إسلام ويب

دليل الطالب كتاب القضاء [3]للشيخ : حمد الحمد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • قد تحصل الشركة في الأموال بطريق الإرث أو غيره، وقد يكون المال المشترك عقاراً وقد يكون منقولاً، وفي كل حال فإن الشركاء قد يحتاجون إلى القسمة بينهم، وكثيراً ما يترافعون إلى القضاء للفصل بينهم في ذلك، وعليه فيحتاج القاضي إلى معرفة القسمة وما تتطلبه من حساب، وما هي أنواعها ومحل كل نوع.

    1.   

    أحكام القسمة

    أنواع القسمة والتعريف بها

    قال: [ باب القسمة:

    وهي نوعان: قسمة تراض وقسمة إجبار ].

    عندما يكون بينك وبين زيد من الناس دار، أو عقار، أو دابة، أو غير ذلك، وتريد أن تقسم فتأخذ حقك ويأخذ هو حقه، هذا الباب يشرح ذلك، فذكر المؤلف أن القسمة نوعان: قسمة تراض وقسمة إجبار.

    يعني: هناك قسمة يُشترط فيها التراضي، فليس للقاضي ولا لغيره أن يقسم إلا مع التراضي، وهي القسمة التي فيها ضرر أو رد عوض، فالضرر مثل نقص القيمة، فإذا قُسمت حصل نقص في القيمة، أو احتاج أن يرد عوضاً، يقول: يا فلان أعط فلاناً كذا عوضاً لأننا أعطيناك الجهة الأفضل؛ فهذا النوع لا بد فيه من التراضي.

    وهناك قسمة إجبار: وهي التي إن طلب أحد الطرفين القسمة أجبر القاضي الطرف الآخر عليها، وهي التي لا يكون فيها ضرر ولا يكون فيها رد عوض.

    مثلاً: أرض مساحتها ألف متر معتدلة فلهذا خمسمائة ولهذا خمسمائة إذا لم يكن فيها رد عوض، لكن لو كانت الأرض التي في إحدى الجهتين تقع على شارع عام وهي أفضل بحيث إن الذي يأخذها يرد عوضاً للآخر، فإنا نقول: هذه من النوع الأول، وليست قسمتها قسمة إجبار.

    أحكام قسمة التراضي

    قال: [ فلا قسمة في مشترك إلا برضا الشركاء كلهم حيث كان في القسمة ضرر يُنقص القيمة كحمام، ودور صغار، وشجر مفرد، وحيوان ]، هذه لا يمكن أن تقسم إلا برضا الطرفين، إذاً ما هو الحل؟

    الحل أن القاضي يلزمهما بالبيع ويقسم الثمن بينهما، فإن أبى أحدهما البيع فإن القاضي يبيع ويأخذ الثمن ويقسمه بينهما، ولا يمكن أن يقسم بينهما على الصورة المتقدمة.

    مثال ذلك: اثنان بينهما ناقة يشتركان فيها ماذا يفعل القاضي؟ لا يمكن أن تُقسم، فيبيع هذه الناقة ويقسم الثمن.

    كذلك إذا حدث بالقسمة نقص، مثلاً: بينهما شقة واحدة يشتركان فيها ورثاها عن أبيهما، فماذا يفعل القاضي؟ نقول: إما أن تتراضيا على حالكما الآن وتنتفعان بها على هذه الصورة، وإلا فإن القاضي يبيع ويقسم الثمن.

    قال: [ وحيث تراضيا صحت ]، أي: إن تراضيا على القسمة صحت، [ وكانت بيعاً، وثبت فيها ما يثبت فيه من الأحكام ]، فيكون من باب البيع إذا تراضيا على القسمة، فإذا قال أحدهما: أنا آخذ هذا القسم وأنت تأخذ القسم هذا وتراضيا فيكون بيعاً، وعلى ذلك ففيه خيار المجلس وفيه خيار الشرط، وفيه كذلك خيار الغبن كسائر البيوع، أي: فله حكم سائر البيوع.

    قال: [ وإن لم يتراضيا ودعا أحدهما شريكه إلى البيع في ذلك أو إلى بيع عبد، أو بهيمة، أو سيف، ونحوه مما هو شركة بينهما، أُجبر إن امتنع ] كما تقدم شرحه دفعاً للضرر.

    يعني: هذا يُطالب بحقه ولم يتراضيا على القسمة فإنه يُجبر على البيع ويُقسم الثمن، [ فإن أبى بيع عليهما ]، كما تقدم، فيبيعه القاضي [ وقُسم الثمن ] بينهما.

    قال: [ ولا إجبار في قسمة المنافع ]، وذلك مثل دار وقف على هذين الاثنين، فلا يمكن القسمة؛ لأن هذه منفعة وليست عيناً، ولا إجبار في قسمة المنافع، [ فإن اقتسماها بالزمن كهذا شهراً والآخر مثله، أو بالمكان كهذا في بيت والآخر في بيت صح جائزاً، ولكل ] منهما، [ الرجوع ] متى شاء.

    إذاً: إذا كانت هناك منفعة مشتركة بينهما، كأن أوقف الأب هذه الدار على أولاده وهما اثنان ينتفعان بها.. فهذه لا يمكن قسمتها؛ لأنها وقف، وعلى ذلك فإن اقتسما بالزمن كأن يكون لهذا شهراً ولهذا شهراً، أو بالمكان كهذا في بيت أو في شقة وهذا في شقة؛ صح جائزاً لا لازماً، ولكل منهما الرجوع.

    أحكام قسمة الإجبار

    [ فصل: النوع الثاني: قسمة إجبار؛ وهي ما لا ضرر فيها ولا رد عوض ] ليس فيها ضرر وليس فيها رد عوض.

    [ وتأتي في كل مكيل وموزون ]، مثلاً: يشتر كان في عشرة كيلو من البر، فهذه لا ضرر في القسمة ولا رد عوض، بل لهذا خمسة ولهذا خمسة، ولذا تسمى قسمة إجبار، لأنهما يجبران على القسمة؛ أي: ما دام أحدهما يطالب بالقسمة فيُجبر الآخر عليها؛ لأنه لا يلحقه ضرر، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا ضرر ولا ضرار).

    [ وفي دار كبيرة ] الدار الكبيرة يمكن أن تُقسم، [ وأرض واسعة، ويدخل الشجر تبعاً ].

    وهذا النوع ليس بيعاً، إنما هو فرز، يعني: فُرز حق هذا من حق هذا، فلا يُعد بيعاً فيه خيار مجلس وغير ذلك! بخلاف قسمة التراضي السابقة فهي بيع.

    قال: [ فيُجبر الحاكم أحد الشريكين إذا امتنع على القسمة؛ لأنه لا ضرر عليه، ويصح أن يتقاسما بأنفسهما أو أن ينصِّبا قاسماً بينهما ] أي: أن يجعلا بينهما قاسماً.

    [ ويُشترط إسلامه وعدالته وتكليفه ] لأنه يُلزم بقسمته فيكون كالقاضي، وعلى ذلك فلا بد أن يكون مسلماً عدلاً مكلفاً.

    قال: [ ومعرفته بالقسمة ] أي: أن يعرف كيف يقسم، [ وأجرته بينهما على قدر أملاكهما ]، فإن كان هذا له النصف وهذا له النصف فالأجرة بينهما على النصفين، وإن كان لهذا الثلث ولهذا الثلثان، فهذا عليه من الأجرة الثلث وهذا عليه من الأجرة الثلثان.

    قال: [ وإذا تقاسما بالقرعة جاز، ولزمت القسمة بمجرد خروج القرعة ] إذا تراضيا واختارا القرعة فتكون القرعة كالقاضي وكالقاسم، فما خرجت القرعة به حكمنا به ولزم، وليس لأحدهما بعد ذلك الرجوع، [ ولو فيما فيه رد وضرر ] أي: فإذا تراضيا على القرعة فإن القرعة تلزم إذا خرجت.

    [ وإن خيّر أحدهما الآخر بلا قرعة وتراضيا لزمت بالتفرق ] يعني بأبدانهما، فإذا قال أحدهما للآخر: أنا أقسم وأنت تختار فقسم الدار إلى قسمين وقال له: اختر أنت، فاختار، فإنهما إذا تفرّقا بأبدانهما لزم ذلك.

    [ وإن خرج في نصيب أحدهما عيب جهله خُيّر بين فسخ وإمساك ويأخذ الأرش ] أي: إن كان في نصيب أحدهما عيب فإنه يُخيّر إذا كان يجهل العيب، أي: لم يعرف العيب سابقاً، لأنه لم يدخل على بصيرة، ولذا فإنه يُخير بين فسخ وبين إمساك وأرش.

    [ وإن غُبن غبناً فاحشاً بطلت ] لأن هذا الفرز قد تبيّن فساده إذا كان فيه غبن فاحش.

    [ وإن ادّعى كل أن هذا من سهمه تحالفا ونُقضت ] إذا ادّعى أحدهما حدهأن هذا النصيب له، وقال الآخر: بل القرعة قد خرجت لي وهو نصيبي فاختلفا، فإنهما يتحالفان، فيحلف هذا ويحلف هذا، وتُنقض هذه القسمة أو هذا الفرز.

    [ وإن حصلت الطريق في حصة أحدهما ولا منفذ للآخر بطلت ]؛ لأنه تبيّن أنها ليست قسمة عادلة، لأنه إذا كان الطريق يصل إلى هذه الجهة ولا يصل إلى تلك الجهة، فالجهة الأخرى ليس لها منفذ؛ فتكون قسمة جائرة، وعلى ذلك فتبطل.

    والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    757212787