إسلام ويب

لك الله يا أفغانستانللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شعب الأفغان شعب مسلم عريق، قوي الشكيمة، صعب المراس، معروف بمواقفه البطولية، فقد دحر الغزاة الروس عن بلده، وابتلي الآن بالغزاة الأمريكان، الذين أعدوا لهم ما استطاعوا من قوة، ولكنه لم يلن، ولم يستسلم، لأنه شعب أبي عصي، إلا أنه يؤتى من بعض أبنائه الخونة العملاء فمن باعوا ضمائرهم للعدو، نسأل الله عز وجل أن يطهر أفغانستان من الصليبيين الحاقدين.

    1.   

    التعريف بالأفغان

    بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة، وبلغ الرسالة، ونصح للأمة؛ فكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، اللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته، ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الإخوة الفضلاء! وأيتها الأخوات الفاضلات! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعنا على طاعته، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة في جنته ودار مقامته، إنه ولي ذلك ومولاه. أحبتي في الله! أبدأ بهذه الورقة من طويلب من طلابنا -على حد قوله- يذكر أنه يحبني في الله، وأقول: أحبك الله الذي أحببتني فيه، لكنني أعجب من السؤال الذي يقول فيه: كنت منتظراً من فضيلتكم في الخطبة الماضية أن تتكلم عن حق الجهاد، أو أن تجعل ما حدث في أمريكا وأفغانستان هدفاً في الخطبة، ولا أعرف هل حضر أو لا؟! فإن كان ما حضر فأنا لا أعذره، وإن كان حضر فأنا لا أعذره؛ لأنه إن كان حضر فقد نام طوال الخطبة، وإن لم يحضر فما ينبغي له أن يعتب علي دون أن يعلم، ودون أن يفهم، فاسأل من حضر إن كنت ممن لم يحضر، واسمع الخطبة إن كنت ممن حضر، واحذر النوم أثناء الخطبة، وأسأل الله أن يوقظنا جميعاً، إنه ولي ذلك ومولاه. الأخ يسأل ويقول: من هم الأفغان؟ ومن هو أسامة بن لادن ؟ وأين أفغانستان من الخطب؟، وأين الشيشان الآن؟! وأين شباب مصر؟! وهل أسامة بن لادن إرهابي؟! وهل الذين فجروا مبنى التجارة العالمي كانوا إرهابيين؟! والجواب: الأفغان شعب مسلم أبي، قوي الشكيمة، صعب المراس، لا يعرف الذل والمهانة والخضوع والاستسلام بسهولة، ولا يؤتى هذا الشعب إلا من قبل بعض أفراده الخونة، ممن يشتريهم الأعداء بالدولار، وهؤلاء لا يخلو منهم زمان ولا مكان. إن اجتمع هذا الشعب بطوائفه لمحاربة عدو خارجي، فمهما كانت قوة هذا العدو، فإن هذا الشعب -بفضل الله سبحانه وتعالى- يضع أنف هذا العدو في التراب، فهذا الشعب الأبي هو الذي مرغ أنف بريطانيا في التراب منذ مائة سنة تقريباً، ولعلكم سمعتم ما قاله المجرم توني بلير في خطابه، وهذا نص عبارته: وها نحن الآن قد عدنا يا ملا محمد عمر !

    1.   

    واجب الداعية

    يا أخي! بفضل الله عز وجل -ونسأل الله أن يرزقنا الصدق- نحن لا نعرف أن ننافق أحداً، ولا نجيد العزف على أوتار النفاق، ونحن لا نريد شيئاً من الدنيا، فقد رزقنا الله من أوسع أبوابه، ونحن لا نريد شيئاً من مخلوق على وجه الأرض حتى ننافق، لكن المسألة أيضاً تحتاج إلى حكمة، وليس معنى الحكمة التمييع، فلم تكن الحكمة تمييعاً للقضايا، ولم تكن الحكمة هي الهروب من الحق، إنما الحكمة هي: قول ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي. هذا تعريفها. وأركانها: العلم، والحلم، والأناة. وآفاتها: الجهل، والطيش، والعجلة. وقد تكلمت عن هذه القضية، وبينت الذي أدين به لله تعالى في هذه المسألة؛ لأن من الخيانة أن يكون الداعية بأطروحاته وموضوعاته في جانب، وأن تكون الأمة بجراحها ومشكلاتها وأزماتها في جانب آخر، وأنا أكرر هذا دوماً، وأسأل الله أن يرزقنا الأمانة، وأن يجعلنا أهلاً لها.

    1.   

    أمريكا وجرائمها في العالم

    ما يحدث الآن باختصار: هو تجسيد للإرهاب الأمريكي، فإن أمريكا هي رائدة الإرهاب في الأرض، وأنا أسأل أي منصف على وجه الأرض: ما يحدث الآن على أرض أفغانستان أليس هو الإرهاب بعينه؟! بل إن أمريكا تعلم يقيناً قبل غيرها أنها إلى الآن لم تملك دليلاً واحداً على إدانة أسامة أو على إدانة المسلمين. والله العظيم لو تملك أمريكا دليلاً واحداً لضجت به في العالم، ودعك من كلام توني بلير الذي يقول: هذه أدلة استخباراتية لا أقدر على إذاعتها، فهذا كلام باطل، وهذا الوقح يظهر من كلامه ما يخفيه صدره من غل وحقد أضعاف أضعاف ما يحمله قلب بوش الإرهابي الأول في العالم، وقد قال: إنها حرب صليبية، ونقول: نعم، هي حرب صليبية، ويأبى الله إلا أن يظهر في زلات ألسنتهم، وفي كلمات أقلامهم ما تكنه صدورهم من حقد على هذا الدين، وما تخفي صدورهم أكبر، فهي حرب صليبية معلنة على الإسلام، أما أن يقول بوش : هي حرب صليبية، ثم يرجع ويلطف ذلك بشتى الطرق فهذا لا يفيد! بل يأتي توني بلير ويقول: ها نحن قد عدنا يا ملا محمد عمر ! وهذه هي نفس الكلمات التي قالها اليهود وهم يركلون قبر صلاح الدين ؛ فإنهم كانوا يقولون: ها نحن قد عدنا يا صلاح الدين ! فالحقد يملأ قلوب هؤلاء، وهم الذين يفسرون معنى الإرهاب كما يريدون! فهل الإرهاب أن يدافع المسلم عن دينه وعن وطنه وعن عرضه، وأن يرد عن أمته ونفسه وأهله شيئاً من الظلم الذي ملأ القلوب والصدور بالمرارة؟! لا يوجد عاقل على وجه الأرض الآن إلا وقلبه يمتلئ بالحقد والغل على أمريكا؛ بسبب الظلم الذي أذاقته أهل الأرض كئوساً! وما يحدث على أرض فلسطين إلى الآن أليس إرهاباً؟! ومليون ونصف من أطفال العراق قتلوا بسبب الحصار أليس إرهاباً؟! والمسلمون الذين قتلوا في العراق، والمسلمون الذين قتلوا في السودان، والمسلمون الذين قتلوا في أفغانستان، حتى من قتل في (هيروشيما) و(نجازاكي) وفي فيتنام أليس إرهاباً؟! بل في فيتنام لوحدها قتلت أمريكا أربعة ملايين فيتنامياً! أمريكا هي التي أبادت شعب الهنود الحمر! أمريكا هي التي استعبدت الزنوج! أمريكا هي التي أسقطت القنبلة الذرية على (هيروشيما) وبعد ثلاثة أيام على (نجازاكي) فقتلت مائة وسبعين ألف مدنياً! أمريكا هي رائدة الإرهاب في الأرض! وقد جلست مع عمدة نيويورك وقلت له: أنتم تعلمون أن تمثال الحرية الذي تضعونه في قلب أمريكا ليصدم عيون الناظرين خير شاهد على أنكم تسحقون الأحرار خارج حدود أرضكم وبلادكم! وذكرت له تاريخاً طويلاً، وقد كانت لي محاضرة عن حقوق الإنسان في الإسلام، حقوق الإنسان بصفة عامة، وليس حقوق المسلم، وبعد ذلك عملت مقارنة بين حقوق الإنسان في الإسلام وحقوق الإنسان في منظمة وحقوق الإنسان لهيئة الرمم، وقلت لهم: أنتم كذابون، تضحكون على العالم، وتقولون: سلام عالمي! ونظام دولي جديد، إلى آخر هذه المنشطات الساخنة الضخمة! وأنتم تعلمون يقيناً أنكم أكذب وأفجر أهل الأرض، وقلت له: هل نسيت أن أمريكا هي التي قتلت مائة وسبعين ألفاً من المدنيين في (هيروشيما)؟! وهل نسيت أن الأمريكان هم الذين أبادوا الهنود الحمر، وهم السكان الأصليون لأمريكا؟! وهل نسيت أنكم استعبدتم الزنوج؟! مع أنكم أصدرتم بعد الثورة الأمريكية قراراً دستورياً يقول بالمساواة بين جميع الناس: الأبيض والأسود، ثم بالقانون الأمريكي لمدة مائة سنة استعبدتم الزنوج! وهل نسيت أن الأمريكان هم الذين قتلوا المسلمين في فيتنام؟! وهم الذين دعموا كل الديكتاتوريات والحكام الديكتاتوريين على الأرض، بدءاً من جنوب أفريقيا إلى الفلبين! وهل نسيت أن الأمريكان هم الذين قتلوا ما يزيد على أربعة ملايين في فيتنام؟! وهل نسيت أن الأمريكان هم الذين قتلوا ما يقرب من مليون ونصف من أطفال العراق؟! وهل نسيت أن الأمريكان هم الذين شردوا من شردوا وقتلوا من قتلوا في لبنان، وفي السودان، وفي أفغانستان؟! فنظر إلي وقال لي: لكن أمريكا تدخلت لنصرة الأقلية المسلمة في ألبانيا وفي البوسنة. فقلت له: هذا كذب، بل أمريكا ما تدخلت لنصرة المسلمين في البوسنة، وإنما تدخلت لحماية مصالحها، وأمريكا تدخلت الآن بذريعة القبض على أسامة أو قتل أسامة ، وهو البطل الذي أسأل الله أن يحفظه بحفظه وإخوانه جميعاً، فإنهم هم الذين ردوا شيئاً من الكرامة المسلوبة لهذه الأمة، فأقول: ما تذرعت أمريكا بقتل أسامة الإرهابي الدولي العالمي -كما يقولون- إلا ليكون لها قدم في منطقة بحر قزوين! وهناك مبشرات من الشيشان، ووالله! ما تركنا قضية إلا طرقناها وتكلمنا فيها، ووالله! ما تركنا قضية للأمة إلا وتحدثنا عنها، وسبق أن قلت: إن أمريكا وروسيا الآن وبعد انخفاط مخزون النفط في منطقة الخليج تبحثان عن أعلى نسبة احتياطي للنفط في العالم، وهذا موجود في منطقة بحر قزوين، فروسيا تريد أن تسيطر على المنطقة، وأمريكا تريد أن تبقي لها رجلاً في المنطقة؛ من أجل أن تسيطر على مقدرات العالم كله، والآن القواعد العسكرية الأمريكية تحيط بالعالم الإسلامي والعربي من كل مكان، والأمة تدفع الجزية كاملة غير منقوصة!! والشاهد أن الرجل لما قلت له: أنتم قمتم بهذا من أجل مصالحكم، قام وسلم عليّ، وشد علي يدي! وقال لي: هل المسلمون يعرفون هذا الكلام الذي تقوله؟ فقلت: هذه هي الكارثة. فقال: لماذا؟ وكأنه استغرب من الجواب، وكأنه كان متصوراً أني سأقول له: إن المسلمين لا يعلمون شيئاً! فقلت له: هذه هي الكارثة، وهي أنكم ما زلتم تعتقدون أنكم تتعاملون مع أغبياء لا يعرفون خططكم، ولا يعرفون مصائبكم وتاريخكم الأسود! بل كل هذا يعرفه الآن أي مسلم، ويعرف مصدر الإرهاب على وجه الأرض، يعرفون ذلك عند أن يدك شعب الأفغان بالصواريخ وبالطائرات، وقد جاءت أمريكا بخيلائها وخيلها ورجلها وسلاحها لتحاد الله عز وجل، وترمي هذا الشعب الفقير الذي لا يجد لقمة العيش؛ بذريعة القبض على أسامة وتدمير جيش القاعدة! ويدعون أن طالبان هم الذين يأوون الإرهابيين.. إلى آخر هذا الكلام الإعلامي الخبيث الذي يدندن حوله إعلام اليهود، ويتلقفه إعلامنا العربي المهزوز؛ ليردد نفس الكلمات تماماً، ولا تجد دولة مسلمة عربية ترفض، بل إن منهم من يشارك ويقول: نحن مع الضربة العسكرية ضد الإرهاب! ولو صدقوا لقالوا: نحن مع الضربة العسكرية ضد الإسلام! ومع ذلك أخونا عبد السلام ضعيف الرجل القوي الإيمان، سفير الأفغان في باكستان يعلن أن طالبان لن تسلم أسامة، بل إنها قد أطلقت له العنان في أن يفعل ما يشاء، ويقول: إن عندنا اثنين مليون يتمنون الشهادة في سبيل الله، ولكن الإرجاف شغال، فترى بعض الجرائد تقول: طالبان تختنق! وهذا إرجاف، فإن أعداء الله يدكون عليهم دكاً متواصلاً بالصواريخ والطيران والبواخر والسفن الحربية وبكل السبل، وما زالوا يثقون بالله، وأرجو أن نثق وأن نعلم يقيناً أن أمريكا لا تدبر أمر الكون، بل إن الذي يدبر أمر الكون هو الملك عز وجل.

    1.   

    على الأمة أن تجدد يقينها بالله عز وجل

    الأمة الآن بسبب ضعف يقينها وضعف إيمانها لم تعد تؤمن إلا بالماديات وبالحسيات، فتراهم يأتون بصورة على الصفحة الأولى من بعض الجرائد وفيها صاروخ أطلقته أمريكا، ويقولون: هذا الصاروخ يسجل الكلام الذي يقوله مجاهدو طالبان! وأين كانوا قبل ذلك؟! هل كان بوش يخبئه تحت السرير؟! ولكن هذا عمل المرجفين الذين يريدون أن تزداد هذه الأمة هزيمة على هزيمتها. والله العظيم لقد سمعت بأذني من رجل مثقف يقول: يا شيخ! أمريكا عندها صاروخ لو وضعت على يدك بريزة فضة يأتي عليها الصاروخ فيحرقها ولا يمس يدك!! وهذا بصراحة استخفاف بالعقول، واستخفاف بالقلوب، وإرجاف خطير جداً. فنريد يا إخواننا أن نثق بالله عز وجل. والذي أريد أن أخرج به من هذه الأزمة والأحداث: أن نجدد الثقة واليقين بالله عز وجل، وأن تعلم الأمة يقيناً أن الله تبارك وتعالى هو الذي يدبر أمر الكون وحده، فلا تقع ورقة من شجرة على الأرض إلا بأمره عز وجل وبعلمه، فإذا كانت الورقة لا تقع إلا بعلمه فكيف ستقع القنبلة بدون علمه وبدون تقديره؟! بل كل شيء بقدر، وليس أحد أغير على الحق وأهله من الله، وليس أحد أرحم بالمستضعفين في أفغانستان وفلسطين من الله، لكن الله لا يعجل بعجلة أحد؛ فللكون سنن لابد منها، كسنة التدافع، وسنة الابتلاء، وسنة أخذ الله للظالمين، قال عز وجل: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الأَرْضُ [البقرة:251]، وقال عز وجل: وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ [الحج:40]، وقال سبحانه وتعالى: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ [النساء:104] وقال جل وعلا: إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140]! فيا سبحان الله! لا يوجد أمريكي في أكثر الأحيان إلا وهو يعيش حالة من الرعب، ومن سافر إلى أمريكا يعرف ذلك. وقد دخلت مركز التجارة العالمي قبل الأحداث، والله العظيم! إن الإنسان يتعجب من ذلك البناء وعظمته! فتصعد إلى الدور المائة وتسعة عن طريق مصعد مثل الكافتيريا في أقل من دقيقتين تقريباً! وكذلك مبنى البنتاجون -الذي هو وزارة الدفاع- مساحته أفقية ممتدة، ويأخذ مساحة ضخمة جداً، وفيه غرف لا يعلم عنها شيئاً كثير ممن يعملون في البنتاجون؛ وذلك لكثرة الغرف وكبر المساحة، والمكان الذي ضُرب فيه هو المخ والرأس المحرك! وهذا شيء غريب جداً! وضرب الكمبيوتر الرئيسي! ولذلك أمريكا تاهت بعد هذه الحادثة، وبقيت ثلاث ساعات لم يعلق فيها أي رئيس ولا أي وزير ولا أي مسئول، إلا مذيع في (السي إن إن)، أما الرئيس والنائب والوزراء فكلهم تبعثروا، أسأل الله أن يبعثرهم. أقسم بالله إنها آية من الآيات تجعل الإنسان لا يثق إلا بربه، ومع ذلك فالأمة لا زالت قلوبها مملوءة بالضعف والإرجاف، والخور والذلة والمهانة، والخوف والرعب. فيا إخواننا! ألم تفيقوا بعد؟! أما تصطلحون؟! أما تركعون لله عز وجل وحده؟! وفي قناة الجزيرة ظهر مذيع نصراني حقود مع أخ من إخواننا الطيبين ممن لا يجيد الحوار، ولا يجيد الكلام، والناس هؤلاء لابد لهم من محاورين في غاية اللباقة، لكن سبحان الله! لو كنت مكانه ربما لم أستطع أن أتكلم، وليس عندي ربع يقين الأخ الذي كان يتكلم، ووالله! إنه أبكاني، فإن هذا المذيع تكلم وقال: أنتم -يا طالبان- ماذا عملتم أمام هذه القوة والترسانة العسكرية الضخمة؟! فابتسم الأخ ابتسامة جميلة وقال له: معنا الله!! والله إن هذا المذيع المجرم اسود وجهه! فإن المعية عظيمة وكبيرة، ولك أن تتصور السبع السماوات وعظمتها، فإن الله عز وجل يقول: لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غافر:57]، فالعقل البشري الذي فجر الذرة، وصنع الترسانة التي نسمع عنها لا يُعد شيئاً أمام خلق السماء وخلق الأرض، فإن ملك الملوك يحمل السماوات السبع على إصبع! فأريد أن تتدبر هذا الكلام حتى ترجع بيقين، هذا الكلام يقوله حبر من أحبار اليهود، والحديث في صحيح مسلم وفيه: (جاء حبر يقول: يا محمد! إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة: أن الله يجعل السماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والماء والثرى على إصبع، والشجر على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، ثم يهزهن ويقول: أنا الملك) الله أكبر! السماوات على إصبع من أصابع الملك جل جلاله، فلا تعطل ولا تكيف، فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك، كما قال تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]. هذا هو الذي أريد أن أخرج به، فأنا لا أريد أن أكون وكالة أنباء أذيع لك منها أخباراً أنت تعرفها أكثر مني، إنما أريد أن أدخل في قلبك اليقين، ونرجو أن تتعلم الأمة هذا الدرس، ونرجو أن تجدد الأمة يقينها في ربها، وتعلم يقيناً أنه لا تستطيع قوة على وجه الأرض أن تقتلع الإسلام من الأرض؛ لأن الذي وعد بنصرة الإسلام هو الله.

    1.   

    الأحداث التي تمر بالأمة بشير خير

    أنا متصور بفهمي للقرآن وللسنة وللسنن أن الأحداث التي تمر بها أمتنا الآن ستكون من أعظم الأحداث التي ستربي الأمة، وأرى فيها خيراً كثيراً، فإن جميع أهل الأرض الآن قد قامت عليهم حجة الله بالسماع عن الإسلام من زعماء العالم! فمن الذي كان يسمع من أهل الأرض أن الإسلام دين السماحة، وأن الإسلام دين الرحمة، وأن الإسلام لا يقر الإرهاب، ولا التطرف؟! فمن الذي كان يستطيع من الدعاة أن يسمع العالم كله هذا الكلام؟! لكن بوش وتوني بلير ورئيس وزراء إيطاليا أظهروا الصورة المشرقة للإسلام من حيث لا يشعرون! ولهذا لا تجد نسخة من القرآن المترجم باللغة الفرنسية في الأسواق! ولا تجد نسخة من القرآن المترجم باللغة الإنجليزية في أمريكا؛ لأن جميع النسخ قد نفدت، فالغرب كله يتلهف للقراءة عن الإسلام! وانتظر النتائج من الملك سبحانه وتعالى، فهو الذي يدبر أمر الكون. فأريد أن أقول: إن ما يجري الآن أرجو الله أن يجعله بداية المفاصلة، وقد تكلمت عن المفاصلة! وتكلمت عن إقامة الفرقان كثيراً، ولا أملّ من التكرار، وبعض الإخوة يقولون: الشيخ يكرر كثيراً، فأقول: أنا أكرر -يا أخي!- لأن الله كرر في القرآن بعض القصص عدة مرات، وأنت كم تكرر الفاتحة في اليوم؟! فأنا لا أحب للإخوة الدعاة والمشايخ أن يستحوا من التكرار، بل كرر مرة واثنتين وثلاثاً وعشراً وعشرين. فكم ذكرت إقامة الفرقان! وأنا أرى الآن أن الأمة تحتاج إلى أن تتمايز إلى فسطاطين؛ لأن الأمة الإسلامية تعيش بين التبعية والريادة، فلابد أن تتمايز الأمة إلى فسطاطين: فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فلابد من التمايز؛ لأن الغبش الذي نحن فيه لن ينصر ديناً، ولن ينصر قضية. وأود أن أقول: إن الله تبارك وتعالى هو الذي يدبر أمر الكون، ولا يحدث شيء في الكون إلا بعلمه وأمره، وهذه الأحداث أرى فيها خيراً كبيراً وكثيراً وعظيماً للإسلام وللمسلمين، وأرى أن يبذل الإنسان المسلم الآن كل ما يملك، فإن كنت تستطيع أن تجاهد بنفسك فافعل، وإذا حيل بينك وبين الجهاد بنفسك فجاهد بمالك، وجاهد بلسانك.

    1.   

    أهمية الجهاد بالكلمة

    أرى أن الجهاد بالكلمة في هذا الزمان من أخطر أنواع الجهاد وأعظمها؛ لأن الإعلام هو الذي يحرك العالم، فتكلم وانزع الإرجاف من قلوب المرضى، واملأ القلوب يقيناً، واملأ القلوب ثقة بالله، فمن منا جمع زوجته وأولاده وقعد معهم بالليل وبكى بينهم! ورفع أكف الضراعة بينهم؛ ليرفعوا خلفه أكف الضراعة، ودعوا الله أن ينصر المسلمين في أفغانستان وفي فلسطين؟! أكثرنا لم يعمل ذلك، وإنما نحن (شطار) في الكلام، وأساتذة غيبة، وأساتذة نميمة، وكأننا ليس لنا عمل إلا ذلك، إلا من رحم ربي، وهؤلاء -والله العظيم- قلة، وأما الأكثر فلا تراهم مشغولين بعبادة، ولا بطاعة، ولا بعلم، ولا بدعوة، وإنما هم في غيبة ونميمة طوال النهار، ولا حول ولا قوة إلا بالله! فلو كنت تحمل هماً في قلبك فوالله العظيم! إن قلبك ليكاد أن يحترق، ولن تجلس مع زوجة ولا مع ولد إلا وأنت تذكِّر بهذه القضية، فإذا كنت معهم على الطعام فقل لهم: انظروا كيف نأكل في أمن وفي أمان! وتصوروا -يا أولاد- لو سقط في هذا الوقت صاروخ على بيتنا فحطمه! وتناثرت أشلاؤنا وسالت دماؤنا! إن هذا المشهد يحدث كثيراً في فلسطين وفي غيرها! فعلم الطفل هذا الكلام، وعلمه الولاء والبراء، واغرس فيه بغض اليهود والكفار والمشركين، فمن منا قام بالليل يبكي ويتضرع إلى الله؟! وقد تكلمنا عن الجهاد، ولكن الكلام عن الجهاد سهل، وقلة قليلة هي التي تصدق مع الله، فقم وصل وادع، ولا تستهن بالدعاء.

    1.   

    عظم شأن الدعاء

    والله العظيم! لقد أخبرني أحد الإخوة في يوم الجمعة وقال لي: والله! يا شيخ محمد ! لقد رأينا في الكعبة عجباً عجاباً! قال: كنا نطوف يوم الثلاثاء يوم أحد عشر حول الكعبة، وإذا برجل كبير السن، ذي لحية بيضاء، متعلق بأستار الكعبة وبكى، وارتفع صوته، وكأنما يتحدث بمكبر صوت! وصرخ وهو يقول: إله الحق! أرنا في أمريكا آية! إنها دعوة عجيبة! والله العظيم! إن الواحد ما زال يرتعش منها إلى الآن، وظل يرددها وبكى وصرخ، يقول: كل الناس في صحن الطواف سمعوا الدعوة، فالكل بكى وصرخ، وبعد ثلاث ساعات تقريباً تذيع الأخبار ما وقع في أمريكا! فلا تستهينوا بدعوة الضعيف الصادق؛ فإنها والله! سهم لا يُرد. وأنا أعتقد أن ما وقع إنما هو استجابة من الله عز وجل لدعوة المظلومين المقهورين الصادقين، ممن تحترق قلوبهم ولا يملكون أن يقدموا شيئاً، والله يعلم السر وأخفى، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه)، ومنزلة الشهادة منزلة عظيمة، فنريد أن نصدق.

    1.   

    أنواع الجهاد

    الجهاد أنواع: جهاد بالمال، وجهاد بالكلمة، وجهاد بالتربية على عقيدة الولاء والبراء، وجهاد بغرس اليقين في قلوب الأفراد، فإذا كنت موظفاً أو طبيباً أو أستاذ جامعة فلديك فرصة، فاغرس اليقين، وجدد العقيدة والإيمان في قلوب أفراد الأمة، فما أحوج الأمة في هذا الظرف إلى أن تجدد يقينها وإيمانها وثقتها بربها تبارك وتعالى!

    1.   

    المستقبل للإسلام

    لا توجد قوة على وجه الأرض تستطيع أن تقضي على الإسلام؛ لأن الإسلام باق وسيبقى، وسيهلك الله كل من يحارب الإسلام، وسيبقي الله الإسلام شامخاً؛ لأن الذي وعد بإبقائه هو الله الحي الباقي الذي لا يموت سبحانه وتعالى. وأختم المحاضرة بهذه الكلمات الجميلة، وهو خبر نشرته مجلة (التايم) الأمريكية: يقول -وهذه ترجمة حرفية-: وستشرق شمس الإسلام من جديد ولكنها في هذه المرة تعكس كل حقائق الجغرافيا، فهي في هذه المرة لا تشرق من الشرق، وإنما تشرق من الغرب من قلب أوروبا! تلك القارة العجوز التي بدأت المآذن فيها تزاحم أبراج الكنائس! في روما، ومدريد، ولندن، وباريس، وصوت الأذان كل يوم خمس مرات خير شاهد على أن الإسلام يكسب كل يوم أرضاً جديدة! وأقول: المسلمون اليوم في قلب أوروبا أكثر من خمسة وخمسين مليون مسلماً، وهذا عدد لا يستهان به على الإطلاق، وقد أصبحوا مثل اللقمة التي لا يستطاع بلعها ولا مضغها! وهذا تقدير إلهي. اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، هازم الأحزاب، اللهم اهزم أحزاب الكفر، اللهم زلزل الأرض من تحت أقدامهم، اللهم شتت رميهم، اللهم شتت رميهم، اللهم شتت رميهم. اللهم اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم، اللهم اقذف الرعب في قلوبهم. اللهم احفظ إخواننا في أفغانستان، اللهم احفظ أهلنا في أفغانستان. اللهم اربط على قلوبهم، اللهم اربط على قلوبهم، اللهم اربط على قلوبهم. اللهم احفظهم بحفظك، واكلأهم بعينك، واحرسهم برعايتك. اللهم إنهم ضعاف فقوهم، اللهم إنهم أذلاء فأعزهم، اللهم إنهم أذلاء فأعزهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأطعمهم، اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إن أهل الأرض قد تجمعوا عليهم فكن لهم يا ملك! يا قدير! اللهم ارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، واغفر ذنبهم، واستر عيبهم، وفرج كربهم. اللهم اجعل الدائرة على عدوهم، اللهم اجعل الدائرة على عدوهم، اللهم اجعل الدائرة على عدوهم. اللهم اجعل تدبير الأعداء تدميرهم، اللهم اجعل تدبير الأعداء تدميرهم. اللهم احفظ أهلنا في فلسطين، اللهم احفظ أهلنا في فلسطين، اللهم عليك باليهود والأمريكان، اللهم عليك باليهود والبريطان، اللهم عليك بالروس والأمريكان، اللهم عليك بأعوانهم من أهل الكفر والنفاق يا قوي يا عزيز! اللهم ارحم ضعفنا، واجبر كسرنا، واغفر ذنبنا، وتول أمرنا. اللهم تول أمرنا، اللهم تول أمرنا، لا إله لنا سواك فندعوه، ولا رب لنا غيرك فنرجوه، يا منقذ الغرقى! يا منجي الهلكى! يا سامع كل نجوى! يا منقذ الغرقى! يا منقذ الغرقى! يا منجي الهلكى! يا منجي الهلكى! يا سامع كل نجوى! يا عظيم الإحسان! يا عظيم الإحسان! يا دائم المعروف! يا دائم المعروف! يا غياث المستغيثين! يا غياث المستغيثين! يا غياث المستغيثين! يا ودود يا ودود! يا ذا العرش المجيد! يا فعال لما يريد! يا من ملأ نوره أركان عرشه! أغث أمة حبيبك محمد، اللهم أغث أمة حبيبك محمد، اللهم فرج كربها، واكشف همها، وأزل غمها، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، برحمتك يا أرحم الراحمين! وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756579976