إسلام ويب

الصوتيات

  1. الصوتيات
  2. علماء ودعاة
  3. محاضرات مفرغة
  4. مساعد الطيار
  5. عرض كتاب الإتقان
  6. عرض كتاب الإتقان (53) - النوع الثالث والخمسون في تشبيهه واستعاراته

عرض كتاب الإتقان (53) - النوع الثالث والخمسون في تشبيهه واستعاراتهللشيخ : مساعد الطيار

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من الأساليب التي استخدمها القرآن أسلوب التشبيه والاستعارة، وقد قسمها العلماء إلى أربعة أقسام، وكلها مستوحاة من استعمالات العرب. ولا بد لطالب العلم أن يتمرس على تطبيق التشبيه في القرآن بنفسه؛ ليصل إلى المعلومة المطلوبة.

    1.   

    التشبيه في القرآن

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أما بعد:

    وقفنا في كتاب الإتقان عند النوع الثالث والخمسين في تشبيهه واستعاراته.

    فـابن عقيلة رحمه الله تعالى جعل هذا النوع على نوعين، أي: جعل التشبيهات نوعاً، والاستعارات نوعاً.

    وهذا لا شك أنه من ناحية التقسيم الفني أولى؛ لأن هذا نوع وهذا نوع، لكن كما نعلم أن قضية التقسيمات كل عالم ينظر فيها النظرة معينة، وكما ذكرنا سابقاً أن السيوطي رحمه الله تعالى في كتابه التحبير قصد إلى نشر ما جمعه البلقيني في كتاب مواقع النجوم في مواقع العلوم أو من مواقع العلوم، على حسب الخلاف في قراءة عنوان الكتاب.

    ثم بعد أن نثر ونشر ما في كتاب البلقيني وزاد عليه، رجع في كتابه هذا إلى الضم والجمع مرة أخرى، فجمع مجموعة من أنواع العلوم بعضها مع بعض، ثم بعد ذلك جاء ابن عقيلة المكي المتوفي سنة 1150هـ، فنثر ونشر ما كان جمعه السيوطي .

    فهي إذاً وجهات نظر في قضية التقسيم، وقد ذكرنا سابقاً: أن الأولى أن تكون التقسيمات كلية، ثم تفصيلية وتجزيئية، فمثلاً كل هذه الأنواع بداية من النوع الثاني والخمسين أو قبله الذي هو في وجوه مخاطباته، هي مرتبطة ببلاغة القرآن، فهذه كلها مرتبطة بهذا العلم، ولهذا كل هذه الموضوعات التي يسوقها يأخذها من كتب علم البلاغة، والعلماء الذين يذكرهم في هذه الأنواع هم علماء علم البلاغة.

    معنى التشبيه في القرآن

    نشير سريعاً إلى ما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى في التشبيه والاستعارة.

    حيث ذكر أن التشبيه نوع من أشرف أنواع البلاغة وأعلاها، وذكر كلام المبرد في هذا، ثم ذكر تعريفات هذا النوع وهو التشبيه عند جماعة من العلماء منهم السكاكي حيث قال: بأنه الدلالة على مشاركة أمر لأمر في معنى.

    و ابن أبي الأصبع قال: هو إخراج الأغمض إلى الأظهر.

    وهناك تعريفات أخرى ذكرها، لكن فكما نلاحظ أن مدار التشبيه على أمرين بينهما وجه شبه.

    أقسام التشبيه في القرآن

    ثم أكمل ما يتعلق بقضية أقسام التشبيه باعتبارات متعددة، فذكر من الاعتبارات باعتبار طرفيه، فذكر أنها أربعة أقسام، قال: إما حسيان، أو عقليان، أو المشبه به حسي والمشبه عقلي، أو عكسه.

    ثم ذكر لكل نوع من هذه الأربعة مثالاً، غير أنه في المثال الرابع الذي هو أن يكون المشبه به عقلي والمشبه حسي، ذكر أنه لم يقع في القرآن، ومنعه الإمام ويقصد به عبد القاهر الجرجاني ، قال: لأن العقل مستفاد من الحس، فالمحسوس أصل للمعقول، وتشبيهه به يلزم جعل الأصل فرعاً والفرع أصلاً، وهو غير جائز.

    واستدرك عليه ابن عقيلة في أنه قد وجد في القرآن مثل هذا، واستدل بالآية التي ستأتي في الاعتبارات الأخرى صفحة 1539 قال: الثالث ينقسم باعتبار آخر إلى أقسام: أحدها: تشبيه ما تقع عليه الحاسة بما لا تقع، اعتماداً على معرفة النقيض والضد، فإن إدراكهما أبلغ من إدراك الحاسة كقوله: طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ [الصافات:65]، فشبه بما لا يشك أنه منكر قبيح بما حصل في نفوس الناس من بشاعة صور الشياطين وإن لم ترها عياناً. وهذا المثال ذكره ابن عقيلة في هذا، وأنه جائز خلافاً لما ذكره عبد القاهر الجرجاني .

    الأصل في تقسيم التشبيه

    وفي مثل هذه الأمور لو تأملنا لوجدنا أن مبناها عقلي، وقد تغيب الأمثلة بسبب الاختيار العقلي، بمعنى: أن فيها نوعاً من التجريد الذهني، والتجريد الذهني تضيع فيه الأمثلة في بعض الأحيان. وهذه قاعدة عامة.

    بمعنى أنه حينما يقسم الإنسان تقسيماً عقلياً بحتاً، فقد تضيع عليه بعض الأمثلة ولا تتبين له، لكن لو كان ينطلق من الأمثلة لبناء هذه القضايا العقلية، فإنه في الغالب لا تشذ عليه صور هذه الأمثلة وتقعيدها، وهذه مشكلة عامة في الانطلاق من القاعدة إلى المثال أو من المثال إلى القاعدة، هذه عامة في قضية العلم.

    وبالنسبة لنا فإن أغلب منطلقاتنا من القاعدة إلى المثال؛ لأن العلماء في الغالب قد كفونا مئونة البحث في المثال، فتكونت عندنا القواعد من خلال ما قعّده العلماء، لكن قد يحصل أن يستدرك على بعض التقعيدات نظراً لوجود أمثلة لا تدخل ضمن هذه القواعد التي قعدوها، وهذه قضية كلية في العلم.

    فأصل المنطلق عندنا من المثال، ثم تتركب عندنا القواعد، بمعنى: أن علماء النحو مثلاً لما قعدوا قواعد النحو قعدوها من المثال، أي: استقرءوا اللغة ثم قعدوا القواعد، ونحن لا نأتي ونستقرئ اللغة مرة أخرى، وإلا لزم أن كل جيل أو كل دارس يلزم أنه يستقرئ مثلما استقرأ المتقدمون، ويضع القواعد مرة أخرى. وهذا غير مطلوب من طالب العلم.

    فعندما تشكلت القواعد وصارت القواعد معروفة عند العلماء، أصبحنا ندرسها على أنها قواعد قد انتهى منها العلماء، وهي مقعدة على أصول ثابتة، هذا هو الأصل بالنسبة لنا، أي: الانطلاق من القاعدة إلى المثال.

    فهناك مسائل في بعض فروع العلوم يقع فيها إشكال من جهة التقعيد، فيكون التقعيد الذي ذكر فيه نظر، فقد يستدرك المتأخر على المتقدم في هذا المجال، لكن أن يستدرك في كسر القواعد العامة لعلم ما، فهذا لا شك أنه غير ممكن.

    ولهذا من يأتي إلى العلوم الإسلامية بنظر آخر غير نظر من قعّد هذه القواعد، فإنه في كثير من الأحيان يقع عنده كسر لهذه القواعد وعدم اعتبار لها، فتقع الخلخلة والبلبلة، ويقع الانحراف من بعض من هو موجود عندنا في هذا العصر في نقض بعض قواعد هذه العلوم.

    المقصد من ذلك أن استدراك ابن عقيلة على هذا المثال الذي يذكر عبد القاهر وهو من علماء البلاغة الكبار، أنه لم يرد في القرآن وهذا غير مشكل، فمن الممكن أن يقع بسبب اختلاف النظر.

    القضية الثانية أيضاً: أن هذه القضايا التي يذكرونها قضايا مستنبطات عقلية، فتختلف فيها أنظار العقول من عقل عالم إلى عقل عالم آخر، ولهذا سترد عندنا أمثلة كثيرة في هذا الباب والذي بعده في: هل تدخل ضمن هذا النوع الذي يتكلم عنه أو لا؟ مثل آية هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة:187]، عندما قال: وتشبيهه به يستلزم جعل الأصل فرعاً والفرع أصلاً وهو غير جائز. وقد اختلف في قوله: هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ [البقرة:187].

    العلاقة بين الاستعارة والمجاز في القرآن

    ومما يمكن أن ينبه عليه أيضاً فيما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى في القسم الثاني الذي هو الاستعارة.

    فالاستعارة كما هو ظاهر من تنبيهه، وكذلك نص عليه ابن عقيلة وغيره: أن الاستعارة من المجاز. قال هنا: فصلٌ: زوج المجاز بالتشبيه فتولد بينهما الاستعارة، فهي مجاز علاقته المشابهة.

    فدرس الاستعارة هو في الحقيقة جزء مما يتعلق بالمجاز؛ لأن الاستعارة في صورتها هي نفس صورة المجاز، فنقول: استعير هذا اللفظ من كذا إلى كذا، كما نقول في الحقيقة والمجاز: أصل هذه الكلمة كذا، ثم استخدمت مجازاً في كذا.

    فجعل الاستعارة جزءاً من المجاز، وبناءً عليه كل ما سبق مما يتعلق بالمجاز فإنه يكون في هذا الموضوع.

    فنلاحظ قوله تعالى: وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ [الإسراء:24]، المتصور هنا أن الجناح للطائر، واستعير هنا للإنسان، هذه عين الحقيقة والمجاز، فنقول: الجناح حقيقة في الطائر مجاز في الإنسان.

    المجاز بين النفي والإثبات

    ثم ذكر أنواع المجاز المذكورة، وكلها فيها خلافات بين من يقول بالمجاز ومن لا يقول بالمجاز، وذكر منهم عبد الوهاب المالكي ؛ فإنه أنكر الاستعارة بناءً على إنكاره المجاز، ثم ذكر من يقول بإنكارها، فيقول: إن فيها إيهاماً للحاجة.

    قال: ولأنه لم يرد في ذلك إذن من الشرع وعليه القاضي عبد الوهاب المالكي .

    وهذا النقل عن عبد الوهاب يحتاج إلى رجوع إلى كلام عبد الوهاب ؛ بحيث نعرف مراده من قوله: إنه لم يرد في ذلك إذن من الشرع.

    فليس كل مسألة علمية أو أصل من أصول العلم يلزم أن يكون ورد فيه الإذن بالشرع، خصوصاً مثل هذه الأمور، وهي مبنية على المنطق العقلي، أي: استنباطات عقلية، بمعنى: أن من قال: الجناح الأصل فيه أنه للطائر ثم استعير للإنسان، هذا ليس نقلاً قطعاً، لكنه استقرأ اللغة أو ظهر له بدليل ما أن الأصل في الإطلاق هو للطائر، ثم نقل إلى الإنسان. فلا نعلم مراده، ولأنه لم يرد في ذلك إذن من الشرع يحتاج إلى مراجعة. أما كونه إيهام للحاجة، فهذا سبق الحديث عنه عند الكلام عن المجاز، وقلنا: إن بعض القوم قالوا: الذهاب إلى المجاز فيه نوع من عي في الكلام، وهذا ليس بصحيح، بل إن المجاز عند من يقول بالمجاز قد يكون أبلغ من الحقيقة. فهذا القول ليس بدقيق بل فيه نظر.

    أيضاً أورد عن الطرطوشي أنه قال: إن أطلق المسلمون الاستعارة فيه أطلقناها، وإن منعوا امتنعنا، ويكون هذا من قبيل (إن الله عالم)، والعلم هو العقل ثم لا نصفه به لعدم التوقيف. انتهى.

    هذه العبارة قد تأتي من بعض العلماء المتقدمين، عبارة: إن أطلق المسلمون، وهم يريدون بها أحد أمرين: إما أن يريدوا بها الإجماع، وإما أن يريدوا بها الاتفاق.

    ولهذا تكلم الطرطوشي عن نفسه بأنه يتوقف في مثل هذا إلا إن وجد إطلاقات قد اتفق العلماء عليها، أو أجمعوا عليها في جواز القول بالاستعارة.

    كما يقال: إن الله عالم، قال: والعلم هو العقل، وهذا بناءً على قوله: إن العلم هو العقل. وهذا ليس بلازم أن العلم هو العقل، وليس بلازم أنه يلزم من العلم العقل، خصوصاً إذا علمنا قطعاً أن كل ما يتعلق بالله فالأصل فيه أنه ليس كما هو للإنسان؛ لأن القاعدة في ذلك: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى:11]، وهذه المقايسة إنما تقع بسبب أن العالم يقيس ما يعرفه.

    ولكن الصواب أن نقول: حينما تقيس ما تعرف بما لا تعرف فهذا قياس فيه نقص، خصوصاً إذا كان متعلقاً بالله سبحانه وتعالى فالأصل أنه لا يجوز مثل هذه الإطلاقات، لكن أحياناً -من باب الفائدة- قد يكون عند بعض العلماء نوع من الإبداعات اللطيفة، فمثلاً نقول: الفعل المبني للمعلوم والفعل المبني للمجهول. فإنه ذكرها بعض العلماء واحترز من كون هذا قد يأتي فيما يتعلق بالله سبحانه وتعالى، فلا يحسن أن يقال بهذا التعبير، وإنما يقول: فعل متغير الصيغة مثلاً.

    ثم بعد ذلك تكلم عن مجموعة مما يتعلق بقضية الاستعارة، وذكر أنها من أعلى أنواع علم البلاغة، وانتهى بخاتمة في تحرير الفرق بين الاستعارة والتشبيه المحذوف كالأداة، كنحو: زيد أسد. وكل هذا مرتبط بعلم البلاغة، وحقه أن يلقيه من هو متخصص بالبلاغة، وليس هذا من تخصصي، فأنا أعطيتكم فقط أشبه ما يكون بفهرس لما ذكره السيوطي رحمه الله تعالى.

    مجال تطبيق التشبيه والاستعارة

    نأتي الآن إلى مسألة تهمنا فيما يتعلق بالقرآن: ما هو مجال تطبيقات التشبيه والاستعارة، هل هو كتب التفسير أو القرآن؟

    مثلاً: لو كان عندنا أستاذ في البلاغة وأعطانا هذه العلوم -علم الاستعارة وعلم التشبيه-، فهل نطبق في كتب التفسير أو في القرآن، أو في كليهما؟

    ومن باب الفائدة أن يكون التطبيق المباشر في القرآن، بمعنى أنه يتدرب الطالب على أن يطبق بنفسه للوصول إلى المعلومة، ثم بعد ذلك ينبه إلى الكتب التي تعنى بالبلاغة القرآنية، فإذا طبق بنفسه ثم رجع إلى الكتب التي تعنى بالبلاغة القرآنية فإنه سيكون عنده تمكن أكثر مما لو قرأ مباشرة، ونحن نعلم أن من حاول وأخطأ ثم وجد الصواب تكون المعلومة عنده أكثر ثبوتاً من الذي يجد المعلومة سائغة كاللقمة الجاهزة، فإن هذا لا يستفيد كثيراً، قد تضل عنه المعلومة.

    فالمقصد من ذلك: أن علوم القرآن لو أضيف إليها التطبيقات فإنها ستكون أكثر حيوية عند طالب العلم، وسيجد نفسه وهو يقرأ القرآن أو التفاسير دائماً حاضر الذهن في النظر في هذه المعلومات.

    علاقة التشبيه بالعقل وعلوم القرآن والتفسير

    والبحث هذا كما هو ظاهر أصله نقلي؛ لأن مرجعه إلى اللغة واستعمالات العرب، ثم بعد ذلك يدخل فيه العقل في قضايا كثيرة جداً مما يتعلق بالتقسيمات أو حتى في الأمثلة.

    وهذا في الغالب مما يكون من المعاني الثانوية أي: بعد التفسير، فهو من علوم القرآن أكثر منه في علم التفسير، إلا ما يتعلق بقضية الاستعارة التي أدخلناها في باب المجاز، فالمجاز لا شك أنه مرتبط بالتفسير مباشرة، على رأي من يقول بوجود المجاز؛ لأنه يتأثر فيه المعنى مباشرة.

    ومن الكتب التي ذكرها السيوطي في التشبيه كتاب ابن ناقيا البغدادي الجمان في تشبيهات القرآن، والكتاب له طبعات، وله طبعة محققة جيدة، وهو كتاب لطيف في هذا الباب يمكن الاستفادة منه في قضية التطبيقات، وإن كان لم يستوعب جميع التشبيهات.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    757220620