إسلام ويب

مختصر التحرير [52]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الصحة في العبادات ما تعلق به الإجزاء، وهي في المعاملات ترتب أحكامها المقصودة عليها، ويجمع الصحة في العبادات والمعاملات ترتب الأثر المطلوب من الفعل عليه.

    1.   

    تعريف الصحة في المعاملات

    قال المؤلف رحمه الله: [وفي معاملة: ترتب أحكامها المقصودة بها عليها].

    الصحة في المعاملة أن تترتب أحكامها المقصودة بها عليها، أي على المعاملة، يعني: فإذا كان عقداً وقلنا: هذا العقد صحيح، فالمعنى: أن أحكامه المرتبة عليه ترتبت عليه، وحصل مقتضاه.

    مثال ذلك: إذا بعت سلعة، فمقتضى البيع أن تنتقل السلعة للمشتري والثمن للبائع، فإذا قلنا: هذا العقد صحيح، فيعني أن الثمن انتقل للبائع، والسلعة انتقلت للمشتري.

    وإذا قلنا: غير صحيح فيعني أن الثمن لم ينتقل للبائع، ولا السلعة للمشتري، مثال ذلك: تبايع رجلان تلزمهما الجمعة بعد نداء الجمعة الثاني، فإننا نقول في هذا البيع إنه غير صحيح، مع أن البائع سلم المبيع للمشتري، والمشتري سلم الثمن للبائع، فهل ترتب أثر العقد عليه وانتقل الثمن للبائع والسلعة للمشتري؟

    الجواب: لا. إذاً نقول للمشتري: لا تتصرف في المبيع، لأنه ليس لك، ونقول للبائع: لا تتصرف في الثمن فالثمن ليس لك.

    مثال آخر: تبايع رجلان لا تلزمهما الجمعة بعد نداء الجمعة الثاني؛ لكونهما مريضين في المستشفى مثلاً، فهنا حكم البيع أنه صحيح، إذاً: الثمن الذي دفع للبائع يكون ملكاً له، والسلعة التي دفعت للمشتري تكون ملكاً له.

    إذاً: المعاملة الصحيحة هي التي ترتبت أحكام العقد عليها، فإذا ترتبت أحكام العقد على العقد فهو صحيح، وإن لم تترتب فليس بصحيح.

    والحقيقة أن هذا التعريف فيه شيء من النظر؛ وذلك لأن ترتب الأحكام إنما يكون بعد الحكم بالصحة، فكيف يكون التالي تعريفاً للسابق؟ هذا فيه نظر، ولهذا لو قيل: إن المعاملة الصحيحة ما وافقت الشرع، والفاسدة ما خالفت الشرع، وكل ما وافق الشرع فإن أحكامه تترتب عليه، وكل ما خالف الشرع فإن أحكامه لا تترتب عليه؛ لو قيل بهذا لكان أوضح؛ لأن تعريف الشيء بآثاره فيه نظر؛ لأن الشيء يسبق الأثر، فكيف نعرف الشيء بما يأتي بعده؟

    إذاً: الصحيح ما وافق الشرع، والفاسد ما خالف الشرع، ويمكن أن نستدل لذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل).

    إذاً: فالباطل ما خالف كتاب الله، والصحيح ما وافقه.

    1.   

    ما يجمع الصحة في العبادة والمعاملة

    يقول: [ويجمعهما]، يعني الصحة في العبادة، والصحة في المعاملة، [ترتب أثر مطلوب من فعل عليه]، والعبارة فيها تعقيد، لكن يحمل على هذا التعقيد حب الاختصار، فجزاهم الله خيراً، هم يحبون الاختصار حفاظاً على الوقت، وعلى التعب بالكتابة، وعلى المال، استهلاك ورق أكثر ومداد أكثر، وتسهيلاً للحفظ؛ لأنه إذا كان مختصراً أنت تحفظه، لكن فيه صعوبة أحياناً.

    فقوله: (يجمعهما ترتب أثر مطلوب من فعل عليه)، أي: على ذلك الفعل، مثال ذلك: الصلاة إذا كانت صحيحة يترتب عليها أثر مطلوب من فعلها، وهو براءة الذمة وحصول الأجر، فإذا برئت الذمة بالفعل، وحصل الثواب، فهي صحيحة.

    وإذا انتقل الملك في البيع والشراء، أي انتقل ملك الثمن للبائع وملك المثمن للمشتري، فهذا ترتب أثر مطلوب من فعل عليه، أي: على ذلك الفعل، والمطلوب في البيع أن يملك المشتري المثمن، والبائع الثمن.

    فإن قيل: أيهما الطالب؟

    قلنا: لا بد أحياناً أن يكون المشتري هو الذي له الطلب، لأنه يريد هذه السلعة، أما البائع فلا يهمه الدراهم، فقد يكون عنده دراهم كثيرة؛ لكن المشتري هو الذي يحتاج للسلعة، إذاً فالطالب المشتري.

    وأحياناً يكون البائع محتاجاً للدراهم، يريد أن يبيع سيارته ليأخذ دراهم يتزوج بها مثلاً، فالطالب الآن هو البائع.

    أحياناً يكون الطلب للجميع، المشتري محتاج للسلعة، والبائع يريد بيعها ليكتسب لأصحاب المحلات (التجار)، فهنا الطلب من الجميع.

    ثم الفعل الذي هو البيع والشراء، هو فعل إذا ترتب أثره المطلوب عليه فهو صحيح، وإن لم يترتب فليس بصحيح، وكما قلت لكم: إن هذا التعريف فيه شيء من النظر؛ لأنه تعريف للشيء بآثاره المترتبة عليه، والشيء لا بد أن يكون سابقاً على آثاره، وقلنا: إن الصحيح أن نقول في الصحيح من المعاملات: ما وافق الشرع، والفاسد: ما خالف الشرع، واستدللنا لذلك بقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل).

    قال: [فبصحة عقد يترتب أثره].

    معلوم أنه إذا صح العقد ترتب عليه أثره، وأظن لا حاجة للمثال؛ لأنه سبب.

    كذلك أيضاً [وعبادة إجزاؤها] يعني: وبصحة العبادة يترتب إجزاؤها، [وهو كفايتها في إسقاط التعبد]، وهنا عاد المؤلف لما قلنا: أن الصحيح ما برئت به الذمة وسقط به الطلب، فإذا كفت بإسقاط التعبد فقد صحت، وإن لم تكف فليس بصحيحة.

    ثم قال: [ويختص بها] أي الإجزاء يعني يقال العبادة: مجزئة، ولا يقال: المعاملة مجزئة، لكن يقال: العبادة صحيحة، ويقال: المعاملة صحيحة، فصار الصحة والفساد يشترك فيهما العبادة والمعاملة، والإجزاء تختص به العبادة، والله أعلم.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756644852