أخبرنا محمد بن سلمة والحارث بن مسكين قراءةً عليه وأنا أسمع، عن ابن القاسم حدثني مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق أخبر عبد الله بن عمر عن عائشة رضي الله عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (ألم تري أن قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم عليه السلام، فقلت: يا رسول الله، ألا تردها على قواعد إبراهيم عليه السلام؟ قال: لولا حدثان قومك بالكفر، فقال
أورد النسائي بناء الكعبة، يعني: الإخبار عن بنائها، وعما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، في كيفية بنائها، وقد أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها: (ألم تري أن قومك لما بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد إبراهيم)، يعني: قصرت بهم النفقة فلم يبنوها كلها، من أولها إلى آخرها، وإنما اقتطعوا قطعة وأخرجوها منها، وهي: الحجر؛ لأن الحجر من الكعبة، ولهذا لا يجوز الطواف من داخل الحجر؛ لأن من يطوف به يطوف في وسط الكعبة، فلا يطوف بالكعبة كلها؛ لأن الكعبة هي المبنية الآن، والحجر الذي وضع جدار من أجل يرشد إليه، ويدل عليه، والطواف يكون من وراءه، والطواف لا بد أن يكون بالكعبة كلها، والكعبة على قواعد إبراهيم، يدخل فيها الحجر أو أكثر الحجر، فالنبي صلى الله عليه وسلم، قال لـعائشة: (أن قومك -أي: قريش- لما بنوا الكعبة اقتصروا)، يعني: قصروا ولم يوصلوها إلى نهايتها، فتركوا قطعةً من جهة الحجر، هي التي وضع الحجر، وهو ذلك الجدار القصير الذي يشعر بأن ما دونه من الكعبة، أو أن أكثر ما دونه من الكعبة.
(قالت: ألا تجعلها على قواعد إبراهيم؟) يعني: ألا تعيد بناءها أنت وتبنيها على قواعد إبراهيم؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (لولا حدثان قومك بالكفر)، يعني: لولا أنهم حديثوا عهد بالكفر، لفعلت هذا، لكنه عليه الصلاة والسلام، ترك ذلك درءاً لهذا الذي خافه عليه الصلاة والسلام، وهو أن يحصل منهم شيء كراهية وهم حدثاء عهد بالإسلام، وأنه يصعب عليهم التغيير، يعني ذلك الذي عهدوه، فالنبي صلى الله عليه وسلم، ترك ذلك، ولهذا أخذ العلماء من هذا الحديث دليل على قاعدة وهي: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، وأنه يبدأ بالأهم فالأهم، وإذا كان الأهم دفع المفسدة، فإنها تقدم على جلب المصلحة؛ لأن المصلحة هي بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، والمفسدة هي ما يحصل لهم وهم حديثوا عهد بكفر من أن تنكر ذلك قلوبهم، وأن يستعظموا ذلك ويحصل عندهم شيء بسبب ذلك؛ لأنه خلاف المألوف عندهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم، ترك بناء الكعبة على قواعد إبراهيم، وأبقاها على ما هي عليه من بناء قريش، وبين عليه الصلاة والسلام، السبب الذي منعه من ذلك، ولهذا أخذ منه العلماء الدليل على هذه القاعدة وهي أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح.
ثم إن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وأرضاه لما بلغه هذا الحديث عن عائشة قال: (لئن كانت
وقول عبد الله بن عمر: (لئن كانت
هو محمد بن سلمة المرادي المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود، والنسائي، وابن ماجه.
[والحارث بن مسكين].
هو المصري، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن ابن القاسم].
وهو عبد الرحمن بن القاسم صاحب الإمام مالك، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري، وأبو داود في المراسيل، والنسائي.
[حدثني مالك].
وقد مر ذكره.
[عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله].
وقد مر ذكرهما.
[عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق].
وهو ثقة، أخرج له البخاري، ومسلم، وأبو داود، والنسائي.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
فالترجمة عند النسائي هي: بناء الكعبة، والمقصود ببناء الكعبة: الإخبار عما كانت عليه من قبل، ثم ما همّ به النبي عليه الصلاة والسلام من بنائها على قواعد إبراهيم، وما منعه من ذلك كون الذين أسلموا عام الفتح حديث عهد بالكفر، وأنه خشي أن يحصل لهم ضرر بسبب ذلك، وألا تحتمل عقولهم ما يحصل من التغيير؛ لأنهم قد ألفوا أن الكعبة باقية على ما هي عليه، فالتغيير فيها قد يكون فيه شيء في نفوسهم، ويؤثر ذلك على عقولهم وعلى ما ألفوه، وترك عليه الصلاة والسلام الكعبة على ما هي عليه، وأخبر عن الذي منعه من بنائها على قواعد إبراهيم، وأخبر أن قريشاً لما بنوها قصرت بهم النفقة فاختصروها، وتركوا قطعةً منها من جهة الشمال خارج الكعبة، وهي جزء من الكعبة مقدار خمسة أذرع تقريباً، وهي من الحجر، وجعل الحجر ذلك الجدار الذي تدخل تحته تلك القطعة التي هي من الكعبة، والتي لا يجوز أن يطوف الإنسان من داخلها؛ لأنه لا يطوف بالكعبة كلها، فالنبي صلى الله عليه وسلم ترك الكعبة على ما هي عليه، وكان بعضها خارج البنيان، وليس ذلك البنيان على قواعد إبراهيم من جهة الشمال، بسبب كون النفقة قصرت عليهم فلم يبنوها على قواعد إبراهيم.
وقد عرفنا أن هذا الحديث يدل على قاعدة من قواعد الشريعة وهي: أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، فهذا الحديث من أوضح الأدلة التي يستدل بها على هذه القاعدة الشرعية، وذلك أن بناء الكعبة على قواعد إبراهيم مصلحة، وهذا الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم مفسدة، وقد ترك بناءها على قواعد إبراهيم أخذاً بدرء المفسدة، وتقديمها على جلب المصلحة.
وقد مر في الحديث: أن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنه وأرضاه قال: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يستلم الركنين الآخرين؛ لأنهما لم يبنيا على قواعد إبراهيم، ومن المعلوم: أن السنة ثبتت عن النبي عليه الصلاة والسلام باستلام الحجر الأسود، والركن اليماني الذي قبل الحجر الأسود عندما يطوف الإنسان بالكعبة، فهذان هما الركنان اللذان يمسحان، وما سواهما، فإنه لا يمسح؛ لاقتصار النبي الكريم عليه الصلاة والسلام عليهما.
ثم قد جاء في الحديث السابق عن سالم بن عبد الله بن عمر قال: إن عبد الله بن محمد بن أبي بكر الصديق حدث عبد الله بن عمر، وهذا الذي أشار إليه سالم، فهو من تحديث التابعين للصحابة؛ لأن عبد الله بن محمد بن أبي بكر هو من التابعين، وقد حدث عبد الله بن عمر عن عائشة، فتحديثه، هو من رواية الصحابة عن التابعين، وأخذ الصحابة عن التابعين، وهو الذي يقولون له في علم المصطلح: رواية الأكابر عن الأصاغر، والحديث هو من رواية سالم بن عبد الله، عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر، عن عائشة، لكن فيه أن عبد الله بن محمد حدث عبد الله بن عمر، وهو ليس من رجال الإسناد عبد الله بن عمر؛ لأن الإسناد عن سالم عن عبد الله بن محمد بن أبي بكر عن عائشة، فتحديثه إياه من قبيل تحديث التابعين للصحابة، وهو تحديث الأصاغر للأكابر، ورواية الأكابر عن الأصاغر.
وأورد النسائي بعد ذلك حديث عائشة من طريق أخرى، وهو مختصر، ودال، ومشتمل على ما اشتملت عليه الطريق الأولى من جهة إخبار النبي عليه الصلاة والسلام عائشة أن كون قومها حديث عهد بالكفر، وأنه منعه ذلك من هدم الكعبة، وبنائها على قواعد إبراهيم، وأخبر أن قريشاً عندما بنوها اقتصروا على بعضها، وتركوا قطعةً منها خارجها، وهي القطعة التي في الحجر، والحجر اشتهر على ألسنة كثير من العوام أنه حجر إسماعيل، وهو لا علاقة له بإسماعيل، وليس حجراً لإسماعيل؛ لأن هذا الحجر إنما حصل في زمن قريش، وهم الذين أخرجوا هذه القطعة، ووضعوا هذا الجدار حتى يدل على هذه القطعة من جملة الكعبة.
هو إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه الحنظلي المروزي، وهو ثقة، ثبت، فقيه، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه، فإنه لم يخرج له شيئاً.
[حدثنا عبدة].
هو عبدة بن سليمان الكلابي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[و أبي معاوية].
هو محمد بن خازم الضرير الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشام].
هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، ربما دلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبيه].
وهو عروة بن الزبير بن العوام، وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
أم المؤمنين، الصديقة بنت الصديق، التي حفظ الله تعالى بها الشيء الكثير من سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها، وهو مثل ما تقدم، وفيه أن الكعبة عندما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن همه بهدمها، ولولا ما منعه من حداثة عهد قريش بالكفر، وأنهم حديث عهد بالإسلام، وعهدهم بالجاهلية قريب، وأنه سيجعل لها بابين، ويلزقهما بالأرض، أحدهما في مكان الباب الموجود، ولكنه لاصق بالأرض، والثاني في الجهة المقابلة له فيكون باب للدخول وباب للخروج، هذا هو الذي أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام مما هم به، ولكنه ترك ذلك خشية الذي أخبر به عائشة، وحديث عائشة رضي الله عنها ذكره النسائي هنا من طريق شيخين: إسماعيل بن مسعود، ومحمد بن عبد الأعلى، فـإسماعيل بن مسعود قال: [قومي]. ومحمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: [قومك]، يعني: أن العبارة التي جاءت عن محمد بن عبد الأعلى غير العبارة التي جاءت عن إسماعيل بن مسعود، هذا قال: قومي وهذا قال: قومك، وهما قومهم جميعاً، وهذا هو الفرق بينهما، ولما ملك ابن الزبير هدم الكعبة، وبناها على قواعد إبراهيم وجعل لها بابين، ثم لما جاء الحجاج، وقتل ابن الزبير رضي الله تعالى عنه فهدم الكعبة وأعادها على ما كانت عليه في عهد قريش.
هو أبو مسعود البصري، وهو ثقة، أخرج حديثه النسائي وحده.
[و محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري].
وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأبو داود في القدر، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
[عن خالد].
هو خالد بن الحارث البصري، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، وهو ثقة، ثبت، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي إسحاق].
وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الأسود].
هو: الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، وهو ثقة، مخضرم، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
عائشة، وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيه التفصيل لما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولما فعله ابن الزبير رضي الله تعالى عنه، هو مثل ما تقدم من بيان هم النبي صلى الله عليه وسلم بهدم الكعبة، وبنائها على قواعد إبراهيم، وبيان السبب الذي منعه من ذلك، وهو كون قريش حديث عهد بالجاهلية، وأن قريشاً لما بنتها اقتصرت على بعضها، وتركت قطعةً منها من الحجر، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم إذا هدمها يبينها على قواعد إبراهيم، ويجعل لها باباً شرقياً، وباباً غربياً، وأن هذا هو الذي حمل ابن الزبير عندما سمع هذا الحديث عن عائشة رضي الله عنها وأرضاها، هدم الكعبة، وبناها على الوصف الذي ذكرته عائشة رضي الله تعالى عنها، ويقول يزيد بن رومان: إنه قد رأى الكعبة لما هدمها ابن الزبير وحفر أسسها، ورأى قواعد إبراهيم، وأنها حجارة كأسنمة البخت متلاحكة، أي: أنها متماسكة ومتلاصقة، وشديد الاتصال بعضها ببعض، ثم إن الحجاج أعادها على ما كانت عليه في زمن قريش.
هو: عبد الرحمن بن محمد بن سلام، وهو لا بأس به، ولا بأس به تعادل صدوق، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا يزيد بن هارون].
هو: يزيد بن هارون الواسطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا جرير بن حازم].
هو: جرير بن حازم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يزيد بن رومان].
يزيد بن رومان، وهو ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث هدم الكعبة على يد الحبشي الذي يكون في آخر الزمان، قد قال عليه الصلاة والسلام: [(يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)]، وذلك في آخر الزمان، فإنه يقوم بهدمها، ووصفه بأنه ذو السويقتين، والسويقتين تثنية سويقة، وهي تصغير ساق، وهو إشارة إلى ساقيه، وأنهما دقيقتان، فهذا وصفه، وهذه صفة ساقيه، وقد جاء في بعض الأحاديث: (كأني به يقلعها حجراً حجراً)، وهذا فيه إخبار عن أمر مستقبل، وهو مما يجري في آخر الزمان، حيث يهدمها، ويقلعها حجراً حجراً كما أخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سفيان].
هو: سفيان بن عيينة المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن زياد بن سعد].
هو: زياد بن سعد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
هو: محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، وهو ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن المسيب].
وهو ثقة، فقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي هريرة].
هو: عبد الرحمن بن صخر الدوسي صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل هو أكثر السبعة حديثاً رضي الله تعالى عنه وأرضاه.
أخبرنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا خالد حدثنا ابن عون عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه: (انتهى إلى الكعبة وقد دخلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، و
أورد النسائي: دخول البيت، أي: دخول الكعبة والصلاة فيها، وقد أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر عن بلال رضي الله تعالى عنهما، أن النبي عليه الصلاة والسلام دخل الكعبة، ومعه بلال، وأسامة بن زيد، وعثمان بن طلحة حاجب الكعبة، وفي رواية أخرى (أن الفضل معهم)، وطلب النبي صلى الله عليه وسلم من عثمان أن يجيف عليهم الباب، فرد الباب عليهم، ولما فتح الباب كان ابن عمر رضي الله عنهما أول من دخل، فسأل بلالاً: أين صلى النبي عليه الصلاة والسلام.
قوله: [(ثم فتح الباب فخرج النبي وركبت الدرجة ودخلت البيت فقلت: أين صلى النبي صلى الله عليه وسلم؟)]، يعني: سأل عن مكان الصلاة، وكأنه فهم أن الصلاة حصلت، ولكنه يريد أن يعرف المكان الذي صلى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم من البيت.
قوله: [(فقالوا: ها هنا)].
وأشاروا إلى المكان الذي صلى فيه، وقد جاء مبيناً في بعض الروايات: (أنه بين العمودين المقابلتين للباب)، وكانت الكعبة على ستة أعمدة صفان، فصلى بين العمودين من الصف الأول مما يلي جهة الباب، وكان بينه، وبين الجدار المقابل ثلاثة أذرع كما جاء في بعض الروايات، قال ابن عمر: (ونسيت أن أسأله كم صلى)، وقد جاء في بعض الروايات: (أنه صلى ركعتين)، وأن بلالاً قال: (صلى ركعتين بين العمودين)، وهذا فيه: بيان أنه أخبره، فيحتمل أن يكون نسي أن يسأل، ولكنه أخبره بدون سؤال، ويحتمل أن يكون عبد الله بن عمر قال ذلك من نفسه؛ لأن الركعتين هما أقل الصلاة؛ ولا يتنفل بركعة واحدة.
وفيه: الدلالة على دخول الكعبة، وعلى الصلاة فيها، وكان ذلك نفلاً، ولا شك في أن النفل ثابت بهذا الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وأما الفرض، وحصول الصلاة فيه، فإنه لم يثبت في ذلك شيء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، فمن العلماء من ألحق الفرض بالنفل، وأجاز أن تصلى الفرض في داخل الكعبة، ومنهم من منع ذلك وقال: يقتصر على ما وردت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو النفل دون الفرض.
وقد مر ذكرهما.
[حدثنا ابن عون].
وهو: عبد الله بن عون، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن نافع].
نافع وهو: مولى ابن عمر، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الله بن عمر].
هو: عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أحد العبادلة الأربعة من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، وأحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
[عن بلال].
وهو مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي حديث بلال رضي الله تعالى عنه وسؤال ابن عمر: (أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وقال: إنه بين الاسطوانتين)، أي: بين العمودين، هو مثل ما تقدم، دال على ما دل عليه من دخول الكعبة، والصلاة فيها، وفيه أيضاً أنه قد يحصل للمفضول ما لا يحصل للفاضل، وذلك أن هؤلاء الذين دخلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليس فيهم أبو بكر، وعمر، وكان أبو بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما وأرضاهما أفضل من غيرهما، وأنه قد يحصل في بعض المناسبات أن يغيب الفاضل عن شيء، ويحضره من هو مفضول، فإن أبا بكر، وعمر رضي الله تعالى عنهما، وهما ملازمان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، لم يكونا في هذه المناسبة، وكان فيه من هو دونهما، وهم: بلال، وأسامة بن زيد، وحاجب الكعبة الذي هو: عثمان بن طلحة.
هو: يعقوب بن إبراهيم الدورقي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا هشيم].
هو: هشيم بن بشير الواسطي، وهو ثقة، كثير التدليس والإرسال الخفي، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن بلال].
وقد مر ذكرهم.
أخبرنا عمرو بن علي حدثنا يحيى حدثنا السائب بن عمر حدثنا ابن أبي مليكة: أن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الكعبة، ودنا خروجه، ووجدت شيئاً فذهبت فجئت سريعاً، فوجدت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خارجاً، فسألت
أورد النسائي حديث بلال، وسؤال ابن عمر إياه عن دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة والصلاة فيها، وسأله عن الصلاة؟ فقال: (صلى ركعتين بين الساريتين)، وفيه هنا: بيان مقدار الصلاة التي صلاها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وأنها ركعتان، وبيان موقعها، وأنها بين الساريتين.
وهو: الفلاس، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، بل هو شيخ لأصحاب الكتب الستة.
[حدثنا يحيى].
هو: يحيى القطان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا السائب بن عمر].
هو: السائب بن عمر، وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد، وأبو داود، والنسائي.
[حدثنا ابن أبي مليكة].
وهو: عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. وقد أدرك ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث عبد الله بن عمر عن بلال، وأن النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل الكعبة، وصلى الرسول صلى الله عليه وسلم بين العمودين المقابلتين للباب ركعتين، وخرج وصلى ركعتين في وجه الكعبة، هو مثل ما تقدم من كون النبي صلى الله عليه وسلم صلى في داخل الكعبة، وأنه صلى ركعتين، وأنه أيضاً لما خرج صلى ركعتين في وجه الكعبة، يعني: في مقابل بابها.
هو: أحمد بن سليمان الرهاوي، وهو ثقة، أخرج له النسائي وحده.
[حدثنا أبي نعيم].
هو: الفضل بن دكين الكوفي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا سيف بن سليمان].
هو: سيف بن سليمان، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي.
[سمعت مجاهداً].
هو: مجاهد بن جبر المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وقد مر ذكرهما.
أورد النسائي حديث أسامة بن زيد: أن النبي عليه الصلاة والسلام لما دخل الكعبة كبر في نواحيها ودعا، وخرج، ولم يصل، [(فصلى خلف المقام ركعتين، ثم قال: هذه القبلة)]، هذا الحديث حديث أسامة بن زيد، وقد دخل الكعبة مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه أنه لم يصل في داخلها، وخلاف ما جاء عن بلال أنه صلى ركعتين، فقيل: إن كلاً حدث بما رأى، وشاهد، قال: ويمكن أن يكون أسامة رآه دعاء ثم إنه صار في ناحية من نواحي الكعبة يدعو، وصلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين وشاهده بلال، ولم يشاهده أسامة، وكل منهم ذكر ما علمه.
ثم أيضاً بلال مثبت، وهذا نافي، والمثبت معه علم زائد على النافي، مع أن ذلك النفي إنما حصل بسبب أنه انشغل في الدعاء، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يدعو، وظن أنه بقي على حاله، فصار يدعو في جهة من الكعبة، لا سيما، وقد أغلق الباب ويكون فيه شيء من الظلمة، فقد لا يتضح لكل من كان في الكعبة الشيء الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فصلاته في الكعبة ثابتة من حديث بلال، وما جاء من النفي في حديث أسامة بن زيد لا يدل على عدم حصول ذلك؛ لأن المثبت عنده زيادة علم خفيت على النافي، مع أن ذلك الذي حصل من أسامة محتمل عدم اطلاعه على هذا الذي فعله الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد اطلع عليه بلال.
ثم أيضاً فيه: ذكر الصلاة بعدما نزل، وفيه ذكر المقام، وأنها خلف المقام، والروايات التي جاءت عن غير أسامة إنما فيها أنه صلى في وجه الكعبة، وليس فيه التنصيص على المقام؛ لأن الصلاة خلف المقام إنما جاءت في ركعتي الطواف، وكون الإنسان إذا طاف يصلي خلف المقام ركعتين، وأما الصلاة في داخل الكعبة فعندما نزل النبي صلى الله عليه وسلم صلى في وجه الكعبة، وفي حديث أسامة: [(أنه صلى خلف المقام)].
هو: حاجب بن سليمان المنبجي، وهو صدوق يهم، أخرج حديثه النسائي وحده.
[عن ابن أبي رواد].
وهو: عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، وهو صدوق يخطئ، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن. أما ذاك الذي هو عبد العزيز، فهو متقدم الوفاة، أظنه توفي سنة تسع وخمسين، وهو من السابعة.
[حدثنا ابن جريج].
هو: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج المكي، وهو ثقة، يرسل، ويدلس، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عطاء].
هو: عطاء بن أبي رباح المكي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أسامة بن زيد].
هو: أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
أخبرنا هناد بن السري عن ابن أبي زائدة حدثنا ابن أبي سليمان عن عطاء عن ابن الزبير سمعت عائشة رضي الله عنها تقول: إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (لولا أن الناس حديث عهدهم بكفر، وليس عندي من النفقة ما يقوي على بنائه، لكنت أدخلت فيه من الحجر خمسة أذرع، وجعلت له باباً يدخل الناس منه، وباباً يخرجون منه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الحجر، والمقصود من ذلك: إن الحجر من الكعبة، وقد جاء في هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: أنه (لولا كون قريش حديث عهدهم بالكفر لهدم الكعبة، وأدخل فيها من الحجر مقدار خمسة أذرع)، معناه: أنه ليس كل الحجر من الكعبة، وإنما قسم كبير منه مقدار خمسة أذرع هو من الكعبة، فيدخل هذه القطعة، ويكون له ركنان على قواعد إبراهيم من جهة الشمال، لكن قريشاً قصرت بها النفقة، فبنتها على هذا الوضع الذي هي عليه، وكان الحجر كثيراً من الكعبة فصار خارجها، ففيه الدلالة على أن قطعة كبيرة من الحجر هي من ضمن الكعبة، ولهذا لا يجوز الطواف فيها؛ لأن الإنسان إذا طاف من الحجر طاف في داخل الكعبة، ومن شرط الطواف أن يكون بالكعبة كلها المبني وغير المبني.
هو: أبو السري هناد بن السري، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في خلق أفعال العباد، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن أبي زائدة].
هو: يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا ابن أبي سليمان].
هو: عبد الملك بن أبي سليمان، وهو صدوق له أوهام، أخرج له البخاري تعليقاً، ومسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن عطاء].
هو: عطاء بن أبي رباح، وقد مر ذكره.
[عن ابن الزبير].
هو: عبد الله بن الزبير صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد العبادلة الأربعة من أصحابه الكرام، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[سمعت عائشة].
وقد مر ذكرها.
أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: [(ألا أدخل البيت؟ -أي: ألا أدخل الكعبة- قال: ادخلي الحجر فإنه من البيت)]؛ لأنه قطعة من البيت، فهو يدل على أن الحجر من البيت، أي: أغلب الحجر من البيت من داخل الكعبة، وإذا صلى الإنسان في الحجر، فكأنه صلى في الكعبة؛ لأنه قطعة منها.
أحمد بن سعيد الرباطي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا وهب بن جرير].
هو: وهب بن جرير بن حازم، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا قرة بن خالد].
وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الحميد بن جبير].
هو: عبد الحميد بن جبير بن شيبة الحجبي، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمته صفية بنت شيبة].
هي: صفية بنت شيبة، ولها رؤية، أخرج حديثها أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا إسحاق بن إبراهيم أخبرنا عبد العزيز بن محمد حدثني علقمة بن أبي علقمة عن أمه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: (كنت أحب أن أدخل البيت فأصلي فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيدي فأدخلني الحجر، فقال: إذا أردت دخول البيت فصلي ها هنا، فإنما هو قطعةٌ من البيت، ولكن قومك اقتصروا حيث بنوه)].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: الصلاة في الحجر، وأورد فيها حديث عائشة رضي الله عنها: أنها كانت تحب أن تصلي في البيت، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدها وأدخلها الحجر، وقال: [(إذا أردت دخول البيت فصلي ها هنا، فإنما هو قطعةٌ من البيت، ولكن قومك اقتصروا حيث بنوه)]، اقتصروا على بعضه حيث بنوه، وأخرجوا منه قطعة، وهي هذه التي في داخل الحجر، فهو دال على الصلاة في الحجر، وأن الصلاة فيه إنما هي صلاة في الكعبة؛ لأنه من البيت.
قد مر ذكره.
[أخبرنا عبد العزيز بن محمد].
هو: عبد العزيز بن محمد الدراوردي، وهو صدوق، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[حدثني علقمة بن أبي علقمة].
هو: علقمة بن أبي علقمة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن أمه].
هي: مرجانة، وهي مقبولة، أخرج حديثها أبو داود، والترمذي، والنسائي.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا قتيبة حدثنا حماد عن عمرو: أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لم يصل النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الكعبة، ولكنه كبر في نواحيه)].
أورد النسائي حديث ابن عباس: [(أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل في الكعبة، ولكنه كبر في نواحيها)]، أي: في نواحي البيت، وهذا بناءً على ما أخذه عن أسامة بن زيد الذي دخل الكعبة مع النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عرفنا أن الثابت أنه صلى فيها، وأن أسامة رآه يدعو، ويكبر، واشتغل، وهو في التكبير، والدعاء في ناحية من النواحي، لا سيما، والباب قد أغلق، وأجيف، وكان فيه شيء من الظلمة، فظن أنه ما حصل منه صلاة، وأما بلال، فإنه شاهد أنه صلى ركعتين، وعرف مكانهما، وحدد مكانهما، فالثابت أنه صلى الله عليه وسلم صلى في داخل الكعبة.
مر ذكره.
[حدثنا حماد].
هو: حماد بن زيد، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن عمرو].
هو: عمرو بن دينار، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[أن ابن عباس].
وقد مر ذكره.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى حدثني عبد الملك بن أبي سليمان حدثنا عطاء عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما: (أنه دخل هو ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيت، فأمر
أورد النسائي حديث أسامة بن زيد الذي فيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل، ودعا، وأنه كبر في نواحي البيت، وهو دال على ما دل عليه ما تقدم من أنه روى أنه ما صلى في البيت، ولكنه كبر، ودعا، واستغفر في داخل الكعبة، فالبيت على ستة أعمدة، وهما سطران، والرسول صلى الله عليه وسلم لما دخل جلس بين العمودين اللتين تليان الباب، ودعا، واستغفر، ثم إنه جاء في بعض الأحاديث: أنه تقدم، وصلى بين العمودين اللتين ليست تليان الباب، ولكنهما التي أمامها من الجهة المقابلة من الجهة الغربية، وصلى بين العمودين، أما حديث أسامة بن زيد ففيه: أنه جلس، ودعا بين العمودين اللتين تليان الباب.
قوله: (ثم أتى ما استقبل)، يعني: أتى الجدار المقابل لباب الكعبة، وهو الذي قال: إنه ما استقبل من دبر الكعبة؛ لأنه مقابل للباب، والإنسان إذا كان في جهة الباب، فإنه يكون في دبره، وقد جلس بين العمودين ثم تقدم واستقبل، يعني أتى ما استقبله مما هو دبر الكعبة، أي: مقابل لبابها، بحيث يكون الإنسان إذا كان مستقبل الباب يكون هذا في دبره، وهو في مؤخرها، وليس في مقدمها.
أي: أتى الأركان الأخرى، وفعل فيها مثل ما فعل في هذا الركن الذي هو مقابل لباب الكعبة.
قوله: (ثم خرج فصلى ركعتين مستقبل وجه الكعبة، ثم انصرف فقال: هذه القبلة، هذه القبلة).
قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم].
مر ذكره.
[حدثنا يحيى].
مر ذكره.
[حدثني عبد الملك بن أبي سليمان حدثنا عطاء عن أسامة].
وهؤلاء مر ذكرهم جميعاً.
أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثني هشيم أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه قال: (دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم البيت، فجلس فحمد الله، وأثنى عليه، وكبر، وهلل، ثم مال إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه، وخده، ويديه، ثم كبر، وهلل، ودعا، فعل ذلك بالأركان كلها، ثم خرج فأقبل على القبلة، وهو على الباب فقال: هذه القبلة، هذه القبلة)].
أورد حديث أسامة بن زيد، وهو مثل ما تقدم من دخوله ودعائه ووضعه خده ووجهه على ما يقابل الباب ثم على بقية الأركان، وأنه دعا واستغفر وهلل وذكر الله عز وجل، ثم خرج وقال: هذه القبلة. وقد أورد الحديث من أجل الاستدلال على هذا الفعل الذي هو: وضع الخد والوجه على ما يستقبله مما هو في دبر الكعبة، أي: مقابل بابها.
قوله: [أخبرنا يعقوب بن إبراهيم حدثني هشيم أخبرنا عبد الملك عن عطاء عن أسامة].
وهؤلاء مر ذكرهم جميعاً.
أخبرنا إسماعيل بن مسعود حدثنا خالد عن عبد الملك عن عطاء عن أسامة رضي الله عنه أنه قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من البيت صلى ركعتين في قبل الكعبة، ثم قال: هذه القبلة)].
أورد هذه الترجمة، وهي: موضع الصلاة من الكعبة، يعني: خارجها؛ لأن الترجمة السابقة: (الصلاة في الكعبة)، وأما هنا موضع الصلاة من الكعبة، أي: من جهتها بعد خروجه منها، بعدما خرج منها، الجهة التي صلى فيها موضعها من الكعبة، ومن جهة الكعبة، أنه في مقابل الباب؛ لأنه بعدما خرج صلى ركعتين في مقابل باب الكعبة، فالمقصود من الترجمة، يعني: موضع الصلاة من جهة الكعبة بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم منها.
قوله: [أخبرنا إبراهيم بن مسعود حدثنا خالد عن عبد الملك عن عطاء عن أسامة].
وهؤلاء مر ذكرهم جميعاً.
أورد حديث ابن عباس عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه، وهو مثل ما تقدم، (دخل النبي صلى الله عليه وسلم، وكبر، ودعا في نواحي البيت، ثم خرج وصلى ركعتين في قبل الكعبة)، يعني: في مقابل بابها.
قوله: [أخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم].
هو: أبو عاصم خشيش بن أصرم النسائي، وهو ثقة، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو: عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[أنبأنا ابن جريج].
وقد مر ذكره.
[عن عطاء سمعت ابن عباس أخبرني أسامة].
وقد مر ذكرهم.
أورد النسائي حديث ابن عباس أنه لما عمي وكان يقوده ذلك الرجل، وكان في تلك الجهة التي هي بين ما يقابل الباب والحجر الأسود، فقال: (أما أنبئت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ها هنا؟ قال: نعم، فتقدم وصلى)، أي: في مقابل باب الكعبة، وذلك بعد خروجه صلى الله عليه وسلم من الكعبة عندما دخلها.
وقد مر ذكرهما.
[حدثني السائب بن عمر].
هو: السائب بن عمر، وهو ثقة، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، والنسائي، وأبو داود.
[حدثني محمد بن عبد الله بن السائب].
هو: محمد بن عبد الله بن السائب، وهو مجهول، أخرج حديثه أبو داود، والنسائي.
[عن أبيه].
له ولأبيه صحبة، أخرج حديثه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن ابن عباس]
وقد مر ذكره.
والحديث في إسناده ذلك الرجل المجهول. والمكان الذي صلى فيه ابن عباس هو الذي جاء في الروايات المتقدمة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فيه، أي: مقابل باب الكعبة، لكن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بعدما خرج إنما هو بعد خروجه من الكعبة، فصلى في ذلك المكان.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر