إسلام ويب

مصائب قوم عند قوم فوائدللشيخ : عائض القرني

  •  التفريغ النصي الكامل
  • المصائب لا بد منها ولا يسلم منها أي شخص، والذكي والفطن من يستفيد من تجارب غيره.

    وكم من أناس أصابتهم المصائب بعد أن كانوا في عيش رغيد، ومن هؤلاء: ابن عباد ملك الأندلس، والبرامكة، وابن بقية رحمه الله ولا شك أن لذلك أسباباً منها: الظلم، كما فعل أحمد بن أبي دؤاد مع الإمام أحمد بن حنبل، وما فعل عبيد الله بن زياد مع الحسين بن علي، والجزاء من جنس العمل.

    1.   

    المصائب لا يسلم منها أحد

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

    أمَّا بَعْد:

    أيها الكرام: عنوان هذه المحاضرة: مصائب قوم عند قوم فوائد، ورقمها [302].

    تعلمون أن مايصيب الناس من المصائب فيها فوائد وعظات للمتعظين، قيل لأحد الحكماء: نراك مستقيماً في أمرك مسدداً في حالك، قال: رأيت السيئ فاجتنبت إساءته.

    أخذ العبرة من مصائب الآخرين

    وذكر سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أنه يصيب الأقوام ليتعظوا، وألمح سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أن من الظلمة من يسكن مكان الظلمة ثم لا يتعظ، قال عز وجل وهو يلوم الكفار والمنافقين والمنحرفين: وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ [إبراهيم:45] ومعنى الآية، أن الأبناء سكنوا في أماكن الآباء والآباء في أماكن الأجداد، وقد هلك قرن وأتى قرن، فما اتعظ هذا الحي بما أصاب الميت.

    واسمع إلى الآية: وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ [إبراهيم:45] نزلتم قصورهم، وسكنتم دورهم، وورثتم أملاكهم، فما لكم ما اتعظتم بما وقع عليهم، أوَ ما كان هذا لكم نذير؟! وَسَكَنْتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمُ الْأَمْثَالَ [إبراهيم:45] ولكن لم يتعظوا بالمثل، ولم يستفيدوا بالتجربة، والتجارب هذه إنما تستفاد من مصائب وحياة الناس، وقد علق البخاري من كلام معاوية رضي الله عنه وأرضاه أنه قال: [[لا حكيم إلا ذو تجربة]] وهذا في باب الأدب في صحيح البخاري.

    وهي مدرسة الحياة، قال سفيان الثوري رحمه الله رحمة واسعة: "لاعب ابنك سبعاً، وأدبه سبعاً، وصاحبه سبعاً، ثم اتركه مع التجارب" أي: لاعبه حتى يصل إلى السابعة، ثم أدبه من السابعة إلى الرابعة عشرة، ثم من الرابعة عشرة سنة إلى الواحدة والعشرين سنة صاحبه ثم بعد الواحدة والعشرين اتركه مع تجارب الدنيا، يصاب ويصيب، ويأتيه من الأخبار الأمور ما تجعله ملقناً، مجرباً، حكيماً، إذا كان ذو عقل.

    تقول عائشة رضي الله عنها وأرضاها: {كان الرسول عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يتمثل بقول طرفة بن العبد}

    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً     ويأتيك بالأخبار من لم تزود

    والرسول عليه الصلاة والسلام لا يحفظ إلا بيتين، أو أكثر قليلاً، وإلا فهو يحفظ القرآن عن ظهر قلب، لا يسقط منه حرفاً واحداً، ويحفظ السنة، والعلوم التي عند الأمة لا تصل إلى ذرة من علمه عليه الصلاة والسلام، ولكن يقول الله: وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69] تراثه غير الشعر، فيقول طرفة:

    ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاً     ويأتيك بالأخبار من لم تزود

    يعني: سوف تظهر لك الليالي والساعات أخباراً وعجائب، وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140] أي: مرة رخاء ومرة شدة، ومرة سلم، ومرة حرب، وما وقع في هذه الأيام، اتعاظ ودرس لمن لم يقع عليهم شيء، قال: سبحانه: (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ [الأحقاف:27] أي انظروا إلى القريبين منكم، وانظروا إلى حدودكم، كيف أوقعنا بهم المصائب، ألكم أنتم عهد عند الله ألا يقع عليكم مصيبة! وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الأحقاف:27] ويقول الناظم:

    إياك أعني واسمعي يا جارة، يُقال أن سبب هذا المثل: أن صياداً خرج بقوسه يصيد حماماً، وأحمق الحيوانات الحمام، حتى ذكر الجاحظ صاحب كتاب الحيوان أن أحمق الحيوانات الحمام، وأحقد الحيوانات الجمال، وأخونها الثعالب، قال: فسدد الرجل على الحمام ليضربها، وأخذت تصيح، فقالت أختها تسكتها: إن البلاء موكل بالمنطق، فضربها الصياد، فقالت وهي تموت: يالها من سكتة فاتتني، والمقصود من هذا: أن هذا جزاء من لم يتعظ بجيرانه، وما حدث لإخوانه، يقول ابن القيم مما يحفظ للعرب من الأمثال: أنهم قالوا: "في كل وادٍ بنو سعد" وقالوا: " هل رأيت داراً ملئت حبرة وما ملئت عبرة؟ "

    وإذا رأيت الدور تمتليء غنىً وبهجةً وترفاً، ثم لا يتصل أصحابها بالله، فاعلم أنه سوف تصيبهم كوارث، وما امتلأت دار حبرة إلا امتلأت عبرة، وسبب المثل "في كل وادٍ بنو سعد": أن رجلاً من العرب ضيع جمله، فذهب يبحث عن الجمل، فنزل بوادٍ فقال: ممن القوم؟ قالوا: من بني سعد، وذهب إلى الوادي الآخر وقال ممن القوم؟ قالوا: من بني سعد، والوادي الثالث قالوا: من بنو بني سعد، قال: في كل وادٍ بنو سعد، فمقصود ابن القيم أن كل إنسان تأتيه لطمة.

    وهذا قضاء الله وقدره، ولا يسلم من الكوارث أحد، إما في الدين أو في العرض بالسكنى أو بالتعليم، وهذا أمر حاصل في حياة الناس، ولكن المسلم يختلف عن الآخر أنه: الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ [البقرة:156] وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ [الرعد:24].

    أهمية الصبر عند المصائب

    يقول الشاعر العربي:

    صابر الصبر فاستجار به الصبر     فقال الصبور للصبر صبراً

    ما معنى البيت؟

    يقول: هذا البطل صابر كثيراً، حتى قال له الصبر من طول صبر الرجل: أرجوك لا أستطيع أن أصبر معك، قال: فغلب هذا الرجل الصبر، قال:

    صابر الصبر فاستجار به الصبر     فقال الصبور للصبر صبراً

    قالوا لـعنترة بن شداد: كيف غلبت الرجال؟

    عنترة جاهلي كان يحطم رءوس الأبطال في المعركة فقال للرجل: ضع أصبعك في فمي فوضعها، قال: وخذ أصبعي في فمك، وكل منا يعض الآخر، فأخذ يعض هذا هذا، وهذا هذا، حتى صرخ الرجل: فأطلق يده، فقال: بهذا غلبت الرجال، أي: بالصبر.

    يقول النابغة الجعدي للرسول عليه الصلاة والسلام وهو يمدح قومه:

    سقيناهم كأساً سقونا بمثلهـا     ولكنا كنا على الموت أصبرا

    يقول: إن القبائل التي نحاربها قبائل شجعان وأبطال وفيهم شهامة، ولكن نحن أصبر منهم: إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء:104] إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140] فيقول: يا رسول الله! نحن نقاتل الشجعان لكن نصبر قليلاً فنغلبهم، فتبسم عليه الصلاة والسلام لما سمع هذا الكلام العجيب.

    على كل حال يقول سبحانه في العبر والقصص التي تحدث على الناس إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ [ق:37] ونريد أن نحلل الأحداث التي وقعت في منطقتنا، ومن رؤية إسلامية، تحليل الكتاب والسنة، لنستفيد من الحدث، ولئلا نقع في الخطأ، لعل الله أن يحرس علينا بلادنا، وأعراضنا وأموالنا، وأن يرد إخواننا إلى بلادهم ورسالتهم وأعراضهم.

    أول درس: أن عليك أن تنظر إلى الخطأ، الذي أخطأ فيه الناس فتجتنبه، جاء في كتب أطروحات الأدب: أن رجلاً رأى وزيراً من الوزراء في عهد بني العباس، وهذا الوزير تولى أبوه قبله الوزارة فقتل، وقبله جده فقتل، فتولى الوزارة، فقال هذا الرجل: سبحان الله تولى الوزير؟!

    قالوا: نعم. تولى مع أنه يعلم أنا أباه وجده قتلا، قال: حماري أذكى منه، قالوا: كيف؟

    قال: عثر حماري العام الأول قبل سنة في مكان، فلما أتيت إلى ذلك المكان انصرف منه. أي: مع أن الحمار وهو أبلد الحيوانات، إذا عثر في مكان اجتنبه مرة ثانية، ومما يحكى في كتاب كليلة ودمنة: أن الأسد جمع الحيوانات فألقى عليها فكاهة وطرفة، فضحكت إلا الحمار ضحك بعد ثلاثة أيام، قالوا: لماذا لم تضحك إلا اليوم؟

    قال: ما فهمت الفكاهة إلا الآن! هذا من الكلام الذي يقال.

    سوف أذكر لكم كلام علي وكلام عثمان في مسألة هذه الوحوش. يقولون: جمع الأسد الوحوش وقال: اذهبوا وصيدوا لي صيداً فذهبوا فصادوا أرنباً وظبياً وغزالاً، وأتوا بها إليه، فقال: من يقسمها بيننا؟

    والأسد تعرفونه وقد ذكره الله في القرآن، وله مائة اسم وهو أشجع حيوانات الغابة على الإطلاق، يسمى الملك.

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ * فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ [المدثر:50-51] والأسد اسمه حيدرة ولذلك يقول علي بن أبي طالب.

    أنا الذي سمتني أمي حيدرة      كليث غابات كريه المنظرة

    قال: من يقسم بيننا الأرنب والغزال والظبي، فقال الذئب: أنا. قال: تفضل، لكنه أخطأ؛ لأنه لا يعرف أنه مع وحش سفاح، فقال له: أما الغزال فلك، قال: طيب، وأما الظبي فلي -للذئب- والأرنب للثعلب، قال: كذبت يا عدو الله، ثم أخذ مخلبه وأنشبه في رأس الذئب فخلع رأسه في الأرض، قال: من يقسم بيننا؟

    قال: الثعلب أنا -أبو معاوية- قال: تفضل، قال: الأرنب فطور لك، والظبي غداء لك، والغزال عشاء لك، قال: من علمك هذه الحكمة، قال: رأس الذئب المخلوع.

    فالمقصود: أن الإنسان يتعلم دروساً من الزمن، وهذه من الحكم التي يلقيها العلماء، وتجد بعض الناس يقول: ما فائدة هذا المثل؟ وهو ليس في صحيح البخاري ولا صحيح مسلم؟

    فكتاب كليلة ودمنة ألفه أحد الحكماء، إن ملكاً من الملوك طلب من أحد الحكماء أن يكتب له نصائح، فبدلاً من أن يتحدث عنه وعن حاشيته، تحدث عن الحيوانات، ثم أعطاه المجلد يقرؤه، ليكون له رواج عنده، على كل حال هذه من العظات حتى لا تقع في الخطأ الذي وقع فيه غيرك، وأن تتنبه لها، فإن مصائب قوم عند قوم فوائد.

    واعلموا أنه لا يسلم من النكبات أحد، يقول عبد الله بن المبارك رحمه الله وقد ذهب يجاهد في سبيل الله فرأى قصراً للأمير عبد الله بن طاهر في خراسان فقال: والله لقصيدة عدي بن زيد خير عندي من هذا القصر، تدري ماذا يقول عدي بن زيد، وهو جاهلي يقول:

    أيها الشامت المعير بالدهر     أأنت المبرأ الموفور

    يقول: يا من يعيرنا! يا من يسبنا بالنكبات والمصائب! انتظر قليلاً، بعض الناس شامت والعياذ بالله، يشمت بإخوانه أنهم أصيبوا في أعراضهم، وأموالهم، ودورهم، وقصورهم، فيقول:

    أيها الشامت المعير بالدهر      أأنت المبرأ الموفور

    من رأيت المنون خلفن أم من     ذا عليه من أن يضام خفير

    أين كسرى كسرى الملوك       أنو شروان أم أين قبله سابور

    إلى آخر ماقال، يقول: أين الناس؟ أين السلاطين؟

    لماذا تعير الناس؟ أعندك عهد من الله ألا تصيبك مصيبة؟

    هذا عدي بن زيد كان جاهلياً لكنه كان عاقلاً لم يكن يشرب الخمر.

    نزل مع النعمان بن المنذر ملك العراق، فلما نزلوا أخذ النعمان بن المنذر يشرب الخمر، قال: أيها الملك أبيتُ اللعنة -وهذه كلمة استئذان عند الملوك في الجاهلية، أبيت اللعن- أي: اسمح لي أن أتكلم -قال: تفضل، قال: أتدري ماذا تقول هذه الشجرة؟ قال: تقول:

    رب ركب قد أناخوا حولنـا     يخلطون الخمر بالماء الزلال

    قد مضوا عاماً وعاماً ثانياً     ثم ساروا جثثاً تحت الرمال

    فبكى النعمان وترك الخمر، وهذه من الحكمة في الموعظة، يقول: تقول الشجرة، والشجرة لا تتكلم لكنه أخبره أنها تقول: قد جلس قبلك ملوك شربوا الخمر، وأصبحوا تحت الرمال أخذهم هادم اللذات، وآخذ البنين والبنات، ومشتت الجماعات.

    قدموا كوباً من فخَّار -آنية- هذا الذي يصنع من الطين، فيه ماء بارد لـعلي بن أبي طالب، فنظر في الكوب، قالوا: مالك يا أمير المؤمنين؟

    قال: كم في هذا الكوب من طرف كحيل، وخد أسيل!

    ومعنى كلامه: إن جثث الناس التي أصبحت في الطين، ربما صاغوها في هذا الكوب الفخار من الطين، ويمكن أن عيون الآباء والأجداد أصبحت هنا، وأن بعض لحومهم أصبحت في هذا الكوب، ولذلك يقول أبو العلاء المعري:

    صاح هذه قبورنا تملأ الرحب     فأين القبور من عهد عاد

    خفف الوطء ما أظن أديم     الأرض إلا من هذه الأجساد

    يقول: أنت تقول: قبورك تملأ الرحب، لكن أين قبور القرون السالفة، أين القرون التي ذهبت، أين هم؟!

    ما نحن في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الثور الأسود، يقول فرعون المجرم لموسى: قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى [طه:51] انظر إلى السؤال الخائب، يقول: أين القرون الأولى أين أجدادنا؟

    أنت تقول: يبعثهم الله فأين هم؟!

    من يبعثهم؟! قال موسى: قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى [طه:52] هل سمعت أفصح من هذا الكلام؟ قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى [طه:52] وسوف يبعثهم ويحاسبهم.

    ولو أنا إذا متنا تركنا     لكان الموت غاية كل حي

    ولكنا إذا متنا بعثنـا     ويسأل ربنا عن كل شيء

    1.   

    نماذج من أهل المصائب

    ما من دولة من دول الإسلام ولا مجتمع إلا أصيب بمصيبة.

    مصيبة ابن عباد ملك الأندلس

    ابن عباد هذا ملك الأندلس كان عنده من الحدائق والقصور ما الله به عليم، يقولون: كان يسكن في إشبيليا وله منازل في قرطبة، قالوا: كان نصف المدينة له والنصف الآخر للناس، ونذرت امرأته نذراً، أن تحمل الماء وأن تطأ في الطين -يعني: من باب الترف- يعني: تذكرت أحوال الفقراء وهي امرأة ملك، فنذرت وحلفت أن تنزل وتحمل الماء في القرب وتطأ في الطين، فأتى ابن عباد وقال: لا يصلح نحن أسرة عارمة متقدمة ولا يمكن هذا، فاستفتى بعض الفقهاء وقالوا: مادام أنها نذرت نرى أن تملأ لها ماء المسك في القربة، وأن تعجن لها طيناً من المسك والكافور في القصر، يملئون لها قربة من العطر بدل الماء، وتأخذ هذا ثم تمرون على المرمر، فتصبغون لها مسلكاً كالطين، وتمشي وهي حافية وتذهب وتأتي، وقالت: وفيت بنذري، وهو ليس بصحيح، وأتت الأيام ودارت دورتها، وأتى ابن تاشفين من بلاد المغرب ودخل ضيفاً على ابن عباد، وبعد أن ضيفه وأكرمه ثلاثة أيام طوقه كما فعل حاكم العراق بـالكويت:

    أعلمه الرماية كل يوم     فلما اشتد ساعده رماني

    وكم علمته نظم القوافي     فلما قال قافية هجاني

    وبعد ثلاثة أيام، طوق قصر ابن عباد واحتل القصر بما فيه، وأخذ صاحب المنزل الذي ضيفه وأكرمه فطوقه بالحديد، وأخذ بناته وجعلهن جواري له، وأصبح ابن عباد في أغمات فقيراً لا أهل ولا مال ولا ولد ولا ثياب ولا منصب، وسجنه، وفي يوم العيد -اسمع إلى الموقف- وينتظر ابن عباد وإذا من يطرق عليه الباب، ففتحوا الباب فإذا هو ببناته الأربع، وإذا هن حافيات ما عليهن إلا ما يستر عوراتهن، فبكى بكاء مراً حتى سمع من في السجن ثم قال قصيدته المشهورة، يقول وهو يخاطب نفسه:

    فيما مضى كنت بالأعياد مسـرورا     فساءك العيد في أغمات مأسورا

    ترى بناتك في الأطمار جائعةً     يغزلن للناس ما يملكن قطميرا

    أصبحن يغزلن للناس، وينسجن لهم الخزف، ويخرزن لهم الجلود.

    يطأن في الطين والأقدام حافية     كأنها لم تطأ مسكاً وكافورا

    أصبحن بلا حذاء، كل واحدة كأنها ما وطأت المسك والكافور، إلى آخر ما قال، وهي قصيدة تفجع القلوب.

    دخل عليه أحد الشعراء فرأى ابن عباد في السجن، فبكى الشاعر وقال:

    تنشَّق رياحين السلام فإنمــا     أخض بها مسكاً عليك مختماً

    وقل لي مجازاً إن عدمت حقيقة     فقد كنت ذا نعم وقد كنت منعما

    فشقت عليك الريح ثوبك بعدها     وهز عليك الرعد ثوبك معلما

    إلى آخر ما قال، وهؤلاء ممن نكبوا.

    مصيبة رجل من بني عبس

    وقيل لرجل من بني عبس -وكان من أغنى الناس، وجد وهو فقير، وهو أعمى يمسك بعصاه- قالوا: يافلان! أما كنت أغنى الناس؟

    قال: والله لقد أتى علي يوم من الأيام وأنا من أغنى الناس على الإطلاق، ثم ذهبت في طلب إبل سرحت مني وضاعت، فطلبتها وأتيت إلى مسارح أهلي ودوري في الوادي، ووجدت السيل قد حمل منازلي وأهلي ومالي جميعاً، بما فيها الذهب والبقر والغنم والبساتين والدور، قال: فما وجدت شيئاً من أهلي، إلا طفلاً تركته أمه معلقاً في شجرة وقد سلم من السيل، فأتيت إلى الطفل فهرب البعير، فأردت أن أدرك البعير فسمعت بكاء الطفل وإذا بذئبٍ قد أخذ الطفل، وأصبح رأس الطفل في فم الذئب، فرجعت، وإذا بالذئب قد فر برأس الطفل وألقى جثته في الأرض، فعدت إلى البعير فدهسني برجله فأعمى بصري، فأصبحت أعمى لا أملك أهلاً ولا مالاً ولا داراً ولا عقاراً.

    مصيبة تاجر من أهل الكويت

    وحدثنا أحد المحسنين في الرياض -وهو ثقة مشهور- يقول: التقيت ببعض التجار الكبار في الكويت قال: وكنت أوزع بعض المال وأباشر على الناس عندما خرجوا من الحدود، وهم في مجاعة وفي ظمأ وضنك لا يعلمه إلا الله، وفي وسط الشمس، فوجئت بأحد التجار الكبار، بل هو من أكبر التجار في الكويت، فتجاهلت أنا حتى لا أحرجه ولا أخجله، فمددت له بمائة ريال يشتري بها ماء وببسي وبارد، فنظر إلي ثم دمعت عيناه، وقال: أنا والله ما تعودت آخذ وإنما تعودت أعطي، والله ما خرجت بشيء من الكويت، وإني تركت أموالي ملايين مملينة، ولكن فصبرٌ جميل والله المستعان.

    يقول: ابن عيذون وهو يرثي ملوك الأندلس يقول:

    الدهر يفجع بعد العين بالأثـر     فما البكاء على الأشباح والصور

    أنهاك أنهاك لا آلوك موعظـة     عن نومة بين ناب الليث والظفر

    يقول: احذر من الدمار، واحذر من المخالفات، فإن الله للعصاة بالمرصاد، إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14].

    مصيبة البرامكة

    البرامكة وزراء بني العباس كانوا في نعيم بلغ بهم الترف إلى أن أخذوا قصورهم وطلوها وموهوها وزوقوها بالذهب، ترف وبذخ، وإلا لماذا لا يضربه بالجص؟

    ولذلك شاة إيران يقول: كان مقعده في دورة المياه من ذهب خالص: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ [القصص:81] وإلا لماذا لا يجعل مقعده ودورة المياه مثل الناس، فهؤلاء طلوا كل القصور من الذهب فكانت تلمع مع الشمس، ومرت الأيام، وفي ساعة واحدة قرر هارون الرشيد أن يستولي عليهم فسفك دماءهم، وجعل أطفالهم في السجون، واستولى على أموالهم، وترك أباهم يحيى بن خالد الشيخ الكبير في السجن سبع سنوات، حتى يقول: والله ما رأيت الشمس سبع سنوات، وطالت أظافره وشاربه، حتى اختلط بلحيته وكان يبكي حتى أغمي عليه، فدخل عليه أحد أبناء أبنائه فقال: "يا جداه! ما هذه المصيبة التي حلت بنا؟

    قال: دعوة من مظلوم سرت في ظلام الليل، غفلنا عنها وما غفل الله عنها" انظر إلى التعبير! سرت في ظلام الليل غفلنا عنها وما غفل الله عنها، قيل لـعلي بن أبي طالب: [[كم بين الأرض والعرش؟ قال: دعوة مستجابة]]

    إلى ديان يوم الحشر نمضـي     وعند الله تجتمع الخصوم

    سجن المهدي أبا نواس الشاعر، ويوم أودعه في السجن كتب له قصيدة قال فيها:

    أما والله إن الظلم شينٌ      وما زال المشين هو الظلوم

    إلى ديان يوم الحشر نمضي     وعند الله تجتمع الخصوم

    فلما قرأها قال: أطلقوه أطلقوه، فهذه نكبة البرامكة التي عنون لها العلماء ورثاها الشعراء وبكاها الأدباء.

    مصيبة ابن بقية

    ابن بقية وزير من الوزراء العباسين، كان ينادي مناديه من على قصره في الصباح: من أراد الفطور المبارك فليتفضل؟ فيدخل الناس زرافات ووحداناً، الفقراء والأغنياء والكبار والصغار فيطعمهم، فإذا أتى بعد الظهر نادى مناديه من على القصر من أراد الغداء المبارك فهلم، فيدخلون، وهكذا العشاء، فلما تولى عضد الدولة ملك العراق البويهي حسده وانتقم منه، وقال: هذا أصغر مني شأناً وعليه الناس زرافات ووحداناً، لأبطشن به، وبالفعل بطش به، ماذا فعل به؟

    قتله شر قتله، جوعه ثلاثة أيام، ثم أتى بالفيل وأغضبه، يقول: ضرب رأس الفيل حتى سال دم خرطوم الفيل في الأرض، وإذا سال دم الفيل حطم الدنيا، يصبح بلا عقل ويرفع عنه القلم، فأتى بهذا الفيل فأدخل الرجل وابن بقية الوزير رحمه الله من الصالحين، لكن يقولون: كان فيه تجبر في بعض المواقف، فأدخله وجوعه ثم أدخله شبك الحديد وخرج عضد الدولة يتفرج في المصارعة، وأدخل الفيل ودمه يسيل في الأرض، فما أن رأى الفيل ابن بقية حتى هجم عليه وبطحه في الأرض ثم ضربه بخفافه وخرطومه حتى قطعه، وبقي من صدره وما فوق، فأخذه عضد الدولة ونصبه عند مدخل بغداد، يقول: تفرجوا في مضيفكم هذا الذي يطعمكم عند باب الطاق عند النهر، فيخرج الناس في الصباح فينظرون، ويأتون في المساء ينظرون إليه ويبكون، فأتى أبو الحسن الأنباري يمدحه في قصيدة رائعة يلقيها وهو مصلوب نصف الجثمان فقط على العود:

    علو في الحياة وفي الممات     بحق أنت إحدى المعجزات

    هذه من أجمل القصائد! يقول: حتى في الموت علو، ما دفنوك مثل الناس، لا تحب إلا العلو في الحياة وفي الممات.

    علو في الحياة وفي الممات     بحق أنت إحدى المعجزات

    كأن الناس حولك حين قاموا     وفود نداك أيام الصلات

    يقول: الآن الناس وهم يبكون حول جثمانك وأنت على الخشبة، كأنهم يزدحمون على قصرك وأنت تضيفهم وتعطيهم الأموال:

    كأن الناس حولك حين قاموا      وفود نداك أيام الصلات

    مددت يديك نحوهم احتفـاء      كمدهما إليهم بالهبات

    كأنك تعطيهم

    ولما ضاق بطن الأرض عن أن      يواروا فيه تلك المكرمات

    أصاروا الجو قبرك واستعاضوا      عن الأكفان ثوب السافيات

    عليك نفائح الرحمن تترى     برحمات غوادٍ رائحات

    وهي من أعجب ما قيل في هذا الوزير الذي يستحق ذلك! وقد أحسن أبو الحسن الأنباري في هذه القصيدة التائية -على كل حال- هذه عاقبة الدنيا وكل شيء يأتيه قاصمة إلا الدين، فإن الخاتمة والعاقبة للمتقين ولو أصابهم ما أصابهم من النكبات، لكنها تصفي لهم بإذن الله الخاتمة الحسنة ولا يضيعهم الله عز وجل فإن الله لا يضيع أولياءه.

    أبو الطيب الطبري عالم شافعي كان فُكاهياً دعوباً، ذهب إلى الخراز -خراز الأحذية- قال: أصلح لي حذائي، وذهب ثم مضى عليه اليوم الثاني قال: أين الحذاء؟

    قال: إن شاء الله غداً، فأتى بالغد وقال: أين الحذاء؟

    وكلما رآه الخراز جعلها في الماء حتى يتظاهر أنه يريد إصلاحها، فأتى بعد غد قال: أين الحذاء؟

    قال: أرشها وأصلحها إن شاء الله، قال: أعطيتك لتصلحها لا لتعلمها السباحة، لأنها دائماً في البرميل، هذا أبو الطيب الطبري.

    أبو الطيب الطبري قفز من السفينة إلى الشاطئ خطوات، فأتى الشباب يقفزون فما استطاعوا قالوا: مالك استطعت وما استطعنا؟

    قال: هذه أعضاء حفظناها في الصغر فحفظها الله علينا في الكبر: فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ [يوسف:64] يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ [إبراهيم:27].

    مصيبة فقد الأندلس

    الأندلس اجتيحت في يوم واحد، قلوبنا ودماؤنا، ومساجدنا ومصاحفنا في الأندلس، الأندلس جزء منا وهي تسمى حالياً: أسبانيا، فقدناها يوم فقدنا مصداقية لا إله إلا الله، اجتاحها العدو، وأتى أبو البقاء الرندي يبكيها ويقول في قصيدته المشهورة:

    لكل شيء إذا ما تم نقصان     فلا يغر بطيب العيش إنسان

    هي الأمور كما شاهدتها دول     من سره زمن ساءته أزمان

    وهذه الدار لا تبقي على أحد     ولا يدوم على حال لها شان

    ثم يقول في آخر القصيدة:

    أعندكم خبر من أهل أندلـس     فقد مضى بحديث القوم ركبان

    لمثل هذا يذوب القلب من كمد     إن كان في القلب إسلام وإيمان

    ما ذا التقاطع في الإسلام بينكم     وأنتم يا عباد الله إخوان

    يقول: أدركوا أهل الأندلس، أخذن النساء من البيوت والقصور وبيع الخمر على المنبر يوم الجمعة، لما استولى النصارى على الأندلس فقاموا بأفعال عجيبة قد مر ذكرها في مثل محاضرة (الذنوب خراب الشعوب) وأمثال ذلك.

    1.   

    أسباب النكبات والمصائب

    فتح المسلمون قبرص في عهد أبي الدرداء رضي الله عنه وأرضاه، ففرح المسلمون وضحكوا وانشرحوا وبكى أبو الدرداء، قالوا: مالك؟!

    قال: [[أبكي من خاتمتنا أن تقع مثل خاتمة هؤلاء، بينما هم في الدور والقصور عصوا الله فسلطنا الله عليهم، فأخشى أن نعصي الله فيسلطهم علينا]] وبالفعل مرت السنوات فلما انحرف المسلمون، تسلط عليهم النصارى فأبادوا خضراءهم واستولوا على بيت المقدس حتى أتى صلاح الدين ففتحه باسم الله.

    صلاح الدين كردي ليس من العرب، وابن الصلاح -صاحب مقدمة ابن الصلاح - المحدث كردي، وأحمد شوقي كردي، وابن خلكان كردي، وابن الأثير كردي، إِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْماً لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ [الأنعام:89] أقول هذا الكلام رداً على القوميين، الذين يقولون إنه لا يصلح للدين إلا العرب، فإن دين الله يعطيه من يشاء سُبحَانَهُ وَتَعَالى.

    لما فتح صلاح الدين الأيوبي بيت المقدس فلما أذن المؤذن ما بقي أحد من المسلمين إلا بكى، ثم قام الخطيب الحلبي فاستفتح بحمد الله وقال في الخطبة يوم النصر:

    تلك المكارم لا قعبان من لـبن     وهكذا السيف لاسيف ذي يزن

    القصيدة لـأبي الصلت، يمدح ملك اليمن ذي يزن وهو جاهلي، يقول:

    تلك المكارم لا قعبان من لـبن     شيبا بماء فعادا بعد أبوالا

    قصيدة طويلة، فأخذ العالم نصف البيت فقال:

    تلك المكارم لا قعبان من لبنٍ     وهكذا السيف لا سيف ذي يزن

    يقول: أنت يا صلاح الدين الولي العابد، ولا ينصر الله إلا أولياءه، وصلاح شرف لنا ولو أنه كردي، بطولاته وانتصاراته تاريخ لنا، غفر الله له وجمعنا في دار الكرامة، وما ترك إلا سيفاً ورمحاً ودرعاً وفرساً.

    الظلم من أسباب النكبات

    يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن الظالمين وأخذهم: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا [النمل:52] قال ابن عباس:[[الظلم خراب البيوت، أما سمعتم قوله تعالى: فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا [النمل:52]]] قال شيخ الإسلام ابن تيمية -نظر الله سعيه-: إن الله ينصر الأمة العادلة ولو كانت كافرة، ويمحق الأمة الظالمة ولو كانت مسلمة، فالعدل إقامة الشعوب وسلامها واستمرارها والظلم خرابها، ظلم أحمد بن أبي دؤاد الإمام أحمد، الإمام أحمد بن حنبل إمامنا، وأحمد بن أبي دؤاد إمام أهل البدعة إمام المعتزلة، كان أحمد بن أبي دؤاد هذا قاضي القضاة في عهد المعتصم، من أفصح الناس وأعجبهم، كريم: يقولون يوقع على الصك الواحد ألف ألف درهم، أعطاه الله أموالاً، حتى يقول أبو تمام يمدحه:

    لقد أنست محاسن كل حسنٍ     محاسن أحمد بن أبي دؤاد

    وما سافرت في الآفاق إلا     ومن جدواه راحلتي وزادي

    هذا وقف للإمام أحمد بالمرصاد وظلمه، وكان كلما أراد الخليفة المعتصم أن يسمح الإمام أحمد ويخرجه من فتنة القول بخلق القرآن، قال: لا. يا أمير المؤمنين عليك به، وهو مستشار للمعتصم، فيأتي المعتصم ويدمغ الإمام أحمد، كلما فكر قال: يا أمير المؤمنين: الله الله اقتله ودمه في عنقي، انظر إلى الخائن! يقول جلاد الإمام أحمد -رجل اسمه عدرس - والله الذي لا إله إلا هو، لقد جلدت الإمام أحمد جلداً لو جلد بعير لمات.

    لكن الإمام أحمد كان دائماً متصلاً بالله، كانت دماؤه تسيل، ويخرج من القصر ويقول: اللهم اغفر لأمير المؤمنين، هذا الإمام أحمد، وكلما أراد أن يسمح المعتصم أتى أحمد بن أبي دؤاد، قاضي القضاة المعتزلي، قال: يا أمير المؤمنين! دمه في عنقي، دمه حل وبل وطل، اقتله يا أمير المؤمنين، فيستدعيه ويضربه، في الأخير صبر الإمام أحمد ثم توجه إلى القبلة ودمعت عيناه وقال: اللهم عليك بـأحمد بن أبي دؤاد، اللهم احبسه في جسده، فأجاب الله دعوته في سنوات، فحبس أحمد بن أبي دؤاد في جسده، أما نصفه الأيمن فمشلول يقول أحمد بن أبي دؤاد: والله لو قطعت بالمقاريض ما أحسست بشيء في نصفي هذا، وأما نصفي هذا فو الله لو قع عليه ذباب كأن القيامة قامت، فكان يبكي الليل والنهار، فيدخل عليه تلاميذ الإمام أحمد، قالوا: ما دخلنا نزورك وإنما دخلنا نشمت بك، يقولون: لا تظن أننا نحتسب الأجر في الزيارة لا، لكن نتفرج في هذا المنظر وفي دعوة الإمام أحمد، فأخذه الله عز وجل وذهب إلى الله، لكن انظر إلى عاقبة الظلم وانظر إلى النتيجة والخاتمة.

    أتى ابن الزيات أحد الوزراء فاعترض على الإمام أحمد وكان من المتسببين في تعذيب الإمام أحمد وقال: اللهم نكل به: فأصابه الله بقارعة، أخذه الخليفة المتولي بعد المعتصم ثم جعله في فرن فلما كبته في الفرن، ضرب المسامير في رأسه حتى خرج دماغه من أنفه، فنعوذ بالله من الخذلان، ونعوذ بالله من الظلم، ومن الانحراف عن منهجه جل وعلا.

    يقول ابن مسعود: [[ما امتلأت دار حبرة إلا امتلأت عبرة]] أي: ما امتلأت غنى وبسطة، ثم انحرفت عن منهج الله؛ إلا امتلأت نكبة ومصيبة.

    ويقول ابن الوردي:

    أين من شادوا وسادوا وبنـوا     هلك الكل ولم تغن القلل

    ويقول أحدهم:

    باتوا على قلل الأجبال تحرسهم     غلب الرجال فما أغنتهم القلل

    واستنزلوا بعد عز من منازلهـم     إلى مقابرهم يا بئسما نزلوا

    تلك الوجوه التي كانت مكرمة     أضحى عليها جموع الدود تقتتل

    ذكر الترمذي في سننه رحمه الله من طريق عطاء بن أبي رباح أن عائشة: رضي الله عنها -أم المؤمنين- مرت بقبر أخيها عبد الله بن أبي بكر الصديق في مكة -دفن في مكة - فلما رأت قبره بكت، وقالت: " مثلي ومثلك يا عبد الله كمثل قول: متمم بن نويرة في مالك أخيه:

    وكنا كندمان في ديمة برهة     من الدهر حتى قيل لن يتصدعا

    وعشنا بخير في الحياة وقبلنا     أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا

    فلما تفرقنا كأني ومالك      لطول الاجتماع لم نبت ليلة معا

    هذه من أرق ما قيل، وكان عمر إذا رددها وذكر أخاه، بكى ويقول: يا ليتني كنت شاعراً فأرثي لأخي زيد.

    بكت عيني اليمنى فلما زجرتهــا     عن الجهل بعد الحلم أسبلتا معا

    بنفسي تلك الأرض ما أحسن الربا     وما أحسن المصطاف والمتربعا

    ثم يقول:

    فليت المنايا كن خلفن مالكـاً      فعشنا جميعاً أو ذهبن بنا معا
    هذا متمم بن نويرة يقول: يا ليتني مت مع أخي، أو ليته عاش معي.

    التفرق والاختلاف من أسباب النكبات

    ومن أسباب النكبات: التفرق، يقولون: كل يعرف النكبة، لكن ليس الكل يعرف كيف يخرج منها، أي: أكثر الناس الآن يعرفون أن من أسباب النكبات أموراً، لكن لا يعرفون كيف يتخلصون منها.

    يذكر ابن القيم في الفوائد أن ثعلبين دخلا في مدجنة -في كرس دجاج- فلما دخلا، أول ما يدخل الثعلب، يدخل خفيف يدخل جائع، أي نافذة صغيرة يدخل وهو جائع، فدخل الثعلبان من هذا فلما أكلا الدجاج كله، أتيا لكي يخرجا فما استطاعا، أصبح الواحد منهما مثل البرميل، وإذا بصاحب الدجاج مقبل معه ساطورة بيده، فطرق الباب يستأذن على الثعلبين، فيقول الثعلب لصاحبه: أين الموعد يا صاحبي؟

    قال: نلتقي في المدبغة أي: المجزرة.

    من أسباب النكبات التفرق، تفرق الأمة وتفرق الشعوب على مناهج مختلفة، أي: قطيع علماني، وقطيع بعثي، وقطيع ماركسي، وقطيع مسلم، ويقولون: لهم حرية الرأي، أنت تكلم على الماركسية وامدح استالين ولينين، وأنت لا بأس أن تسب الله، وأنت اخطب الجمعة، وأنت صلِّ، وأنت بع مساويك وأنت بع خمراً، أي: ديمقراطية -يعني: عش حراً، وهذه هي قاصمة الشعوب، قال: سُبحَانَهُ وَتَعَالَى أولاً عن مبدأ التفرق وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال:46] وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104] وقال سبحانه: وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ [آل عمران:105] أرسل عثمان رضي الله عنه، وقد طوقوا قصره.

    جرحان في كبد الإسلام ما التأما      جرح الشهيد وجرح بالكتاب دُمي

    فلما طوقوا عليه بيته وأرادوا قتله وكان صائماً ذاك اليوم، وقد نام بعد الظهر ورأى الرسول عليه الصلاة والسلام في المنام وقال: يا عثمان سوف تفطر عندنا هذا اليوم، وبالفعل قتل قبل صلاة المغرب، فكتب عثمان قبل أن يقتل إلى علي رسالة مبكية يقول:

    فإن كنت مأكولاً فكن خير آكل     وإلا فأدركني ولما أمزقي

    هذا البيت لرجل جاهلي قديم يقول: فإن كنت مأكولاً أنا، أنت كلني بالتي هي أحسن، يقول: إن كنت أنت تريد الخلافة بعدي فكل بالتي هي أحسن أنا أسلم الخلافة الآن، لكن علياً بريء من دم عثمان وهو وأخوه وصنوه ويجمعهم الله في الجنة، وهم شهداء أبرار، ونشهد الله على حبهم يقول:

    فإن كنت مأكولاً فكن خير آكلِ     وإلا فأدركني وإلا أمزقي

    يقول: أدركني قبل أن أمزق، وأتى علي رضي الله عنه يجمع الأمر ويدرك عثمان، فوجده قد مزق، حتى قتلوه وانسكب دمه على المصحف وكان يفتح على قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:137] فقطرت هذه الدماء الطاهرة على هذا الآية، قالوا: ولا زالت هذه الآية الآن على المصحف وهي موجودة في اسطنبول في متحف هناك، دم عثمان على الآية، انظر اختيار الآية، المقصود: أنه لما قتل عثمان بكى علي وقال: [[أكلت يوم أكل الثور الأبيض]] وهذا مثل في الجاهلية، يقولون: كان هناك ثلاثة ثيران قوية، أحمر وأبيض وأسود: كانت ترعى سواء تسرح إلى الماء سواء، وتمشي وتقوم وتشرب سواء، جاء الأسد وأراد أن يفترسها فاجتمعت عليه فناطحته فقتلته، فجاء أسد آخر فطردته، جاء النمر فاجتمعت عليه، فجاء أسد ذكي وأخذ الثور الأسود وقال: أريدك في أمرٍ، قال: ما هو؟ قال: هذا الثور الأبيض يأكل عليك المرعى دائماً، دائماً ينكد عليك، فأريد أن أتعاون أنا وإياك والأحمر ونقتل هذا الأبيض، قال: أصبت أصاب الله بك الخير، فاجتمعوا على الأبيض فقتلوه، فلما أتى رجع إلى الأسود وقال: هذا الأحمر يفعل فعل ذاك، ما رأيك نقتله، قال: نقتله فاجتمعوا عليه فأبادوه، فقال: الأسد للأسود بقيت أنت يا عدو الله، قال: أكلت يوم أكل الثور الأبيض.

    وبالفعل استمر علي رضي الله عنه فقتل، قتله بعض أولئك الشرذمة، يقول: ما دام قتل عثمان أنا سوف أقتل وهذه حكمة الله عز وجل، فأما مثل علي وعثمان فهي درجات عند الله وحسنات، وأما أعداء الله فإنه يعذبهم في الدنيا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ [فصلت:16].

    الانغماس في الملذات من أسباب النكبات

    من أسباب النكبات الانغماس في الملذات، يقول الله تعالى: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا [الطلاق:8] وهنا يقول: بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا [القصص:58] أي عاشت البطر والترف والتفسخ، وعاشت شيئاً من التنعم الذي هو فوق ما يمكن أن يتصوره الإنسان، وفوق مستوى بعض الشعوب، مثلاً هذه الكبكات تباع إلى ثلاثة آلف عندهم، وهي موجودة الآن في بعض المجتمعات أي ترف فوق العادة، يذكرون عن بعض الناس أنه: كان يلبس ثوباً فإذا خلعه للغسل لا يلبسه مرة ثانية لأنه دائماً يلبس جديداً، هل بعد هذا الترف من ترف!

    عمر بن الخطاب -أمير المؤمنين- ما عنده طيلة الخلافة إلا بردة مرقعة، يقولون أنه يصلي بها الجمعة وفيها أربعة عشر رقعة، مرقوعة بيده، ويوم جاء الهرمزان مبعوث كسرى وجد عمر وهو نائم تحت الشجرة بلا حراسة فارتعد، وقال: حكمت فعدلت فأمنت فنمت، ولذلك يقول حافظ إبراهيم:

    فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملاً     ببردة كاد طول العهد يبليها

    فقال قولة حق أصبحت مثـلاً     وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها

    أمنت لما أقمت العدل بينهـم     فنمت نوم قرير العين هانيها

    دخل الربيع بن زياد الحارثي على عمر -أمير من الأمراء- فجلس أمام عمر قال: [[وكنت أتحذر في كلامي لا أسقط في كلمة -لأنه أمام عقلية جبارة ومن عظماء الدنيا- قال: فسلم الله وسدد حتى قدم لـعمر إفطاره فإذا هو شيء من ملح مجروش مع شعير مع ماء، قلت: يا أمير المؤمنين! أنت أولى الناس بالمطعم الهنيء والمركب الوطيء والملبس الثري، قال عمر: فأخذ خشبة فضرب ِأميره في رأسه، قال: أولاً: والله لن أوليك إمارة بعد الآن، وأما وصاياك لي هذه فاحتفظ بها لنفسك.

    ثانياً: والله إني أعلم الناس بلباب البر، وتسيل العسل وأشهى اللحم لكن أخشى أن أعرض على الله يوم القيامة فيقول لي: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا [الاحقاف:20] فقال هذا الأمير: ووددت أن الأرض ساخت بي وماتكلمت]].

    هكذا كان عمر، ولذلك حققت الأمة في عهده انتصاراً ما سمع التاريخ بمثله حتى كان ملوك الكفار إذا سمعوا بـعمر يغمى على الواحد منهم من الخوف، أنزل الله رعبه في قلوب الشياطين، شياطين الإنس وشياطين الجن، فهذا الانغماس في الملذات ردى وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً [الإسراء:16] يعني: الإرادة الكونية، ماذا يفعل الله؟

    هل يدمر هذه القرية؟

    لا، أمَرْنَا مُتْرَفِيهَا [الإسراء:16] وفي بعض القراءات (أمّرنا) أي: كثرنا أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً [الإسراء:16].

    ومما يذكر أن القاهر الخليفة العباسي يقولون: تولى الخلافة ونصحه الناس: اتق الله! فأخذ حديقة وجعل كل الحديقة من فضة، شجرها من فضة -أي- وهمية، مثل المدن الوهمية، وجعل أسوداً، وثعالب ودجاجاً من فضة، ثم يأتي يصب الماء من أذناب الأسود فيخرج الماء من فم الأسود فيصب في البرك، ما الداعي لهذا الكلام؟

    ثم أتى إلى برك في بيته، خزانات مثل خزانات الماء فحفرها ثم ملأها ذهباً وفضة، ثم جمع أبناءه وبناته، وقال: لا تخافوا من الدهر، سبحان الله.

    هذا المال عندكم فلا تخافوا من شيء، افعلوا ما شئتم، فعلمه الله الذي يصرف الدهر ولا يصرفه الدهر، والذي يغير ولا يتغير، دخل عليه ابن عمه فخلعه في تلك الساعة، ثم أتى عليه فسمل عينيه بالحديد المحمي -أخرج عينيه حتى أصبح أعمى- ثم أخرجه من ملكه وأخرج أبناءه، وطردهم وأتى بعد سنة هذا القاهر يمد يده في المسجد، -مسجد المنصور بدار السلام بـبغداد - يقول: من مال الله يا عباد الله.

    علمه الله أين البرك وأين دجاج الفضة، وثعالب الفضة، وأسودها وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا [الإسراء:16] وقال: وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَاباً شَدِيداً وَعَذَّبْنَاهَا عَذَاباً نُكْراً [الطلاق:8].

    ويقولون: إن عجوزاً كانت في الأندلس بنت ابن جحوان، كانت صالحة، تصلي الليل والنهار وابنها كان من أفسد الناس، لا يعرف إلا الغناء وشرب الخمر، فكانت تتعاهده دائماً بالنصيحة: اتق الله، حافظ على الدين، حافظ على الصلاة، فيقول: لا. وفي الأخير استولى عليه ملك آخر، فحطمه واستولى على قصره، وأخذه وأمه وأودعهم السجن، فتقول له أمه كلما أصبحت تريد تصبح عليه، وهو في زنزانة وهي في زنزانة فتقول له:

    ابكِ مثل النساء مجداً تولى     لم تحافظ عليه مثل الرجال

    ولا يحافظ على المجد إلا بتقوى الله عز وجل، قال سبحانه: وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [المؤمنون:33] ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الحجر:3] وقال سبحانه عن أوليائه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ * إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ [محمد:11-12].

    عدم تحكيم الكتاب والسنة من أسباب النكبات

    ومن الأسباب: عدم أخذ نصح كتاب الله عز وجل وسنة رسوله، وعدم تحكيمهما في دنيا الناس وواقعهم وفي معتقدهم وعباداتهم وأخلاقهم وسلوكهم، قال: سبحانه عن أحد رسله عليهم الصلاة والسلام يوم أنذر قومه قال: وَلَكِنْ لا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ [الأعراف:79] ننصحكم صباح مساء، ولكن لا تحبون الناصحين، وقال شعيب: وَأَنْصَحُ لَكُمْ [الأعراف:62] وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ [الأعراف:68] لكن ما قبلوا النصيحة.

    دريد بن الصمة أتى عند قومه، وقبيلته من غطفان، وهو شاعر ماجد، فأتى في الليل وقال: انتبهوا! البسوا السلاح ولا تناموا هذه الليلة، العدو سوف يصبحكم قالوا: لا نأخذ كلامك وأنت شيخ قد خرفت -أي: أصابك هرم في عقلك- قال: خذوا سلاحكم، قالوا: لا نأخذ السلاح، وفي الصباح وإذا بالجيش يجتاحهم اجتياحاً هائلاً، ودائماً الهجوم ما يأتي إلا في الصباح يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى على لسان لوط: أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ [هود:81] بلى، ولذلك ليل المنكوبين طويل، إذا أراد الله أن ينكب قوماً طال عليهم الليل، وليل السعداء قصير، حتى يقول أحدهم:

    لا أسأل الله تغييراً لما فعلت      نامت فقد أسهرت عيني عيناها

    فالليل أطول شيء حين أفقدها     والليل أقصر شيء حين ألقاها

    ويقول:

    فقصارهن مع الهموم طويلــة     وطويلهن مع السرور قصار

    فاجتاحهم الجيش فيقول هذا الشاعر:

    أمرتهم أمري بمنعرج اللــوى     فلم يستبينوا النصح إلا ضحى الغد

    وهل أنا إلا من غزية إن غوت     غويت وإن ترشد غزية أرشد

    فقلت لهم ظنوا بألفي مدجـج     سراتهم في الفارسي المسرد

    يقول: ناصحتهم وقلت: الجيش سوف يهاجمكم وقوته ألفين، وما يلعبون كرة، عندهم رشاشات بأيدهم، ودبابات وصواريخ.

    سراتهم أي: القادة فيهم كالفرسان، من مشاش رأسه إلى أخمص قدميه لباس حديد، لكن ما اتعظوا، ثم يقول في الأخير: فأنا انهزمت معهم وما أنا إلا منهم، إن غووا غويت وإن رشدوا رشدت، وهذا خطأ، منطق المسلم لا يقول هذا، بل يقول: أبرأ إلى الله من أهل الانحراف، وأنا أتولى الله عز وجل ولا أذهب مذهب المنحرفين.

    والأمم يوم تتنكر الناصحين تقع في للنكبات، يقول قوم عن نبيهم: إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ بِهِ جِنَّةٌ [المؤمنون:25] مجنون، وقالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: مجنون، شاعر، كاهن، والله يقول: وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ [التكوير:22] واعترضوا على رسالته واختياره، يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوّاً [هود:62] قال بعض المفسرين: قد كنا نرجوك أن تكون عاقلاً، إذا بك تأتي تنصحنا الآن وتسب آلهتنا، كنا نأمل فيك أن تكون رجلاً عاقلاً، لكنك انحرفت. وهم المنحرفون المهلوسون.

    إذا عير الطائي بالبخل مـادر     وعير قساً بالفهاهة باقل

    وقال السهى للشمس أنت كسيفة     وقال الدجى للبدر وجهك حائل

    فيا موت زر إن الحياة ذميمـة     ويا نفس جدي إن دهرك هازل

    قصة: عبيد الله بن زياد وكان رجلاً ظالماً تولى على العراق، وهو الذي دبر مقتل الحسين بن علي بن أبي طالب، هل تدرون ماذا فعل؟

    أمير العراق؟ يوم قطعوا رأس الحسين أتي به فأتى بكبر وعنجهية وأخذ عصا في يده ثم جعل رأس الحسين، رأس الحسين بن علي، ابن فاطمة، الذي كان يقبله الرسول عليه الصلاة والسلام صباح مساء، يقبله ويقول أبو هريرة: {رأيت الحسن على يد الرسول اليمنى والحسين على يسراه يقبل هذا مرة وهذا مرة، يقول: اللهم إنهما ريحانتاي في الدنيا، اللهم فحب من أحبهما -نشهد الله على محبتهما- فكان يقبل الحسن مرة والحسين مرةأخرى}.

    هذا الحسين العابد الولي قطع رأسه عبيد الله بن زياد، ثم وضع رأسه في صحن أمامه وجمع وزراءه وحاشيته وأخذ عصا يخرجها ويقول هذا فعل بنا يضعها بأنفه، وفعل بنا وخرج علينا، وعصانا وفعل، فقام أبو برزة الأسلمي أحد الصحابة يبكي وهو واقف قال: [[ارفع عصاك، لا تضع عصاك على أنفه، والذي نفسي بيده، لقد طالما رأيت الرسول عليه الصلاة والسلام يقبل ذاك الموضع، ويقول: هما ريحانتاي من الدنيا]] فرفع عصاه كالخجلان، وبعد سنة أتى المختار بن عبيد الثقفي فهاجم عبيد الله بن زياد في قصره، فقطع رأسه، ثم وضعه في نفس الصحن ذاك، ولكن ما كان عند المختار عصا يشير بها، فأرسل الله حية، ثعبان صغير، كانت تدخل في أنفه وتتجامع الحية، حتى تحشره في أنفه وفمه، مكان تلك العصا، هذه بتلك، وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران:140].

    دخل عليه عمرو بن عايذ قال: يا عبيد الله بن زياد اتق الله! فإني سمعت الرسول عليه الصلاة والسلام يقول: {إن شر الرعاة الحطمة} معنى الحديث: إن شر الناس المسئول إذا حطم الناس وأرهقهم وكلفهم، قال الأمير -هذا المتكبر عبيد الله بن زياد - اجلس إنما أنت نخالة أصحاب محمد، قال: وهل فيهم نخالة؟ إنما النخالة في غيرهم وفي من بعدهم.

    السكوت عن المنكر من أسباب النكبات

    ومن الأسباب في النكبات: ظهور المنكر بلا إنكار، يقول عليه الصلاة والسلام: {إنما هلك الذين من قبلكم أنه كان الرجل يلقى أخاه فيقول: اتق الله! لا تفعل كذا، ثم لا يمنعه ذلك أن يكون أكيله وشريبه} أو كما قال عليه الصلاة والسلام والحديث صحيح، قال سبحانه: لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة:78-79] وقال سبحانه: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ [الأعراف:163] اسمع أسلوب القرآن! انظر إلى الروعة والجمال والإبداع! يتكلم في سورة الأعراف، وفجأة بعد أن انتهى من قصة موسى قال: وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ [الأعراف:163] جمال القرية. بأنها تسكن على شاطئ البحر، اسألهم عنها هل سمعوا بخبرها وماذا فعلنا فيها؟

    ثم وصف الله من أخبارها وكيف دمرها؛ لأنها فعلت المنكر، وكان كثير منهم يستمريه، فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر.

    العرب تقول: من أنذر فقد أعذر، ويقول عليه الصلاة والسلام في الصحيح: {يغزوا جيش الكعبة، فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم، قالت: أم المؤمنين أم سلمة وقيل: عائشة: يا رسول الله! كيف بمن لا ذنب له فيهم والصالحين -يعني: من الخدم والأتباع- قال: يهلكون مهلكاً واحداً ثم يبعثون على نياتهم} أي: يبعثهم الله.

    فالزلازل الذي يصيب بعض المدن بسبب فجور كثير من الناس، فيموت الصالحون والطالحون، فأما الصالح فيبعثه الله على نيته شهيداً، وأما هذا المجرم فيبقى مجرماً إلى يوم يلقى الله في يوم العرض الأكبر.

    يقول أهل العلم: دخل هارون الرشيد على الفضيل بن عياض فقال: انصحني، قال: يا جميل الوجه! احذر أن يعذب الله وجهك بالنار، أو أن تغير النار وجهك الجميل -لأن هارون الرشيد كان جميل الوجه- فيقول له الفضيل: إن كنت تتقي الله فاحذر على وجهك أن يتغير من عذاب الله -أي: النار- فبكى هارون حتى كادت أضلاعه تختلف، فيقول وزيره: يا فضيل! لا تقتل أمير المؤمنين قال: سبحان الله! تقتله أنت وتنسب القتل لي، يقول: أنت المسئول، أنت الذي دائماً يغريه بالأفعال، ثم تقول: أنا الذي أقتله، تقتله أنت وأصحابك ثم تدعي أنني قتلته! أو كما قال.

    1.   

    الدروس المستفادة من أحداث غزو الكويت

    أيها الإخوة! من الحدث الذي مر معنا نستفيد أموراً:

    من الدروس المستفادة أن الظالم لابد له من نهاية

    أولاً: نستفيد: أنه لا قرار للمجرم أبداً، مهما طالت به الأيام، وقد صح عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إن الله ليمهل للظالم فإذا أخده لم يفلته} وهذا الحديث صحيح، ومعنى ذلك: أن الظالم ولو رأيناه أرغى وأزبد، وفعل ونكل فإن الله سوف يقتلعه، فمهلاً أليس الصبح بقريب، وصبراً وسوف ترون العاقبة، وهذا المجرم الذي أحدث هذه الأحداث سوف تكون نهايته مأساوية، وسوف تنظرون له بعد أوقات، إما أن يجتاح بلاده ويدمر مع أهله تدميراً عجيباً، وإما أن يغتال، وإما أن يصاد في مكان ضيق ويخنق أمام العالم، وهذه نهاية الطغاة، وهذه سنة الله في الكون.

    فرعون أين مات؟

    مات وأنفه في الطين، والنمرود مات ببعوضة، وهتلر مات منتحراً، وملك إيطاليا مات مسموماً، وهم الذين دبروا الإجرام في الحرب العالمية الماضية: وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ [هود:102] وهذا مصير الظلمة.

    من الدروس المستفادة: أهمية اللجوء إلى الله منه

    ومن الدروس والعظات: أن العبد عليه أن يلجأ إلى الله عز وجل وأن يطلب منه النصر وحده، ويطلب منه أن يجنبه المصائب والكوارث والفتن ما ظهر منها وما بطن، كان عمار بن ياسر يقول: [[أعوذ بالله من الفتن، أعوذ بالله من الفتن، أعوذ بالله من الفتن]] والسبب: أنه كان يبني المسجد مع الرسول عليه الصلاة والسلام فرءاه صلى الله عليه وسلم قال: {ويح عمار! تقتله الفئة الباغية} فيقول عمار: أعوذ بالله من الفتن، وبالفعل وصل -لكنه سليم من الفتن- وقتل في صفين رضي الله عنه وأرضاه.

    من الدروس المستفادة: ضرورة إصلاح الواقع

    1.   

    آثار ونتائج حادثة غزو الكويت

    أيها الإخوة الكرام: هذا الحادث الذي وقع في المنطقة أصاب العالم الإسلامي بمآسٍ.

    من الآثار: شماتة الأعداء بالمسلمين

    من هذه المآسي: شماتة الأعداء بنا، أي: أصبح الشرق والغرب يشمت بالمسلمين وبوضعهم وتفرقهم، وتشتت كلمتهم، وأصبح يضحك عليهم، وأصبحنا بدل أن كنا نسير الرأي العام أصبح الرأي العام يسيرنا.

    كم صرفتنا يد كنا نصرفهـا     وبات يملكنا شعب ملكناه

    كان تاريخنا الأول، الذي تكلم في العالم وهو الذي يسيطر على مجريات العالم ويوجهه، مشايخ الإسلام وأمته، في عهد الخلفاء الراشدين والأمويين والعباسين، لكن أضمر لنا هذا الحادث، أن الأعداء يشمتون بنا، وأصبحنا شذر مذر، وفرقاً مشتتين موزعين، ليس لنا كلمة ولا رأي ولا وزن ولا ثقل.

    الآن الدول الخمس دائمة العضوية في هيئة الأمم، كلها كافرة، والعالم الإسلامي مليار ليس لهم عضو دائم ولا يملكون حق الفيتو -النقض- وأمريكاوالاتحاد السوفيتي وc= 3000012>فرنساو بريطانيا والصين، هذه الدول الخمس دائمة العضوية، أما الدول الإسلامية فأعضاء، كما قيل:

    ويقضى الأمر حين تغيب تيـم     ولا يستشهدون وهم شهود

    سواء كانوا حاضرين أم غائبين، يقولون: أحد الوفود من الدول النامية يحضر في مجلس الأمن في انعقاد الجلسة: ومن عادته أنه كثير النوم، ينام ما اكتشفت دولته أنه ينام حتى وصل في نيويورك، فكان ينام في طول الجلسة، فيقوم في أثناء نومه فيقول: موافق، لأنه متعود من بلاده أنه يوافق على كل قرار ولا يعترض؛ لأنه سواء اعترض أو ما اعترض، فليس له صيت، فقالوا: يتوهم أن صاحب الجلسة طلب التصويت فمد يده: وقال: موافق.

    بلغت الشماتة بالعالم الإسلامي أن لا يملك أحد حق النقض أو حق الفيتو، يصوت المجلس على قرار فتأتي أمريكا تعترض وما اعترض على قرارات إدانة إسرائيل طول التاريخ إلا أمريكا، يقولون نحاصر إسرائيل؟

    قالت: لا.

    ندمر إسرائيل؟ لا.

    ندينها؟ لا.

    نرسل لها؟ لا.

    نفاوضها؟ لا.

    والمسلمون على كثرتهم:

    عدد الحصى والرمل في تعدادهم     فإذا حسبت وجدتهم أصفارا

    ولذلك هم سواء يغيبون أو يحضرون ليس لهم أثر في القرار أبداً، وإنما هذه الدول الخمس هي التي تنفذ القرار، وتسيطر على الرأي العام، ولذلك يتمزق قلب المسلم إذا قال الدول دائمة العضوية، فينظر أين أبناء خالد، وأين أبناء طارق، وأين أبناء عمر؟!!

    أين الفاتحون الذين فتحوا الدنيا؟!

    لا شيء، أمريكان وإنجليز وفرنسيون وصينيون وروس هم الذي يسيطرون على العالم، ليس فيهم مسلم ولا ساجد ولا ولي لله، ثم نبقى نحن يتحكم فينا هؤلاء في قراراتهم وتوجيهاتهم والسبب: أنهم اعتنوا بأنفسهم ووحدوا أمرهم وسيطروا على العالم بالقوة، هذا الحادث بين لنا هذا الأمر.

    من الآثار: تدهور الاقتصاد

    الأمر الثاني: أن هذا الحادث له نتائج خطيرة في عالم الاقتصاد، فالعالم الإسلامي الآن يعيش فقراً، وأصلاً بلاد المسلمين كلها بلاد يذكر فيها لا إله إلا الله، وهناك أطفال تضرروا وسبب تضررهم المجرمون المفسدون البغاة الظالمون، وهناك دول إسلامية بعيدة عن الحادث ومع ذلك وتضررت وهذا هو الحادث الذي سبب لنا هذه الكارثة بفعل ذاك المجرم الذي نسأل الله أن يزيله وأن يكفينا شره.

    1.   

    الإيجابيات التي تؤخذ من الأحداث

    أثبت لنا هذا الحادث أن هناك أناساً يعيشون على غير قيم ولا مبادئ، يتجهون مع الريح في كل اتجاه، ما لهم كلمة منضبطة مثل أهل الأدب، لم يصوروا الأشخاص على حقيقتهم، حاكم العراق هذا من يوم أتت به أمه وهو عدو لله، فلماذا لا يأتي هؤلاء الشعراء والأدباء والمفكرون يصورنه للناس من قبل غزو الكويت؟ بل كانوا يمدحونه، وأحدهم مدحه في المربد بقصيدة هائلة رنانة طنانة وسلمه هو الوسام وألبسه أمام الجماهير، ثم بعد الغزو نزل هذا عليه وسبه ورد جائزته، فقط من سيئاته غزو الكويت، وله سيئات أعظم وأدهى وأمر منها.

    وفي هذا الحادث اكتشفنا أن في العالم الإسلامي غثائية في العدد، مليار مسلم، لكن تعال عد، منهم فريق صوفية في الزاوية، عليهم مرقعات لا يعرفون إلا نشيداً في مدح الرسول عليه الصلاة والسلام:

    طلع البدر علينا      من ثنيات الوداع

    وجب الشكر علينا      ما دعا لله داع

    وليس لهم تعلق بالجهاد ولا بالاقتصاد، ولا بالإعلام، ولا بالساحة، ولا بمجريات الأحداث فقط في الزوايا، وفريق من هؤلاء مترفون ليس لهم هم إلا التزلج على الثلج والسفر إلى باريس وبانكوك وصيد الأرانب ومطاردة الحمام، والهواية بيع القيم في سوق الخسارة.

    اكتشفنا أن هناك فريقاً لكنه هزيل عنده توجه وخير لكن لا يعرف إلا نفسه، نفسي نفسي، يصلي ويعود إلى المسجد، وإذا رأى فتنة قال: (أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق) ولا يدعو ولا يعلم ولا يتعلم.

    وهناك ثلة باقية رائدة، هي التي تسمى: الصحوة الإسلامية، إن بني عمك فيهم رماح، وهذه التي أقضت مضاجعهم، مضاجع الكفار وحسبوا لها ألف حساب، وهي مخيفة؛ لأنها سيطرت على العالم الإسلامي، ولأنها موجهة ومنضبطة، وليس بصحيح من يقول: إن فيها تطرفاً وقد سبقت الإشارة إليه بخطبة جمعة، ليس فيها تطرف، يمكن أن يكون صوراً، أما أن يكون ظاهرة فخطأ، وما سمعنا بتطرف والحمد لله.

    واكتشفنا من هذا الحادث: أن العدو لابد أن نعرفه من قبل أن نصادقه وأن نعرف كيف نتعامل مع الناس بالكتاب والسنة وبلا إله إلا الله، فأما الولي فنواليه، وأما العدو فنعاديه.

    أيها الإخوة الفضلاء! عسى الله أن يجعمنا بكم مرات ومرات بإذنه سبحانه وتعالى، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756000189