اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الله عز وجل في سورة النور: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [النور:30-31] .
في هاتين الآيتين من سورة النور يأمر الله عز وجل المؤمنين رجالاً ونساءً بأمرين: غض الأبصار، وحفظ الفروج.
ثم ذكر للنساء مزيد تأكيد في ذلك فقال: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] إلى آخر ما ذكره سبحانه وتعالى.
ففيه أن هذا الدين العظيم جعل حدوداً للإنسان، وليس من حق الإنسان أن يقتحم هذه الحدود التي جعلها الله عز وجل حماية له ولغيره، فبصر الإنسان خلقه الله عز وجل لينظر به إلى ما ينفعه، وحرم عليه النظر به إلى ما يضره، فليحذر الإنسان وليغض بصره، كما أمر الله عز وجل بقوله: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ [النور:30]، ولم يقل: قل للناس، ولكن قال: قل للمؤمنين، تهييجاً لداعي الإيمان في القلوب، فإذا كان العبد مؤمناً فسوف ينفذ ما أمره الله عز وجل به.
وقوله: (يغضوا من أبصارهم)، (ويغضضن من أبصارهن) أي: من بعض النظر وليس من جميع النظر، وإلا فالعين خلقت لكي تنظر وتبصر، ويتأمل بها الإنسان ما يريد أن يتأمله، ويبصر بها ما يريد أن ينظر إليه.
فيكون غض البصر، واخفض الطرف عن الحرام.
قال تعالى: وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30]، وكأن البصر علاقته بقلب الإنسان وبفرجه علاقة شديدة وقوية، فلذلك هنا عقب بعد غض البصر بحفظ الفرج، فقال: قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ [النور:30]، ولما كان الأصل في البصر: غض بعضه، قال: عضوا من أبصاركم، ولما كان الأصل في الفرج: الحفظ، قال: احفظوا فروجكم كاملة، فأمرهم بحفظ الفرج عن كل ما حرم الله سبحانه وتعالى إلا ما يباح للإنسان من زوجته أو ملكت يمينه.
قال الله تعالى: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ [النور:30] أي: أطيب وأطهر لهم، وقد مدح الله عز وجل المؤمنين الذين يتطهرون بقول: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [البقرة:222]، وقال عن الذين يزكون أنفسهم ويطهرونها: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا [الشمس:9]، فيزكي نفسه أي: يطهرها بطاعة الله سبحانه والبعد عن محارمه.
وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10] أي: أوقعها في الرجس والنجس والخبث، وفيما حرم الله عز وجل من المعاصي ومن الذنوب، فالمؤمن يزكي نفسه بمعنى: يطهرها.
وفرق بين التزكية التي يريدها الله عز وجل من العبد، والتزكية التي يمنع منها العبد، كما في قوله تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم:32] أي: لا تمدحوا أنفسكم بالأوصاف التي فيها المدح، بمعنى: لا تجعل نفسك أفضل من غيرك بهذه الصفات، ولكن الله أعلم بما في القلوب، وهو أعلم بأهل التقوى سبحانه، فقوله تعالى: وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا [الشمس:10] أي: قد أفلح من زكاها بالعمل وليس بالقول وقوله تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنفُسَكُمْ [النجم:32] أي: بالأقوال، وبمدح بعضكم بعضاً، فتقطعوا ظهور إخوانكم بهذا المديح الذي لا ينبني عليه إلا العجب والرياء والافتخار، ولكن زكوها بتقوى الله عز وجل، وبفعل الطاعات، فمن كان كذلك فهو مفلح، فيزكيه الله عز وجل ويطهر قلبه، ويعصمه من الشيطان: ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30].
وأمر الله المؤمنات بما أمر به المؤمنين، فقال: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ [النور:31]، فبغض الإنسان بصره: يحافظ على فرجه وإيمانه، ويحافظ على قلبه من الشهوات والشبهات؛ لأن الإنسان إذا أطلق لبصره العنان، ونظر إلى ما حرم الله: اشتهى هذا الذي حرمه الله، فوقع في العشق الحرام، وبعد ذلك يستبيح الحرمات التي حرمها الله سبحانه وتعالى.
فخاف صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة من النساء، وأمر المرأة بأن تحتجب، وقال: (المرأة عورة)، كما أمرها الله عز وجل ألا تبدي زينتها إلا لمحارمها، فإذا أبدت المرأة زينتها للأجانب عنها أوقعت نفسها في الفتنة، وأوقعتهم في ما حرم الله سبحانه وتعالى، فأوشك الناس أن يستبيحوا للزنا، وهذا هو الحاصل في هذا الزمان ولا حول ولا قوة إلا بالله، فقد أصبح الإنسان يترخص في شرع الله سبحانه، وينسى دينه، ويقع في المحرمات، رجالاً ونساء، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البزار وابن حبان عن عبد الله بن عمرو بن العاص : (لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا في الطريق تسافد الحمير. قال: قلت: إن ذلك لكائن؟ قال: نعم، ليكونن)، فلا تقوم الساعة حتى يحدث ذلك، وقوله (يتسافدوا في الطريق) أي: يزني الرجل بالمرأة في الطريق.
وهذا ما يحدث في دول الغرب، ففي الحدائق العامة أمام الناس لا يستحي الإنسان أن يأتي المرأة فيفعل بها ما يشاء، طالما أنها بالغة وكبيرة راشدة، فالقانون عندهم لا يمنع من هذا الشيء، وأما بلاد المسلمين - ولا حول ولا قوة إلا بالله - فقد وجدت بعض تلك الصور سواء قلت أو كثرت، فالرجل يحتضن الفتاة في الشارع، ويمشي معها في الطريق، ويضع يده على كتفها، وتتعرى المرأة في الطرقات، وفي البحار، إلى غير ذلك من العري والأشياء الفاضحة التي تحدث هنالك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول: (لا تقوم الساعة حتى يتسافدوا - يقعوا في الزنا- في الطريق تسافد الحمير)، كما تفعل البهائم بلا حياء.
قال عبد الله بن عمرو : (قلت: إن ذلك لكائن؟) كأنه يتعجب: هل من الممكن أن يحصل هذا الشيء؟ قال: (نعم، ليكونن). وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالإخبار بما يكون من معجزاته عليه الصلاة والسلام، وذلك أن الله عز وجل يخبره بما يكون، فيخبر الناس، فيكون على ما قاله صلوات الله وسلامه عليه.
وهذا الحديث قاله النبي صلى الله عليه وسلم قولاً وبينه عملاً صلوات الله وسلامه عليه، فقد كان جالساً مع أصحابه عليه الصلاة والسلام -والنساء في عهده صلى الله عليه وسلم كن محتجبات، فليس هناك امرأة تمشي كاشفة أو عارية، التزاماً بأمر الله سبحانه وتعالى- فتمر امرأة من بعيد، ويقوم النبي صلى الله عليه وسلم ويذهب إلى بيته ويأتي أهله، ثم يخرج إليهم بعد ذلك ويخبرهم أنه رأى هذه المرأة، فذهب إلى بيته وأتى أهله صلى الله عليه وسلم. والنبي صلى الله عليه وسلم لا يهيجه الشيطان، أو يوسوس له؛ لأن الله قد عصمه من ذلك، ولكنه أراد أن يعلم أصحابه عليه الصلاة والسلام، فأتى أهله، ثم اغتسل، ثم خرج وأخبرهم بما حدث، وكأنه يقول: لا تجعل نفسك تشتهي ما لا تفعله ولا تحصل عليه إلا بطريق الحرام، ولكن اذهب إلى ما أحله الله لك.
أما الشباب العزاب فقد قال لهم: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء).
فعلمهم أن من استطاع منهم تكاليف الزواج، وعنده القدرة عليه فليتزوج: (فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) أي: فإن الزواج يعين المؤمن على أن يغض بصره، وعلى إحصان فرجه.
والذي لا يقدر على الزواج فعليه ألا يتمنى ما لا يقدر عليه، ولكن قال له صلى الله عليه وسلم: عليك بالصوم؛ لأن الصوم يقلل ما في نفسه من شهوة، فالغذاء إذا قل قلت شهوة الإنسان، وكثْرة الصيام نوع من تقليل الأغذية. والأمر الآخر أن الصوم يذكر الإنسان بمحارم الله، فيحفظ لسانه وبصره وأذنه ويده ورجله عن الحرام، فإذا بصومه -إذا كان صوماً حقيقاً- يبعده عن ذلك، ويعينه على غض بصره وحفظ فرجه، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن أن يتزوج، والأمر بالزواج هنا للاستحباب، ولكن إذا خشي الإنسان على نفسه الوقوع في الفتنة وعنده قدرة على الزواج وجب عليه أن يتزوج؛ حتى يحصن فرجه، ويعف نفسه عن الوقوع في ما حرم الله سبحانه.
وقوله سبحانه: وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] فيه أمر للنساء أن يحفظن فروجهن، وقد جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (احفظ فرجك إلا من زوجك أو ما ملكت يمينك) .
فيجب على المرأة أن تحفظ فرجها إلا من زوجها، كما يحرم عليها وعلى الرجل إبداء ما حرم الله سبحانه وتعالى إبداءه.
والثاني: الحفظ من الوقوع في الحرام، ولذلك مدح الله عز وجل المؤمنين بقوله: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ [المؤمنون:5] فهذا هو الأصل، إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ [المؤمنون:6] أي: أن الرجل يحفظ فرجه إلا من زوجته أو ما ملكت يمينه، فله أن يملك الأمة فيطأها ويكون له منها الولد، أما المرأة فإنها تحفظ فرجها إلا من زوجها فقط، وأما ما ملكته يمينها فلا يجوز لها معاشرته.
والآن وفي زماننا لا يوجد إماء ولا عبيد، وعلى ذلك فيجب على الرجل حفظ فرجه إلا من زوجته فقط، والمرأة كذلك مع زوجها.
فالزينة الظاهرة: كالثياب ونحوها، فعندما تمشي المرأة في الطريق لابسة ثيابها فإنها تكون معذورة في إبداء هذه الزينة.
وجاء أيضاً عن ابن عباس رضي الله عنه في تفسر ما ظهر منها، قال: الكحل والسوار والخضاب، وذكر نحو ذلك.
وجاء عن عائشة رضي الله عنها ما يؤيد هذا القول فيما رواه أبو داود أن أسماء بنت أبي بكر أخت السيدة عائشة رضي الله عنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم أعرض عنها، وقال: (يا
فهذا الحديث احتج به من قال: إن المرأة يجوز أن يبدو منها الوجه والكفان.
وهذا الحديث اختلف أهل العلم في الاحتجاج به، فأكثرهم قالوا بضعفه، حتى الذي رواه - وهو الإمام أبو داود - ذكر أنه مرسل، وقال: هذا مرسل خالد بن دريك، ولم يدرك عائشة . يعني: أن فيه انقطاعاً؛ لأن راوي الحديث وهو خالد بن دريك لم يدرك عائشة رضي الله عنها، أي: أنها ماتت رضي الله عنها قبل أن يسمع منها رضي الله عنه، ولأجل ذلك ضعف الحديث.
قالوا: وعلى فرض صحته فيكون قبل أن يأمر الله عز وجل النساء بالحجاب في قوله: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59]، فالحديث كان في بداية الأمر، وبعد ذلك أمر الله عز وجل بالحجاب.
واحتج من أجاز كشف الوجه والكفين أيضاً بما جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في أن الفضل كان رديفاً للنبي صلى الله عليه وسلم، فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر إليها وتنظر إليه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل إلى الشق الآخر، فقالت: (يا رسول الله! إن فريضة الله على عباده في الحج أدركت أبي شيخاً كبيراً لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: نعم. قال: وذلك في حجة الوداع) .
فقالوا: إذا كان هذا الحديث الأول قبل الحجاب، فإن الحديث الثاني كان بعد الحجاب، ففيه أن الفضل بن عباس كان راكباً خلف النبي صلى الله عليه وسلم، والمرأة كانت حاجة تسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أن تحج لأبيها، وأن الفضل نظر إليها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لوى وجه الفضل إلى الناحية الأخرى؛ حتى لا ينظر إليها.
فالذين قالوا بجواز كشف الوجه احتجوا بأن المرأة كما في الحديث كشفت وجهها.
كما احتج العلماء القائلون بأنه لا يجوز أن يبدو منها شيء بحجة قوية وهي قول النبي صلى الله عليه وسلم: (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان) وهذا الحديث رواه الترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنهما بسند صحيح.
وراوي الحديث هو الذي قال في قول الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31]: إن ما ظهر منها هو الثياب الظاهرة.
والنبي صلى الله عليه وسلم في قوله: (المرأة عورة) لم يستثن شيئاً، فكل المرأة عورة لا يجوز أن يبدو منها شيء.
فالعمل بهذا الحديث أقوى، والمرأة يلزمها أن تستتر وخاصة في زمن يكثر فيه الفساق.
وفي هذا الحديث: (إذا خرجت استشرفها الشيطان)، فالشيطان: إما شيطان الجن -إبليس وأشياعه- وإما شيطان الإنس.
واستشرف بمعنى: رفع البصر إليها، وأصل الاستشراف: أن يضع الإنسان يده على عينه حتى ينظر إلى الشيء البعيد.
فمعنى: (استشرفها الشيطان) أي: نظر إليها الشيطان، أو أنه جاء إليها فجعل الناس ينظرون إليها، فكأن الاستشراف هنا إذا كان من شيطان الجن بمعنى: زينها في نظر الناظرين من شياطين الإنس حتى تعجبهم.
فالنبي صلى الله عليه وسلم كأنه يحذر المرأة أن تخرج إلى الرجال فينظروا إليها فتفتنهم، وأكثر ما يفتن في المرأة وجهها، وأول شيء ينظر إليه الإنسان من غيره هو الوجه.
فعلى ذلك يلزم المرأة أن تستتر في مثل زماننا هذا الذي كثر فيه الفساق، وإن كانت المسألة خلافية بين أهل العلم، هل يجب عليها أن تستر وجهها وكفيها أو يستحب؟! الأحوط هو قول من قال بلزوم ستر الوجه والكفين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان)، والله أعلم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر