إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (92)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    التفصيل في حكم أكل اللحوم المستوردة من الخارج

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم.

    أيها المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في لقائنا هذا الذي نعرض فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    فضيلة الشيخ عبد العزيز ! وردتنا مجموعة كبيرة من أسئلة السادة المستمعين، الذين يرغبون في الإجابات منكم، ومن ضمن هؤلاء: مستمع من ضواحي الخرج، وأحمد عبد الله حمد الشلال ، وشلوي محمد علي من الرياض.

    ====

    السؤال: ونبدأ برسالة المستمع، مستمع من ضواحي الخرج، يقول في رسالته: هل لحوم الدجاج والأغنام المستوردة من الخارج حلال أم حرام، مع ذكر الدليل إن وجد وفقكم الله؟

    الجواب: هذه اللحوم المستوردة فيها تفصيل: إن كانت من بلاد أهل الكتاب كاليهود والنصارى فيحل لنا، مثل ما يستورد من فرنسا، إنجلترا، أمريكا، الدنمارك وأشباه ذلك؛ لأن الله أباح لنا طعام أهل الكتاب، حيث قال سبحانه وتعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ [المائدة:5]، وطعامهم ذبائحهم، الله أباح لنا طعامهم وهي ذبائحهم، وقد أجمع أهل العلم على ذلك، فما كان من بلاد أهل الكتاب وهم من اليهود والنصارى فهو حل لنا، إلا إذا علمنا أنه ذبح على غير الشرع، كأن يكون ذبح بالخنق والوقذ، هذا لا يحل، مثل ذبيحة المسلم التي يذبحها بالخنق والوقذ لا تحل، أما مادمنا نجهل ذلك فالأصل الحل، ما دمنا لا نعلم أنها ذبحت على غير الشرع، فالأصل حل ذلك، مثل ذبيحة المسلم، أما الذبائح الأخرى التي ترد من البلاد الشيوعية أو الوثنية كالهند، أو الشيوعية كبلغاريا والسوفيت فهذه لا تحل، إلا إذا علمنا أنه ذبحها مسلم أو كتابي، إذا علمنا ذلك فلا بأس، وأما إذا لم نعلم فالأصل تحريم ذبائحهم، تحريم ذبائح الوثنيين وتحريم ذبائح الملحدين، ذبائح الملحدين من الشيوعيين، فينبغي التفريق والتفصيل.

    1.   

    كيفية التصرف في النقود اليسيرة لأناس لا يعرفون

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من العراق، يقول مرسلها أحمد عبد الله حمد الشلال من محافظة نينوى ناحية.. إلى آخره، يقول: إني في سنة ألف وتسعمائة وأربعة وسبعين قمت بحج بيت الله الحرام، وعندما انتهت فترة الحج سافرنا إلى أهلنا، وعندما خرجنا من الكويت إلى العراق تبرعنا نحن الحجاج لسائق السيارة التي جئنا فيها إلى بيت الله الحرام بمبلغ كل حاج دينارين، وجمعتها أنا، وبقيت فلوس لبعض الحجاج عندي، لكل واحد ريـال أو ريالان، ونحن كثير حوالي أربعين حاجاً، وهم الذين بقيت لهم فلوس عندي حوالي عشرة حجاج، وعندما وصلنا إلى العراق تفرقوا ولم أعرف بيوتهم، أفيدونا جزاكم الله عنا خيراً، ما الذي أصنعه في هذه الفلوس؟

    الجواب: هذه الفلوس قليلة سهلة، في حكم المعفو عنه، إن أكلتها فلا بأس، وإن تصدقت بها فلا بأس، بقي ريـال أو ريالان أمرها خفيف، والقاعدة أن الشيء القليل من اللقطات يسمح لآخذه، ولا حرج عليه في ذلك، وإن تصدقت بها عنهم، وأعطيتها بعض الفقراء فحسن، ولا حرج عليك في أكلها ولا في الصدقة بها.

    1.   

    حكم الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد غيره

    السؤال: سؤاله الثاني يقول: أسأل عن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نحن عندنا عندما يموت شخص، وبعد ثلاثة أيام يقوم أهل الميت يعملون مولداً للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعد شهر يعملون، أو بعد سنة يذبحون بقرة، أو يشترون لحماً ويعملون أكلاً ويوزعونه على القرية، وبعد ذلك يعملون مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هل هذا جائز أو سنة، أو الأصحاب فعلوا ذلك، أو أحد من السلف، نرجو توضيح ذلك لنا جزاكم الله عن المسلمين خيراً؟

    الجواب: الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ولا فرق بين مولد النبي عليه الصلاة والسلام وغيره، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، وهو المعلم، وهو الناصح، لم يحتفل بمولده عليه الصلاة والسلام، وهكذا خلفاؤه الراشدون لم يحتفلوا بالمولد، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، هم أعلم الناس وهم أكمل حباً منا للنبي صلى الله عليه وسلم، هم أعلم بالسنة، ومع هذا لم يحتفلوا بالمولد، فدل ذلك على أنه بدعة، والبدع كلها ضلالة، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعة ضلالة)، وقد مضت القرون المفضلة الثلاثة ولم يحتفل بالمولد، ولا فعله أحد من السلف الصالح، فعلم بذلك أنه بدعة، وأن هذا مما أحدثه الناس من بعد القرون المفضلة، ويقال: إن أول من أحدثه حكام مصر من العبيدين المعروفين، وهم من الشيعة فيما ذكر جماعة من المؤرخين، أحدثوه في المائة الرابعة، ويقال: إن أول من أحدثه ملك إربل، وبكل حال فهو محدث وبدعة لا أصل له، وقد زعم بعض الناس في بعض القرون الماضية وفي عصرنا هذا، زعموا أنه سنة، وأنه لا بأس به، وأنه من البدع الحسنة، وهذا قول فاسد لا وجه له بل هو فاسد، وفيه في الحقيقة اعتراض على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم أعلم الناس وأفضل الناس، ولم يفعلوا هذه البدعة، فالواجب ترك ذلك، وفي الإمكان أن تدرس السيرة في الحلقات العلمية، وفي الدروس اليومية والأسبوعية، فيتعلم الناس السنة، سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وما كان عليه من أعمال وأقوال، كما يتعلمون أحكام الشريعة التي جاء بها عليه الصلاة والسلام، هذا هو المطلوب في الدروس المدرسية، في الحلقات العلمية، في المساجد، في الوعظ والتذكير، تعلم فيه السنة والسيرة، ويذكر فيه المولد وما حدث في المولد، كل هذا ممكن، وهو شاف كاف، أما إيجاد موالد يحتفل بها، ويقام فيها موائد الطعام وغير ذلك، هذا لا أصل له، بل هو من البدع المحدثة، وكل بدعة ضلالة، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بفعل الناس، فإن فعل الناس ليس بحجة، وأكثر الناس ليسوا على بصيرة في أمور الدين، قال الله تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، فالعمدة الحجة والدليل، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، والدراسة لأحوال النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته، وما جرى في مولده وفي هجرته، كل هذا يفعله العلماء في المدارس، وفي الحلقات العلمية، وفي التذكير والمواعظ، من غير حاجة إلى إقامة الموالد التي ابتدعها المبتدعون، ويقع فيها في بعض الأحيان من الشرك والغلو ما لا يعلمه إلا الله، يقع فيها أنواع من الشرك، كذلك يقع فيها أنواع من الشرور في بعض الأحيان، فيجب قفل هذا الباب وسد هذا الباب، وأن يكتفى بالدروس الإسلامية في المساجد، وفي حلقات العلم، وفي التذكير والوعظ في جميع شئون الدين، وفي كل ما يتعلق بالسنة وأحكامها، هذا هو الحق، وما فعله بعض الناس اليوم وقبل اليوم من الاحتفالات بمولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو بمولد البدوي ، أو الشيخ عبد القادر ، أو فلان، أو فلان كله بدعة، كله لا أصل له، والواجب تركه عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وبقوله عليه الصلاة والسلام: (كل بدعة ضلالة).

    1.   

    حكم تكشف زوجات المبتعثين في الخارج

    السؤال: هذه رسالة وردتنا من شلوي محمد العلي من الرياض، يقول في رسالته: أرجو عرض رسالتي هذه على سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز حفظه الله خاصة، ونرجو أن يعالج هذه الرسالة معالجة وافية، يقول: بعض المبتعثين إلى الخارج يذهبون بزوجاتهم معهم، فمنهم من يجبر زوجته على التكشف؛ خشية الضحك عليهم والتندر بهم من الغرب، حتى إن الزوجات يجتمعن مع أزواجهم جميعاً، ويأكلون ويشربون ويتندرون، بل إن بعضهم يقبل زوجة صديقه أو زميله وهو ينظر، ولا بأس عندهم في ذلك، نرجو معالجة ذلك عبر برنامجكم نور على الدرب، وفقكم الله؟

    الجواب: لاشك أن هذا الأمر الذي ذكره السائل منكر ولا يجوز، فإن الواجب على الرجل أن يكون عنده غيرة، وأن يكون عنده حرص على عفة زوجته، وبعدها عن مواضع الخطر، وأن تكون بعيدة عن التبذل وعدم الحجاب، بل يلزمه أن يقوم عليها وأن يوجهها إلى الخير، وأن تحتجب أينما كانت، سواء كانت في بلاد المسلمين، أو في بلاد الكافرين مع زوجها، الواجب على الجميع التأدب بالآداب الشرعية، والتقيد بها في كل مكان، ومن ذلك الحجاب، وعدم الاختلاط بالأجناب من أزواج الزملاء، وإذا وقع التقبيل من الشخص لزوجة زميله فهذا منكر عظيم.

    المقصود أن هذه الأشياء التي ذكرها السائل منكر، فلا يجوز كشف الوجه أو الشعر عند زملاء الزوج، ولا يجوز لزيد أو عمرو من الزملاء أن يقبل زوجة صديقه أو زميله، أو ينظر إليها، بل يجب غض البصر، ويجب الامتناع من التقبيل، ويجب الامتناع أيضاً من الاختلاط الذي يفضي إلى ذلك، بل يجلس النساء وحدهن في أكلهن وشربهن، والرجال وحدهم في أكلهم وشربهم، وتحافظ المرأة على الحجاب، والرجل على غض البصر أينما كان، هذا هو الواجب على المسلمين، ويجب على الدول الإسلامية التي تخاف الله أن تمنع هذا، وأن تقوم على من يفعله حتى يزول هذا البلاء.

    والابتعاث إلى بلاد الكفر فيه خطر عظيم، فيجب منعه مهما أمكن، وأن تكون الدراسة في الداخل، وأن يسلم الناس من شر هذا الابتعاث، الذي يفضي إلى فساد كثير، إلى فساد العقيدة، وإلى إفساد الأخلاق، وإلى اختلاط الرجال بالنساء، وإلى قلة الغيرة، وإلى تمتع الرجال بأزواج غيرهم ونساء غيرهم، وربما أفضى إلى الفاحشة والملامسة والتقبيل بغير حق، وهذا كله بلاء عظيم، وهو خطر، هذا الابتعاث خطر في العقيدة والأخلاق جميعاً على الرجال والنساء، فالواجب منعه منعاً باتاً من دولتنا وفقها الله، ومن جميع الدول الإسلامية، وعلى آباء المبتعثين نصيحتهم لهذا، وألا يوافقوا على ابتعاثهم مهما أمكن، ولو على حساب الآباء، أو حساب المؤسسات، أو ما أشبه ذلك، بل يجب التقيد بالتعلم في بلاد الإسلام، وفي المدارس الإسلامية، والجامعات الإسلامية التي فيها الخير وفيها الكفاية، وإذا كان هناك ضرورة للابتعاث ليس هناك ما يغني عنه، فليبتعث الرجل العاقل الدين، المعروف بالاستقامة والعقل الرزين، والغيرة الإسلامية، والبعد عن أسباب الشر، فيبتعث هذا وحده أو مع زوجته المستقيمة عند الضرورة، هذا لا حرج فيه إن شاء الله عند الضرورة، يكون داعية إلى الله، وموجهاً إلى الخير، ويتعلم الشيء الذي تدعو الضرورة إلى تعلمه، وزوجته معه تعينه على العفة والسلامة، ويتحدث معها وتتحدث معه، ويعلمها ويفيدها ويوجهها إلى الخير، وإذا سافر بدون الزوجة فلا بأس.

    المقصود أن هذا ينبغي أن يعالج بأمرين: الأمر الأول: منع الابتعاث بالكلية، فإذا دعت الضرورة إليه لعدم وجود الحاجة التي يبتعث لأجلها، فلابد أن ينظر في الشخص المبتعث، ولا يبتعث كل أحد، بل لا يبتعث إلا الرجل المعروف بالاستقامة، والعقل الجيد والأخلاق الفاضلة، والاتزان والعلم والفضل، حتى لا يخشى عليه الوقوع في الباطل بإذن الله، وإذا كان معه زوجة فلينظر أيضاً، فإن كانت جيدة صينة فلا بأس باصطحابها مع نصيحتها ومع ملاحظتها حتى لا تقع في باطل، وإن كانت ليست جيدة لم يذهب بها وتركها عند أهله خوفاً عليها من وقوع ما لا تحمد عقباه؛ فإنه ليس دائماً عندها.

    1.   

    ظاهرة طلاق بعض المبتعثين لزوجاتهم بعد عودتهم من الخارج

    السؤال: أيضاً يقول في رسالته شلوي محمد علي، إنه يلاحظ من كثير من المبتعثين إذا عادوا إلى بلادهم بعد الابتعاث، أن كثيراً منهم يطلقون زوجاتهم، ما الذي يفسر به هذا وفقكم الله؟

    الجواب: هذا ما سمعته إلا الآن، ويمكن أن يكون السر في ذلك أنه يزهد فيها بعدما يرى النساء الكافرات، وبعدما يتصل بالبغايا هناك والعياذ بالله، فقد يبدو له أن زوجته بالنسبة إلى أولئك البغايا لا تناسبه وأنهن أجمل منها، أو أنهن آدم منها، أو أعلم منها، أو ما أشبه ذلك، قد يكون هذا من الأسباب، وقد يكون من الأسباب أنها تخالفه في بعض المسائل التي تخالف الدين، وتنصحه وتريد له الخير وهي أحسن ديناً منه، فإذا جاء كرهها؛ لكونها خيراً منه، ولكونها تنكر عليه بعض أعماله السيئة، وربما يخشى أن تخبر بعوراته وأعماله الرديئة، هذا ممكن، هذا وهذا، ممكن أن يكون يطلقها زهداً فيها؛ لأنه رأى من هو أجمل منها وصحب من هو أجمل منها من البغايا، وقد يكون طلقها؛ لأنها تخالفه في آرائه الفاسدة، ولأنها تنكر عليه أعماله الرديئة، فلهذا كرهها وزهد فيها، لفسقه ولديانتها واستقامتها، هذا محتمل وهذا محتمل.

    المقدم: شكراً فضيلة الشيخ.

    إلى هنا أيها السادة نأتي إلى نهاية لقائنا هذا، الذي عرضنا فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    وقد تمكنا من عرض رسائل: المستمع من ضواحي الخرج، وأحمد عبد الله حمد الشلال ، وشلوي محمد علي من الرياض.

    شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز ، وشكراً لكم أيها السادة، وتحية لكم من مهندس لقائنا هذا: عبد الرحمن اليحيى ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    768242749