ثم أما بعد:
هناك أمور كثيرة يجب أن نبينها قبل أن نشرع في درس صحيح البخاري في باب الصلاة على الغائب وما بعده:
الأمر الأول: أن العبادات -الصلاة والصيام والزكاة والحج- شرعت لتهذيب سلوك المسلم، فالمسلم ينبغي أن يتحلى بالسلوك الحسن ويعرف به، في أسرته، في معاملته لزوجته، في طريقه العام، في مشيته، حتى يعرف بسلوكه ويقال: هذا مسلم من سلوكه، وبعضهم تجد أن سمته الخارجي التزامي، وسمت السلوك لا يترجم عن هذا الالتزام بحال، لذلك أحببت أن أذكر بهذا لأهميته؛ فإن السلوك الحسن مطلوب حتى مع العصاة، وانظروا إلى النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان يعامل العصاة، قال عز وجل: وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، وبعض الإخوة حينما يرون امرأة متبرجة تجد أحدهم ينظر إليها وقد قطب جبينه، ثم يرفع صوته ويقول: لعنة الله عليك يا فاسقة. فيزرع في قلبها الحقد والحسد والضغينة، ولا يتذكر قول الله عز وجل: كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ [النساء:94]، فمن منا ولد من بطن أمه على الالتزام؟ لا أحد.
فينبغي علينا أن ننظر إلى العصاة نظرة رحمة ونظرة رفق، ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يعامل العصاة برفق ورحمة، فهذا الرجل الأعرابي الذي دخل المسجد وتبول فيه عامله برفق، وكم أكرر: لو أن رجلاً الآن دخل إلى المسجد وتبول فيه ماذا سنصنع به؟ سننهال عليه بالأحذية والخشب وكل ما نجد، لكن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تقطعوا عليه بوله) ثم قال: (أريقوا عليها سجلاً من ماء)، ففي هذه القصة يعلمنا الحبيب الحكمة وعدم الغلظة في التعامل مع الناس.
ثم أيضاً من الأمور الهامة أنني قد أكون ملتزماً وزوجتي غير ملتزمة أو زوجتي التزمت وأنا غير ملتزم، يعني: عندي تقصير في بعض الواجبات الشرعية، فينبغي أن يحرص بعضنا على بعض، فبعد التزامي وزوجتي لا تزال على أول عهدها لا أقول: أنت إلى جهنم! أو اخرجي يا فاسقة! أو نحو ذلك؛ إذ لا يصح التعامل مع الزوجة بهذا الأسلوب، وإنما آخذ بيدها إلى الطاعة، وأحببها في الطاعة.
وهكذا قد تجد أختاً التزمت وكانت قبل الالتزام تتجمل لزوجها وتبتسم له وتحسن التبعل في حال التبرج، وبعد أن منَّ الله عليها بالالتزام إذا كلمها ترد عليه: أنت لا تتكلم معي؛ لأنك مبتدع ضال! ونحو ذلك، فليس معنى أن الزوج إذا كان في معصية ألا تحسني معاشرته وألا تحسني معاملته؛ فالإسلام يعلمنا السلوك، ولذلك تأتيني شكاوى كثيرة بهذا الشأن.
فأقول: ينبغي على المسلم إذا سئل عنه جاره أن يقول: نعم الجار، يعودني إذا مرضت، ويعطيني إذا احتجت ويقف بجواري إذا كنت في أزمة، ويلقي علي السلام في ذهابه وإيابه، أما أن يمر وهو مكشر ويرجع وهو مكشر ويعامل الناس بهذه الغلظة فهذه ليست دعوة، بل هي تنفير للناس، ففي البخاري : (أن رجلاً قال: يا رسول الله! لا أكاد أدرك صلاة الجماعة في الفجر؛ لأن فلاناً يطول بنا)، يعني: يقرأ طويلاً والرجل لا يتحمل هذه الإطالة فيتخلف عن الجماعة، قال: (فغضب النبي صلى الله عليه وسلم واحمر وجهه، وقال: إن منكم لمنفرين)، وصلاتنا الآن وسط في كل مساجدنا، وإنما الإطالة أن الرجل قرأ بالبقرة وآل عمران وأطال كثيراً، فلا يفهم أحد أن الإطالة على مفهومه هو.
وحزب المنفرين منتشر، ولذلك أريد أن نبتسم في وجه الناس جميعاً، وأن نلقي السلام، وأن نساعدهم في مشاكلهم، فالالتزام ليس معناه أن تكون في عزلة وتغلق على نفسك، فأصحاب السجن قالوا ليوسف عليه السلام: نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [يوسف:36]، فكيف تعرف أصحابه في السجن على سلوكه، وكيف شهدوا له أنه محسن؟ من المؤكد أنه تحبب إليهم وحببهم في دعوته، فقد كان يخاطبهم: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ [يوسف:39]، يعني: يا أصحابي في السجن! فانظروا إلى لغته كيف يتحبب إليهم بهذا اللفظ ثم يدعوهم إلى الله: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ * مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ [يوسف:39-40] وبعد أن بين لهم التوحيد قال: يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ.. [يوسف:41] ولم يحدد الأول والثاني باسمه، حتى يراعي شعور ساقي الملك، مع أن الملك هو الذي وضعه في السجن، فيا لها من دعوة! ويا ليتنا نتعلم الرأفة والرحمة والحكمة في الدعوة إلى الله عز وجل.
فلازلنا مع كتاب الجنائز، وكتاب الجنائز في البخاري من أهم الكتب، وقوله: (من صف صفين أو ثلاثة على الجنازة خلف الإمام) يعني: أن من السنة أن نقف صفوفاً عند الصلاة على الجنازة.
قال: [ حدثنا مسدد : إلى أن قال: عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي فكنت في الصف الثاني أو الثالث) ].
جابر يقول: كنت في الصف، والنجاشي هو ملك الحبشة، مات بأرض كفر، فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الغائب، وعلى هذا قلنا: إن العلماء قد اختلفوا في صلاة الغائب إلى فريقين، فلو أن رجلاً من مصر مات بالأردن ودفن بالأردن، فهل نصلي عليه في مصر أم لا نصلي؟ الحنابلة والشافعية على جواز الصلاة، والمالكية والأحناف على عدم الصلاة، والراجح: أن من صلي عليه في أرض لا يصلى عليه مرة ثانية؛ والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشي لأن النجاشي مات في أرض كفر، ولم يصل عليه من المسلمين أحد، فلذلك صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وانتصر له شيخنا الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع وذكر أن من مات غائباً عن بلده وصلي عليه لا يصلى عليه مرة ثانية.
يعني: هل يصف صفاً واحداً أو صفين أو ثلاثة، وأقل الصفوف في الجنازة تكون صفين، فإن كنا مثلاً نصلي على جنازة ونحن أربعة نقيم صفين، هذا معنى تبويب البخاري ، ولذلك قال: باب الصفوف على الجنازة.
ثم ذكر أبو هريرة : (نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي) يعني: أخبرهم بموته، والنعي هنا ليس كنعي الجاهلية، فمن المبكي أن نستخدم البدع في الأمور الشرعية. بعض الإخوة أرسل لي ورقة يقول فيها: بعض الإخوة الذين ينتسبون إلى بعض الحركات الإسلامية أقاموا عزاءً في سرادق رابعة العدوية ليستقبلوا العزاء للشيخ أحمد ياسين ! فعملوا سرادق، وأتوا بشيخ يقرأ، فهل هذا من الإسلام؟ أليس ذلك من البدع؟ وكيف نروج للبدع باسم الدين؟ وهل نوافق على إقامة سرادق لرجل قتل في سبيل الله عز وجل أو غير ذلك؟ فباسم الدين يقام السرادق ويأتي أصحاب الكرفتات، وكل طائفة لها كراسي، فأصحاب الكرفتات والمناصب لهم كراسي، وأصحاب القمصان على كراسي أخرى بالخارج، والمقرئ الذي يقرأ يتقاضى مبلغاً من المال نحو عشرة آلاف، فمن جيوب من هذا؟ أليس أكلاً للمال بالباطل؟ فكيف تقرون البدع وتنتسبون إلى دين رب العالمين، وتنسبونها إلى الشرع؟ أقول هذا الكلام وهو ممزوج بمرارة. وتجد البعض الآخر يقول: والآن نقف دقيقة حداداً على روح الشهيد فلان! ما هذا الذي تفعله؟ وفي أي شرع هذه الدقيقة الحداد؟! جاءتني بعض الأخوات من جامعة الزقازيق منتقبات يسألن: أن بعض الأخوات يقلن لهن: من لم تخرج في المظاهرة فهي آثمة؟ لا إله إلا الله! فتوى من شيخة الإسلام؟!
ويقلن: الخروج في المظاهرة جهاد، يعني: جعلوا المظاهرة هي الجهاد، فما هذا الهراء الذي تقولون؟ هذا مع ما يحصل من اختلاط بين الرجال والنساء، وترك لصلاة الجماعة، وتدمير لطاقة الشباب ... وغير ذلك من المفاسد المترتبة على هذا الفعل وهي كثيرة وعديدة، فما هذا الذي تقولون يا قوم؟! أليس منكم رجل رشيد؟!
فتنظر وتلقى البنت تلبس البنطال وتهتف: بالروح بالدم نفديك يا ياسين! وتجد بجانبها الرجل: بالروح! تعالي يا أختي معي، فتكون الأخت بجوار الأخ! وتجد الظهر يؤذن له ولسان حالهم: لا دخل لنا نحن في جهاد! فعلموهم أن هذا هو الجهاد، وعلموهم أن الخروج في المظاهرة جهاد، فمن الذي قال ذلك؟ ثم تجدهم يلوون النصوص لياً.
ويقولون: إن حمزة خرج في مظاهرة هو وعمر بن الخطاب ! فهل سمعتم في يوم أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء بكل أصحابه يهتفون: يسقط أبو لهب .. تعيش مكة؟! فما هذه الخربطة، وما هذا الذي يحدث يا أمة ضحكت منها الأمم؟ فمنذ 48 إلى 67 وإلى سقوط بغداد ونحن نهتف حتى تبح الأصوات وتعود الأمور إلى طبيعتها، وبعد ذلك الأخ ممكن أن يتعرف على الأخت في المظاهرة، وتكون زميلة المظاهرة ورفيقة رحلة الجهاد! نسأل الله العافية!
أيها الإخوة! هذا الكلام والله ممزوج بمرارة، فلا يجوز أن نخرج عن الكتاب والسنة في كل وقت وحين؛ فهما النجاة والعصمة.
قال: [ (نعى النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه النجاشي ، ثم تقدم فصفوا خلفه فكبر أربعاً).
ثم جاء بحديث آخر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على قبر منبوذ فصفهم وكبر أربعاً) قلت: يا أبا عمرو من حدثك هذا؟ قال: ابن عباس.
يجوز الصلاة على قبر الميت إن لم تكن قد صليت عليه.
وهل يجوز الصلاة على الشهيد؟
الراجح: أنه لا يصلى عليه؛ لحديث جابر بن عبد الله : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجل والرجلين من شهداء أحد في ثوب واحد -يعني: يكفن الاثنين بثوب واحد- ثم يسأل: أيهم أكثر أخذاً للقرآن الكريم؟) يعني: أيهم يحفظ القرآن وأكثر من الآخر، فيقدم من يحفظ القرآن في قبره، فحامل القرآن يقدم في حياته ويقدم بعد موته، فأين حملة القرآن اليوم .. هل نقدمهم أم نسخر منهم؟ ففي مسلسل الأيام الذي أنتزع من صاحبه طه حسين جاء مشهد فيه: أن المقرئ كان يحفظ غلاماً اسمه طه القرآن، فإذا جاء يقول له: هل أرسلت أمك البطة يا طه؟! فيصور للناس أن حامل القرآن يبحث عن الطعام والشراب، هكذا الريادة في مجتمعات الضلال!
فالنبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد كان يسأل أولاً عن أكثرهم أخذاً للقرآن، ثم يقول جابر : (فقال صلى الله عليه وسلم: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، ودفنهم بدمائهم وما صلى عليهم).
وفي حديث عقبة بن عامر : (أنه خرج صلى الله عليه وسلم إلى شهداء أحد في قبورهم وصلى عليهم صلاته على الميت، ثم عاد وجلس على المنبر وقال لأصحابه: إني فرط لكم، وإني أنظر إلى حوضي من مكاني هذا)، وهذا الكلام كان في السنة (11) من الهجرة، في العام الذي مات فيه. يقول علماؤنا: الصلاة هنا بمعنى الدعاء؛ لأنه يستحيل أن يؤخر الصلاة من سنة (3) هجرية إلى سنة (11) هجرية، وهذا الكلام هو الذي يعقل، ولذلك صلى عليهم صلاته على الميت يعني: دعا لهم كما يدعو للميت. هذا هو الجمع بين النصوص، وعلى هذا فالشهيد لا يصلى عليه.
وفي حديث جابر قال النبي صلى الله عليه وسلم: (قد توفي اليوم رجل صالح من الحبشة فهلموا فصلوا عليه. قال: فصففنا، فصلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه ونحن صفوف، قال
مذهب البخاري أن الصبي يقف بجوار الكبير في صلاة الجماعة وفي صلاة الجنائز، هذا الراجح، والبخاري في كتاب الصلاة في هذا الموضوع ساق أكثر من خمسة أحاديث ليدلل على هذا؛ منها أن ابن عباس قال: جئت وأنا غلام صغير أقترب من الحلم -يعني: لم يبلغ الحلم- والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي في منى إلى غير جدار، فاخترقت الصفوف وأنا أركب الأتان -والأتان: أنثى الحمار- فـابن عباس ركب الحمار ودخل بين الصفوف ووقف مع صفوف الرجال، فلم ينهه النبي صلى الله عليه وسلم رغم أنه صبي.
ثم ذكر حديث أنس قال: (صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم أنا وغلام يتيم ومن خلفنا امرأة) فالغلام وقف بجوار أنس ، فهذه أحاديث ساقها البخاري في التدليل على أن الصبي يقف بجانب الكبير، وهذا هو الراجح؛ فإنه لا يتعلم الصبي الصلاة إلا من الكبير، ولكن الصف الأول لأولي الأحلام والنهى والحفظة، والصبي يقف في الصف الثاني والثالث، وأما حينما نجعل صفوف الصبية في الخلف فإن الصبية يلعبون فقط، ويفسدون علينا الصلاة، لكن إذا وقف بجانب الكبير يحترمه، وكلما ركع يركع مثله، ويعمل مثله، وهكذا في صلاة الجنازة الصبي يقف بجانب الكبير.
أيها الإخوة! لابد من تعليم الصبي الصلاة برأفة وحكمة.
ثم ذكر حديث ابن عباس : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر قد دفن ليلاً، فقال: متى دفن هذا؟ قالوا: البارحة. قال: أفلا آذنتموني، قالوا: دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك، قام فصففنا خلفه، قال
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى على الجنازة..)، وقال: (صلوا على صاحبكم)، وقال: (صلوا على النجاشي) سماها صلاة وليس فيها ركوع ولا سجود، ولا يتكلم فيها، وفيها تكبير وتسليم.
وكان ابن عمر لا يصلي إلا طاهراً، ولا يصلي عند طلوع الشمس ولا غروبها، ويرفع يديه.
وقال الحسن : أدركت الناس وأحقهم على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم، وإذا أحدث يوم العيد أو عند الجنازة يطلب الماء ولا يتيمم، وإذا انتهى إلى الجنازة وهم يصلون يدخل معهم بتكبيرة.
وقال ابن المسيب : يكبر بالليل والنهار والسفر والحضر أربعاً.
وقال أنس : تكبيرة الواحدة استفتاح الصلاة.
وقال عز وجل: وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا [التوبة:84] وفيه صفوف وإمام ].
أراد البخاري بهذه الأقوال أن يبين أن صلاة الجنازة ينطبق عليها ما ينطبق على صلاة الجماعة. وبعض الناس يقول: المقصود بالصلاة الدعاء، يعني: ندفن الميت مباشرة، ورأيت بعض الناس لا يصلي الفروض في جماعة، فقلت له: لماذا لا تصلي؟ قال: أنت لا تفهم أن الصلاة هي الدعاء، وأنا أدعو الله ويكفي، فلا فجر ولا ظهر ولا عصر ولا مغرب ولا عشاء، فرد معنى الصلاة إلى المعنى اللغوي لا إلى المعنى الشرعي، فالنبي صلى الله عليه وسلم يبين أن الميت يصلى عليه صلاة بغير ركوع ولا سجود، ويشترط فيها استقبال القبلة والطهارة من الحدثين وستر العورة والتكبير ورفع اليدين والتسيلم.
ثم ذكر حديث الشعبي قال: (أخبرني من مر مع نبيكم صلى الله عليه وسلم على قبر منبوذ فأمنا فصففنا خلفه، فقلنا: يا
وهنا مسألة: من الأحق بصلاة الجنازة؟ هل هو الولي أم الوالي؟ والوالي هو الإمام الراتب، يعني: من عينه الوالي، أم الولي وهو قريبه من العصبة، والبخاري هنا ينتصر إلى أن الوالي يستحق الصلاة، أي يقدم على الولي، وهذا مذهب مالك وأحمد وأبي حنيفة ، والأوزاعي وإسحاق ، فإنهم يرون أن الوالي يقدم على الولي، ولذلك هنا أورد البخاري قول الحسن : أدركت الناس وأحقهم على جنائزهم من رضوهم لفرائضهم. يعني: أن الذي يصلي الفرائض هو الذي يصلي الجنازة. ولماذا يقدم الإمام الراتب على الولي؟ يقدم لأن الناس يؤمهم أقرأهم لكتاب الله، وبعض الناس يصر على أن يقدم ابن الميت فيقول: أين ابن الميت؟ تعال فصل على أبيك، وابنه قد يكون لا يعرف صلاة جنازة فتلتبس عليه الأمور وتكون حالته سيئة.
والبخاري جاء بهذا القول، ثم دلل بفعل الصحابة أنهم كانوا في المدينة يصلون خلف الإمام مع وجود العصبات، فالوالي يقدم على الولي. لكن هب أن الوالي الذي هو الإمام الراتب عين رغم إرادتنا ولا يعلم من الشرع شيئاً، ويلعب طاولة وضمنة بعد الصلاة في الطريق العام ويدخن وقال لابن الميت الملتزم: صل على أبيك، ففي هذه الحالة يصلي ابن الميت؛ لأننا في هذه الحالة ندعو للميت بالمغفرة، فنقدم الأقرب إلى الإجابة.
فتقديم الوالي على الولي هذا هو الراجح من أقوال العلماء، وهذا هو الذي ساقه البخاري وذكره في كتابه.
وجاء بحديث أبي هريرة : (من تبع جنازة فله قيراط)، وحديث عائشة وحديث أبي هريرة أيضاً، وقول ابن عمر : لقد فرطنا في قراريط كثيرة.
يعني: ضيعنا قراريط كثيرة. وبعض الناس إذا رأى جنازة يقول: هذه جنازة من؟ يسأل عنها، فإن قيل له: جنازة فلان، يقول: لا أعرفه، ويترك الصلاة عليه، والقاعدة عنده أن من يعرفه يصلي عليه ومن لا فلا، وهذا أبطل حق المسلم على المسلم أن يتبع جنازته إذا مات، فهذا حق الإسلام، وليس شرطاً أن تعرف الميت طالما أنه مسلم، فهل منا أحد يتبع الجنازة وهو لا يعرف صاحبها؟ من يفعل ذلك موجود بقلة، لكن الغالب أنهم لا يتبعون، والحكم للغالب.
فأقول: لا تفرطوا في الأجر، فالدنيا ساعة فاجعلوها لله طاعة، والنفس قد يعود ولا يخرج، وقد يخرج ولا يعود، فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا [مريم:84]، وحياتنا قصيرة، وصدق من قال: أنفاسنا تعد، ورحالنا تشد، والتراب من بعد ذلك ينتظر الخد.
فيا عبد الله! عجل بتوبة صادقة إلى ربك عز وجل، وأصلح ما فرطت من عمرك، واعلم أن الله عز وجل يتوب على من تاب ويقبل التوبة ويتجاوز عن السيئات، شريطة أن تصدق مع الله سبحانه وتعالى.
أسأل الله عز وجل أن يرزقنا قبل الموت توبة، وعند الاحتضار شهادة، وبعد الموت جنة ونعيماً.
اللهم إنا نسألك رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار.
الجواب: هذا الموضوع كتبت فيه بحوث من علمائنا، فإذا كانت نسبة الكحول لا تتعدى 5% فيجوز عند بعضهم، وهذا اختيار علمائنا، والورع إذا كانت نسبة الكحول زائدة أن تتركها.
الجواب: لا، قال عز وجل: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا [الطلاق:7]، فأنت تفعل ما في طاقتك، والمطلوب أن يساعدك الأب في أمر الزواج، فمن المشروع مساعدة طلبة العلم، ومساعدة المقبلات على الالتزام، ومساعدة الشباب المقبلين على الزواج، فبدلاً من أن تذهب وتحج نافلة بعشرين ألف جنيه وقد حججت وأسقطت الفريضة، خذ شاباً وزوجه، فتكون بذلك عملت خيراً، وهو لا يريد منك أموالاً، لكن اذهب إلى النجار وقل له: اعمل غرفة نوم لهذا الشاب، وهو لا يريد غرفة مكلفة، إنما يريد غرفة متواضعة تسد الحاجة، وهكذا بدلاً من أن تنفق خمسين ألفاً على حفلة رقص غنائي زوج أربعة من الشباب المسلم، فوالله الذي لا إله غيره إنه يوجد كثير يملكون هذا، لكنهم عند الإنفاق للشيطان تجدهم ينفقون ببذخ، وعندما يطلب منهم الإنفاق للرحمن جل وعلا يبخلون، وكما ترون هذا شاب لا يجد إلا مرتبه فيدخل بمرتبه جمعيات وتلقى أصهاره يريدون منه الانتهاء، ويقولون له: طالما لا تستطيع فلماذا تريد الزواج؟ فيشددون عليه، وقد أرسل لي بعضهم أوراقاً كثيرة، فالشباب في أزمة وفي محنة، فيجب أن ننظر إليهم بعين الاعتبار، جزاكم الله خيراً.
الجواب: لا، الأولى أن تعرض بدون صور، ولكن إذا كانت صورة ليس فيها شكل حي فلا بأس، لبيان الأمر.
الجواب: أنا أميل إلى الإسبال.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر