أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة.. ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية عامة عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً، وها نحن في كتاب البيوع، وفي بيان أنواع من البيوع ممنوعة، لا نبيع بها ولا عليها، وتقدم لنا منها ستة أنواع وها نحن مع السابع فهيا بنا نقرأ.
[ قال مالك ] في موطئه رحمه الله في بيان العربون [ هو أن يشتري الرجل الشيء ] أي شيء يشتريه [ أو يكتري ] أي شيء يكتريه [ الدابة أو السيارة ] قبل أن يستلمه [ ثم يقول: أعطيتك ديناراً على أني إن تركت السلعة أو الكراء فما أعطيتك لك ] فهذه صورة من صوره، تشتري دابة أو تكتري سيارة فتعطيه ألف ريال أو ألفين وتقول له: إذا أنا ما أكملته ولاخذته فهذا المبلغ لك، فهذا حرام لا يجوز أخذه. مقابل ماذا؟!
[ لا يجوز للمسلم أن يبيع السلعة ليست عنده ] أي: ليست في جيبه ولا في صندوقه ولا في دكانه، سواء كانت قماشاً أو طعاماً أو غير ذلك [ أو شيئاً ] من الأشياء ليس عنده [ قبل أن يملكه ] أما إذا ملكه يبيعه أما قبل أن يملك فلا يصح له أن يبيع أبداً ولو كان كتاباً من الكتب [ لما قد يؤدي إليه ذلك من أذية البائع والمشتري في حال عدم الحصول على السلعة المبينة ] أنت بعت شيئاً ليس عندك، هاته تقول: لم أستطع! لماذا هذه الفتنة؟ لا يجوز أبداً أن يبيع المسلم شيئاً لم يكن مالكاً له وفي قبضته، فكيف تأخذ وتبيع وأنت لم تأتني بالسلعة؟!
[ ولذا قال صلى الله عليه وسلم: ( لا تبع ما ليس عندك ) ] الذي ما هو في جيبك ولا في بيتك ولا في دكانك لا تبعه؛ لما يترتب عليه من الأذى بين البائع والمشتري، فهذا توجيه نبوي[ ( ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الشيء قبل قبضه ) ] والنهي هنا للتحريم ليس للكراهة، فالنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الشيء قبل قبضته، فمثلاً: اشتريت مني شيئاً قبل أن تقبضه فلا تبعه حتى تقبضه ويصبح في يدك، فعندئذ تبيعه لمن شئت.
وبيانه قال: [ لا يجوز للمسلم أن يبيع ديناً بدين؛ إذ هو في حكم بيع المعدوم بالمعدوم ] كيف تبيع شيئاً غير موجود بشيء غير موجود؟ فبيع المعدوم بمعدوم لهو ولعب وباطل[ والإسلام لا يجيز هذا، ومثال بيع الدين بالدين هو: أن يكون لك على رجل قنطار بن ] أو تمر أو بر أو كذا كسوة ثياب [ إلى أجل ] له مدة معينة [ فتبيعه إلى آخر أيضاً بمائة ريال إلى أجل ] آخر ، فهذا بيع دين بدين لا يجوز.
[ ومثال آخر: أن يكون لك على رجل شاة ] أي: من الغنم [ إلى أجل ] بعد ستة أشهر أو سنة [ فلما يحل الأجل يعجز المدين عن أدائها لك ] أي: لم يستطع أن يسلم لك الشاة [ فيقول لك: بعنيها بخمسين ريالاً إلى أجل آخر ] فلا يجوز، فهذا بيع دين بدين [ فتكون قد بعته ديناً بدين، وقد ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الكالئ بالكالئ ) أي: الدين بالدين ].
[ وقالت امرأة لـعائشة رضي الله عنها: إني بعت غلاماً من زيد بن الأرقم بثمانمائة درهم ] نسيئة مؤجلة مؤخرة [ إلى أجل، وإني اشتريته منه ] بعدما أصبح له بدين [ بستمائة درهم نقداً، فقالت لها عائشة رضي الله عنها: بئس ما اشتريت وبئس ما بعت، إن جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بطل إلا أن يتوب ] أي: ما استفاد من جهاده إلا أن يتوب، فلا يثاب عليه إلا إذا تاب وعاد إلى الله.
[ إذا أتى الباد أو الغريب عن البلد بسلعة يريد أن يبيعها في السوق بسعر يومها لا يجوز للحضري أن يقول له: اترك السلعة عندي وأنا أبيعها لك بعد يوم أو يومين ] أو أيام [ بأكثر من سعر اليوم، والناس في حاجة إلى تلك السلعة ] وهو يشتريها ويخبئها ليبيعها بأغلى [ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ) ] فبيع الحاضر للبادي ممنوع.
[والدليل الأول: قول ابن عمر رضي الله عنهما: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة، وهي: أن يبيع تمر حائطه إن كان نخلاً بتمر كيلاً، وإن كان كرماً أن يبيعه بزبيب كيلاً )] الزبيب والتمر معروفان [(وإن كان زرعاً أن يبيعه بطعام كيلاً، نهى عن ذلك كله).
والدليل الثاني: قول زيد بن ثابت رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها) ] أعطاه عرية من العرايا فلا حرج.
الجواب: كفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو صيام ثلاثة أيام، فمن حلف يميناً بالله وحنث وجب عليه أن يمحو ذنبه بواحدة من اثنتين: إما بإطعام عشرة مساكين، كل مسكين يعطيه كيلو رز أو تمر، فإن عجز عن ذلك صام ثلاثة أيام.
أما الذي حلف بغير الله وحنث فإنه يجب عليه أن يتوب إلى الله ولا يكفِّر، فيقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، آمنت بالله، آمنت بالله، آمنت بالله، أستغفر الله وأتوب إليه، أستغفر الله وأتوب إليه، أستغفر الله وأتوب إليه، ولا أحلف أبداً بغير ربي؛ لأن الحلف بغير الله شرك: ( من حلف بغير الله فقد أشرك )، فلا تحلف بأبيك أو أمك أو بفلان، ما عندنا حلف إلا بالله، أو بأسماء الله وصفاته.
فمن حلف بالله وحنث وجبت عليه كفارة، ليمحو الإثم الذي علق بنفسه والظلمة التي تعلقت بقلبه فيكفِّر ذلك ويمحوه ويزيله إما بإطعام عشرة مساكين إن استطاع، أو صيام ثلاثة أيام.
أما من حلف بغير الله فيمينه باطلة، ويجب عليه التوبة الصادقة، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويستغفر الله ويتوب إليه، ويعاهد ربه ألا يعود للحلف بغير الله.
الجواب: لم يسن لنا رسولنا صلى الله عليه وسلم ولم يشرع لنا أننا نقرأ القرآن على الموتى، إلا إذا كان المريض على سرير الموت يعاني من سكرات الموت فقد سن لنا أن نقرأ عليه سورة يس ليخفف الله عنه آلام الوفاة، هذا الذي ثبت عن رسولنا صلى الله عليه وسلم.
وما يفعله العوام والجهال فهو من البدع التي ابتدعوها في الدين، فنحن نقرأ القرآن ونتدبره حباً في الله ورغبة فيما عند الله وطاعة لله، أما أن نقرأ القرآن على الميت فماذا سيستفيد الميت؟ لو كان حياً بيننا وقرأنا عليه القرآن ربما يتعظ وينتفع، أما وقد مات والتحق بربه فلا يستفيد أبداً منه شيئاً.
قراءة القرآن على المريض الذي يعاني من سكرات الموت سبب في تخفيف الله عنه سكرات الموت لا سيما سورة يس، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( اقرءوا على موتاكم يس ).
وثانياً: أردت أن تتقرب إلى الله بقراءة القرآن على ميتك فبدلاً ما تجمع الطلبة وتقدم لهم الطعام والشراب ويقرءون بدعة خذ مالك في جيبك أو في يدك وابحث عن أهل القرآن وأعطهم المال، وقل لهم: ادعوا لأبي أو لأخي أو لوالدتي، فيدعون له بالخير، فأكرمت أهل القرآن يكرمك الله عز وجل، أما جمعهم ليقرءوا مع بعضهم البعض كما هي عادة الجهال فهذه بدعة، ما سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الجواب: الرهن -معشر المستمعين- أنا استلفت منك مبلغ مائة ألف أو خمسين ألفاً وتخشى أنني لا أردها فتقول: أرهن شيئاً من عندك، فأقول لك: هذه السيارة تساوي المبلغ، فلا يجوز أن تركبها، فتبقى محبوسة عندك، أو إذا كان الرهن منزلاً فخذ صكه فيبقى عندك حتى أسدد أو تبيعه، أما أن تسكنه أو تؤجره فلا يجوز هذا أبداً.
فإذا خشي ألا يسدد ما عليه فالرهن تحت يده أمانة، فإن سدد فبها ونعمت، وإن لم يسدد باعه وأخذ حقه ورد الباقي لصاحبه، فهذا هو الرهن، لأن بعضهم يرتهن بيتاً فيسكن فيه التجار والزوار كذا سنة ويقول: هو رهن، فهذا لا يجوز أبداً، فإذا استأجرها رد الأجرة لصاحبها أو ينزلها من الدين الذي عليه.
الجواب: يا إخواننا! هناك فرق بين الواجب وبين المستحب المشروع المسنون، الواجب معناه: تركه حرام وفاعله مأجور، وتارك السنة أو المستحب يفوته الأجر فقط ولا يأثم.
فقولك: بسم الله عند الوضوء يجوز، أما عند الذبح فهي واجبة، فمن ذبح شاة أو دجاجة أو عصفوراً فليقل: بسم الله: وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ [الأنعام:121]، أما الوضوء فإذا قال: بسم الله فهو حسن، وإذا لم يقلها فلا شيء عليه.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر