إسلام ويب

تفسير سورة الروم [42 - 45]للشيخ : أحمد حطيبة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أمر الله عباده أن يقيموا وجوههم للدين، ويتمسكوا به برغبة وجد، قبل أن يموت أحدهم وتقوم قيامته، ثم يأتي يوم القيامة فيفوز من يفوز، ويندم من يندم، ومن فاز بالجنة فقد فاز الفوز العظيم، ومن خسرها ودخل النار فقد خسر الخسران العظيم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل ... )

    الحمد لله رب العالمين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.

    قال الله عز وجل في سورة الروم: قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ * فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِين * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [الروم:42-46].

    يأمر الله سبحانه وتعالى عباده في هذه الآيات بأن يسيروا في الأرض ويعتبروا فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل, أين ذهب قوم عاد, وقوم نوح, وقوم ثمود, وقوم إبراهيم, وأصحاب مدين, والمؤتفكات, وقوم فرعون؟ أين ذهب هؤلاء؟ ما صنعوا؟ وكيف صنع بهم؟!

    فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ [الروم:42] كفروا بالله سبحانه، وأشركوا معه غيره, عبدوا غير الله, وزعموا أنهم يقربونهم إلى الله زلفى, والله غني عنهم وعن عبادتهم, قال الله: (أنا أغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه) فالله الغني الحميد سبحانه وتعالى, وهؤلاء كذبوا وكفروا فاستحقوا الوعيد الذي توعدهم به ربهم.

    قال الله: فَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ [الروم:42] هنا النظر بمعنى الاعتبار, اعتبروا يا أولي الألباب, اعتبروا يا أولي الأبصار, انظروا إلى ما صنع بهم وإلى صنيعهم، وانظروا إلى أعمالكم، ولا تقلدوهم في ذلك فيصبكم مثلما أصابهم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فأقم وجهك للدين القيم ...)

    قال تعالى: فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ [الروم:43] أمر الله العباد أن يسيروا وينظروا ويعتبروا, وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقيم وجهه لهذا الدين القيم، والأمر له وللمؤمنين معه بالتبع، أي: أقيموا وجوهكم إلى هذا الدين, أقم وجهك واقصد إلى هذا الدين العظيم, أقم قصدك واجعل وجهتك اتباع هذا الدين القيم العظيم دين الإسلام مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ [الروم:43]، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو إلى الله ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125]، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بأن يجاهد في سبيل الله سبحانه وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ [الحج:78]، فهو والمؤمنون مأمورون أن يتوجهوا إلى دين الله سبحانه.

    فَأَقِمْ وَجْهَكَ [الروم:43] وجه الإنسان أشرف ما فيه، فإذا وجهه إلى شيء توجه بدنه إليه فَأَقِمْ وَجْهَكَ [الروم:43] أي: استقم بتوجهك إلى دين رب العالمين سبحانه، وكذلك المؤمنون معك، ووضحوا الحق، وبالغوا في الإعلان إلى الحق, وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يشتغل وينشغل بما هو فيه من دعوة إلى الله سبحانه، ولا يشغل نفسه بالحزن عليهم كما قال: وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ [النحل:127] فهم يمكرون ويمكر الله عز وجل بهم, لكن إذا تفرغ للحزن عليهم فسيضر نفسه كما قال الله: لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [الشعراء:3], وقال: فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا [الكهف:6]، فستقعد تحزن عليهم إلى أن تميت نفسك عليهم, وهم لا يستحقون ذلك، وليست هذه وظيفتك، إنما وظيفتك أنك نذير وبشير، تنذر من يعصي ربه سبحانه, وتبشر من يطيع ويؤمن بالله سبحانه وتعالى، وبلغ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [النور:54].

    فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ [الروم:43] اعمل لهذا اليوم وحذرهم قبل أن يأتي هذا اليوم الذي لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ [الروم:43]، من يرده إذا أراد الله عز وجل أن يأتي بيوم القيامة؟ هو آت لا ريب فيه, ولا يرده الله سبحانه وتعالى عن هؤلاء لا بدعائهم ولا بغيره, فإذا جاء يوم القيامة لا يقدر الإنسان أن يؤخره, ولو دعا ربه لن يؤخره سبحانه وتعالى, فلن يرده الله سبحانه عن موعده, فهو وعد حق من الله، وميعاد محدود من الله، لابد أن يأتي هذا اليوم, ولا يرده أحد، ولو دعا الإنسان ربه سبحانه أن يرده عنه فلن يرده.

    وهذه الكلمة (لا مرد له) يقرؤها حمزة بالمد وإن كان ليس فيها همزة، وهذا نوع من أنواع المد للمبالغة في النفي, مثلما قرأ: ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ [البقرة:2] فيمد(لا) مبالغة في نفي الشك عن هذا الكتاب, ومن الأشياء اللطيفة في المدود أن القراء الذي يقصرون المد المنفصل مثل لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [الصافات:35] وهم قالون وابن كثير وأبو عمرو وحفص وشعبة عن عاصم وغيرهم، فهم يقصرون المد، فإذا قصروا مدوا في هذه الكلمة (لا إله إلا الله) ويسمونه المد للتعظيم, أي: لتعظيم الله سبحانه, فهم يقصرون كل مد منفصل فإذا جاءوا في لا إله إلا الله مدوا (لا إله إلا الله) للتعظيم, فيجوز عندهم فيها المد ويجوز القصر، وإن كان الأصل فيها القصر مثل المد المنفصل، ولكن يمدون في هذه الحالة للتعظيم, وكذلك يمد هنا حمزة ، وإن كان حمزة يمد المد المنفصل والمتصل وغير ذلك, ولكن هذا المد ليس له علاقة بالهمزات، وإنما المد هنا للمبالغة في النفي.

    قوله: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ أي: فلا يقدر أحد أن يرده، ولا يرده الله سبحانه وتعالى عنهم لا بتوسلهم ولا بدعائهم، فلا يرد هذا اليوم إذا جاء.

    قال الله: يَوْمَئِذٍ [الروم:43] أي: في يوم القيامة يَصَّدَّعُونَ [الروم:43], يقال: تصدع البنيان بمعنى تشقق، فالتصدع هو التشقق والتفتت، ومنه الصداع الذي يصاب به الإنسان، وكأنه يفرق شعب رأس الإنسان, وكأنه سيشق دماغه، فهذا اليوم يصدعون فيه، وهنا التشديد يدل على هم هذا اليوم وعظمه، والأصل فيها يتصدعون, فأدغم وثقل لثقل هذا اليوم الفظيع, نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة, فقال هنا: يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [الروم:43]، وقال: يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ [الروم:14]، فالناس يخرجون من قبورهم ويردون إلى الموقف يوم القيامة فيقفون بين يدي الله عز وجل خمسين ألف سنة ثم يتفرقون ويتصدعون, فريق في الجنة وفريق في السعير, فلذلك قال هنا سبحانه: يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ [الروم:43].

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحاً فلأنفسهم يمهدون)

    قال الله: مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ [الروم:44] تصدع أهل الكفر وساقتهم الملائكة إلى النار, فمن كفر فعليه هذا الكفر, فكفره لن يضر به ربه سبحانه, فالله غني عن العباد وعن عبادتهم, فهؤلاء الذين كفروا وبال كفرهم عليهم, (من كفر فعليه كفره) أي: جزاء كفره عليه وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون [الجاثية:33].

    وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا [الروم:44] المؤمنون الأتقياء أهل العمل الصالح فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ [الروم:44] المؤمن يمهد لنفسه, والتمهيد بمعنى التوطيء، ومهد الشيء بمعنى جعله موطأ يمكن أن يقعد عليه وأن يمشي عليه، فقد جعله مذللاً سهلاً, فكأن المؤمن ييسر لنفسه بفعله وبعبادته طريقاً إلى الجنة, وطريق الجنة في هذه الدنيا سهل على من وفقه الله سبحانه وتعالى إليه, وإن كان ظاهره أنه صعب، وفي الحديث: (حفت النار بالشهوات، وحفت الجنة بالمكاره) فطريق الجنة لا بد للإنسان أن يجاهد نفسه عليه, ويجاهد شيطانه, ويجاهد هواه, ويجاهد الكفار, ويجاهد المنافقين, فيأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر, أشياء كثيرة تكون صعبة على الإنسان, ولكن عندما يستعين بالله سبحانه وتعالى فإن الله يسهلها عليه، فالمؤمن طريقه سهل, فأنت تقوم وتصلي الفجر كل يوم، وقد تعودت على ذلك, وانظر إنساناً آخر ليس متعوداً على ذلك إذا قلت له: قابلني غداً في صلاة الفجر فتأتي وهو لا يأتي, فتسأله فيقول: ضبطت المنبه على الأذان ولم أقم, لكن أنت تفرح عندما تسمع أذان صلاة الفجر, فتتوضأ وتمشي إلى المسجد وأنت تتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: (بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة)، فيصير الأمر سهلاً عليه، فيصلي الفجر كما يصلي الظهر والعصر, والأمر عنده سهل يسير, مع أن فيها مشقة ولكن من اعتاد على الخير يسره الله سبحانه وتعالى عليه, ويأتي شهر رمضان وأنت مشتاق لهذا الشهر، وإن كنت تصوم كل اثنين وخميس فيكون صوم شهر رمضان سهلاً جداً, وينتهي رمضان فتحزن على فراقه، وإنسان آخر ليس متعوداً على الصوم قبل رمضان، فيصعب عليه صومه، فإذا جاء شهر رمضان يصوم يوماً أو يومين وبعد ذلك يأخذ السيجارة في فمه ويترك الصيام والعياذ بالله! فالذي ييسر العبادة على العباد هو الله سبحانه وتعالى, وأنت تمهد لنفسك بالطاعة طريق الجنة, فابدأ أنت بالسبب والنتيجة على الله سبحانه وتعالى, فطريق الجنة طويل, ولكن أنت ابدأ فإذا بالله عز وجل يسهله, فالإنسان في الدنيا يجد اليوم الذي فيه طاعة يوماً جميلاً يذوق حلاوته, واليوم الذي فيه معصية يجده يوماً صعباً شديداً يذوق مرارته, والعاصي لا تهمه طاعة ولا معصية فلا فرق عنده، ولكن المؤمن يطيع الله فيجد حلاوة الطاعة وحلاوة الإيمان في قلبه.

    قال الله: وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ [الروم:44] أي: كل من علم صالحاً، فالجميع قد مهدوا لأنفسهم, (يمهدون): أي يوطئون لأنفسهم في الآخرة فراشاً ومسكناً وقراراً في الجنة بالعمل الصالح, ومنه مهد الصبي, وضعه في المهد, فتعمل له سريراً وحده, وتعمل له فراشاً ليناً لهذا الصبي الذي ستضعه فيه, وكذلك أنت تمهد لنفسك طريق الجنة بطاعتك ربك سبحانه وتعالى, فالتمهيد بمعنى تسوية الأمر, وإصلاح الأمر, ومن التمهيد التمكن، كأنك تمكن لنفسك مكاناً وموضعاً في جنة رب العالمين سبحانه, وكذلك قالوا: يمهدون لأنفسهم في قبورهم، وسواء مهد لنفسه في قبره أو مهد لنفسه يوم القيامة, فأول منازل الآخرة القبر, فإذا كان له خير في القبر فيوم القيامة يجد خيراً عظيماً من رب العالمين سبحانه.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله ...)

    قال الله: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ [الروم:45] لتكون العاقبة للمؤمنين والجزاء الحسن من رب العالمين.

    قال: مِنْ فَضْلِهِ [الروم:45] فالله سبحانه لن يعطيك من فضل أحد آخر, بل من فضله سبحانه, فيجزي المؤمن الجزاء الذي يليق به، وهذا تفضل منه، فإذا تفضل رب العالمين على العباد فإنه يجازيهم بالحسنة عشرة أمثالها, ومن هم بسيئة فلم يعلمها كتبها الله له حسنة كاملة, وهذا إذا خاف من الله سبحانه وتعالى بعدما كاد أن يفعلها، فقال: لن أعملها، واستغفر الله, وتاب إلى الله، ولم يقع في هذه السيئة؛ فتكتب له حسنة كاملة, ومن هم بالسيئة فعملها كتبت عليه سيئة واحدة, ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة واحدة, ومن هم بحسنة فعملها كتبت له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة لا يعلمها إلا الله, ولذلك هنا يخبرنا الله أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجزيهم الجزاء العظيم منه سبحانه وتعالى، الجزاء الذي يليق بهم من فضل الله سبحانه وتعالى.

    لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ [الروم:45] فالله يحب المؤمنين, ويحب المحسنين, ويحب الصابرين, ويحب الصالحين, ويجزي هؤلاء من فضله, أما الكافرون فلا يحبهم الله سبحانه وتعالى، ويكون مصيرهم إلى النار.

    نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.

    أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756672532