أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب: منهاج المسلم الجامع للشريعة الإسلامية، عقيدة وآداباً وأخلاقاً وعبادات وأحكاماً شرعية، وها نحن مع صلاة الجمعة، وأذكر بقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين )، من يرد الله به خيراً يناله في دنياه وأخراه، يفقه في الدين، يعرفه بالدين وأسراره، فهيا بنا -أولاً- نذكركم بهذه الآداب التي مضت في الدرس السابق؛ تذكيراً للناسين؛ وتعليماً لغير العالمين [ آدابها ] أي: آداب صلاة الجمعة [ وما ينبغي أن يؤتى في يومها ].
إذاً: شروط وجوب الجمعة على الإنسان: الذكورية، الحرية، البلوغ، الصحة، الإقامة. والإقامة هي ضد السفر، مقيم يعني: غير مسافر.
[ شروط صحتها ] توفرت شروط وجوبها، ولكن هل تصح أو لا تصح؟ لابد من شروط لكي تصح، فإن توفرت شروط صحتها صحت من صاحبها وإلا فصلاته باطلة.
والآن لطيفة: لو عندنا أشرطة خطب لإمامنا أو أئمتنا ومرض الإمام أو الخطيب، فهل نشغل ذاك الشريط بصوت الخطبة كما هو ونصلي؟
الجواب: نقول: الله أعلم، ما نستطيع أن نحكم لا بالجواز ولا بالمنع؛ إذ ما عندنا دليل بهذا ولا هذا، ما عندنا علم من الكتاب ولا من السنة لهذا.
ونعقب على هذه اللطيفة فنقول: هل يصح للمصلي أن يصلي وهو يسمع خطبة الإمام وهو في بيته؟
الجواب: لا يصح، لابد أن يشاهد الصفوف، وإن اتسع المسجد أو الطرقات والأفنية فلابد من أن يشاهد بعينيه المصلين وإلا لا تصح صلاته.
فنحن نقول: ما عندنا علم، الله أعلم، ومن يقول بالجواز فليأت لنا بالدليل، فنقول: الله أعلم، وهي نصف العلم، لو كان العلم مليارات الكلمات كلمة: الله أعلم نصفها.
إذاً: لا تجب صلاة الجمعة على من كان بعيداً عن المسجد بأربعة كيلو ونصف، وإن حضرها صحت منه وقبل وأثيب عليها، لكن إذا لم يحضر ولم يستطع يمشي أربعة كيلو ونصف فلا حرج عليه ولا تجب عليه.
[ ثامناً: من أدرك ركعة من الجمعة أو أقل ] أدرك ركعة من الجمعة أو أقل من ركعة، سجدتين مثلاً بدون ركوع [ إذا أدرك المسبوق ركعة من الجمعة أضاف إليها ثانية بعد سلام الإمام وأجزأته ] إذا أدرك المأموم ركعة كاملة مع الإمام، فسلم الإمام فقام هو يأتي بركعة كاملة فصلاته صحيحة كاملة [ لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها كلها ) ] ويدخل في هذا النوافل أيضاً والفرائض، من أدرك من العصر ركعة أدرك العصر أربع ركعات، ومن أدرك من المغرب ركعة أدركها كلها [ وأما من أدرك أقل من ركعة كسجدة ونحوها فإنه ينويها ظهراً ويتمها أربعاً بعد سلام الإمام ] من أدرك ركعة من الجمعة صحت صلاته، أضاف ركعة وصلاته كاملة، لكن إذا أدرك أقل من ركعة كسجدتين أو سجدة لما يسلم الإمام يقوم فيصلي الظهر أربع ركعات.
[ تاسعاً: تعدد إقامة الجمعة في البلد الواحد: إذا لم يتسع المسجد العتيق ] القديم [ ولم يمكن توسعته جاز أن تقام الجمعة في مسجد آخر من المدينة، أو مساجد بحسب الحاجة ] الأصل أن الجمعة لا تصلى إلا في مسجد واحد، لماذا؟ لأن إمام المسلمين يخطب المواطنين خطبة يبين لهم ما يجب عليهم وما يجب أن يتركوه وما يفعلون به، مجتمعين كلهم رجالاً، هذا الأصل، لكن إذا كان المسجد لا يتسع وكثر أهل البلاد، فهل يتركون صلاة الجمعة؟ الجواب: لا، ولكن يبنون مسجداً آخر للحاجة ويصلون فيه، فإذا لم يتسع هذا المسجد الثاني، فيزيدون ثالثاً وهكذا.
أما إذا كان المسجد الجامع يتسع لأهل القرية أو لأهل الحي فلا يجوز أن يصلوا إلا في مسجد واحد؛ لتكون الخطبة واحدة.
[ عاشراً: كيفية صلاة الجمعة ] كيف تصلى؟ [ كيفية صلاة الجمعة، هي: أن يخرج الإمام بعد زوال الشمس ] كأن الشمس واقفة في السماء تزول عن اليمين إلى الغرب [ فيرقى المنبر فيسلم على الناس ] السلام عليكم [ حتى إذا جلس أذن المؤذن أذانه للظهر ] بنفس الصيغة [ فإذا فرغ من الأذان قام الإمام فيخطب الناس خطبة يفتتحها بحمد الله والثناء عليه، والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله، ثم يعظ الناس ويذكرهم رافعاً صوته، فيأمر بأمر الله ورسوله وينهى بنهيهما، ويرغب ويرهب ] يرغب في الخير ويرهب من الشر [ ويذكر بالوعد والوعيد، ويجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم مستأنفاً خطبته، فيحمد الله ويثني عليه، ويواصل خطبته بنفس اللهجة، وذلك الصوت الذي هو أشبه بصوت منذر جيش ] ومنذر الجيش يكون في الحرب عند وصول العدو: [ حتى إذا فرغ في غير طول ] فرغ في غير طول أي: لا يطيل الخطبة [ نزل وأقام المؤذن للصلاة، صلى بالناس ركعتين يجهر فيهما بالقراءة، ويحسن أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة بسورة الأعلى، وفي الثانية بالغاشية ونحوها ] هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ [الغاشية:1] بعد الفاتحة قطعاً.
وصلى الله على نبينا محمد وآله.
الجواب: ينبغي للمؤمن أن يسابق إلى المسجد ويتنافس مع المؤمنين؛ حتى يكون أول من يدخل، ولكن مع هذا إذا منزله أو دكانه يشاهد معه المصلين إذا ركعوا وسجدوا تصح صلاته، أما إذا كان يسمع الصوت فقط لا تصح أبداً ولو كان لاصقاً في المسجد.
الجواب: على كلٍ للضرورات أحكام، لا بأس إذا كان مضطراً مكلفاً بهذا العمل وكان إذا تركه حصل فساد أو شر مثلاً في البلاد، إذا كان للضرورة القصوى فلا بأس، يصلي الظهر بعد ذلك.
الجواب: سؤال من شقين: الأول: لم نتعرض له، وهو: هل يصح أن نصلي الجمعة في مسجد في المصنع؟ نقول: إذا كان البناء أطلق عليه لفظ مسجد، وأصبح مسجداً نصلي فيه ولو كان في مصنع.
الثاني: يسأل: عن العدد الذي تصح به الصلاة؟ العدد: من اثني عشر رجلاً إلى أربعين، والخلاف بين أئمة الإسلام.
والصواب: اثنا عشر رجلاً فما فوق تصح بهم صلاة الجمعة، وأما أقل من اثني عشر فلا تصح، ما استفادوا ولا أفادهم الحقيقة، فالجمعة ينبغي أن يحضرها اثنا عشر رجلاً فما فوق إلى الألف والألفين، أما ستة أنفار أو سبعة أنفار أو ثمانية أنفار فلا تصح بهم الجمعة، يصلون الظهر. هذا هو الحكم.
الجواب: بلغني أن أحد علمائنا الأفاضل يفتي ويقول -إن صح ما قيل-: المسافر لا يجمع بين الجمعة والعصر، بل يصلي العصر في وقتها، ولكن ليس عندنا دليل على هذه الفتيا، والذي يبدو لي أنه لا فرق بين الجمعة والظهر، فالجمعة نائبة عن الظهر، ولو لم يدرك المصلي ركعة من صلاة الجمعة أليس يصليها ظهراً؟ بلى. يصليها ظهراً، فليس بينهما فرق، والله أعلم.
الجواب: يصلي في الشارع إذا اتحدت الصفوف وتلاصقت، ولا حرج.
الجواب: ما دام قد أدرك ركعة من صلاة الجمعة فيضيف إليها ركعة ثانية فقط، لا ينوي أنه مسافر وأن هذه صلاة ظهر، بل صلاة جمعة ويعطى أجر الجمعة.
الجواب: إي نعم، ذكرنا أن الحديث فيه النص على أنها يوم الجمعة وليلة الجمعة، السؤال الذي وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا وسألناه وهو دائماً معي: هل أصليها في النوافل، أصلي عشر ركعات بسورة الفاتحة أو لا بد وأن أقرأها قراءة خاصة بدون صلاة، هذا في نفسي أنا، من نسأل ما وجدنا من نسأل، والغالب نقرؤها في الصلاة، نصلي عشر ركعات بها، والحديث مطلق، قراءتها مطلقة، لم يقل في الصلاة ولا في خارج الصلاة، والكل إن شاء الله واسع وجائز.
الجواب: حكم غسل الجمعة واجب وليس فريضة، تاركه يأثم إذا كان قادراً عليه ولم يكن له مانع يمنعه، أما إذا امتنع لسبب من الأسباب فلا حرج ولا إثم، وهذا من المبالغة في وجوب غسل الجمعة، فلابد للمواطنين أن يأتوا المسجد أطهاراً أصفياء طاهرين، يغتسلون ويلبسون أحسن ثيابهم، لكن إذا حصل مانع فلا حرج.
الجواب: الرسول صلى الله عليه وسلم كان يؤذن أذاناً واحداً للجمعة، وكذلك أبو بكر لثلاث سنوات ، وعمر اثنا عشرة سنة كان كذلك، فلما ولي عثمان الخلافة رضي الله عنهم أجمعين، رأى الناس تباعدت ديارهم وأسواقهم؛ فأضاف الأذان الأول؛ رحمة بهم، أمر بأذان أول وثانٍ، فالذي يكون -ولا شك فيه- أن الأذان الثاني يحرم كل شيء، الأذان الأول نحتاط فلا نبيع ولا نشتري أيضاً، لا سيما بالنسبة إلينا في مكة أو المدينة لا يوجد فرق كبير، إذ لا يتجاوز ربع ساعة، أما في البلاد الأخرى فساعة أو ساعة ونصف بين الأذانين، فهذا أمر واسع، لكن بالنسبة لنا لا يوجد فرق أبداً، عشر دقائق ويؤذن، فالأذان الأول والثاني على حد سواء، فإذا سمع النداء أوقف العمل.
الجواب: إذا قلنا الجمعة لا تجب عليه؛ لأنه لا يسمع، إذاً لا يجب عليه الظهر ولا العصر ولا المغرب ولا العشاء، أي سؤال هذا؟ ما علاقة السمع؟! يجب أن يحضر الجمعة ويشهدها ولو لم يسمع ما يقول الإمام، ولكن زملاءه وإخوانه يعلمونه بأيديهم، قال الإمام كذا وكذا، يتعلم.
الجواب: أولاً: أرجو أن لا يوجد هذا الإنسان، لعله مجرد تصور، قد يوجد إنسان يقول: أنا لا أصلي إلا الجمعة فقط، لماذا؟ قال: لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ( الجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما )، بينا أن الكفارة للذنوب الصغائر، وإذا ترك الصلاة كفر، هذا كلام باطل باطل ولا يصح أن يعرض أيضاً.
الجواب: راعي يرعى الغنم خارج البلاد سبعة كيلو أو ثمانية كيلو أو تسعة كيلو، ثم يأتي في المساء بغنم الناس ومعزهم فهل عليه جمعة؟ لا جمعة عليه، قدمنا أن المسافر لا جمعة عليه، وهذا مسافر، هذا في البادية، الجمعة تجب في البادية لا في السفر كما علمنا.
الجواب: البلوغ ليس بالخامسة عشرة حقيقة، الذي عليه أكثر أهل العلم أنه في الثامنة عشرة، الذي بلغ الثامنة عشرة ولو لم يحتلم ولو لم ينبت شعراً في جسمه بلغ وأصبح رجلاً، لكن الخامسة عشرة، السادسة عشرة من باب الاحتياط، الغالب أن الشاب يحتلم إذا بلغ الخامسة عشرة أو السادسة عشرة؛ لأن علامات البلوغ هي:
أولاً: إنبات الشعر، شعر العانة حول فرجه، إذا نبت الشعر بلغ.
ثانياً: الاحتلام، إذا نام واحتلم وخرج منه مني فقد بلغ وأصبح رجلاً.
ثالثاً: إذا بلغ الثامنة عشرة بلا خلاف أنه بالغ ولو لم ير شعراً ولا احتلاماً.
الجواب: لا تجهر؛ لأن المجلس مجلس سكوت وإنصات، صلي عليه في نفسك بلسانك وشفتيك: صلى الله عليه وسلم، أما جهراً فلا؛ لأنك بذلك تشوش على الناس.
الجواب: في مسجد الموحدين السلفيين، ولا يصح أن تصلي مع المبتدعة، إلا إذا كنت تصلي معهم؛ لتعلمهم ولتذكرهم ولتعظهم فهذه فرصة لابد منها ولا حرج، أما أنك تترك مسجد السلفيين الموحدين وتصلي مع الخرافيين فلا ينبغي.
الجواب: لا يجوز إلا بعد طلوع الفجر، لو جامع أهله في الليل وقام آخر الليل قبل الفجر لا يكفيه لغسل الجمعة، غسل الجمعة يكون بعد الفجر، أما أن يغتسل ليلة الجمعة أو يوم الخميس فلا أبداً، من يوم أن يطلع الفجر يبتدئ غسل الجمعة الواجب.
الجواب: يترتب عليها أن لا يسلم المؤمن على أخيه، ولا ينصح له، ولا يبتسم في وجهه، فهذا منكر وباطل وحرام، وليس من صفات المؤمنين أبداً ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يكذبه، كل المسلم على المسلم حرام: دمه وعرضه وماله ) فكيف يجوز هذا الجفاء والقسوة والشدة؟
الجواب: لا يجوز، بل عليه أن يشتريه من عند الآخرين.
الجواب: المعقب يقول: يا شيخ! أنت قلت: إذا بلغ السابعة يؤمر بالصلاة، وإذا بلغ العاشرة يضرب، الرسول قال: يضرب، ( واضربوهم عليها لعشر )، لكن كيف يضربه؟ قلنا: صفعه هكذا بيده، ليس الضرب الذي يفوت منفعة الجارحة أو يكسر العظم، وإنما التأديب المعروف بكفه على رأسه أو على يديه أو على كتفيه.
الجواب: لا بأس ولا حرج، لكن بدون رفع صوت.
وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر