إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (49) - النوع التاسع والأربعون في مطلقه ومقيده

عرض كتاب الإتقان (49) - النوع التاسع والأربعون في مطلقه ومقيدهللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من أنواع علوم القرآن: المطلق والمقيد، وهو كالعام والخاص، مع وجود فروق يسيرة بين المبحثين، والناظر في القرآن الكريم يجد أمثلة عديدة للمطلق والمقيد في الأحكام والأخبار، وهذا العلم يرتبط بغيره من علوم القرآن وعلوم أخرى.

    1.   

    تعريف المطلق والعام والفرق بينهما

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    فإن الحديث في المطلق والمقيد موجز، فلعلنا نأخذ لمحات سريعة عما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى في المطلق.

    قال السيوطي رحمه الله تعالى: هو الدال على الماهية بلا قيد، وهو مع المقيد كالعام مع الخاص.

    إذاً عندنا الآن المطلق يقابله المقيد، كما أن العام يقابله الخاص.

    وهنا لما ذكر العام والخاص، يحسن أن نعرف الفرق بين العام والخاص من جهة، وبين المطلق والمقيد من جهة أخرى ليتبين؛ لأن بينهما تداخلاً كما سيأتي.

    فالعام هو: اللفظ المتناول لأفراد كثيرة.

    والمطلق كما قال ابن عقيلة : قد يكون عاماً كقوله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المجادلة:3]، وقد يكون غير عام كقوله: وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6]، فالأيدي مطلق وقُيدت بالمرافق، يعني: التقييد متصل وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6].

    نلاحظ الآن في قوله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المجادلة:3] بمعنى: أي رقبة، لكن (أيديكم) يعني: يد الإنسان نفسها أي: كل واحد، فهي محددة مقيدة بقوله: إِلَى الْمَرَافِقِ [المائدة:6].

    أنواع العام والمطلق

    إذاً نفهم أنه قد يكون اللفظ عاماً من جهة، ومطلقاً من جهة، وقد يكون عاماً يقابله الخاص فقط، وقد يكون مطلقاً ويقابله المقيد فقط.

    إذاً عندنا الآن ثلاث مراتب: مطلق يقابله التقييد، وعام يقابله التخصيص، وقد يكون اللفظ عاماً من جهة ومطلقاً من جهة أخرى.

    وهذه قضية مهمة جداً يجب أن ننتبه لها؛ لأنها ترد عندنا في القرآن كثيراً، بأن اللفظ إذا نظرنا إليه من جهة نجعله عاماً، وإذا نظرنا إليه من جهة أخرى نجعله مطلقاً.

    يقول: قال العلماء: متى وجد دليل على تقييد المطلق صير إليه.

    يعني: أن الأصل في اللفظ أنه للإطلاق، كما قلنا في العام: إن الأصل فيه العموم، فكذلك اللفظ إذا ورد فالأصل فيه الإطلاق، والتقييد يحتاج إلى دليل.

    علاقة الإطلاق والتقييد بلغة العرب

    قال: لأن الله تعالى خاطبنا بلغة العرب.

    هذا هو التعليل: (لأن الله تعالى خاطبنا بلغة العرب)، فهل قضية العام والخاص والإطلاق والتقييد هي من خصوصيات العرب، أو هي عامة؟ الأصل أنها عامة، بمعنى: أن أي متكلم بأي لغة كانت يستخدم أسلوب العموم، ويستخدم أسلوب الإطلاق؛ ولهذا يدخل علم المنطق من خلال هذه القضايا التي تشترك فيها العرب مع غيرها.

    إذاً: ليست خصيصة في كلام العرب فقط، ولكن لا شك أن القرآن نزل بلغة العرب، والعرب تعتبر الإطلاق والتقييد كما تعتبر العموم والخصوص، فإذاً هو من قضاياها التي تستخدمها في كلامها العام مثل النكرة والمعرفة.

    1.   

    ضابط في الإطلاق والتقييد

    قال بعد ذلك: والضابط أن الله تعالى إذا حكم في شيء بصفة أو شرط، ثم ورد حكم آخر مطلقاً نظر، فإن لم يكن له أصل يرد إليه إلا ذلك الحكم المقيد وجب تقييده به، وإن كان له أصل غيره لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر.

    فعندنا أصل، والإطلاق يرجع إلى أصل واحد، وقد يرجع إلى أكثر من أصل، إلى تقييد وإلى غير تقييد، فحمله على التقييد يحتاج إلى دليل، وحمله على غير التقييد يحتاج إلى دليل أيضاً، وهو معنى قوله: لم يكن رده إلى أحدهما بأولى من الآخر. وذكر الأمثلة في ذلك.

    أمثلة على التقييد

    ثم قال: فالأول مثل اشتراط العدالة في الشهود على الرجعة والفرقة والوصية في قوله: وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ [الطلاق:2]، وقال: شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ [المائدة:106].

    فهذا مقيد. وفي الشهادة في البيوع وغيرها مطلق، مثل قوله: وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ [البقرة:282]، يعني: هل يلزم أن يكون الشاهد على البيع عدلاً أو لا؟ كذلك الشهادة في تسليم الوحي مال اليتيم إليه في قوله: فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ [النساء:6].

    قال: والعدالة شرط في الجميع.

    قال: ومثل تقييده ميراث الزوجين بقوله: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12]، وإطلاقه الميراث فيما أطلق، وكان ما أطلق من المواريث كلها بعد الوصية والدين.

    إذاً عندنا إطلاق وعندنا تقييد، فيحمل المطلق على المقيد.

    طرق معرفة النصوص المقيدة للنصوص المطلقة

    السؤال: كيف تعرف النصوص المقيدة للنصوص المطلقة؟

    الجواب: بالقرائن؛ ولهذا قد يختلفون في بعض الأمثلة: هل تُحمل على التقييد أو لا؛ ولهذا ابن عقيلة يقول: دلت القرائن على اشتراط الشهادة مطلقاً في الآيات بالقرائن الخارجية، يعني: ليست قرائن متصلة، وإنما قرائن خارجية؛ فما دام أنه ذكر في شهادات أخرى العدالة، وهي بمثل الشهادة في البيع، فتُحمل الشهادة في البيع على الشهادة الواردة في مثل الطلاق أو غيره، فهذه طريقتهم في حمل المطلق على المقيد؛ ولهذا قد يقع خلاف.

    وذكر بعدها مذهب الشافعي حمل المطلق على المقيد في الجميع، ومن العلماء من لا يحمله... إلى آخره، ففيه خلاف بينهم.

    وهذا لا شك أنه من بحث الأصول، ولها مساس أحياناً بعلم التفسير.

    ومن الأمثلة التي أوردها المؤلف قوله: وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ [البقرة:217]، هذا مقيد وأُطلق في قوله: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [المائدة:5].

    1.   

    دخول الإطلاق والتقييد في الأخبار

    بقي أن نقول: هل علم المطلق والمقيد مختص بالأحكام أو يدخل في الأخبار أيضاً؟ الصحيح: أن الأخبار تدخل، ولكن لأن هذه المباحث بحثها علماء الأصول، وعلماء الأصول عنايتهم بالأحكام؛ ولهذا فأغلب أمثلتهم في هذه القضايا مرتبطة بالأحكام؛ ولهذا يجب أن ننتبه لهذه الحيثية.

    ولذا نقول: وإن كان أغلب ما ذكره المؤلف رحمه الله تعالى من باب الأحكام إلا أن الأخبار تدخل.

    المثال الأول: قوله تعالى: ولتعلمن نبأه بعد حين

    و الطبري نص على هذا في قوله سبحانه وتعالى: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص:88]، فيقول: ثم اختلفوا في مدة الحين الذي ذكره الله في هذا الموضع ما هي وما نهايتها؟

    قال بعضهم: نهايتها الموت، ثم ذكر رواية عن قتادة ، وقال الحسن أيضاً: يا ابن آدم! عند الموت يأتيك الخبر اليقين.

    وقال بعضهم: نهايتها إلى بدر. وذكر رواية عن السدي ، وقال بعضهم: نهايتها يوم القيامة، وذكر رواية عن ابن زيد .

    فعندنا الآن ثلاثة أقوال: الموت، وبدر، والقيامة. وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص:88] يعني: مدة هذا الحين هل هو حين يوم بدر، أو حين موت الإنسان، أو حين القيامة؟

    يقول الطبري : وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله أعلم المشركين المكذبين بهذا القرآن أنهم يعلمون نبأه بعد حين، من غير حدٍ منه لذلك الحين بحد.

    وقد علم نبأه من أحيائهم الذين عاشوا إلى ظهور حقيقته ووضوح صحته في الدنيا، ومنهم من علم حقيقة ذلك بهلاكه ببدر، وقبل ذلك، ولا حد عند العرب للحين، لا يجاوز ولا يقصر عنه، فإذا كان ذلك كذلك، فلا قول فيه أصح من أن يطلق كما أطلقه الله من غير حصر ذلك على وقت دون وقت.

    فإذاً الأصل متفاوت، فيكون كل واحد بحسبه يعني: وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ [ص:88] كل واحد بحسبه.

    المثال الثاني: قوله تعالى: (لابثين فيها أحقابا)

    عندنا أيضاً في قوله سبحانه وتعالى: لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا [النبأ:23] هذا أيضاً خبر، فيخبر الله سبحانه وتعالى أن الكفار يلبثون أحقاباً في النار، وهذا الخبر الآن مطلق والدليل على إطلاقه أنه لم يحد بعدد، يعني: لو قال: لابثين فيها حقبين، مائة لتقيد بالعدد، وما دام أطلق فهو مطلق، يعني: كأنه قال: لابثين فيها سنين، ويصدق عليه من يلبث سنين متعددة؛ ولذا وقع خلاف بين العلماء في هذه الآية: هل لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا [النبأ:23] هي لعصاة المؤمنين -وهذا القول فيه ضعف-، أو هي للكفار؟ وإذا كانت للكفار، فهل تنتهي عذابات الكفار ويفنون، أو أنهم يلبثون أحقاباً تلو أحقاب بلا عدد، أو أنهم يلبثون أحقاباً في نوع من العذاب ثم يزاد لهم العذاب في قوله: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذَابًا [النبأ:30]؟

    أقوال متعددة، لكن في النهاية نعلم أن هذا مما أطلق ولم يقيد.

    طريقة إثراء البحث في المطلق والمقيد

    والمقصود من هذا أن نقول: إن مبحث المطلق والمقيد يمكن أن يبحث في علوم القرآن من خلال الأحكام ومن خلال الأخبار، وبناءً عليه سيكون عندنا البحث فيه ثراء من جهة المعلومات يعني: من جهة الأمثلة، كما أننا قبل قليل لاحظنا ملحوظة مهمة وهي أنه قد يجتمع في اللفظ الواحد أن يكون عاماً من جهة ومطلقاً من جهة، وهذا مهم جداً بحثه.

    لاحظ مثلاً قوله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة:67] هذا عام في أي بقرة؛ لما قال: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً [البقرة:67] قالوا: أي بقرة. ولذا السلف قالوا بإجماع: إنهم لو ذبحوا أي بقرة لأجزأتهم، لكن حصل فيما بعد في الأسئلة تقييدات، فهو مطلق من هذه الجهة وعام من الجهة الأخرى.

    فبداية الخبر عموم في جنس البقرة، ثم صار مطلقاً في بقرة معينة بذاتها فيما بعد.

    المقصد من هذا أنه يمكن أن يبحث هذا من خلال الأحكام ومن خلال الأخبار، بناءً على أن مبحث المطلق والمقيد الأصل فيه أنه عقلي، يعني: التعامل مع المطلق والمقيد هو تعامل عقلي، فهذا إذاً من مباحث علوم القرآن العقلية، تعتمد على الاجتهاد وعلى إعمال الذهن.

    أثر مبحث المطلق والمقيد على فهم المعنى

    لا شك أن له أثراً في فهم المعنى، فإذاً يدخل في علوم التفسير، ومن باب أولى أن يكون من علوم القرآن، فإذا أدخلناه في علوم التفسير فهو من علوم القرآن.

    العلوم التي يشترك معها المطلق والمقيد

    ما هي العلوم التي يشترك معها المطلق والمقيد؟

    وأنا أحب أن يعتنى بهذا؛ لأن علوم القرآن هي شجرة مترابطة في الغالب، فممكن أن يتحصل لنا من غصن منها مجموعة من الأوراق المرتبط بعضها ببعض؛ لأن فيها تواصلاً.

    فمثلاً المطلق والمقيد لو تأملنا فنحن لا نتكلم عنهما من جهة علم الأصول في قضية دلالة الألفاظ أنه يجتمع العموم والخصوص، والناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد معاً لا، إنما مرادنا الآن أسلوب البحث في المطلق والمقيد، له علاقة بمباحث أخرى، فنسأل الآن: هل له علاقة بالمتشابه النسبي أو لا؟ له علاقة؛ لأن من أسباب التشابه النسبي الإطلاق والتقييد، فإذاً له علاقة بعلم المحكم والمتشابه، لكن الجزء المرتبط به هو في المتشابه النسبي.

    كذلك له علاقة بأحكام القرآن، يعني: علم أحكام القرآن مرتبط هذا به؛ لأن جزء من هذا العلم مرتبط بأحكام القرآن، فيدخل في علم أحكام القرآن.

    خارج إطار علوم القرآن العامة، عندنا علم أصول الفقه وعلم الفقه، يعني: علم الفقه وأصول الفقه أيضاً لهذا العلم بهما ارتباط لأنه مرتبط بالأحكام كما هو ظاهر.

    هذا باختصار ما يتعلق بالمطلق والمقيد.

    دخول المطلق والمقيد في الناسخ والمنسوخ

    السؤال: [ هل يدخل المطلق والمقيد في الناسخ والمنسوخ ]؟

    الجواب: يدخل في الناسخ والمنسوخ بالمعنى الأعم الذي هو استخدام السلف، فهذا أيضاً يقيد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756564504