أما بعــد:
أيها الإخوة، أيتها الأخوات: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذه لحظة وساعة مباركة إن شاء الله تعالى، نلتقي فيها معاً لمدارسة بعض المسائل والأسئلة والقضايا المتعلقة بالمرأة، وهذه الأمسية هي إجابة لأسئلة طرحت في محاضرات سابقة.
وقبل أن أبدأ بعرض هذه الأسئلة والإجابة على ما تيسر منها، أحب أن أشير إلى أمر مهم، فأقول: إن من الواجب اليوم على العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله تعالى أن يخاطبوا المرأة، يخاطبوها في المناسبات العامة، كهذه المناسبة، ويخاطبوها من خلال البيت كآباء، أو إخوة، أو أزواج أو غير ذلك؛ لأن المرأة نصف المجتمع -كما يقال- بل هي من حيث العدد، قد تكون أكثر من نصف المجتمع.
والمرأة قريبة العاطفة، ولديها الاستعداد للتأثر والانفعال بما تسمع، وبالمقابل فإن المرأة تتعرض اليوم لحملة شعواء من أعداء الإسلام في العالم الإسلامي، خاصة في هذا البلد بالذات، لأنهم يعتبرون أن هذه البلاد بلاد الحرمين هي آخر قلعة من قلاع الإسلام، وهي البلد الوحيد الذي مازال أهله يفتخرون بالحجاب الشرعي، وما زالت كثير من نسائه تفخر بتغطية وجهها، واستتارها عن الأجانب، وترفض الاختلاط بهم في المنتديات أو مقاعد الدراسة أو غيرها.
وهذا أمر يغيظ أعداء الإسلام كل الغيظ، يشعرون أنهم مازالوا عاجزين عن تغيير وضع المرأة؛ لذلك تجد أنهم يتكلمون -أحياناً- بكلمات تُنِمُّ عن شيء من اليأس، والشعور بأنهم يبذلون جهوداً كبيرة وتكون نتائجها قليلة، ولا أعني أنهم يائسون، بل العكس هم يزدادون جهداً يوماً بعد يوم، لكن إظهارهم أنهم يائسون كأنه وسيلة للتأثير على المرأة، وتحريك همم دعاة التخريب الذين يسمون دعاة تحرير المرأة لمزيد من الجهود.
إن الإنسان المؤمن، المتدين، الذي يخاف الله عز وجل ويرجو ثوابه، ويعرف حرمة النظر إلى المرأة الأجنبية وما لذلك من الآثار، إذا رأى المرأة تثور في نفسه العواطف، فلا يلجمها إلا بلجام التقوى والخوف من الله، فما بالك بسفيه من سفهاء القوم، وهم لا يخافون الله عز وجل، ولا تربوا في بيئة إسلامية، إنما غالبهم تربوا في أمريكا وأوروبا وغيرها، وعاشوا هناك في أجواء منحلة، واعتبروا أن تلك المجتمعات الكافرة هي المثل الأعلى الذي يتمنون أن تصبح البلاد الإسلامية يوماً من الأيام مثلهم.
يقول بعض خبثائهم: (إن المرأة لو سفرت وكشفت لأصبح هذا أمراً طبيعياً في بلادنا، كما هو أمر طبيعي في تلك البلاد) وهذا يكشف لكم -فعلاً- أن القوم يضمرون شراً، وإلا فلنسأل هؤلاء القوم، وهم أدرى بالبلاد التي عاشوا فيها والمجتمعات التي تربوا فيها، أعني بلاد أوروبا وأمريكا، لنسألهم إلى أي حد توجد العفة في تلك البلاد، كم يوجد من النساء العفيفات؟ لا يوجد إلا الندرة اليسيرة، واقرءوا إحصائيات القوم أنفسهم تجدوا أنها إحصائيات هائلة ورهيبة، تدل على أن تلك المجتمعات يندر أن يوجد فيها امرأة طاهرة، وإذا وجدت امرأة طاهرة اعتبروا أن هذه امرأة مريضة ومعقدة، وعرضوها على الطبيب! فكيف يقال: إنه أصبح أمراً طبيعياً؟ صحيح أن الإنسان الذي يجد جميع النساء سافرات أمامه يختار أجملهن، ولا يلتفت لمن هي أقل من ذلك، وهذا ما يقصدونه، لكن الرجل فطر على الميل إلى المرأة، والمرأة كذلك مهما كان الأمر.
فلننتبه -أيها الإخوة وأيتها الأخوات- جيداً لهذه المؤامرة التي تحبك خيوطها الآن، وتطرح في الساحة بشكل جاد، في محاولة لإخراج المرأة المسلمة من بيتها، لتكون ألعوبة يتلهى بها الرجل في كل مكان، وهذا من الأخطار العظيمة التي أشعر أن المجتمع يقاد إليها بقوى خفية مندسة في داخل المجتمع، فهم كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث حذيفة في صحيح البخاري قال: {قوم من جلدتنا، ويتكلمون بلغتنا، وهم دعاه على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها} ويا ليتهم يكونون صرحاء، ويكشفون عن حقيقة ما يريدون لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ [الأنفال:42].
أما أن يلفّوا المسألة بحجة أن هذه الأشياء تتم وفق تعاليم ديننا الحنيف، ووفق الشريعة الإسلامية، وبإشراف إسلامي وغير ذلك من العبارات التي يلطفون بها الجو، وإذا أرادوا أن يهجموا على تعاليم الإسلام في شأن المرأة هجموا على المجتمع، ولا يستطيعون أن يقولوا: إن الإسلام ظلم المرأة، هذا صعب عليهم؛ لأنهم يكشفون أنفسهم بهذه الطريقة، ولذلك يلجؤون فيقولون: المجتمع ظلم المرأة، المرأة مهضومة الحقوق في مجتمعنا، المرأة مضطهدة في مجتمعنا، المرأة يجب أن تعطى حقها، إلى آخره.. وهذه في كثير من الأحيان: كلمة باطل، وفي قليل من الأحيان: كلمة حق أريد بها باطل.
أولاً: بمخاطبة المرأة المسلمة، من خلال المحاضرات، والخطب، والكتب، والرسائل وغيرها.
ثانياً: بجهودنا من خلال بيوتنا وغيرها، فالواجب على كل فرد منا أن يكون شرطياً عند باب بيته، يفتش جميع السلع والبضائع التي تدخل إلى البيت، وأعني بها يفتش جميع الأفكار التي تدخل للبيت، ينظر ما هي تصورات أخواته أو بناته أو زوجته داخل البيت عن القضايا الإسلامية، ما هي الكتب التي تقرؤها؟ ما هي الأشرطة التي تسمعها؟ ما هي المجلات التي تقتنيها؟ ما هي الأزياء والملابس التي تلبسها؟ والواقع -يا إخوة- أن سنة الله عز وجل أن الإنسان لو بذر بذرة في الصحراء وتركها، فإن الرياح تغطيها، وحرارة الشمس تقضي عليها فلا تنبت، وإن نبتت فسرعان ما تذبل وتموت، فالإنسان عليه أن يبذر البذرة ثم يتعاهدها بالسقي والرعاية وحمايتها من العوامل المؤثرة فيها حتى تقوم على سوقها، كذلك أختك وابنتك وزوجتك في البيت هي بذرة! عليك أولاً أن ترعاها بالتعليم والتربية، ثم تحرص على حمايتها من وسائل الهدم والتخريب، وما أكثر وسائل الهدم والتخريب، وما أكثرها!
الجواب: أهل العلم قد اختلفوا في حكم النوم هل ينقض الوضوء أم لا؟ على أقوال كثيرة، أوصلها النووي في شرحه لصحيح مسلم إلى ثمانية أقوال.
فمن العلماء من قال: إن النوم ناقض للوضوء مطلقاً، ومنهم من قال: إن النوم لا ينقض الوضوء مطلقاً، والذي رجحه كثير من أهل العلم المحققين: القول بالتفصيل، وهو أن النوم ينقض الوضوء إذا كان نوماً مستغرقاً لا يبقى معه إدراك، أما إذا نعس المسلم أو أغفى إغفاءة يسيرة، وهو يشعر بما حوله فلا ينتقض وضوؤه، حتى ولو كان على جنبه؛ لكن إذا نام بحيث لم يبق معه إدراك، واستغرق في النوم، حتى إنه لو تكلم أحد أو خاطبه لا يسمعه، فحينئذٍ ينتقض وضوؤه بهذا النوم.
والدليل على ذلك: أن هناك أحاديث دلت على أن النوم ينقض الوضوء، ومن هذه الأحاديث حديث صفوان بن عسال الذي يقول فيه: { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ننـزع خفافنا إذا كنا سفراً ثلاثة أيام بلياليهن، إلا من جنابة، ولكن من غائط أو بول أو نوم} معنى الحديث أن الإنسان يمسح على الخفين إذا أتى ناقضاً من هذه النواقض، وهي: الغائط والبول والنوم، فقالوا: إن النوم في هذا الحديث عده النبي صلى الله عليه وسلم ناقضاً للوضوء، كالغائط والبول، والحديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، وصححه ابن خزيمة والترمذي والخطابي، وحسنه البخاري. إذاً الحديث حجة وظاهره يدل على أن النوم ينقض الوضوء.
وبالمقابل فقد صح عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: {كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخفق رؤوسهم، ثم يقومون إلى الصلاة ولا يتوضئون} وهذا الحديث صحيح أيضاً رواه أبو داود والترمذي وصححه الدارقطني.
فكونهم تخفق رؤوسهم، بل ورد أنهم يضعون جنوبهم، وفي رواية أنه يسمع لهم غطيط، ثم يقومون إلى الصلاة ولا يتوضئون، دليل على أن النوم غير ناقض للوضوء.
إذاً الجمع بين حديث صفوان بن عسال الأول، وبين حديث أنس هذا، أن يقال: إن النوم إن كان نوماً مستغرقاً، ولا يبقى معه إدراك ولا شعور للإنسان بما حوله، فإنه ينقض الوضوء؛ لأنه حينئذٍ مظنة حصول الحدث، وفي هذه الحالة -في حالة النوم المستغرق- لو أحدث الإنسان لما شعر إذا كان مستغرقاً في النوم، وهذه من علامات النوم المستغرق، أما إن كان إغفاءة يسيرة أو نعاساً فإنه لا ينقض الوضوء، حتى لو كان مضطجعاً، فقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يصلي ركعتي الفجر، ثم يضطجع على جنبه الأيمن، ثم يناديه بلال بالصلاة فيقوم يصلي صلى الله عليه وسلم}.
الجواب:وهذه المسألة -أيضاً- قد اختلف العلماء فيها.
فمن العلماء من قال: إن مس المرأة ناقض للوضوء بكل حال، سواء أكان بشهوة أم بغير شهوة، واستدلوا بقوله تعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا [النساء:43] قال: (أو لامستم النساء) قالوا: والملامسة تطلق على اللمس، ولو باليد، بدليل أن هناك قراءة أخرى: (أو لمستم النساء) وفي حديث أبي هريرة في الصحيح، لما ذكر أن ابن آدم كتب عليه حظه من الزنا، ذكر {واليد زناها اللَّمس، أو اللُّمس} فلذلك ذهب بعض أهل العلم إلى أن مس المرأة باليد ناقض للوضوء ولو كان بغير شهوة، وبعضهم قال ينقض إن كان بشهوة؛ لأن مس المرأة بشهوة مظنة خروج شيء منه كالمذي مثلاً.
والقول الراجح في هذه المسألة -والله أعلم- أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء أكان بشهوة أم بغير شهوة، إلا أن يخرج من الإنسان شيء، فلو مس الإنسان امرأته فخرج منه شيء، فحينئذٍ ينتقض وضوؤه بما خرج منه، وليس بمسه للمرأة، وهذا الحكم الذي ذكرته له أدلة عديدة، منها: حديث عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم [[كان يقبل بعض أزواجه ثم يصلي ولا يتوضأ]] فهذا لمس منه صلى الله عليه وسلم لبعض أزواجه وبشهوة، ومع ذلك كان يخرج فيصلي ولا يتوضأ، وهذا الحديث ورد من طرق كثيرة، أورد منها البيهقي في كتاب الخلافيات عشر طرق، فهو يصح بمجموع هذه الطرق، ولذلك صححه ابن عبد البر وغيره من أهل العلم.
ومن الأدلة على أن مس المرأة لا ينقض الوضوء: ما روته عائشة رضي الله عنها -أيضاً- أن النبي صلى الله عليه وسلم [[كان يصلي وهي معترضة بينه وبين القبلة، فإذا قام مدت رجليها، فإذا أراد أن يسجد غمزها فقبضت رجليها، تقول: والبيوت يومئذٍ ليس فيها مصابيح]] والحديث متفق عليه وفي لفظ للنسائي إسناده صحيح {أنه إذا أراد أن يسجد مسها برجلها} فهذا نص بأنه يمسها برجله من دون حائل، ومع ذلك لم ينتقض وضوؤه صلى الله عليه وسلم، بل كان مستمراً في صلاته.
ومن الأدلة أيضاً ما رواه مسلم عنها أنها فقدت النبي صلى الله عليه وسلم يوماً في الفراش فخرجت تبحث عنه، فوقعت يدها على قدميه صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، وهو يقول: {اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك} فوقعت يدها عليه صلى الله عليه وسلم فلم ينتقض وضوؤه عليه الصلاة والسلام بذلك، هذا مع أن عدم انتقاض الوضوء بمس المرأة هو الأصل الذي لا ينتقل منه إلا بدليل، وهو من الأمور التي تكثر البلوى بها، فإن الرجل قد يقع منه أن يمس امرأته فيأخذ منها شيئاً، أو يعطيها شيئاً أو ما أشبه ذلك، وقد يمسها بشهوة، وهذا كان يحصل من الرسول عليه الصلاة والسلام، ومن أصحابه كثيراً، ومن غيرهم، فالحاجة داعية إلى بيان الحكم في ذلك، فلو كان ناقضاً للوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم.
يحدثني أحد الشباب، وأبوه ممن يعتقدون بأن مس المرأة ينقض الوضوء بكل حال، فيقول: إن أباه يجد عناءً كبيراً في هذه المسألة، حيث إنه يتوضأ -مثلاً- في يوم العيد، ويلبس ثيابه، ويستعد للخروج من البيت، فيطلب من زوجته أو من غيرها أن تناوله شيئاً من ثيابه أو سواها، فإذا أخذها ومس طرف إصبعه طرف إصبعها بدأ يدعو بالويل والثبور! ثم خلع ثيابه ورجع كي يتوضأ... وهكذا، وقال: قد تتكرر منه هذه الحالة مرات عديدة!!
فالأمر -إن شاء الله- في ذلك واسع، إلا أن يخرج من الإنسان شيء بمسه للمرأة بشهوة، فحينئذٍ يجب عليه أن يتوضأ لذلك.
الجواب: أنه لا يجب على المرأة أن تخصص لصلاتها ثياباً خاصة، كما هو جارٍ به العرف في مجتمعنا، وإنما على المرأة أن تصلي في أي ثوب تتحقق فيه الشروط الشرعية، ولذلك في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم {كان يصلي وهو حامل
وكذلك ورد عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: [[ما كان لإحدانا إلا ثوب واحد تحيض فيه، فإذا رأت فيه شيئاً من أثر الحيض قالت بريقها هكذا، فمصعته أو قصعته بظفرها]] وفي حديث آخر أنها كانت تصلي فيه، والحديث رواه البخاري.
وفي الصحيحين أيضاً عن أسماء { أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب؟ فقال صلى الله عليه وسلم: تحته ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه ثم تصلي فيه } فدل على أن المرأة لها أن تصلي في الثوب الذي تحيض فيه، وأن تصلي في الثوب الذي تحمل أطفالها فيه، شريطة أن يكون هذا الثوب طاهراً غير نجس، أي: شريطة ألا تعلم أن في هذا الثوب نجاسة، أما إن علمت فيه نجاسة، فيجب عليها أن تزيل هذه النجاسة، ثم لا بأس أن تصلي في هذا الثوب.
إذاً لا يشترط أن تصلي في ثوب خاص، بل يكفي أن تصلي في ثوب طاهر تتوافر فيه الشروط.
والشروط في هذا الثوب هو: أن يكون ساتراً للمرأة في صلاتها إلا وجهها، فوجهها في الصلاة ليس بعورة باتفاق أهل العلم إذا لم يوجد عندها أجانب، فوجهها ليس بعورة في الصلاة، فلا يلزمها أن تستره.
أما الكفان والقدمان ففيهما خلاف بين أهل العلم، والأولى بالمرأة أن تستر كفيها وقدميها في الصلاة، لما روت أم سلمة كما في سنن أبي داود {أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! أتصلي إحدانا في درع وخمار وليس عليها إزار؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كان ساتراً يغطي ظهور قدميها} فإذا لبست المرأة المسلمة هذا الثوب الساتر، صلت فيه ولو لم يكن ثوباً خاصاً بالصلاة، وبعض النساء لو خرجت خارج بيتها؛ فإنها قد تؤخر الصلاة كما إذا كان في مناسبة وليمة أو عرس أو غيره تقول: ليس معها ثوب صلاتها، فقد تؤخر الصلاة حتى يفوت وقت الفضيلة، وربما أخرت الصلاة حتى يخرج الوقت؛ من أجل أن ترجع إلى بيتها فتصلي في ثوب صلاتها، وهذا لا يجوز لها، فلا يجوز لها أن تؤخر الصلاة عن وقتها بحال من الأحوال.
الجواب: الصحيح أنه ليس للرجل أن يمس امرأة أجنبية عنه -ليست محرماً له- لا بمصافحة ولا بغيرها إلا لضرورة، كما في حالة التطبيب ونحوها.
أما مصافحة الرجل للمرأة الأجنبية منه فإنه لا يجوز ذلك، لأن عائشة رضي الله عنها قالت كما في البخاري وغيره-: [[لا والله ما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة قط، إلا امرأة يملكها]] ما مست يده عليه الصلاة والسلام يد امرأة، إلا يد زوجته أو يد أمة يملكها، وفي البيعة كان يقول صلى الله عليه وسلم: {قد بايعتكن كلاماً، وإني لا أصافح النساء، وإنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة} فإذا كان هو صلى الله عليه وسلم المعصوم عليه الصلاة والسلام، وفي حالة البيعة التي تستدعي المصافحة لصحة البيعة، ومع ذلك لم يصافح المرأة، فغيره من باب الأولى.
ومما هو نص في هذه المسألة ما رواه الطبراني بسند رجاله ثقات كما يقول المنذري، وهو إسناد جيد كما يقول الألباني، عن معقل بن يسار رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له}؛ وذلك لأن الرجل إذا نظر إلى المرأة تحركت شهوته، فإذا زاد على ذلك بأن صافحها أو مسها كان داعي الشهوة حينئذٍ أقوى وأشد، ومظنة الوقوع في الفاحشة أدعى وآكد، ولذلك حسم المشرع باب الفتنة من أصله، فلا يجوز للرجل أن يصافح المرأة، ولا يجوز للمرأة أن تصافح الرجل الأجنبي بحال من الأحوال.
الجواب: الصحيح -أيضاً- أن تغطية المرأة لوجهها واجب، ولا يجوز لها إبداؤه.
أما في موضوع الشعر فهو إجماع من أهل العلم، أنه لا يجوز للمرأة أن تبدي شيئاً من شعرها للأجانب.
أما الوجه فالصحيح -أيضاً- أنه لا يجوز، والأدلة على ذلك كثيرة من القرآن والسنة، فمن الأدلة: قوله تعالى: وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ [النور:31] والخمار هو ما تضعه المرأة على رأسها، فقد أرشد الله عز وجل المرأة المؤمنة حينئذٍ في هذه الآية إلى أن تسدل هذا الخمار من رأسها على وجهها حتى يضرب على جيبها، والجيب هو فتحة الثوب من الأمام، فبناءً على ذلك هذه الآية أمر بتغطية الرأس والوجه والنحر والرقبة، حتى يكون الخمار منسدلاً يضرب على الجيب، وهذا ظاهر في الوجوب.
ومنها قوله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] إلى آخر الآية، فقوله: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) يشمل أنواع الزينة، ومن أعظم أنواع الزينة: الوجه، وكل إنسان لو سألته عن موضع النظر والإعجاب والجمال من المرأة، لقال لك: إنه الوجه، فالوجه هو مجتمع الزينة، وهذه ضرورة يجدها كل إنسان في نفسه، أول ما ينظر الإنسان إلى المرأة -والمسلم لا ينظر إلا لمن تحل له- فإنه ينظر إلى وجهها، فالوجه هو مجتمع الزينة والجمال، وأكثر ما توصف المرأة بالجمال لجمال وجهها، فتغطية الوجه أولى من تغطية غيره، كتغطية القدمين -مثلاً- أو تغطية الكفين، أو تغطية الذراعين.
أقول: إنه أولى بالوجوب، فالفتنة فيه أعظم من الفتنة بها، ومن الأدلة قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ [الأحزاب:59] فهو إشارة إلى أن المرأة الحرة المسلمة، يجب عليها أن تتستر تستراً كاملاً، وتغطي جميع بدنها وتلبس الجلباب أو الملاءة أو العباءة التي تستر جميع جسمها، حتى تتميز بذلك فلا تؤذى، ومن حكمة الله عز وجل أن المرأة إذا تسترت هذا التستر المشروع، فإنها لو مرت بفساق لم يلتفتوا إليها؛ لأنهم يشعرون حينئذٍ أن هذه المرأة: امرأة عفيفة طاهرة بعيدة عن الريبة، بل إنهم يحتقرون أنفسهم حيث ورطوا أنفسهم فيما حرم الله، وهذه المرأة ترفعت عن ذلك، أما إذا رأوا المرأة المتبذلة فإنهم يطمعون فيها حينئذٍ، وينظرون إليها، وقد يؤذونها.
ومن الأدلة من السنة النبوية، ما روت عائشة رضي الله عنها، أنها قالت أو ذكرت في حجتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن الركبان إذا حاذوهن أسدلت إحداهن جلبابها على وجهها، فإذا جاوزوهن كشفنه، تقول: [[كان الركبان إذا حاذونا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه]] والحديث رواه أبو داود وله شواهد.
ومن المعروف أن المرأة لا يجوز لها أن تغطي وجهها في الإحرام، فكونها تغطي وجهها في هذه الحالة دليل على وجوب ستره عن الرجال الأجانب، وقد يقال: أن هذا خاص بأمهات المؤمنين، فمما يدفع هذه الخصوصية ما روته فاطمة بنت المنذر رحمها الله أنها كانت تخرج مع نسوة معها، مع أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها في الحج [[فإذا حاذاهن الركبان غطين وجوههن]] والحديث رواه مالك في الموطأ وغيره بإسناد صحيح، فـأسماء بنت أبي بكر وفاطمة بنت المنذر، ومن معهن من النساء يغطين وجوههن حال الإحرام إذا حاذاهن الرجال، وهذا دليل على وجوب تغطية المرأة وجهها عن الرجال الأجانب، بل إن تغطية المرأة وجهها عن الرجال الأجانب هو أمر معروف حتى في الجاهلية الأولى، ففي الجاهلية الأولى كانت المرأة تغطي وجهها عن الرجال الأجانب، واسمعوا ما يقول عنترة في بيته المشهور يصف امرأة يقول:-
سقط النصيف ولم ترد إسقاطه فتناولته واتقتنا باليد |
يعني امرأة سقط منها نصيفها، وهو ما تغطي به وجهها بغير قصد منها، فتناولت النصيف أو الغطاء بيد واتقتهم -أي حاولت أن تغطي نفسها عنهم باليد الأخرى- فهذا شأن المرأة في الجاهلية، فما بالك بالمرأة في الإسلام.
وكثير من الأخوات المسلمات -هداهن الله- يقصرن في شأن الحجاب بصور عديدة، منها: أن بعض النساء تلبس حجاباً شفافاً، لا يستر وجهها وإنما يخفي ما قد يكون في هذا الوجه من سوء خلقة أو قبح، ويظهر الوجه كأنه وجه جميل، فيكون لامعاً مثيراً دافعاً للفضول والتطلع، وبعض النساء تلبس حجاباً صغيراً بحجم دائرة الوجه، حتى يبرز أسفل ذقنها أو تبرز رقبتها ويبرز نحرها وتجد أنها تتكلف كثيراً في المحافظة على هذا الحجاب، فلا تستطيع أن تلتفت يمنة أو يسرة، أو ترفع رأسها محافظة على هذا الحجاب، ويا سبحان الله! ما دامت هذه المرأة المسلمة حريصة على التستر، حريصة على ألا يظهر منها شيء، ولا يرى الرجال منها شيئاً، وتتقي ذلك، فما أدري أي شيطان رجيم نفخ في نفوس المسلمات، فصارت المرأة مضطرة أن تساير الموضة في كل حال..!
وإذا وجدت على صديقاتها أو قريباتها مثل هذا الأمر، اضطرت إلى أن تفعل مثل ما يفعلن تجنباً من أن توصف بأنها امرأة قديمة، أو أنها (زي قديم) أو شكل قديم أو كما يقولون: (دقة قديمة) أو ما أشبه ذلك!!
وما أدري كيف ذلك ونحن نعتز بالإسلام ونفخر بهذا الدين الذي شرفنا الله به! والمفترض في المسلم والمسلمة أن يحرص حتى على إبراز السنن أمام الناس، يفتخر بأنه متبع لمحمد صلى الله عليه وسلم ومطيع لله عز وجل، وليعود الناس على هذا الأمر، ولقد رأيت في بلاد غير إسلامية الحجاب فيها موضع سخرية وموضع استغراب، أشد الاستغراب، أخوات مسلمات يمشين وقد سترن أجسادهن، ولبسن الحجاب على رؤوسهن حتى لا يرى الإنسان منهن أدنى شيء.
وهذا والله الفخر! أن تظل المسلمة متمسكة بهذا الحجاب، حريصة على إظهاره وإبرازه، وما يدرينا لو وجد من بين الأخوات المسلمات اليوم نساء يعتززن بالحجاب الإسلامي؛ لما مضى وقت قصير إلا والحجاب أمر شائع لدى كل النساء؟! وربما ينتقل أيضاً إلى نساء أخريات، لأن المرأة تحب التقليد في الغالب، خاصة إذا وجدت امرأة قوية الشخصية تفرض هذا الأمر، ولا تبالي بمن يخالفها، فحق على المرأة المسلمة أن تتحجب حجاباً كاملاً تقصد من ورائه الاستتار وليس الإثارة، وتعتز بهذا الحجاب، وبإظهاره أمام النساء الأخريات، والدعوة إليه ومحاربة من ينكره.
الجواب: أما سلام المرأة على المرأة فهو مشروع كما يسلم الرجل على الرجل، وكذلك سلام المرأة على محارمها، كأبيها أو زوجها أو أخيها ونحوهم، فيشرع لها أن تسلم عليهم، وأن يسلموا عليها فترد عليهم السلام.
أما إن كانت المرأة أجنبية فالأمر فيه تفصيل: فإن كانت المرأة كبيرة السن والفتنة مندفعة، فحينئذ لا بأس أن يسلم عليها وأن ترد عليه السلام، ولذلك فقد روى أبو داود في سننه عن أسماء بنت يزيد قالت: {مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نسوة في المسجد فألوى بيده بالسلام} والحديث رواه -أيضاً- الترمذي وقال: حديث حسن، وكذلك روى البخاري عن سهل بن سعد رضي الله عنه {أنهم إذا كان يوم الجمعة مروا على امرأة عجوز من الأنصار، كانت تطبخ لهم السلق، قال: فسلمنا عليها فأطعمتنا من هذا السلق}.
فهذا دليل على أنه إذا اندفعت الفتنة جاز للرجل أن يسلم على المرأة، أما إذا كانت الفتنة موجودة أو متوقعة الوجود؛ كما إذا كانت المرأة شابة ومنفردة، ودواعي الشهوة قائمة، والدين رقيق، فحينئذ لا يشرع السلام دفعاً للفتنة، ولذلك سئل الإمام مالك رحمه الله: عن السلام على المرأة، فقال: [[أما المرأة المتجالة فلا بأس -يعني المرأة الكبيرة- وأما المرأة الشابة فلا أستحبه]] والسبب الفتنة؛ فإن وجدت الفتنة فلا يسلم، ولا يجوز السلام، وإن كانت الفتنة بعيدة ومندفعة، جاز السلام حينئذ.
أما هل هو عورة أم لا؟
فأقول: إن الله عز وجل أدب زوجات نبيه صلى الله عليه وسلم وأمهات المؤمنين بأدب عظيم يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32] فلا تخضعن بالقول، فالمرأة لا يجوز لها أن تخضع بالقول؛ لئلا يطمع الذي في قلبه مرض، وإذا كان هذا أدباً ربى الله عز وجل به عائشة وخديجة وحفصة وأم سلمة وزينب وسودة وهن النساء الطاهرات اللاتي اختارهن رب العالمين على علم ليكن زوجات محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة، يقال لهن: لا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض، فأي امرأة ترغب عن سنة زوجات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ورضي الله عنهن؟! وأي إنسان يمكن أن يقول: إن هذا خاص بهن؟!كلا! بل غيرهن من باب الأولى، فلا يجوز للمرأة أن تخضع بالقول، فتلين الكلام وتتغنج به بالصورة التي تدعو إلى الإثارة، وصوت المرأة يثير كما يثير مرآها.
وكما تعرفون الشاعر الذي يقول:-
يا قومِ أذني لبعض الحي عاشقة والأذن تعشق قبل العين أحياناً |
فالصوت يثير كما يثير مرأى المرأة، بل وأشد أحياناً، فلا يجوز للمسلمة أن تخضع بالقول للرجال الأجانب، أما مخاطبة الرجال الأجانب فيما تحتاجه المرأة من أمور دينها أو دنياها من سؤال، أو طلب علم، أو تجارة، أو غير ذلك، أو سواه، فإنه جائز.
الحواب: صوت المرأة بذاته ليس بعورة، فقد كانت النساء تسأل الرسول صلى الله عليه وسلم وتخاطبه في أمور الدين والدنيا، ومن الأمثلة: المرأة التي قالت: {يا رسول الله، غلبنا عليك الرجال؛ فاجعل لنا يوماً تأتينا فتذكرنا فيه} والحديث في البخاري، والحديث الآخر: لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم للنساء: {إني رأيتكن أكثر حطب جهنم، قامت امرأة وقالت: يا رسول الله، لماذا كنا أكثر حطب جهنم؟....} طبعاً هي لا تسأل على سبيل الاعتراض، لكن تسأل لتعرف السبب حتى تتقيه وتجتنبه، وكذلك المرأة التي قتل ابنها أم حارثة فقالت: {يا رسول الله، أخبرني إن كان
والأحاديث في هذا كثيرة جداً لا تنحصر، وكانت المرأة تكلم الرسول صلى الله عليه وسلم، وتكلم الرجال أيضاً كـأبي بكر وعمر وغيرهما، فيما تحتاج في أمور دينها ودنياها، لكن بلا خضوع، ولا إطالة، وبلا استرسال في الكلام فيما لا فائدة فيه؛ لأن الشيطان حاضر في مثل هذه المواقع.
الجواب: بينه الرسول صلى الله عليه وسلم ففي الصحيحين من حديث خنساء بنت خذام {أن أباها زوجها بدون إذنها وكانت ثيباً فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم نكاحها}.
وفي الحديث عن ابن عباس رضى الله عنه {أن امرأة زوجها أبوها وهي جارية بكر بدون إذنها فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم} والحديث رواه أصحاب السنن، وسنده صحيح.
وفي الصحيحين أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لا تنكح البكر حتى تستأذن، ولا تنكح الثيب حتى تستأمر} وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن إذن البكر أن تسكت {وإذنها صماتها}.
فهذه الأحاديث دلت على أنه لا يجوز، وليس من حق الأب أن يكره ابنته لا بكراً ولا ثيباً على الزواج من رجل لا تريده، وهذا قول جمهور السلف وهو مذهب أبي حنيفة ورواية عن الإمام أحمد، يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد يقول: (وهو الذي ندين الله به، ولا نعتقد سواه) وهذا الحكم الموافق لحكم الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد رد نكاح الثيب التي أكرهت، وخير البكر بين أن تبقى أو تفارق زوجها، فحكم بأن البكر والثيب لا تكره على من لا تريد وهو الموافق لأمر النبي صلى الله عليه وسلم حيث أمر باستئذان البكر واستئمار الثيب، البكر تستأذن، والثيب تستأمر، وهو الموافق لنهيه صلى الله عليه وسلم، حيث {نهى عن تزويج البكر حتى تستأذن، وعن تزويج الثيب حتى تستأمر} وهو الموافق لمصلحة المرأة، لأن من المعلوم أن إكراه المرأة على رجل لا تريده في الغالب يؤدي إلى أحد حالين:-
إما إلى الطلاق، والطلاق -بلا شك- مضر بالمرأة ضرراً كبيراً، أو أن تبقى المرأة في عصمة الزوج وهو يؤذيها ويضطهدها، وهي لا تريده، إما لأمر ديني أو لأمر دنيوي -أيضاً- وهو الموافق لأصول الشريعة، فإن من المعلوم أن المرأة لا يجوز لأبيها أن يأخذ شيئاً من مالها بغير حق، ولا أن يتصرف فيه بغير إذنها، فكيف يجوز له أن يتصرف في جسدها وفي بضعها وفي حياتها بدون إذنها، بل بما يخالف رغبتها، ونجد اليوم في المجتمع حالات كثيرة من حالات الزواج تنتهي بالفراق وبمشكلات طويلة عريضة قد يكون الأب نفسه يتأثر منها، والسبب هو: أن الأب أو الأم -أحياناً- ضغطوا بطريقة معينة حتى أقنعوا وأجبروا هذه المرأة، لا أقول: أقنعوا. فالإقناع وارد، لكن أقول: حتى أجبروا الفتاة على الزواج من رجل لا تريده، الأم تظل تقنع الأب: لا نريد إلا فلان، لأنه قريبها -مثلاً-، فالأب بدوره يكره الفتاة عليه، أو يكون الأب يريد هذا الرجل بغرض من الأغراض.
وقد يقول بعض الناس: إن المرأة قد تريد رجلاً فاسقاً، وأنا لا أريد إلا رجلاً صالحاً، فنقول: نعم، من حق الولي أن يرفض الرجل الفاسق، بل يجب عليه ألا يقبل لموليته إلا رجلاً صالحاً، فهي أمانة في عنقه لا يضعها إلا في موضعها الصحيح، فلا تقبل إلا رجلاً صالحاً، لكن لا تكرهها عليه، وبعض الآباء -أيضاً- يقول: إن البنت قد تطيل البقاء في البيت وتعزف عن الزواج حتى يفوتها الركب، وهي لا تدرك المصلحة في ذلك، فيريد أن يكرهها؛ لأنه يعرف أن في هذا مصلحتها، والجواب أن يقال أولاً: إن على الأب أن يقنع البنت بوسائل الإقناع أن المصلحة في ذلك، ويستعين بكل ذي رأي من أهلها كأمها وأخواتها أو غير ذلك.
ثانياً: على الأب أن يضغط على البنت أنه لابد أن تتزوج، لكن لا يلزمها بشخص معين، لابد أن تتزوج من رجل كفء، فلان أو فلان أو فلان لا أشترط شرطاً بعينه، المهم لابد من الزواج.
إنها ترى بعض النساء قد تساهلن في الحجاب، أو أظهرن ما يجب ستره، فهل يجب عليها أمرهن بذلك؟
الجواب: أولاً: الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عام، بل جميع أحكام الشريعة الأصل فيها العموم، إلا ما دل الدليل على اختصاصه بالرجل، أو على اختصاصه بالمرأة، فالمرأة كالرجل مخاطبة بقوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] والمرأة كالرجل مخاطبة بقوله تعالى: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104] والمرأة كالرجل مخاطبة بقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي سعيد:{من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} فالحكم عام، والدعوة واجبة على الجنسين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب عليهما أيضاً.
ودور المرأة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة واجب في مجالات عديدة، فهو واجب عليها أن تدعو أولاً في بنات جنسها، لأن داعية النساء في الأصل أن تكون من بينهن، لأن تأثير المرأة على المرأة أقوى، وقدرتها على إقناعها أشد، ومعرفتها بمشكلاتها أكثر، وإمكانية اتصالها بها أقوى، ولذلك فدور المرأة المسلمة الداعية في دعوة بنات جنسها دور عظيم، ويجب ألا تجلس المرأة تنتظر أن يقوم العلماء -مثلاً- بالدعوة والأمر والنهي، بل تساهم هي في بنات جنسها بقدر ما تستطيع.
واليوم نجد أن مجتمعنا، وكل مجتمع مسلم فيه أسماء كثيرة من النساء المنحرفات، اللاتي تعرفهن البنات، وربما تكون هذه المرأة المنحرفة -مثلاً- أعلى تحاول كل فتاة أن تقتدي بها، فلو سألت البنت: ماذا تتمنين أن تكوني؟ تتمنين أن تكوني مثل من؟ قالت: مثل فلانة، فذكرت لك -مثلاً- مطربة، أو ممثلة، أو صحفية، أو غيرها من النساء اللاتي عُرف عنهن الدعوة إلى الرذيلة والانحلال؛ لكن قلَّما نجد امرأة مسلمة متدينة، تقوم بدور الداعية المسلمة المصلحة بين النساء وتؤثر فيهن وترفع كلمة الله عز وجل، وتقيم الحجج الإلهية على النساء، وهذا أمر نفتقده ويجب أن يقوم من بين النساء من تنتدب لهذا الأمر، وتحتسب جهدها في سبيل الله عز وجل.
كذلك من دور المرأة في بيتها، سواء أكانت زوجة أم بنتاً أم أختاً، وبالتجربة تبين أن المرأة يمكن أن تؤثر حتى على أخيها أو أبيها، وهناك بيوت تغيرت بكاملها وانقلبت بسبب صلاح بنت واحدة في البيت، فأثرت في البيت كله، ومن المجالات التي تؤثر فيها مع زوجها، فبعض النساء الطيبات قد تبتلى بزوج غير صالح، فحينئذ عليها أن تحرص على هدايته وإصلاحه ما استطاعت، كثير من النساء تسأل -أحياناً مثلاً- زوجي يشرب الخمر، هل يجوز لي أن أبقى في عصمته؟ زوجي يدخن، زوجي يأمرني مثلاً أن أسجل له المباريات التي تعرض في التليفزيون على أشرطة فيديو -مثلاً- زوجي يسمع الغناء ويجلس أمام التلفاز ويطلب مني أن أجلس معه، زوجي يحضر مجلات سيئة إلى آخر الأسئلة.. هذا يدل:
أولاً: على ما سبق: أنه أحياناً قد تجبر على من لا تريد، وقد تكون امرأة صالحة.
ويدل ثانياً: على أن بعض النساء لا تختار الرجل الصالح المناسب، وعلى كل حال إذا بليت المرأة بذلك، فالموقف الأول: أن عليها أن تقوم بالإصلاح، والرجل إذا أحب المرأة واقتنع بها يمكن أن يتأثر بها، وكثير من الرجال هداهم الله بسبب زوجاتهم بعد أن فشل في هدايتهم أصحابهم وأصدقاؤهم، ودور المرأة -أيضاً-في الدعوة مع أولادها، فالمرأة محضن يتربى فيه الأولاد، وكما قيل:
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق |
ولذلك أعداء الإسلام حين يعملون على إفساد المرأة، لا يقصدون المرأة بذاتها، بل يعرفون أنها إذا فسدت فسد المجتمع كله.
الجواب: فأما نظر المرأة إلى الرجل -فكما سبق في أكثر من موضع- أن هذا النظر إن كان بشهوة فهو محرم ولا يجوز، وكل نظر بشهوة فهو محرم -بلا استثناء-، حتى نظر الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة بشهوة فهو محرم، حيثما وجدت الشهوة فالنظر محرم.
وإن كان نظر المرأة إلى الرجل بغير شهوة، وليس التركيز عليه بالنظر إليه لشخصه وإنما النظر إلى وضع عام، فهذا جائز وفي الحديث الصحيح أن عائشة رضي الله عنها {كانت تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد} وهو في صحيح البخاري ومسلم، فهذا دليل، فهي لم تكن تنظر إلى أشخاصهم ولا يهمها من يكونوا، ولكن هي تنظر إلى لعبهم في المسجد، فالمرأة حين تنظر إلى الرجل نظر تحديق، وتحدق النظر فيه بشهوة، فهذا محرم ولا يجوز، وأقول: إن من الأشياء التي يجب أن ينبه إليها الإخوة والأخوات على حد سواء، أن هناك قضية مهمة جداً، العين والأذن هي منافذ إلى القلب، فما تسمعه بأذنك أو تراه بعينك فإن بصماته على قلبك، ولذلك الشاعر يقول:-
كل الحوادث مبداها من النـظر ومعظم النار من مستصغر الشرر |
كم نظرة فتكت في قلب صاحبها فتك السهام بلا قوس ولا وتر |
يسر مقلته ما ضر مهجته لا مرحباً بسرور جاء بالضرر |
(يسر مقلته ما ضر مهجته) أي يسر عينه النظر الذي يضر قلبه، وبعض الناس والعياذ بالله يسقطون في هذا المقلب الذي حبكه الشيطان، فتكون هذه هي القاضية، قد ينظر الرجل إلى امرأة نظرة عابرة فيتعلق قلبه بها -والعياذ بالله! فيخسر دنياه وآخرته، وكذلك العكس فقد تنظر المرأة إلى رجل فتتعلق به، فتخسر دنياها وآخرتها، حتى إن منهم من يقول: إنه قد سيطر معشوقه ومحبوبه على قلبه؛ حتى إنه وهو يصلي ويضع جبهته في الأرض لرب العالمين ويسأل الله عز وجل؛ ليس في قلبه إلا هذا المحبوب -والعياذ بالله! وهذا شرك بالله عز وجل، فرغ القلب من محبة الله، فرغ من الإيمان بيوم الدين، فرغ من الرجاء والخوف، فرغ من الرغبة في الجنة والحذر من النار، وتمحض القلب ولو لوقت معين؛ فأصبح ليس فيه إلا هذا المعشوق، نسأل الله السلامة!!
ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام نبهنا {إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب} فإذا كان الشيطان عدو يقاتلنا على أكثر من ميدان، فيجب أن ندرك أن منطقة الصراع التي يشتد حولها القتال هي القلب، فإذا استطاع الشيطان أن ينفذ إلى قلبك أو إلى قلبكِ، فحينئذ تكون الحصون قد سقطت، ويصبح الإنسان وهو يدافع الشيطان مثل القوم الذين هجم عليهم العدو وانتشر في الشوارع، فهم يقاتلون العدو في شوارع المدينة وطرقاتها، والنصر حينئذ ليس مستحيلاً، لكنه صعب، وعلى كل حال فكل داء له دواء، والحجة على الخلق ذكورهم وإناثهم قائمة بالقرآن والسنة؛ بالرسل، بالآيات الكونية والآيات الشرعية، بالمصلحين الذين أقام الله بهم الحجة، ليهلك من هلك عن بينة ويحيا من حي عن بينة مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا [الإسراء:15] وعلى الإنسان أن يملأ قلبه بالمواد الصالحة من الاشتغال بالخير، وحمل همَّ الدعوة إلى الله، وطلب العلم، ومحبة الله، والتفكير في الآخرة؛ لأن القلب المملوء بهذه المواد الصالحة لا مجال للشيطان فيه.
أما القلب الفارغ، فإن الشيطان يبيض فيه ويفرخ، ويتداعى الشياطين إليه، فهم يتراكضون فيه كما تتراكض الكلاب والذئاب في الصحراء الخالية المظلمة.
أما فيما يتعلق بفقه المرأة: فالمرأة يجب أن تتفقه في الدين، يجب أن تعرف عقيدتها الصحيحة لتتقي الشبهات، ويجب أن تعرف الأحكام الفقهية التي تتعلق بها، خاصة الأحكام المتعلقة بالمرأة، ومن الكتب المفيدة في ذلك كتاب فقه السنة لـسيد سابق، وهناك كتاب لـصديق حسن خان اسمه كتاب حُسن الأسوة فيما ورد عن الله ورسوله في النسوة وهو كتاب لا بأس به، وينبغي أن تتعلم المرأة الآيات القرآنية عامة، والآيات المتعلقة بالنساء خاصة، وتفسيرها، ويجب أن تتعلم الآداب العامة في الإسلام، كأن تقرأ كتاب رياض الصالحين مثلاً، أو كتاب المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح أو كتاب الترغيب والترهيب للمنذري أو غيرها، وتكثر من قراءتها، وتحرص على قراءة قصص المسلمات الأُوَل، لأن فيها عبرة وتثبيت للقلب، وتأخذ منها المرأة المسلمة الأسوة والقدوة في هذا العصر الذي قد لا تجد فيه القدوة.
الجواب:لا، ليس بصحيح. ما ذكرته أن لمس الرجل للمرأة لا ينقض الوضوء، سواء أكان بشهوة أم بغير شهوة، إلا أن يخرج من الإنسان شيء كالمذي، فحينئذ ينتقض وضوؤه بما خرج منه، وليس بلمس المرأة، فلمس الرجل للمرأة لا ينقض الوضوء، وكذلك لمس المرأة للرجل لا ينقض الوضوء.
الجواب: الحقيقة -فعلاً- هذا سؤال مهم: العلماء رحمهم الله ذكروا أن الإنسان إذا كانت تثور شهوته بالنظر إلى الرجال -مثلاً- فلا يجوز أن ينظر إليهم، وإذا كانت تثور شهوته بالنظر إلى المحارم، فلا يجوز له أن ينظر إليهن، ولا تستغربوا هذا! فقد حدثني أو ذكر لي أحد الشباب وهو في مقتبل عمره -صغير السن- أنه يجد ضيقاً وثوراناً لشهوته إذا ذهب ليزور بعض محارمه، كخالاته وعماته مثلاً، واستثبته في هذا الأمر، فأكده وأثبته، وذلك لقلة الإيمان في هذا العصر -هذا من جهة- ومن جهة ثانية لأن أبواق اليهودية العالمية وحميرها في الدنيا كلها تنفخ في الغريزة وإثارة الشهوة، فالشهوة تجد مثيرات في كل مكان، مثيرات صوتية من خلال الأغاني، من خلال الأصوات، مثيرات من خلال الصحف، مثيرات من خلال المجلات، مثيرات من خلال أوضاع النساء إلى آخره... والله المستعان!! وقدر المسلم والمسلمة أن يعيش في هذا العصر المملوء بالفتن؛ لكن ليس حقاً أن نفر ونهرب، بل يجب أن ننـزل للواقع بثقل، ونحرص على تغيير هذا الواقع ما استطعنا.
المقصود فيما يتعلق بالسؤال، أن الشاب المراهق أو غيره إن كانت تثور شهوته بالنظر إلى محارمه، أو إلى غيرهن، فلا يجوز له النظر إليهن، وكذلك الفتاة المسلمة ينبغي لها أن تتقي لبس الملابس المثيرة أو الملابس الضيقة أمام إخوانها من المراهقين، خاصة إذا كانت تعرف أن هؤلاء ليس لديهم تربية إسلامية، بل هم من الشباب الذين تربوا في الشوارع مع (الشلة) ومع الأصدقاء، ومعظم حياتهم في لهو ولعب، فمثل هؤلاء يمكن أن يكون هذا مدعاةً لثوران شهوتهم، فالأولى بالمسلمة أن تتقي ذلك.
الجواب: أما بالنسبة لقص الشعر، فمن العلماء من منع قص الشعر مطلقاً، ومنهم من أباحه بشروط وضوابط، والذي يظهر لي -والله أعلم بالصواب- أن قص الشعر يجوز بشروط، أما أنه يجوز فلأن مسلماً روى في صحيحه {أن أمهات المؤمنين كن يأخذن من رءوسهن حتى تكون كالوفرة} وادعاء أن هذا خاص بأمهات المؤمنين لا يقوم عليه دليل، فهو دليل على جواز قص المرأة شعر رأسها سواء كانت كبيرة أم صغيرة، لكن بشروط:
الشرط الأول: ألا يكون هذا القص شديداً بحيث تشبه الرجل، بعض النساء -كما حدثت- تقص شعر رأسها حتى كأنه شعر رجل، ويا سبحان الله! كيف يا إخوة ويا أخوات مسخت الفطرة في هذا الزمان؟! والله مسخت الفطرة -فعلاً- والإنسان العاقل المتأمل يجد هذا رأي العين، مثلاً: الرجل أصبح يطيل شعر رأسه، الرجل أصبح يطيل شعر رأسه ويضع السواد، والمرأة بالعكس صارت تقص شعر رأسها، بل هو في بعض الأحيان أقرب إلى الحلق! ما أدري لماذا نحن -أحياناً- كأننا نتحدى شرع رب العالمين من حيث نشعر أو لا نشعر..!!
الرجل -مثلاً- تجد أنه يحرص على إطالة ثوبه حتى إن ثوبه يمس الأرض، وبعضهم تجد ثوبه يسحب خلفه، وهذا من كمال فتوته فيما يحسب ويزين له الشيطان، والمرأة المطلوب منها التستر تجد أنها ترفع ثوبها، وتحرص على رفعه، ومن الظواهر المزعجة والمحزنة -فعلاً- والتي طالت شكوى الغيورين منها؛ أن كثيراً من الفتيات في المدارس، أصبحن يرفعن ثيابهن فوق الكعب، بل ربما فوق الكعب بأربعة أصابع، وكذلك ترفع العباءة، ما أدري أنحن مسلمون؟! وكلما أحببنا شيئاً فعلناه..!
لا، نحن محكومون بدين الله عز وجل، وهذا معنى كوننا مسلمين، المسلم لا يتصرف إلا بمقتضى دين الله وشرعه، لا يتصرف كما يحلو له، أو كما توحي إليه الموضة الجديدة أو التقليعة الجديدة، لا،بل يتصرف كما يأمره الله ورسوله، فالمرأة المسلمة يجب عليها أن تطيل ثوبها وتستر جميع جسمها عن الرجال الأجانب.
نعود إلى موضوع قص الشعر فأقول: إن القص يشترط فيه:
أولاً: ألا يكون قصاً منهكاً للشعر حتى تكون المرأة كأنها رجل.
ثانياً: ألا يكون هذا القص تشبهاً بالكافرات؛ لأننا نجد أن بعض القصات التي تشتهر عند النساء، تكون قَصَّة معينة في زمن معين، تقليداً لفلانة وفلانة من حثالة أهل الأرض، فهذه قصة يسمونها -مثلاً- قصة الأسد أو غيرها، ويعتبرون أنها تقليداً لممثلة رأوها في التلفزيون أو في غيره، فهذا محرم ولا يجوز.
فالتشبه بالكفار لا يجوز، وتشبه المرأة بالرجال لا يجوز، أما لو قصت المرأة شعر رأسها -مثلاً- أو شعر رأس طفلها لتبعد هذا الشعر عن عينه لئلا يؤذيه أو لئلا يؤذيها بكثرة تسريحه -مثلاً- أو لتجمل لكن بغير تشبه، ففيما أعتقد أن هذا جائز، والمسألة كما ذكرت فيها خلاف.
أما فيما يتعلق بلبس الكم القصير للطفلة غير البالغة، أي الطفلة الصغيرة؛ فالأولى أن تلبسها أمها ثياباً طويلة حتى تعتاد ذلك؛ ولكن لا أرى أن هذا واجب عليها، أما بالنسبة للكبيرة البالغة، فلا يجوز أن تظهر بثوب كمه قصير في مجتمع رجالي، وهذا أمر معروف، أما لو ظهرت به في مجتمع من النساء، فهذا -أيضاً- فيه نوع من الدعوة إلى تقليص الملابس شيئاً فشيئاً، وتقليد هذه الموضات والتقليعات، فالأجدر بالمسلمة أن تتقي هذا الثوب ولو كانت في وسط نساء، هذا أحسن.
الجواب: ذكرت إجمالاً بعض الكتب، يوجد كتب تتعلق بالمرأة، منها كتاب أو عدد من الكتب للشيخ أبي بكر الجزائري حول حجاب المرأة وحول أحكام المرأة المسلمة، وحول رسالة للفتاة السعودية والمسؤولين عنها.
ومنها كتاب الحجاب للشيخ ابن عثيمين، ومنها كتاب الحجاب للشيخ عبد القادر السندي، ومنها كتاب رسالة في الدماء الطبيعية للنساء للشيخ ابن عثيمين أيضاً، ومنها كتاب خطر التبرج والاختلاط لـعبد الباقي رمضون، ومنها كتاب رسالة صغيرة وجيدة ويحسن نشرها لـنعمة صدقي عنوانها التبرج، وهي رسالة مفيدة، ومنها كتاب المرأة بين دعاة الإسلام وأدعياء التقدم لـعمر الأشقر، ومنها كتاب إعداد المرأة المسلمة لـp=1000979>نَمِر
، ومنها كتاب "صفات المرأة الصالحة"، وكتب أخرى كثيرة.
الجواب: إذا كانت تعلم أنه يرضى بذلك، ويرضى بخروجها بدون إذنه لمثل هذه الأشياء، فهذا جائز، أما إن كانت تخشى ألا يرضى، فإنه لا يجوز لها أن تخرج إلا بإذنه، فالأصل ألا يجوز للمرأة أن تخرج من بيتها بدون إذن زوجها، فإذا علمت أن زوجها يأذن لها في الخروج لشيء معين، أي: كأنه أعطاها إذناً عاماً وتفويضاً في الخروج -مثلاً- إلى المسجد، أو الخروج إلى مجالس الذكر، أو الخروج للمدرسة، فهذا جائز.
الجواب: العينان لا شك فيهما جمال، بل هما من أكثر مواطن الجمال في المرأة، فالمرأة تلبس الحجاب الساتر إلا إذا احتاجت إلى ظهور عينيها أو إحداهما، لقراءة أو لتبصر الطريق أو لما أشبه ذلك فلا بأس بذلك، لكن يجب الحذر من هذه الموضات التي تلعب ببنات المسلمين حيث يصبح النقاب يوماً من الأيام موضة، تلبسه النساء بطريقة أكثر إثارة وأكثر بعداً عن الحجاب، وربما لو لم يوجد أصلاً لكان أبعد عن الإثارة.
الجواب: هذا الحديث رواه أبو داود من طريق الوليد عن سعد بن بشير عن خالد بن دريك عن عائشة وفيه أربع علل، منها أن الوليد هذا مدلس يدلس تدليس التسوية، ومنها أن سعد بن بشير أو بشير هذا ضعفه جمع من أهل العلم من أئمة الجرح والتعديل، ومنها أن خالد بن دريك لم يسمع من عائشة رضي الله عنها، فالحديث مرسل وإسناده منقطع، وليس بصحيح، ولذلك فليس فيه دليل على جواز كشف الوجه، بل الصحيح ما سلف من أن الوجه يجب ستره عن الأجانب.
الجواب: إذا وضأته دون أن تلمس ذكره، دون أن تلمس فرجه، فإن وضوؤها لا ينتقض، أما إن لمست شيئاً من أعضائه: من قبله أو دبره، لمست شيئاً من فرجه: القبل أو الدبر، فهاهنا يأتي الكلام عن مس الفرج، وهل ينتقض الوضوء؟ فذهب جمع أهل العلم إلى أنه ناقض للوضوء، واستدلوا بحديث بسرة بنت صفوان في السنن وغيرها، وهو حديث صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من مس ذكره فليتوضأ} وفي لفظ آخر {من مس فرجه فليتوضأ} فلذلك ذهب جمع من أهل العلم إلى أن مس الذكر والفرج ناقض للوضوء، وعلى هذا فإذا وضأت المرأة ابنها من النجاسة فمست ذكره -مثلاً- وجب عليها أن تتوضأ، وبعض أهل العلم يقولون: لا يجب الوضوء إلا بمس الذكر بشهوة، وبعضهم يقول: إن الوضوء من مس الذكر مستحب وليس بواجب، والذي تميل إليه النفس -الآن- الوضوء من مس الذكر مطلقاً، سواء أكان مسه بشهوة أم بغير شهوة.
الجواب: لا شك أن خروج المني في مثل هذه الحالة موجب للغسل ولو لم يجامعها، فخروج المني هو أحد موجبات الغسل، وهو: أن يخرج المني دفقاً بلذة لا بدونها، فاذا أنـزل الإنسان المني وهو يقظ أو نائم فعليه الغسل.
الجواب: هي في الحرم بحضرة رجال أجانب، والمسجد عام ليس فيه مكان مخصص للنساء، ولذلك فالمرأة إذا كانت في الحرم المكي فعليها أن تستر وجهها عن الرجال الأجانب، إلا لو فرض أنه ليس حولها رجال.
الجواب: المسألة فيها كلام -أيضاً- لأهل العلم، والأظهر أن الدم لا يقطع الصلاة، بدليل أن الصحابة كانوا يصلون في دمائهم، وعمر رضي الله عنه صلى وهو طعين، وفي قصة الصحابي الذي كان في سرية فجاء العدو فرماه بسهم وكان الصحابي يصلي فنـزعه واستمر في صلاته، ثم رماه بسهم آخر، ثم رماه بسهم ثالث، ثم أسرع في الصلاة، فعلم العدو فهرب، فلذلك القول بأن خروج الدم مبطل للصلاة وناقض للوضوء، فيه نظر والله أعلم.
الجواب: لاشك أن قراءة القرآن بصوت رخيم فيه تأثير من المرأة وإثارة للرجل، فهو يثني عليها وتعجبه؛ لأنه يعجبه جمال صوتها ورخامة صوتها، فإن هذا فيه ضرر، فينبغي للفتاة المسلمة إذا قرأت أن تقرأ -إذا اضطرت إلى ذلك- أن تقرأ بصوت فيه قوة، وبعد عن الليونة أو التراخي في هذا الصوت، والأصل ألا يدرس المرأة إلا امرأة، لكن تدريس الرجال المكفوفين في مدارس البنات خاصة يبدو أنهم يعتبرونه من باب الحاجة، ولعل الله عز وجل أن يفتح على المسؤولين في هذه الجهات -وهم أناس طيبون وخيرون، ونعتقد فيهم الصلاح -ولله الحمد- أن يقضوا على هذا الأمر، ويستبدلوا بهؤلاء المكفوفين نسوة يدرسن النساء، والحمد لله عدد النساء المتخرجات اليوم كثير.
الجواب: المرأة إذا خرجت إلى المسجد لا يجوز لها أن تتطيب بأي أنواع الطيب، والحديث الصحيح عن p=1000136>أبي هريرة
أن الرسول صلى الله عليه وسلم، قال: {أيما امرأة مست طيباً ثم خرجت فمرت على رجال ليجدوا ريحها فهي كذا وكذا} وفي بعض الألفاظ قال: (فهي زانية) والحديث في السنن وإسناده صحيح، وقوله: (فهي زانية) ليس هو حكم أبي هريرة، بل هذا حكم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك أمر الرسول عليه الصلاة والسلام أن تخرج المرأة وهي تفلة: يعني بثياب بعيدة عن الزينة، وبعيدة عن الطيب، فإذا أرادت المرأة المسلمة أن تخرج إلى المسجد؛ فلا تتطيب، ومن باب الأولى ألا تطيب في المسجد، لا ببخور ولا بدهن ولا غيره، وإن كانت في المسجد منفردة ومنعزلة، إلا أنها تخرج فتمر من عند الرجال أو يمرون من عندها، فيجدوا ريحها.الجواب: المسلم -رجلاً كان أو امرأة- إذا دخل المسجد فلا يصلح له أن يجلس حتى يصلي ركعتين، وفي حديث أبي قتادة في البخاري: {إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين} -وهذا نهي فلا يجلس حتى يصلي ركعتين- بل وحتى حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب خطبة الجمعة، جاء رجل فجلس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: {أصليت يا فلان؟ قال: لا، قال: قم فاركع ركعتين، وتجوز فيهما} فدل على أن تحية المسجد مشروعة بكل حال، حتى والإمام يخطب، فما بالك والمتحدث يلقي محاضرته؟! هذا من باب أولى ألا تجلس المرأة حتى تصلي ركعتين.
الجواب: الذي أعلم أن الصلاة في مثل هذه الحالة صحيحة؛ لأن المغذي يوضع في المريض لحاجة لا بد منها، فيصح له أن يتوضأ ويصلي في مثل هذه الحالة.
الجواب: لا يجوز لها أن تدخل المسجد للاستماع إلى المحاضرات والندوات الدينية، وذلك لما ثبت في الصحيحين من حديث أم عطية رضي الله عنها، قالت: {أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن المصلى}.
الجواب: فالسنة أن تفيض المرأة على شعر رأسها ثلاثاً في الجنابة، ولكن ما دام هذا يضرها، ويسبب لها كما ذكرتَ صداعاً ورشحاً، ويؤثر في الجيوب الأنفية؛ فلا بأس أن تغسل شعر رأسها بأي طريقة أخرى، دون أن يصل الماء إلى وجهها ولا إلى جيوبها الأنفية.
هذا وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم لصالح القول والعمل، وأن يسددنا في أقوالنا وأفعالنا، سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن إلا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر