بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، ومرحباً بكم في حلقة جديدة, أسأل الله عز وجل أن يسددنا ويوفقنا، وأن يلهمنا الصواب فيما نقول ونفعل.
وأبدأ بالأسئلة التي جاءت كتابة عبر الشريط الأخضر:
السؤال: ما حكم أخذ المال من أبي وأمي دون علمهم، وأخذ الرصيد؟
الجواب: يا أخي! أو يا أختي! ( لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه ), هكذا يقول نبينا عليه الصلاة والسلام، وفي القرآن الكريم: لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ[النساء:29]، وفيه: وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:188], لا يجوز للولد أن يأخذ من مال أبيه أو من مال أمه دون إذن منهما، لكن على العكس يجوز للأب والأم إذا احتاجا أن يأخذا من مال الولد بغير إذن؛ لأن الولد وماله لأبيه.
السؤال: إذا رأى الإنسان تحسناً في حاله، ونسي أن يقول: ما شاء الله، وأصيب بالعين، فماذا يفعل؟
الجواب: عليه أن يستعمل الرقية, إذا رأى الإنسان شيئاً يعجبه من نفسه أو من غيره فليبرك، فليقل: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، أو ليقل: ما شاء الله تبارك الله، ونحو ذلك، يعني: يذكر الله عز وجل فيذهب الله عز وجل أثر العين، لكن لو أن الإنسان ما ذكر الله فإنه قد يصيب بعض ماله, يصيب سيارته, يصيب بيته, أو يصيب ولده أو زوجه ونحو ذلك ممن لا يكره، ولذلك مطلوب منا دائماً إذا رأى أحد ما يعجبه أن يجري ذكر الله على لسانه، من أجل أن يصرف الله أثر العين.
السؤال: هل من حق شخص عقيم أن يتزوج دون إخبار الشخص الآخر؟
الجواب: لا ليس من حقه, إذا ثبت بأنه عقيم وأخبره الأطباء الثقات بأنه لا أمل له في أن يرزق بذرية بحسب قوانين الطب، وإلا فالغيب لا يعلمه إلا الله, ففي هذه الحالة لا بد أن يخبر؛ لأن كل عيب ينفر أحد الزوجين من الآخر فلا بد من الإخبار به؛ لأن مقتضى الحياة الزوجية أن تكون قائمة على الصدق، والوضوح، والإخبار بالعيب, والإخبار بالعيب مطلوب حتى في المبيع، لو أن إنساناً أراد أن يبيع لآخر قلماً أو كوباً، فلا بد أن يصدق ويبين، ( فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ).
وعلماؤنا رحمهم الله كانوا ينصون على العيوب المتعلقة بالفرج أو بالعقل أو ما يشبه ذلك. يقولون: العيوب المشتركة: الجنون، والبرص، والجذام، هذه مشتركة بين الزوجين.
وأما بالنسبة للرجل فالعنة، والجب، والخصاء، وبالنسبة للمرأة: العفل، والقرن، والبخر، والفتق، هذه عيوب ذكروها، لكن بعض المحققين من العلماء ومنهم الإمام أبو عبد الله بن القيم قال: كل عيب تحصل منه نفرة أحد الزوجين من الآخر فلا بد من الإخبار به، وهذا هو الذي يظهر والعلم عند الله تعالى.
السؤال: هل يجوز لي الاتصال هاتفياً بمطلقتي خلال فترة العدة؟
الجواب: نعم، يا أخي! المطلقة الرجعية خلال فترة العدة هي في حكم الزوجة، ولذلك لو مت عنها ورثتك، واعتدت منك عدة الوفاة، ويجوز لك أن تراجعها متى ما شئت بشرط إرادة الإصلاح؛ لأن الله تعالى قال: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا [البقرة:228], فلذلك لا مانع من أن المطلقة في فترة العدة تعد لك طعامك، وتهيئ لك فراشك، وترتب ثيابك، وتدخل عليها: قائلاً: السلام عليكم، فترد: وعليكم السلام، وتجلس هي بملابس البيت، هذا كله لا حرج فيه إن شاء الله.
ولا بد أن ننبه هنا بأن الطلاق إذا وقع فلا يجوز للرجل أن يخرج الزوجة من البيت، ويقول لها: اذهبي بيت أبيك، ولا يجوز للمرأة كذلك أن تبادر بالخروج، ولا يجوز لأهلها أن يأتوا بمجرد علمهم بأن الطلاق قد وقع فيحرضونها على جمع حاجياتها وترك البيت؛ لأن الله قال: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا [الطلاق:1].
فبقاء المطلقة في بيت الزوجية خلال فترة العدة التي هي ثلاثة قروء، أو إذا كانت حاملاً إلى أن تضع حملها، خلال هذه الفترة لا ندري لعل الله عز وجل يؤلف بين القلوب، ويزيل أسباب الشحناء، ويحصل الندم من قبل الزوج، ومن قبل الزوجة، وهي أمام ناظريه يحصل التقارب، ثم بعد ذلك يحصل ما يحبه الله من المراجعة والصلح، وَالصُّلْحُ خَيْرٌ [النساء:128].
أما إذا خرجت الزوجة بمجرد حصول الطلاق، ثم بعد ذلك غضب أهلها، ولربما أسمعوا الزوج ما يكره، وهو أيضاً لعله حصل منه شتم وسب وما إلى ذلك، فالرتق يتسع، والمشكلة تكبر، ويصعب الحل بعد ذلك؛ ولذلك أنا أقول: شريعة الطلاق هذه شريعة محكمة، وما جعل ربنا جل جلاله الطلاق إلا علاجاً لمشاكل قد استعصت، وأمورٍ قد استفحلت، لكن لا ينبغي لنا أن نسير في الطلاق بأهوائنا، بل نسير بما شرع ربنا جل جلاله، وما سن نبينا عليه الصلاة والسلام, التسريح يكون بإحسان: فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229], لا يسمع الزوجة ما تكره، ولا يفتري عليها الكذب، ولا يرميها بما هي بريئة منه، وكذلك الزوجة تتقي الله عز وجل، ولا تكشف سر زوجها، ولا تفتري عليه، ولا ترميه بما هو منه بريء، بل الناس مثلما عاشوا بالمعروف، كذلك يفترقون بالمعروف، ويراعون حدود الله عز وجل.
المتصل: لدي سؤال: أنا زوجة أطفال ثلاثة، وأعامل زوجي بشرع الله معاملة طيبة، ويشهد الله بيني وبينه، لكن ما لقيت منه أي احترام ولا تقدير، وعندما كان عنده نية زواج بأخرى كان دائماً يشاكس ويتغير علي، على أساس أنه يريد أن يتزوج وأنا كنت غير مدركة لذلك، كنت أظن أن تغيره بسبب تعب الشغل، فما رأيكم في ذلك؟
الشيخ: شكراً.
المتصل: أنا رأيت رؤيا منامية عن شخص، فاتصلت عليه وأخبرته بما رأيت، فما رأي الدين فيما فعلت؟
الشيخ: شكرا.
المتصل: لدي سؤالان:
السؤال الأول: أنا أدرس في خلوة، ونحن نحفظ القرآن، فهل يجوز لي مس المصحف من دون وضوء، أم كلما أردت القراءة منه لا بد أن أتوضأ؟
السؤال الثاني: احتجت مرة، فأخذت ثلاثة جنيهات من شخص وهي حالياً بستة جنيهات, وأنا أريد أن أرجعها، فهل أرجعها بقيمتها التي هي ستة جنيهات، أو أرجعها بثلاثة جنيهات؟
الشيخ: طيب, شكراً.
المتصل: يا شيخ عبد الحي ! أنا أخذت من أختي وأمي مبلغاً يقدر بأربعمائة جنيه، لإزالة حبوب في وجهي، فلما أخذته قلت: الصدقة أحسن لي، فوضعته في بناء مسجد بدون أن أعلمهن، فما حكم ذلك؟
الشيخ: طيب.
المتصل: القروض التي يأخذها الشخص على أساس أنها قرض من البنك, وتكون فواتير للحاجة التي أنت تريدها ويكون فيها فوائد مثلاً، يقول لك: عندهم ربح مثلاً 2% أو 3%، مثلاً أعطوك عشرة ملايين يأخذون الفائدة وهذه الزيادة، فهل في هذه الفائدة شيء؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: أريد أن أسأل عن أنواع التنكيس، وهل يعتبر في الصلاة وفي القراءة أيضاً؟ وإذا كنا في حلقة وكنا نقرأ، وجاءت واحدة متأخرة وما حضرت معنا، فواصلت من حيث وقفنا، فهل يعتبر هذا تنكيساً؟
الشيخ: طيب.
المتصل: لدي سؤالان:
السؤال الأول: أسألك عن التوبة، وخصوصاً المعاصي التي أنا عملتها من قبل، هل كلها تغفر، أم هناك ذنوب تغفر، وذنوب لا تغفر؟
السؤال الثاني: لي بنت كانت عندي، فلما تزوجت الثانية قالت أمي: اتركها عندي، فهل لا زلت مسئولاً عنها، أم المسئول عنها أمي؟
الشيخ: أختنا صباح من سنار تذكر بأنها متزوجة ولها من الأطفال ثلاثة، وأنها تتقي الله في زوجها وتعامله بالحسنى وتؤدي إليه حقوقه، ثم بعد ذلك هو أراد أن يحدث نكاحاً، أراد أن يتزوج فلجأ إلى إساءة معاملتها والنرفزة وضيق الصدر وما إلى ذلك؟
فنقول: ينبغي أن نفصل بين الأمور, الزواج الثاني شريعة ربنا، وما شرعه ربنا جل جلاله إلا لأن فيه مصالح عظيمة، ويترتب عليه فوائد للفرد وللمجتمع، لكن من أراد أن يتزوج بثانية فليتق الله، ولا يظلم الأولى، ولا يسئ إليها ولا يفتعل مشكلات من أجل أن يقول: من أجل هذا تزوجت، وإنما يعاملها بالحسنى، ويؤدي إليها حقوقها ويعدل معها، بل يحسن إليها، والإحسان منزلة فوق العدل، يعني: لا يكتفي بمجرد العدل، بل يجبر كسر قلبها؛ لأن الإنسان إذا تزوج، لا شك أن المتزوج عليها تتضرر ويضيق صدرها بهذه الفعلة، وإن كانت مشروعة مأموراً بها، لكنه يحسن إليها، ويترفق بها، ويتلطف معها، ويتقي الله عز وجل فيها، هذا هو المطلوب من الزوج.
لكن على كل حال نقول: المرأة التي تحسن إلى زوجها وتتقي الله فيه، عليها أن تعلم بأن الله لن يضيعها، فالله عز وجل لا يضيع عمل عامل، والله عز وجل لا يظلم مثقال ذرة، والجزاء من جنس العمل، مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيًّا وَلا نَصِيرًا [النساء:123]، وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا [النساء:124]، وفي الآية الأخرى: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النحل:97] حياة طيبة في الدنيا والآخرة؛ ولذلك على الإنسان ألا يأسى لأنه قد أحسن، بل الإحسان جزاؤه الإحسان عند الله عز وجل، لو أن الزوج أحسن إلى زوجته، فقابلت ذلك بأن أنكرت معروفه وأساءت عشرته، فالله عز وجل لن يضيعه، وكذلك الزوجة لو أحسنت إلى زوجها واتقت الله فيه، وأطاعت أمره، وحفظت سره، وقامت بما أوجب الله عليها نحوه، ثم بعد ذلك لم يقابل الزوج المعروف بمثله، بل كان منه اللؤم، فالله عز وجل لن يضيعها.
الشيخ: أما الأخت نون من كسلا فقد ذكرت بأنها رأت في المنام شيئاً، ثم أخبرت من رأت بحال الذي رأته.
نقول: لا حرج إن شاء الله، لو أن الإنسان رأى شيئاً فأخبر به فليس فيه حرج إن شاء الله، اللهم إلا إذا كان في ذلك ما يؤذي فلا ينبغي أن يقال؛ لأن الله تعالى قال: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا [البقرة:83]، ولا ينبغي لمسلم أن يروع مسلماً، يعني مثلاً: لو أني رأيت في المنام شخصاً قد مات، لا أذهب إليه وأقول له: أنا رأيت في المنام بأنك قد مت، أو رأيت شخصاً في المنام بأنه مصاب بكسور ورضوخ ورضوض وكذا، لا أذهب له وأقول له: إني رأيتك في المنام وقد شج رأسك، وخمش وجهك، وفقئت عيناك، وجدع أنفك، وبقرت بطنك و.. و.., لا، هذا كلام يؤذيه، وإنما يمكن أن أسأل من يعرفون تأويل الرؤى، أقول له: أنا رأيت شخصاً في المنام حاله كذا وكذا، فإذا كان التأويل حسناً وأنا أثق بتأويله أرجع إلى ذاك الذي رأيت وأبشره، أما إذا كان شيئاً يسوء فلا ثم لا ثم لا، فإن نبينا عليه الصلاة والسلام ما كان يواجه أحداً بشيء يكرهه، عليه الصلاة والسلام.
الشيخ: أما أميرة أحسن الله إليها من شرق النيل فقد ذكرت أنها تدرس القرآن في خلوة.
أقول: أنا أبشرها بحديث عثمان عليه من الله الرضوان: ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه ), فأنت على خير يا أميرة ! ما دمت بكتاب الله متصلة، وفي تعليمه لوقتك باذلة، أنت على خير وأنت داخلة في هذه الخيرية، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( لأن يغدو أحدكم إلى بطحان فيتعلم آية من كتاب الله خير له من ناقة كوماء )، كما قال عليه الصلاة والسلام.
وأما بالنسبة لمس المصحف فالأصل أنه لا يكون إلا على طهارة؛ لأن الله تعالى قال: لا يَمَسُّهُ إِلَّا المُطَهَّرُونَ [الواقعة:79], والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ( لا يمس القرآن إلا طاهر), وهذا الذي عليه الأئمة الأربعة: أبو حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد ، والحمد لله الآن الماء قريب ومتيسر، فينبغي للإنسان أن يحرص على ألا يمس القرآن إلا طاهراً، لكن رخص كثير من أهل العلم للمعلم والمتعلم, المتعلم لأنه يحتاج إلى أن يمس المصحف بصورة دائمة رخصوا له من باب التيسير، وكذلك رخصوا للمعلم، لكنني أقول: من استطاع ألا يمس القرآن إلا طاهراً فليفعل.
الشيخ: ثم تقول أختنا: بأنها قد أخذت شيئاً من أحد الناس، وهذا الشيء قيمته ثلاثة جنيهات، ثم الآن مع ارتفاع الأسعار والتضخم الذي كان، صار بستة جنيهات، يعني الضعف, تقول: هل أرد إليه ثلاثة أم ستة؟
أقول: ردي عين الشيء، لو أخذت كوباً ردي كوباً، ولو أخذت قلماً ردي قلماً، وإذا كنت لا تريدين أن تردي المثل ردي القيمة، ردي ستة جنيهات؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( خيركم أحسنكم قضاء ), وربنا جل جلاله قال: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ [الرحمن:60]، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: ( إنما جزاء السلف الحمد والأداء ).
لذلك لو أنك رددت ثلاثة جنيهات فقد أضررت بالمقرض، أو بالمعير، لكن ردي ستة جنيهات والحمد لله هو ما اشترط ولا طلب ذلك.
الشيخ: أما الأخت سها من أمبدة فقد ذكرت أنها تعاني من حبوب في وجهها.
أقول: أسأل الله عز وجل أن يمن عليها بشفاء عاجل غير آجل، وأن يجعل ما أصابها كفارة للذنوب والخطايا، وأذكرها بقول ربنا: فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا[النساء:19], الإنسان منا يكره المرض، لكن لا يدري لعل الله يجعل في المرض خيراً ولعله يصرف به سوءاً؛ ولذلك أقول لأختنا: عليك الرضا بقضاء الله، وأكثري من الدعاء ليبدلك الله خيراً.
تقول: بأن أمها وأختها قد بذلتا لها أربعمائة جنيه، من أجل أن تعرض نفسها على طبيب، وتبتاع دواء وتعالج ذلك الداء، لكنها جزاها الله خيراً آثرت الآخرة على الأولى، وبذلت مالها صدقة مساهمة في بناء مسجد؟
نقول: خيراً صنعت إن شاء الله، ولعل هذا به يشفيك الله، فإن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: ( داووا مرضاكم بالصدقة، حصنوا أموالكم بالزكاة ), فالإنسان إذا مرض يتصدق من أجل أن يأتي الله بالشفاء متى شاء.
المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: ذكرت إمام مسجد بقول الله تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللهِ[الأحقاف:5]، فقال: هذه نزلت في الكفار وليست لنا.
السؤال الثاني: عندنا شخص جاء في الركعة الأخيرة عند سجود الإمام، ثم جاء آخر فدخل في الصلاة أيضاً، فلما سلم الإمام صار أحدهما إماماً للآخر وصلوا جماعة، فما حكم ذلك؟
السؤال الثالث: هل دية المرأة في قتل الخطأ نفس دية الرجل؟
المتصل: أسأل عن قوله تعالى: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [التوبة:43]، من هم الذين عفا الرسول عنهم، ثم نزلت فيهم هذه الآية؟
السؤال الثاني: قبل أسبوعين أحد الصوفية قال: إن نبي الله موسى سوداني، وفرعون أيضاً سوداني فما رأيكم فضيلة الشيخ؟
الشيخ: طيب، شكراً.
السؤال: ما الفرق بين غسل جنابة الرجل والمرأة؟
الجواب: لا فرق إن شاء الله، كلاهما واحد، فالغسل للجنابة في حق الرجل والمرأة سواء.
السؤال: ما حكم رجل دخل المرحاض ويحمل هاتفاً نقالاً بداخله برنامج قرآن كريم مسموع ومقروء؟
الجواب: لا حرج إن شاء الله, فهو ليس مصحفاً، يعني: إنسان يحمل هاتفاً جوالاً، وفي ذاكرته قرآن مكتوب أو مسموع فلا حرج في ذلك؛ لأنه ليس مصحفاً، فهذه الذاكرة يمكن أن يمسح ما فيها ويوضع فيها غير القرآن، وهذا السؤال كان يطرح فيما مضى بالنسبة لأشرطة الكاسيت، لكن الآن صار الناس يسألون عن الهاتف الجوال، نقول: لا حرج على الإنسان في أن يدخل المرحاض والقرآن في ذاكرته وفي ذهنه سواء، ولا حرج في ذلك إن شاء الله.
السؤال: رجل له زوجتان، توفيت إحداهما وتركت مالاً، ولها أبناء صغار عند أبيهم، فكيف يوزع هذا المال؟
الجواب: الزوج يأخذ الربع وثلاثة أرباع تذهب إلى هؤلاء الأولاد، صغاراً كانوا أو كباراً؛ لأن الله عز وجل قال: وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ[النساء:12].
السؤال: أم سليمان من جبرة تسأل عن إنسان يلجأ إلى البنك، والبنك يطلب منه فواتير لسلعة معينة، فإذا جاء بها فإن البنك ينقده المال، يعطيه المال ويضع على ذلك أرباحاً، اثنين بالمائة أو ثلاثة بالمائة؟
الجواب: هذا هو عين الربا، وما إخال بنكاً يجرؤ على أن يفعل هذا الفعل هكذا صراحة، هذا لا يحصل، وإنما البنك يطلب من الإنسان أن يأتي بفواتير السلعة التي يريد، ثم بعد ذلك يذهب مندوب البنك فيشتري هذه السلع، ثم بعد ذلك يسلمها لطالبها أو للآمر بشرائها ويبيعها عليه بفائدة أو بربح اثنين في المائة أو ثلاثة في المائة أو عشرة في المائة أياً ما كان، لا مانع، وقد قال الله عز وجل: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا[البقرة:275]، يعني: لو أن إنساناً يريد أن يشتري هذا الكوب ولا يملك ثمنه نقداً، فطلب مني أن أشتريه له، فالإجراء الشرعي الذي يدل على سماحة النفس ورجاء ما عند الله أن أنظر هذا الكوب بكم؟ مثلاً بعشرة, فأشتريه، ثم أقسط عليه المبلغ العشرة، يدفعها لي على شهرين على عشرة أشهر, هذا الذي يأمر به الشرع ويرغب فيه؛ لأنه من تنفيس الكربة وتفريج الهم.
لكن البنوك ما فتحت من أجل الأعمال الخيرية، وإنما البنوك تريد عائداً يرجع إليها؛ لذلك البنوك إذا اشترت هذا الكوب بعشرة، فإنها تبيعه على الآمر بالشراء، مثلاً: باثني عشر، أو بخمسة عشر مقسطة، ولا مانع من هذا, أما لو أني أريد شيئاً فأذهب إلى البنك فيعطيني عشرة آلاف في مقابل أن أردها اثني عشر ألفاً بعد سنة مثلاً، فهذا هو عين الربا، وقد اجتمع فيه النوعان: ربا الفضل، وربا النسيئة.
الشيخ: سؤال أختنا عن أنواع التنكيس في الصلاة والقراءة؟
نقول: التنكيس إذا كان في الكلمات فهو حرام بإجماع، يعني: قول ربنا جل جلاله: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]، لو أن إنساناً قال: العالمين رب الحمد، مثلاً، وفي: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4] قال: الدين يوم مالك، فهذا حرام بإجماع، ومن استحله كفر. وكذلك تنكيس الآيات حرام بإجماع، يعني: الله عز وجل رتب الآيات فقال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:2-4]، فلو أن إنساناً قال: مالك يوم الدين، الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، هذا أيضاً حرام بالإجماع. ثم إن التنكيس يكون في داخل السورة الواحدة، بمعنى أن يقرأ الإنسان في الركعة الأولى مثلا: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286] .. إلى آخر السورة، ثم يأتي في الركعة الثانية فيقرأ: الم [البقرة:1] أو يقرأ: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ[البقرة:255]، مثلاً، فهذا مكروه.
وكذلك التنكيس بين السور مكروه، ينبغي على الإنسان أن يقرأ على ترتيب المصحف؛ لأن هذه السور بين كل سورة والتي قبلها رابط يربطها؛ ولذلك لو أن الإنسان وصل بين السورتين فإنه تتكشف له معان، كما قال الشاطبي رحمه الله:
ووصلك بين السورتين فصاحة وصل واسكتن كل جلاياه حصلا
فلو أن الإنسان وصل بين السورتين، مثلاً: خاتمة سورة الأحقاف، قال الله عز وجل: بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ [الأحقاف:35] وفاتحة سورة محمد صلى الله عليه وسلم وهي التي تليها، قال الله عز وجل: الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ [محمد:1], فلو أن الإنسان وصل بين السورتين فقال: بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ [الأحقاف:35] الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ [محمد:1], هاهنا كأن بداية هذه السورة مفسرة لخاتمة السورة التي قبلها.
كذلك ذكر العلماء من أوجه الربط، مثلاً خاتمة سورة النحل، قال الله عز وجل: وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ [النحل:127-128], ثم جاءت سورة الإسراء: سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ[الإسراء:1]، يعني: معية الله عز وجل للمتقين المحسنين، على رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم خير المرسلين, جاء مظهر من مظاهرها في رحلة الإسراء التي أكرم الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام، كذلك سورة الحجر قبل سورة النحل في آخرها قول ربنا جل جلاله: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:99]، تأتي بعدها سورة النحل: أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ[النحل:1]، وهو اليقين, أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [النحل:1].
فأقول: بأن التنكيس بين السور مكروه، وما جاء في الحديث الصحيح من أن نبينا عليه الصلاة والسلام قرأ في صلاة الليل بالبقرة، ثم النساء ثم آل عمران فإن الإمام النووي وغيره من أهل العلم قالوا: كان ذلك قبل ترتيب المصحف، أما بعد ما رتبت سور القرآن على هذا النحو المعروف فينبغي التقيد بالترتيب، اللهم إلا إذا كان هناك مصلحة كتعليم الصغار، فالصغير نبدأ له من سورة الناس، فيحفظ الناس، ثم الفلق، ثم الإخلاص، ثم المسد، ثم النصر، ثم الكافرون، ثم الكوثر.. وهكذا؛ لأن المصلحة تقتضي ذلك، نبدأ له بصغار السور قبل كبارها، كلما ختم سورة تشجع إلى التي بعدها، لكن لو بدأنا له من الفاتحة ثم البقرة ثم آل عمران سيمكث في البقرة إلى ما شاء الله، ولربما ضعفت نفسه، وفترت همته، وخارت عزيمته، لكن هذه من حكمة الله عز وجل أن تكون سور القرآن صغاراً وكباراً.
أما بالنسبة لحلقة القرآن فلا مانع، لو أن إنساناً جاء متأخراً فطلبنا منه أن يقرأ شيئاً قد قُرئ، أو أن يبدأ من غير الموضع الذي بدأ منه غيره، فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
الشيخ: وأما علي من مروي في الشمالية، فقد سأل: بأنه قد تاب من ذنوب قد أتاها، وأسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يتوب علينا جميعاً، وأن يعفو عنا، وأن يصلح فساد قلوبنا، وأن يتجاوز عن سيئاتنا بمنه وكرمه، إنه أكرم الأكرمين، وأرحم الراحمين, يقول: بأنه قد تاب إلى الله عز وجل ثم بعد ذلك بعض الناس قالوا له: هناك ذنوب تغفر، وذنوب لا تغفر.
نقول: يا علي ! أسأل الله أن يتوب علي وعليك, والتوبة تمحو الذنوب، ما كان بينك وبين الله تمحوه التوبة؛ لأن ربنا جل جلاله قال في أعظم الذنوب وهو الكفر: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ[الأنفال:38]، حتى الكافر عدو الله ورسوله، الذي سب الله، وآذاه، وجحد دينه، وكذب وحيه، لو أنه تاب ورجع إلى الله جل جلاله فإن الله يقبله ويعفو عنه، لكن هناك ذنوب تتعلق بخلق الله, الإنسان لو أنه سرق ماله, أو اغتصبت أرضه, وكذلك لو أنه فعل شيئاً مما يتعلق بالناس، سفك دماً مثلاً، فلا تقبل التوبة إلا إذا ردت الحقوق إلى أهلها؛ ولذلك الدواوين ثلاثة: ( ديوان لا يغفره الله، وديوان لا يعبأ الله به شيئاً، وديوان لا يترك الله منه شيئاً، فأما الديوان الذي لا يغفره الله، فهو الشرك )، لو أن الإنسان مات مشركاً بالله عز وجل: إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48].
( وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئاً فهو ما كان بينك وبينه من الذنوب ), لو أن الإنسان أذنب فيما بينه وبين الله، مثلاً -أجارني الله وإياكم- لو أن الإنسان شرب خمراً، فأمره إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له.
( وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئاً فحقوق الناس )، لو أني سرقت مالاً, أو انتهكت عرضاً, أو سفكت دماً, أو اغتصبت شيئاً فهذا لا يغفره الله عز وجل إلا أن يغفر أصحابه ويتنازلوا عنه, فيا علي ! تاب الله علي وعليك، تب إلى الله عز وجل من المعاصي، وإن كان ثمة حقوق فردها إلى أهلها، وأبشر بقول ربنا جل جلاله: فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:70].
الشيخ: ثم يذكر علي أنه قد رزق بنتاً ثم تزوج بزوجة أخرى، فطلبت منه جدتها، التي هي والدته أن يترك البنت لها, يقول: هل سأحاسب عليها أم الحساب على أمي؟
نقول: بل الحساب عليك وعلى أمك، كلاكما، ليس معنى إذا قالت الأم لك: اترك البنت، أن ذمتك قد برئت، لا. يجب عليك أن تنفق عليها، وأن تتفقدها، وأن توجهها، وأن تحرص على تربيتها تربية سليمة، وأن تعين الوالدة على ذلك، كذلك الوالدة، ينبغي لها أن تقوم بالمسئولية التي تحملتها، وتعلم هذه البنت الطهارة، وتعلمها الصلاة، وتعلمها مكارم الأخلاق ومحاسن العادات، وتنشئها نشأة سوية، فالمسئولية مشتركة، فلا تظنن يا علي ! أن ذمتك بريئة، وأنك تستمتع مع الزوجة الأخرى، وكفى الله المؤمنين القتال، لا بد أن تقوم بما أوجب الله عليك.
الشيخ: أخونا عوض الكريم من الدمازين، ذكر بأن إماماً أو شيخاً ذكر بقول ربنا: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5] فقال: بأن هذه الآيات في الكفار الأولين؟
نقول له: لا، فالقرآن ليس كتاباً للتاريخ، وما خوطب به الأولون مخاطب به الآخرون، والذنب الذي وقع فيه الأول لو وقع فيه الآخر فالذم يلحقه والإثم يركبه؛ ولذلك نقول بأن دعاء غير الله حرام، ودعاء غير الله شرك بنص القرآن، كما قال ربنا جل جلاله: إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ[فاطر:14]، فسماه الله شركاً وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:14]، فهذا موجود الآن، بعض الناس يقول: يا حسين ! يا حسن ! يا علي ! يا كذا أو ينادي بعض الأولياء أو بعض الصالحين، يدعوهم من دون الله عز وجل، فهؤلاء تنطبق عليهم هذه الآية بأنهم أضل الضالين، وَمَنْ أَضَلُّ))؟ والاستفهام هاهنا للنفي، يعني: لا أحد أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5], وهذا الكلام الذي قاله هذا الشيخ أو هذا الرجل لو كان صواباً، فكثير من آيات القرآن يمكن أن نقول: بأنها نزلت في كذا، وهذه نزلت في كذا، وهذه المقصود بها فلان، فيبقى بعد ذلك القرآن كتاباً نزل في أشخاص معينين، لكن من قواعد التفسير وأصوله، بأن العبرة بعموم الألفاظ لا بخصوص الأسباب.
المتصل: لو سمحت أريد أن أسأل عن سلفية المباني التي تكون بتأمين البنوك، مثلاً المبنى يكلف مائة مليون وترده بعد سنة أو بعد سنتين بقيمة أكثر؟
الشيخ: طيب, شكرا لك.
المتصل: لدي سؤالان:
السؤال الأول: نسأل عن تفسير قوله تعالى: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ[آل عمران:31] إلى آخر الآية الكريمة.
السؤال الثاني: أريد أن أعرف صيغ الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟
الشيخ: طيب أبشر.
المتصل: يا شيخنا! حصل نقاش بين امرأة وزوجها، فجاء بشهود وقال لها: أنت طالق بالثلاثة, فسألوا شيخاً، فقال لهم: لا يوجد طلاق بالثلاثة في وقته، فما معنى هذا الكلام؟
الشيخ: طيب شكراً, بارك الله فيك.
الشيخ: أخونا عبد الكريم من الدمازين يقول: بأن شخصين دخلا ولم يدركا من الصلاة شيئاً، بمعنى أنهما دخلا بعدما رفع الإمام رأسه من الركعة الأخيرة، ومذهب مالك رحمه الله أن من لم يدرك ركعة لم يدرك الصلاة، يعني: ليس له حكم المأموم، يعني: لو أن إنساناً دخل في صلاة المغرب بعدما رفع الإمام رأسه من الركوع في الركعة الثالثة، فهذا الإنسان لا يعد عند المالكية مأموماً؛ ولذلك لا حرج عليه أن يكون إماماً لغيره، أو أن يأتم بغيره، ولذلك في هذه الحالة لو دخل شخصان مثلاً والإمام في التشهد الأخير الذي بعده السلام، فلو أنهما بعدما سلم الإمام تقدم أحدهما فصار إماماً للآخر فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
الشيخ: ثم السؤال الذي بعده يقول: ما دية المرأة في القتل الخطأ؟
نقول: الذي عليه الأئمة الأربعة أن دية المرأة على النصف من دية الرجل، وفي ذلك حديث ثابت عن نبينا صلى الله عليه وسلم، وهذه إحدى المواضع التي فرقت فيها الشريعة بين الذكر والأنثى، مثلما فرقت في الميراث، فقال الله عز وجل: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ[النساء:11]، وفرقت في الشهادة، فقال الله عز وجل: فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ[البقرة:282]، كذلك هاهنا بالنسبة للدية فرقت بين الرجل والمرأة، وهناك من أهل العلم من يرى أن ديتهما سواء، وهذا الذي أخذ به القانون الجنائي المطبق في هذه البلاد.
الشيخ: أما أخونا عثمان من مدني، فقد سأل عن قول ربنا جل جلاله: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ [التوبة:43] في خطاب نبينا عليه الصلاة والسلام، يقول: من هؤلاء الذين أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم؟
نقول: هذه الآية نزلت في شأن غزوة تبوك، جاء جماعة من المنافقين، فيهم عبد الله بن أبي ابن سلول و معتب بن قشير و الجلاس بن سويد و مخشي بن حمير ، فتعللوا بأعذار واهية، ومثلما قال بعضهم: ( يا رسول الله! ائْذَنْ لِي وَلا تَفْتِنِّي)) قد علم قومي أنه لا أحد أشد شغفاً بالنساء مني، فإني أخشى لو رأيت نساء بني الأصفر ألا أصبر عنهن، فأذن لي ولا تفتني، فالنبي صلى الله عليه وسلم عاملهم بظواهرهم، ووكل إلى الله سرائرهم، وأذن لهم )، فعاتب الله نبيه عليه الصلاة والسلام، قال له: عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ [التوبة:43]، وبين أن المؤمنين لا يستأذنون: لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ * إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَارْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ [التوبة:44-45] .
الشيخ: ثم يقول: بأن شخصاً ما زعم بأن نبي الله موسى كان سودانياً، وأن فرعون كان سودانياً.
أقول: هذا هراء، وهو قول ليس له قيمة، ولا يترتب عليه عمل، وليس هو إلا مجرد كلام، ومثل هذا قد طواه القرآن، وما التفت إليه، والقرآن الكريم حين يقص القصص لا يعنى بذكر الزمان ولا المكان في الغالب، بل لا يسمي الأشخاص في الغالب، وإنما المراد العبرة، لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى[يوسف:111].
أما أن يشغل الإنسان الناس بمثل هذا الكلام، بأن موسى كان سودانياً أو كان كذا، فهذا الكلام لا يترتب عليه شيء، وأما فرعون فإنه لو كان سودانياً فإنه والله لا يشرفنا أن يكون فرعون سودانياً، فأبعده الله حيث كان، ونسأل الله أن يرزقنا الاقتداء بأنبيائه ورسله صلوات الله والسلام عليهم.
السؤال: الأخت أم محمد سألت عن سلفية المباني؟
الجواب: سلفية المباني إذا كانت قائمة على أن البنك يقوم بشراء المواد ثم بيعها على من يريد فلا إشكال، وإذا كان هناك عقد استصناع أيضاً فلا إشكال، وأما أن يعطي مالاً ثم يسترده بأكثر منه، فهذا هو عين الربا.
السؤال: وأما أخونا محمد من الدخينات، فسأل عن تفسير قول ربنا: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31].
الجواب: الآية واضحة في أن محبة النبي صلى الله عليه وسلم شرط في الإيمان، وأن لهذه المحبة علامة وهي الاتباع، يعني ليست المحبة عين الاتباع، وإنما الاتباع دليل على المحبة، فمن أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم تابعه، وكلما زادت المحبة زادت المتابعة.
الشيخ: أما صيغة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم فتجدها في كتب الأذكار، وهي ثابتة من رواية أبي حميد الساعدي و أبي هريرة وغيرهم رضوان الله عليهم أجمعين.
الشيخ: أما الأخت التي سألت عن الطلاق بالثلاثة؟
نقول: هذه ترجع إلى المحكمة.
أسأل الله عز وجل أن يجمعنا على الخير مرة بعد مرة، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يختم لنا بالحسنى، إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر