إسلام ويب

مجالس رمضان العبودية وظيفة العمرللشيخ : أحمد فريد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خلق الله البشر لعبادته سبحانه، وأمرهم بالقيام بهذه الوظيفة، فلا تكون العبودية إلا لله وحده، وقد فهم الصحابة ومن سار على هديهم حقيقة هذه الوظيفة، فذاقوا السعادة ووجدوا الطمأنينة والراحة ونعيم الدنيا والآخرة.

    1.   

    فهم وظيفة العبودية والقيام بها

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    أما بعد:

    فإن الله لم يخلق خلقه عبثاً، ولم يتركهم سدى، بل خلقهم لأمر عظيم وخطب جسيم، عرض هذا الأمر على السماوات والأرض والجبال فأبين وأشفقن منه وجلاً، وقلن: ربنا إن أمرتنا فسمعاً وطاعة، وإن خيرتنا فعافيتك نريد لا نبغي بها بدلاً، وحمله الإنسان على ضعفه وعجزه عن حمله، وباء به بظلمه وجهله، فألقى أكثر الناس الحمل عن ظهورهم لشدة مئونته عليهم وثقله، وصحبوا الدنيا صحبة الأنعام السائمة، لا يتفكرون في معرفة موجدهم وحقه عليهم، ولا يتفكرون في سرعة رحيلهم من هذه الدنيا الفانية، وانتقالهم إلى الآخرة الباقية، فقد ملكهم باعث الحس، وغاب عنهم داعي العقل، وشملتهم الغفلة، وغرتهم الأماني الباطلة، والخدع الكاذبة، فخدعهم طول الأمل، وران على قلوبهم سوء العمل، فهم في شهوات الدنيا ولذات النفوس كيف حصلت حصلوها، ومن أي وجه لاحت أخذوها، إذا بدا لهم حظ من الدنيا بآخرتهم طاروا إليه زرافات ووحداناً، ولم يؤثروا عليه فضلاً من الله ولا رضواناً، نسوا الله فنسيهم أولئك هم الفاسقون، يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون.

    خلقنا الله عز وجل لوظيفة، فمن اهتدى لمعرفة هذه الوظيفة وقام بها حق القيام أفلح وأنجح، وسعد في الدنيا والآخرة، ومن تغابى عن معرفة هذه الوظيفة أو عرف الوظيفة ولم يقم بها حق القيام خاب وخسر في الدنيا والآخرة، فما هي هذه الوظيفة التي خلقنا الله عز وجل من أجلها، حتى لا نكون يوم القيام من المغبونين، أو من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً؟ فالله عز وجل بين لنا هذه الوظيفة في كتابه، فقال عز وجل: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فالله تعالى خلق العباد من أجل عبادته عز وجل وحده، وأرسل الرسل من أجل أن يعبِّدوا الناس له عز وجل، ومن أجل أن ينبهوا الناس إلى القيام بالوظيفة التي خلقهم الله عز وجل من أجلها، فقال عز وجل: وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [الأنبياء:25].

    وقال عز وجل: وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [الزخرف:45]، فالله تعالى أرسل الرسل من أجل أن يعبِّدوا الناس له عز وجل، ومن أجل أن يعرف الناس الوظيفة التي خلقهم الله عز وجل من أجلها.

    وقد فهم ربعي بن عامر رضي الله عنه أحد تلامذة النبي صلى الله عليه وسلم هذه الوظيفة، فلما دخل على رستم قال: إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.

    وجوب إخلاص العبودية لله وحده

    إن وظيفة الرسل، ووظيفة أتباع الرسل وهي تعبيد الناس لله عز وجل، فنحن جميعاً عبيد لله عز وجل، والعبد لا يجوز له أن يعمل ويؤدي إلى غير سيده، بل يجب عليه أن يعمل ويؤدي إلى سيده، فلا يجوز لنا أن نعمل عملاً لا نرجو به وجه الله، فينبغي أن تكون كل الأقوال وكل الأعمال وكل الأحوال لله عز وجل، كما قال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، فنحن وأموالنا وأوقاتنا وزوجاتنا وأولادنا ملك لله عز وجل، فلا يجوز لنا أن نعمل عملاً لغير الله، بل ينبغي أن يكون لله عز وجل.

    كثير من الناس يظن أن العبد لو كان كل عمله لله عز وجل فإنه لا يجد سعادة وراحة وحياة طيبة، وهذا من جهلهم بدين الله عز وجل، ومن جهلهم بما تسعد به النفوس، فهم يظنون أنهم لا يمكن أن يسعدوا حتى ينسلخوا من الشرع المتين، وحتى يتبعوا الشياطين، لكن القلوب التي خلقها الله عز وجل بين تعالى أنها لا تسعد إلا به، ولا تطمئن إلا بذكره، كما قال تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28]، فالله عز وجل كما خلق العين للإبصار والأذن للسماع واللسان للتحدث والذوق، خلق القلب لمعرفة الله عز وجل وتوحيده، فمهما تعلق بغير الله فمآله إلى التعاسة والشقاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (تعس عبد الدينار، تعس عبد الدرهم، تعس عبد الخميصة، تعس عبد القطيفة، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش)، فالقلب لا يسعد إلا بالله عز وجل، ففي القلب فقر وحاجة واضطرار إلى الله عز وجل، فإذا تعلق بالله، وعُبِّد له سعد بذلك في الدنيا والآخرة، وإذا عُبِّد لغير الله فالتعاسة والشقاء في الدنيا والآخرة.

    سعادة الصالحين وأخبارهم في عبوديتهم لله

    مهما أكمل العبد عبوديته لله عز وجل سعد في الدنيا والآخرة، ومهما نقصت عبوديته نقصت سعادته، ولذلك يخبرنا الصالحون كيف وجدوا السعادة التي ما ذقنا شيئاً منها لضعف إيماننا ويقيننا وقلة توحيدنا، فقال بعضهم: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من نعمة لجالدونا عليها بالسيوف.

    وقال بعضهم: أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا.

    وقال بعضهم: ما بقي من لذات الدنيا إلا ثلاث: قيام الليل، ولقاء الإخوان، وصلاة الجماعة.

    وقال بعضهم: إنه لتمر بي أوقات أقول: إن كان أهل الجنة كالذي نحن فيه والله إنهم لفي عيش طيب.

    وقال بعضهم: والله! إنه لتمر بي أوقات يرقص فيها القلب طرباً.

    وهذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان يقول: ما يفعل بي أعدائي، أنا جنتي معي، وبستاني في صدري، إن سجني خلوة، وقتلي شهادة، وإخراجي من بلدي سياحة، وتعذيبي جهاد في سبيل الله.

    ولما سجن في القلعة نظر من خلف الباب وقال: فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ [الحديد:13].

    وكان يقول: لو أملك ملء القلعة ذهباً ما استطعت أن أكافئهم على ما قدموه لي من الخير.

    وكان يقول: المحبوس من حبس قلبه عن ربه، والمأسور من أسره هواه.

    وكان يكثر أن يقول في سجوده وهو مسجون: اللهم! أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.

    يصفه تلميذه المحقق ابن القيم فيقول: كنا إذا ضاقت بنا الأمور، واشتدت بنا الأحوال نلقاه، فما أن نراه وننظر إليه إلا ذهب كل ذلك عنا، وانقلب انشراحاً وفرحاً، ولقد كان من أطيب الناس عيشاً مع ما كان فيه من شدة العيش وخلاف الرفاهية، كانت نضرة النعيم تلوح على وجهه.

    فالحمد لله الذي فتح لعباده باباً إلى جنته، فأتاهم من ريحها وطيبها ما استفرغ قواهم لطلبها، وهم ما يزالون في دار العمل، فـشيخ الإسلام تجاوز الستين سنة وما وجد حياة الاستقرار حتى يتزوج؛ لأنه كان من سجن إلى سجن، ومن معركة إلى معركة، ومن مناظرة إلى مناظرة، وما سعى يوماً لأن يتزوج زوجة حسناء، أو يملك سرية حوراء، ولا داراً قوراء، ولا سعى خلف دينار ولا درهم.

    فالذي يحقق العبودية لله عز وجل، وتكتمل عبوديته له تكتمل سعادته في الدنيا والآخرة، بل يسعد به من رآه.

    وكان أيوب السختياني سيد شباب أهل البصرة من التابعين، كان إذا دخل السوق ورآه أهل السوق سبحوا وهللوا وكبروا، لما يرون على وجهه من أنوار العبادة، فمن أقبل على الله عز وجل أقبل الله عز وجل عليه، ومن أقبل الله عز وجل عليه أضاءت ساحاته واستنارت جوارحه.

    والعجب كل العجب من غفلة من لحظاته معدودة عليه، وكل نفس من أنفاسه إذا ذهب لم يرجع إليه، فمطايا الليل والنهار تسير به ولا يتفكر إلى أين يحمل، ويسار به أعظم من سير البريد، ولا يدري إلى أي الدارين ينقل، حتى إذا نزل به الموت اشتد قلقه لخراب ذاته وذهاب لذاته، لا لما سبق من تفريطه حيث لم يقدم لحياته، فإذا خطرت له خطرة عارضة لما خلق له، دفعها باعتماده على العفو، وقال: قد أنبئنا بأنه هو الغفور الرحيم، وكأنه لم ينبأ بأن عذابه هو العذاب الأليم.

    ولما علم الموفقون لما خلقوا له, وما أريد بإيجادهم رفعوا رءوسهم، فإذا علم الجنة قد رفع لهم فشمروا إليه، وإذا صراطها المستقيم قد وضح لهم فاستقاموا عليه، ورأوا من بعض الغبن بيع ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، في أبد لا يزول ولا ينفد بصبابة عيش، إنما هو كأضغاث أحلام أو كطيف زار في المنام، مشوب بالنغص، ممزوج بالغصص، إن أضحك قليلاً أبكى كثيراً، وإن سر يوماً أحزن شهوراً.

    آلامه تزيد على لذاته، وأحزانه أضعاف مسراته، فيا عجباً من سفيه في صورة حليم، ومعتوه في مسلاخ عاقل، آثر الحظ الفاني على الحظ الباقي النفيس، وباع جنة عرضها الأرض والسماوات بسجن ضيق بين أرباب العاهات والبليات، ومساكن طيبة في جنات عدن تجري من تحتها الأنهار بأعطان ضيقة آخرها الخراب والبوار، وأبكاراً عرباً أتراباً كأنهن الياقوت والمرجان بخبيثات قذرات سيئات الأخلاق مسافحات أو متخذات أخدان، وحوراً مقصورات في الخيام بخبيثات سيبات بين الأنام، وأنهاراً من خمر لذة للشاربين بشراب نجس مذهب للعقل، مفسد للدنيا والدين، ولذة النظر إلى وجه العزيز الرحيم، بالتمتع برؤية الوجه القبيح الذميم، وسماع الخطاب من الرحمن بسماع المعازف والغناء والألحان، والجلوس على منابر اللؤلؤ والياقوت والزبرجد يوم المزيد بالجلوس في مجالس الفسوق مع كل جبار عنيد.

    وإنما يظهر الغبن الفاحش في هذا البيع يوم القيامة، وإنما يتبين سفه بائعه يوم الحسرة والندامة، إذا حشر المتقون إلى الرحمن وفداً وسيق المجرمون إلى جهنم ورداً، ونادى المنادي على رءوس الأشهاد ليعلمن أهل الموقف من أولى بالكرم من بين العباد، فلو توهم المتخلف عن هذه الرفقة ما أعد الله لهم من الإكرام، وادخر لهم من الفضل والإنعام، لعلم أي بضاعة أضاع، وعلم أنه لا خير له في حياته وهو معدود من سقط المتاع، وعلم أن القوم قد توسطوا ملكاً كبيراً لا تعتريه الآفات ولا يلحقه الزوال، وفازوا بالنعيم المقيم في جوار الكبير المتعال، فهم في روضات الجنات يتنعمون، وعلى أسرتها تحت الحجال يجلسون، وبالحور العين يتفكهون، يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ * بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ * لا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلا يُنزِفُونَ [الواقعة:17-19]، يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأَنفُسُ وَتَلَذُّ الأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [الزخرف:71].

    تالله لقد نودي عليها في سوق الكساد، فما قلّب ولا استام إلا أفراد من العباد، فوا عجباً لها كيف نام طالبها؟ وكيف لم يسمع بمهرها خاطبها؟ وكيف طاب العيش في هذه الدار بعد سماع أخبارها؟ وكيف قر للمشتاق القرار دون معانقة أبكارها؟ وكيف قرت دونها أعين المشتاقين؟ وكيف صبرت عنها أنفس الموقنين؟ وكيف صدفت عنها قلوب أكثر العالمين؟ وبأي شيء تعوضت نفوس المعرضين؟

    وما ذاك إلا غيرة أن ينالها سوى كفئها والرب بالخلق أعلم

    وإن حجبت عنا بكل كريهة وحفت بما يؤذي النفوس ويؤلم

    فلله ما في حشوها من مسرة وأصناف لذات بها يتنعم

    ولله برد العيش بين خيامها وروضاتها والثغر في الروض يبسم

    ولله أبصار ترى الله جهرة فلا الضيم يغشاها ولا هي تسأم

    فيا نظرة أهدت إلى الوجه نضرة أمن بعدها يسلو المحب المتيم

    ولله كم من خيرة إن تبسمت أضاء لها نور من الفجر أعظم

    فيا لذة الأبصار إن هي أقبلت ويا لذة الأسماع حين تكلم

    ويا خجلة الغصن الرطيب إذا انثنت ويا خجلة الفجرين حين تبسم

    إذا قابلت جيش الهموم بوجهها تولى على أعقابه الجيش يهزم

    فيا خاطب الحسناء إن كنت راغباً فهذا زمان المهر فهو المقدم

    وكن مبغضاً للخائنات لحبها فتحظى بها من دونهن وتنعم

    وأقدم ولا تقنع بعيش منغص فما فاز باللذات من ليس يقدم

    وإن ضاقت الدنيا عليك بأسرها ولم يك فيها منزل لك يعلم

    فحي على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم

    ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود إلى أوطاننا ونسلم

    وحي على السوق الذي فيه يلتق الـ محبون ذاك السوق للقوم يعلم

    فما شئت خذ منه بلا ثمن له فقد أسلف التجار فيه وأسلموا

    وحي على واد هنالك أفيح وتربته من إذفر المسك أعظم

    منابر من نور هناك وفضة ومن خالص العقيان لا يتقسم

    فبينا همو في عيشهم وسرورهم وأرزاقهم تجري عليهم وتقسم

    إذا هم بنور ساطع أشرقت له بروضاتها الجنات لا يتوهم

    تجلى لهم رب السماوات جهرة فيضحك فوق العرش ثم يكلم

    يقول سلوني ما اشتهيتم فكل ما تريدون عندي إنني أنا أكرم

    فقالوا جميعاً نحن نسألك الرضا فأنت الذي تولي الجميل وترحم

    فيعطيهم هذا ويشهد جمعهم عليه تعالى الله فالله أكرم

    فيا بائعاً هذا ببخس معجل كأنك لا تدري بلى سوف تعلم

    فإن كنت لا تدري فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

    أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

    وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    757227782