مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير، هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب.
رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء.
مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ، ونشكر له تفضله بإجابة الإخوة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ عبد العزيز .
الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.
المقدم: حياكم الله.
====السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة وصلت إلى البرنامج من المستمع إبراهيم عبد الله ، الأخ إبراهيم يسأل ويقول: رجل اشترى جملاً بألف جنيه مصري، وباعه على رجل آخر لشهر معين في سنة، مثل شهر ستة بمبلغ ألف ومائتين جنيه مصري، رغم أن ثمن الجمل لا يساوي إلا ألف جنيه مصري، إنما الزيادة لسبب أنه صبر، فهل هذا البيع ربا، أم أنه جائز، جزاكم الله خيراً؟
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا البيع وأمثاله لا حرج فيه ولا بأس به، إذا كان البائع قد ملك الجمل وحازه وصار في قبضته ثم باعه بأجل مسمى بزيادة فلا بأس بذلك، لعموم قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة:282]، ولعموم قوله سبحانه: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، هذا من البيع الحلال وهو: بيع التقسيط، وقد بيعت بريرة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بالتقسيط، باعها ملاكها نفسها بتسع أواق مقسطة في كل عام أوقية، فالبيع إلى أجل بالتقسيط لا حرج فيه، إذا كان البائع قد ملك المبيع وصار في قبضته وحوزته، ثم باعه بآجال مقسطة بأكثر من ثمنه فلا حرج في ذلك.
المقدم: بارك الله فيكم، جزاكم الله خيراً، الملاحظ أن هذا ليس مقسطاً سماحة الشيخ وإنما هو بعد سنة مثلاً..
الشيخ: لا بأس أن يباع بأكثر من ثمنه الحالي؛ لأن البيع إلى أجل غير البيع الحالي، النقد له شأن والأجل له شأن، فالبائع يستفيد بالفائدة الزائدة، والمشتري يستفيد بمهلته، وينتفع بالمبيع.
الجواب: هذا من الشرك الأصغر، وهو من تعليق التمائم والحروز، سواء أكان خرزاً أو أوراقاً أو ودعاً أو غير ذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من تعلق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، وفي اللفظ الآخر: (من تعلق تميمة فقد أشرك).
فالتمائم هي: الحروز التي يعلقها بعض الناس، ويقال لها: الحجب، سواء كانت من خرز أو من ودع أو من غير ذلك من الأشياء، أو من عظام أو من أوراق يكتب فيها آيات أو أحاديث، الصواب حتى ما يكتب من الآيات والأحاديث لا يجوز تعليقه، بل العلاج يكون بالقراءة على المريض والدعاء له، أما أن يعلق عليه أوراقاً أو خيوطاً أو عظاماً أو خرزاً أو غير هذا من أجل الشفاء فهذا لا يجوز، وهو من الشرك الأصغر الذي لا يخرج من الملة، ولكنه ينافي كمال التوحيد الواجب، مثل: يقول: ما شاء الله وشاء فلان، لولا الله وفلان، هذا من الشرك الأصغر، ومثل: الحلف بغير الله بالنبي بالأمانة، هذا شرك أصغر يجب الحذر منه، وقد يكون شركاً أكبر إذا اعتقد صاحبه أن هذه الأمور تنفع بعينها دون الله، وأنها تستقل بالنفع دون الله، هذا شرك أكبر نسأل الله العافية.
الجواب: نوصيك بعلاج الموضوع بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ولا تعجل في الطلاق، ولكن توصيها بالكلام الطيب والأخلاق الفاضلة والمعاملة الطيبة مع والدتك، ومع غيرها من أقاربك ومن زوارك، عليها أن تتقي الله، وعليها أن تراقب الله حتى تكون زوجة صالحة ذات أخلاق كريمة مع الوالدة ومع غيرها، ولا تعجل في الطلاق إذا كانت دينة، إذا كانت من أهل الخير والصلاح لا تعجل، أما إذا كان عندها أخلاق أخرى سيئة من المعاصي فطلاقها أصلح إذا لم ينفع فيها الوعظ والتذكير، أما هذه الزلة مع الوالدة فعالجها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، والتوجيه إلى الخير، وإذا دعت الحاجة إلى تأديبها تأديباً خفيفاً فلا بأس، أو بالهجر كذلك لا بأس، لكن مهما أمكن العلاج بغير الهجر والتأديب فهو أولى، فعليك أن تجتهد في ذلك، وأن تسأل الله لها الهداية والتوفيق وصلاح الحال، هذا هو الأولى بك.
الجواب: عليك أن تخرج الزكاة عن المبلغ الذي يحول عليه الحول، إذا حال الحول على خمسة وعشرين زكيت خمسة وعشرين، وإذا حال على أكثر منها فزكه، أما الشيء الذي يأتي إليك من راتب أو غيره ثم تنفقه قبل أن يحول عليه الحول فهذا لا زكاة فيه، إن حصل راتب أو هدية من أحد أو ثمن مبيع بعت من متاعك الذي في البيت، هذا الذي دخل عليك جديداً لا زكاة فيه حتى يحول عليه الحول ويمر عليه سنة كاملة، فإذا أنفقته قبل أن يحول عليه الحول فليس فيه زكاة.
المقصود: أن الزكاة في الذي يحول عليه الحول وفي ربحه إن كان له ربح، ربحه تبع له، لا حاجة إلى حول، فإذا كانت عندك خمسة وعشرون ثم ربحت، بعت فيها واشتريت فيها حتى صارت ثلاثين أو أكثر زك الجميع، إذا حال الحول على الأصل، أما الزيادات التي تأتي إليك من راتب أو من هدية أو نحو ذلك، فهذه لا زكاة فيها حتى يمر عليها الحول.
الجواب: هذه الآية الكريمة فيها وصف جماعة من اليهود بأنهم سماعون للكذب أكالون للسحت، يعني: يصغون إلى الكذابين ويأخذون بقول الكذابين، ومع هذا يأكلون الحرام، والسحت: هو الحرام من الربا وغيره، هذا وصف كثير من اليهود، اليهود الذين غضب الله عليهم، قال تعالى: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ [النساء:160-161] فالسماع للكذب هو الذي يعمل بالكذب ويصغي إليه وينفذه، نسأل الله العافية. ومع ذلك يأكلون السحت، يعني: يأكلون الحرام، والرسول صلى الله عليه وسلم خير إذا جاءوه أن يحكم بينهم أو يعرض عنهم، وإن حكم فالواجب أن يحكم بالقسط، يعني: بالحق، ثم أمره الله أن يحكم بينهم، فقال: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:49]، فاستقر الأمر على أنهم متى جاءوه وتحاكموا إليه، فإنه يحكم بينهم بالحق، سواءً كانوا يهود أو نصارى أو غيرهم من الكفرة، إذا جاءوا إلى الحاكم الشرعي يتنازعون فإنه يحكم بينهم بالحق، كما قال جل وعلا: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ [المائدة:49] فالواجب الحكم بينهم بالقسط وهو الحق عملاً بالآيات الأخرى.
الجواب: اليمين الغموس هي التي يتعمد فيها الكذب، كذاب كاذب، يقول: والله ما بعت كذا وهو يكذب، والله ما سافرت إلى كذا وهو يكذب، وما أشبه ذلك، هذه يقال لها: اليمين الغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار أعوذ بالله، وهي جريمة، وهي المراد في قوله صلى الله عليه وسلم: (من حلف على يمين هو فيها كاذب لقي الله وهو عليه غضبان)، وفي اللفظ الآخر: (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم عليه الجنة) هذه يقال لها: اليمين الغموس، وهي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يتعمدها الإنسان، أما اليمين اللاغية فهي التي لا يتعمد فيها الكذب، تجري على لسانه من غير قصد، كما في قوله سبحانه: لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ [البقرة:225]، قالت عائشة رضي الله عنها: هو قول الرجل: لا والله وبلى والله تجري على لسانه من غير قصد في حديثه مع الناس من غير تعمد الكذب، ولكن إنما تجري على لسانه من غير قصد في عرض الحديث، فهذه يقال لها: لغو اليمين، وهكذا من لغو اليمين: اليمين التي يحلف بها ظاناً صدقه فيبين أنه قد أخطأ، هذه لاغية لا شيء فيها، مثل الذي يقول: والله إن فلاناً قد وصل شفته أمس، ثم تبين له أنه غلطان ما هو إنما شبيه له، هذه يمين تسمى: لاغية؛ لأنه ظنه صاحبه ما تعمد الكذب، والله إن فلاناً وصل، والله إن فلاناً سافر، يظن ذلك؛ لأنه رآه وشبه عليه فظن أنه هو، ثم ظهر له أنه قد أخطأ وأن الذي سافر أو قدم ليس هو صاحبه.
الجواب: هذا عمل طيب ومن أسباب التوبة. وسواء في آخر الليل أو في وسط الليل أو في الضحى أو في الظهر أو في أي وقت غير أوقات النهي.
المقدم: جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ! هل هناك صلاة تسمى صلاة التوبة؟
الشيخ: هذه هي، كما رواها علي عن الصديق رضي الله عنه، رواه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين رضي الله عنه، عن الصديق أبي بكر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد يتطهر فيحسن الطهور ثم يصلي ركعتين ثم يتوب إلى الله من ذنب إلا غفر الله له) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم، تدعون المسلم إلى أن يستغل هاتين الركعتين سماحة الشيخ؟
الشيخ: كل هذا طيب، سواء كان بالصلاة أو بغير صلاة، الواجب التوبة والله سبحانه يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا [التحريم:8]، ويقول سبحانه: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:31] والتوبة: هي الندم على الماضي من سيئات، والإقلاع من ذلك وتركه والحذر منه تعظيماً لله وخوفاً منه، مع العزم الصادق أن لا يعود فيه، هذه التوبة، كون المؤمن يندم على ما مضى من سيئاته من زنا أو عقوق أو شرب مسكر أو غير هذا، يندم ندماً صادقاً ويعزم أن لا يعود في ذلك ويقلع من ذلك ويتركه؛ خوفاً من الله وتعظيماً لله وإخلاصاً له، هذا يكون توبة، وإذا كان معها صلاة ركعتين يكون أكمل وأكمل. وإذا كان الحق للناس لا بد من تحللهم من ذلك، أو إعطائهم حقوقهم إذا كانت التوبة من ذنب يتعلق بالناس؛ ظلم للناس، فلا بد من أمر رابع: وهو أن يتحللهم من ذلك الشيء أو يعطيهم حقوقهم.
الجواب: نعم، ورد هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن العبد إذا استجار من النار ثلاث مرات وسأل الله الجنة ثلاث مرات تقول الجنة: يا رب أدخله إياي، وتقول النار: يا رب جنبه إياي) وجاء في حديث آخر صحيح (أنه إذا سأل الله الجنة سبع مرات وتعوذ بالله من النار) وإسناده لا بأس به جيد، أما الجنة تقول: ( يا رب أدخله إياي، والنار تقول: يا رب أعذه مني ) فينبغي الإكثار من سؤال الله الجنة والتعوذ بالله من النار.
الجواب: ننصحك بالوفاء بالنذر، الله يقول: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ويقول سبحانه: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:280] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، وأنت نذرت أن تطيع الله بالخروف فعليك أن تذبحه متى تيسر، في أي وقت تيسر لك تذبحه وتوزع لحمه على الفقراء، شكراً لله على التوبة.
الجواب: إذا كانت ماتت في مرضها فليس على أولادها ولا غيرهم قضاء، الحمد لله، معفو عنها؛ لأن الله جل وعلا يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] وهي توفيت في مرضها فلا شيء عليها ولا يقضى عنها والحمد لله، غفر الله لنا ولها.
الجواب: نوصي الآباء وجميع الأولياء بالتخفيف في المهور وعدم التشديد وعدم الإكثار والمبالغة، كما نوصي الأمهات والبنات بأن يساعدن في ذلك، نوصي الجميع بالتعاون على هذا الخير، تخفيف المهور حتى يكثر الزواج وحتى يستعف الشباب رجالاً ونساءً، فالوصية هي التخفيف والتيسير وعدم التكلف في المهور وفي الولائم، نوصي الجميع بالتساهل في هذا الأمر والتخفيف والتيسير، وأن يرضوا بالمهر اليسير والكلفة اليسيرة، حتى تتزوج النساء وحتى يستعف النساء ويستعف الشباب بتوفيق الله، نوصي الجميع بهذا.
الجواب: لا يجوز اختلاط الرجال بالنساء لا في الأعراس ولا في غير الأعراس، بل يجب التميز، فإذا دعت الحاجة إلى وجود المرأة في السوق أو في المسجد مع الناس تكون متسترة وتكون في معزل عن الرجال، خلف الرجال في الصلاة، وفي الأسواق يكون لهن سوق وحدهن، وإذا دعت الحاجة إلى سوق الرجال لحاجة تكون متسترة غير متبرجة، بعيدة عن أسباب الفتنة لقضاء حاجتها. أما الاختلاط في عرس أو غيره بالتبرج أو بالمشاركة في الطبول أو في غير ذلك هذا كله منكر ولا يجوز، يجب على النساء أن يكن على حدة والرجال على حدة، إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما في الصلاة، كما يصلين خلف الرجال متسترات بعيدات عن أسباب الفتنة وعن الطيب، وهكذا في الأسواق يكن لهن سوق وحدهن في حاجاتهن، وإذا دعت الحاجة إلى أن تخرج المرأة إلى سوق الرجال، فلتكن متسترة بعيدة عن أسباب الفتنة حتى تقضي حاجتها.
الجواب: أولاً: إخلاص النية لله، يكون قصده وجه الله بتعلم القرآن وبحفظ القرآن، يخلص لله في ذلك حتى يعينه مولاه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2] :وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].
فنوصي كل مؤمن ومؤمنة بالإخلاص في حفظ القرآن وفي تعلم القرآن وفي تعلم العلم وفي جميع الأعمال الشرعية، نوصي الجميع بالإخلاص لله، وأن يكون القصد وجه الله والدار الآخرة، ثم نوصيه بالجد والمثابرة في حفظ القرآن، وتحري الأوقات المناسبة في الليل أو في النهار؛ لأن كل إنسان له ظروفه، فنوصي كل واحد يريد حفظ القرآن الكريم أو الإكثار من تلاوته أن يتحرى الأوقات المناسبة، التي يكون فيها قلبه فارغاً يستطيع التدبر والتعقل، حتى يكون حفظه وحتى تكون قراءته مثمرة، فينظر في ليله وفي نهاره ويختار الوقت المناسب لحفظ ما تيسر أو لقراءة ما تيسر، بقلب حاضر مقبل على الله يريد الله والدار الآخرة، يتدبر ويتعقل، كما قال الله سبحانه: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]، وقال سبحانه وتعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24] فالمؤمن والمؤمنة يتحريان الأوقات المناسبة لحفظ القرآن ولتلاوة القرآن حتى تكون القلوب حاضرة، وحتى يستفيد المؤمن والمؤمنة من قراءته، وفق الله الجميع.
الجواب: يجب عليه أن يلتزم بالحكمة وترك الخوض فيما لا يعنيه، وأن يكون كلامه مضبوطاً، إذا خاض الناس في الباطل يحفظ لسانه، وإذا أكثر الناس الضحك لزم الصمت والحشمة حتى يكون معروفاً بسمته الحسن وبأخلاقه الفاضلة، والبعد عن المشاركة في الباطل من الغيبة أو النميمة أو الخوض فيما لا يعني، تكون أوقاته محفوظة ولسانه محفوظاً إلا من الخير.
الجواب: ينبغي أن يختار لخطبة الجمعة أهل العلم والبصيرة والتقوى، هكذا على المسئولين في الأوقاف وغيرها، الواجب أن يتحرى فيهم العلم والفضل والتقوى والعدالة وحسن السمعة؛ حتى يوجهوا الناس إلى الخير وحتى يكونوا قدوة صالحة في أخلاقهم وأعمالهم، هكذا يختار للخطبة، الرجل المعروف بالعلم والفضل والسيرة الحميدة والسمعة الحسنة والصوت الحسن، هذا ينفع الله به الناس في علمه وفي أخلاقه وفي سيرته، ويكون قدوة في أخلاقه نافعاً في علمه وتوجيهاته.
الجواب: أعظم كتاب وأهم كتاب: القرآن العظيم، هو أعظم الكتب، القرآن العظيم هو أهم كتاب وأعظم كتاب وأنفع كتاب، كتاب الله فيه الهدى والنور، كما قال الله سبحانه: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ [الإسراء:9]، وقال جل وعلا: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ [النحل:89]، وقال سبحانه: وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأنعام:155]، فأعظم الكتب وأصدقها وأنفعها وأنفسها وأكملها كتاب الله، فنوصي كل مسلم وكل مسلمة في جميع الدنيا بالعناية بالقرآن حفظاً وتدبراً وتعقلاً وعملاً، وسؤال أهل العلم عما أشكل في ذلك، وإذا كان طالب علم ينظر كتب التفسير حتى يستفيد مثل تفسير ابن جرير ، تفسير ابن كثير ، تفسير البغوي تفسير الشوكاني ، تفسير القرطبي ، حتى يستفيد من هذه التفاسير من معاني كلام الله عز وجل، يتعلم ويستفيد من هذه الكتب، وكذلك كتب الحديث كـالبخاري ومسلم والسنن الأربع، هذه الكتب العظيمة يستفيد منها، مثل منتقى الأخبار لـابن تيمية ، بلوغ المرام للحافظ ابن حجر ، عمدة الأحكام للشيخ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي ، هذه كتب الحديث المهمة، وهكذا موطأ مالك ومسند أحمد، وسنن الدارمي ، كلها كتب مفيدة عظيمة، ولكن إذا كان ليس عنده علم يسأل أهل العلم، ولا يعتمد على رأيه، بل طالب العلم الذي عنده فقه في الدين وعنده علم يستفيد من هذه الكتب، وإذا كان عامياً ليس عنده علم يتوصل به إلى معرفة الحديث الصحيح والضعيف فإنه يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ويعتني بالقرآن ويكثر من تلاوة القرآن بالتدبر والتعقل، ويسأل ربه التوفيق والهداية والإعانة، أما أهل العلم فإنهم ينظرون في هذه الكتب ويستفيدون منها في تفسير كتاب الله، وفي معرفة الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأحاديث.
المقدم: جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم.
سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة الإخوة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.
مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، المفتي العام للمملكة العربية السعودية، ورئيس هيئة كبار العلماء، شكراً لسماحة الشيخ، وأنتم يا مستمعي الكرام! شكراً لحسن متابعتكم، ونحن نرحب برسائلكم على عنوان البرنامج: المملكة العربية السعودية، الرياض، الإذاعة، برنامج نور على الدرب.
مرة أخرى شكراً لكم مستمعي الكرام، وإلى الملتقى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر