إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (619)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم الموالد وما يقع فيها من منكرات

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب. رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين، فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====السؤال: سماحة الشيخ! أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من العراق- حي صلاح الدين ، باعث الرسالة مستمع من هناك يقول: أخوكم في الإسلام علي صالح محيا -فيما يبدو- أخونا يقول: حيرني وحير جميع أهلي قضية رأيناها، هي: تقام في قريتنا بعض الاحتفالات والموالد، وأرى بعض الأشخاص يقومون بأعمال غريبة جداً، وهي: أن يقوم بعض الأشخاص بضرب أنفسهم بسيف أو الخنجر، وتقطيع أيديهم وأصابعهم، هل هذه الأفعال معقولة؟ وهل هي من عمل الشيطان ونوع من السحر والشعوذة؟ وإذا كانت من عمل الشيطان كيف نرى أن الشخص الذي يقول لهم: إن هذا العمل غير صحيح وأنه سحر وشعوذة يصاب في اليوم التالي بمرض خطير لا يشفى منه إلا إذا اعتذر منهم؟ وجهونا شيخ عبد العزيز ؛ لأنها فتن ابتلينا بها، جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فهذه الأشياء التي ذكرها السائل من كون بعض الناس يقيمون أعياداً واحتفالات، ويعملون أعمالاً منكرة؛ من تقطيع أيديهم وأصابعهم.. ونحو ذلك، وأن من أنكر عليهم ذلك قد يصيبه بعض الأمراض، كل ذلك من عمل الشيطان، وكل ذلك من تزيينه للناس حتى يطيعوه، وحتى يعملوا ما يدعوهم إليه من طاعة الشيطان وعصيان الرحمن، وهذه الأعمال التي يفعلها هؤلاء المخرفون هؤلاء يقمرون على الناس ويسحرون أعينهم، فيظن الناس أنهم قطعوا أيديهم أو قطعوا أرجلهم أو أصابعهم وليس شيء من ذلك، كله كذب وكله سحر، يكون له مخرج كما قال الله في قصة السحرة مع موسى: فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116] فالساحر قد يسحر الناس حتى يرى الحبل حية، ويرى العصا حية، كما قال تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى [طه:66].

    فالمقصود أن هذه الأعمال أعمال سحرية وشعوذة وباطلة، والواجب إنكارها على أهلها، وعلى الحاكم الإسلامي والحاكم العاقل التي يريد صلاح جماعته وصلاح رعيته أن يمنع هؤلاء، وأن يقضي عليهم بالقوة حتى لا يعودوا لمثل هذه الأعمال الخبيثة، كما أن عمل الأعياد والاحتفال بالأعياد؛ مولد فلان أو فلان، كل ذلك لا أصل له، كله من البدع التي أحدثها الناس، فليس في الإسلام أعياد لمولد فلان أو مولد فلان وإنما فيها الأعياد الشرعية؛ عيد النحر، وعيد الأضحى، والاجتماع في موسم الحج في عرفة، وأيام النحر، هذه أعياد المسلمين، أما عيد مولد فلان، أو عيد مولد فلان، أو مولد النبي عليه الصلاة والسلام، أو مولد الحسين ، أو مولد فلان، كل ذلك لا أصل له، كل ذلك مما أحدثه الناس وابتدعه الناس بعد القرون المفضلة.

    فالواجب على المسلمين ترك ذلك والتوبة من ذلك، والتعاون على البر والتقوى والتواصي بالحق، والرجوع إلى ما شرعه الله وجاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، فالخير كله في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم والشر كله في مخالفة هديه وما كان عليه أصحابه رضي الله عنهم، فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) يعني: فهو مردود، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة ويقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) زاد النسائي بإسنادٍ حسن: (وكل ضلالةٍ في النار) وفي حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه يقول صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثةٍ بدعة وكل بدعة ضلالة).

    فوصيتي لإخواني في كل مكان؛ في العراق أو في كل مكان ترك هذه الأعياد المنكرة والاكتفاء بالأعياد الإسلامية، وأن تكون اجتماعاتهم في درس القرآن والأحاديث النبوية والعلم النافع في الأوقات المناسبة من الليل والنهار للتعلم والتفقه في الدين، كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين) وقال عليه الصلاة والسلام: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريق إلى الجنة) أما اجتماع باحتفال مولد فلان أو فلان فهذا بدعة، يجب الحذر منها وتركها والتعاون في ذلك بالأسباب، بالأسلوب الحسن، بالنصيحة الطيبة، حتى يفهم المؤمن والمؤمنة الحقيقة، يكون الاجتماع لطاعة الله ورسوله، للعلم، للتفقه في الدين، للتعاون على البر والتقوى.

    أما للاحتفال بمولد فلان أو فلان أو فلان فهذا كله من البدع التي لا تجوز، وأعظم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم هو أشرف الخلق وأفضلهم، ولا يجوز الاحتفال بمولد لم يشرعه عليه الصلاة والسلام، ولو كان الاحتفال بمولده مشروعاً لفعله صلى الله عليه وسلم هو وعلمه الناس، وعلمه أصحابه، ولفعله أصحابه بعده وعلموه الناس، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه بدعة ولم يكن هذا مفعولاً في القرون المفضلة: القرن الأول والثاني والثالث بل حدث بعد ذلك، في القرن الرابع وما بعده من بعض الناس.

    فوصيتي لجميع إخواني المسلمين في كل مكان ترك هذه البدعة وهي بدعة الموالد والحرص على التفقه في الدين وحضور حلقات العلم في أي وقت، يتعلم ويتفقه، يقرأ القرآن، يتعلم التفسير، يقرأ السنة، ويسأل أهل العلم في الحلقات المعتادة من الليل والنهار لطلب العلم والتفقه في الدين.

    أما إقامة احتفالات بالموالد فهذا كله لا أصل له، وأما هؤلاء الصوفية المخرفون الذين يطعنون أنفسهم بالسلاح، بالسيوف أو بالخناجر، أو يقطعون أيديهم، أو أصابعهم فيما يراه الناس، فكل هذا منكر وكله تزييف وكله سحر وكله تضليل، فيجب الإنكار عليهم ومحاربة أعمالهم وهجرهم والتحذير منهم والاستعداء عليهم من جهة ولاة الأمور حتى يمنعوهم من هذا العمل الباطل الخبيث المنكر، نسأل الله للجميع الهداية.

    المقدم: اللهم آمين، جزاكم الله خيراً. شيخ عبد العزيز ينوه صاحب الرسالة في نهايتها إلى أن من أنكر عليهم أنه يصاب بمرض شديد وهذه فتنة كما وصفها؟

    الشيخ: هذا يقع لبعض الناس وهذا من عمل الشيطان؛ لأن الشياطين تدعوا إلى هذه المشاهد، تدعوا إلى هذه المنكرات وهذه الاجتماعات الباطلة، وربما أصابوا من أنكرها بشيءٍ من الأذى حتى لا ينكر المنكر، ولكن متى اعتصم بحبل الله.. متى اعتصم بدين الله واستعاذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وتوكل على الله لا يضره الجن ولا يضره الشياطين ولا يضره أحد، فعلى المنكر أن يخلص لله وأن يستعين بالله، وأن يعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإذا استعان بالله واعتمد عليه وسأله العافية كفاه شر الشياطين، ولا ينبغي له أن يتأثر بذلك، فالشياطين من الجن مثل شياطين الإنس يتعاونون على الإثم والعدوان ويؤذونه من أنكر عليهم الباطل حتى يستمروا في باطلهم، فلا ينبغي للمؤمن أن يتأثر بذلك بل ينكر المنكر، وإن أصابه شيء ففي سبيل الله، بعض الأنبياء قد قتل فكيف بأنت يا أيها المؤمن التابع للأنبياء؟! عليك أن تتحمل وأن تصبر وأن تستعيذ بالله، وأن تعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأن تفعل الأسباب التي تستطيعها وأبشر بالخير، أبشر بأنهم لن يضروك شيئاً وسوف يبطل الله كيدهم ويرد كيدهم في نحورهم إذا اعتصمت بالله واستعنت به وتوكلت عليه وأخذت بالأسباب النافعة.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، إذاً هذا له صلة وثيقة بالاعتقاد كما فهمت منكم سماحة الشيخ؟

    الشيخ: نعم، صلةٌ وثيقة بالاعتقاد، وصلةٌ وثيقة بتعاون الشياطين، شياطين الإنس وشياطين الجن على من أنكر المنكر حتى يردوه عن ذلك وحتى يضعفوه، ولكن متى استقام على طاعة الله واستعان بالله وصدق مع الله كفاه الله شرهم، كما قال سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].

    1.   

    عقائد باطلة عن ولادة الطفل

    السؤال: رسالة من جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية باعثها إحدى الأخوات المستمعات من هناك، تقول المستمعة: (خ. عبد الله حسين ) ملخص ما في رسالة أختنا، تقول: إن النساء اعتدن في بلادها أن يطبخن عصيدة عند ولادة إحدى القريبات أو الجارات ويفرقنه على البيوت، وما تبقى تدعى القريبات والصديقات ليأكلن من هذه العصيدة التي يسمينها: عصيدة بنت النبي، لاعتقادهن أنها هي التي أخرجت المولود، ومن يرفض أكلها يقال عنها: إنها لا تحب فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن فاطمة غاضبةٌ عليها، وسؤالها يتلخص في معرفة حكم هذا العمل؟ وهل يجوز الأكل من هذه العصيدة؟ أم أن أكلها له حكم الذبح لغير الله؟ وجهوهم جزاكم الله خيراً شيخ عبد العزيز .

    الجواب: هذه العصيدة بدعة منكرة لا أساس لها، وليس لبنت النبي صلى الله عليه وسلم عصيدة رضي الله عنها، وليست هي تنفع وتضر، تنفع من والاها وتضر من عاداها، بل النفع والضر بيد الله عز وجل، ولكنها بنت النبي صلى الله عليه وسلم وصحابيةٌ رضي الله عنها يجب حبها في الله وموالاتها في الله، لكن ليس لها من الأمر شيء، لا تنفع ولا تضر أحداً، فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يعتصم بالله، وأن يتوكل على الله، وأن يعبده وحده، هو النافع الضار سبحانه وتعالى، فالمؤمن يسأل ربه الإعانة وصلاح أولاده، ويسأل الله ما أهمه من حاجته وحاجة أولاده، أما إيجاد عصيدة باسم بنت النبي صلى الله عليه وسلم فهذه بدعة لا أساس لها، وبنت النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة وهكذا غيرها من الصحابة وهكذا عمه، وهكذا هو صلى الله عليه وسلم لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولا يجوز دعاؤه من دون الله، ولا الاستغاثة به من دون الله، ولا طلبه المدد، ولا طلب فاطمة ولا طلب علي ولا غيرهم من الصحابة، الطلب يطلب من الله، والمدد من الله، والعون من الله سبحانه وتعالى، كما قال عز وجل عن نبيه محمد عليه الصلاة والسلام في سورة الأعراف: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188] هكذا يقول عليه الصلاة والسلام، ويقول جل وعلا لنبيه: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ [الأنعام:50] ويقول جل وعلا عن نبيه صلى الله عليه وسلم: قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَدًا [الجن:21] فالأمر بيد الله سبحانه وتعالى، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يملك ضراً ولا رشداً فبنته فاطمة من باب أولى لا تملك شيئاً، وقد نزل بها الموت بعد وفاة أبيها بستة أشهر فما دفعت عن نفسها شيئاً رضي الله عنها وأرضاها.

    فالحاصل أن هذه العصيدة منكرة وبدعة ولا يجوز فعلها ولا تعاطيها، بل إذا ولدت المرأة يدعى لها بالعافية والشفاء، وتنصح بما تحتاج إليه، وتعاون إذا كانت فقيرة مما يعينها على حاجاتها من النقود والطعام، أما هذه العصيدة فيجب تركها والحذر منها وترك هذا الاعتقاد الفاسد، نسأل الله السلامة والعافية.

    1.   

    كذب قصة محاربة علي رضي الله عنه للجن

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من الجمهورية العربية اليمنية، باعثها مستمعٌ من هناك يقول: المرسل علي علي محمد القناد -فيما يبدو-، يسأل ويقول: هل صحيح أن الإمام علي رضي الله عنه حارب الجن، حيث ورد في كتاب غزوات الإمام علي ذلك وأنه حاربهم حتى أوصلهم الأرض السابعة، ثم ما هو رأيكم في هذا الكتاب؟

    الجواب: كل هذا لا أصل له، لم يحارب الجن ولم يقع شيء من ذلك بل هذا باطل، ومن الموضوعات والكذب التي كذبها الناس، وقد نص أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية على ذلك وقال: إنه شيءٌ لا أصل له، بل هو من الأباطيل التي كذبها الكذابون.

    1.   

    حكم الصلاة خلف المشعوذ

    السؤال: هل تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال علماً بأن منهم من يجيد قراءة القرآن، وجهونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: إذا كان الإمام مشعوذ يدعي علم الغيب ويقوم بخرافاتٍ من المنكرات لا ينبغي أن يتخذ إمام، ولا يصلى خلفه؛ لأن من ادعى علم الغيب يكون كافراً، نسأل الله العافية، يقول جل وعلا: قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65] وإذا كان عنده شيء من المعاصي وليس عنده دعوى علم الغيب ولكن عنده شيء من المعاصي فينبغي التماس غيره وإن صحت الصلاة خلفه؛ لأن الصحيح أن الصلاة تصح خلف العاصي إذا كان ما هو بكافر، تصح الصلاة خلفه لكن ينبغي التماس من هو أحسن منه وأن يوظف للمسلمين الأخيار والطيبون حتى يكونوا أئمة لهم، أما العصاة فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة، لكن لو وجدوا وصاروا أئمة صحت الصلاة خلفهم؛ لأن هذا قد يبتلى به الناس، أما إذا كان كافراً يدعي علم الغيب أو يدعو غير الله ويستنجد بالموتى ويستغيث بهم، ويطلب منهم المدد فهذا لا يصلى خلفه، أو ساحر يسحر الناس ويتعلم السحر ويعلمه الناس لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية.

    1.   

    معنى قوله تعالى: (ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه ...)

    السؤال: فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [البقرة:258]؟

    الجواب: هذه الآية واضحة لمن تأملها، كان إبراهيم عليه الصلاة والسلام خليل الرحمن قد بعثه الله إلى قومه يدعوهم إلى توحيد الله وينذرهم الشرك بالله، وكان في زمانه ملك يقال له: النمرود يدعي أنه الرب وأنه رب العالمين، وقد منح ملك الأرض فيما ذكروا، فإن الأرض ملكها أربعة: كافران؛ وهو النمرود هذا وبختنصر. ومسلمان؛ وهما ذو القرنين وسليمان بن داود عليه الصلاة والسلام.

    فالحاصل أن هذا النمرود كان جباراً عنيداً وكان يدعي الملك، ويدعي أنه رب العالمين، ويدعي أنه يحيي ويميت، فلهذا قال له إبراهيم: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ [البقرة:258] فقال الخبيث النمرود: أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ [البقرة:258] وذكر المفسرون أنه ذكر لإبراهيم أنه يؤتى بالشخصين يستحقان القتل فيعفو عن واحد ويقتل الآخر، ويزعم أن هذا هو معنى إحياؤه وإماتته، يعفو عمن يستحق القتل فيقول أحييته، وهذه مكابرة وتلبيس، فليس هذا هو المقصود، والمقصود أن يخرج من الحجر ومن النطفة ومن الأرض حياً بعد موت، وهذا لا يستطيعه إلا الله سبحانه، هو الذي ينبت النبات وهو الذي يحيي النطف حتى تكون حيوانات.

    فالمقصود أن هذا لا يستطيعه إلا الله سبحانه وتعالى ولكنه كابر ولبس فانتقل معه إبراهيم إلى حجة أوضح للناس وأبين للناس حتى لا يستطيع أن يقول شيئاً في ذلك، فبين له عليه الصلاة والسلام أن الله يأتي بالشمس من المشرق، فإن كنت رباً فأت بها من المغرب، فبهت حينئذٍ واتضح للناس بطلان كيده وأنه ضعيف مخلوق مربوب لا يستطيع أن يأتي بالشمس من المغرب بدلاً من المشرق، واتضح للناس ضلاله ومكابرته وصحة ما قاله إبراهيم عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    حكم صلاة تحية المسجد أربع ركعات بتسليمة واحدة

    السؤال: المستمع: (ف. ح. ش) من الدمام-المنطقة الشرقية، بعث برسالة ضمنها أربعة أسئلة:

    في سؤاله الأول يقول: رأيت بعض الناس يصلي أربع ركعات تحية المسجد متواصلة بتسليمة واحدة، أم أن تحية المسجد ركعتان فقط؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

    الجواب: السنة ركعتان فقط، تحية المسجد ركعتان، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس) فالسنة أن يصلي ركعتين، وإن صلى أربعاً فلا بأس إذا كان الوقت ليس وقت نهي، مثل: إذا دخل الضحى صلى أربع ركعات، أو في الليل، لا بأس، لكن الأفضل أن يسلم من كل ركعتين، السنة أن يسلم من ركعتين، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى) فلا يجمع الأربع جميعاً بل يسلم من كل ثنتين، هذا هو السنة، وفي الليل آكد وأشد ليس له أن يصلي أكثر من ركعتين بسلام واحد، لا يصلي أربع ركعات بسلامٍ واحد، ولكن يسلم من كل ثنتين، وفي النهار قد أجاز ذلك بعض أهل العلم ولكن الصواب حتى في النهار السنة أن يصلي ركعتين فركعتين، وإذا أحب أن يزيد على ركعتين يصلي أربع بتسليمتين، ست ركعات بثلاث تسليمات، ثمان ركعات بأربع تسليمات، في أوقات غير أوقات النهي، كالضحى، والليل، والظهر لا بأس، أما وقت النهي فليس له أن يزيد على ركعتين، إذا دخل بعد العصر أو بعد صلاة الفجر فالصواب أنه يجوز له أن يصلي ركعتين بل الأفضل له أن يصلي ركعتين تحية المسجد قبل أن يجلس ولو كان وقت نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فلا يزيد على ركعتين؛ لأن المقصود حصل بذلك.

    1.   

    حكم قراءة أكثر من سورة في ركعة وحكم التزام ترتيب القرآن في قراءتها

    السؤال: هل يصح قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة؟ وإذا كان يصح ذلك فهل يجب أن تكون قراءة السور حسب ترتيبها بالقرآن أم يصح تقديم سورة على أخرى؟

    الجواب: لا حرج في ذلك؛ أن يقرأ سورتين أو أكثر بعد الفاتحة، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالبقرة والنساء وآل عمران في ركعة عليه الصلاة والسلام، وأقر بعض الصحابة على قراءة الفاتحة وسورة بعدها مع قراءة قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] فجمع بين سورتين.

    فالحاصل أنه لا حرج في ذلك.

    المقدم: بالنسبة للترتيب؟

    الشيخ: ولو نكس لا حرج، لكن السنة أن لا ينكس أن يرتب كما في المصحف، هذا هو الأفضل كما فعله الصحابة ورتبوا رضي الله عنهم، فليقرأ كما في المصحف، هذا هو الأفضل، ولو قرأ سورةً قبل سورة أجزأ ذلك.

    1.   

    حكم قضاء صلاة الوتر

    السؤال: إذا نسيت أن أصلي صلاة الوتر وتذكرتها اليوم الثاني فهل أصليها أم يجوز تركها؟

    الجواب: سنة فات محلها، إن ذكرتها في الضحى صلها الضحى أو بعد الظهر، وإن مضى اليوم فهي سنة فات محلها.

    المقدم: إذاً فلا يقضيها؟

    الشيخ: فلا قضاء، الأظهر لنا أنه لا قضاء بعد ذهاب اليوم الذي بعد ليلته.

    1.   

    حكم مداومة الصلاة في مسجد معين لحسن صوت الإمام

    السؤال: هل يجوز التخير في المساجد؟ فالحي الذي أنا فيه يوجد به مسجد ولكنني أذهب للحي الثاني للصلاة بمسجد آخر لحسن قراءة إمامه وارتياحي معه في الصلاة، فهل يصح أم لا؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.

    الجواب: لا حرج في ذلك كونه يذهب يصلي الإنسان مسجداً يكون أكثر جماعة أو يكون إمامه أحسن قراءة أو أتقى لله أو فيه حلقات العلم.. أو ما أشبه ذلك من المصالح الإسلامية لا حرج، وإن كان بعيداً عنه.

    1.   

    حكم الأكل والجلوس مع تارك الصلاة

    السؤال: رسالة مطولة بعث بها أحد الإخوة المستمعين هو المستمع من السودان: تاج السراير إبراهيم الخضر ، أخونا له جمع من الأسئلة من بينها سؤال عن تارك الصلاة، يقول: تارك الصلاة هل يجوز الجلوس معه والأكل والشرب؟ مع العلم أنه لا يصلي كسلاً ويصلي فقط الجمعة والعيدين.

    الجواب: تارك الصلاة يجب هجره وأن لا يجالس وأن لا تجاب دعوته، وأن لا يدعى إلى وليمة حتى يتوب إلى الله ويرجع؛ لأن ترك الصلاة جريمة عظيمة ومنكر عظيم وكفر بالله عز وجل، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسنادٍ صحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، في أحاديث أخرى تدل على ذلك.

    فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك وأن يحافظ على الصلاة في وقتها وأن يصليها مع المسلمين في بيوت الله، وهكذا المرأة يجب أن تحافظ عليها وأن تحرص عليها في أوقاتها، الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، يجب على جميع المؤمنين والمؤمنات المحافظة على الصلوات في أوقاتها، فهي عمود الإسلام وهي الركن الأعظم بعد الشهادتين.

    فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بالصلاة والمحافظة عليها، وأن تصلى بطمأنينة وإقبال عليها وخشوع، لا بنقرٍ وعجلة، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ [المؤمنون:1]الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:2] ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً ينقر صلاته أمره أن يعيد الصلاة وأمره أن يطمئن في صلاته.

    فالواجب على المسلمين أن ينكروا على من ترك الصلاة وأن يبينوا له خطأه العظيم ومنكره العظيم حتى يعود إلى رشده، وإذا استمر في ذلك فإنه يهجر، لا تجاب دعوته ولا يجالس ولا يدعى إلى وليمة ولا إلى غيرها حتى يتوب إلى الله وحتى يرجع عما هو عليه من الباطل، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل كفره كفر أكبر أو كفر أصغر، على قولين، والصواب من القولين أنه كفر أكبر؛ حسب ظاهر السنة، لأنه ظاهر السنة عن النبي عليه الصلاة والسلام، فيجب الحذر من ذلك غاية الحذر، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة.

    1.   

    حكم استعمال الرجال للحناء

    السؤال: يسأل أيضاً ويقول: إذا دعيت إلى زواج وحينما ذهبت وجدت العريس مستعملاً الحناء، هل يجوز إجابة هذه الدعوة أم أرجع مع العلم أن هذه العادة الذميمة منتشرة عندنا بكثرة في السودان إلا من رحم الله؟

    الجواب: هذه العادة إذا كانت مشهورة بينكم فينصح صاحبها ولا تمنع من إجابة الدعوة؛ لأنها عادةٌ اعتادوها يجهلون حكمها، فينبغي لك أن تجيب الدعوة وأن تنصح أخاك وتبين له أنه لا يجوز التشبه بالنساء، فإذا كان عمله الحناء يشابه عمل النساء ينصح في ذلك، ويعلم أن الواجب البعد عن مشابهة النساء ولا تترك دعوته وإجابة دعوته من أجل هذا الشيء الذي يجهله، وقد فشا في بلاده وانتشر بين إخوانه حتى يعلم وحتى يوجه، حتى لا يتشبه بالنساء لا في الحناء ولا في غير الحناء، فالحناء من شأن النساء ومن زينة النساء، ولا يستعمله الرجال، وإذا كان عادةً للرجال فينبغي تركها، والواجب تركها حتى لا يتشبه بالنساء في ذلك، نسأل الله للجميع الهداية.

    1.   

    معنى المصالح المرسلة في الشريعة الإسلامية

    السؤال: يسأل عن المصالح المرسلة سماحة الشيخ فيقول: نسمع بالمصالح المرسلة، هل في الدين توجد هذه المصالح؟ وما حكم من يقولون: إنها لا توجد بل يسيئون إلى من يقول: هذه مصلحة. ويتهمونه بأنه تلاعب بالدين وتنازل عنه، بل إن بعضهم يسميها باسم مشوه، أرجو أن تتفضلوا بالتوجيه جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: المصالح المرسلة هي التي يظهر من قواعد الشرع أنه يقرها ويدعو إليها لما فيها من نفع المسلمين، ولكن ليس فيها نص واضح يدل عليها، فإذا وجد ما ينفع المسلمين ويعينهم على خير ويدفع عنهم شر وليس في النصوص ما يمنع ذلك بل القواعد الشرعية تقتضي ذلك يقال لها: مصلحة مرسلة، تتقيد بالحاجة إليها حسب ما يراه أهل العلم وولاة الأمر في نفع المسلمين وجلب الخير إليهم ودفع الشر عنهم بطريقة لا تخالف النصوص ولكنها تؤمن للمسلمين شيئاً ينفعهم وتدفع عنهم ما يضرهم من دون أن يخل فاعلها بنص من كتاب الله أو نص من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أو مخالفة لقاعدة شرعية دل عليها كتاب الله وسنة الرسول عليه الصلاة والسلام.

    فالحاصل أن هذه المصالح المرسلة هي التي يتحراها ولاة الأمور من العلماء والأمراء لنفع المسلمين عند عدم وجود نص في ذلك يمنع منها، ولكنها تشهد لها قواعد الشرع بملاحظتها والانتفاع بها والاستفادة منها فيما ينفع المسلمين؛ لأن الشرع جاء بتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليلها، نعم. وفق الله الجميع.

    1.   

    خطبة العيد خطبتان

    السؤال: صلاة العيد، هل لها خطبةٌ واحدة أم خطبتان؟

    الجواب: خطبتان عند أهل العلم كالجمعة.

    المقدم: جزاكم الله خيراً، سماحة الشيخ! في الختام أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم دائماً على خير.

    الشيخ: نسأل الله ذلك.

    المقدم: اللهم آمين، مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.

    شكراً لمتابعتكم، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755829553