إسلام ويب

المسيح الدجالللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • خروج المسيح الدجال من علامات الساعة الكبرى، وهو أولها، وفتنة تعد أعظم فتنة على وجه الأرض؛ فما من نبي إلا وحذر منها، فينبغي لكل مسلم أن يعلم صفة الدجال -لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم قد وصفه لنا وصفاً دقيقاً- ليحذره، وأن يعلم ما هي سبل النجاة من هذه الفتنة العظيمة، ومن هذا الخطر المستطير.

    1.   

    أهمية الكلام على الدار الآخرة

    الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]. يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71]. أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. ثم أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله الكريم العظيم جل وعلا الذي جمعني وإياكم في هذا المسجد المبارك على طاعته، أن يجمعني وإياكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته ودار كرامته، إنه وليّ ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! (في رحاب الدار الآخرة)، سلسلة علمية تجمع بين المنهجية والرقائق، وبين التأصيل العلمي والأسلوب الوعظي، تبدأ بالموت وتنتهي بالجنة، أسأل الله أن يجعلني وإياكم من أهلها. الهدف من هذه السلسلة تذكير الناس بحقيقة الدنيا، وإيقاظهم من غفلتهم ورقدتهم الطويلة، قبل أن تأتيهم الساعة بغتة وهم يَخِصِّمُون، فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون. فطوبى لعاقل فَطِنٍ سمع دروس هذه السلسلة فحاسب نفسه قبل أن يحاسب بين يدي ملك الملوك جل وعلا، طوبى لعاقل فطن سمع هذه السلسلة فعرف حقيقة دار الغرور واستعد ليوم البعث والنشور، لاسيما ونحن نعيش الآن زماناً، قد انصرف فيه كثير من الناس عن طاعة رب الأرض والسماوات، وانشغلوا بكثير من الماديات والشهوات والرغبات والنزوات، حتى ذهب الخوف من القلوب فتراكمت الذنوب على الذنوب. إذاً: فالحديث عن الدار الآخرة ليس من باب الترف الفكري، ولا من باب الثقافة الذهنية الباردة، التي لا تتعامل إلا مع الأذهان فحسب، كلا! بل إن حديثنا عن الدار الآخرة، ينبع من إيماننا باليوم الآخر، الذي هو ركن من أركان الإيمان بالله جل وعلا، كما في حديث جبريل الذي رواه مسلم وغيره، حينما سأل المصطفى عن أركان الإيمان، فقال الحبيب المحبوب: (الإيمان: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره). فلا يمكن لمؤمن على الإطلاق أن يؤمن باليوم الآخر إلا إذا عرف أحواله وأهواله، ووقف على هذا العلم الذي لا يمكن أن يتلقاه إلا من خلال دراسته لكتاب الله وسنة حبيبه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا استقرت حقيقة الإيمان باليوم الآخر في قلب عبد تقي مؤمن نقي، دفعه هذا العلم بهذا اليوم إلى الاستقامة على منهج الله، وإلى السير على طريق رسول الله، وهذه هي الغاية المرضية لله ولحبيبنا رسول الله، أسأل الله أن يجعلني وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وهذا هو درسنا الرابع من دروس هذه السلسلة العلمية الهامة.

    1.   

    خروج الدجال أول علامة من علامات الساعة الكبرى

    وكنا قد أنهينا الحديث في اللقاء الماضي عن العلامات الصغرى التي ستقع بين يدي الساعة، وحديثنا من اليوم إن شاء الله تعالى عن العلامات الكبرى التي ستقع قبل قيام الساعة مباشرة، وقد ذكر النبي هذه العلامات في حديثه الصحيح الذي رواه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال حذيفة : اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال المصطفى: ما تذاكرون؟ فقالوا: نذكر الساعة يا رسول الله! فقال المصطفى: (إن الساعة لن تقوم حتى تروا قبلها عشر آيات، وهي: الدخان، والدجال، والدابة، ونزول عيسى بن مريم، وطلوع الشمس من مغربها، ويأجوج ومأجوج، وثلاثة خسوف: خسف بالمشرق، وخسف بالمغرب، وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم). ولقد ذكر المصطفى صلى الله عليه وسلم هذه العلامات بغير هذا الترتيب في روايات أخرى صحيحة، والذي يترجح من الأخبار كما قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: أن خروج الدجال هو أول الآيات العظام التي تؤذن بتغير الأحوال على وجه الأرض، وتنتهي هذه المرحلة بموت عيسى بن مريم، وأن طلوع الشمس من مغربها هو أول الآيات التي تؤذن بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي ذلك بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة يكون في نفس اليوم الذي تطلع فيه الشمس من مغربها، والله أعلم. ولكن على أيّ حال فإن العلامات الكبرى ستقع متتابعة، فهي كحبات العقد إذا انفرطت منه حبة تتابعت بقية الحبات. وليس هذا من عندي، بل هذا كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، ففي الحديث الذي رواه أحمد والحاكم في مستدركه وصححه على شرط مسلم وأقره الحافظ الذهبي والألباني من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الأمارات -أي: العلامات- الكبرى خرزات منظومات في سلك، فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضاً).

    1.   

    صفة الدجال وعظم فتنته

    واسمحوا لي أن أستهل الحديث اليوم -مع حضراتكم- في العلامات الكبرى، وعن الآية العظيمة الأولى التي تؤذن بتغير الأحوال على وجه الأرض، ألا وهي المسيح الدجال، وسوف أخصص اليوم اللقاء كله لفتنة المسيح الدجال، وقد أؤجل الحديث عن بعض العلامات في الجمع المقبلة بحسب تقدير الله جل وعلا، وكعادتنا حتى لا ينسحب بساط الوقت من بين أيدينا سريعاً، فسوف أركز الحديث عن فتنة المسيح الدجال في العناصر المحددة التالية: أولاً: الدجال أعظم فتنة على وجه الأرض. ثانياً: وصف دقيق للدجال وفتنته. ثالثاً: ما السبيل إلى النجاة؟ فأعرني قلبك جيداً... وأعرني سمعك تماماً، والله أسأل أن يحفظني وإياكم من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

    الدجال أعظم فتنة منذ خلق الله آدم

    أولاً: الدجال أعظم فتنة على وجه الأرض، ربما -لأول مرة- يسمع كثير منكم هذا الموضوع وأنا واحد من هذا الكثير، فإني ما وقفت على فتنة الدجال إلا في الأسبوعين الماضيين، وأنا أتقلب وأتجول بين بطون الكتب والمراجع والمجلدات، أقول لكم: والله ما عرفت خطر فتنة الدجال إلا من أسبوعين فقط، فتدبر معي -أيها الحبيب- وقف على خطر هذه الفتنة!، فالدجال أعظم فتنة على وجه الأرض من يوم أن خلق الله آدم إلى قيام الساعة. لماذا سمي الدجال بالمسيح الدجال؟ سمي بالمسيح؛ لأن عينه ممسوحة، قال المصطفى: (الدجال ممسوح العين) وسمي بالدجال؛ لأنه يغطي الحق بالكذب والباطل، وهذا دجل، فسمي بالدجال. فتنة الدجال فتنة عظيمة!! قال المصطفى -والحديث رواه مسلم من حديث عمران بن حصين : (ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال). وأنا اليوم لن أتكلم بكلمة من عند نفسي؛ لأن هذا غيب لا ينبغي أن نتكلم فيه إلا بكلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى، فسأخرج من حديث لأنتقل إلى حديث آخر، ولن أحدثكم إلا حديثاً صحيحاً كعادتنا، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الصادقين. فأقول: روى ابن ماجة في سننه وابن خزيمة في صحيحه والحاكم في المستدرك، وصحح الحديث الشيخ الألباني من حديث أبي أمامة الباهلي ، أن الحبيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ أن ذرأ الله ذرية آدم أعظم من فتنة المسيح الدجال، ولم يبعث الله نبياً إلا وقد أنذر قومه من الدجال، وأنا آخر الأنبياء، وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج الدجال -وأنا بين أظهركم- فأنا حجيج لكل مسلم، وإن يخرج الدجال من بعدي فكل امرئ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم). ويا لها والله من كرامة لأمة الحبيب المحبوب، قال: (وما من نبي إلا وقد أنذر قومه من الدجال، وأنا آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم، وهو خارج فيكم لا محالة، فإن يخرج -وأنا بين أظهركم- فأنا حجيج لكل مسلم)، أي: إن خرج الدجال والحبيب بيننا فلا نحزن، ولكن مات المصطفى ولم يخرج الدجال بعد، وهو خارج لا محالة. قال: (وإن يخرج بعدي فكل امرئ حجيج نفسه)، أي: سترد أنت عن نفسك بنفسك، فكل امرئ حجيج نفسه، قال: (والله خليفتي على كل مسلم) وهذه كرامة من الله أن يكون الله جل وعلا خليفة على كل مسلم في فتنة الدجال، بعد موت سيد الرجال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله ومن والاه.

    وصف النبي للدجال

    ففتنة الدجال عظيمة!.. أعظم فتنة على وجه الأرض بشهادة الصادق الذي لا ينطق عن الهوى. لذا وصف النبي الدجال وصفاً دقيقاً محكماً، وَبَين لنا فتنته بياناً شافياً؛ حتى لا يغتر بالدجال وفتنته أحد من الموحدين لله رب العالمين... فتدبر معي وهذا هو عنصرنا الثاني. روى البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: (قام رسول الله في الناس خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم ذكر الدجال فقال: إني لأنذركموه، وما من نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال، ولقد أنذر نوح قومه الدجال، ولكن سأقول لكم في الدجال قولاً لم يقله نبي لقومه: ألا فاعلموا أنه أعور، وأن الله ليس بأعور)، وصف عجيب! وفى رواية (أعور العين اليمنى)، وفي رواية أخرى صحيحة (أعور العين اليسرى)، والروايتان في صحيح مسلم . (اعلموا أنه أعور، وأن الله ليس بأعور)، جل جلال الله، جل ربنا عن الشبيه.. وعن النظير.. وعن المثيل.. لا كفء له، ولا ضد له، ولا ند له، ولا مثل له، ولا زوج له، ولا ولد له: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1]، فَاطِرُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]. ثم قال المصطفى عليه الصلاة والسلام: -والحديث رواه مسلم من حديث أنس- : (الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مسلم). ماذا تريد بعد ذلك من الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، الذي قال ربه في حقه: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، فهو يصفه لك؛ لتعرفه إن خرج بين أظهرنا، فيقول لك: (الدجال ممسوح العين، مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مسلم). وفى رواية حذيفة في صحيح مسلم قال: (الدجال، مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن: كاتب وغير كاتب) . سيحزن الآن والد من آباءنا الكرام ويقول: أنا لا أقرأ، فهل إذا خرج الدجال لا أستطيع أن أقرأ كلمة (كافر) بين عينيه؟ أقول لك: أبشر! المهم أن تحقق الإيمان بالله، فرسول الله قال: (مكتوب بين عينيه كافر، يقرؤه كل مؤمن: كاتب وغير كاتب)، يعني إن كنت تقرأ أو إن كنت أميّاً لا تقرأ، فيومها سيوفقك الله بإيمانك أن تقرأ كلمة (كافر) بين عيني الدجال. والكتابة بين عينيه كتابة حقيقية ليست مجازية، لا ينبغي أن نصرف لفظ النبي أبداً، الكتابة على جبين الدجال كتابة حقيقية، لذا وردت رواية في صحيح مسلم أن النبي قرأ الكلمة بحروفها، قال: (ك، ف، ر) فتهجاها بحروفها. فالكتابة على جبينه بين عينيه كتابة حقيقية، وليست مجازية، قد جعلها الله من الأدلة القاطعة على كفره وكذبه، ومن رحمة الله أن لا يقرأ هذه الكلمة إلا من وحد الله جل وعلا وآمن بالله عز وجل.

    1.   

    أحاديث في فتنة الدجال

    ووصف النبي فتنته.. وأستحلفك بالله أن تتدبر معي هذا المطلع العجيب!

    مع الدجال نهران يجريان

    روى مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، قال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لأنا أعلم بما مع الدجال من الدجال، معه نهران يجريان -انظر إلى الفتن الخطيرة التي ستعصف بقلوب كثير من الخلق- أحدهما رأي العين ماء أبيض، والآخر رأي العين نار تَأَجَّج -أي: تشتعل- فإن أدرك أحدكم الدجال فليأت النهر الذي يراه ناراً تأجج، وليغمض عينه، وليطأطئ رأسه، وليشرب منه؛ فإنه ماء بارد). تدبر كلام الصادق الذي لا ينطق عن الهوى: (إن أدرك أحدكم الدجال فليأت النهر الذي يراه ناراً تتأجج) أي: لا تخش نار الدجال؛ فهو دجال يغطي الحق بالكذب والباطل، فإن رأيت ناره فاعلم بأنها ماء عذب بارد طيب. ولن يجعلك تفعل ذلك الفعل يومها إلا إيمانك بالله وبحبيبك رسول الله. وفي رواية أخرى في صحيح مسلم لـحذيفة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يخرج الدجال وإن معه ماءً وناراً، فما يراه الناس ماءً فهي نار تحرق، وما يراه الناس ناراً فهو ماء بارد عذب). لا تنس أن الذي يخبرك بهذا هو الصادق الذي قال: (وأنا أعلم بما مع الدجال من الدجال).

    يمكث الدجال أربعين يوماً في الأرض

    وفي صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه أنه قال: سأل الصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المدة التي سيمكثها الدجال في الأرض، فقال الحبيب: (أربعون يوماً، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كسائر أيامكم ، قالوا: يا رسول الله! اليوم الذي كسنة تكفينا فيه صلاة يوم واحد؟!). انظر إلى همم الرجال، وهم يسألون الرسول عن الصلاة في هذا اليوم! لتعرف الفارق بين هؤلاء الأطهار وبيننا في هذه الأيام، فهم يسألون النبي عن الصلاة، ويسألون النبي عن النجاة، فمنهم من ذهب إليه؛ ليقول يا رسول الله!: (حدثني بأمر أعتصم به، فقال له: قل: ربي الله، ثم استقم)، ومنهم من قال: يا رسول الله! أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فأجابه النبي بحديثه الطويل، وكان السائل هو معاذ بن جبل رضي الله عنه. وهاهم الصحابة في هذا الحديث يسألون النبي عن الصلاة في هذا اليوم، هل تكفيهم صلاة يوم واحد، قال: (لا، اقدروا له قدره) ، يعنى صلوا الفجر وعدوا الساعات التي كانت قبل ذلك بين الفجر والظهر، فصلوا الظهر، وعدوا الساعات التي كانت قبل ذلك بين الظهر والعصر، فصلوا العصر، وهكذا، ولا تصلوا في هذا -اليوم الذي هو كسنة- صلاة يوم واحد، بل صلوا صلاة سنة. قال: (ثم ينطلق إلى قوم آخرين، فيقول لهم: أنا ربكم، فيقولون له: لا، ويكذبونه ويردون عليه دعوته، فلا ينطلق الدجال عنهم إلا وقد أصبحوا ممحلين)، أي: ذهب كل شيء من المال الذي كان بأيديهم بالأمس القريب؛ فتنة عظيمة حيث يضيع كل المال بين أيديهم، يقول المصطفى: (ويمر على خربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتتبعه كنوز الخربة كيعاسيب النحل) أي: كجماعات النحل تمشي وراءه، فتن رهيبة!

    قتل الدجال للشاب المؤمن

    ثم تزداد فتنته: فيرى شاباً من المسلمين فينادي عليه الدجال، ويأخذه، ويشق الدجال هذا الشاب نصفين، فتقع القطعتان على الأرض، فيمشي الدجال بين القطعتين أمام الناس، ويقول للشاب: قم، فيستوي الشاب حياً بين يديه، وهذا أمر لا يكاد العقل أن يدركه أو أن يستوعبه، لولا أن أخبر به الصادق المصدوق. وفي رواية أبي سعيد الخدري في صحيح مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: فيخرج إليه شاب فيلقاه مسالح الدجال -ومسالح الدجال: أتباعه من اليهود الذين يحملون السلاح- فيقول مسالح الدجال لهذا الرجل المؤمن من أتباع الحبيب محمد: إلى أين؟ فيقول: إلى هذا الذي خرج -أي: إلى الدجال- فيقولون له: أوما تؤمن بربنا؟ فيقول الرجل المؤمن: ما بربنا خفاء -يعني: لو نظرت إلى الدجال فسأعرفه- فيقولون: اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أو ليس قد نهانا ربنا -أي: الدجال- أن نقتل أحداً دونه، فينطلقون بهذا الرجل المؤمن إلى الدجال، فإذا نظر المؤمن إليه، وقرأ بين عينيه الكلمة التي أخبر عنها الصادق (كافر) صرخ المؤمن وقال: أنت المسيح الدجال الذي ذكره لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقول المصطفى: فيأمر الدجال بقتله، فيوضع المنشار في مفرق رأسه ويشقه الدجال نصفين، ثم يقول الدجال لهذا الشاب المؤمن: قم. فيستوي الشاب قائماً أمام عينيه وبين يديه وهو يضحك، فيقول له الدجال: أتؤمن بأنني ربك، فيقول المؤمن: والله ما ازددت فيك إلا بصيرة، فأنت الدجال الذي ذكر لنا رسول الله، ويلتفت المؤمن إلى الجموع من حوله ويقول: أيها الناس! هذا هو المسيح الدجال، ووالله لن يستطيع أن يفعل ذلك بأحد بعدي كما أخبرنا المصطفى. يقول رسول الله: فيقوم الدجال ليذبحه، فلا يمكنه الله من ذلك، فيأخذه الدجال من بين يديه ورجليه، ويريد أن يلقي به في ناره، فيظن الناس أنه قد قذف به في النار، وإنما ألقي في الجنة. ثم قال الحبيب: هذا أعظم الناس شهادة عند الله جل وعلا، أي: هذا الرجل المؤمن من أتباع المصطفى أعظم الناس شهادة عند الله جل وعلا، فهو الذي سيبين كذب الدجال وبطلان ادعاءات الدجال، ويحذر المؤمنين من فتنته؛ لأنه آمن برسول الله وصدق خبره، وبهذا الإيمان قرأ بين عينيه كلمة (كافر)، وقال للجموع من حوله: هذا هو الدجال الذي ذكره لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

    الجساسة والدجال

    أختم الحديث عن فتنة الدجال بحديث عجيب غريب رواه مسلم وأبو داود والترمذي وغيرهم، من حديث فاطمة بنت قيس عن تميم الداري . وهذا الحديث عندما وقفت عليه كاد عقلي أن يطيش، مع أنني قرأت الحديث قبل ذلك، لكن لما تدبرت المعاني كاد -والله- عقلي أن يطيش. الحديث -كما قلت- رواه مسلم وأبو داود والترمذي من حديث فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، وفيه أن فاطمة رضي الله عنها قالت: سمعت منادي رسول الله يقول: (إن الصلاة جامعة، إن الصلاة جامعة، تقول: فخرجت إلى المسجد، وصليت خلف رسول الله، وكنت في النساء اللاتي تلي ظهور الرجال -أي: كانت في الصف الأول في النساء الذي يقف مباشرة خلف آخر صف للرجال- فلما قضى رسول الله صلاته، جلس على المنبر وهو يضحك -بأبي هو وأمي- ثم قال: أيها الناس! ليلزم كل إنسان منكم مصلاه) أي: ليجلس كل واحد منكم مكانه، فجلس الصحابة. ثم قال: (هل تعلمون لِمَ جمعتكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. فقال رسول الله: أما إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة، وإنما جمعتكم اليوم لأن تميماً الداري كان رجلاً نصرانياً، فجاءني اليوم فبايعني وأسلم لله، وحدثني حديثاً أحببت أن أحدثكم به)، وهذه من أعظم مناقب تميم الداري . وقال النووي أيضاً: وفيه جواز حديث الفاضل عن المفضول، أي: يجوز أن ينقل الفاضل حديثاً عن رجل يقل عنه في الفضل والكرامة، فلقد نقل المصطفى -وهو من هو- حديثاً عن تميم الداري . قال النووي : وفيه كذلك جواز قبول خبر الآحاد الذي أنكره بعض الطوائف، فلقد قبل النبي خبر تميم الداري وهو واحد فرد. فماذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم؟ وتدبر معي جيداً قال: (حدثني تميم أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلاً من لخم وجذام -ولخم وجذام قبيلتان عربيتان مشهورتان- فلعب بنا الموج في البحر شهراً كاملاً، ثم أرفأنا إلى جزيرة وسط البحر- يعني: ألجأهم الموج إلى جزيرة وسط البحر- فدخلوها، فإذا هم أمام دابة أَهْلَبَ كثير الشعر، فقالوا لها: ويلك من أنت؟ فقالت: أنا الجساسة. قالوا: وما الجساسة؟ قالت: انطلقوا إلى هذا الرجل في هذا الدَّيْرِ؛ فإنه إلى خبركم بالأشواق، يقول: ففزعنا منها لما سمت لنا رجلاً وظننا أنها شيطانة، فتركناها وأسرعنا إلى الدَّير، فرأينا رجلاً عظيم الخلق مقيداً بالحديد، فقلنا: ويلك! من أنت؟ فقال لهم: قد قدرتم على خبري، فأخبروني أنتم: من أنتم؟ فقالوا: نحن قوم من العرب ركبنا السفينة فلعب بنا الموج شهراً، فأرفأنا إلى جزيرتك، فلقيتنا هذه الدابة، وقالت لنا: انطلقوا إلى هذا الرجل في هذا الدير؛ فإنه إلى خبركم بالأشواق، فأتينا إليك وقد خشينا أن تكون شيطانة. فقال لهم: أخبروني عن نخل بَيْسَانَ؟ فقالوا: وعن أيّ شأنها تستخبر؟ فقال هذا الرجل المقيد بالحديد: هل يثمر نخلها؟ فقالوا: نعم، نخلها يثمر، فقال: يوشك أن لا يثمر. ثم قال لهم هذا الرجل المقيد بالحديد: أخبروني عن بحيرة طبرية؟ قالوا: عن أيّ شأنها تستخبر؟ قال: هل فيها ماء؟ قالوا: ماؤها كثير، فقال الرجل المقيد بالحديد: يوشك أن يجف ماؤها. ثم قال: أخبروني عن نبي الأميين هل خرج؟ قالوا: نعم، خرج، بل وهاجر الآن من مكة إلى يثرب، فسألهم: ماذا صنع مع العرب؟ فقالوا: أظهره الله عليهم، فقال لهم: أوقد كان ذلك، قالوا: نعم، فقال هذا الرجل: خير لهم أن يطيعوه، خير لهم أن يطيعوه -أي: أن يطيعوا هذا النبي صلى الله عليه وسلم- ثم قال لهم: أما أنا فأخبركم؛ أنا المسيح الدجال، وإني أوشك أن يؤذن لي فأخرج فأسير في الأرض، فلا أدع قرية إلا هبطتها، إلا مكة والمدينة فإنهما محرمتان عليّ، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما وجدت ملكاً على بابها بالسيف، فإنه على كل نقب من أبواب مكة والمدينة ملائكة يحرسونها بأمر الله جل وعلا).

    1.   

    مقتل الدجال

    أيها الأحبة الكرام! هذا قليل من كثير، فلا زال في الجُعْبَة، أو في الكتب -بمعنى أحرى- الكثير عن فتنة الدجال، ولقد لخصت وأجملت لكم ما يَسَّر الله عز وجل؛ لنقف على خطورة هذه الفتنة، ثم لأعرج بعد جلسة الاستراحة على سبيل النجاة من فتنة الدجال، والله أسأل أن يجعلني وإياكم جميعاً ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وقبل أن أجلس جلسة الاستراحة، قد يسألني الآن مسلم تغيظ قلبه من الدجال وفتنته، ويقول لي: يا أخي! لا تدعنا هكذا بل بشر قلوبنا، وأسعد قلوبنا: هل سيقتل الدجال؟ ومن الذي سيقتله؟ والجواب: أبشر! سيُقتل الدجال، يقتله عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. أين يقتله؟ ومتى يقتله؟ اسمع الجواب من رسول الله، والحديث رواه ابن ماجة في سننه والحاكم في المستدرك، وصحح الحديث الألباني من حديث أبي أمامة الباهلي أنه صلى الله عليه وسلم قال: بينما إمام المسلمين يصلي بهم الصبح في بيت المقدس -اللهم فُكَّ أسره، ورده إلى المسلمين ردّاً جميلاً، وطهره من دنس اليهود برحمتك يا رب العالمين- إذ نزل عليهم عيسى بن مريم، فإذا نظر إليه إمام المسلمين عرفه)، فمن أدبه الذي تعلمه من رسول الله، وعلمه إياه دين الله أنه إذا رأى عيسى، يتقهقر إمام المسلمين للخلف؛ ليفسح القبلة لنبي الله عيسى، ليصلي بالمؤمنين أتباع سيد النبيين محمد. قال: (فيأتي عيسى عليه السلام ويضع يده في كتف إمام المسلمين، ويقول له: لا، بل تقدم أنت فَصَلِّ؛ فالصلاة لك أقيمت -وفي لفظ: فإمامكم منكم يا أمة محمد!- ويصلي نبي الله عيسى خلف إمام المسلمين لله رب العالمين، فإذا ما أنهى إمام المسلمين الصلاة قام عيسى، وقام خلفه المسلمون، فإذا فتح عيسى باب بيت المقدس رأى المسيح الدجال ومعه سبعون ألف يهودي بيدهم السلاح، فإذا نظر الدجال إلى نبي الله عيسى ذاب كما يذوب الملح في الماء، ثم يهرب، يقول المصطفى: فينطلق عيسى وراءه، فيمسك به عند باب لُدّ الشرقي)، كلام دقيق من الصادق كأنه يرى الأحداث أمام عينيه، وكأن الله كشف له الحُجُب فرأى كل شيء بأبي هو وأمي. قال: (فيمسك به المسيح عند باب لد الشرقي -و(لد) مدينة معروفة بفلسطين- فيقتله نبي الله عيسى)، ويستريح الخلق من شر الدجال ومن فتنة الدجال، أسأل الله أن يقينا وإياكم من فتنته، بل ومن الفتن كلها ما ظهر منها وما بطن. وأخيراً: ما السبيل إلى النجاة؟ والجواب بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    سبيل النجاة من المسيح الدجال

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه، واستن بسنته، واقتفى أثره إلى يوم الدين.. أما بعد: فيا أيها الأحبة الكرام! كان ولابد أن أجيب على هذا السؤال: ما السبيل إلى النجاة من فتنة الدجال؟ والجواب من سيد الرجال محمد بن عبد الله صلى الله عليه وآله ومن والاه، تدبر الجواب جيداً..

    حفظ سورة الكهف

    روى ابن ماجة في سننه والحاكم في مستدركه وصححه الألباني ؛ قال صلى الله عليه وسلم: (من حفظ عشر آيات من سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال). وفي لفظ: (من حفظ عشر آيات من أوائل سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال). وفى لفظ: (من حفظ عشر آيات من آخر سورة الكهف). وأنا أقول لك: هل تقف على خطر فتنة الدجال ولا تشرع من اليوم في حفظ سورة الكهف بكاملها، احرص على حفظ السورة من الآن، واجتهد أن تعمل بها قدر الاستطاعة والإمكان، فمن حفظ عشر آيات من سورة الكهف، عصم من فتنة الدجال.

    الفرار إلى مكة أو المدينة

    كذلك من السبل للنجاة منه أن تفر إلى بلد الله الحرام أو إلى طيبة طيبها الله، فمكة والمدينة محرمتان على الدجال أن يدخلهما، فلا يستطيع الدجال أن يدخل مكة ولا أن يدخل المدينة، فهذه أيضاً من سبل النجاة، فإن يسر الله أن تفر إلى بلد الله الحرام أو إلى مسجد رسول الله عليه الصلاة والسلام أو إلى المدينة، فهذا سبيل من سبل النجاة، أسأل الله أن يرزقنا وإياكم وفاة في أرض حبيبه المصطفى، إنه وليّ ذلك والقادر عليه.

    توحيد الله تعالى وتحقيق الإيمان

    ولا أجد لك سبيلاً للنجاة أكرم وأشرف وأَجَلَّ وأعظم وأطيب من أن توحد الله جل وعلا، وأن تصحح إيمانك به عز وجل، ألم يقل لك المصطفى بأنه لا يقرأ كلمة (كافر) بين عيني الدجال إلا مؤمن وحد الكبير المتعال؟! واعلم بأن الإيمان ليس كلمة يرددها لسانك فحسب، بل الإيمان قول باللسان، وتصديق بالجنان -يعني: بالقلب- وعمل بالجوارح والأركان. ولابد أن تعلم أن له أركاناً ألا وهي: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره. قال الحسن : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، فمن قال خيراً وعمل خيراً قبل منه، ومن قال خيراً وعمل شراً لم يقبل منه. فحقق الإيمان أيها الحبيب الكريم! فلا أجد لنفسي ولك أعظم وأجل من الإيمان؛ لينجينا الله من فتنة الدجال، بل من كل الفتن ما ظهر منها وما بطن، ولنسعد إن شاء الله تعالى -والمشيئة هنا للتحقيق- بصحبة سيد الرجال في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، قال الله جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:30-32]. إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا * قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا * قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا [الكهف:107-110]. فلا أجد لنفسي ولك -أيها الحبيب الكريم- أعظم من تحقيق الإيمان وتحقيق التوحيد لرب العالمين.

    تصحيح المعتقد في الله

    قال الله في الحديث القدسي: (يا ابن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.. يا ابن آدم! لو بلغت ذنوبك عَنَان السماء ثم استغفرتني، غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.. يا ابن آدم! لو أتيتني بقراب الأرض خطايا، ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة). قولوا: لا إله إلا الله؛ تفلحوا في الدنيا وفي الآخرة بين يدي الله، وتسعدوا بصحبة رسول الله في جنات ونهر، في مقعد صدق عند مليك مقتدر، فحققوا التوحيد والإيمان، فإن من أعظم الأسباب للوقاية من فتنة المسيح الدجال، أن نصحح معتقدنا وأن نقوي إيماننا. أسأل الله جل وعلا أن يقينا وإياكم من فتنة الدجال، اللهم نجنا من فتنة الدجال، اللهم نجنا من فتنة الدجال، اللهم اختم لنا منك بخاتمة الموحدين يا كبير! يا متعال! اللهم ارزقنا جميعاً قبل الموت توبة، وعند الموت شهادة، وبعد الموت جنة ورضواناً، اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، وبلغنا مما يرضيك آمالنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، اللهم آت نفوسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها. اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا. اللهم أسعد قلوبنا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكس المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان، اللهم لا تحرم بلدنا مصر من الأمن والأمان وسائر بلاد المسلمين، اللهم اجعل مصر سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين، اللهم ارفع عن مصر الفتن ما ظهر منها وما بطن وسائر بلاد المسلمين. أحبتي في الله! هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة، ويلقى به في جهنم، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756628380