إسلام ويب

فتنة النساءللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن فتنة النساء من أعظم الفتن التي ابتليت بها الأمة الإسلامية، والتي أصبحت منتشرة في جميع الدول العربية، حتى أصبح الشباب بسببها يملئون الشوارع. وقد عالجت هذه المادة جوانب هذا الموضوع، وسلطت الأضواء على قصة يوسف عليه السلام، وما فيها من العبر الكثيرة في هذا الباب.

    1.   

    قصة يوسف عليه السلام مع امرأة العزيز

    الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، الحمد لله الذي حفظ أهل الإيمان بالإيمان، الحمد لله الذي علمنا ما لم نكن نعلم وأصلي وأسلم على عبده ورسوله محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين والصحابة أجمعين ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    أيها الأحباب الكرام: إني أحبكم في الله، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يحشرنا وإياكم في ظل عرشه ومستقر رحمته وبره ورضوانه، هو ولي ذلك والقادر عليه.

    أيها الأحباب الكرام: كم في قصة يوسف من العبر، وسنقف اليوم مع بعض آياتها التي لها علاقة وطيدة بزماننا هذا، وبالفتنة العظيمة التي تجتاح المجتمع وجميع مجتمعات العالم العربي والإسلامي، والتي هي فتنة النساء وهي من أعظم الفتن التي خاف منها محمد صلى الله عليه وسلم على أمته، ماذا يقول الله سبحانه وتعالى في قصة يوسف حول هذه القضية؟

    قال: وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ * وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف:23-24].

    النساء يتكلمن عن امرأة العزيز ومراودتها لفتاها

    وتمتد المؤامرة من امرأة واحدة فيشارك فيها نسوة في المدينة، وهؤلاء النسوة يسمونهن نسوة الملأ، والملأ هم: علية القوم الكبراء والوجهاء والأثرياء والأغنياء.

    حياة الترف وعبادة المال، والتهاون في الصلاة، والتهاون في الدين، والتحلل من الأخلاق والقيم، والتفنن في الملاذ والشهوات، حول كثيراً من هؤلاء النساء إلى الانحراف، فأصبحت مجالس هؤلاء النساء ليس للذكر ولا للتسبيح ولا لقراءة القرآن وإنما الموضوعات التي تطرح كما تذكر هذه السورة أن فلانة امرأة العزيز راودت فتاها، أي: طلبت منه أن يزني بها.

    في الحقيقة هذا موضوع خطير عندما تتداوله النساء، المرأة يجب عليها أن يكون شعارها الحياء، فلا تتلفظ بعبارات نابية تخدش الحياء، ولا تناقش موضوعات مثل هذه فتستسهل الذنب، ويأتي الشيطان ويزين الفكرة ويفتح لها الأبواب، وتتحول من مجرد نقاش عابر إلى هم وإرادة وعزيمة وعمل وتطبيق، فالحديث بدأ بين نسوة، ولكن ماذا كانت النهاية؟ النهاية أن جميع هؤلاء النسوة راودن يوسف عن نفسه، وكل واحدة منهن بذلت قصار جهدها لكي يقع يوسف في الرذيلة، والله عندما قص علينا هذه القصة العظيمة وصفها بأنها أحسن القصص، وفعلاً فهي صالحة بعبرها وحكمها لكل زمان ومكان.

    وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يوسف:30]، ولقد طرح هذا الموضوع على أنه نقد، وعظ، ولكي تؤخذ منه العبرة، والتعقيب في نهاية الآية يبين المقصد من الموضوع: وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ [يوسف:30]، واختيار ذكر المدينة دون القرى يبين لك أن المخططات لتدمير الصالحين أول ما يبدأ بها في العواصم والمدن التي يجتمع فيها الناس وتكتظ بهم؛ لأنه إذا تم تدمير أخلاق الشباب في أماكن تجمعات الشباب أصبح بعد ذلك من السهل تقصيص الأطراف، فهذه القصور العامرة المجتمعة في المدينة -كما تقول الآية- ظاهر هذه القصور حرس وحدائق، وقد يكون هناك فقراء على الأبواب وصدقات ومطابخ عامة ... إلى آخره، وقد تكتب عنهم الصحف ما تكتب لكن الضوء القرآني عبر الأسوار ودخل الباب إلى مجلس النساء، جلسة خاصة لا يتوصل إليها إلا علم الله، فكشف علم الله حقيقة تختلف عن الظاهر، مجتمع نسائي خاص داخل المدينة في أحد القصور ما الموضوع المطروح؟ بدايته صلاح وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يوسف:30]، لكن وجود طبقة خفية لا يُنظر لها بمنظار الاعتبار -وهي طبقة الخدم والسائقين- هذه الطبقة لا يعبرها صاحب الملك، السيد في البيت أو السيدة في البيت لا تعطي اعتباراً للخادم أو الخادمة، قد تتغطى إذا دخل رجل أجنبي لكن لا تتغطى عن السائق، قد تمتنع أن تتكشف في الشارع لكن عن السائق أو الخادم أو الطباخ لا يهمها أن تظهر أمامهم بقميص النوم، فإذا قلت لها: لماذا تفعلين هذا؟ هذا حرام وهذا رجل أجنبي، قالت: هذا مجرد سائق، هذا مجرد كذا، فأصبحت هذه الطبقة عندها أسرار الدور والمجالس والقصور والجلسات، تجمع معلومات، ثم لكي تستدر الأرباح تبيع وتشتري في هذه المعلومات.

    مجلس فيه نسوة والموضوع المطروح امرأة العزيز، والعزيز هو الرجل الثاني بعد رئيس الدولة، إذاً الخادمة التي سمعت هذا الخبر مؤكد أنها ذهبت إلى امرأة العزيز وقالت: النساء يجتمعن ويتكلمن فيكِ ويتهمنك تهمة عظيمة وأنتِ الشريفة وأنتِ العفيفة، تلقي الخبر بأسلوب حتى تأخذ منها الدفع الأكبر من المال، هذه الحيثيات لا يذكرها القرآن هذه تعرف ضمناً، يعني: القرآن لم ينـزل في التفصيل في حيثيات الحدث الصغير منها والكبير، لا. هذا كتاب فصل وما هو بالهزل، لكن هذه المعاني تفهم في طيات الآيات، فلا يقول الله سبحانه وتعالى بأن هذا الخبر سمعه إنسان آخر وبعدها سعى فيه وذهب ودخل القصر واحتال ثم بلغ، هذا أمر معروف، القرآن يخبرنا بأن امرأة العزيز عرفت الموضوع وبلغها الخبر.

    امرأة العزيز تدعو النساء إلى قصرها

    قال تعالى: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ [يوسف:31]، البطاقة المكتوب عليها دعوة الاحتفال ليس مذكور فيها: احضرن يا نساء الكبراء والشرفاء في قصر امرأة العزيز لبحث موضوع التهمة الموجهة إلى سيدة القصور، لا. وإنما تجعلها احتفالاً بعيد ميلاد أو مناسبة دينية لكي تحتال على النساء، وما أكثر الاحتيال بهذه الوسائل والأساليب، ولكن ليس من أجل الدين والشرف والخلق والفضيلة، وإنما تلبية للشهوات الشيطانية، ولا ننسى عطلة مولد النبي صلى الله عليه وسلم كيف استغلت لتحقيق الشهوات الشيطانية.

    يقول تعالى: فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً [يوسف:31]، يسمونها حفلة طعام أو عزيمة، يسمونها بأسماء كثيرة في هذا الزمان: بمناسبة التخرج، بمناسبة العودة من السفر، بمناسبة الخروج من الأربعين، بمناسبة توظيف أو عمل، بمناسبة ربح أسهم، بمناسبة ارتفاع الدولار، أي مناسبة، المهم وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً [يوسف:31]، جلسة مترفة ملاعق وسكاكين وطاولات وفواكه وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ [يوسف:31]، بعد أن لبسته وجملته وزينته وعطرته في كامل الجمال قالت له: اخرج إليهن فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف:31].

    وانظر إلى أي مدى يستهزئ هذا الصنف من الناس بقضايا العقيدة والدين.

    العبارة التي ذكرت عن يوسف ذكرتني عن مغنية ذات الصوت الملائكي، هذه المغنية في إحدى دول الخليج دعيت لإحياء سهرات ليالي الجمعة، وبلغت فيمة التذكرة أكثر من سبعين ديناراً، وبيعت في السوق السوداء، لعلها هي عندنا فاشلة، نحن ليس مستوانا الصوت الملائكي الفيروزي نحن تعدينا هذه الدرجة وصلنا إلى شريهان ورفع الفساتين إلى السراويل، لكن أذكر لكم إلى أي درجة يصل الانحطاط في الناس عندما يستخدمون العبارات الدينية، الصحف ترحب مرحباً بكِ، ثم بماذا يستشهد؟ لا تتعجبون النسوة داخل القصر كن يقلن: هذا ملك كريم، وكل واحدة تفكر كيف تستطيع أن تزني معه.

    في الصحف منذ أسبوع يرحبون بهذه الراقصة، واسمع ماذا يقول الكاتب حتى لا تلوموني إذا أنا غضبت من أجل الله ورسوله، يقول: لماذا أنتم تغضبون على هذه الراقصة وقد أباح النبي الرقص! فهؤلاء الحبشة يرقصون لـعائشة في المسجد وعائشة تنظر إليهم، ويسمي لعب الحبشة بالحراب وهي لعبة حرب مثل العرضة يسميها رقصاً ويشبه رقصة الراقصة هذه بهؤلاء، ويستشهد بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم وبمسجده وبأم المؤمنين، انظر إلى أي مدى بلغوا بالاستهزاء بالدين، وكنا ننتظر ونتوقع على الأقل رداً من وزارة الأوقاف، أو من أي إنسان صادق مخلص.

    يا وزارة الأوقاف! لماذا لم تردي على هذا الكاتب الظالم الجائر الذي يستهزئ برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويستشهد بحديثه مفتياً بجواز رقص هذه الراقصة عارية على المسرح، ودليله شرعي؟ إذن الرسول صلى الله عليه وسلم للحبشة بالرقص بالحراب في مسجده فدل على أن الرقص حلال، لماذا لا تردون؟!

    قالت الأوقاف: هذا سفيه، وهل نرد على سفيه؟!

    نعم تردون عليه؛ لأن الله رد على السفهاء سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا [البقرة:142]، والله أمر أن يحجر على مال السفيه، وهذا الكاتب يجب أن يحجر على قلمه من باب أولى، لكنهم لم يفعلوا ذلك حتى الآن.

    فسورة يوسف وهذه القصة تشخص مشاكل كل زمان ومكان فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ [يوسف:31] يا فاجرات! هل أنتن تعرفن الله حتى تحلفن؟ حاشا لله تقال في مجلس فجور؟! الذي يعرف الله ويقول: حاشاً لله، يعف نفسه ويكف نفسه ويستر عرضه، لا أن يتآمر على شاب عفيف نقي تقي خفي من سلالة أنبياء، والذي يتآمر على نبي من سلالة أنبياء؛ فالدعاة الآن الموجودون في الساحة من باب أولى أن يتآمر عليهم؛ لأنهم على منهج يوسف، العفاف اليوسفي وصيحة معاذ الله يعلنها الدعاة الصادقون اليوم؛ لأن المؤامرة عليهم كبيرة يشارك فيها الإنس والجن، ويشارك فيها شياطين النساء بالسحر وغير السحر، وكل يوم يصلنا خبر يقول: فلان القدوة الصالح الذي كان في المكان الفلاني سقط، حلق لحيته وشرب السجائر والخمر وسافر مع البنات، فلان الفلاني الدين الصالح الداعية سقط، لماذا؟! إنها مؤامرة ما كان لداعية أن يسقط مثل هذا السقوط إلا أن وراء ذلك مخطط، القضية ليست عفوية هكذا، لقاء عابر بين رجل وامرأة وبعدها يسقط داعية، لا. الذي يسقط هو الإنسان العادي الذي ليس عنده عقيدة وليس عنده دين ولا عنده صلاة ولا عنده زكاة، لكن أن يسقط من هذا النوع لابد أن القضية مخطط لها مثل هذه الخطة التي يذكرها القرآن الآن، رسموا خطة داخل القصر وخطة داخل بيوت هذه النساء، وبعدها أقاموا جلسة خاصة وطعاماً خاصاً وسكاكين، ويوسف غافل لا يدري عمق وخطورة المؤامرة، لهذا تدخلت يد القدرة الإلهية لاستنقاذه، وتدخل يد القدرة الإلهية لاستنقاذه يبين مدى عمق الكيد، في الجريمة الأولى قال الله: لَوْلا أَنْ رَأى بُرْهَانَ رَبِّهِ [يوسف:24].

    يوسف عليه السلام يناشد ربه

    في الجريمة الثانية صاح يوسف وقال: إِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ [يوسف:33]، فأنقذه الله للمرة الثانية حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَراً إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ [يوسف:31]، الآن هي بنفسها تؤكد الموضوع، قلة أدب وقلة حياء منقطعة النظير؛ لأن الذي لا يستحي من الله ولا يستحي من الخلق ولا من الناس ولا من الوجهاء ولا من التوقيعات ولا من الكبار ولا من الصغار لا يستحي من أحد قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ [يوسف:32]، متحسرة متندمة مقتهرة أن كل هذه الأمور ما أثرت فيه، على مستوى المجهود الفردي، وعلى المستوى المجهود الجماعي، وعلى مستوى المجهود الدولي الإبليسي الشيطاني، وحتى الآن استعصم، حرف السين هنا يسمى في اللغة العربية سين الطلب، يعني: حاول أن يستعصم بنفسه فوجد نفسه ضعيفة فطلب العصمة من الله فعصمه الله.

    لهذا على الداعية عندما يقف أمام فتنة النساء لا يقول قوتي وعضلاتي دعني أجرب نفسي، لا. فر من فتنة النساء كما تفر من الدجال، احذر أن تجرب نفسك أمام امرأة، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا خرجت المرأة استشرفها الشيطان)، استشرفها، يعني: صعد على أكتافها ورأسها وصدرها وجسمها كله، وأصبح الشيطان في كل عضو فيها يرسل ذبذبات إلى كل رجل يمشي أمامها، لهذا عندما تظهر امرأة من الشمال؛ الوجوه تنحرف تلقائياً إلى الشمال؛ لأن الشيطان هو الذي استشرف هذه المرأة وأرسل إشارات مغناطيسية خاصة جعلت وجوه الناس تدور، كما قال عليه الصلاة والسلام: (مائلات مميلات)، (وأول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء) هذا حديث صحيح ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: (اتقوا الدنيا واتقوا فتنة النساء)، وعلاقة الدنيا بالنساء علاقة واضحة؛ لأن الإنسان عندما تكثر أمواله وتكثر أسفاره وتكثر غرباته وخلواته أول شبكة يتورط فيها شبكة النساء، وإذا سقط في هذه الشبكة جرت بعد ذلك كل الموبقات فيتورط في التدخين وبعد التدخين يتورط في المخدرات وبعد المخدرات الخمر، ثم ينتهي في النهاية أن يصل إلى الفاحشة، وهذا الذي وصلت إليه أوروبا اليوم هذا الذي دمرها بمرض الإيدز مرض فقدان المناعة.

    وبعد أربع سنوات يبلغ عدد المصابين خمسة وعشرين مليوناً وكلهم معرضون للموت، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً [الإسراء:32]، وهذه الخطة خطة إشاعة الزنا وحب الفاحشة ليست خطة حديثة، لا. هذه خطة قديمة من أيام فرعون، ففرعون الخبيث ظل يتابع هذه الخطة ويجددها أكثر من خمسين سنة، بدأها لما أشيع أن غلاماً من بني إسرائيل سوف يأخذ منه العرش ويقتله، فرسم الخطة التالية وهي: تذبيح الأولاد الذكور واستحياء النساء، وهذه خطة من أخطر ما يكون؛ لأن مع الزمن البعيد يحدث الآتي: أن هذه الفئة والطائفة يكثر نساؤها وينعدم رجالها، وإذا كثر النساء وقل الرجال أشيعت الفاحشة، يصبح الرجل الواحد مقابل خمسين أو ستين أو مائة امرأة، فالخبيث فرعون ذبح الذكور وترك الإناث ثم ولد موسى والخطة تمشي وكبر موسى وسافر وهاجر إلى مدين وعاد بعد أربعين سنة وبعثه الله رسولاً، فجدد فرعون نفس الخطة سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ [الأعراف:127]، فماذا كانت النتيجة؟ كانت كما قال صلى الله عليه وسلم: (وأول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء).

    ومن ذلك العهد إلى اليوم واليهود يستخدمون فتنة النساء لاستخلاص المعلومات السرية من العسكر، ومن رؤساء الدول، ومن الملفات الخاصة، ومن مراكز الحراسات والحدود، وبواسطة النساء -أيضاً- يستخلصون المعلومات الاستراتيجية في تصنيع الصواريخ والذرات والطائرات، وبواسطة النساء -أيضاً- يدمرون الشعب الفلسطيني داخل فلسطين ، بحيث أن أي شاب فلسطيني يطلب أي بغي يهودية تأتيه بدون مقابل، وهذه توصية دينية عندهم، فالتلمود يوصي بنات يهود بأنه يجب عليها أن تستجيب لكل من يطلبها.

    ولا ننسى قصة البطل المجاهد الشهيد سليمان خاطر الذي رأى اليهوديات على شكل سائحات على البحر وبعدها يعبرن قليلاً قليلاً إلى مراكز الحدود الخاصة، ويجلسن مع الضباط داخل الثكنات، وبعدها يأخذون الأسرار العسكرية، فـسليمان خاطر بسبب إيمانه وبطولته ورجولته لم يصبر على هذا المنظر فقام برشهم بالرشاش وقتلهم فكانت التهمة أن هذا مجنون وشنقوه غدراً وهو في السجن.

    امرأة العزيز تسجن يوسف عليه السلام

    قال تعالى: وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ [يوسف:32]، الله أكبر، وهل فعلت هذا؟ نعم. فعلت هذا، وكيف استطاعت أن تفعل هذا؟ بحكم ماذا؟ بحكم القانون يدخل السجن ويخرج من السجن، وهذه امرأة متنفذة تملك قلب من يسن القانون وينفذ القانون، وإذا ملكت قلبه ملكت القانون كله، والدليل على أنها تملك قلب العزيز وأن العزيز ديوث لا يقدم ولا يؤخر أنه رآها في موقف التهمة فلم يحرك ساكناً، والمفروض أن الإنسان إذا رأى زوجته في هذا الموقف أن يغضب ويفعل الأفاعيل لكن العزيز قال: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ [يوسف:29]، يوسف أخرج أنت من الموضوع واذهب إلى الغرفة الثانية حتى لا تسمع الذي أقوله، وهي تتوقع أن يخرج سكيناً ليطعنها وإذا به يقول لها: أنت غلطانة، أتصل النفسيات إلى درجة كهذه من الانحطاط والسفالة وقلة الغيرة؟ وسبب قلة الغيرة ناتجة عن كثرة المعاصي والذنوب والفواحش، ويستوردونها من الخارج -ويذهبون إليها ويأتون بها- ويتفننون ويتهادون بأشرطة وينظرون إليها ويسهرون معها، حتى تركبت نفسيتهم هذه التركيبة، فلو رأى رجلاً فوق امرأته لا يغير عليها، أكثر ما يقول لها: أنت أخطأت اذهبي واصنعي الغداء يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ [يوسف:29].

    إصرار رهيب وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ * قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي [يوسف:31-33]، يا لها من عفة! الله أكبر! العلاقة الآن بين العبد وبين ربه، أيها الداعية ليس لك إلا لله في مثل هذه الأحوال والظروف، تصدر قوانين مرتبة تأتينا من الخارج لإشاعة الفاحشة، لا يمكن أن يحضر زوجته إلا إذا بلغ راتبه أربعمائة دينار، لماذا؟ وهو يعيش مع زوجته على خبز وملح، وأئمة المساجد والمؤذنين والحراس والفراشين رواد بيت الله فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ [النور:36]، ست سبع ثمان سنوات بدون زوجات ما ذنبهم وما مصيرهم؟ القانون يقول ذلك، وإذا وقع أحدهم في الفاحشة كل الصحف تكتب وتشهر وتطبل وتزمر وتصيح وتنشر الصور والتعليقات، امتداد لخطة فرعون، الإنسان العادي الذي لا يرتاد بيت الله ولا يعمل في بيت الله وليس له دين ولا يصلي؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، هذا لا يهمه أن تحضر زوجته أو لا تحضر، لكن هذا الصالح الذي يكون في مكان فتوى الناس وإرشاد الناس وتعليم الناس يسحق من الداخل سحقاً.

    أقصى ما تصبر المرأة عن زوجها أربعة شهور، وأما هو فلا يستطيع أن يصبر أكثر من شهر، ولكن الله يصبر من يشاء من عباده وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ [النحل:127]، ويوسف صبر سنيناً وهو داخل السجن بتصبير الله له؛ لأنه من المخلصين ومن المحسنين، والمحفوظ من حفظه الله: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ * فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [يوسف:33-34]، السميع العليم بكل مؤامرة على الشباب المسلم الصالح التقي النقي، جيش كامل من الفليبينيات تغزي الخليج كله، معضمهن لا ترد يد لامس، مصيبة عظمى، إذا دخلت هذه الفتنة كل بيت لعلها هي المعنية في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (فتنة لا تدع بيتاً من بيوت العرب إلا دخلته) ولعلها هذه أو التلفزيون أو الفيديو أو كلها معاً:

    لا تأمنن إلى البغاء ولا تثق بعهودهـن     فرضائهن وسخطهن معلق بعطائهن

    يبدين وداً كاذباً والغدر حشو ثيابهـن     بحديث يوسف فاعتبر متحذراً من كيدهن

    أو ما ترى إبليس أخرج آدماً من مكرهن

    أما قصة حواء بأنها استجابت لإبليس وسولت لآدم فأكل من الشجرة فهذه من الإسرائيليات الكاذبة، والله قال: فَأَكَلا مِنْهَا [طـه:121] لكن الشاعر عندما يذكر هذا يذكر ذلك للتحذير كما قال الله: إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ [يوسف:28].

    والإنسان أمام هذا الكيد ضعيف قال تعالى: وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً [النساء:28-29]، أي: الإنسان أمام شهوة الجنس والنساء ضعيف، فعندما يجتمع كيد عظيم وإنسان ضعيف تحدث الطامة الكبرى آباؤنا وأجدادنا الأولون كانوا يزوجون الولد أول ما يبلغ، فينشأ مجتمع نظيف، الآن جاءت الخطة المرسومة من الخارج لا ندري هل هي من اليونسكو أو من غيرها؟ يقولون: ممنوع الزواج المبكر فيبلغ من أولى متوسط وبعدها الثانوية ثم الجامعة ثم الدكتوراه ثم الأستاذية مع سنين السقوط وبعدما يتخرج لابد بعدها من أربع سنوات، لماذا؟! حتى يكوِّن نفسه ويشتري بيتاً وسيارة وأثاثاً فصار عمره سبعاً وثلاثين سنة أو قريباً من الأربعين سنة عند ذلك يقولون له: تزوج، وإذا أردت أن تتزوج لا تتزوج زواجاً تقليدياً كزواج أمك وأبيك، وإنما لا بد أن يسبق هذا الزواج الحب، أي حب؟ الحب السينمائي، تعلم فن الغزل: نظرة فابتسامة فموعد فلقاء، عند ذلك يتم الزواج بعد شهر وينتهي بالطلاق، وأصبحت نسبة الطلاق في المحاكم لمثل هذه الزيجات (75%) خطة مرسومة! وإلا فإن الشاب أول ما يبلغ ويصل عمره خمس عشرة سنة يزوجونه متى تسكن نفسه وتهدأ روحه، والحمد لله الخير وفير والبيوت موجودة بل قصور، لكن لو فعلها ولي أمر، فإن الدنيا كلها ستقوم عليه وكأنه فعل منكراً، الله أكبر! لم يبلغ السن القانوني تزوج ابنك؟! لكن لو ذهب إلى مانيلا والفليبين وبانكوك وشرب مخدرات وزنا، يقولون: ماذا عليه؟ لازال شاباً، دعه يستمتع بحياته، هذه حال الناس اليوم أصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً.

    قصة يوسف تشخص هذه الأمراض، تلاحظ كيف كانت بداية القصة بادعاء عفة واضحة وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبّاً إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ [يوسف:30]، نحن المهتدون وهي الضالة، الله أكبر:

    إن البغاء وإن دعين لعفة     رمم تقلبها النسور الحوم

    في الليل عندك سرها وحديثها     وغداً لغيرك ساقها والمعصم

    كالخان تسكنه وتصبح راحلاً     ويحل بعدك فيه من لا تعلم

    ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ [يوسف:35]، هذا الذي يسمونه: مع سبق الإصرار والتعمد، وتجاوزاً لجميع القوانين والأعراف المحلية والتقاليد الاجتماعية، والأعراف الدولية، أصبح عندهم البريء متهماً وإن ثبتت براءته، الآن يوسف ثبتت براءته، القانون الآن مع يوسف وهو ضد النسوة وضد امرأة العزيز، اسمع الإصرار يقول تعالى: ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [يوسف:35] لابد أن تلبى رغبة صاحبة المعالي ويسجن يوسف حتى حين، كم يوماً؟ تحت ذمة التحقيق الذي ماله ذمة؟ وإذا كلمة (حتى حين) سبع سنوات، سبع سنوات يا ظلمة؟ ما عنده محامي يدافع عنه ولا عنده رصيد في البنك، غريب مغيوب من أهله مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ [يوسف:35].

    أحبتي في الله: هذه القصة عودوا واقرءوها من جديد وتفكروا فيها، وتلقوا وصية محمد صلى الله عليه وسلم عندما قال: (اتقوا الدنيا واتقوا النساء فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء)، ويصوره النبي صلى الله عليه وسلم تصويراً فيقول: (إنه كانت امرأة قصيرة بين امرأتين طويلتين) -يعني: واحدة قصيرة واثنتان طويلتان، فماذا عملت هذه القصيرة؟ صنعت لها كعباً عالياً؛ لأن الشباب لا ينظرون إلا إلى النساء الطويلات، أول من اخترع الكعب العالي هم اليهود، هذا حديث صحيح ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، (فعملت لها حذاء من خشب رفيع حتى صارت مثل طول الاثنتين) تخيل كيف تكون مشيتها؟ تكون مثل البطة العرجاء، كل هذا لكي تلفت أنظار الناس، فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين صورة من صور الانحراف، وأيضاً قد يكون هذا الانحراف بالمكياج أو بالموديل أو بنوع حذاء أو بالفستان، فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما ضرب هذا المثال فإنه لا يفيد الحصر.

    اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى ووحدانيتك أن تحفظنا وتحفظ أبناءنا وبناتنا ودعوتنا من هذه الفتنة، اللهم إنا نسألك الستر فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض، اللهم إنا نسألك حسن الختام، اللهم إنا نسألك العفاف والغنى، اللهم إنا نسألك الحلال الطيب ونعوذ بك من الحرام الخبيث، اللهم صن أعراضنا، وسلم عقولنا، واحقن دماءنا، واحفظ ديننا برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم إنك تعلم ولا نعلم وتقدر ولا نقدر، اللهم إنا نسألك بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أن تحفظنا بحفظك وتجعلنا في ضمانك وأمانك وبرك وإحسانك، اللهم صن أعراضنا، وسلم بناتنا، واسترنا في حياتنا وبعد مماتنا برحمتك يا أرحم الراحمين.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756561836