اللهم أعزنا بطاعتك, ولا تذلنا بمعصيتك, اللهم ارزقنا علماً نافعاً وعملاً صالحاً خالصاً لوجهك الكريم, وتقبل منا إنك أنت السميع العليم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أيها الإخوة في الله: أحييكم بتحية الإسلام, وأسأل الله عز وجل أن يجمعنا جميعاً في دار السلام، في جنة الفردوس الأعلى إنه على كل شيء قدير.
أيها الإخوة في الله: إن موضوعنا الليلة وهو موضوع خطير, وعظيم, يحتاج إليه كل إنسان يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره, يحتاج إليه كل إنسان حتى يكمل إيمانه؛ لأنه الركن الخامس من أركان الإيمان, وهو اليوم الآخر.
ولما سأل جبريل عليه السلام نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عن أركان الإسلام فأخبره بها, وسأله عن أركان الإيمان فقال له: (أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره).
أيها الإخوة: لقد خلقنا الله جلَّ وعلا في هذه الحياة لأمرٍ عظيم وهو عبادته، قال الله جل وعلا: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58] خلقنا الله جل وعلا في هذه الحياة, ثم نعيش ما قدر الله لنا من العمر, ثم يأتينا هادم اللذات، قال تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران:185] ويقول الله في آيات أخرى: قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ [النساء:77] هذه الدنيا -يا عبد الله- التي سببت لنا قطيعة الأرحام, والجفاء والبغض للإخوان, والتفريق بين الجيران، هذه الدنيا التي صارت أكبر همنا, فأضعنا لأجلها الصلوات, وفوتنا تكبيرة الإحرام التي هي خير من الدنيا وما فيها, ثم بعد ذلك يهجم علينا هادم اللذات، وينقلنا من هذه الدار إلى دار البرزخ في القبور.
فيا أخي المسلم: كلنا سوف ينزل به هادم اللذات، ولكنه نزول متفاوت فمنا من تستقبله ملائكة الرحمة بالتحية والسلام والبشرى من رب العالمين, ومنا من تستقبله ملائكة العذاب بالتهديد والوعيد لما أمامهم من سخط الله عز وجل, ثم نمكث في القبور ما كتب الله عز وجل لنا أن نمكث.
إن الأجل منا قريب لا شك في ذلك, ولكننا اشتغلنا بالدنيا الدنيئة, فأشغلتنا عن الاستعداد لما أمامنا؛ فتركنا العمل وسوفنا بالتوبة، وكأننا لم نسمع ولم نقرأ قول الحق جل وعلا: أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ * حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ * كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ [التكاثر:1-4] وكأننا لم نسمع قول الله جل وعلا: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً [الحديد:20] ولكن الفرق -يا عبد الله- في الآخرة: وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ [الحديد:20].
ولنلق الأسماع لكلام ربنا، الذي نسمعه دائماً مرات وكرات، يحذرنا ربنا جل وعلا، ألا نغتر بهذه الدار الفانية فيقول سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ [فاطر:5].
وكما حذرنا الله جل وعلا في كتابه من الاغترار بالدنيا؛ فقد حذرنا أيضاً نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقال: (ما لي وللدنيا، إنما مثلي ومثل الدنيا كمثل راكب سار في صائف فرفعت له شجرة فقال تحت ظلها -أي: نام تحت ظلها وقت القيلولة- ساعة ثم راح وتركها) ويقول صلى الله عليه وسلم لتلميذ من تلاميذه: (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) فيقول هذا التلميذ: [[إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء, وخذ من صحتك لمرضك, ومن حياتك لموتك]] ويقول في حديث رواه الترمذي وقال: حسن صحيح، قال صلى الله عليه وسلم: (لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء) وهذا فيض من غيض مما جاء في ذم الدنيا التي سلبت عقولنا وأخذت أوقاتنا, وما جاء في حقارتها والتحذير من فتنتها, والتنفير من الانغماس في ملذاتها, ومن الاغترار بزخارفها البراقة التي أعْمَتْ الكثير عن الطريق القويم, وشغلتهم عن طاعة الله جل وعلا حتى جاءهم الأجل وهم في غيهم يعمهون.
وقد ذمهم الله تعالى بقوله: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً [مريم:59] وهل وجدنا أولئك؟ نعم لقد وجدناهم اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلوات, وإن ماتوا من غير توبة فموعدهم غياً, والغي هو وادٍ في جهنم.
فيا عباد الله! إن العاقل من يتعظ بغيره ممن صرعتهم الدنيا وأوردتهم المهالك؛ حتى إذا هجم على أحدهم هادم اللذات قال: قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100] فماذا يقال له؟ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100].
وقد ذكر هنا النفخة الثانية, وهي نفخة الصعق، وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله، ثم يقبض الله أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت هو ملك الموت, وينفرد الحي القيوم الذي كان أولاً وهو الباقي آخراً بالديمومة والبقاء, قال تعالى: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27] ثم يقول جل وعلا: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ [غافر:16] ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول: لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [غافر:16] فقد زالت الملوك وزالت الرؤساء والأمراء, وبقي الواحد القهار.. ثم يكون أول من يقوم إسرافيل, فيأمره أن ينفخ في الصور نفخة أخرى, وهي النفخة الثالثة نفخة البعث قال تعالى: ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ [الزمر:68] أي: أحياءً بعد أن كانوا عظاماً ورفاتاً, صاروا أحياءً ينظرون إلى أهوال يوم القيامة, وما يكون فيه من الأمور العظام.. قال سبحانه: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ * وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ * وَإِذَا الْجِبَالُ سُيِّرَتْ * وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ * وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ * وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ * وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ * وَإِذَا الْمَوْؤُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ * وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ * وَإِذَا السَّمَاءُ كُشِطَتْ * وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ * وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ [التكوير:1-14] كل هذه الأهوال سوف تحصل في ذلك اليوم الرهيب الذي تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع فيه الحوامل حملها, وتشيب فيه الولدان، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد.
قالت
أيها الإخوة في الله: إنه موقف عظيم طويل, يقول فيه رسول الهدى محمد صلى الله عليه وسلم: {يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ويلجمهم العرق حتى يبلغ آذانهم} وفي ذلك اليوم العظيم وفي أرض المحشر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {تدنو الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل, فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه, ومنهم من يكون إلى ركبتيه, ومنهم من يكون إلى حقويه, ومنهم من يلجمه العرق إلجاماً} وفي ذلك اليوم العظيم يقول صلى الله عليه وسلم: {سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله, إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله}.
أيها الشاب: اغتنم فرصة العمر, اغتنم فرصة الشباب، ولا يفوتك هذا الفضل العظيم, فإن الناس قد نزلت عليهم الشمس مقدار ميل, وهؤلاء السبعة تحت ظل عرش الرحمن.. {شاب نشأ في عبادة الله, ورجل قلبه معلق بالمساجد, ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه, ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله رب العالمين} فلا يتكبد المشاق ويذهب ثمان ساعات عن طريق الجو ليبحث عن الشر والفساد, أين هذا من ذاك؟! فإن هذا إن مات على المعصية هذه "الزنا" فإن موعده تنور أسفله واسع وأعلاه ضيق, ويأتيه لهب من تحته يرفعه ذلك اللهب, حتى إذا أشرف على الخروج سقط في ذلك التنور, هذا للزاني, أما الرجل الذي يقول لما عرضت عليه هذه المرأة ذات المنصب والجمال والحسب: إني أخاف الله رب العالمين, يظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: {ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه} فلا ينفق للرياء ولا للسمعة, ولا ليقال: فلان كريم وجواد, وإنما ينفق يبتغي بذلك وجه الله: {ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه}.
عباد الله: اغتنموا الأعمار لعلكم تحوزون على هذا الفضل العظيم، وتكونون من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله.
أتدري ما ذلك اليوم يا عبد الله؟ قال تعالى: يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيباً [المزمل:17] انظر إلى هذا الطفل الصغير الذي رأسه أسود يجعله أبيض من شدة الهول والجزع.
يوم القيامة يوم ينقلب فيه العالم ويتغير، قال تعالى: يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ [إبراهيم:48].
يوم القيامة: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً [آل عمران:30] يوم القيامة يوم تخرس فيه الألسن وتنطق فيه الجوارح.. فنعوذ بالله من خزي ذلك اليوم, ونعوذ بالله من الفضيحة على رءوس الأشهاد.. فتقول اليد: أنا سرقت.. وتقول الأذن: وأنا استمعت إلى الحرام.. وتقول العينان: وأنا نظرت إلى الحرام.. وتقول الرجلان: وأنا مشيت إلى الحرام.. ويقول الفرج: وأنا فعلت كذا وكذا.. اللهم أجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة, إنه يوم عظيم يا عباد الله!
ثم تفكروا في الصراط الذي يؤتى به فيجعل يبن ظهراني جهنم، ويمر الناس عليه، وهو أدق من الشعرة وأحد من السيف، وعلى الصراط خطاطيف مأمورة, فمن الناس من ينجو، ومنهم من يخدش, ومنهم الموبق بعمله.
قال صلى الله عليه وسلم: {فيقال: يا محمد! أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء الناس فيما سوى ذلك من الأبواب, ثم يقول صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبصرى}.
ونهانا صلى الله عليه وسلم عن استماع الأغاني التي قال فيها: {ليكونن في آخر الزمان أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} والرسول صلى الله عليه وسلم قد أوتي جوامع الكلم, فتدخل تحت هذه المعازف جميع آلات اللهو, وكأن لسان حال البعض من الناس يقول: لا سمع ولا طاعة يا رسول الله! زيادة على أن نعصيك يا رسول الله! نأتي بالأفلام الخليعة والتمثيليات الشنيعة, والأغاني الماجنة، ونضعها في بيوتنا ولا سمع ولا طاعة!
ونهانا صلى الله عليه وسلم عن المسكرات والمخدرات، وقد نهى الله عنها في كتابه العظيم, ولكن البعض من الناس يستعملها، وكأنها حلال، وصدق فيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} فالبعض من الناس الآن باستعماله للمسكرات والمخدرات كأنه استحلها لكثرة استعمالها والعياذ بالله, فمن مات وهو يدمن على المسكرات والمخدرات؛ فإنه حق على الله أن يسقيه من طينة الخبال, وطينة الخبال عصارة أهل النار.
المخدرات التي قضت على المروءة وعلى الشرف، حتى إن البعض من السكارى يزني بأمه, ويزني بأخته وبعمته، وقد وُجد هذا كثيراً نسأل الله العفو والعافية, وهذا هو الذي يريده أعداء الإسلام والمسلمين, فإذا سكر المسلم أضاع الصلاة وترك الصيام، وفعل المحرمات، فربما زنى وحلف بغير الله عز وجل.
ولقد مرت على أسماعكم قصة ذكرها عثمان رضي الله عنه: أن امرأة اشتاقت إلى رجل وأرادت منه أن يفعل بها الزنا, فأدخلته في البيت وخيرته إما أن يشرب الخمر، أو يقتل صبياً عندها أو يزني بها, فاختار الرجل الخمر وهو يظن أنه أهون الجرائم, ولما شرب الخمر قتل الغلام وارتكب جريمة الزنا, فهذه عاقبة المسكرات والمخدرات.
أسأل الله عز وجل أن يطهر بلادنا وبلاد المسلمين عامة من هذا المرض الفتاك الذي فتك بالمسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله! فتك بالمسلمين إلا من رحم الله, وإني لأذكرهم بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: أن من مات وهو يدمن على هذه المسكرات أن الله يسقيه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار, الذي يخرج من فروج المومسات الزانيات في النار, يسقى به صاحب المخدرات والمسكرات, فالرسول نهانا عن ذلك, وكأن البعض قالوا: لا سمع ولا طاعة يا رسول الله! وما أكثر المنهيات التي ارتكبها الكثير من الناس ولا حول ولا قوة إلا بالله!
إنهم قد تعدوا الحدود التي رسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقد كان صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها, وهؤلاء عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويا ليتهم في حديث من حديث الآخرة، ولكنه على لعب البلوت والكنكان وغيرها من الملهيات, فهذا يشتم هذا.. وهذا يشتم والد هذا.. واستمروا في لعبهم حتى ذهبت الساعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة, وينزل رب العزة والجلال إلى السماء الدنيا ويقول: هل من داعي فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ وهؤلاء مصرون على لهوهم.
ومضت الساعة الخامسة ومضت راتبة الفجر، ركعتا الفجر التي هي خير من الدنيا، وهم في لهوهم, وقضيت صلاة الفجر وقرآن الفجر إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78] وارتفعت الملائكة الذين يتعاقبون فينا, وعندما يسألهم الله عز وجل: كيف تركتم عبادي؟ وهو أعلم بهم فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون، ولكن أولئك البؤساء جالسون على البلوت والكنكان وعلى أفلام الفيديو, فليس لهم نصيب من هذا الخير, ثم تطلع الشمس وقد ارتكبوا كثيراً من المنهيات والعياذ بالله.. إنها مصيبة عظمى يا عباد الله! والبعض من الناس يقول: أين نقضي أوقاتنا؟ لابد أن نغتاب أو نستمع الأغاني، أو نقضي الأوقات في الملهيات!! يا عبد الله! ما خلقت لهذا، قال تعالى: أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ [المؤمنون:115] يقال له: نم مبكراً, فيقول: لا يأتيني النوم, لماذا؟ لأنه اعتاد على هذه الملهيات, ويقول: أريد أن أتوب إلى الله عز وجل فماذا أصنع؟ إذا أردت أن تنام فنم مبكراً وتوضأ وضوء الصلاة، وقل أدعية النوم التي أخبر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, واقرأ آية الكرسي والمعوذات وقل هو الله أحد ثلاث مرات، وامسح بها سائر جسدك, ثم نم على بركة الله, فإن لم يأتك النوم فاذكر الله, وسبح الله واحمد الله، وكبر الله, فإن لم يأتك النوم فانهض وقل: يريد الله بي خيراً، فخذ كتاب الله واقرأ القرآن, فأنت مسئول عن وقتك وعمرك.
وكيف يقول المسلم: أين نقضي أوقاتنا؟! المسلم لا يسأل هذا السؤال أبداً, المسلم يكون شغله دائماً في ذكر الله عز وجل, أما سمعت الله يقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [آل عمران:191] هؤلاء هم عباد الله، وهؤلاء هم أولوا الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتكفرون في خلق السماوات والأرض, لا يتفكرون في وجوه المومسات, ولا يتفكرون في الأفلام الخبيثة الخليعة التي ملأت بعض قلوب الناس، نسأل الله العفو والعافية!
فالمسلم مسئول عن وقته, ولذلك يقول صلى الله عليه وسلم: {لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسئل عن أربع: عن عمره فيما أفناه} أين أفنيت هذا العمر يا مسكين؟ أنت مسئول.. انتبه يا غافل! انتبه لا ينزل بك هادم اللذات وأنت على غفلاتك.
هذه الأمور التي ذكرتها لكم قد اقترفها كثير من الناس، فيخشى عليهم يوم القيامة إذا وردوا على حوض محمد صلى الله عليه وسلم, أن يردوا ويذادوا عنه؛ لأنهم خالفوا هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم, أسأل الله أن يجعلنا على حوض نبينا من الواردين.
النار منزل أهل الكفر كلهم طباقها سبعة مسودة الحفر |
جهنم ولظى من بعدها حطمة ثم السعير وكل الهول في سقر |
وتحت ذاك جحيم ثم هاوية تهوي بهم أبداً في حر مستعر |
فيها غلاظ شداد من ملائكة قلوبهم شدة أقسى من الحجر |
يسحبوه إلى جهنم إذا قال الله: خذوه فغلوه, فيقول لهم: ألا ترحموني..؟ فيقولون: لم يرحمك أرحم الراحمين فكيف نرحمك؟!
لهم مقامع للتعذيب مرصدة وكل كسر لديهم غير منجبر |
سوداء مظلمة شعثاء موحشة دهماء محرقة لواحة البشر |
فيها العقارب والحيات قد جمعت جلودهن كالبغال الدهم والحمر |
لها إذا ما غلت فور يقلبهم ما بين مرتفع منها ومنحدر |
يروي لنا البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه من حديث طويل قال فيه: { ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم على واد فسمع صوتاً منكراً فقال: يا جبريل ما هذا الصوت؟ قال: هذا صوت جهنم تقول: يا رب ائتني بأهلي وبما وعدتني، فقد كثرت سلاسلي وأغلالي وسعيري وحميمي وغساقي وغسليني، وقد بعد قعري واشتد حري، ائتني بما وعدتني, قال: لك كل مشرك ومشركة وخبيث وخبيثة وكل جبار لا يؤمن بيوم الحساب}.
وعن عبد الرحمن بن مصعب أن رجلاً كان على شط الفرات فسمع تالياً يتلو قول الله تعالى: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ [الزخرف:74] فتمايل الرجل, فلما قال التالي: لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [الزخرف:75] سقط في الماء فمات رحمه الله.
وعن لقمان الحنفي قال: {أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاب ينادي في جوف الليل -هذا الفرق يا شباب الإسلام! هذا الفرق يا من أضاع عمره في الملهيات!- ينادي: واغوثاه من النار.. واغوثاه من النار.. فلما أصبح قال صلى الله عليه وسلم: يا شاب! لقد أبكيت البارحة ملأً من الملائكة كثيراً} اعتبروا بهذه الأحوال لسلفكم الصالح, فإنهم كانوا يخافون من النار, وأنتم -يا عباد الله- أما تشفقون من النار وما فيها من العذاب والنكال؟
أما تحذرون سلاسلها والأغلال؟
واعجباً لمن يقرع سمعه ذكر السعير, وهو من عذابها بالله غير مستجير!
فيا من تتعدون الحدود! ويا من ترتكبون الزنا واللواط! ويا من تشربون المسكرات! ويا من أعرضتم عن طريق الحق! ويا من تعصون الملك العلاَّم! أفيكم جلد على نار وقودها الناس والحجارة؟ أم رضيتم بأنفسكم لهذه الخسارة؟ فيا ويلاً لمن كانت النار له دار!
اللهم يا رب الأرباب! ويا مسبب الأسباب! ويا أرحم الراحمين نسألك أن تعيذنا من دار الهلكات من النار، يا رب العالمين.
اسمع يا عبد الله! حرك ذلك القلب الغافل, أخرج منه حب الفلل والقصور, وتذكر القصور العامرة، تذكر المستقبل الذي لا خراب بعده ولا دمار, تذكر إذا قيل لأهل الجنة: ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ آمِنِينَ * وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ * لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [الحجر:46-48] لا يأتي صاحب العقار ويقول: لقد اخرج لقد تمت المدة! لا. هذا في أمان وفي جوار رب العالمين.. ويقال لأهل الجنة: يَا عِبَادِ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ [الزخرف:68] أأمنتم من أمريكا والاتحاد السوفيتي وفرنسا وبريطانيا التي أخذت قلوب الكثير من الناس, عندما نسوا رب العالمين وقالوا: الدول العظيمة.. الدول الكبيرة.. نسوا إله الأولين والآخرين, الذي هو قادر أن يسحقهم في طرفة عين.
فيا من خلا الإيمان من قلوبهم, والتفتوا إلى غير الله, والله إنهم ليس بأيديهم شيء يضرون به ولا ينفعون إلا بحول الله وقوته, أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لـابن عباس: {واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف} ارسم هذا على قلبك -يا عبد الله- حتى يكون لديك اليقين, وغذ شجرة الإيمان، وأيقن بالله, أيقن أن القوة لله جميعاً, ثم اعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن يضروك بقنابلهم وصواريخهم ودباباتهم لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك.
وقد يقول البعض من الناس: أجل لماذا الدول بجوارنا تطحن حروباً؟ نقول: إن كنت عاقلاً فاستفت قلبك، إنهم لما أضاعوا أوامر الله عز وجل حكموا بغير ما أنزل الله.. أباحوا الزنا, وأباحوا المسكرات, والمخدرات, حتى إن الدولة التي نشبت فيها الحروب, قبل الحرب بأيام قليلة كانوا يفكرون أن يفتحوا شارعاً يسمونه (شارع الحمراء) وهو شارع النساء العاريات, وعجَّل الله لهم العقوبة قبل ذلك, فالحروب الآن تطحنهم ليلاً ونهاراً.. قال تعالى: وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت:46] هذا كلام الله عز وجل وهذا الدستور السماوي, فاحمدوا الله في هذه البلاد، احمدوا الله على هذه العقيدة عقيدة التوحيد, واحمدوا الله على تطبيق الحدود, فأنتم في نعمة في هذه البلاد, ولكن حافظوا على هذه النعمة لا تزول, ارجعوا إلى ربكم عز وجل, قبل أن يحل بكم ما حل بالمجاورين, إن الله عز وجل ليس بينه وبين خلقه نسباً, كل الخلق عبيده جلَّ وعلا, فمن شكر هذه النعم وأطاعه فالله سبحانه شكور حليم، ومن عصاه فهو المنتقم جل وعلا ولا تخفى عليه خافية.
إن تبرج النساء مصيبة عظيمة يا عباد الله! والمرأة التي تخرج متبرجة من بيتها وتمر بالرجال وهي متعطرة جاء في الحديث: إنها زانية, والتي تخرج من بيتها بغير إذن زوجها تلعنها الملائكة حتى ترجع نسأل الله العافية.. والمرأة إذا دعاها زوجها لحاجته وامتنعت لعنتها الملائكة حتى تصبح, لذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في معنى الحديث: إن المرأة إذا دعاها زوجها تلبي ولو كانت على التنور, تترك الأقراص تحترق وتأتي إلى زوجها وتلبيه, ويقول صلى الله عليه وسلم: {لو كنت آمر أحداً أن يسجد لأحد؛ لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها} وذلك لعظم حقه عليها.
والله إن أخباراً نسمعها -يا إخوتي في الله- تحزن القلوب وتدمي العيون، ويندى لها الجبين، ولكن نستحي أن نذكرها في بيت الله عز وجل, ولا ينبغي لنا ذكر هذه الأمراض التي تفشت في المجتمع، بل نسأل الله عز وجل أن يهدي ضال المسلمين.. مع ما ابتلي به المسلمون من السائق والطباخ, فإن بعض الناس يدخل السائق والطباخ إلى بيته، يقول لي رجل من الثقات: والله إن الطباخ جالس مع النساء في البيت, فأين الغيرة يا عباد الله؟!
أين الشيمة؟!
أين العروبة؟!
دفنها كثير من الناس, وذبحها بغير سكين, وأتى بسائق أجنبي، حتى ولو كان أقرب خلق الله لا ينبغي له أن يدخله على نسائه, لننظر إلى قول المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو يخاطب الصحابة رضي الله عنهم، وهم أفضل الخلق بعد النبيين, وفيهم أبو بكر وعمر وعثمان الذي تستحي منه الملائكة, وفيهم علي بن أبي طالب، وفيهم الشجعان والأبطال، وكل الصحابة ثقات عدول رضي الله عنهم وأرضاهم, ويخاطبهم الرسول صلى الله عليه وسلم ويقول لهم: {لا يخلون أحدكم بامرأة إلا مع ذي محرم} ولكن نأتي نحن ونقول: قلوبنا نظيفة.. التقوى هاهنا.. ونترك الزوجة تقبل الأخ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {الحمو الموت} أي: أخو الزوج, فإذا تركته في بيتك وأنت لست معه فهو موت يا عبد الله؛ لأن الفتنة مأمولة, ولا تدري إلا والمرأة حامل من هذا الرجل, فما المخرج من هذه المصيبة العظمى؟ وتقول للزوجة: استقبلي الضيوف، قبليهم وصافحيهم.. وهذا منكر عظيم وحرام, والذي يرضى بهذا لأهله ديوث، والديوث حرام عليه الجنة, فالذي يقر الخبث في أهله حرام عليه الجنة.
ولكن -يا عبد الله- ارجع إلى هدي نبيك محمد صلى الله عليه وسلم, وحافظ على هذه الأمانة, حافظ على هذه المرأة، والله إنك مسئول عنها بين يدي الله عز وجل؛ بإدخالك هذا السائق أو بإدخال الطباخ عليها، وأنت تخرج من الصباح ولا تأتي إلا في الساعة الثانية أو في الليل، وهذا الرجل عند نسائك وبناتك.
وأريد أن أذكر لكم مصيبة كبيرة لعل البعض يظنها صغيرة, فلما قبضوا على أحد السائقين وقال له الضابط: قف على رجلك! قال: أنا تعبان.. لماذا؟ يقول: أنا أفعل مع المرأة ومع البنات في البيت, يفعل بهن الزنا, ولذلك أصبح مخ الساقين فارغاً.. إنها مصيبة -يا عبد الله- ولكن هل ننتبه لهذا؟ والله لو ذكر لنا قبل سنين: أننا سوف نأتي بالسائقين والخدم وندخلهم في بيوتنا لما صدقنا, ولو قيل لنا: احلفوا بالله لحلفنا أنه لا يدخل بيوتنا السائق والخادم, ولكن إنا لله وإنا إليه راجعون!
علام يدل هذا..؟
يدل على ضعف الإيمان, وعلى أن الكثير فقد الغيرة, ودفن الشيمة, نسأل الله العفو والعافية!
وقد جاء في الحديث الصحيح -في ما معناه- أن الرجل إذا نظر في بيت الرجل فضربه في عينه وفقأها فلا شيء عليه, ولكن ما هو العمل الآن؟ إننا نأتي بالسيارة ونقول للسائق: خذ البنات واذهب بهن يشجعن اللاعبين!! وقبل أيام قليلة وفي شارع معروف اختلط الشباب مع البنات، وكل واحد يرفع يده يشجع الكرة.. أين الغيرة يا عباد الله؟! متى نستيقظ؟! هذه موعظة، وأسأل الله أن ينفعني وإياكم بها.
ونرجع إلى حديثنا وهو أن أهل الجنة منعمين فيها, أسأل الله عز وجل أن يجعلنا من أهل الجنة بمنه وكرمه وإحسانه إنه على كل شيء قدير, وأسأل الله عز وجل أن يصلح لنا نياتنا وذرياتنا, وأبشركم بخير وهو أن إمام المسلمين إمام الحرمين الشريفين -جزاه الله خيراً- سوف يمنع ثلاثة وعشرين مجلة من المجلات الخليعة, فادعوا له بالخير والسداد, واسألوا الله أن يعينه على أن يعمل بحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم, وادعوا كذلك لولي عهده وللأسرة جميعاً أن يوفقهم الله لما يحبه ويرضاه، وأن يجعلهم رعاة خير وأن يصلحنا جميعاً, فإن خير الولاة الذين يدعون لهم الرعية ويدعون لرعيتهم, فهم كذلك يدعون لكم في كل مناسبة, ويسألون لكم التوفيق ويحثونكم دائماً على التمسك بالعقيدة وبالشريعة الإسلامية, فأكرم بذلك! وادعوا لهم -جزاكم الله خيراً- أن يرزقهم الله الجلساء الصالحين الناصحين، وأن يعيننا وإياهم على طاعته, وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه على كل شيء قدير، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
أولاً: أنا لست مفتياً، ولكن أذكرك بالله -يا أخي- وأسأل الله عز وجل أن يثبتنا وإياك على قول الحق, فالصلاة والصيام من أركان الإسلام، وبمحافظتك عليها يجزيك الله ما تستحق من فضله وإحسانه, أما حلق اللحية فكما ذكرت في الموعظة السابقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {وفروا اللحى } {أرخوا اللحى}.. {أكرموا اللحى} وقد جاء فيها عشرة أحاديث عنه صلى الله عليه وسلم, وكل هذه الأحاديث يأمر فيها صلى الله عليه وسلم بإعفاء اللحية, وقد صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء على أن حلق اللحية فسق, ونقص في الإيمان, فلذلك قالوا: يحرم حلقها أو نتفها أو قصها أو أخذ شيء منها, ولذلك لما وصف أحد الصحابة لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنها مالئة ما بين منكبيه صلى الله عليه وسلم, ويمر يديه على عارضه.
ويذكر لي رجل كبير السن -وهو الآن مريض أسأل الله عز وجل أن يشفيه عاجلاً غير آجل, وأن يحسن لنا وله الخاتمة- يقول: كنت أحلق لحيتي, ونمت مرة من المرات -والذي يرى الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه حق ولا يتمثل به الشيطان، يقول صلى الله عليه وسلم: {من رآني في النوم فكأنما رآني في اليقظة} وفي رواية: {فسوف يراني في اليقظة}- وإذا أنا بأناس مجتمعين، وإذا برجل حسن المنظر، وإذا رجل يضرب به المثل ويقول: هذا الذي يذكرونه, من هذا؟ قالوا: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم, يقول: وإذا هو يلوح بيده ويقول: لا يتبعنا حالق لحيته, يقول: فاستيقظت وأنا مرعوب, والآن إذا رأيتموه فستروه ولحيته مالئة عارضيه ووجهه، أسأل الله أن يحسن لنا وله الخاتمة.
فيا أخي! حلق اللحية أمر عظيم، ويخشى على حالق لحيته -كما قال بعض العلماء- يخشى عليه عند الموت، نسأل الله العافية.
أما إسبال الثياب فأرجو ألا تعرض نفسك لهذا الخطر العظيم وهو أن لا ينظر الله إليك يوم القيامة, فإن الله لا ينظر إلى من جر ثوبه خيلاء, وبعض الناس يقول: أنا لا أجر الثوب خيلاء إنما للزينة, فنقول: الرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا عن الزينة وقال: {إن الله جميل يحب الجمال} ولكن بالشيء المعقول, قال صلى الله عليه وسلم لـابن عمر رضي الله عنه: {إزار المؤمن إلى نصف الساقين} ثم قال في الحديث الذي رواه البخاري: {ما أسفل من الكعبين ففي النار} ولا تظن -يا عبد الله- أن النار تأكل الثوب أو المشلح أو الإزار، لا. بل تأكل اللحم، نار وقودها الناس والحجارة, فأُحذرك النار، وأدعو كل مسلم يخاف الله عز وجل أن يتوب إليه سبحانه, ويعفي لحيته امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم, فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح: {كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى. قال الصحابة وهم حريصون على الخير: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى} فاختر لنفسك يا أخي ما تحب, وفقني الله وإياك لما يحبه ويرضاه.
الجواب: الغناء حرام, قال الله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [لقمان: 6] يقول ابن مسعود رضي الله عنه الصحابي الجليل -الذي يقول فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: {من أراد أن يأخذ القرآن غضاً كما أنزل فليأخذه من
فالغناء حرام، وقد جاء في الحديث: {من استمع إلى قينة -أي: مغنية- صب في أذنه الآنك يوم القيامة} والآنك هو الرصاص المذاب.. والغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل, وهو بريد الزنا.. فاحذر من الغناء.
وأما الدخان فقد صدرت فتوى من هيئة كبار العلماء على أنه حرام, ويستدلون بقوله تعالى في صفة الرسول صلى الله عليه وسلم: وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ [الأعراف:157] والدخان خبيث وكلنا نقر ونعترف أنه خبيث, مع أنه مضر بالصحة ومضر بالمال، إلى غير ذلك من الأضرار التي ذكرها العلماء المحققون, والأطباء المنصفون الذين ذكروا أنه السبب الرئيسي لمرض السرطان والعياذ بالله, فأحذرك من الدخان سلامة لصحتك وسلامة لنقودك وسلامة لدينك.. يقول بعض الثقات: إنه جالس مع والديه على السرير الأبيض ووالده في النزع الأخير, وله من العمر سبعون سنة, فقال له: يا أبتي قل لا إله إلا الله، فقال: اشعل لي سيجارة.. اشعل لي سيجارة.. حتى خرجت روحه وهو يقول: اشعل لي سيجارة..! نعوذ بالله من سوء الخاتمة.. وبعضهم يقال له: قل لا إله إلا الله, فيقول: تتن حار.. تتن حار.. وخرجت روحه وهو يقول ذلك, وبعضهم يقال له: قل لا إله إلا الله، فيقول: بشر شارب النار بالنار, وخرجت روحه وهو كذلك, فأحذركم ذلك -يا عباد الله- وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.
أما النظر إلى الفيديو فلا شك أن النظر إلى الصور الخليعة حرام, سواء في الفيديو أو في الشارع، أو أن تأتي بصورة وتلصقها على الجدار فتنظر إليها، فهو حرام؛ لأن الله عز وجل يقول: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30] ولا شك أن النظر هو البريد وهو الذي يستحسن، وقد ورد في الحديث أن العين زناها النظر, فأحذرك -يا عبد الله- من النظر إلى الأفلام الخبيثة أو التمثيليات السخيفة، وفقني الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.
الجواب: العلماء رحمهم الله نهوا عن الصلاة على تارك الصلاة, فإذا كنت تعلم بذلك فأنت آثم، واستغفر الله وتب إليه؛ لأنك ارتكبت معصية، والعلماء رحمهم الله يقولون: تارك الصلاة كافر, وإذا مات على ترك الصلاة فهو يموت مرتداً والعياذ بالله, فلا يغسل ولا يصلى عليه ولا يدعى له بالرحمة, ولا يدفن في مقابر المسلمين, بل يوارى بعيداً عن البلاد, ولا يورث فيصير ماله فيئاً لبيت مال المسلمين, وزوجته إذا كانت مسلمة, فإنه يستتاب فإن تاب وإلا خلعت منه؛ لأنه كافر, والله عز وجل يقول: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ [الممتحنة:10] وأنت بفعلك هذا عاص لله، فتب إلى الله عز وجل, وعلى المسلمين أن يتقوا الله عز وجل, ولا يغشوا إخوانهم المسلمين بتارك الصلاة, بل إذا مات يبينون لهم أنه تارك للصلاة, حتى يطبق فيه قول العلماء رحمهم الله.
الجواب: بينا لك نبذة في عرض الموعظة, وقد ذكر الشيخ ابن عثيمين -جزاه الله خيراً- أن لعب الورقة حرام.. أما الجالس معهم فإذا كان له سيطرة عليهم فينهاهم وإلا يبتعد عنهم؛ لأنه بجلوسه معهم لا يكون من عباد الله الذي إذا مروا باللغو مروا كراماً, فإن عباد الرحمن إذا مروا باللغو مروا كراماً, ويبتعدون, فما ظنك بهذه الورقة التي قتلت الوقت, وصار معها لغو من شتام وسباب ولعان, حتى إن بعض الرجال يلعب مع ابنه, فيقول له ابنه: انزل يا أبتي وأفعل بك...!! لأنه استمر على هذه الألفاظ الخبيثة مع الزملاء، وتعود عليها.. ومع الأسف الشديد الآن رجال بلغوا الستين والسبعين، ومع ذلك يجلس أحدهم على هذه الورقة ويثني رجليه مع أناس سفهاء.. يا أخي ما بالك..؟ أهل المدينة -رحمهم الله- كانوا إذا بلغ الرجل منهم أربعين سنة طوى فراشه واستعد للعبادة.. والله إنه منظر بشع أن ترى رجلاً عمره ستون أو سبعون سنة ثانياً لركبتيه ويلعب الورق والبلوت والكنكان, وإذا قيل له: اذهب إلى المحاضرة, قال: والله ما أستطيع أمشي من ركبتي.. أنا مريض! ولكن مع لعب الورقة يجلس إلى الصباح, لأن الشيطان قد أعماه عن الحق، أسأل الله أن يهدي ضال المسملين.
وهذه في الحقيقة فتكت بكثير من المسلمين, فقد ذهب الحياء منهم، فهم يجلسون على الشوارع ومعهم العود يغنون، ومعهم الورق، ومعهم الشيشة، ومعهم البلاء والجلاء في شوارع المسلمين.. لا حياء ولا غيرة ولا خوف, إنا لله وإنا إليه راجعون! على ماذا يدل هذا؟ إنه يدل على نقص الإيمان، وعلى أن بعض الناس مال إلى الصفر نسأل الله العافية.. أسأل الله أن ينمي شجرة الإيمان في قلوبنا إنه على كل شيء قدير.
الجواب: قد بينت لكم أن هذا لا يجوز, والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر أن الحمو الموت, وهو أخو الزوج وكل قريب من الزوج, فلا يجوز لها أن تكشف وجهها إلا لزوجها أو لمحارمها, ولا يجوز لها أن تكشف وجهها لأخي زوجها إلا إذا كان أخاً لها من الرضاع, أما إذا لم يكن أخاً لها من الرضاع فلا يجوز لها أن تكشف وجهها له، ولا يجوز لها أن تصافح غير المحارم من الرجال.. ومع الأسف الشديد أن هذا يحدث من بعض الناس، ومع ذلك يقولون: قلوبنا نظيفة.. وهذه عاداتنا وتقاليدنا.. وقد ذكرت لكم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخاطب الصحابة الذين هم خير الأمة بعده صلى الله عليه وسلم، ويقول لهم: {ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} ويقول صلى الله عليه وسلم: {لا يخلون رجل مع امرأة إلا مع ذي محرم} ولما اكتتب رجل في غزوة وحجت زوجته وأخبر الرسول، قال له: {اذهب وحج مع امرأتك} اترك الغزو والجهاد في سبيل الله واذهب فحج مع امرأتك, وكن لها محرماً.
الجواب: يجوز له إذا أراد أن يحرقها؛ لأنه بهذا يكون قد أزال منكراً, أما إذا اشتراها لينظر إلى صورة الغلاف, وإلى تلك المرأة الفاتنة التي دسها علينا أعداء الإسلام والمسلمين؛ فإنه يأثم بذلك، وهو مسئول عن نفقته عنها يوم القيامة: {وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه} فماذا ستقول لرب العالمين؟ والله لا يحب المفسدين, فاحذر -يا عبد الله- من هذه المجلات, أما إذا كنت تشتريها لتحرقها فجزاك الله خيراً، وأبشر بالعوض من الله عز وجل.
الجواب: أحبك الله الذي أحببتني فيه, وأسأل الله أن يثبتنا وإياكم على القول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة, وما دمت تحب امرأتك حباً فزد على حبها أضعافاً كثيرة, لأن هذه هي التي أوصى بها الرسول صلى الله عليه وسلم حينما قال: {فاظفر بذات الدين تربت يداك} واحمد الله عز وجل الذي يسر لك هذه الزوجة, ولكن عليك كفارة ما دمت أنك قلت عند تركك للدخان: أنت عليّ حرام كظهر أمي, فعليك كفارة الظهار, وارجع إليها في سورة المجادلة, وهي عتق رقبة، فإن لم تجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم تستطع فإطعام ستين مسكيناً.
الجواب: عليك كفارة وهي صيام ستة أشهر, كل شهرين متتابعين, سواء قبل التوبة أو بعدها، ما دام أنه صائم ووقع عليها وهو صائم فإنه يصوم ستة أشهر كل شهرين متتابعين, وإذا كانت هي راضية فعليها مثلك من الكفارة, أما إذا كانت غير راضية وأنت أجبرتها فالكفارة تخصك أنت, وتقضي أيضاً ثلاثة أيام غير الستة الأشهر.
الجواب: الصلاة ركن من أركان الإسلام, فالذي لا يصلي لا يفيده لا حج ولا صوم ولا زكاة ولا غيره؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر}.
الجواب: تقدم في عرض الموعظة النصيحة, وينبغي لكن أن تتبن إلى الله عز وجل قبل أن ينزل بكنَّ الموت وأنتن على هذه الحالة, أسأل الله عز وجل أن يهديكنَّ ويصلحكنَّ, اللهم طهر قلوبهنَّ إنك على كل شيء قدير, وردهنَّ إليك رداً جميلاً, اللهم ارزقهنَّ توبة نصوحاً وجميع نساء المسلمين إنك على كل شيء قدير.. فعليكنَّ بالتوبة والرجوع إلى الله عز وجل, واحذرنَ من عواقب الأمور؛ لأن العاقبة وخيمة, كيف بك أيتها الفتاة إذا حملتي جنيناً في بطنك وأصبح عاراً عليك وعلى قبيلتك وعلى جميع من يعرفك؟ هذا ولد الزنا الذي أتت به فلانة بنت فلان! فهذا عار عظيم, ينبغي أن تتحاشي عن هذا الأمر، فتوبي إلى الله والزمي بيتكِ كما أوصى الله عز وجل نساء النبي بذلك وقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] هذا الخطاب لنساء النبي رضي الله عنهن وأرضاهن أمهات المؤمنين, يقول الله لهن: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأولى [الأحزاب:33] وكذلك نساء الرسول في عهد الصحابة رضي الله عنهم, فما بالك بهذا الزمان الذي كثر فيه الفساد، فلا تعيني أنتِ وأخواتك على الفساد, فاتقي الله عز وجل، أسأل الله أن يهدي ضال المسلمين إنه على كل شيء قدير.
الجواب: أنصحكم وأنصح نفسي -أولاً- بالرجوع إلى كتاب الله عز وجل، وتدبر الآيات الكريمة، وكفى بالقرآن واعظاً, والبعض من الناس يقول: نسمع أهوال القيامة ولكن ننساها, فأذكر لك سورة قصيرة يعرفها كل إنسان جمعت أهوال القيامة, وهي سورة القارعة, فاقرأها وتدبرها.. فإذا ثابرت على قراءة القرآن وجعلت لك جزءاً في الصباح وجزءاً في المساء، أو عند النوم، وأكثرت من ذكر الله عز وجل، فإن الله يقول: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] وأكثرت من التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير, وسبحت الله وبحمده مائة مرة أو أكثر، وذكرت الله عز وجل مائة مرة أو أكثر، وثابرت على هذا الذكر، وأقللت من المأكولات, فإن الذي أمرض قلوبنا هو كثرة الأكل, ثم هل أكلنا هذا نقي أم غير نقي؟ فإن أكثر الناس لا يبالي في أكله سواءً كان من حلال أم من حرام، إنما الحلال ما حل بأيديهم والحرام ما تعذر عليهم أخذه نسأل الله العافية, وقد وقع فينا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: {يأتي زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا، والذي لم يأكله يأتيه من غباره أو دخانه} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.. فما بالك بالذين يأكلون الربا؟ وما بالك بالذين يأكلون الحرام؟ ما بالك بالذين امتلأت قلوبهم من غير ذكر الله عز وجل، هل يستفيدون بالمواعظ؟
ولكن إذا فرغنا قلوبنا، وثابرنا على قراءة القرآن وعلى ذكر الله عز وجل, وكان المأكل من حلال والمشرب من حلال والملبس من حلال؛ حتى إذا رفعنا أيدينا لربنا وقلنا: يا رب! يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك, وإذا بنا نحس بلذة, وإذا قلنا: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب, نجد بذلك لذة؛ لأن المأكل حلال والمشرب حلال والملبس حلال.
والرسول صلى الله عليه وسلم بين لنا ذلك حين ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب.. يا رب.. يا رب.. لكن المأكل حرام والمشرب حرام والملبس حرام، قال عليه الصلاة والسلام: {فأنى يستجاب لذلك} بعيد أن يستجاب لذلك، وإلا فإن دعوته مستجابة.. ثلاثة لا ترد دعوتهم منهم المسافر, لكن إذا كان يأكل من حرام ويشرب من حرام ويتغذى بالحرام -والعياذ بالله- فإن الله لا يستجيب له.
فعلينا أن نفتش عن أنفسنا، عن مأكلنا ومشربنا، وليس المهم أن نملأ البطون من هذه المأكولات, المهم أن ننتقي شيئاً طيباً حلالاً, ولو أن الإنسان يأكل كفاً من تمر حلال خير له من أكل مفطحات وغيرها وهو لا يعلم مصدرها, فإن مصادر الناس -والعياذ بالله- تختلف اختلافاً كثيراً.. منهم من يأكل الربا، ومنهم من يغش، ومنهم من يخادع، ومنهم من يماطل، ومنهم من يأكل أجور العمال, يأتي بعمال ويضيعهم، حتى أنه وجد عامل لا يستطيع أن يمشي من الجوع، فلما سأله رجل وإذا به يبكي ويقول: منذ يومين لم أذق شيئاً, لماذا؟ قال: صاحب المؤسسة لم يعطني فلوسي. فعلينا أن ننتقي المأكل والمشرب، وننقي قلوبنا، ونخرج منها كل هذه البدع والمحدثات, ونقبل على الله عز وجل، وسوف نجد لذلك لذة.. قل في الأسحار: يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت, واخشع وانكسر بين يدي الله وتضرع إليه.. لا تفعل كما يفعل الذين يلعبون بالبلوت والكنكان ومشاهدة الأفلام والملهيات، بل خالفهم, وتضرع بين يدي الله عز وجل، وسوف تجد غب ذلك بإذن الله تعالى.
الجواب: أما مخالطة الجيران فالرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى بالجار فقال: {من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره} وقال صلى الله عليه وسلم: {والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، والله لا يؤمن، قالوا: من يا رسول الله؟ قال: الذي لا يأمن جاره بوائقه} أي: غوائله وشروره, فالجار له حق عليك، ولكن إذا كان لا يصلي فانصحه وذكره بالله عز وجل, وقل له: أنا مستعد أطرق عليك الباب، وتحثه على أن يضع منبه, وترشده مرتين وثلاث وأربع، فإن أبى أن يصلي؛ فاهجره لله عز وجل ولا عليك إثم بذلك, وإن كان يجدي أن ترفعه به إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فارفع به، بعد أن تنصحه وتعظه مرتين وثلاث وأربع, فإذا لم يفده في الرابعة فارفع به إلى هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, وإن أصر على عدم الصلاة فلا تكلمه واهجره لله تعالى.
والحمد لله رب العالمين...
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر