مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب، رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
في بداية لقائنا نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====
السؤال: شيخ عبد العزيز اجتمع لي في هذه الحلقة أربع رسائل أصحابها يسألون عن الطلاق.
فالرسالة الأولى من ليبيا وباعثها أخونا محمد عبد الحميد سعيد وطلق امرأته أربع مرات ويستفتي.
أما الرسالة الثانية فمن بغداد حي الشعب أخونا يقول: إنه طلق ثلاث مرات ويستفتي أيضاً.
ثم الأخ شوقي ميلود من الجزائر يقول: كتب كتابة ونصها إنها في غرضها وهذه العبارة لديهم يقول: إنها تعرف بالطلاق.
أما أخونا صالح السيد الجرجاوي فيقول: إنه طلق بالثلاث وبعثه مسجلاً في شريط وحدد فترة الطلاق لمدة سنة، يستفتون عن هذه المواضيع في باب الطلاق لو تكرمتم سماحة الشيخ؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وصفوته من خلقه وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإني أجيب إخواني السائلين عن هذه المسائل المتعلقة بالطلاق، أن يراجعوا المفتي لديهم في بلادهم ويشرحوا له الواقع وفيما يراه إن شاء الله الكفاية، أو إلى المحكمة التي تنظر في الأحوال الشخصية على هدى الإسلام حتى يفتوهم في ذلك لأن المقام يحتاج إلى حضور الزوج وحضور المرأة المطلقة وحضور وليها وحضور من شهد الواقع، قد يحتاج إلى هذا كله، فالقاضي أو المفتي ينظر في ذلك ويسأل الحاضرين يسأل الزوج ويسأل الزوجة عما لديها، ويسأل الولي فقد يقول الزوج شيئاً والحقيقة بخلافه، فالمقام يحتاج إلى عناية وإلى احتياط، فنصيحتي لهؤلاء السائلين أن يتصلوا بالمفتين عندهم، ويشرحوا لهم الواقع والمفتي أو القاضي ينظر في الأمر، وإذا دعت الحاجة إلى أن يكتب إلى القاضي أو المفتي في شيء من ذلك للتفاهم معه فيما قد يشكل فليس عندي مانع من ذلك، وهذا كله من باب التعاون على البر والتقوى والتناصح في الله عز وجل.
الجواب: نعم السلامة من جلب الخادمات أولى وأصلح، وإذا قامت المرأة بما يلزمها في البيت واستعانت بالله عز وجل واستغنت عن الخادمات فذلك خير لها، وأبعد عن الخطر، فقد تكون الخادمة ليست ذات دين، فتضر البيت وأهله، وتضر الزوج إذا كان في البيت زوج أو أخ للمرأة أو غير ذلك من الرجال.
فالحاصل أن السلامة من الخادمات أولى وأحوط، فإذا دعت الحاجة إلى ذلك والضرورة فينبغي أن يختار من ذلك الخادمة الطيبة المسلمة وأن تلاحظ وتراقب حتى لا يقع ما يخالف أمر الله.
وهكذا تمنع من الخروج إلا إذا كانت ممن يؤمن في ذلك، وكان الخروج لحاجة كشراء حاجة من السوق إذا كانت البلد آمنة والخروج لا خطر فيه، وإلا فليخرج معها ثانية أو ثالثة أو من هو مأمون حتى يكون معها إلى أن تقضي الحاجة وترجع.
فالحاصل: أن هذا المقام يحتاج إلى عناية وإلى خوف من الله ومراقبة وإلى بعد مما قد يفضي إلى الخطر الذي لا يرضاه الله سبحانه وتعالى.
ومهما أمكنت السلامة من الخدم وأن تقوم المرأة بحاجات البيت، وأن تستريح من الأخطار التي قد تنجم عن وجود الخادمة، إما مع الزوج وإما مع رجال البيت، وإما في الخارج عند خروجها للحاجات فهذا خير للبيت وأهله، والله ولي التوفيق.
المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً الاهتمام بشئون الخادمة كالاهتمام بشئون نساء البيت؟
الشيخ: نعم حق عليهم أن يهتموا بها.
الجواب: هذا الكلام ليس حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه من كلام بعض الفقهاء، يقولون: المرأة عورة إلا وجهها في الصلاة، وقال آخرون: إلا وجهها وكفيها، وهذا قول معروف عند أهل العلم.
وقال آخرون: إلا وجهها وكفيها وقدميها أيضاً. والأكثر من أهل العلم على أن قدميها عورة في الصلاة، وأن الواجب ستر القدمين وهذا قول أكثر أهل العلم.
أما الكفان: فالأولى سترهما فإن لم تسترهما فلا حرج إن شاء الله.
وأما الوجه: فالسنة كشفه في الصلاة إلا أن يكون عندها أجنبي فإنها تستره ولو في الصلاة؛ لأنها فتنة ولأن الوجه أعظم زينتها، عملاً بقول الله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]فالآية عامة لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ولغيرهن من المؤمنين والمؤمنات، الآية عامة تعم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وتعم جميع نساء المؤمنين، كما قال عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59].
نعم ورد حديث رواه أبو داود في هذا المعنى عن عائشة رضي الله عنها: (أن
منها: أن الذي رواه عن عائشة لم يسمع من عائشة وهو خالد بن دريك فإنه لم يلق عائشة ولم يدركها، فهو منقطع والمنقطع عند أهل العلم ضعيف لا يحتج به.
ومنها: أن في إسناده راوياً يقال له: سعيد بن بشير ، وهو ضعيف عند أهل العلم لا يحتج بروايته.
ومنها: أنه من رواية قتادة بن دعامة السدوسي عن خالد بن دريك وقد عنعنه وهو مدلس، والمدلس لا يحتج بروايته إذا لم يصرح بالسماع.
وعلى فرض صحته يمكن أن يكون هذا قبل نزول آية الحجاب، فإن النساء كن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يكشفن ويجلسن مع الرجال حتى أنزل الله آية الحجاب، فلو قدرنا صحة الحديث لكان محتملاً أن يكون قبل نزول آية الحجاب؛ لأنه ليس في الحديث ذكر آية الحجاب.
ولكن يكفينا أنه ضعيف، ضعيف الإسناد لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فلا يجوز التعلق به، والمشروع للنساء بل الواجب على النساء الحجاب والتستر عن الرجال في جميع الأحوال، ومن ذلك الوجه فإنه زينة المرأة بل هو أعظم زينتها.
فالواجب الحجاب والتستر في جميع المجالات التي يكون فيها رجل غير محرم.
أما في الصلاة: فالسنة كشف الوجه، إذا كان ليس هناك رجل أجنبي، تصلي مكشوفة الوجه هذا هو السنة وإن كشفت الكفين فلا بأس، وسترهما أولى.
أما القدمان فالذي عليه جمهور أهل العلم هو سترهما، إما بالجوربين أو بالملابس الضافية التي تستر القدمين، وقد خرج أبو داود رحمه الله عن أم سلمة رضي الله عنها أنها سئلت: هل تصلي المرأة في درع وخمار؟ فقالت: إذا كان الدرع سابغاً يغطي ظهور قدميها، وقد روي هذا مرفوعاً وموقوفاً، لكن قال الحافظ ابن حجر: أن الأئمة رجحوا وقفه على أم سلمة ، وبكل حال فهو دليل على ما قاله جمهور أهل العلم من وجوب تغطية القدمين في الصلاة، إما بثياب ضافية وإما بجوربين، وفق الله الجميع.
المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! إن لم تغط المرأة قدميها أو صلت في غرفتها بمفردها، هل يلزم أيضاً تطبيق هذا؟
الشيخ: نعم عليها أن تغطي قدميها مطلقاً ولو كان ما عندها رجال؛ لأنهما عورة في الصلاة، نعم هذا الذي عليه جمهور أهل العلم.
المقدم: بارك الله فيكم، وإن لم يحصل هذا فما حكم صلاتها؟
الشيخ: عليها أن تعيد الصلاة.
السؤال: أختنا أم الحسن تسأل مع المعلمات سماحة الشيخ اللائي يسألن عن ضرب الطالبات لغرض التعليم، ولغرض الحث على أداء الواجبات، وتقول: سبب الضرب هو حث الطالب أو الطالبة على أداء واجباتهم المطلوبة منهم، وتعويدهم على عدم التهاون فيها؟
الجواب: لا بأس في ذلك، المعلم والمعلمة والوالد كل منهم عليه أن يلاحظ الأولاد وأن يؤدب من يستحق التأديب إذا قصر في واجبه، حتى يعتاد الأخلاق الفاضلة وحتى يستقيم على ما ينبغي من العمل الصالح، ولهذا ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع) فالولد إذا كان يضرب وهكذا الأنثى تضرب إذا بلغ كل منهما العشر وقصر في الصلاة يؤدب حتى يستقيم على الصلاة، وهكذا الواجبات الأخرى في التعليم وفي شئون البيت وفي غير ذلك الواجب على أولياء الصغار من الذكور والإناث أن يعنوا بتوجيههم وتأديبهم لكن يكون ضرباً لا خطر فيه، ضرباً خفيفاً يحصل به المقصود من دون مضرة على الذكر والأنثى جميعاً. نعم.
الجواب: هذا من مكائد الشيطان فإن الشيطان له مكائد يخذل بها الناس عن الدعوة إلى الله، وعن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ذلك: أن يوهمهم أن هذا من الرياء، أو أن هذا يخشى أن يعده الناس رياء فلا ينبغي لك أيها الأخت في الله أن تلتفتي إلى هذا، بل الواجب أن تنصحي لإخوانك وأخواتك إذا رأيت من أحد منهم تقصيراً في الواجب أو ارتكاباً للمحرم كالغيبة والنميمة، وعدم التستر عند الرجال الأجانب من جهة المرأة ونحو ذلك، ولا تخافي من الرياء، أخلصي لله واصدقي مع الله وأبشري بالخير واتركي خدع الشيطان ووساوسه والله يعلم ما في قلبك من القصد والإخلاص لله سبحانه وتعالى والنصح لعباده.
ولا شك أن الرياء شرك ولا يجوز، لكن لا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة أن يدع ما أوجب الله عليه من الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر خوفاً من الرياء، بل عليه أن يحذر الرياء وعليه أن يقوم بالواجب من الدعوة إلى الله ومن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في أوساط الرجال وأوساط الإناث، كل في حاجة؛ الرجل في حاجة والمرأة في حاجة، كما أن الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر فهكذا المرأة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وقد بين الله ذلك في كتابه العظيم حيث قال سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71] فهذا فيه الحث للجميع وأن من واجبات الإيمان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في حق الجميع الرجال والنساء.
في سؤاله الأول يقول: أرجو أن تفيدونا عن مسألة الشلوخ وهي علامة تعمل بالموسى على الوجه تمييزاً عن كل قبيلة من الأخرى، هل هي حلال أم حرام؟
الجواب: هذا يسمى في لغة العرب الوشم، وهذا الوشم نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ولعن من فعله، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن آكل الربا ولعن موكله ولعن الواشمة ولعن المستوشمة، سواء كان في الوجه أو في اليد أو في مكان آخر، فلا يجوز الوشم؛ لأنه تغيير لخلق الله، فلا يجوز للمؤمن ولا للمؤمنة تعاطي ذلك، أما ما مضى مع الجهل فالتوبة تكفي والحمد لله.
أما المستقبل بعد ما علم الإنسان حكم الله فالواجب عليه الحذر مما حرم الله، وهذا يعم الرجال والنساء.
الجواب: لا يجوز للمسلم ولا للمسلمة مشاركة النصارى أو اليهود أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم بل يجب ترك ذلك؛ لأن من تشبه بقوم فهو منهم والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من مشابهتم والتخلق بأخلاقهم.
فعلى المؤمن وعلى المؤمنة الحذر من ذلك وألا يساعد في إقامة هذه الأعياد بأي شيء؛ لأنها أعياد مخالفة لشرع الله، ويقيمها أعداء الله فلا يجوز الاشتراك فيها ولا التعاون مع أهلها ولا مساعدتهم بأي شيء، لا بالشاي ولا بالقهوة ولا بأي شيء من الأمور كالأواني ونحوها.
وأيضاً يقول الله سبحانه: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2]فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوع من التعاون على الإثم والعدوان، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة ترك ذلك، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بالناس في أفعالهم، الواجب أن ينظر في الشرع الإسلامي وما جاء به، وأن يمتثل أمر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام وأن لا ينظر إلى أمور الناس فإن أكثر الخلق لا يبالي بما شرع الله، كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم: وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116] قال سبحانه: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]فالعوائد المخالفة للشرع لا يجوز الأخذ بها وإن فعلها الناس.
والمؤمن يزن أفعاله وأقواله ويزن أفعال الناس وأقوال الناس بالكتاب والسنة، بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول وإن تركه الناس، وما خالفهما أو أحدهما فهو المردود وإن فعله الناس، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.
الجواب: نعم حجها صحيح وليس عليها شيء وإذا أقامت في ليالي منى أكثر الليل كفى، ولكن المبيت والبقاء في منى أفضل كما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أما من انتقل من منى في النصف الأخير إلى مكة أو إلى مكان آخر فإن مبيته صحيح ولا يضره ذلك. أو مثلاً ذهب في أول الليل إلى مكة للطواف أو غيره، ثم رجع غالب الليل في منى كفى ذلك.
المهم أن يبقى نصف الليل سواء كان من أول الليل أو من آخره.
السؤال: أختنا تقول: إنها لم تكن تقضي الأيام التي فاتتها من شهر رمضان وهي لا تستطيع إحصاءها فكيف توجهونها؟
الجواب: تعمل بالاجتهاد تتحرى! عليك أن تتحري أيها الأخت في الله، وأن تصومي ما غلب على ظنك أنك تركت صيامه، وتسألين الله العون والتوفيق، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] اجتهدي وتحري واحتاطي لنفسك حتى تصومي ما غلب على الظن أنك تركتيه. نعم.
السؤال: إذا صامت يوم عاشوراء ويوم عرفات والثلاثة الأيام البيض، هل يجزئ ذلك عن تلك الأيام التي أفطرتها؟
الجواب: إذا صامتها بالنية إذا صامت يوم عاشوراء أو عرفة أو أيام البيض بالنية عما عليها من القضاء أجزأ ذلك، الأعمال بالنيات.
الجواب: لا ما يسقط العرج لا يمنع، العرج والمرض والعمى لا يمنع الحج إلا إذا كان مرضاً لا يرجى برؤه ولا يتمكن معه من الحج، فهو كالشيخ الكبير العاجز والعجوز الكبيرة العاجزة التي لا يمكنها الطواف.
أما المرض الذي يرجى زواله والعرج والعمى فلا يسقط الحج، عليه أن يحج وإن كان أعرج؛ لأنه يمكنه أن يطوف وإذا عجز عن الطواف أمكنه أن يطوف في العربانة أو محمولاً.
الجواب: ما يلزمه الحج؛ لأن الله يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا [آل عمران:97] وفي الحديث يقول صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت) وفي حديث جبرائيل قال لـ: (لمن استطاع إليه سبيلاً).
فالمقصود أن الحج لا يجب إلا مع الاستطاعة، فإذا كان مديناً يبدأ بالدين وإن حج أجزأه إن حج وهو عليه الدين، لكن الواجب عليه أن يبدأ بالدين قبل الحج، إلا إذا سمح أهل الدين وعفوا عن حجه ولو أخر دينهم لا بأس، إذا كان الدين محدوداً لأناس معينين وسمحوا فلا بأس، وإلا فالواجب أن يبدأ بالدين، فإن حج ولم يقض الدين فلا شيء عليه، حجه صحيح، أو كان عنده ما يؤدي منه كان عنده مال ليس عليه خطر إذا حج ليس عليه خطر عنده مال، فإنه يلزمه الحج، إذا كان عنده قدرة واستطاعة لكنه تساهل، حجه صحيح ويلزمه الحج، ويلزمه أيضاً أن يبادر بقضاء الدين إذا أمكنه ذلك، أما إذا كانوا غائبين أو لم يعرفهم أو ما أشبه ذلك مما يمنعه من قضاء الدين فيحج ومتى أدركهم ومتى قدر عليهم أعطاهم حقوقهم.
السؤال: الرسالة التالية رسالة وصلت إلى البرنامج من السودان قرية أم دم، باعثها أحد الإخوة يقول: (س. س. س) أخونا يقول: نرجو إفادتنا عن شيخ عندنا في البلاد، له أتباع كثيرون يتفانون في خدمته وطاعته والسفر إليه، معتقدين أنه من أولياء الله فيأخذون منه الطريقة السمانية الصوفية، وتوجد قبة كبيرة لوالده يتبرك بها هؤلاء الأتباع، ويضعون فيها ما تجود به أنفسهم من النذور ويقيمون الذكر بضرب الدفوف والطبول والأشعار، وفي هذا العام أمرهم شيخهم بزيارة قبر شيخ آخر، فسافروا رجالاً ونساء في مائة سيارة كيف توجهونهم؟
الجواب: هذا منكر عظيم وشر كبير فإن السفر إلى زيارة القبور منكر، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى) فالرحال لا تشد لزيارة القبور وإنما تشد للمساجد الثلاثة لقصد القربة والطاعة.
ثم التقرب لأصحاب القبور بالنذور أو بالذبائح أو بالصلوات أو بالدعاء والاستغاثة كله شرك بالله عز وجل، فلا يجوز للمسلم أن يدعو صاحب القبر ولو كان عظيماً كالرسل عليهم الصلوات والسلام، ولا يجوز أن يستغيث به كما لا يجوز أن يستغيث بالأصنام ولا بالأشجار ولا بالكواكب فهكذا أصحاب القبور ليس لأحد أن يستغيث بهم، أو ينذر لهم أو يتقرب إليهم بالذبائح أو النذور كل هذا من المحرمات الشركية.
كذلك لعبهم بالدفوف وتقربهم بالدفوف التي يفعلها كثير من الصوفية كل هذا بدعة ومنكر وليس فيه عبادة الله التقرب بالدفوف لا في القبور ولا في المساجد ولا في غير ذلك، وإنما يشرع الدف للنساء في العرس إظهاراً للنكاح أنه نكاح وليس بسفاح.
كذلك البناء على القبور منكر، النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تجصيص القبور والبناء عليها والقعود عليها، كما رواه مسلم في الصحيح عن جابر رضي الله عنه قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه)وقال عليه الصلاة والسلام: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد).
فلا يجوز البناء على القبور لا مساجد ولا غيرها، يجب أن تكون ضاحية مكشوفة ليس عليها بناء ولا يجوز التبرك بها بالقبور وأهلها والتمسح بهم، كما لا يجوز دعاؤهم والاستغاثة بهم والنذر لهم والذبح لهم، كل هذا من عمل الجاهلية.
فالواجب على أهل الإسلام الحذر من ذلك، والواجب على أهل العلم أن ينصحوا هذا الشيخ، وأن يعلموه أنه في عمل باطل وأنه منكر وأن حثه للناس وترغيبه للناس في دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات أن هذا هو الشرك الأكبر نعوذ بالله.
ويجب على المسلمين أن لا يقلدوه وأن لا يتبعوه وأن لا يغتروا به، فالعبادة حق الله وحده هو الذي يدعى ويرجى، كما قال سبحانه: فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا [الجن:18] وقال سبحانه: وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [المؤمنون:117] سماهم كفرة بدعوتهم غير الله، من الجن والملائكة والأنبياء وأصحاب القبور أو الكواكب أو الأصنام كل هذه دعوتها مع الله شرك أكبر.
هكذا يقول سبحانه وتعالى: وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ [يونس:106] يعني: المشركين.
وعلى جميع من يستطيع إنكار هذا المنكر أن يساهم في ذلك، وعلى الدولة إذا كانت مسلمة أن تمنع ذلك، وأن تعلم الناس ما شرع الله لهم وما أوجب عليهم من أمر الدين، حتى يزول هذا المنكر وحتى يزول هذا الشرك، نسأل الله الهداية للجميع.
المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر