أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم، وها نحن في باب الآداب، ومع الفصل السادس، وهو في الأدب مع الخلق، عرفنا الأدب مع النفس، الأدب مع الله، الأدب مع رسوله صلى الله عليه وسلم، والآن الأدب مع الخلق، ونبدأ بالأبوين.
قال المؤلف غفر الله له ولكم ولسائر المؤمنين ورحمنا أجمعين: [ الفصل السادس: في الأدب مع الخلق:
أولاً: الوالدان ] وهما الأب والأم والجد والجدة، إذ كلاهما والد.
وَقَضَى رَبُّكَ [الإسراء:23] أيها السامع الكريم أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ [الإسراء:23] وهذا معنى لا إله إلا الله، وقضى أيضاً وأمر وألزم بالوالدين إحساناً، وبيان هذا الإحسان، إِمَّا يَبْلُغَنَّ [الإسراء:23] إن يبلغ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا [الإسراء:23].
أكثر الناس قد يموت أبوه وقد تموت أمه، ويبلغ مع واحد منهما فقط إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ [الإسراء:23] والمراد من الكبر البلوغ سن التكليف والرشد أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ [الإسراء:23] وإذا كان أف ما تقولها فكيف إذن بالسب والشتم والضرب من يجيزه؟ أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا [الإسراء:23] والانتهار معروف وهو رفع الصوت، افعلي، ائتيني بكذا وَلا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا [الإسراء:23] أي: حسناً، ليس فيه معنى الإيذاء أبداً بحال من الأحوال، بل قول كريم يدخل الراحة في قلوبهم، والطمأنينة في نفوسهم، تنشرح له صدورهم قولك الكريم.
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24].. وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ [الإسراء:24] نحن لنا جناحان كالطائر جناح يمين وجناح شمال، إذاً: فلن لهما وانكسر أمامهما وانعطف، كأنك تخفض جناحك لهما وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24] أي: وادع لهما طول حياتك بهذه الجملة: رب اغفر لي ولوالدي و ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24].
اذكر هذه النعمة التي قدماها إليك وأنت رضيع وطفل وصبي!
[ وقال سبحانه وتعالى: وَوَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ [لقمان:14] ] ووصية الله من يغفلها أو يتركها يهلك، ليست وصية شيخ أو سلطان بل وصية الله [ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ [لقمان:14] ] من ساعة ما يعلق في رحمها وهي في آلام وأتعاب حتى تضعه، وبعد الوضع لا تسأل في إرضاعه وتربيته [ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ [لقمان:14] ] أربعة وعشرين شهراً وبعدما ينفصل من الرضاعة.
إذاً: الموصى به هو هذا: أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14]. وَصَّيْنَا الإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ [لقمان:14] ما مضمون هذه الوصية؟ أَنِ اشْكُرْ لِي [لقمان:14]؛ لأني خالقك وربك وسيدك، وحياتك موقوفة علي، اشكر لي بطاعتي وذكري وامتثالي أمري واجتناب نهيي، وكذلك لوالديك. هل قدم الولدان من شيء؟ هل قدم الولدان للولد من شيء؟ إي نعم.
أولاً: هما سبب وجوده.
ثانياً: أمه حملته في بطنها تسعة أشهر، ثم وضعته فأرضعته لبنها الذي كان دماً أحمر فيها، تحول إلى لبن أبيض، كذا شهر وهي ترضعه وتحمله عامين وبعد ذلك الوالد ينفق وهي تربي إلى البلوغ.
أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ [لقمان:14] والناس يقولون: من لم يشكر الناس لا يشكر الله، فيجب أن يكون الشكر بالاعتراف بالنعمة والثناء على صاحبها بالخير.
إذاً: فمن أحسن إليك بمعروف اشكره له، لا تقابله بالانتكاسة والانعكاس، تذمه ولا تحمده، فكيف إذاً بربنا وقد وهبنا كل شيء؟ فكيف بوالدينا وقد وهبانا وجودنا أيضاً؟!
من خلال هذه الآيات الكريمة كل هذا يتقرر معنا [ يؤمن المسلم بحق الوالدين عليه وواجب برهما وطاعتهما والإحسان إليهما، لا لكونهما سبب وجوده فقط، أو لكونهما قدما له من الجميل والمعروف ما وجب معه مكافأتهما بالمثل -لا- بل لأن الله عز وجل أوجب طاعتهما، وكتب على الولد برهما والإحسان إليهما ].
قال: [ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي سأله قائلاً: ( من أحق بحسن صحبتي يا رسول الله )؟! ] أي: الصحبة المحمودة الطيبة مع الطاعة والتكريم والإعزاز، رجل من أصحاب المصطفى صلى الله عليه وسلم سأل، قال: ( من أحق بحسن صحبتي؟ ) من الذي أحسن إليه ما دمت معه؟ [ ( قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أمك. قال: ثم من؟ قال: أبوك )] فللأم ثلاثة حقوق، وللأب حق بعد ذلك.
ووجه ذلك واضح: الأب أفرغ منيه فقط، والأم حملته في بطنها تسعة أشهر، ثم أرضعته عامين، ثم ثم ثم.. والوالد أنفق عليه وكبره ونماه حتى كبر وبلغ. فحقوق الأم ثلاثة، أعظم من حقوق الأب لهذا الحديث الصحيح.
[ وقال صلى الله عليه وسلم: (إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات)] جمع أم، والعقوق عدم الطاعة، إن الله حرم عليكم أيها المؤمنون والمؤمنات عقوق الأمهات [ ( ومنع وهات، ووأد البنات، وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال ) ] هذا الحديث قانون التربية بكاملها.
أولاً: ( إن الله كره لكم )، إذا كره الله لنا شيئاً نحبه؟ نكفر إذن. إذا كره لنا شيء فيه خير؟ والله ما فيه خير، فلا يسعنا إلا أن نكرهه بكره الله تعالى له، ونبتعد عنه مهما كانت الظروف ما دام قد كرهه.
قال: [ ( إن الله حرم عقوق الأمهات ) ] عق أمه وأباه هذا سوء خلق وهو بغض كامل في الذات البشرية.
[ ( ووأد البنات ) ] دفنهن حيات قبل موتها، هذا في الجاهلية، والآن قد يكون في باب الإجهاض والإسقاط، إذا أجهض الرجل ولده في بطن أمه خوف المعاش من أين ينفق عليه فعل ما فعل أهل الجاهلية.. وأده، أهل الجاهلية لشدة الفقر وصعوبة الحياة إذا ولدت امرأته بنتاً يدفنها حيث ولدت؛ حتى لا تكمل وتعيش وتطالب بالعيش، أو حتى لا تتعرض للرجال ويذم هو ويلام [ ( وكره لكم قيل وقال، وكثرة السؤال ) ] قيل وقال.. قال فلان، قيل كذا، هذه كرهه الرسول لنا، لا تقل إلا ما علمت أنه حق وقد قاله من قاله، أما قيل كذا وكذا فلا يجوز هذا أبداً، كره الله لنا هذا، قيل وقال، لابد من العلم اليقيني حتى تقول: قال فلان، أو أخبر فلان، أو فعل فلان [ ( وإضاعة المال ) ] بالإسراف فيه وعدم صيانته وإضاعته. هذه كرهها الله لنا ومنها: عقوق الأمهات.
[ وقال صلى الله عليه وسلم: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله! ) ] أي: نبئنا [ ( قال: الإشراك بالله ) ] هذه أول خطوة [ ( وعقوق الوالدين، وكان متكئاً فجلس ) ] ليواصل بلاغه وبيانه [ ( وقال: ألا وقول الزور وشهادة الزور، ألا وقول الزور وشهادة الزور، فما زال يقولها حتى قال
ومعروف شهادة الزور وقول الزور عند كل المؤمنين، أن يقول كاذباً ليأخذ حق فلان أو ينتقص إلى حق فلان ( ألا وقول الزور، ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها -يقولها- حتى قال
كلام من هذا؟ إنه كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يجزي ولد ولداً إلا أن يجده مملوكاً فيشتريه فيعتقه ) [ وقال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ ] أراد أن يتملق إلى الله ويتقرب، يبحث عن العمل الذي يحبه الله ليفعله. سأل: أي العمل أحب إلى الله تعالى؟ فأجابه رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً: [ ( بر الوالدين ) ] بر الوالدين بطاعتهما والإحسان إليهما. إذاً: عرفنا الليلة أحب الأعمال إلى الله وهو بر الوالدين [ ( قلت: ثم أي؟ ) ] ثم أي عمل آخر أحب إلى الله؟ [ ( قال: الجهاد في سبيل الله ) ] فبر الوالدين مقدم على الجهاد، وكلاهما من أحب الأعمال إلى الله، لكن بر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل الله، إذ الجهاد في سبيل الله لابد فيه من إذن والديك ورضاهما أيضاً، وإلا فما صح جهادك [ ( وجاء رجل إليه عليه الصلاة والسلام يستأذنه في الجهاد. فقال: أحي والداك؟ قال: نعم. قال: ففيهما فجاهد ) ] أي: في برهما والإحسان إليهما [ ( وجاء رجل من الأنصار فقال: يا رسول الله! هل بقي علي شيء من بر أبوي بعد موتهما أبرهما به؟ ) ] معقول هذا الكلام؟ الرجل يقول: يا رسول الله! هل بقي علي شيء من بر والدي بعد موتهما أبرهما به أو ما بقي شيء؟ يسأل [ ( قال -صلى الله عليه وسلم-: نعم ) ] بقي عليك شيء [ ( نعم. خصال أربع -وفي لفظ: خمس- الصلاة عليهما ) ] بعد موتهما [ ( والاستغفار لهما ) ] طول حياتك [ ( وإنفاذ عهدهما ) ] إذا عهدا ولم يفعلا وماتا أنفذ أنت ذلك ونفذه [ ( وإكرام صديقهما ) ] صديق والدك تكرمه أنت؛ لأنه كان صديقاً لوالدك.
ولطيفة ابن عمر تقدمت لنا، كان قادماً من الحج فنزل منزلاً، فجاء راع فإذا به يعطيه عمامته وحماره. فتعجب نافع مولى ابن عمر كيف تعطي لبدوي عمامتك وأنت تحتاج إليها، وتعطيه حمارك الذي تتروح عليه؟! مرة على البعير ومرة على الحمار، فضحك وقال: إن هذا كان والده صديقاً لـعمر .
هذا عبد الله بن عمر بن الخطاب في طريقه من الحج إلى المدينة نزل منزلاً وإذا بأعرابي يأتيه، فجأة يعطيه عمامة يشد بها رأسه في الليل، ويعطيه حماراً كان يتروح عليه إذا تعب من الركوب على الإبل، فعجب مولاه وخادمه نافع ، كيف يا ابن عمر تفعل هذا؟ قال: إن أبوه كان صديقاً لـعمر .
إذاً جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله: هل بقي علي شيء من بر أبوي بعد موتهما أبرهما به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ( نعم خصال أربع: الصلاة عليهما، والاستغفار لهما، وإنفاذ عهدهما، وإكرام صديقهما، وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما ) ] هذا الذي بقي علينا من برهما بعد موتهما.
خمس خصال:
الأول: الصلاة عليهما.
الثانية: الاستغفار لهما.
الثالثة: إنفاذ عهدهما.
الرابعة: إكرام صديقهما.
الخامسة: صلة الرحم التي لا رحم لنا إلا من قبلهما. فهذا الذي بقي علينا من برهما بعد موتهما.
[ وقال عليه الصلاة والسلام: ( إن من أبر البر: أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب ) ]. أي: بعد أن يموت. من أبر البر وأعلاه وأفضله أن يصل الرجل المؤمن أهل ود أبيه بعد أن يولي أبوه ويموت، وأمه كذلك.
يا مؤمنة! قال أبوك، لا. قال زوجك: اخرجي كاشفة عن وجهك كالسيدات، يكفينا هذا الحجاب، تطيعينه أو لا؟ لا تطيعيه، إنما الطاعة في المعروف الذي عرفه الشارع أنه حق وخير، أما في المعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق [ ولقوله تعالى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ [لقمان:15] ] أي: الأبوان [ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا [لقمان:15] ] إذا ألح أبوك على أن تدعو غير الله أو تذبح لغير الله أو تركع وتسجد للموتى فلا تطعه في ذلك، وصاحبهما في الدنيا بالمعروف لا بالمنكر والباطل [ وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنما الطاعة في المعروف ) ] هيا نحفظ هذه الجملة ( إنما الطاعة في المعروف )، لا ننسى، هل يصح الطاعة في غير المعروف في المنكر؟ لا أبداً. ( إنما الطاعة في المعروف ) [ وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ] ممكن نحفظ هذا الحديث أيضاً؟ ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) لماذا؟ ( إنما الطاعة في المعروف ).
معاشر المستمعين والمستمعات! والله لأن تحفظ هذين الحديثين ويبقيان عندك والله لخير لك من ألف دينار، والله لخير لك من عشرة آلاف دينار، فلذا إذا حثثنا ورغبنا يجب أن ننشط، نرجع إلى البيت وقد حفظنا حديثين عظيمين. ما هما؟ ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ).. ( إنما الطاعة في المعروف ) لو أمرك خادم الحرمين بأن لا تصلي فلا طاعة له، أمرك أن تشرب الخمر لا طاعة، أمرك أن تحضر الجماعة يجب أن تحضر، الطاعة في المعروف لا في غيره ( إنما الطاعة في المعروف )، وفي الحديث ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ).
اللهم اغفر لوالدينا وارحمهم، اللهم اغفر لوالدينا وارحمهم، وأعل درجتهم في عليين، وألحقنا بهم صالحين.
وصل اللهم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
الجواب: الذي قلته حسب فهمي: الصلاة عليهما إذا مات والدك أو ماتت والدتك وأنت موجود يجب أن تصلي عليهما، هذا الصلاة عليهما عند موتهما، وإذا ماتا قبل أن تقوى فما أنت بمطالب، الاستغفار طول الحياة كما قلنا لكم، لا نصلي صلاة ولا ندعو إلا ونستغفر لوالدينا: اللهم اغفر لهما وارحمهما.
مداخلة: والصلاة بمعنى الدعاء؟
الشيخ: يقول المعقب: الصلاة بمعنى الدعاء. لكن لفظ الصلاة ثبت، أول ما نتناول نتناول الصلاة على الميت، ثم لفظ الصلاة تطلق على الدعاء، الدعاء والاستغفار لهما.
والشاهد عندنا في الصلاة عليهما: صلاة الجنازة. والدعاء لهما طول الحياة تدعو لهما، فاللفظ شامل للصلاة عليهما وللدعاء لهما بالخير.
الجواب: قلنا: (منع) يمنع الحقوق ما يعطيها، و(هات) يطلب الحقوق التي له، فهذا سوء خلق، وعدم تربية وعدم إسلام حقيقي، أد الحقوق الواجبة لك واطلب غيرها، أما الحقوق أنت تمنعها وتسأل الناس، هذا من سوء الخلق، ووصف لا يرضاه الله لأوليائه وعباده.
الجواب: ( وكره لكم قيل وقال ) في مجالسنا.
مجتمعنا الرباني الإسلامي لا تسمع فيه قيل كذا وقيل كذا كما هي الصحف والمجلات -والآن أشنع عليهما- نشرة كافرة نشرها يهودي -وهم كفار- بصورة بشعة، لا نطيق أن ننطق بها ولا أن ننظر إليها، وإذا بصحفنا تنشرها كما هي، وتذيعها وتعلنها، والله لو سألوا أهل البصيرة لقالوا: ما ننشر هذا الكلام، ولا يتحدث به. فنحن أمة مصطفاة مختارة، لا نعيش على قال فلان. لا يصلح قال فلان، بل قال الله وقال رسوله، أما قيل كذا وكذا فهذه كلها أباطيل، هذا هو الإعلام الآن الصحف والمجلات والإذاعات.. قيل، ولسنا من أهل لقيل والقال، بل نقول: كذا أو كذا، صح أو بطل.
وكثرة السؤال أيضاً من الممقوتات، كثير من الناس يسألون وهم لا يعملون، بل لمجرد الأسئلة فقط، يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ [المائدة:101] وهي كثرة السؤال، فأدبهم الله، فلا نسأل إلا فيما نحن بحاجة إليه، نريد أن نعرف لنعمل أو نترك، أما لمجرد كذا وكذا فهذا المجتمع الإسلامي الأصل أنه ناج من هذا وخال منه، كثرة السؤال.. أضاحيك وأباطيل.
الجواب: يقول: بناء على ما سمعنا من أنه ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) أبي يأمرني أن أفتح أمامه التلفاز لأشاهد العواهر والفجار والكفار في بيتنا، فهل نطيعه في هذا؟ يا بني! لا تطعه، لا تطعه، لا تطعه، وحرام أن تطيعه، كأنك ترضى له أن ينغمس في الإثم، ثم في جهنم.
ثانياً: يقول: ائتني بالشيشة. قل له: والله ما آتيك بها. أسألك بالله أن تتركها، ولا أرضى أن يدخل أبي جهنم، لا أريد أن تلعنك الملائكة، أنا ولدك، أنا فلذة كبدك، ما أعينك على هذا، وأدعوك يا أبتي! أن تتحول من هذه النظرية. قل لي: آتيك بالشراب الطيب، عصير ليمون كذا تفاح، أما الشيشة فلن نرضها لك، فلو وقف الابن هكذا والله لأطاع الأب واستجاب؛ لأن هذا المشيش لو وجد من ينصح له كما نتكلم الآن والله لترك الشيشة.
مداخلة: وإذا بعثه ليشتري له الدخان؟
الشيخ: قال: أرسل ولده يأتي بالدخان. كما قلت، يا أبتي! لا يحل هذا، بلغنا أنه حرام، هيا نسأل أهل العلم، اترك هذا، لا أرضى لك يا والدي بأن تلعنك الملائكة، لا أرضى بأن تبطل صلاتك، لا أرضى لك أبداً، يقنعه، فيقول: إذاً تركناه من الآن.
الجواب: لا يجوز، لا يجوز، لا يجوز، وإن قتلته تدخل معه جهنم.
نعم. يجوز قتل الكافر إذا بارزك كما بارز أبو عبيدة أباه في بدر، أما والمعاهدة بيننا وبين الكفار والأمن كامل وتقتله لأنه كافر فلا يصح، ولا يجوز أبداً، ومن فعله يدخل جهنم.
الجواب: نعم، ورد في هذا، وعرفه المسلمون، من عجز عن قراءة الفاتحة يكفي: سبحان الله والحمد لله والله أكبر، ويركع ويسجد، لكن عليه أن يواصل تعليم والدته يوماً بعد يوم حتى تحفظ الفاتحة، لكن قبل أن تحفظها يكفيها أن تقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر.
الجواب: تقول السائلة: هل يجوز للمؤمنة إذا قامت تصلي في بيتها فريضة أو نافلة أن تجهر بالقراءة أو لا يجوز؟ مع التحفظ أنه ليس في البيت رجل معها يسمع صوتها؟ نقول: يجوز، إذا ما في البيت من يسمع صوتها من الرجال وأرادت أن تتلذذ بكلام الله، فلا بأس، لكن تركه أولى. نعم.
الجواب: زيارة المسجد النبوي والسلام على رسوله صلى الله عليه وسلم ما لها حد محدود ولا وقت معين، من كان خارج المدينة ينوي ابتداء الزيارة للمسجد النبوي؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد ) يركب دابته.. طائرته.. باخرته بنية الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا وصل المسجد صلى ركعتين تمت زيارته، ويبقى أشرف ما عنده وأكمل أن يقف أمام قبر رسول الله ويسلم عليه، وهذه أفضل حال.
أما التردد إذا كان مسافراً يومين ثلاثة يغتنم الفرصة وكرر الزيارة لا بأس، بهذا أفتى مالك ، أما إذا كان مدني من سكان المدينة فلا يستحسن له التكرار، ولا داعي إلى ذلك، أما المساجد الأخرى عندنا قباء، المدني والمقيم والمهاجر والزائر له أن يزور مسجد قباء للصلاة فيه؛ لما أخبر به صلى الله عليه وسلم إذ قال: ( من تطهر في بيته وأتى مسجد قباء فصلى ركعتين كان له كأجر عمرة ) وفعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يزوره يوم السبت، باقي المساجد في المدينة ليس هناك مساجد معينة تزار، المسجد النبوي ومسجد قباء، زيارة البقيع للسلام والترحم على الموتى مشروعة، زيارة شهداء أحد كذلك، زارهم الرسول وسلم عليهم.
الجواب: سائلة تقول: هل يجوز لي أن أخرج زكاتي لأبوي الفقيرين؟ والجواب: أجمعت الأمة على أن الزكاة لا تعطى للآباء ولا للأبناء، إذ يجب أن تبري أبويك وتطعميهما، فكيف تعطيهم الزكاة؟ لا تجوز الزكاة للأب والجد والابن وابن الابن، أما الأخ والأخت الفقيرين فنعم؛ لأنه ليس واجب عليك أن تنفق عليهم، لكن الوالدان لا.
الجواب: يقول: امرأة امتنع زوجها من إتيانها سنتين، لكونه في بلد وهي في بلد، أو لكونه معها وما يأتيها، ثم طلقها، فهل تعتد أو لا عدة عليها؛ لأنه ما جامعها؟
الجواب: لابد من العدة، من يوم الطلاق تبتدئ العدة إن كانت تحيض ثلاث حيض، وإذا كانت كبيرة في السن فثلاثة أشهر بالإجماع.
الجواب: يقول: عنده آلة تصوير، اشتراها لجهله، ثم نبهه أخوه بأن هذا حرام ولا يصح، فماذا يفعل بهذه الآلة؟ إن وجدت يهودياً أو نصرانياً أو بوذياً واشتراها منك فلا بأس، أما أن تبيعها لمؤمن فلا تبعها لمؤمن، وإلا رضيت بالمعصية.
وقد وردني خطاب من شخص يحبنا في الله ويقول: شاهدت صورتك في التلفاز في رمضان، فآلمني ذلك وأحزنني وأنا متأثر جداً، فجوابي لك يا بني! جزاك الله خيراً على حبك، وأنا والله خدعت. لما جاءوني وقالوا: الأمة في حاجة إلى مواعظ.. توجيهات.. دروس، وهذه الإذاعة عالمية، فأعطيتهم وسجلوا. قال: ينتهي درسك فتأتي عاهرة تغني. ما ذنبي أنا في هذا؟ نسأل الله أن يتوب علينا، ولا نعود لمثل هذا.
وصلى الله على نبينا محمد وآله.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر