يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً النساء:1].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله الذي جمعنا بكم في بيتٍ من بيوت الله بعد هذه الفريضة من فرائض الله، اللهم لك الحمد كالذي نقول، ولك الحمد خيراً مما نقول، ولك الحمد كالذي تقول .
أيها الأحبة في الله: إن الحياة مهما مضت أيامها وانقضت سنينها وأعوامها فإنه لا بد لأصحابها من نهاية، لابد للإنسان أن يقف تلك الساعة الأخيرة من هذه الدنيا لكي يلقي عليها آخر النظرات على الأبناء والبنات، وعلى الإخوان والأخوات، لكي يتفطر قلبه على فراق ما هناك من الأحبة، ولقد كتب الله عز وجل على كل صغير وكبير وجليل وحقير أنه صائر إلى الله العظيم الكبير، فقال الله تعالى في كتابه ينعى للعباد أنفسهم: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [الأنبياء:35] فلا بد لهذه الحياة من هذه النهاية المحتومة، ولا بد لهذه الحياة من هذه الغاية المكتوبة.
ولكن ما إن يقف الإنسان عند هذه النهاية حتى يتفطر قلبه حزناً وألماً على الناس، وعلى الأحبة والأقربين، ولكن هناك حزن ليس هناك حزن أعظم منه، وهناك ألم ليس هناك ألم أشد منه، حينما يبكي على ساعات ليله ونهاره، حينما يحس من قرارة قلبه أن الحياة انتهت، وأن المهلة قد انقضت، وأنه قد صار إلى الله جل وعلا، لذلك ما إن ينتهي الإنسان من هذه الدنيا إلا وقلبه في حزن وهم وغم على ما فرط في جنب الله، يقول: رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100] .. رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصالِحِينَ [المنافقون:10].
لذلك -أيها الأحبة في الله- حقيق بكل مؤمن بالله أن يعرف قيمة هذه الحياة، وأن يعلم أن الله تبارك وتعالى لم ينعم عليه بهذه الساعات واللحظات عبثاً، ولم يمتعه بهذا الوجود سدى، ما خلقك الله إلا لأمرٍ عظيمٍ وخطب جليل كريم؛ لكي تتعطر الحياة بطاعة مولاك، ولكي تتعطر الحياة بمحبة من أحياك، وتطيب الحياة بالقرب من الله في السعي في كل ما يرضي الله؛ لذلك فإن من أجل نعم الله على العبد أن يلهمه اغتنام هذه الحياة .. أن يلهمه اغتنام الساعات واللحظات في تقربه إلى الله فاطر الأرض والسماوات، إنها الغنيمة الباردة، والتجارة الرابحة التي يمسي الإنسان ويصبح فيها وهو قريب من الله، فكم من أيام قربت القلوب إلى ربها! وكم من ليالٍ شوقت القلوب إلى خالقها! إنها الغنيمة الباردة، والتجارة الرابحة حينما يغنم الإنسان الساعات واللحظات، فلا تمضي عليه ساعة من يومه، ولا ساعة من ليله إلا وهو في ذكر أو شكر.
ولقد أنزل الله جل وعلا كتابه المبين وبعث رسوله الأمين صلى الله عليه وسلم؛ لكي يحيي في القلوب هذا الأمر الجليل، ولكي يتحرك الناس إلى عبادة الله رب الجنة والناس، ولكي يكون ليل الإنسان ونهاره مطية له إلى طاعة الله ومرضاة الله.
من أحيا الله قلبه بذكره وشكره، وشوقه إلى جنانه ورحمته فقد غنم هذه الحياة، ولذلك حقيق بنا أن نتفكر في هذه النعمة العظيمة، والمنة الجليلة الكريمة التي أحياها رسول الأمة صلوات الله وسلامه عليه حينما فتح لأمته أبواب الطاعات، وشحذ هممهم إلى اغتنام الخيرات، فقال الله سبحانه وتعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ [البقرة:148] وقال جل وعلا: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26] شوق المؤمنين إلى طاعته، لعلمه جل وعلا ألا سبيل إلى جنته إلا باغتنام هذه الحياة بسلوك طريق محبته، إنها التجارة الرابحة حينما يكثر الإنسان من ذكر الله جل وعلا، حينما يعمل بوصية الله في كتابه حيث يقول جل وعلا لأحبابه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً [الأحزاب:41-42] ألم تعلم أنك إن ذكرته ذكرك، ولئن ذكرته في نفسك ذكرك في نفسه، ولئن ذكرته بين الناس ذكرك الله جل وعلا بين مَنْ هُمْ خير من الناس الذين ذكرته بينهم؟
ذكر الله الذي تدرك به من سبقك وتفوت به من بعدك.
الصلاة نور .. نور في الحيـاة ونور بعد الوفاة .. نور في الحياة ولذلك نور الله وجوه المصلين، وقال الله في كتابه المبين عن أصحاب رسوله الأمين: سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ [الفتح:29] قال بعض العلماء: كانوا يحيون الليل بالعبادة فإذا أصبحوا أشرقت وجوههم من نور الصلاة في جوف الليل؛ ألا وإن الصلاة رحمة من الله جل وعلا فلن يشرح قلب إنسان للإكثار منها إلا أحبه الله جل وعلا، الصلاة قرب من العبد إلى مولاه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يثني عليها ويدعو إليها، وبين صلوات الله وسلامه عليه أحبها وأكرمها عند الله، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها) وقال صلى الله عليه وسلم فيهما: (لا تتركوها ولو طلبتكم الخيل).
وإن من اغتنام الحياة في الصلاة: صلاة أربع قبل الظهر تفتح لها أبواب السماء، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى قبل الظهر أربعا،ً فقالت له أم المؤمنين عائشة عن تلك الصلاة، قال: (إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء، فأحب أن يصعد لي فيها عمل صالح) وثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى قبل الظهر أربعاً وبعدها أربعاً حرمه الله على النار).
ألا وإن من خير الصلاة: المداومة على الرواتب التي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن من حافظ عليها بنى الله له بها قصراً في الجنة، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من صلى لله في يوم اثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة) ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر، وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء.
ألا وإن من الصلاة المحمودة المباركة المشهودة: إحياء ما بين العشائين -ما بين صلاة المغرب والعشاء- إحياؤه بالصلاة، حتى قال بعض العلماء: إن الله عناها بقوله: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [السجدة:16-17].
ألا وإن من الصلاة المحمودة المباركة المشهودة: صلاة الليل .. قيام الليل الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم) وهو خلة المتقين، وخصلة من خصال عباد الله المهتدين.
ألا وإن من أفضل ما يكون وأحب ما يكون من إحيائه قيام آخره، قال صلى الله عليه وسلم: (ينزل الله تعالى إلى السماء الدنيا في كل ليلة في الثلث الآخر، فيقول: هل من داع فأجيب دعوته؟ هل من سائل فأعطيه سؤله؟ هل من مستغفر فأغفر له؟) فمن أراد الله به خيراً وأراد له اغتنام هذه الحياة ألهمه إحياء الليل بالصلاة، فما حافظ عبد على قيام الليل إلا شرح الله صدره، ونور الله قلبه وقبره، ولذلك قال العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة نور) قالوا: ينور الله بكثرة الصلاة على العبد قبره إذا أظلم عليه.
يا من أكرمك الله بالأموال! اغتنم هذه الحياة بإنفاقها، وأسر المال قبل أن يأسرك، وخذ من المال زاداً للآخرة، واعتبره وسيلة للتجارة الرابحة، أنفق من مالك طيبة به نفسك، استر به عورات المؤمنين، وفرج به كربات عباد الله، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن (العبد يوم القيامة في ظل صدقته).
وثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الله يقي العبد النار بشق تمرة، ففي الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه دخل على عائشة وكانت قد دخلت عليها امرأة معها صبيتان، فاستطعمت أم المؤمنين، فأطعمتها ثلاث تمرات، فأعطت لكل بنت تمرة، فلما أرادت أن تأكل التمرة الثالثة استطعمتها إحدى البنتين فأخذت تلك التمرة وأعطتها لابنتها ولم تأكل منها شيئاً، فعجبت عائشة رضي الله عنها من صنيعها، فقال صلى الله عليه وسلم: (أتعجبين من صنيعها؟ إن الله حرمها على النار بتلك التمرة).
أخي في الله: إن إنفاق الأموال وبذلها في محبة الكبير المتعال من أعظم الخصال الموجبة لرحمة الله جل وعلا، كم من هموم فرجها الله عن الذين يسترون عورات المسلمين! كم من هموم وغموم نفسها الله لمن نفس هموم إخوانه المؤمنين! كم من مكروب فرج الله كربه بالنفقات!
فأنفق على إخوانك ينفق الله عليك، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما من عبد إلا وسيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر تلقاء وجهه فلا يرى إلا النار، فاتقوا النار ولو بشق تمرة).
الإكثار من النفقات من أعظم الأسباب التي يرحم الله جل وعلا بها العباد، فقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أن الله رحم عبداً أنعم عليه بالمال فكان يداين الناس، فكان إذا جاءه المعسر قال لأصحابه: تجاوزوا عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فقال صلى الله عليه وسلم: فلقي الله جل وعلا، فقال الله: نحن أحق بالتجاوز عنه، تجاوزوا عن عبدي).
فمن أكثر من إنفاق الأموال ستره الله بإنفاقها، ورحمه الله ببذلها، إن المال غادٍ ورائح، فكن سخي اليد في محبة الله ومرضاة الله، وكيف تنعم عين المؤمن بالراحة والسرور وعورات المسلمين قد انكشفت؟ وكيف ينعم المؤمن بنومه والمال بين يديه، وجراح المسلمين قد سالت؟ وكيف ينعم المؤمن بالراحة والسرور والمال بين يديه وأخوه في هم الدين وغمه؟ فأنفق ينفق الله جل وعلا عليك، وأكثر من الصدقات، واقصد بها وجه الله جل وعلا يكن لك في ذلك خيري الدنيا والآخرة.
أكثر من الصيام لعل الله أن ينظر إليك وأنت في شديد الهاجرة، تقرحت أمعاؤك، وظمأت أحشاؤك في طاعة الله جل وعلا. إن الصيام طريق التقوى، وسبيل موجب من الله الحب والرضا، أكثر من الصيام وخيره وأفضله صيام نبي الله داود: صيام يوم وإفطار يوم، فإن لم تستطع فصم ثلاثة أيام من كل شهر، فإن صيامها كصيام الدهر، قال أبو هريرة رضي الله عنه وأرضاه: (أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهن أبداً: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتا الفجر، وأن أوتر قبل أن أنام).
فاعمر مجالس الذكر، واعمر مجالس العلماء، ولينظر الله إليك تضرب الخطا إليها، ولينظر الله إليك قد تعلق قلبك بها، اخرج إلى مجالس الصالحين فإن الجلوس معهم مرضاة لله رب العالمين، محبتهم عبادة، والجلوس معهم عبادة، وكن معهم كخير ما يكون الأخ مع أخيه، إن نسوا الله ذكرهم، وإن ذكروا الله أعنهم.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله عند قيامه، ويذكر الله عند صباحه، ويذكر الله عند مسائه، وأذكار الصباح والمساء حرز من الله للعبد وحصانة من الله للعبد، ومن حفظها حفظه الله جل وعلا.
إذا رأيت أخاك على معصية فحذره عواقبها، وخذ بيده حتى يكف عنها، ذكر بالله جل وعلا من غفل، فإن الله يعظم الأجر لمن دعا إليه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله وملائكته حتى الحيتان في جوف الماء يستغفرون لمعلم الناس الخير).
والله ما مررت على عاصٍ فذكرته بالله فانكف عن معصيته إلا كان لك أجره، ولا هدى الله بك عبداً إلى سبيل رحمته إلا كان في ميزان حسناتك، وما ركع إلا كتب لك مثل أجره، ولا سجد إلا كتب لك مثل أجره، ولا ذكر إلا كان لك مثل أجره، فاغتنم هذه النعمة بالتذكير بالله جل وعلا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يوفقنا وإياكم لاغتنام الحياة، وأن يجعلنا وإياكم ممن وفق لاغتنامها وإحيائها في طاعة الله ومرضاته.
فقل أن تجد إنساناً يحافظ على طاعة الله إلا ختم الله عز وجل حياته بالحسنى؛ ولذلك ينبغي للإنسان أن يسعى جهده في طاعة الله حتى إذا جاءه الموت جاءه على خصلة من خصال الخير، قال بعض العلماء في تفسير قول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ آل عمران:102] قالوا: إن معنى الآية: أكثروا من طاعة الله حتى إذا جاءكم الموت جاءكم على طاعة فقبضت الأرواح عليها.
وقال بعض العلماء: من مات على طاعة بعث عليها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح عنه، في الرجل الذي وقصته دابته وكان محرماً بالحج: (اغسلوه بماء وسدر، وكفنوه في ثوبيه ولا تغطوا وجهه، ولا تخمروا رأسه، ولا تمسوه بطيب فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً).
ذكروا عن رجل أنه كان كثير الأسفار في العطل إلى الأماكن التي لا تحمد، وشاء الله جل وعلا أن يقيض له من يذكره ويهديه إلى الخير ويبصره، فقال له: يا فلان! إنك تذهب في كل عام إلى هنا وهناك فهل لك أن تعتمر؟ هل لك أن تذهب إلى رحمة الله جل وعلا بدل أن تذهب إلى معصيته؟ فشاء الله جل وعلا أن تلق هذه النصيحة أذناً مصغية وقلباً واعياً، فشاء الله جل وعلا أن يجعل عطلته الأخيرة عمرة إلى مكة، ويشاء الله أن يخرج هو وأهله معتمرين، وقبل أن يبلغ البيت يقع ذلك الحادث الذي لا تبقى فيه نفس من أهله، فشاء الله جل وعلا بعد هذه المعاصي وبعد هذه الغربة الطويلة عن طاعة الله ومرضاة الله أن تكون خاتمته على أحسن ما تكون عليه الخواتم، أن يبعث يوم القيامة ملبياً محرماً، فالعبد إذا حافظ على الطاعات أقر الله عينه بحسن الختام، وقل أن تجد في قصص الصالحين إنساناً حسنت خاتمته إلا وجدته قبلها من أحرص الناس على الخير.
إن الخاتمة هي المهمة؛ ولذلك قال العلماء: الحرص على اغتنام الحياة هو السبيل لبلوغ حسن الخاتمة، كما قال الله تعالى: وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102] أكثروا من خصال الخير، ولذلك أكثر الأخيار من خصال الخير فجاءهم الموت على حسن خاتمة فمات الواحد منهم قرير العين برحمة الله ومرضاته، فهذا يموت ساجداً، وهذا يموت راكعاً، وهذا يموت وهو خارج إلى صلة رحمه أو زيارة أبيه وأمه، أو غير ذلك من الأعمال الصالحة التي يحبها الله جل وعلا ويرضاها.
وإذا غفل العبد عن الله فإن من أعظم ما يبتلى به ألا يوفق لحسن الخاتمة والعياذ بالله، ولذلك من كثرت غفلته حتى ألهته دنياه وتجارته جاءته الخاتمة على تلك الدنيا وهو يبيع ويشتري ويأخذ ويكتري غافلاً عن الله جل وعلا، لا يدري، نسأل الله السلامة والعافية.
ولذلك ذكروا عن رجل أنه بلغ أكثر من مائة سنة وكانت قوته قوة الشاب، قالوا له: كيف وقد بلغت أكثر من مائة وقوتك قوة الشاب؟ فقال رحمه الله: أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله لنا في الكبر.
من اغتنم الحياة في طاعة الله أنعم الله عينه بالحياة الطيبة، فمن ثمرات اغتنام الحياة في طاعة الله أن الله يطيبها بالعمل الصالح، ولذلك قال الله في كتابه: مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً [النحل:97] أي: والله لنحيينه حياة طيبة. فمن بشائر اغتنام الحياة في طاعة الله أن الله يطيبها؛ ولذلك تجد العبد الصالح كثير الذكر والشكر، في طمأنينة وراحة نفس وهناءة بال، لو بذلت أموال الدنيا لكي يصيب الإنسان تلك الراحة ما ذاقها.
إذا صلى الإنسان فرضه وخرج من بيت الله ومسجده كم يجد من الراحة والسلوان، وكم يجد من الطمأنينة التي والله لو بذل لها الأموال ما بلغها ولا حصلها، فهذه من ثمرات اغتنام الحياة في الطاعة.
ألا وإن اغتنام الحياة بالطاعة خير كثير وثواب جزيل يسعى إليه الصالحون، ويشمر فيه الأخيار والمتقون، نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم منهم.
أما النظرة التي أمامه فهي نظرة لهذه الدار غير الدار التي يعرفها، وإلى هذا المنزل الذي ما نزله من قبل، وإلى هذه الرحلة التي لا رجعة بعدها، وإلى هذا السفر الذي لا إياب بعده، فيصيبه الخوف لا يدري هل هو قادم على رحمة أو قادم على عذاب! أقادم على جنان وروح وريحان، أم قادم على جحيم ونيران وسخط من الديان! لا يدري، فينزل الله جل وعلا عليه الملائكة لكي تقول هذه الجملة: أَلَّا تَخَافُوا [فصلت:30] أي: لا تخافوا من هذه الدار التي أنتم قادمون عليها وَلا تَحْزَنُوا [فصلت:30] أي: على فراق الذرية.
ولذلك ورد في قوله تعالى: وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحاًً [الكهف:82] كان أبوهما عبداً اغتنم الحياة في طاعة الله ومرضاة الله، يقول بعض العلماء: كان أبوهما صالحاً: الجد السابع لهذين اليتيمين، ذكر الله العبد الصالح في الذرية في الطبقة السابعة من الأبناء، ذكر الله عز وجل هذه الذرية بفضل الله أولاً، ثم بما كان من صلاح الجد، أَلَّا تَخَافُوا [فصلت:30] أي: على هذه الدار التي أنتم قادمون عليها وَلا تَحْزَنُوا [فصلت:30] على فراق الأهل والذرية؛ ولذلك إذا رأى المؤمن ما عند الله من الحبوة والكرامة والرضا في أول لحظة من لحظات الآخرة، وفي أول ضجعة له في القبر، إذا رأى نعيم الآخرة وبشائر الرحمة لو خير بين أن يبقى ويرجع إلى أهله لاختار البقاء على الرجوع إلى الأهل.
كثير من الناس يخافون الموت، كثير من الناس يجزعون من الموت، ولكن إذا كشف للعبد المؤمن ما عند الله من الرحمات وثواب اغتنام الحياة في الطاعات كان شوقه إلى ذلك أعظم من شوقه إلى أهله وأولاده؛ ولذلك ما أعظم الغنيمة! وما أعظم الربح! وما أعظم الفوز حينما يُضجع الإنسان في قبره قرير العين بطاعة الله! وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن الملكين إذا سألا العبد الأسئلة الثلاثة عن ربه ودينه ونبيه صلوات الله وسلامه عليه قالا له: نم صالحاً -لأن الله أصلحه في الدنيا وهذه عواقب الصلاح في قبره- يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فيفتح له باب إلى الجنة يأتيه من روحها وريحانها، فيقول: رب أقم الساعة، رب أقم الساعة) مما يحس من عظيم كرامة الله التي تنتظره.
وجاء في الحديث الآخر عند أحمد رحمه الله في المسند (أنه إذا قالا له: نم صالحاً. جاءه رجل على أحسن ما يكون وأجمل ما يكون من صورة فيقول ذلك الميت الصالح: من أنت؟ فوجهك وجه خير ولا يأت إلا بخير؟ فيقول له: أنا عملك) أنا قيام الليل، وصيام النهار، ولذلك المؤمن الصالح إذا قام في ركعة نافلة واستثقلها وأحس بطولها وجاءته السآمة والملالة في طاعة الله فليتذكر يوم تكون هذه الطاعة أنساً له في القبر، ليتذكر يوم تكون له هذه الركعة والسجدة نوراً له في القبر، ليتذكر يوم تكون هذه الركعة والسجدة نوراً له على الصراط، هذه غنائم وهذه عواقب اغتنام الحياة في طاعة الله ومرضاة الله.
ولذلك يناديهم الملائكة ووجوهم كالأقمار المضيئة، وهم داخلون ينادونهم: سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ [الزمر:73] طبتم بماذا؟ طبتم بالأعمال الصالحة، طبتم بقيام الليل، بالإنفاق، بالبذل، بالتضحية، بالاغتنام لهذه الحياة في مرضاة الله ومحبة الله.
أحبتي في الله! ألا وإن سلعة الله غالية، ألا وإن سلعة الله الجنة، ألا وإن من يريد أن يفوز بهذه الكرامات والباقيات الصالحات فليجتهد غاية وسعه في محبة الله جل وعلا، إن الطاعة تحتاج إلى جهاد .. تحتاج إلى صبر .. تحتاج إلى كفاح وجلاد .. الطاعة تحتاج إلى تعب ونصب، ولكن تعب ساعة وراحة عمر ودهر.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يجعلنا وإياكم ممن اغتنم الحياة في طاعته، ووفقه الله لسلوك سبيل محبته ومرضاته إنه ولي ذلك والقادر عليه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجواب: باسم الله، الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد:
فما ذكرته -أخي في الله- من المس وكثرته في هذه الأيام المس موجود من القدم، ولكن الناس قد تعتني بالشيء فيظهر بينهم بسبب اعتنائهم به، وكثرة المس لا تأتي إلا بسبب معصية الله جل وعلا، قال الله تعالى: ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [الروم:41] فكثرة الذنوب هي التي سلطت الشياطين على الناس، ولذلك خير علاج لهذا البلاء وكشف هذا العناء هو الرجوع إلى الله جل وعلا فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنعام:43].
اعلم -أخي في الله- أن الشياطين والجن والإنس لا يملكون في هذا الكون مثقال ذرة، اعلم علم اليقين أن الله إذا ضر لا نافع سواه، وأن الله إذا نفع لا ضار سواه، فهو الذي يجير ولا يجار عليه، وهو الذي يشفي ويكفي، وإن أصابت علله لن يستطيع أحد أن يداويها غيره جل جلاله وتقدست أسماؤه.
سلطان الشياطين إنما يكون على أوليائهم، على الذين يتعلقون بهم، أما ولي الله المؤمن الذي فرغ الله قلبه له جل جلاله، وأسلمه بالتوحيد له سبحانه فإنه في حرز وحفظ وحصانة ورعاية من الله جل وعلا، لكن لو أصيب المؤمن بشيء من هذا فإن الله يجعله له رحمة في الدنيا والآخرة، قال الله عن نبيه أيوب: أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [الأنبياء:83] مسه الضر، وقال في آية أخرى: إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ [ص:41-42] سلط الله عليه الشيطان وأصبح في همه وغمه، والبلاء في جسده سنين عديدة وهو صابر، يقول الله عز وجل عنه: إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ [ص:44] الله أكبر! إذا قال الله: (نعم العبد) بماذا؟ بالصبر .. بالتوحيد، بالتسليم لله جل وعلا.
إِنَّا وَجَدْنَاهُ [ص:44] كلمة (وجد) لها معنى إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ [ص:44] ما معنى أواب؟ كثير الرجوع إلى الله جل وعلا، كان إذا أصابه ضيق أو هم أو غم قال: يا الله! يا رباه! لا يستجير بشيء عداه جل جلاله.
فلذلك من أجل نعم الله على المؤمنين أن الضراء رحمة بهم وإن كانت ألماً في الظاهر لهم، يريد أن يرفع درجاتهم، يريد أن يكفر خطيئاتهم، يريد أن يعظم لهم أجورهم في دنياهم وأخراهم؛ فيسلط عليهم هذا البلاء، لكن هذا البلاء إذا صحب بالإيمان والتسليم والتوحيد، وقوة العقيدة في الله جل وعلا أنعم الله على عبده، وجعل له العاقبة، والله يقول في كتابه: وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طـه:132] العاقبة .. المهم العاقبة والنتيجة، وليس المهم أن الآن يبتلى الإنسان، المهم ما هي الثمرة وما هي النتيجة، ولذلك ورد في الحديث أن أهل البلاء إذا نظروا ما لهم عند الله يوم القيامة من الحسنات والأجور تمنوا أن حياتهم كلها في بلاء، العبد الآن يصيبه هم وضيق نفسي وغم، فيقول: الحمد لله، اللهم إن هذا منك، اللهم اغفر لي ذنباً أوجب لي هذا البلاء، اللهم لك الحمد؛ الله يسمعك ويراك، كلماتك تسطر في صحيفة الملك لكي يصعد إلى الله، فيقول: (عبدي ابتليته فماذا قال؟ يقولون: حمدك وأثنى عليك. فيقول: ابنوا له بيت الحمد في الجنة) هذه الكلمات تقول: الحمد لله. المريض يأتيه البلاء فيقول: الحمد لله. تقول له: كيف حالك؟ يقول: الحمد لله. بقلب مليء بالحب والرضا عن الله جل وعلا لعلمه أن الذي أصابه هو الله، لعلمه أن هذا الكون ليس فيه مثقال ذرة إلا وهي تحت قهر الله وملك الله جل وعلا.
فيعلم أن هذا البلاء ليس من الشياطين ولا من الجن ولا من السحرة ولكن من الله جل جلاله بسبب الذنوب، وذنوبنا كثيرة، فقد يبتلي الله الإنسان بسبب ذنب يريد أن يكفره، فيقول العبد الموفق الصالح: الحمد لله ، اللهم اغفر لي، اللهم تب عليّ، ولذلك كان قول النبي صلى الله عليه وسلم من دعائه: (نعوذ بالله من شرور أنفسنا) لأنه عندنا زلات في اللسان، وفي السمع، وفي البصر، وفي القدم، وفي اليد، زلاتنا كثيرة فالله يبتلينا بمثل هذا البلاء.
فأنا أقول: هذا الابتلاء ينبغي للإنسان بمجرد أن يجده أن يجعل أمام عينيه أن لا مفر من الله إلا إلى الله، ومن اعتمد على غير الله جل وعلا أو تعلق بشيء سوى الله معتقداً أنه ينفعه أو يضره فقد أشرك مع الله جل جلاله، ينبغي على الإنسان أن يعلم أنها مزلة الأقدام، وأنه إذا أشرك بالله جل وعلا فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق، لا ينفع ولا يضر إلا الله جل جلاله (من أتى عرّافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) كما ثبت في الحديث الصحيح. لا تذهب إلى ساحر ولا إلى كاهن فلن يغني أحد غير الله عز وجل لك من الله شيئاً، انطلق من الأساس وهو كثرة الاستغفار.
الوصية الثانية في علاج البلايا: كثرة الصدقات؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الصدقة تطفئ غضب الرب) كثرة الصدقات سبب، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح أن الشمس عندما أكسفت أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصدقة والاستغفار، وقرن بين الصدقة والاستغفار، قال بعض العلماء : في هذا دليل على أن هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن الإكثار من الصدقات عند البلاء سبب في رحمة الله جل وعلا للعبد.
الجواب: تعلق الناس بغير الله مصيبة عظيمة، وثلمة في الدين، ولذلك الواجب هو التناصح، وعدم إهمال هذا الأمر، وينبغي على كل إنسان أن ينصح من يعلم أنه يذهب إلى العرافين أو المشعوذين من أجل أن يدفعوا أو يتسببوا فيما يزعم أنهم يفعلونه لقاء بلائه وعنائه.
فأوصيكم إخواني بأداء النصيحة والتوجيه لمن يذهب، ولذلك ورد في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أتى أمثال هؤلاء فقد كفر بما أنزل على محمد والعياذ بالله، فالأمر عظيم، مزلة قدم، وموجبة لسخط الله جل وعلا على الإنسان.
أما القضية الأخيرة التي أحب أن أنبه عليها: من أصابه هم وغم، فليكثر أولاً من الاستغفار، وثانياً: يحاول أن يكون قريباً من رياض الصالحين ومن حلق الذكر؛ لأن الذي فيه مس أو عناء الغالب أن سلطان الشيطان يضعف في بيوت الله جل وعلا، يكثر من غشيان حلق الذكر ومجالس الصالحين، ولذلك ورد في الحديث الصحيح أنها تتنزل عليه الملائكة، والشيطان يفر من الملائكة، قال: إِنِّي أَرَى مَا لا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ [الأنفال:48] قال ابن عباس : [رأى جبريل ومعه الملائكة يوم بدر ، وكان يحرض المشركين على القتال حتى وصلوا إلى بدر ، فلما بلغ قبل العدوة نكص على عقبيه] كان يحرضهم طيلة الطريق أكثر من ثلاثمائة كيلو وهو معهم، يقول لهم: أنتم المنصورون، وأنتم القاهرون، وأنتم وأنتم. حتى بلغوا مشارف الموت، لكي يروا مصارعهم، ويأتي أمر الله وقدر الله فتضرب تلك الرقاب مهينة لمعصية الله جل وعلا، فلما بلغ ذلك ورأى تنزل الملائكة نكص على عقبيه، هنا عرف قدره، أولاً: يكذب ويقول: إني معكم، إني جار لكم. حتى إذا بلغ هذا المبلغ نكص على عقبيه وقال: إني أرى ما لا ترون إني أخاف الله من شدة ما رأى من هول: تنزل الملائكة وجبريل لكي تقاتل مع أولياء الله جل وعلا، ولذلك من به مس إذا تليت عليه آيات الكتاب ماذا يفعل؟ يصرع مباشرة؛ لا يستطيع، سلطان القرآن على الشياطين قوي، ولذلك ينبغي للإنسان أن يكثر من تلاوة القرآن، فقد ذكروا عن رجل أنه هدده ساحر والعياذ بالله أن يعمل له عملاً، وكان قوي العقيدة في الله جل وعلا، وهو من طلبة العلم. يقول: فحبست عن أهلي فألهمني الله عز وجل، ما أصبحت عندي إلا كثرة الصلاة والدعاء وتلاوة القرآن، ما اشتكيت إلى أحد، ولا ذهبت إلى عراف ولا إلى ساحر، ولكن إلى الله جل جلاله أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ [النمل:62] من الذي يجير ولا يجار عليه سبحانه عز جاهه وتقدست أسماؤه!
يقول: ما مضت قرابة نصف سنة حتى ذهب عني جميع ما أجده، ذهب عن هذا الموفق، فبعد فترة يخبرني يقول: إن هذا الساحر يقول له: كيف حالك مع فلان؟ وكان هذا الساحر يربط الناس -والعياذ بالله- عن أزواجهم، قال: عذبني هذا من كثرة تلاوة القرآن، لأنه لا يستطيع أحد أن يقف أمام كتاب الله جل وعلا كالشهب على الشياطين كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ [هود:1].
وجعل الله فيه رحمة الدين والدنيا والآخرة، ولذلك أي هم أو غم يصيبك عليك أن تتلو آية من كتاب الله حتى ترى العجب، فيه الرحمة، وفيه اليسر، نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أهله، وأن يحشرنا وإياكم في زمرتهم والله تعالى أعلم.
الجواب: أولاً: الحمد لله الذي منّ عليك بالتوبة والهداية، وشرح صدرك لسلوك سبيل محبته ومرضاته. أوصيك أخي بحب الله، فإذا أحببت الله جل وعلا أنعم عليك، ألا وإن من حب الله الذي يزيدك الله به ثباتاً على الهداية أن تشكره على هذه النعمة، فتقول: الحمد لله والشكر لله أنه لم يدركني الموت وأنا على هذه الملهيات والمغريات والشهوات المهلكات، فاحمد الله عز وجل على نعمته.
الوصية الثانية التي أوصيك بها: إن كثرت عليك هذه المشاهد فأوصيك بكثرة ذكر القبر والموت، فما هذب سلوك الإنسان شيء أعظم -بعد توفيق الله جل وعلا وهدايته- من ذكر القبر والموت والحشر والنشر، والسؤال والصراط، أكثر من ذكر الآخرة فإن الموت نغص على أهل اللذات لذاتهم، والموت قطع أهل الشهوات عن شهواتهم، أكثر من ذكر تلك اللحظة الأخيرة من هذه الحياة، والله مهما بلغ من معصية الإنسان إذا تذكر أنها ستمر عليه هذه اللحظة التي لا يدري متى زمانها ولا يدري أين مكانها هانت عليه الدنيا وما فيها، وتذكر أنه سيمر عليه مثل هذه اللحظة وأنت ضجيع القبر والبلى لا مال ولا بنون، ولا عشيرة ولا أقربون، وأنت مرهون بما كان ويكون من أمر الله جل وعلا، فأكثر من ذكر الآخرة فإن الله يقوم بها سلوك المؤمن ويحفظه من الزلل.
والأمر الثالث: أوصيك بوصية هي من أفضل الوصايا في مثل هذه الأمور: كثرة الدعاء، أكثر من الدعاء فإن الدعاء سلاح المؤمن، القلوب بين أصبعين من أصابعه سبحانه وتعالى، ولذلك أكثر من دعائه وسؤاله أن يصرف قلبك عن هذه الشهوات وهذه المناظر والملهيات فإن الله يفعل، فإن أمر الله كن فيكون،ولذلك قال الله جل وعلا: وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ [الأنفال:24] فالله يحول بين المرء وقلبه، ولذلك ينبغي للإنسان أن يكثر من دعاء الله جل وعلا، ويسأل الله جل وعلا أن يصرفها عنه، وبإذن الله ستجد من الله فرجاً ومخرجاً.
أخي في الله! إن هذا الذي تجده الآن من تعلق قلبك بما مضى، وتحس في بعض الفترات يمر عليك طيف من خيالها امتحان وابتلاء واختبار من الله جل وعلا، الله يريد أن يختبرك الآن، فإن حن الإنسان إلى الماضي كان ناقصاً في هدايته، وناقصاً في إيمانه على قدر حنينه، ففر إلى الله وأنت إذا جاءتك تبكي وتشتكي وتتألم وتضيق عليك الدنيا كان هذا الضيق وهذا الهم الذي يصيبك في ميزان حسناتك؛ لأنه كما أن للأيدي والألسنة أعمال فللقلوب أيضاً أعمال، فلذلك مقتك لهذه الصور عندما تتذكرها وتتألم منها وتكثر من الاستغفار عند ذكرها فإن الله جل وعلا يثيبك عليه.
والوصية الأخيرة: إذا مر بك طيفها اذكر الله، وأرجو من الله جل وعلا إذا فعلت ذلك أنه لا يعود.. لماذا؟ لأن طيفها جاءك من الشيطان، فالشيطان يريد أن يذكرك هذا الماضي حتى تحن إليه، فإذا وجدك صادقاً بمجرد ما يذكرك بها تذكر الله ما يأتيك؛ لأنه لا يريد ذكر الله جل وعلا، فأكثر من ذكر الله، وكن مع الله جل وعلا، بمجرد ما تذكرها قل: أستغفر الله. وإذا ذكرتها يتفطر قلبك على التفريط في جنب الله، ويكون عندك حزن على ما أنت قادم عليه من الآخرة.
أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يصرف قلبك عنها، وأن يجعل لك الفرج منها، والله تعالى أعلم.
الجواب: من أعظم الوسائل: سؤال الله عز وجل والدعاء، سل الله جل وعلا أن يجعلك من أهل قيام الليل؛ فإن أهل قيام الليل هم الصالحون وعباد الله المتقون، وأولياؤه الذين يذكرونه بالأسحار إذا نامت الأنظار، وتوارى الإنسان عنها، وأصبح في الدعة والسرور قام بين يدي الله يناجيه ويناديه، سل الله عز وجل أن يجعلك من أهل قيام الليل.
الوسيلة الثانية التي تعين على قيام الليل: كثرة ذكر الآخرة أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ [الزمر:9] هذا أول شيء، إذا أردت أن تكون من أهل قيام الليل أكثر من ذكر الآخرة والخوف من الآخرة؛ فإن الله يحيي بهذا الخوف ليلك، فتصبح في خوف مما أنت قادم عليه فتقوم تركع أو تسجد أو تستغفر أو تتلو كتاب الله جل وعلا: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ [الزمر:9] القنوت: قيل: ملازمة الشيء، وقيل: الذكر أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ [الزمر:9] إذاً أول شيء هو الخوف من الآخرة، وقال تعالى: تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ [الزمر:16] ماذا؟ خَوْفاً أول شيء الخوف تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ [السجدة:16] فإن أردت أن يجعلك الله من أهل قيام الليل فهيئ في نفسك الخوف من الله؛ حتى يجعل الله فيك شوقاً للنجاة، والذي يخاف الله جل وعلا يوفقه الله لقيام الليل، ويكون قيام الليل سهلاً ميسراً عليه، نسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم منهم.
الأمر الرابع الذي يعين: الأخذ بالأسباب، ومنها قراءة سيرة السلف الصالح رحمة الله عليهم، والصحابة رضوان الله عنهم، فهذه من الأمور التي تحيي في القلوب حب قيام الليل، وإذا أحببت قيام الليل حرصت عليه.
كذلك أيضاً من الأسباب التي تعين على قيام الليل الآتي:
إياك والسهر بعد العشاء، يكفي الدنيا من بعد الفجر إلى صلاة العشاء، ما يكفي الإنسان الدنيا هذا كله وهو في دنياه يسرح ويمرح؟ بعد العشاء -يا أخي- اقفل باب بيتك، وتوضأ وقم بين يدي ربك، والله يمكن الجزء ما يأخذ منك ثلث ساعة، جزء من كتاب الله جل وعلا، الحرف بعشر حسنات، تقرأ الصفحة آلاف الحسنات تكون لك، وهي لا تأخذ منك خمس دقائق تجارة وغنيمة وفوز وربح، بمجرد أن تصلي العشاء، الآن كثير منا يجلس مع ضيفه أحياناً ثلاث ساعات بعد صلاة العشاء ولا يستكثرها ولا يشعر بها من حلاوة الضيف! فكيف بحلاوة مناجاة الله جل وعلا؟! إذا لم تستطع قيام آخر الليل بعد صلاة العشاء توضأ يا أخي! وخذ كتاب الله، إن كنت تحفظ اقرأ من حفظك، وإن كنت لا تحفظ فخذ كتاب الله ولو تقرأ بالنظر، وهي ساعة تفرغ فيها لذكر الله جل وعلا، واذكر ما فرطت فيه في يومك، تستغفر، تذكر، تسأل الله عز وجل خير الدين والدنيا والآخرة، وتسأل الله لك ولوالديك.
فهذه من أهم الأمور، الأخذ بالأسباب، قيام الليل يحتاج إلى جهاد، يحتاج إلى رجل كامل الرجولة في إيمانه، فإذا أخذت بهذه الطريقة نظر الله إليك كل ليلة، وهذا أمر لا تفرط فيه مهما كان، قيامك لليل إذا ابتدأت القيام بعد صلاة العشاء تحافظ عليه يصبح أعز عليك من طعامك وشرابك، اليوم الأول تراه كالجبل، واليوم الثاني كنصف جبل، واليوم الثالث أحب إليك -والله- من أهلك وولدك، حتى أنك تضيق لو أن أحداً قال لك: تعال افعل كذا أو احصل على كذا بعد هذا؛ من لذة وحلاوة طاعة الله جل وعلا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ذلك الرجل.
فإن استطعت أن تفعل هذا فإن الله قد يحب ويجل منك هذا العمل، فيوفقك إلى قيام نصف الليل، ثم يجل منك هذا حتى تصبح من أهل قيام الثلث الآخر، فينعم الله عليك فتكون ممن قام الليل وكتب من الذاكرين.
أكثر من قيام الليل فإن الله عز وجل يشرح به الصدور، وينير به القلوب، حتى قال بعض أهل العلم: إن من أعظم أسباب النجاة من عذاب الآخرة قيام الليل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر حديثاً طويلاً في الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنه في قصته مع الملك أنه رضي الله عنه عندما قص الرؤيا - قصتها حفصة، أخته، أم المؤمنين عن النبي صلى الله عليه وسلم- قال عليه الصلاة والسلام: (إن أخاكِ رجل صالح فليعني على نفسه بكثرة السجود في الليل) قالوا: إن هذا يدل على أن قيام الليل من أعظم الأسباب التي تذهب روع الآخرة وخوف الآخرة. نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم من أهل قيام الليل، والله تعالى أعلم.
الجواب: نجمل هذا الواجب في أمور:
أولها: أن تكون قدوة في مجتمعك، أول ما يفكر فيه الشاب الصالح الموفق الذي يريد هداية الناس ويريد الخير للناس: أن يكون قدوة، أول ما تفكر فيه صلاح نفسك، وتحمل نفسك على طاعة الله ومحبة الله حتى تكون إمام خير، ولذلك قال تعالى: وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ [السجدة:24] أول ما يفكر فيه الشاب الصالح الموفق أن يكون قدوة للغير، ولذلك ما أوحى الله إلى نبيه الكتاب ولا أنزل إليه إلا بعد أن أصبح إماماً وقدوة لمجتمعه، كانوا يسمونه الصادق الأمين صلوات الله وسلامه عليه.
تكون قدوة في صلاحك وطاعتك لله جل وعلا، وقدوة في أخلاقك ومعاملاتك للناس، تحاول قدر استطاعتك داخل مجتمعك، وأقرباؤك وجيرانك وأهلك لا بد أن يلمسوا أن هذه الهداية غيرت من حياتك، فالكبير يراك تجله، والصغير يراك توقره، ويرى فيك رحمة الهداية، فتكون كأنك طبيب تأخذ الناس إلى محبة الله ومرضاة الله، تداوي القلوب بكلام الله علام الغيوب، أول ما تفكر فيه أن تكون قدوة في نفسك، وكم من قدوة صالح دعا الناس بأخلاقه وأعماله قبل أن يدعوهم بقوله، قال بعضهم: كونوا دعاة وأنتم صامتون، قالوا: كيف ندعو ونحن صامتون؟ قال: ادعوا الناس بأخلاقكم وسمتكم قبل أن تدعوهم بقولكم، فالدعوة بالقدوة الصالحة.
النقطة الثانية أخي في الله: النصيحة والموعظة الحسنة، وتختار لها الوقت المناسب والأسلوب المناسب، فإذا رأيت جاراً على زلة تختار أفضل الأوقات لزيارته أو تدعوه إلى زيارتك، ثم تكلمه كلمة المشفق من كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أوصيك ألا تخرج كلمة منك وأنت تنصح أو تعظ إلا وأنت ترجو الله والدار الآخرة، الكلمة الصادقة والنصيحة الخالصة لوجه الله لا يمكن أن تذهب سدى، لا بد أن تقع في القلوب ولا بد أن تؤثر في القلوب إن عاجلاً أو آجلاً، كن صادقاً ليس هدفك إلا نجاة العبد، لا تنطلق حمية ولا غيرة، بعض الأحيان يرى الرجل أخاه على منكر فيقول: فضحتنا، فعلت بنا، فعلت بنا. إذاً ما هو الدافع لإنكار المنكر؟ الحمية، العصبية، لكن حينما ينطلق مشفقاً عليه من عذاب الله، يقول: يا أخي! اتق الله، يا أخي! إني أخاف عليك عذاب يوم عظيم! يذكره بالله جل وعلا؛ يجد لهذه الموعظة والنصيحة أثراً، فكن صادقاً مع الله في نصح الناس وتوجيه الناس.
ومما يعين على الصدق أن تعلم أنه إذا ترك هذا الحرام أجرت على تركه، وأنه إذا فعل هذه الطاعة والله ما فعلها يوماً من الأيام في سواد ليل أو ضياء نهار إلا كان لك مثل أجره، فهذه غنيمة وتجارة رابحة، نسأل الله العظيم أن يجعلنا وإياكم منها.
واعلم -أخي في الله- أن مهمتنا البلاغ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ [الغاشية:22] أقم حجة الله على عباد الله، فإن خرج الأمر إلى الاستهزاء والسخرية فاصبر، أوصيك بأمرين:
أولاً: ألا تتألم لسخرية الساخرين، واستهزاء المستهزئين.
ثانياً: إياك أن تجاري أهل الجاهلية في جاهليتهم، إذا جئت تنصح أي شخص فوجدته يستهزئ أو يتلاعب فكف عنه وأعرض عن الجاهلين، فإنه إذا رآك لا تجاريه في جاهليته علم أن هدفك هو النصح والتوجيه. فنسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا وإياكم الإخلاص، وأن يجعلنا وإياكم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، والله تعالى أعلم.
الجواب: باسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
نعم. هذا كان في شريط صلاح المرأة، والسبب أني كنت أعتمد على حديث أسماء رضي الله عنها حينما أناخ النبي صلى الله عليه وسلم بعيره لكي تركب، وله أصل كما ثبت في الصحيح من قصة عائشة رضي الله عنها مع صفوان بن المعطل في قصة الإفك؛ لأنه كان قائد بعيرهم، ولكني عندما نظرت إلى فساد الناس وتذرع الكثير بهذه الفتوى إلى مسألة ركوب النساء مع السائق الأجنبي، ووجود الفرق بين الصورتين؛ لأن البعير الخلوة فيه ليست كالخلوة في السيارة الموجودة الآن، رأيت أن الأقرب إلى الصواب هو المنع من هذا الأمر، ولذلك أعدل عن القول بهذه الفتوى، وقد عدلت عنها منذ عام، ورأيت أن أقرب الأقوال إلى الصواب هو المنع من هذا إلا في حالات الضرورة وهو محل اتفاق بين أهل العلم رحمة الله عليهم، لحديث أم سلمة الثابت في قصة هجرتها لما هاجرت رضي الله عنها دون محرم.
فالمقصود: أن هذا القول أفتى به غير واحد من أهل العلم رحمة الله عليهم أنهم يجيزون قضية ركوب المرأة على بعيرها، وقيادة الأجنبي لها، هذا محفوظ وموجود، والسنّة دالة عليه كما في الأحاديث التي ذكرناها، مثل حديث صفوان بن المعطل، وحديث أسماء رضي الله عنها، ولكن هناك فرق بين السيارات الموجودة الآن وبين الركوب على البعير، والفرق واضح؛ ولذلك أرى أن فقه الفتوى هو المنع من هذا ما أمكن، وعدم جوازه إلا في حال الاضطرار، وجزاك الله خيراً على هذا، ولذلك أحب التنبيه على هذه الفتوى في شريط صلاح المرأة، ولا يتذرع بها، ونسأل الله العظيم أن يلهمنا السداد والرشاد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر