك هذا العمل؛ لأنه عمل الكفار وليس من أعمال المسلمين، كل مسلم يخاف الله يأبى ذلك، فأنت بهذا الكلام تريد أن توبخ نفسك، وأن تستشعر أنك قد فعلت أمراً قبيح العمل .. قبيح الفعل، فنسأل الله لك التوفيق للتوبة.
الجواب: بل قتلك إياه وقتلك نفسك منكر آخر، فاللواط والزنا منكر، وإذا قتل اللائط الملوط به أو المزني بها يكون قد فعل منكراً آخر، جريمةً عظمى أشد من الزنا وأشد من اللواط، القتل أشد نسأل الله العافية، فهو جريمة عظمى، وهو دون الشرك وليس بعد الشرك أعظم من القتل نسأل الله العافية، فإذا قتل الملوط به لئلا يخبر عنه أو لأسباب أخرى، أو قتل من زني بها صار قد جمع بين كبيرتين ومنكرين عظيمين، الثاني أعظم من الأول، فالقتل أعظم من الزنا وأعظم من اللواط، فالواجب الحذر من ذلك، وأن لا يجمع بين الشرين نعوذ بالله من ذلك.
المقدم: هو يقول: وقتل نفسي، يظن أنه يريد التطهير؟
الشيخ: كذلك قتل نفسه لا يجوز، هذا انتحار ومنكر، ولا يكون تطهيراً بل يكون توسيخاً، وزيادةً في النجاسة والنكارة، فليس لك قتل نفسك بسبب المعصية، بل عليك التوبة إلى الله ولا تقتل نفسك، الله يقول جل وعلا: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [النساء:29]، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، لكن إن تقدمت إلى ولي الأمر وطلبت إقامة الحد عليك فلا بأس، ولكن الأفضل لك أن تستتر بستر الله، وأن لا تبوح بهذا العمل، وأن لا تفضح نفسك، وأن تتوب إلى الله توبةً صادقة بينك وبين الله سبحانه وتعالى، والله يتوب على التائبين إذا صدقوا وتابوا توبةً نصوحاً، وليس له أن يقيم الحد على نفسه ولا على غيره، الحد إنما هو إلى ولاة الأمور.
الجواب: إذا ثبت أن الجدة أرضعتها خمس رضعات معلومات أو أكثر، فإنها تكون خالتك أخت أمك، إذا ثبت أن جدتك أم أمك أرضعت زوجتك خمس رضعات أو أكثر حال كونها في الحولين، حال كون الزوجة زوجتك في الحولين صغيرة، فإذا ثبت هذا بشهادة الثقات، أو باعتراف المرضعة وهي ثقة تقول: إني أرضعتها خمس مرات وهي ثقة يطمأن إليها، عدل، فإن هذه الزوجة تكون خالتك أخت أمك، وأولادك منها شرعيون يلحقون بك؛ لأنك لم تتعمد الباطل، فزوجتك هذه معذورة وأنت معذور؛ لأنكما لم تتعمدا ما حرم الله، ولكنكما جهلتما هذا الرضاع، فالأولاد شرعيون، ولا حرج عليك في وطئها وجماعها واعتبارها زوجة فيما مضى بسبب الجهل، والله يقول جل وعلا: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5]، ويقول الله سبحانه: (رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فقال الله: قد فعلت)، فهذا من الخطأ المعفو عنه، لأنك لم تعلم، وأولادك لاحقون بك شرعيون؛ لأنه وطء بشبهة النكاح لم تعلم أنها خالتك، فاطمئن يا أخي! ولا يكن في صدرك حرج، وفارقها وأحسن إليها؛ لأنها أم ولديك فأحسن إليها، واسأل ربك أن يعطيك خيراً منها، وأن يعطيها خيراً منك، والله المستعان.
الجواب: هذا من البلاء والامتحان، فالله يقول جل وعلا في كتابه العظيم: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأعراف:168]، ويقول سبحانه: وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ [البقرة:155]، ويقول جل وعلا: وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ [الأنبياء:35]، هذه من البلايا والمحن، قد يبتلى بها الناس ولا سيما المسلم قد يبتلى بمثل هذا، فعليك أن تعاملها بالخير، وأن تصبر على هذا الأذى حتى يفرج الله، وأن تدعو الله لها بالهداية، وأن يكفيك شرها، إذا أساءت إليك فادعو الله أن يصلح حالها، وأن يهديها، وأن يكفيك شرها، وأن يعافيك من بلائها، وعاملها بالكلام الطيب واللطف، وهكذا زوجتك مُرها بأن تعاملها بالخير؛ لعل الله يكفيكم شرها بسبب عملكم الطيب وإحسانكم، وهي زوجة أبيك ولها حق عليك ولأبيك حق عليك، فراعي حق والدك وأحسن إليه وإليها بالكلام الطيب والفعل الطيب منك ومن زوجتك، وأبشر بأن الله سيفرج في الحال إما بموتها وإما بهدايتها وإما بطلاق أبيك لها، أنت إذا أحسنت فأبشر بالخير، فالله يقول جل وعلا: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ [الرحمن:60]، ويقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:128].
فربك سبحانه عليم جواد كريم، يعلم حالكما ولا تخفى عليه، فأحسن إلى هذه المرأة المسيئة، وادع الله لها بالهداية، واصبر على ما حصل منها، وأوص زوجتك بالإحسان إليها والرفق بها والكلام الطيب معها حتى يفرج الله الكربة، فإن لم يتيسر رجوعها إلى الصواب ولم تكف شرها فأخبر والدك بشأنها، واستأذن منه أن تكون في بيت وحدك حتى يعذرك، تنتقل إلى بيت وسوف يعينك الله، واصبر ولو تدينت من الناس، انتقل إلى بيت وحدك حتى تتخلص من شرها، وأخبر والدك بالحقيقة، وإن رأيت أن في إخباره مضرةً عليك فلا تخبره، واستأذنه بأنك محتاج إلى الانتقال لأسباب لا تستطيع إخباره بها وانتقل، واسأل ربك العون والتوفيق ولو تدينت من الناس بعض الدين، فقد قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: (من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) خرجه البخاري في الصحيح.
فإذا اقترضت من إخوانك ما يعينك على البيت وأنت في نيتك أنك توفي فإن الله يوفي عنك سبحانه وتعالى، ويرضي عنك أباك، فاستعن بالله واستخر الله واعمل ما تراه الأصلح، نسأل الله لنا ولك التوفيق.
المقدم: بارك الله فيكم، بهذا أيها الإخوة المستمعون الكرام! نأتي إلى ختام هذه الحلقة، والتي عرضنا فيها أسئلة (ع. أ. ع) من الرياض، وأسامة المشهداني من المدينة المنورة، وأحمد محمد بيشي علوي من المنطقة الشرقية، وعلي إبراهيم علي من السودان، ورسالة محمد المطيري من الزلفي، ورسالة (س. ل. ل) من تونس، ورسالة (م. ع. أ) من العراق محافظة نينوى، ورسالة عبد الله عبد الغني العامري من العراق أيضاً.
شكراً لسماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ، وإلى أن نلقاكم على خير نستودعكم الله، ولكم تحية من خالد خميس ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر