إسلام ويب

شرح أخصر المختصرات [31]للشيخ : عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • جاءت الشريعة بتنظيم معاملات الناس بما يكفل جلب المصالح لهم ودفع المفاسد عنهم، ومن ذلك أحكام بيع الثمار، فلا يجوز بيع الثمرة قبل بدو صلاحها، ولا بيع الزرع قبل اشتداد حبه، إلا في حالات استثنائية رخصت فيها الشريعة لسلامتها من المفسدة، وقد بين أهل العلم أحكام ذلك، والحكمة من هذا سد كل طريق يفضي إلى العداوة والشحناء.

    1.   

    أحكام بيع الأصول

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومن باع نخلاً تشقق طلعه فالثمر له مبطناً إلى جذاذ ما لم يشرطه مشتر، وكذا حكم شجر فيه ثمر باد، أو ظهر من نوره كمشمش، أو خرج من أكمامه كورد وقطن، وما قبل ذلك والورق مطلقاً لمشتر، ولا يصح بيع ثمر قبل بدو صلاحه، ولا زرع قبل اشتداد حبه لغير مالك أصلٍ أو أرضٍ إلا بشرط قطع إن كان منتفعاً به، وليس مشاعاً، وكذا بقل ورطبة، ولا قثاء ونحوه إلا لقطة لقطة أو مع أصله، وإن ترك ما شرط قطعه بطل البيع بزيادة غير يسيرة إلا الخشب فلا، ويشتركان فيها، وحصاد ولقاط وجذاذ على مشتر، وعلى بائع سقي، ولو تضرر أصل، وما تلف سوى يسير بآفة سماوية فعلى بائع ما لم يبع مع أصل أو يؤخر أخذ عن عادته، وصلاح بعض ثمرة شجرة صلاح لجميع نوعها الذي في البستان، فصلاح ثمر نخل أن يحمر أو يصفر، وعنب أن يتموه بالماء الحلو، وبقية ثمر بدو نضج وطيب أكل، ويشمل بيع دابة عذراها ومقودها ونعلها، وقنٍ لباسه لغير جمال].

    هذا الفصل في بيع الأصول وفي بيع الثمار، والأصول يدخل فيها بيع الأرض وما يلحق بها، وبيع الدار وما يلحق بها،وبيع البستان وما يلحق به، فإذا باع البستان وفيه نخل أو شجر، وذلك الشجر قد أخرج ثمرته، فالثمرة للبائع، وحده في النخل أن يتشقق الطلع، فمعروف أن النخل أول ما يخرج يكون ثمره في أكمام، وتسمى جماراً، فهذه الأكمام بعد خروجها بأسبوع أو بعشرة أيام تتشقق، وإذا تشققت تدلت الشماريخ، فإذا رآها أهل النخل قد تشققت بادروا إليها ولقحوها، والتلقيح هو التأبير، وورد في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من باع نخلاً قد أبرت فثمرتها للبائع إلا أن يشترط المبتاع) والتأبير: هو التلقيح، وعادتهم إذا تشققت الكوافير هذه، بادروا وقطعوا الكافور، ولقحوه التلقيح المعروف.

    لماذا لم يدخل في البيع؟

    لأن العادة أن صاحبه قد سقاه وتعب عليه سنة، فإذا رأى ثمرته فإن نفسه تتعلق به، فإذا باع الأرض والنخل لم يدخل الثمر، بل يبقى للبائع إلى أن يجذه، هذا إذا لم يشترطه المشتري، فإذا قال المشتري: لا أشتري إلا والثمر يتبع الشجر؛ صح ذلك، وكذا حكم كل شجر فيه ثمر بادٍ، يعني: كل شجر قد بدا ثمره إذا بيعت الأرض وفيها ذلك الشجر فالثمر للبائع، فالعنب إذا تدلت العناقيد؛ لأن العنب ثمره ليس في كوافير وليس في أغلفة، بل تتدلى هذه العناقيد، وتكون صغيرة جداً كحب الدخن، ثم بعد ذلك تكبر شيئاً فشيئاً إلى أن تبلغ النضج، فتكون للبائع إذا تدلت العناقيد، وكذلك شجر التفاح إذا كان فيه ثمر قد بدا ولو صغيراً، أو البرتقال أو الأترج أو الخوخ أو المشمش، وكذلك شجر الطماطم والباذنجان والقرع والدباء -وهو نوع من القرع- والبطيخ بأنواعه، كل هذه إذا كانت الثمرة قد بدت ولو صغيرة فبيع الأصل؛ فإنها لا تتبعه، بل تكون للبائع إلا بشرط.

    قال: (وما ظهر من نوره كمشمش) النور: هو الزهر، فبعض الأشجار تزهر أزهاراً ثم يتساقط الزهر، ثم تبدو الثمرة، فالأترج تبدو أزهاره ثم تتساقط، والمشمش يبدو زهره ثم تتساقط أوراق الزهر، ثم تبدو الحبة في مكانها، وغيره كثير من الذي يبدو نوره، فنوره يعني: زهره.

    (أو خرج من أكمامه) فبعضه يكون في أكمام كالورد، فإذا كان في أكمامه فإنه للمشتري، وإذا تشققت الأكمام فإنه للبائع.

    والقطن يخرج في أكمام صغيرة مثل الرمان، ثم تتشقق تلك الأكمام، وإذا تشققت فإنها حينئذ للبائع، وقبل أن تتشقق تكون للمشتري إلا بشرط، أما ما لا يتشقق كالرمان، فالرمان له لون، فيبدو حمل الرمان صغيراً، ثم بعد ذلك يكبر، ولكن يبقى في غلافه محفوظاً، فبمجرد ما تتدلى حبات الرمان تكون للبائع، وإذا لم تظهر إلا بعد البيع فهي للمشتري.

    ما تشقق من أكمامه كالورد والقطن والتفاح وما أشبهه فالأصل أنه يكون للبائع إذا ظهرت الثمرة وعرفت، وما دامت لم تظهر فالأصل أنها للمشتري.

    وما قبل خروج الثمر يتبع الشجر في البيع، وكذلك أوراقه، مثل ورق العنب وورق البرتقال وورق التين وورق الأترج، فهذه الأوراق تابعة للبيع، وتكون للمشتري.

    1.   

    أحكام بيع الثمار

    الثمار قد تباع وحدها، ثمرة هذه النخلة، ثمرة هذه العنبة، ثمرة هذه التفاحة، ثمرة هذه الأترجة، فمتى يجوز بيعها ومتى لا يجوز بيعها؟

    يشترط في بيعها بدو الصلاح، وقبل بدو الصلاح لا يصح البيع، كانوا يبيعون النخل وهو لا يزال بسراً صغيراً، فيأتي المشتري ويقول: اشتريت ثمرة هذه النخلة وهي لا تزال حبات صغيرة، ربما أنها قد أبرت وخرجت بعد التأبير، فإذا اشتراها وجاء الحصاد أو الجذاذ أو الصرام وجد بها عاهات، أصابه رذاذ، أو قتام، أو غبار، فيحصل الترافع، وتحصل الشكايات، ويحصل الاختلاف، فالبائع يلزم المشتري ويقول: أنت اشتريته، والمشتري يقول: كيف أقبله وقد أصابه هذا القتام أو هذا الغبار؟ وهي عاهات تصيب ثمار النخل، فلما كثر ترافعهم نهي عن البيع إلا بعد بدو الصلاح، حتى لا يقع هذا الاختلاف، فلا يباع ثمر النخل إلا بعد بدو صلاحه، وكذلك بقية الثمار: ثمر العنب، ثمر التوت، ثمر الزيتون، ثمر الخوخ أو الموز، كل هذه الثمار لا تباع إلا إذا بدا صلاحها وأمنت من العاهة، وأما قبل ذلك فلا يجوز؛ مخافة أن تصيبها عاهة ثم يندم المشتري، أو مخافة أن يبيعها البائع رخيصة، فيندم البائع، فيحصل اختلاف بينهما، يقول: بعتها وأنا أعتقد أنها رخيصة؛ لأني رأيت حباتها صغيرة، والآن قد أصبحت مرتفعة الثمن، وقد أصبحت غالية، فلا أريد البيع، أو يقول: اشتريتها أعتقد أنها سليمة، وأنها تنفع، والآن أصابتها هذه العاهات فلا أريدها. فإذا بدا صلاحها فالأصل غالباً أنها تكون مأمونة أن تصيبها عاهة.

    لا يباع الزرع قبل اشتداد حبه

    قال: (ولا زرع قبل اشتداد حبه) لماذا؟ لأنه قبل ذلك عرضة للآفات، فقد يصيبه برد فيجف إذا كان لا يزال في سنبله أخضر، أو لم يخرج السنبل، فلا يجوز أن يقول: بعتك هذا الزرع وهو لا يزال أخضر إلا بشرط القطع في الحال، فإذا قال: بعتك هذا الزرع الذي لم يخرج سنبله بشرط أن تقطعه كعلف؛ يجوز ذلك إذا كان ينتفع به كعلف للدواب، فيقطعه في الحال، أما بيع البر الذي فيه لا يصح حتى يشتد حبه؛ وذلك لأنه إذا اشتد حبه أمن من العاهات، وقبل الاشتداد يمكن أن يصيبه بَرَد أو يصيبه بَرْد أو يصيبه سيل أو ينقطع الماء عنه، فيكون ظمؤه سبباً ليبسه فلا يثمر، أو لا يثمر إلا قليلاً، أما بعد اشتداد الحب فيصح البيع فقد أمنت العاهات.

    ويجوز بيع الزرع الأخضر لمالك الأصل أو لمالك الأرض، فإذا كان أصل الزرع أو الأرض التي فيها الزرع لإنسان، والثمر لآخر؛ جاز بيع الزرع قبل اشتداد حبه لمالك الأصل أو لمالك الأرض، مثلاً: إنسان استأجرك لتسقي هذا النخل وهذا التين وهذا العنب، ثم ظهر الثمر، وأنت لك نصف الثمر؛ جاز أن تبيعه على مالك الأصل، فتقول: بعتك نصيبي من هذا النخل ولو كان بسراً، ولو كان حبات صغيرة كحبات العنب أو الرمان أو نحوه، فيجوز بيعه لمالك الأصل.

    وكذلك لو استأجرت أرضاً، وبعدما زرعت فيها وظهر الزرع بعتها على مالك الأرض، ولا يزال الزرع أخضر، أو فيه سنبل لكنه لم يشتد، فيجوز بيعه على مالك الأرض.

    وكذلك يجوز بيع الزرع لأجنبي بشرط القطع إذا كان منتفعاً به كعلف للدواب، فيجوز بيعه إذا كان منتفعاً به، بشرط ألا يكون مشاعاً، والمشاع هو المشترك بين اثنين، وليس ورث أحد منهما متميزاً، بل كل واحد منهما له نصف هذا الزرع، فلا يجوز أن يبيع أحدهما نصيبه قبل أن يشتد حبه، ولو بشرط القطع؛ وذلك لأنه قد يمنع صاحب النصف الثاني، فيقعون في خلاف.

    يقول: (وكذا بقل ورطبة).

    البقل: هو الأوراق التي تؤكل، مثل ورق ما يسمى بالخس وأوراق الفجل وأوراق الجرجير، هذه تسمى بقولاً، يجوز بيعها إذا كانت تقطع في الحال، وأما لمن يبقيها فلا يجوز.

    والرطبة: اسم من أسماء (القت) الذي هو البرسيم، وله عدة أسماء، يسمى الخصة أو القصة ويسمى القضب، وهو مذكور في القرآن وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا [عبس:28-29] وهو علف للدواب، فالرطبة يجوز بيعها لمن يجزها في الحال، وأما القثاء -وهو البطروح، يشبه الخيار يؤكل ولا يحتاج إلى طبخ- فإنه يؤخذ من شجره، فيجوز بيعه لقطة لقطة، فمثلاً: كلما ظهر هذا القثاء أو هذه البامياء أو ما يسمى بالكوسة تقول: بعتك هذه اللقطة الموجودة بمائة، فيأخذها في الحال، ولا يتركها تكبر، مخافة أن تختلط بغيرها مما يكون للبائع، فتكون لقطة لقطة، كلما بدت هذه اللقطة باعها لمن يقطعها في الحال، أو يبيعها مع أصل هذا الشجر للذي يلقط ثمره لقطة لقطة، فالجف أو القرع أوالباذنجان أو الطماطم وغيرها مما يؤخذ لقطة لقطة، كلما احمر ونضج باعه على من يقطعه في الحال.

    حكم ترك ما شرط قطعه

    قال: (وإن ترك ما شرط قطعه بطل البيع بزيادة غير يسيرة) لو باع هذا القرع وهو متوسط، فتركه حتى كبر، أو باعه طماطم وهو صغير بشرط القطع، ولكن تركه حتى كبر؛ بطل البيع، وهكذا لو باع الجف وهو صغير وتركه المشتري حتى كبر بطل البيع؛ وذلك لأنه اشتبه بشيء لا يستحقه؛ لأن هذه الزيادة التي ليست يسيرة من ملك البائع، فالمشتري تعمد تركه حتى اختلط بما ليس له، أما إذا كانت الزيادة يسيرة كأن تركه يوماً أو يومين فالعادة أن الزيادة تكون يسيرة.

    يقول: (يشتركان فيها) أي: يشترك البائع والمشتري في هذه الزيادة، الزيادة تكون للبائع، والموجود وقت البيع يكون؟ للمشتري، فيشتركان فيها، واستثنوا من ذلك الخشب، كخشب الأثل أو السدر وما أشبهه، والأصل أن الزيادة تكون يسيرة؛ لأنها قد تبقى سنة ولا تزيد إلا شبراً أو نصف شبر، سيما بعدما تكبر.

    وإذا اشترى الزرع بعدما يشتد حبه فالحصاد على المشتري؛ لأنه ملكه، وحصاده يعني قطعه بالمجن، وفي هذه الأزمنة بالحصادة -الماكينة التي تحصده- فالحصاد يكون على المشتري؛ لأنه عين ملكه، وكذلك لقط الثمر، فأجرة اللقاطين تكون على المشتري، فإذا كانت الثمرة تحتاج إلى لقط كالطماطم أو الباذنجان فاللقط على المشتري، وكذلك الجذاذ الذي هو الصرام على المشتري أيضاً.

    قال: (على البائع سقي ولو تضرر الأصل) أي: ولو تضرر الثمر، فإذا باع هذه النخلة وقد بدا صلاح ثمرها، فالبائع يقول: ما بعتك إلا الثمرة، فالشجر لي، فأنا أسقي شجري، فإذا قال المشتري: لا تسقه، فإنه قد يفسد الثمر، فالمشتري ليس له إلا الثمر، فلا يمنعه من سقي أصل شجره أياً كان الشجر، وذكر بعضهم أن سقي شجر النخل قد يضر بالثمر، فليس للمشتري أن يمنع البائع من سقي شجره؛ لأنه ملكه.

    وضع الجوائح

    يقول: (وما تلف بآفة سماوية فعلى البائع، إلا الشيء اليسير) أي: إذا كان التلف شيئاً يسيراً فعلى المشتري، وأما إذا كان تلفاً كبيراً بآفة سماوية فعلى البائع، ما لم يبع مع أصل، أما إذا باع شجر الثمر ثم تلف بآفة سماوية فإنه يذهب على المشتري، وهكذا لو أن المشتري أخر الجذاذ عن عادته فتلف فإنه على المشتري.

    ماذا تسمى هذه المسألة؟

    تسمى مسألة وضع الجوائح، الجائحة هي: المصيبة التي تصيب الثمر، وقد اختلف فيها العلماء، فالإمام أحمد ذهب إلى وضع الجوائح، ولم يعمل بذلك أكثر الأئمة، فإذا باع الثمرة في هذه النخلة أو النخلات بعدما بدا صلاحها، ثم قدر أن جاءها جراد وأكل الثمرة، أو جاءها بَرَد وأسقط الثمرة، فعلى من تذهب؟

    فيه قولان: ذهب أحمد إلى أنه يتحملها البائع، وذهب الأئمة الآخرون إلى أنها على المشتري؛ لأن البائع يقول: بعتك الثمرة، وخليت بينك وبينها، واستلمت الثمن كاملاً، ولم أمنعك، وأصبحت الثمرة ملكاً لك، وهذا الأمر ليس بيدي، هي آفة سماوية، وليس باستطاعتي أن أرد أمر الله تعالى، فكيف أتحملها وقد بعتها، وقد أقدم عليها ذلك المشتري؟!

    وذهب الإمام أحمد إلى أنها على البائع، واستدل بحديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لو بعت من أخيك ثمرة فأصابتها جائحة، فلا يحل لك أن تأخذ من مال أخيك شيئاً، بم تأخذ مال أخيك بغير حق؟) وهو حديث صحيح.

    وذهب بعضهم إلى أن هذا الحديث ورد قبل النهي عن بيع الثمر قبل بدو صلاحها، ولعل هذا هو الأقرب، فهو خاص بما كانوا يتعاملون به قبل أن ينهوا، فكان أحدهم يبيعه وهو أخضر، ويبيعه وهو بلح صغير، ثم تأتي عاهة، فيقول: إذا أصابته عاهة فأنت أيها البائع تتحمل، لا تأخذ من المشتري شيئاً؛ لأنك أنت صاحب الشجر، وهذه الشجرة من جملة شجرك، وأنت عادة متعرض لهذه الآفات؛ لقوله تعالى: لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا [الواقعة:65] ، وقد أخبر الله تعالى بما أصاب ثمار أصحاب الجنة الذين ذكروا في سورة القلم في قوله: فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ [القلم:19-20] يعني: تلك الثمار أصبحت كأنها مصرومة.

    ضابط صلاح الثمر

    قال رحمه الله: (وصلاح بعض ثمرة شجرة صلاح لجميع نوعها الذي في البستان).

    قد ذكرنا في باب الربا أن التمر جنس تحته أنواع، فنوع يسمى الصُفري، ونوع يسمى الخضري، ونوع يسمى السكري، ونوع يسمى الإبراهيمي أو المنيفي وما أشبهها، فإذا بدا صلاح شجرة من الصفري جاز بيعها وبيع بقية الصفري الذي في هذا البستان؛ لأن العادة أنه يتقارب نضجه، هذا معنى قوله: لجميع نوعها الذي في البستان، لا لجميع النخل، فإن بعضها قد يتأخر مثل ما يسمى بالخصار، وما يسمى بالحلأ، فقد يتأخر نضجه؛ فلذلك لا يكون صلاحاً إلا لذلك النوع لا لجميع الجنس.

    والعنب أنواع، منه ما يكون أسود، ومنه ما يكون أخضر، فصلاح بعض الأخضر صلاح لجميع نوعه.

    ما علامة صلاح ثمر النخل؟

    أن يحمر أو يصفر؛ وذلك لأنه أول ما يخرج يكون أخضر كلون الأوراق، فأوراق الشجر غالباً يكون أخضر، ولا يزال أخضر إلى أن يقرب من النضج ثم ينقلب، فبعضه يكون أصفر، وبعضه يكون أحمر كما هو مشاهد، فإذا احمر أو اصفر جاز بيعه، وصار ذلك علامة على بدو صلاحه.

    وأما العنب فبعضه يبقى على لونه، وبعضه يكون أخضر ثم ينقلب أسود عند نضجه، فإذا انقلب أسود فإنه قد نضج، وجاز بيعه، والذي يبقى على خضرته بدو صلاحه أن يتموه بالماء الحلو، فماؤه يكون أولاً شديد الملوحة، ثم إذا بدا نضجه صار ماؤه حالياً.

    وأما بقية الثمار فعلامة بدو الصلاح فيها النضج وطيب الأكل، فإذا بدا في الثمرة النضج وطاب أكلها، فقد بدت فيها علامة النضج، فالأترج ينقلب أصفر، وكذلك أيضاً البرتقال ينقلب أصفر، فهذا علامة على أنه قد بدا صلاحه، وكذلك الزيتون وما أشبهه إذا طاب أكله وبدا فيه النضج جاز بيعه.

    وألحق بهذا بعض الأشياء وليست ثماراً وليست عقاراً، مثل بيع الدابة، فإذا باع ناقة، فيدخل في البيع عذارها ومقودها ونعلها؛ وذلك لأنه عادة يحتاج إليه، فكانوا يجعلون في فم البعير -جملاً أو ناقة- لجاماً، ثم يقودونها به، ويسمونه العذار، فيدخل في البيع، وكذلك يجعلون حبلاً يقودونها به ويسمونه الخطام، فهذا الخطام واللجام يتبعها في البيع، وكذلك أيضاً النعل، فالخيل يجعلون لها حذاءً، وبعض الدواب كالبقر والحمر تحتاج إلى حذاء يقي حوافرها من الحفا والحصى، فنعلها يتبعها.

    أما إذا باع عبداً، والعبد عادة يكون له ثياب، فإذا كانت ثياباً للجمال، يلبسها في المناسبات، فهذه لا تتبعه في البيع، وأما الثياب العادية التي يلبسها عادة في الاشتغال وما أشبهه فإنها تدخل في البيع.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756687061