إسلام ويب

المرأة المسلمة أسئلة ومشكلاتللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحتوي هذه المادة على بيان العلاقة بين النساء والرجال في الدنيا والآخرة وتناقش بعض قضايا المرأة من جهة لباسها وتسريحاتها واختيار الزوج، يعقب ذلك عرض سريع لأهم الأمور والجوانب لتحقيق الحياة السعيدة.

    1.   

    أهمية تخصيص الحديث عن المرأة وشئونها

    إن الحمد لله،نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

    أما بعــد:

    فهذه ليلة الجمعة، الثالث عشر من شهر رمضان، لعام ألف وأربعمائة وأحد عشر للهجرة، وقد جاءتني طلبات عديدة من أكثر من واحد من الإخوة والأخوات؛ يطلبون تخصيص الحديث في هذه الليلة عن المرأة، وهذا مطلب عادل، لأن المرأة نصف المجتمع كما يقال.

    بل هي أكثر من نصف المجتمع من الناحية العددية، فإن عدد النساء في كل مجتمع يفوق عدد الرجال، أحياناً يفوقه بأكثر من النصف، ففي بعض المجتمعات كل مائة رجل يقابلهم مائة وخمسون أو مائة وستون امرأة، وهذا يكشف عن جانب من سر التشريع في إباحة الإسلام تعدد الزوجات، لأن عدد النساء في الدنيا أكثر من عدد الرجال إجمالاً.

    كما أن عدد النساء في الآخرة أيضاً أكثر من عدد الرجال، فالنساء في النار أكثر من الرجال، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:{تصدقن ولو من حُليكن فإني رأيتكن أكثر أهل النار} وكذلك في الجنة، النساء فيها أكثر من الرجال، وهذا سرٌ يجب أن يعلم، بل ليس بسر، فكل رجل من أهل الجنة على الأقل له زوجتان، ومنهم من يكون له سبعون زوجة من الحور العين كما هو الحال بالنسبة للشهيد، نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم جميعاً من الشهداء في سبيله.

    المهم أن النساء في الجنة أكثر من الرجال بكثير، وكذلك الحال في النار، فالنساء في الآخرة أكثر، والنساء في الدنيا أكثر أيضاً، ولهذا فإن تخصيص الحديث عن المرأة -ولو لبعض الوقت- هو مطلب عادل، وخاصة مع توفر النساء في مثل هذا الشهر الكريم في المساجد، وهي فرصة لا تتكرر ولا تعوض.

    الشريعة تخاطب الرجال والنساء إلا ما خصص

    ومن المعلوم أن الحديث العام يشمل الرجال والنساء، فنحن حين نتحدث -مثلاً- عن التسبيح، والتهليل والذكر، أو عن عثرات اللسان، أو الاستغفار، أو الصدقة، أو عن غير ذلك من الأعمال، فإن هذا الحديث يشمل الرجال والنساء.

    وكل شريعة في الإسلام، فالأصل أن المخاطب بها الرجل والمرأة على حد سواء، فما خوطب به الرجال خوطبت به النساء، ولا تحتاج المرأة إلى دليل خاص للإيجاب أو للتحريم، إلا إذا ورد دليل يخصص الرجل أو يخصص المرأة فهنا نقف عند الدليل.

    وإلا فالأصل العموم، فمثلاً قوله تعالى: وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ [البقرة:43] هذا نص عام يشمل الرجل والمرأة على حد سواء، فإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة هو حكم عام للرجل والمرأة، ولا نحتاج دليلاً خاصاً يخاطب المرأة بوجوب الصلاة، أو يخاطب المرأة بوجوب الزكاة، وهكذا بقية الأحكام.

    مثال على بعض ما يخص الرجال دون النساء

    أما إذا ورد دليل خاص فيعمل به -فمثلاً-: الجماعة، ورد دليل على أن صلاة الجماعة واجبة على الرجال، لكن جاءت نصوص أخرى ووقائع كثيرة، تؤكد أن هذا الحكم ليس عاماً للنساء، بل إن الأولى للمرأة أن تصلي في بيتها، ولو صلت مع الرجال والنساء منعزلات في مكان خاص؛ لكانت صلاتهن صحيحة وجائزة -أيضاً- بلا شك.

    من هذا أجمع أهل العلم على أن الجماعة ليست بواجبة في حق النساء، وكذلك ذهب جماهير العلماء، بما في ذلك الأئمة الأربعة، إلى أن الأفضل للمرأة أن تصلي في بيتها، لكن لو صلت في المسجد فإنه لا حرج عليها، سواءً الفريضة أم النافلة.

    وقل مثل ذلك فيما يتعلق بقضية الإقامة، فقد عُرف من نصوص الشرع أن الأذان والإقامة للرجال، لأن الأذان نداء إلى الصلاة لحضور الجماعة، وما دام أن وجوب الجماعة خاص بالرجال، فكذلك الأذان خاص بالرجال ولا تدخل فيه النساء، ومثله الإقامة، فإن المرأة ليست مطالبة بأن تقيم الصلاة، لأن الإقامة أيضاً دعوة من المقيم للحاضرين لأن يقوموا إلى الصلاة، فهي دعوة للرجال وليس للنساء. لكن لو أن امرأة أقامت الصلاة؛ لم يكن عليها في هذا مأخذ أو حرج، لأن الإقامة ذكرٌ لله تعالى وثناءٌ عليه، فلا حرج فيها، ولكنها ليست مشروعة في حقها.

    لكن من المعلوم -أيها الإخوة- أن نصف ساعة نخصصها للحديث عن النساء لا تكاد تغني شيئاً، اللهم إلا اليسير.

    1.   

    شروط لباس المرأة المسلمة

    من الموضوعات التي سأتحدث عنها: قضية اللباس، وهي من المعضلات والمشكلات بالنسبة للمرأة، بل تكاد أن تكون من أعظم القضايا، فمن المعلوم أن اللباس مظهر ولكنه نعمة قال تعالى: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26] فهو نعمة للجنسين على حد سواء.

    وبالنسبة للمرأة بصفة خاصة، فاللباس يشكل جزءاً مهماً من حياتها، وتجد أن المرأة تقضي جزءاً غير قليل من وقتها في العناية بلباسها، سواء في اختيار الملابس، أو بخياطتها، أو بتصليحها، أو بشرائها إلى غير ذلك.

    فاللباس يشكل بالنسبة للمرأة -بطبيعتها- جزءاً مهماً من حياتها، ولهذا لابد من الوقوف عند اللباس، ولن نتحدث عن التفاصيل لأنه كثيراً ما ترد أسئلة عن لباس المرأة، كأين تضع المرأة جيبها؟

    من الأمام أم من الخلف؟

    وما صفة اللباس؟

    وهل يجوز أن تلبس المرأة كيت وكيت؟

    نريد أن نحدد شروطاً عامة، وكل ما توافرت فيه هذه الشروط فهو جائز، وما اختلت فيه هذه الشروط فهو محرم، فبالنسبة للباس المرأة المسلمة يشترط:-

    أن يكون اللباس ساتراً للبدن

    الشرط الأول: أن يكون اللباس ساتراً لبدن المرأة عند الأجانب.

    يقول الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] ثم يقول بعد ذلك: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ [النور:31] إلى آخر الآية.

    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وابن خزيمة: {المرأة عورة} إذن لابد أن يكون اللباس الذي تلبسه المرأة ساتراً لبدنها.

    ألا يكون اللباس زينة في نفسه

    الشرط الثاني: ألا يكون اللباس زينة في نفسه.

    بمعنى أن هناك بعض الملابس قد يستر البدن، ولكنه بنفسه زينه، وهو مثير وملفت للأنظار، وهو يستدعي فضول الرجال أكثر مما لو كان العضو مكشوفاً، وهذا كثيراً ما يوجد، ففي الآية السابقة يقول الله تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا [النور:31] وليس معقولاً أن تستر المرأة الزينة من بدنها بزينة أخرى، هي أكثر مدعاة للإثارة وجلباً للفضول.

    مثلاً: كثيرٌ من النقوش والزخارف الموجودة في الثياب ملفتة للنظر، بل إن كثيراً من الألوان ملفتة للنظر، أو كون الثوب مكوناً من ألوان عديدة فاقعة ولماعة وجذابة، هذا الثوب يكون زينة في نفسه.

    كذلك العباءة، فالعباءة ستر ولاشك، مطلوب من المرأة أن تستر ثيابها بالعباءة، وهي الجلباب قال الله: يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ [الأحزاب:59] هذه العباءة قد تكون -أحياناً- مطرزة بتطريزات، وموشاة بألوان من الرسوم والزخارف والنسيج، الذي هو أكثر إثارة مما لو ظهرت المرأة بثيابها دون أن تلبس العباءة، ومثل ما يسمونه بـ"الكاب" وقد تلبسه بعض النساء بديلاً عن العباءة.

    وقد أتاني عدد من الشباب الإخوة العاملين في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -جزاهم الله خيراً- بنماذج من هذا الكاب الذي يباع في الأسواق وتشتريه النساء، فرأيت في ذلك عجباً، من ألوان التطريز والتجميل والجاذبية التي هي في حد ذاتها مدعاة للإثارة، فمثل هذا لاشك أنه لا يحقق الغرض المقصود من لبسه؛ لأن المرأة حين تلبس الكاب أو العباءة، إنما لبسته لمزيد من التستر، فما بالك إذا كان هو يدعو إلى مزيد من الفضول ولفت الأنظار.

    وقل مثل ذلك بالنسبة لغطاء الوجه، فالمرأة مأمورة أن تغطي وجهها بالغطاء، أو بالخمار الذي تستر به وجهها وشعرها، حتى لا ينظر الرجال إلى وجهها فيفتتنوا به، لأن الوجه هو مجتمع محاسن المرأة، ومظهر من أهم مظاهر جمالها، والناس إذا وصفوا المرأة بجمال أو غيره، فإنما يصفون غالباً وجهها، فأمرت بستر وجهها بغطاء، فما بالك إذا كان هذا الغطاء نفسه جمالاً، قد يستر بعض عيوب المرأة ويظهر جمالها. مثل أن تلبس المرأة حجاباً خفيفاً شفافاً، يظهر الجمال ويستر القبيح، فهذا لا شك أن عدمه خير من وجوده، وهو أولى بالتحريم من كشف الوجه.

    أو أن تلبس المرأة ما يسمى بالنقاب أو البرقع، فيكون هذا النقاب قد فتحت المرأة لعينيها فتحتين كبيرتين جداً، يظهر منهما العينان بكمالهما، ويظهر شعر الحواجب، ويظهر جزء غير قليل من الخدين. فيكون مدعاة للإثارة، ويستر ما قد يكون في المرأة من نقص أو عيب، لاشك أن هذا أيضاً هو زينة في نفسه.

    فيشترط في لباس المرأة المسلمة وسترها؛ ألا يكون زينة في نفسه، لأن الزينة نفسها مأمور بعدم إبدائها، كما قال تعالى: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ [النور:31] فكيف تستر الزينة بزينة أخرى؟

    هذا لا يصلح ولا يسوغ!!

    ألاَّ يكون اللباس ضيقاً

    الشرط الثالث: ألا يكون اللباس ضيّقاً يصف الجسد.

    فبعض النساء قد تلبس ثوباً طويلاً، وليس زينة في نفسه، ساتراً لجميع البدن، لكن هذا الثوب ضيق جداً، يصف حجم عظام المرأة، ويصف تقاطيع بدنها، ويلفت النظر إليها، وقد أتى حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه {أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه ثوباً فلم يره عليه، فقال له: أين هو؟

    قال: يا رسول الله، كسوته زوجتي فلانة.

    قال له النبي صلى الله عليه وسلم: مرها فلتجعل تحته غلالة، فإني أخاف أن يصف حجم عظامها} والحديث رواه أحمد والبيهقي وضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة وصححه، وهو كذلك. فقال: {مرها فلتجعل تحت الثوب غلالة} والغلالة بلغتنا الدارجة هي: الشلحة التي تلبسها المرأة تحت ثيابها، فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تجعل تحت الثوب غلالة تقيها، بحيث لا يصف هذا الثوب حجم عظام المرأة، ولا يصف تقاطيع بدنها.

    أما إذا كانت المرأة عند الرجال الأجانب، أو ستمر بأجانب، فلا شك أن كونها تلبس ثوباً ضيقاً يصف بدنها، أن هذا مدعاة الإثارة والفتنة، لكن حتى لو كانت عند محارم أو أقارب ليسو أجانب عنها، كالأخ والعم والخال أو كانت عند نساء، فإنه جدير بالمرأة المسلمة ألا تلبس هذا الثوب الضيق لأسباب، ولهذا أقل ما يقال فيه الكراهية، بل بعض العلماء أطلق عليه التحريم في مثل هذه الحالة:

    أولاً: لأن هذا مدعاة لأن يقلدها بعض النساء، فيظهرن بهذا الثوب أمام المحارم وأمام الأجانب على حد سواء، كما أنه حتى عند المحارم ينبغي للإنسان أن لا يسترسل في الحديث والانطلاق في هذه الأمور، ولست بحمد الله ممن يبالغون في التخويف من فساد الواقع، بل نحن ندعو دائماً إلى الاعتدال، وأن يرى الإنسان الفساد ويرى الخير والصلاح إلى جانبه فلا يبالغ.

    لكنني أحدثكم عن معايشة، وقد اتصل بي كثير من الشباب، وبعضهم كتبوا إليَّ رسائل يرتعد الإنسان منها ويتعجب أشد العجب، أن من الشباب من يفتتنون بمحارمهم!! ومنهم من يقع معهن بما لا يرضي الله عز وجل بل بما يسخطه! ومنهم من ينظر -وهذا ليس بالقليل- إلى محارمه نظرة إعجاب ونظرة شهوة! وقد تكون أخته أو عمته أو خالته أو قريبته ممن لا تحتجب منه.

    ومع ذلك إذا تزينت وتجملت أثارت غريزته وشهوته وفضوله، فربما نظر إليها بشهوة، وربما اقترب منها، وربما حصل ما لا تحمد عقباه، لا أبالغ في هذا، ولا أقول إن هذا موجود في كل بيت، لكنني أقول إنه موجود حتى في بعض المجتمعات النظيفة. فلا تتساهل المرأة مع المحارم أو مع النساء، كما أن النساء مع النساء قد يحدث من ذلك أشياء وأشياء.

    إذاً المرأة ينبغي أن تتحفظ، حتى في مثل المجتمعات البعيدة عن الرجال الأجانب، ولا تسترسل في لبس الثياب الضيقة أو الثياب القصيرة التي لا تستر.

    ألا يكون اللباس شفافاً

    الشرط الرابع: ألا يكون الثوب شفافاً يـبين ما تحته.

    وذلك لأن الثوب الشفاف لا يتحقق به مقصود الشارع في الستر، ولهذا وصف النبي صلى الله عليه وسلم النساء اللاتي رآهن في النار فقال كما في صحيح مسلم: {صنفان من أمتي من أهل النار لم أرهما، وذكر: نساء كاسيات عاريات} فهن كاسيات من جهة، عاريات من جهة أخرى، وأحسن وأصدق ما ينطبق عليه هذا الوصف، هي المرأة التي تلبس الثوب -كما قال الإمام ابن عبد البر- وغيره: الثوب الخفيف الذي يصف ولا يستر، فهن كاسيات في الاسم عاريات في الحقيقة، عليها ثوب لكنه ثوبٌ شفاف خفيف.

    بل إن هذا الثوب الشفاف -أحياناً- يكون أكثر لفتاً للنظر من كون العضو نفسه مكشوفاً، ولهذا الذين يتفننون في الإثارة من اليهود، الذين يقفون أمام ووراء بيوت الأزياء الموجودة في أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، ويصدرون الأزياء التي يقصدون من ورائها؛ أن تكون المرأة سلعة لمجرد متعة الرجل وقضاء شهوته ووطره، يحرصون على تصدير هذه الثياب الشفافة إلى نساء العالم، وبالذات إلى نساء المسلمين؛ لأنهم يعرفون مدى قدرة هذه الثياب الشفافة على تلميع وتجميل المرأة.

    إذاً: لا يجوز أن تلبس المرأة المسلمة ثوباً شفافاً يـبين ما تحته، وليس بالضرورة أن يكون الثوب كله شفافاً، فقد يكون بعض الثوب، فبعض النساء -مثلاً- يكون الثوب شفافاً من عند أعلى الكتف إلى أسفل الذراع، أو إلى نهاية اليد، فيكون هذا القدر من الثوب شفافاً يـبين ما وراءه، وقد يـبين جزءاً من صدرها، أو يبين ساقيها أو جزءاً منهما، هذا كله لا يجوز.

    ألا يكون اللباس مشابهاً للباس الرجل

    الشرط الخامس: هو ألا يشبه ثوب المرأة المسلمة لباس الرجال، ولهذا في صحيح البخاري عن ابن عباس: { أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن المتشبهات من النساء بالرجال، كما لعن المتشبهين من الرجال بالنساء} وفي مسند الإمام أحمد ومستدرك الحاكم يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {ثلاثة لا يدخلون الجنة، ولا ينظر الله إليهم يوم القيامة، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم منهم: العاق، والمترجلة من النساء -التي تتشبه بالرجال- والديوث} فهؤلاء لا يدخلون الجنة بمقتضى موعود رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أقل ما يدل عليه، ويدل على أن هذا العمل من كبائر الذنوب وليس محرماً فقط. فتشبه المرأة بالرجال لا يجوز. وكيف يكون التشبه؟

    التشبه هو: أن تلبس المرأة ثوب الرجل، أو يلبس الرجل ثوب المرأة، فمثلاً لو أن المرأة لبست طاقية، نقول: هذا تشبه، لأن الطاقية معروفة، أو غترة بيضاء أو حمراء فهذا تشبه، لأن هذه معروفة من ثياب الرجال، ومثله لو أن الرجل لبس ثوباً مخصصاً معروفاً للنساء، مثل الثياب المطرزة.

    فليست القضية في الألوان، ليست المشكلة ما لون الثوب أبيض أو أحمر أو أسود أو غير ذلك المشكلة: لمن خصص هذا الثوب في المجتمع؟

    إن كان خصص للنساء فيحرم عليكم أن تلبسوه معشر الرجال، وإن كان مخصصاً للرجال حرم عليكنَّ أن تلبسنه معشر النساء، فلا يجوز أن يكون الثوب الذي تلبسه المرأة المسلمة مشبهاً لباس الرجال.

    ألا يشبه لباس المرأة لباس الكافرات

    الشرط السادس: أن لا يشبه لباس الكافرات.

    وفي سنن أبي داود ومسند أحمد من حديث ابن عمر بسند جيد، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: { من تشبه بقوم فهو منهم} فمن تشبه بالصالحين فهو منهم، من تشبهت بـأسماء وخديجة وعائشة وحفصة فهي منهنَّ وتحشر معهن يوم القيامة.

    ومن تشبهت بالكافرات والفاجرات والفاسقات، من عارضات الأزياء والممثلات والمغنيات والراقصات، فهي منهن وتحشر معهن يوم القيامة {من تشبه بقوم فهو منهم} وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: {رأى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم ثوبين معصفرين فقال لي: إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها} فدل على أن التشبه يكون في كل شيء حتى في الثياب.

    إذاً: هل صحيح أن بعض الأخوات المؤمنات الطيبات تذهب بنفسها، أو ترسل أخاها الصغير حتى يشتري لها ما يسمى بالبردة، وما هي البردة؟

    يطلق النساء هذا اللفظ على مجلات الأزياء، وعلى المجلات التي يكون فيها صور للنساء، قد تكون جاءت من فرنسا، أو من تايلاند، أو حتى من بعض البلاد الإسلامية اسماً، والتي تأخذ تفصيلات الثياب عن الغرب وعن الأجانب، فتخيط المرأة أو تأمر أن يخاط ثوبها على نمط هذه الثياب بما فيه من فتحة واسعة للصدر، وبما فيه من عدم وجود الأكمام، بما فيه من قصر، بما فيه من ضيق، بما فيه من إبراز لمواضع الجمال في المرأة والفتنة، إلى غير ذلك، وكأن بيوت المسلمين وأسواقهم ونساءهم أصبحن أسواقاً مفتوحة لكل تقاليد الغرب وعادات الغرب، دون أن يكون لنا تميزنا نحن المسلمين.

    وهذه في الواقع كارثة كبرى، فلم نعد أمة مستقلة، وأمة متميزة، حتى في هذه الأشياء العادية، أصبحنا نأخذها عن عدونا، وأمس البارحة، أتاني بعض الشباب بألوان من الثياب يلم الواحد منا رأسه إذا رآه، ثوب مرسوم عليه صواريخ (باتريوت) يا سبحان الله! وكتابات بلغات مختلفة.

    وأعظم وأعجب من ذلك ثوب آخر، مرسومة عليه -إضافة إلى رمز معركة درع الصحراء- مرسومة عليه أعلام الدول الكافرة، أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، وأعلام دول الكفر المعروفة كلها، فضلاً عن بعض الدول الإسلامية، ومنها علم المملكة بطبيعة الحال. وموضوعة على صدر الفتاة، أو على صدر الفتى.

    فأعلام الكفار التي تمثل بلادهم يلبسها المسلم على صدره، وكأنه يقول إن قلبه أصبح مفتوحاً لهؤلاء ولهذه العادات، ولهذه الشعارات التي ما خرجت من بلاد الإسلام، ولا رفعت راية الإسلام يوماً من الأيام، وإن كان من بينها بعض شعارات الدول الإسلامية، لكن معظمها شعارات كافرة، فكيف يكون هذا؟!

    وغداً -وليس بالبعيد- ستجد الثياب نفسها، وعليها صور لرجال رؤساء تلك الدول وزعمائها وكبرائها، ويلبسها الرجال وتلبسها النساء، ولماذا نستغرب هذا، ونحن نذكر أن هناك ملابساً كانت تأتي عليها صور مغنيين ومغنيات، أو فنانين أو فنانات، أو عليها كلمات مكتوبة باللغة الإنجليزية، وقد يلبسها الفتى أو تلبسها الفتاة، وهم لا يفقهون معنى الكلمة، وقد يكون معناها بذيئاً أو ساقطاً لكن لا يعرفون.

    بل معناها هناك عبارات أحياناً قد تدل على نوع من الفساد، مكتوبة على الثوب ويلبسها الإنسان وهو لا يعرف معنى هذه الكلمة، أو قد يعرف أحياناً. فلا يجوز أن يتشبه الرجل المسلم أو المرأة المسلمة، بلباس الكفار بحال من الأحوال.

    ألا يكون اللباس لباس شهرة

    الشرط السابع: هو ألا يكون الثوب لباس شهرة.

    وما معنى شهرة؟

    أن يكون الإنسان قصد بلبس الثوب أن يشتهر ويتكلم الناس عنه في المجالس، مثل أن تلبس الفتاة ثوباً غالياً جداً، بحيث يصبح حديث المجالس، حديث النساء: فلانة بنت فلان لابسة ثوباً شكله كذا، وصفته كذا، وخياطته كذا، وتفصيله كذا، وسعره كذا. فهذا ثوب شهرة.

    وكذلك لو كان الثوب فيه أي مدعاة للشهرة، مثلاً: بعض النساء يكون الثوب تفصيله ملفتاً للنظر بشكل واضح وغير طبيعي وغير عادي، حتى إن بعض الناس يهمهم أن يذكروا ولو بالقبح، فهذا أيضاً ثوب شهرة، حتى لو كان هذا الثوب ثوب بلغ من البساطة مبلغاً عظيماً، بمعنى لو أنك تريد أن تظهر التواضع والزهد، فتلبس ثوباً بسيطاً جداً حتى يتحدث الناس عنك، فيقولون: فلان الزاهد لابس ثوباً من الأثواب البالية الرديئة جداً، وهذا -أيضاً- ثوب شهرة.

    وفي الحديث الذي رواه أبو داود وابن ماجة، وهو حديث حسن يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {من لبس ثوب شهرة ألبسه الله تعالى يوم القيامة ثوب مذلة، ثم ألهبه عليه ناراً} وهذا -أيضاً- دليل على أن هذا من الكبائر، فلبس ثياب الشهرة التي يقصد الإنسان من ورائها؛ أن يذكر في المجالس ويكون هو مجالاً لحديث الناس، فلانة لابسة ثوباً طوله كذا، وعرضه كذا، وشكله كذا.

    أيها الإخوة والأخوات، إن من المشكلات: فقدان الأمة المسلمة -رجالها ونسائها- للهوية الإسلامية المتميزة، بحيث أصبحت مجتمعات المسلمين -كما قلتُ- باباً مفتوحاً لرياح التغريب، والتخريب، والتنصير، والعادات الغربية، يهودية أو نصرانية أو وثنية، أصبحت تفد إلينا من خلال رموز وشعارات وملابس وعادات وتقاليد، قد نفعلها نحن بدون وعي، لكن مع الوقت تصبح جزءاً من حياتنا، وجزءاً من تقاليدنا.

    1.   

    الشعر سر من أسرار الجمال في المرأة

    وأنتقل إلى نقطة ثانية وهي: قضية الشعر.

    الشعر أيضاً سر من أسرار الجمال في المرأة، ومع أنه سر من أسرار الجمال توارثته العصور والأجيال، إلا أن مسخ الفطرة في هذا العصر ما ترك شيئاً حتى الشعر، فقد أصبحت بعض الفتيات -كما بلغني ذلك بأسانيد رجالها ثقات- قد يكون لها شعر طويل جداً، فتقوم بقصه قصاً شديداً ولا تبقي إلا شعرات واقفة، قد يكون طول الشعرة مجموعة من السنتيمترات فقط، ويصبح هذا الشعر منفوشاً كأنه شعر شيطان، كأنها أحد الشباب، فتتخلص من هذا الشعر الذي أكرمها الله -تعالى- وميزها به عن الرجال وجملها به، وقصها لشعرها بهذه الصفة ليس لأن هذا يزيدها جمالاً كلا والله لكن لأن هذه رسوم الموضة تقتضي هذا، وحمى التقليد جعلتنا نفقد ليس فقط اعتزازنا بديننا وكرامتنا، بل حتى تقاليدنا، لقد جعلتنا نفقد اعتزازنا بكل ما يمت إلينا بصلة، حتى ولو كان هو الجمال.

    وتسريحات الشعر يكثر السؤال عنها، وأيضاً -هنا- لا أريد أن أقول: إن هناك تسريحة معينة تصلح وتسريحة لا تصلح، إنما نذكر شروطاً، متى توافرت هذه الشروط فإن التسريحة تكون محرمة أو ممنوعة.

    حكم تسريح الشعر على سبيل التشبة بالكافرات

    تسريح الشعر على سبيل التشبه بالكافرات لا يجوز -كما سبق قبل قليل- وكثير من التسريحات التي تنتشر عند الفتيات، هي نفسها تسريحات منقولة من الغرب، حتى إن إحدى النساء أسلمت من بلاد أوروبية وجاءت إلى هذا البلد تدرِّس في كلية التربية، فكانت تتعجب، وتقول: إن وضع البنات في الكلية هو نفسه وضع البنات هناك بالنسبة للشعر، نفس الصورة التي تركتها في جامعات أوروبا ووجدتها في بعض الجامعات الإسلامية، لا أقصد من كل ناحية، لكن من حيث تسريحات الشعر، وذلك لأن الإعلام بصحافته وتلفزته ووسائله المختلفة؛ أصبح ينقل لنا ما يولد هناك أولاً بأول، حتى إن التسريحة تولد الليلة وتبتكر في دور التسريحات في الغرب، وتنقل صباحاً إلى جميع البلاد الإسلامية وغير الإسلامية، ويتعاطاها الناس وتتعاطاها النساء.

    فكل تسريحة تكون مأخوذة من الغرب لا تجوز، كقصة الأسد، أو قصة ميعاد -كما تسميها النساء- أو قصة الديك التي انتشرت عندهن أخيراً، إلى غير ذلك مما أتى أو سيأتي اليوم أو غداً، من هذه التسريحات المأخوذة عن الغرب، حتى بأسمائها أحياناً كقصة ديانا وغيرها، فإن هذا لا يجوز، بل هو من كبائر الذنوب، أقل الأحوال أنه من كبائر الذنوب: {من تشبه بقوم فهو منهم}.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: هذا الحديث أقل أحواله أنه يقتضي تحريم التشبه بهم، بل ظاهره أنه يقتضي كفر المتشبه بهم، فلتحذر الأخت المسلمة أن ترتكب جرماً عظيماً وإثماً كبيراً، بالتشبه بالكافرات في تسريحة الشعر.

    حكم تسريح الشعر على سبيل التشبه بالرجال

    والشرط الثاني: الذي لا يجوز الإخلال به هو: عدم التشبه بالرجال كما أسلفت قبل قليل.

    فإن بعض التسريحات هي تسريحة للرجال وليست للنساء، ومع الأسف حتى الرجال هم الآخرون لهم تسريحات خاصة بهم، -أيضاً- منقولة عن الغرب، وقد حدثني بعض الشباب ممن يأتي إلى شباب قد جلسوا عند الحلاق، يجلس الواحد منهم ساعات بين يدي الحلاق يلعب بشعره ويصففه بطريقة -نسأل الله العفو والعافية- وهذا هو نهاية المسخ.

    الشاب المفروض أن يحمل السلاح ويقاتل عدوه، والمفروض أن تكون فيه كل صفات الرجولة والكمال، أما اليوم فقد أصبح همه كيف يسرح الشعر بطريقة معينة، ثم يضع الغترة بشكل بحيث إنه لو هب النسيم غير وضع الغترة فإنا لله وإنا إليه راجعون! والطاقية لا تصلح لأنها تغير من طبيعة التسريحة، ولا يستطع أن يلتفت يمنة أو يسرة، هذا فضلاً عن أن يصلي ويركع ويسجد.

    والمرأة هي الأخرى وقعت فيما وقع فيه الرجل، فقد وقع الجميع في شراك تقليد الغرب، والمرأة أيضاً وقعت في شراك تقليد الرجل، فأصبحت تقلد الرجل حتى في شعره، ومن تقليد الرجل أن تبالغ في قص شعرها حتى كأنه شعر ولد، وتسميها النساء قصة ولادية، بل بلغ الحال ببعض النساء والعياذ بالله من مخالفة سنة الله تعالى، ومخالفة الفطرة، أنها قد تميل إلى مشابهة الرجال في كل شيء حتى في الاسم، وهناك معلومات كثيرة في هذا الصدد، لا أرى أن من حقي أن أكدر مسامعكم ومسامع الأخوات بمثلها.

    1.   

    قضية خروج المرأة من المنزل وضوابطه

    النقطة الثالثة، هي: قضية الخروج من المنـزل.

    والأصل بالنسبة للمرأة هو القرار في البيت، ففي محكم القرآن يقول الله عز وجل: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] فالأصل هو القرار في المنـزل وعدم الخروج من البيت، لكن الخروج يكون لحاجة، فإذا احتاجت المرأة أن تخرج لعلاج, ولزيارة قريب، ولصلاة، أو لصلة رحم، أو لطلب علم، أو لأي شيء نافع لها في دينها أو دنياها، أو حاجة دنيوية لا تجد من يقضيها فذهبت هي لقضائها، فإنه لا حرج عليها، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {أذن لكن أن تخرجن لحوائجكن} لكن هذا الخروج يجب أن يكون بضوابط:

    ترك التزين عند الخروج

    منها: ترك التزين والتجمل. فليس صحيحاً أن المرأة إذا كانت أمام زوجها؛ لبست أسوأ ثيابها ولم تكترث له، فإذا أرادت أن تخرج تجملت ولبست أحسن ثيابها، أو الفتاة التي لم تتزوج بعده تلبس أجمل ما لديها وتخرج للسوق، لماذا؟! من أجل أن تشتري سلعة أو تبيع سلعة.

    كيف يكون هذا؟ أقول: هذا عرض أزياء وليس لغرض، فلا يجوز أن تقصد المرأة وتختار أجمل ثيابها وتلبسها إذا أرادت أن تخرج للسوق، وكم رأينا ورأى غيرنا -على قلة ما رأينا ورأى غيرنا- من ألوان التجمل التي تفعلها النساء عند الخروج إلى الشارع والسوق!!

    ترك التطيب عند الخروج

    ثم مع هذه الثياب الجميلة التي تلبسها، وقصر العباءة، وكون الثياب ضيقة وملفتة للنظر بشكلها وبلونها وبضيقها إلى غير ذلك، مع هذا تضيف المرأة أمراً آخر، وهو: قضية الطيب. فتجد بعض النساء طيبها يعصف من مسافة بعيدة، فإذا كان الثوب جميلاً والطيب ينادي، ما معنى ذلك؟!

    معنى هذا أن المرأة تقول للرجال: انظروا. تعالوا انظروا إلي. نحن لا نقول: إنها تريد الفساد بالضرورة، لكن هذا في حد ذاته فساد، خروج المرأة بثياب جميلة هذا فساد، وخروجها بالطيب لمجتمعات الرجال هذا فساد.

    وكم هو مؤسف أن تجد هذا عند بعض المتزوجات، التي يشتكي منها زوجها أنها لا تستعد له بالجمال كما يجب، ولا تستعد له بالتطيب كما يجب، فتجد أن الرجل قد يعزف ويعرض عن امرأته بتقصيرها في حقه، وهي إذا أرادت أن تذهب إلى السوق، أو حتى إلى مناسبة عرس أو وليمة، لبست أجمل ما لديها، ولبست حليها، وتطيبت بأحسن ما يكون من ألوان الطيب.

    مراعاة الحشمة عند الخروج

    الشرط الثالث في خروجها بعد ترك التزين وترك الطيب هو: الحشمة.

    أن تلبس ثياباً محتشمة غير ضيقة ولا قصيرة، وألا تكون من العباءة التي تصف جسد المرأة، أو كما قلت قبل قليل أن تلبس الكاب، والكاب يعرفه أكثركم أو كلكم، فهو يلبس غالباً على الكتفين، ويظهر من خلاله رأس المرأة كاملا بتقاطيعه وتفاصيله وكتف المرأة، وهو يكون مفصلاً غالباً على قدر بدنها، وذلك يحدد بدنها أكثر من غيره، ويكون فيه في كثير من الأحيان تطريز، وشيءٌ ملفت للأنظار، فلا بد من مراعاة الحشمة عند الخروج.

    عدم مخالطة الرجال

    والشرط الرابع: هو البعد عن مخالطة الرجال ومحادثتهم.

    فإن كثيراً من النساء تخرج فتسترسل مع الرجال في الحديث والكلام والقيل والقال، بل منهن من تضحك مع الرجال دون أن يكون هناك حاجة، حتى لو فرض أنها خرجت لشراء حاجة، فتقول: بكم هذه السلعة؟

    فإذا أعجبها السعر وإلا تركته.

    أما كونه أخذ وعطاء وحديث طويل واسترسال، فالله عز وجل قد ربى وأدَّب وهذَّب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، خير نساء العالمين، في قوله: يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً [الأحزاب:32].

    فهذا تأديب لـعائشة وحفصة وزينب وأم سلمة: إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32] فيمن يطمع؟! يطمع في عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة!! فما رأيك أيتها الأخت الكريمة، بك أنت وأختك وقريبتك من النساء، اللآتي لم يرد لهن تزكية أبداً، والفتنة محتملة لكل إنسان، والناس لا يعرفون الطيب من غيره.

    فإذا كان مظهر المرأة فيه بعض ما يدل على تفريطها أو تكاسلها أو تقصيرها، ثم مع ذلك استرسلت في الحديث واختلطت مع الرجال وحدثتهم، وربما ابتسمت أو ضحكت أو لانت في القول، فإن هذا مدعاة إلى فتنة وشر كبير، ليس شراً للرجل فقط، بل حتى شراً للمرأة.

    ولهذا يقال يوم القيامة: وَلَكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ [الحديد:14] فالمرأة لا تفتن الرجل فحسب بل تفتن نفسها؛ لأنها قد تقع هي الأخرى في شراك رجل، قد تنظر إليه وتحادثه وتسترسل معه في الحديث، فيطمع قلبها وتتحرك نفسها، والغريزة موجودة عند الرجل وموجودة عند المرأة على حد سواء، مع أن المرأة إذا احتاجت إلى الخروج فينبغي أن يكون بمعية الزوج، أو الأخ، أو الأب، ممن يحفظ كرامة المرأة، ويحافظ عليها، ويطرد عنها الذئاب المسعورة، والأعين النهمة، ويساعدها في حاجتها، يحمل عنها ما تحتاج حمله، يحملها في سيارته.

    وليس هذا لأن المرأة عندنا متهمة -كما يقول بعض خصومنا- كلا، لكن لأن المرأة عندنا درة مصونة فتحفظ من كل سوء، تحفظ حتى من النظرات الجائعة، والكلمات البذيئة، والحركات الخاطفة، فيكون معها زوجها أو أبوها أو أخوها، يحفظها ويخدمها أيضاً، وأي تكريم للمرأة أكثر من هذا! -والله العظيم- لو أن نساء الغرب والشرق رأين مثل هذا؛ لما رضين عن الإسلام بديلاً، لأن فيه من حفظ كرامة المرأة وتقديرها وتكريمها؛ ما لا يمكن أن تحظى به المرأة في أي مجتمع، ولا في أي دين، ولا في أي حضارة، ولا في أي بيت من البيوت.

    والحقيقة بقي عندنا أمور: منها قضية اختيار الزوج والزوجة، وقضية العلاقات الزوجية، لكن الوقت قد انتهى الآن، فأسأل الله تعالى أن يوفقنا جميعاً ذكوراً وإناثاً إلى طلب مرضاته، وأن يهدينا جميعاً سواء السبيل، وأن يصلح ظاهرنا وباطنا، وسرنا وعلانيتنا، إنه على كل شيء قدير، رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23] والحمد لله رب العالمين.

    1.   

    الأسئلة

    محاذير تقع فيها المرأة

    السؤال: يقول: تنبيه إلى أمر خطير ولكنه مع الأسف أصبح مألوفاً، وهو ما نشاهده في من وقوف المرأة في بعض محلات الأزياء الوقت الكثير، والتحدث مع الرجل من خلال نافذة صغيرة دون محرم وعلى انفراد؟

    الجواب: هذه مشكلة، والمشكلة أن بعض هذه المحلات قد يكون فيها صور لمجلات خليعة، ويكون فيها ألوان من هذه الكتب التي تحتوي صور النساء والأزياء، وقد يكون ثمة فرصة لإقامة العلاقات بين رجل وامرأة، وفي الحديث: { ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما} فإذا لم يكن عند المرأة رادع من دينها، ولا خوف من ذي سلطان يقوم عليها، فإن أبواب الشر حينئذٍ تكون مفتوحة، وعلى الرجل أن يقوم بخدمة المرأة في هذه المجالات، فييسر لها أسباب الحصول على الثياب التي تريد، والتفصيل الذي تريد، ويقوم هو بهذا العمل بدلاً من ابتذال المرأة في مثل هذه الأمور.

    صوت المرأة

    السؤال: يقول: بعض الناس ينكر على المرأة إذا سمع صوتها الرجال، ويقولون: إن صوت المرأة عورة حتى لو كان في الهاتف -مثلاً- فما القول الحق في ذلك؟

    الجواب: القول الحق أن صوت المرأة بذاته ليس بعورة، والحديث الوارد في هذا لا يصح، إنما الشيء الذي لا يجوز، هو أن المرأة تخضع بالقول وتلين الكلام، وتأتي بمعسول الحديث الذي تضعف أمامه قوى الرجال، فإن هذا لا يجوز حتى لو كان في سبيل أمر ديني.

    وبالأمس جاءتني رسالة من إحدى الأخوات تشتكي بعض قريباتها حتى ممن لبسن لبوس التدين، ولكنهن يهوين الحديث مع الرجال، وبحكم التدين فإنها لا تستطيع أن تتحدث غالباً إلا مع المتدينين، فتطيل في الحديث، وتخضع في القول، وتلين في الكلام، وتسترسل بما يشبع رغبة في نفسها، والله تعالى هو المطلع على الأسرار والخفايا، فصوت المرأة إذا كان لحاجة، كحديث أو سؤال أو استخبار، أو ما أشبه ذلك، فهو جائز دون أن يكون فيه خضوع بالقول أو لين في الحديث، أما إذا كان لغير هذا فلا يسوغ ولا يصلح.

    السفر مع غير المحرم

    السؤال: ما حكم ذهاب المرأة مع أخ زوجها، مع وجود محرم وهي بنت الزوج؟

    الجواب: إذا سافرت المرأة فلا يجوز لها أن تسافر إلا مع ذي محرم، كل شيء يسمى سفراً في الشرع، لا يجوز إلا مع محرم، وأخو الزوج بلا شك ليس محرماً، كما أن زوج الأخت ليس محرماً، أما إذا كان هذا داخل المدينة فذهبت من بيت إلى بيت مع أخ زوجها، ومعهم امرأة أخرى كالزوجة -مثلاً- أو امرأة ثالثة، فإن هذا لا يعد خلوة.

    عندما تموت الغيرة

    السؤال: ما حكم من يذهب بنسائه إلى السوق ويذهب ليصلي التراويح؟

    الجواب: نعم هذا كثير، يذهب الرجل يضع بناته وهن في سن الشباب، بل أحياناً في سن المراهقة، يدعهن في السوق ويذهب إلى صلاة التراويح، وتظل هؤلاء الفتيات ينتقلن من دكان إلى دكان، ومن مكان إلى مكان.

    وقد رأيت بعيني في العام الماضي، وقد أتيت لشراء بعض الحاجيَّات في وقت متأخر، كنت أظن أني لن أجد في الشارع أحداً، ربما في الساعة الواحدة ليلاً أو قريباً من ذلك، فإذا بي أجد مجموعة من الفتيات عند رجل، وهن يتنقلن في الدكان من مكان إلى مكان وبصورة ملفتة ومثيرة، فإذا بي أريد أن أحادث صاحب الدكان عن بعض الحاجيات، لكن الرجل ليس لديه وقت لأمثالي، فوجدت نفسي مضطراً للانصراف، ومع هؤلاء النساء صبي صغير لا يعقل من أمر الحياة شيئاً.

    أين أولياء أمورهن في ساعة متأخرة من الليل، ينتقلن من دكان إلى دكان ومن مكان إلى مكان، وربما يكون الأب ذاهباً إلى الصلاة، أو جالسا في انتظار صلاة القيام؟!

    حكم تربية شعر الرأس بالنسبة للشباب

    السؤال: ما هي الطريقة الصحيحة لتربية شعر الرأس والسنة في ذلك؛ لأن هناك من الشباب من يربي شعر رأسه ويقول: أنا اقتدي بالرسول صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: بالنسبة لتربية شعر الرأس، إذا كان ربَّى شعر رأسه اقتداءً بالرسول عليه الصلاة والسلام فهذا مباح، إذا كان رجلاً متديناً ملتزماً بالسنة، معفياً للحيته، محافظاً على الجماعة، ملتزماً بالسواك، وكذلك قال: ألتزم بتربية شعر الرأس فهذا جائز، وبعض العلماء يقول: سنة.

    لكن الأظهر أنه جائز، ولا يدخل في باب القدوة والاقتداء؛ لأنه من العادات التي كانت معروفة عند العرب. أما أن يترك الإنسان كل سنن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا يأخذ إلا تربية شعر الرأس، فهذا لم يأخذها عن الرسول عليه الصلاة والسلام، إنما أخذها تقليداً لبعض الغربيين أو الشرقيين، من أصحاب الموضات التي تغزونا يوماً بعد يوم.

    دور المرأة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

    السؤال: كيف تأمر المرأة بالمعروف وتنهى عن المنكر علماً بأنها في بيتها؟

    الجواب: تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، أي: إذا رأت معروفاً متروكاً أمرت به، وإذا رأت منكراً مفعولاً نهت عنه بقدر ما تستطيع، هذا هو واجبها؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام، جعل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على من رأى فقال: {من رأى منكم منكراً فليغيره} أما من لم يرَ ولم يطلع ولم يعلم، فإنه ليس عليه من ذلك شيء.

    المرأة وخوفها من الموت

    السؤال: لماذا المرأة تخاف من الموت أكثر من الرجل؟

    الجواب: ربما يكون هذا بسبب أن المرأة فيها طبيعة الضعف التي علم الله تبارك وتعالى بحكمته ورحمته وعلمه أنها أليق بالمرأة، لأن المرأة إنما خلقت للمنـزل، خلقت لإسعاد زوجها، وتربية أطفالها، وهذا يحتاج إلى حنان ورقة وقد جبلها الله تعالى على ذلك، بخلاف الرجل فقد جبل لمقاسات الحياة والحرب والضرب، ولذلك كما قيل:

    كتب القتل والقتال علينا     وعلى الغانيات جر الذيول<

    حكم لبس ثوب الزوجة من باب المزاح

    السؤال: ما حكم لبس ثوب الزوجة من باب المزاح؟

    الجواب: إذا لبس الرجل ثوب زوجته من باب المزاح لمدة وجيزة فهذا لا يصلح، حتى وإن كان من باب المزاح، فإن كل شيء له حدود والمزاح له حدود، فلا يسوغ للرجل أن يلبس ثوب امرأته، ولا للمرأة أن تلبس ثوب زوجها.

    حكم لبس القفازين

    السؤال: ما حكم من لم تلبس شراب اليدين أثناء خروجها للأسواق، أو بين الرجال في البيت غير محارمها؟

    وهل كان شراب اليدين ملزماً به في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: كلا، لم يكن ملزماً به في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، ولا ملزماً في هذا الزمان، وإنما لبس المرأة لشراب اليدين (القفازين) هو أحفظ ليديها، وأستر لها، وأقل كلفة لها من كونها تضع -مثلاً- جزءاً من ثوبها أو من عباءتها على يديها.

    الجهل في النساء أكثر منه في الرجال

    السؤال: يوجد كثير من النساء يجهلن أحكاماً من الدين، وأموراً تختص بهن نظراً لحيائهن، أو عدم توافر المشايخ عند هن، فما رأيكم في جعل وقت في رمضان للأجوبة على الأسئلة منهن؟

    الجواب: هذا هو الوقت وقد خصص، وأرجو أن يخصص وقت أطول من ذلك.

    حكم المداعبة بين الزوجين في نهار رمضان

    السؤال: ما حكم المداعبة في نهار رمضان بين الزوجين؟

    الجواب: الرجل الذي يطمئن ويملك نفسه، يملك إربه، كما كان الرسول عليه الصلاة والسلام، قالت عائشة: [[كان أملككم لإربه]] أي: لحاجته، يطمئن أن لا يجره الأمر إلى محرم، أو إلى الوقوع في الجماع، أو إلى الإنـزال -مثلاً- فلا بأس أن يداعب زوجته. أو يقبلها، ولكن عليه أن يقتصر في ذلك حتى لا يجره إلى غيره، وإن ترك الأمر بالكلية لوقاية صومه وحمايته والبعد عما يريب إلى ما لا يريب، كان هذا أولى به وأحسن.

    الصدقة عن الوالدين

    السؤال: هناك شخص في كل سنة يتصدق لوالديه، فهل الأفضل يطعم عنهم أو يدفع نقوداً؟

    الجواب: الأفضل هو الأحسن للفقراء، فإن كان النقود أفضل للفقراء أعطاهم نقوداً، وإن كان يعتقد أن النقود لا تنفعهم، وقد يحتاجون إلى من يستأجرونه للشراء لهم، فاشترى لهم أرزاً أو لحماً أو غيره وتصدق به عليهم، كان هذا أفضل، ويوزع هذا في البلد الذي هو فيه.

    حكم اعتزال النساء في العشر الأواخر من رمضان

    السؤال: هل اعتزال النساء في العشر الأواخر من رمضان من السنة؟

    الجواب: كان الرسول عليه الصلاة والسلام يعتزل النساء في العشر الأواخر من رمضان، لأنه كان يعتكف في رمضان، وقد اعتكف في العشر الأول، ثم الأواسط ثم اعتكف في العشر الأواخر، فمن اعتكف شرع له أن يعتزل النساء، سواء في العشر الأواخر أم في غيره، بل يجب عليه ذلك.

    حكم المكياج في رمضان

    السؤال: وهل يفطر المكياج أم لا؟

    الجواب: لا يفطر، لأن المكياج يكون على ظاهر البشرة، وليس يدخل إلى الحلق أو إلى الجوف.

    المجلات وفساد البيوت

    السؤال: تعلمون ما للمجلات من شيوع في جميع المنازل والدخول إليها بمبرر وبغير مبرر، فهل لي الحق أن أقوم بمنع دخولها؟

    كذلك كيف يكون؟

    كذلك تفصيل الثياب بحيث تكون موافقة للشرع؟

    مع أن الوالد لا يهتم بقدر كاف لهذا الموضوع؟

    الجواب: مادام الوالد لا يهتم، فأنت يا أخي الكريم مسئول عن الاهتمام بهذا الجانب، فمنع المجلات من حقك، بل واجب عليك أن تمنع المجلات، والمقصود المجلات السيئة التي تتاجر بالمرأة، أو تتاجر بالأفكار التي تدعوا إلى خروج المرأة وسفورها وتبذلها.

    حكم تسوية صفوف النساء

    السؤال: سائلة تقول: ما حكم تسوية الصفوف بين النساء وهن في الصلاة قائمات؟

    الجواب: نعم، المرأة مطالبة بتسوية الصف كالرجل.

    ضياع الأبناء سببه ضياع الآباء

    السؤال: وهذه رسالة طويلة: امرأة تشتكي إلى الله زوجها ثم إلى من زوجها، فزوجها مهمل لأولاده الصغار، ولا يأمرهم بالصلاة، ولا يسأل عنهم إذا ذهبوا إلى أي مكان، وتطلب منه ذلك فلا يلتفت؛ لأنه مشغول بقرناء السوء الذين يدخنون، إلى غير ذلك، وترجو تقديم النصيحة لهذا الزوج؟

    الجواب: الواقع أن الأولاد في ذمة أبيهم في الدرجة الأولى، فيجب أن يهتم بهم ويعتني بهم ويحرص على تربيتهم وتنشأتهم، وكم يشعر الإنسان منا بالحزن والحرقة لأولئك الصبيان الصغار الأبرياء، حين يرى في عيونهم براءة الأطفال، وينظر إلى آبائهم شاردين في لهوهم، أو تجد أباه واقعاً في شلة من قرناء السوء، أو تجد أباه مبتلىً بالمخدرات والمسكرات، وهو يخرج من السجن اليوم ليدخل فيه غداً، وهذا الطفل يُخشى أن ينشأ على ما كان عليه والده، وينبغي للمرأة أيضاً أن تحرص قدر المستطاع، وتستميت في تربية أطفالها ورعايتهم وعنايتهم، وتسدد النقص الذي تجده على والدهم.

    مراقبة الخادمات في البيوت لابد منه

    السؤال: سائلة تسأل عن الخادمات الموجودات في البيوت في كثير من الحالات، وتقوم الساعة السادسة لتغسل الملابس، وقد تفعل شيئاً مثل الإطلال من النوافذ، أو الخروج إلى عمال العمارة أو أهل البيت، وما أشبه ذلك؟

    الجواب: هذا الأمر، الأخت تلفت إليه نظر القائمين على البيوت، وأصلاً وجود الخادمة في المنـزل يجب أن يكون مضبوطاً بضوابط، منها: أن تكون الخادمة مسلمة، وأن تأتي معها بمحرمها، كأبيها أو أخيها أو زوجها، إذا كان ولا بد من استخدامها، والمحرم ممكن يعمل عندك أعمالاً أخرى، كأن يكون سائقاً لك وليس سائقاً للنساء في المنـزل، أو يقوم بأعمال خارج المنـزل، ولا تحتاج أنت إلى أن تبذل له شيئاً، لكنه يقوم بهذا الواجب الذي هو مصاحبة محرمه، ومع هذا يجب المحافظة على المرأة، والانتباه إليها لكي لا تستخدم الهاتف بصورة غير صحيحة، أو تخرج من المنـزل أو تطل، إلى غير ذلك.

    1.   

    نصائح تحقق السعادة بين الزوجين

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأزواجه وذريته، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعــد:

    فهذه ليلة السبت، الرابع عشر من شهر رمضان لعام (1411 هـ)، وقد تحدث إلي بعض الإخوة، وطلبوا أن يكون موضوع حديثي في هذه الليلة حديثاً في الرقائق وتليين القلوب، وإني أعتذر إليكم عن ذلك؛ لأن هذا الحديث إنما يجيده ويحسنه أصحاب القلوب الحية القريبة من الله عز وجل وليس كل أحد يحسن أن يحرك القلوب ويهيجها.

    ثم طلب إلي إخوة آخرون في أوراق أو بالاتصال؛ أن أكمل حديث البارحة المتعلق بالمرأة أسئلة ومشكلات، فوافق هذا الطلب هوىً في نفسي، ولذلك أزمعت أن أكمل في هذه الليلة حديثي إليكم الليلة الماضية، وقد تحدثت البارحة عن جوانب من حياة المرأة، وفي هذه الليلة سوف أكمل جوانب أخرى أهمها موضوع الزواج.

    والزواج سنة إلهية، كما قال الله عز وجل: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21] وقد جعل الله تعالى لرسله وأنبيائه أزواجاً وذرية.

    قال بعضهم: خير هذه الأمة أكثرها نساءً، وهو النبي صلى الله عليه وسلم، والزوجان يكمل أحدهما الآخر، فمن تزوج فقد استكمل شطر دينه من الذكر والأنثى، وإن كان كما يقال: إن أجمل ما في الزواج هو الأماني والأحلام، أكثر من الواقع الذي يعيشه الإنسان بعد زواجه.

    فعلى كل حال: لا يخلو هذا الأمر من جوانب وأمور تحتاج إلى الحديث عنها، لتحقيق السعادة بين الزوجين، وما أكثر ما يشتكي الناس من سوء العلاقات الزوجية، هذا السوء الذي قد يؤدي إلى الطلاق في كثير من الأحوال، وإن لم يؤدِ إلى الطلاق، فإنه يؤدي أحياناً إلى ما هو شر من الطلاق.

    وقد تتبعتُ عدداً من الحالات التي يحصل فيها انحراف وفساد لأحد الزوجين، فوجدتها تحصل غالباً من رجل لم يوفق ولم يسعد في زواجه، فذهب يبحث عن اللذة والمتعة الحرام، أو امرأة لم توفق ولم تسعد في زواجها فذهبت مثله، وقد يظل الزوجان مرتبطين بحياة غير هنيئة وغير سعيدة، فيكون في ذلك من المتاعب الشيء الكثير، ولهذا لابد من التركيز على بعض النصائح، التي من شأنها أن تحقق السعادة الزوجية بقدر المستطاع، وباختصار أقول: إن من أهم هذه النصائح ما يلي:

    التفاهم والمواصلة بين الزوجين

    أولاً: ما يسمونه بالتفاهم والمواصلة بين الزوجين، أي: أن يستطيع كل أحد منهما أن يحسن الاستماع والإنصات إلى الآخر، كما يحسن الحديث إليه، والتفاهم في كل أمر، التفاهم في معرفة ما عند الآخر من مشكلات، والتفاهم في معرفة هموم الطرف الآخر، والتفاهم في معرفة ماذا يريد، التفاهم في تعبير كل من الطرفين للآخر عن مشاعره تجاهه.

    كما أن التفاهم يكون في قضية الطلبات، كيف تطلب المرأة من زوجها؟

    وفي أي وقت تطلب؟

    فكم من امرأة ألحت على زوجها وألحت حتى كان طلاقها بسبب هذا الإلحاح، والأول يقول:

    خذي العفو مني تستديمي مودتي     ولا تنطقي في سورتي حين أغضب

    خذي ما جاء بسهولة ويسر، ولا تنطقي في ثورتي حين أغضب، أي: لا تأتي والرجل في شدة انفعاله وغضبه لسبب من الأسباب، فتقولي: أنت ما أتيت بحاجيات هذا اليوم، ولا اشتريت للأولاد ملابس، ولا فعلت ولا فعلت، فيزداد الرجل غضباً إلى غضبٍ، وقد ينطق بكلمة الطلاق في ساعة من ساعات الغضب والانفعال.

    ولا تضربي بالدف وجهي مرة     فيجفوك قلبي والقلوب تقلب

    فإني رأيت الحب في القلب والأذى     إذا اجتمعا لم يلبث الحب يذهب

    حتى لو حظيت المرأة بحب زوجها وارتياحه إليها، إذا رأى الزوج منها الأذى، بالكلام والإلحاح أو كثرة الطلبات وعدم مراعاة ظروفه ومضايقته، فإن هذا مدعاة إلى أن يتقلب ويتغير قلبه عليها، كما أن قضية التفاهم والمواصلة تكون في موضوع الأولاد، فكثيراً ما تقع المشاكل بين الزوجين بسبب الأولاد، الأب -مثلاً- يريد أن يربي أولاده والأم تعترض، أو قد يكون الأب مهملاً والأم تطالبه بذلك، أو قد تختلف طريقة التربية بين الأبوين، فربما الأب يريد أن يؤدب الولد فتقف الأم في وجهه، وهو في ثورة الغضب والانفعال.

    ولذلك فإن المرأة الحكيمة، إذا رأت الزوج غاضباً منفعلاً، حتى لو ضرب الولد ضرباً لا يضره ولا يترتب عليه آثاراً بدنية ضارة بالولد، فإنها لا تستجيب لعواطفها مع ولدها فتقف في وجه الوالد، فقد يكون الغضب ينـزل بها هي بدلاً من أن يكون الغضب بالولد.

    كما أن من قضية التواصل والتفاهم بين الزوجين موضوع التوجيه، فالزوج يريد أن يوجه زوجته كيف يوجهها؟ هل يوجهها عن طريق تهديدها بسيف الطلاق؟ افعلي وإلا..، اذهبي وإلا..، حافظي على كذا وإلا..، كما هي معروف أي: إذا ما فعلتِ معناه الفراق هذا ليس أسلوب تربية، ولا شرع الله تعالى الطلاق ليكون سيفاً مسلطاً على رقبة المرأة.

    إنما ينبغي أن يربي الزوج امرأته ويعلمها بمثل ما كان الرسول عليه الصلاة والسلام يفعل مع زوجاته وبناته، يخوفهم بأيام الله، يخوفهم بالله عز وجل، ويذكرهم بالله، ويقرأ عليهم القرآن، ويبين لهم الحلال، ويبين لهم الحرام، ويأتيهم بالأسلوب المناسب الحكيم.

    كما أن الزوجة -أيضاً- أكثر حساسية إذا كانت ستوجه زوجها، فقد يكون الزوج -أحياناً- مبتلىً ببعض المعاصي والمنكرات، والزوجة قد منَّ الله عليها بالهداية، فماذا تصنع في التربية، في توجيه الزوج؟

    هذه قضية فعلاً ومشكلة تحتاج إلى يقظة؛ لأن كون المرأة وهي بطبيعتها في موقف دون الرجل والله يقول: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ [النساء:34] هل تتخذ موقف التوجيه للرجل، إنه يجب عليك أن تتبع كذا وكذا، ويكون دائماً أسلوبها أسلوب التوجيه المباشر؟

    هذا قد يثير في الرجل بعض صفات الأنفة والرجولة، التي تجعله يغتاظ من المرأة ولا يقبل منها، وقد ينفخ فيه الشيطان، فلا يقبل من المرأة شيئاً حتى لو كان ما تقوله حقاً.

    ولهذا فالمرأة الحكيمة إذا أرادت أن تواصل زوجها بالتوجيه؛ تسلك الأسلوب المناسب، من اختيار الوقت اللائق الذي يكون الزوج فيه مرتاحاً هادئ النفس، فتعطيه كلمة توجيه، وإرشاد، أو كتاباً، أو شريطاً، أو نصيحةً، أو شيئاً من شأنه أن يدخل إلى قلب الرجل، ويتسلل إليه شيئاً فشيئاً، حتى يقبل منها وتستطيع أن تؤثر فيه.

    إذاً: النصيحة الأولى هي: قضية التواصل والتفاهم بين الزوجين، وأن يجيد كل واحد منهما فن الاستماع إلى الآخر، وفن التحدث مع الآخر.

    الصدق وتجنب الخداع

    النصيحة الثانية: الصدق وتجنب الخداع.

    فلو اكتشف الزوج أن زوجته تكذب عليه، فهذا معناه فقد الثقة، ويصبح يشك في كل ما تقوله من معلومات حتى لو كانت صحيحة، وكذلك الحال بالنسبة للزوجة عندما تكتشف أن الرجل كذاب، ولهذا يتسامح الناس كثيراً في قضية الكذب على الزوجة وهذا جاء في حديث، أي الترخيص في أن الرجل يكذب على زوجته.

    لكن ليس هذا مطلقاً، فالكذب محرم في جميع الشرائع السماوية، فقد قال تعالى: لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ [آل عمران:61] ولذلك فإن الكذب على الزوجة هو لا يعدو أن يكون لمصلحة فقط، مثل امرأة العلاقة بينها وبين زوجها توشك -فعلاً- أن تنهار أو تنتهي، فاضطر أو احتاج الرجل إلى أن يلاطف المرأة بكلمة طيبة لتسهيل العلاقة بينهما، كأن يقول لزوجته: إنني -والحمد لله- أشعر بمحبة وارتياح لكِ، وهو لا يشعر في قلبه بهذا كما تفهم الزوجة، وإنما على سبيل الملاطفة، وتهدئة ما في نفسها وتطييب خاطرها.

    هذا -إن شاء الله- فيه خير، لكن كون الرجل يبني أساس التعامل مع الزوجة على الكذب، فلا يصدقُها في شيء قط، فإن المرأة ليست غبية، تكتشف الكذب، وبالتالي لا تصدقه في شئ حتى لو كان صادقاً.

    الاحترام المتبادل بين الزوجين

    النصيحة الثالثة: الاحترام بين الزوجين.

    ومن الملاحظ أن الإنسان -أحياناً- قد يحترم البعيد لكن لا يحترم القريب، فالبعيد -لأن العلاقة بينك وبينه علاقة مجاملة- تجد أنك تتبسم له وتتهلل وترحب، وتحاول أن تعامله بلطف وحسن رعاية، لكن القريب قد زالت المجاملات بينك وبينه، فأصبحت المعاملة فيها كثير من الجفوة والضعف، وزال الاحترام المطلوب، وبذلك تكونت مشكلات ليست كبيرة لكنها كثيرة.

    ومن الملاحظات الصحيحة تماماً أن الذي يهدم العلاقات الزوجية، ليست مشكلة كبيرة يترتب عليها الانفصال، هذا في حالات قليلة، أكثر ما يترتب عليها الطلاق -وأقول هذا عن ملاحظة لحالات كثير من الأسر- أكثر أسباب الطلاق مجموعة من المشكلات الصغيرة، تكونت حتى تكون منها جبل من مجموع حصى صغار، كلمة غليظة ما قبلها الزوج، أو تصرف فيه رعونة، أو جفوة غير مناسبة وهكذا، تجمعت هذه الأشياء حتى كونت في نفس الزوج حملاً كبيراً من الزوجة أو العكس.

    فترتب على ذلك شعور كل من الطرفين بأن معايشة الآخر مستحيلة، فوصل الزوج إلى قناعة وهو أن عيشته مع هذه المرأة غير ممكنة؛ لأنه أصبح يجد مشكلة في كل ساعة، وبالتالي قرر التخلص منها.

    ومن أمثلة ذلك: قضية كثرة النقد، أو قضية كثرة مدح الآخرين أمام الطرف الثاني، امرأة تريد أن توجه زوجها، كيف توجهه؟

    توجهه عن طريق أن تمدح رجالاً عنده، حتى ولو كان من الناحية الدينية، وتكثر وتقول: فلان ما شاء الله عليه، فيه كذا وكذا، وتجلس تمدح في فلان، وفلان رجل أجنبي عنها وتمدحه مرة وأخرى أمام زوجها، ماذا يشعر هذا الزوج؟

    يشعر بأن زوجته تمدح فلاناً أمامه بهذه الطريقة! لا يصلح هذا! فينشأ عنده غيرة وكراهية للزوجة، خاصة إذا كثر هذا الأمر.

    ومثل ذلك: المرأة إذا أكثر زوجها مدح نساء أخريات أمامها، ولو كان يقصد بذلك أن يكن قدوة لها رجلاً! إنما ينبغي أن يقتصد الإنسان في ذلك. وعلى كل حال فالمشكلات الصغيرة الكثيرة هي التي تكون غالباً سبباً في الطلاق، أما المشكلات الكبيرة فقد تنحل، وقد تكون سبباً في حالات قليلة.

    الواقعية وعدم المطالبة بالمثالية

    النصيحة الرابعة: هي الواقعية وعدم المطالبة بالكمال.

    لا تتصور أنك أمام امرأة كاملة، أو تريد امرأة كاملة، أو تتصور المرأة أنها تريد رجلاً كاملاً مظهراً ومخبراً، وديناً ودنياً، وحسباً ونسباً، وكمالاً وجمالاً، هذا لا يكون أبداً.

    إذا كنت تريد هذا فانتظر للجنة، انتظر للحور، اعمل عملاً صالحاً حتى تجده، ولذلك يذكرون أنه جاء رجل خاطب يريد أن يتزوج، فقال الخاطب: أريد امرأة صفات كذا وكذا وكذا؟

    قال: قد وجدتها لك، قال: أين هي رحمك الله؟

    قال: أكثر من صيام النهار، وقيام الليل، هذه المرأة التي تصفها توجد في الجنة، أما في الدنيا فلا، فنساء الدنيا لابد فيهن من نقص، ومع ذلك إذا كنت أنت الزبير فابحث عن أسماء، وإذا كنت أنت علي بن أبي طالب فابحث عن فاطمة.

    أما إذا كنت فلاناً الذي تعرف نفسك، فيك من العيوب الخَلْقية والخُلُقية الشيء الكثير، فيجب عليك أن تتصور أن من العدل؛ أن الله تعالى قد يرزقك بامرأة من جنسك تماثل ما أنت فيه، أو أحسن منك أو أقل منك قليلاً، وكما يقال في المثل: الطيور على أشكالها تقع.

    إذاً كن واقعياً، وتوقع أن تجد في المرأة نقصاً، كما أن المرأة يجب أن تتوقع أنه يوجد في الرجل نقص.

    التسامح واللين بين الزوجين

    النصيحة الخامسة: التسامح واللين.

    التسامح واللين بمعنى: أنك حين توقعت الخطأ، وقع الخطأ فعلاً من المرأة، فهي أخطأت عليك، حتى ولو كان خطأً كالشمس في وقت الضحى، فلا بد من الأخذ والرد، الخطأ واضح، ولكن خذ مبدأ التسامح واللين، وادفع بالتي هي أحسن، وحاول قدر المستطاع أن تتحمل ما كنت تستطيع التحمل، وأن تلين بأيدي الطرف الآخر.

    وليست الرجولة هي أن الإنسان يستأسد لأقل سبب، ويجعل البيت في هيجان وصاخب لأتفه الأسباب، لا. إنما الرجولة هي: أن يكون الرجل بطيء الانفعال والثوران، ولا يتحرك. وتثور أعصابه إلا لأسباب وجيهة وحقيقية.

    أما المؤسف أن كثيراً من الناس قد لا يغضبون حتى للأمر الديني، فقد يأتي والمرأة لم تصل الفجر إلا بعد طلوع الشمس، فيكون موقفه بارداً جداً.

    وقد يأتي والأولاد لا يصلون، فلا يتأثر ولا ينفعل، وقد يأتي ويجد في البيت ما لا يرضي، من صور أو مجلات أو وسائل لهو وغير ذلك، فتجد أن هذا الرجل بارد كل البرودة، لكن لو جاء والغداء لم يجهز، أو العشاء لم يجهز، أو الثوب لم يتم كويه، أو ما نظف المجلس، غضب وأرغى وأزبد وثار، لماذا هذا المقياس المقلوب؟!

    عدم الغيرة

    والنصيحة السادسة: عدم الغيرة.

    فإن الغيرة وحش قادر على تحطيم الحياة الزوجية، والغيرة ليست من المرأة فقط، فالرجل قد يغار على زوجته أو من زوجته، والمرأة قد تغار على زوجها، ليس من زوجة أخرى أو بالضرورة من النساء الأخريات.

    بل قد تغار المرأة على زوجها من أمه، أو من أخواته، أو من قريباته، فإذا رأت أنه يهتم مثلاً بأمه، أو خالته، أو عمته، أو أخواته، غضبت الزوجة، وقالت: أنا وأنا أم أولاده لا أرى هذا الاهتمام، ويعرض عني، وإذا طلبت يماطل.

    وقد ذكرنا أن الإنسان بطبيعته قد يحترم الأباعد أحياناً أكثر من الأقارب، لأن البعيد فيه شيء من المجاملة، فالعمة إذا جاءت يوماً في الأسبوع إلى البيت وطلبت طلباً، ما يليق بالزوج الذي هو ابن أخيها أن يرفض طلبها، لكن الزوجة التي هي مع زوجها طيلة الوقت، قد تطلب طلباً اليوم ولا يلبيه إلا بعد أسبوع أو شهر، هذا طبيعي.

    فالغيرة وحش قادر على تحطيم الحياة الزوجية، ولا يمكن أن تزول هذه الغيرة؛ إلا إذا عرف الزوجان أن أحدهما لا يمكن أن يمتلك الآخر امتلاكاً تاماً، مهما كان هذا الأمر مُرٌ على النفس، لكن ينبغي أن يعرفه الرجل وتعرفه المرأة، فالرجل ليس ملكاً لها، وهي أيضاً ليست مِلكاً له تماماً، حتى إن بعض الآباء لو اهتمت المرأة بأطفالها اهتماماً زائداً شعر بشيء في قلبه، لأنه يرى أن الاهتمام يجب أن ينصب إليه هو دون غيره، وعلى الأقل إذا كان هو يرى ذلك، وقل مثل ذلك بالنسبة للمرأة.

    فلابد إذاً من أن يدرك كل من الطرفين رعاية الآخرين واحترام حقوقهم، وأن هذه الغيرة من أهم أسباب تقويض الحياة الزوجية.

    أما إذا كان هناك أكثر من زوجة، فهذه الضرة حدث ولا حرج، وإذا وجدت غيرة فمعناه أن مثيرات الغيرة سوف توجد يوماً بعد يوم، وأن الحياة سوف تصبح جحيماً لا يطاق.

    المشاركة في الآمال والآلام

    النصيحة السابعة: المشاركة في الآمال والتطلعات.

    لا يكون كما قيل:

    سارت مشرقةً وسرت مغرباً     شتان بين مشرق ومغرب

    الرجل -مثلاً- همومه تتعلق بالإسلام، ونصر الإسلام، وإعزاز دين الله عز وجل والدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونصيحة الناس وتوجيههم، أما المرأة فاهتماماتها لا تتعدى جسدها، الثياب والطيب والمكياج والشعر، أنا لا أقول كل النساء، لكن هذا مثال.

    أو قد تجد العكس -أحياناً- تجد امرأة دينة صينة داعية، همها حضور المحاضرات، والدعوة إلى الله عز وجل ونصيحة أخواتها في الله، ونشر الخير والبر بقدر ما تستطيع، أما الزوج فهو في واد آخر، يسخر من هذه الأمور ولا يكترث لها.

    فهنا التطلعات والهموم والآمال والآلام مختلفة تماماً، ولهذا تكون الحياة فيها شئ من الصعوبة، اللهم إلا بتوفيق من الله عز وجل فقد تجد وئاماً، وأن الزوج انسجم مع وضع امرأته وأصبح يساعدها، أو الزوجة انسجمت مع الزوج وأصبحت تساعده، ولو لم يحمل نفس الهموم.

    العاطفة

    النصيحة الثامنة: العاطفة.

    فإن العاطفة هي التي تجدد الحيوية والنشاط لكلٍ من الزوجين، وإذا فقد البيت العاطفة فإنه فقد الأساس الذي يقوم عليه في كثير من الأحيان، فالزوجان في بداية حياتهما ولسنوات طويلة، ليسا كالشيخين الكبيرين الهرمين، الذَين ليس بينهما من العلاقة إلا صبحك الله بالخير ومساك الله بالخير، فلابد أن بينهما عواطف موصولة بين قلوبهما، كما قال الله عز وجل: وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً [الروم:21] فالزواج هو علاقة بين القلوب بالمودة والرحمة والسكن، قبل أن تكون علاقة بين الأجسام.

    وعلى ضوء هذه الأشياء التي قصدت أن أقدم بها وأجعلها في البداية كنصائح عامة للعلاقة بين الزوجين، أنتقل إلى نقطة أخرى وهي: تحديد شروط الزوج الصالح.

    1.   

    شروط الزوج الصالح

    الزوج كلمة تطلق في اللغة العربية على الذكر والأنثى، فالرجل زوج المرأة، والمرأة زوج الرجل، هذا هو الأفصح، ويجوز أن تقول للمرأة زوجة، لكن الأفصح أن تسمى المرأة زوجاً للرجل، ويسمى الرجل زوجاً للمرأة.

    إذاً نحن عندما نقول: شروط الزوج الصالح، نقصد المرأة والرجل على حد سواء، وهي كثيرة، أهمها -أيضاً- بما يتناسب مع ضيق الوقت:

    قضية الدين

    قضية الدين: وهذه هي الأساس، كما قال الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو أفضل من نصح لأمته: {فاظفر بذات الدين تربت يداك} اظفر بذات الدين، الدينة؛ لأن المرأة الدينة تحفظك في نفسها، ومالك، وولدك، وتحفظك في سمعتك، فكم من رجل يكتشف أن في بيته معاصي لا ترضي الله عز وجل بسبب امرأة تخونه، أو رجل يكتشف أن ماله ينقص ولا يدري أين يذهب، فيكتشف أنه يؤخذ من داخل المنـزل، أو رجل قد يقعده عن الجهاد في سبيل الله الخوف على أطفال صغار، يقول: أنا لا أثق بأمهم أن تربيهم، لأنها ليست الأم التي يمكن أن تقوم فعلاً على تربية الأولاد، ليست دينة ولا صالحة.

    كم من إنسان تلطخت سمعته في الخارج، وعلى الأقل افتضحت أسراره، فيأتي الرجل فيجد أن الناس في المجالس يتكلمون عن أسراره في داخل المنـزل، لماذا؟

    لأنه ما بحث عن المرأة الدينة، والدين كله خير، وكل خير هو في الدين، فحين نقول الدينة، لا نقصد أنها تصلي وتصوم فقط هذا من الدين، لكن أيضاً من الدين أشياء كثيرة:

    فالخلق من الدين، والحياء من الدين، والمروءة من الدين، والعلم من الدين، وكتمان السر من الدين، والمحافظة على العبادات هو من أهم الأدلة على ذلك، لأن من حافظ على ما بينه وبين الله، وأدَّى الأمانة مع الله عز وجل بالصلاة والصيام والقيام والذكر والتسبيح، فهو -غالباً- أحرى أن يحفظ ويؤدي الأمانة مع العباد.

    قضية الخلق

    الشرط الثاني وإن كان جزءاً من الشرط الأول لكنه مهم، وهو: قضية الخلق.

    اسأل عن خلق المرأة، مثلاً:- قضية التواضع هل هي متواضعة أم مستكبرة؟

    كثير من الناس قد يجد امرأة في غاية الجمال، لكن غالباً الجمال في المرأة يكون مصحوباً بشيء من الكبرياء والغطرسة والغرور، هذا الذي يهدم، ولذلك العوام يتناقلون كلمة مؤداها: أن المرأة ذات الجمال غالباً لا توفق في زواجها، والمرأة الدميمة أو العادية قد توفق، لماذا؟ لأن المرأة الجميلة، إذا لم تجد تربية في صغرها قد يصيبها نوع من الإعجاب والغرور.

    وبالتالي تكون مستكبرة فلا يستطع الزوج أن يتحملها؛ لأن الله عز وجل جعل الرجال قوامين على النساء، فإذا شعر الرجل أن المرأة تحتقره أو تزدريه أو تستكبر عليه، رفضها ولا يطيقها بأي حال من الأحوال، إذاً لابد أن تتأكد من أن المرأة متواضعة تعرف قدر نفسها.

    خلق آخر قضية السماحة.

    وألا تكون المرأة حادة دائماً وأبداً تطالب، بل فيها سماحة، وفيها لين ويسر وهدوء، وليس فيها شدة انفعال، أو غضب، أو ثوران أعصاب لأتفه الأسباب.

    صفة ثالثة: قضية الصمت وتجنب الثرثرة، فإن كثرة الكلام مفتاح لكل شر، فإن المرأة التي تكثر من الثرثرة تضايق زوجها في كثير من الأحيان، وتضايقه أمام النساء الأخريات، وتفشي أسراره، إلى غير ذلك، ولا حيلة لأن هذه الأمور إذا تركبت في المرأة وتربت عليها؛ يكون فطمها عنها في الكبر أمراً فيه صعوبة.

    فلابد إذاً من التأكد من أخلاق المرأة بشكل عام، من لطف المرأة، وسماحتها، وهدوءها، وتواضعها، وصمتها، وحيائها، فبعض النساء امرأة مسترجلة تجد صوتها كأنه صوت رجل، يسمع على مسافة عدة بيوت، والرجل في المسجد يسمع صوت المرأة يدوي في المنـزل، تضرب الولد هذا، وتتكلم على هذا، وتنادي فلان.

    حتى أن الرجل -أحياناً- تضيق عليه الأرض بما رحبت، وتكون هذه المرأة كما يقال: برزة، أي: كثيرة الظهور إلى الرجال، لا تستحي من الرجال، ولا تبالي أن تقف أمامهم، وتفتح الباب وتكلمهم، هذا ليس لائقاً، ليست هذه صفات المرأة، كلما كانت المرأة أكثر انقباضاً وأكثر حياءً، وأكثر بعداً عن الرجال، وأكثر انخفاضاً في الصوت، كان هذا أكثر دلالة على صحة أنوثتها وملاءمتها لزوجها وراحته وسعادته.

    الصفات الجسمية

    الشرط الثالث: الذي يبحث عنه الرجال: الصفات الجسمية.

    وهذا لا يحتاج إلى كلام، فإن الرجل يبحث عن الجمال في المرأة، والاعتدال، وهذا أمر لا عيب فيه أن يطلبه الإنسان، بل من الطبيعي أن يطلبه؛ لأنه لا يمكن أن نقول للناس: ابحثوا عن الدين والخلق ولا تبحثوا عن الجمال، فقد يبحث الرجل عن امرأة ذات دين وخلق ولكنه يعزف عنها؛ لعدم إرضائها له، وعدم إشباعها لتطلعه، فيسيء إليها وهي امرأة ذات دين وخلق.

    ولهذا يروى أن بعض الأئمة كالإمام أحمد كان إذا أراد أن يتزوج امرأة سأل عن جمالها قبل أن يسأل عن دينها، لماذا؟

    لأنه يقول: إذا عرفت أنها امرأة تناسبني في الجمال؛ سألت بعد ذلك عن دينها، فإن ناسبني الدين قبلت وإلا رددتها بسبب الدين، أما كوني أسأل عن دينها، إذا عرفت أنها امرأة متدينة ينبغي أن أقبلها، فجعل الكلمة الأخيرة للدين، وبالتالي جعل الشرط الأخير الذي يسأل عنه هو الدين، حتى يكون يقبوله أو رفضه بناءً على كونها متدينة أو غير متدينة.

    وعلى كل حال أيضاً الاعتدال في قضية الجمال مطلوب؛ لأنك لو نظرت في النساء وجدت أن غالب النساء وسط، ليست بالجميلة الجمال الذي يوصف ويذكر، ولا بالدميمة الدمامة التي تعاب بها، وإنما هي وسط بين بين، هذا غالب النساء، فلا تطمع بغير هذا، وقد تجد قسماً قليلاً من النساء من تتميز بجمال، وقد تجد قسماً آخر يتميز بنقص ظاهر في الجمال، فينبغي أن يكون الإنسان معتدلاً في هذا الجانب.

    وينبغي ألا يشغلك النظر إلى الجمال الجسدي عن الجمال المعنوي، جمال الباطن -والله الذي لا إله غيره- إنني أقول لكم -أيها الإخوة- عن كلام سمعته من أعداد لا أحصيهم من الشباب الذين جربوا زيجات غير مناسبة، أن كثيراً من هؤلاء قد يكونون عنوا بالبحث عن الجمال، لكن ما عنوا بالبحث عن الجمال الباطن الذي يتمثل في أخلاق المرأة، وسماحة المرأة، وخفة المرأة، فقد يجد امرأة جميلة في الصورة لكنها قبيحة في الباطن، أو ثقيلة في معاملتها، تصبح على نفس الرجل أثقل من جبل، ويتمنى الخلاص منها.

    إذاً ليست القضية في المرأة هي مقياس جمال الشكل فحسب، بل ينبغي أن ينظر الإنسان إلى جمال الباطن، وأعظم جمال الباطن؛ هو أن تتزين المرأة بالحياء والدين والخلق.

    التقارب في المستوى العلمي والاجتماعي

    الشرط الرابع: هو التقارب في المستوى العلمي والاجتماعي.

    والتكافؤ في هذا الجانب، فإن كثيراً من الناس -أحياناً- يكون عندهم نوع من الأفكار التي قد تكون خيالية أو مثالية، ليست قريبة من الواقع، فيريد أن يحطم كل شيء، ويريد أن يقضي على كل العادات وكل الأمور، وهذا أمر قد يكون فيه صعوبة في كثير من الأحيان، فينبغي أن يحرص الإنسان على وجود نوع من التقارب.

    مثلاً: كونها امرأة متعلمة، يتزوجها شاب أمي أقل منها بكثير في المستوى الدراسي والعلمي، هذا خلاف الأصل، لأن الأصل أن الزوج أعلم من المرأة وأعلى مستوى من المرأة، أو على الأقل مساو لها، فكونه يقل وينقص عنها بكثير.

    حتى إنني سمعت من بعض النساء الفاضلات التي يندر وجود مثلهن، ومع ذلك تشتكي من هذا الجانب، الذي ربما لم تهتم به هي ولا الزوج وقتاً من الأوقات، لكن مع الوقت بدأ يظهر؛ لأن الزواج في السنوات الأولى؛ كونه جديداً هذا يغطي كل عيوبه، لكن بعد سنتين أو ثلاث تبدأ العيوب تظهر.

    إذاً: على الإنسان أن يدرك أن زواجه -إن شاء الله- مدى العمر، ويرجى أن يكون حتى في الجنة إن شاء الله كما قال الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ [الطور:21] فالله تعالى يجمع المؤمنين وأزواجهم في الجنة، ولهذا فهي حياة طويلة في الدنيا -وإن شاء الله- في الآخرة، وليست مجرد متعة مؤقتة يقطعها الإنسان لأيام أو أسابيع أو شهور.

    وكذلك التقارب في المستوى الاجتماعي، مثلاً: فكون الفتاة من بيت غني جداً تتزوج بشاب فقير هذا مدعاة لأن لا يستمر الزواج غالباً.

    التقارب في الطبائع

    الشرط الخامس: هو التقارب في الطبائع.

    فأحياناً قد تنظر للزوج بمفرده فتجد أنه رجل فاضل ليس عليه مأخذ، وقد تنظر للزوجة بمفردها؛ فتجدها امرأة فاضلة وليس عليها مأخذ، لكن سبحان الله العظيم! الذي خلق الخلق، وقسم بينهم أخلاقهم وأرزاقهم وطبائعهم، فقد تجد طبائع الرجل لا تركب مع طبائع المرأة أو العكس.

    وبالتالي هو يطالبها بشيء لا تطيقه، وهي تطالبه بشيء هو لا يطيقه، والسر هو أن الطبائع غير منسجمة، ولذلك ينبغي للرجل أن ينظر في إخوة المرأة، ما مدى تقارب طبائعهم مع طبائعه وانسجامه؟

    هذا مهم، كذلك يسأل عن بيتها، وعن أخوالها.

    وكذلك المرأة تتأكد من هذا الجانب، مدى تقارب وتوافق الطبائع، وكل هذه الأمور ليست عقبات توضع، لكن يضعها الإنسان في اعتباره.

    1.   

    نصيحة للشباب والشابات

    ولذلك أقول لكم: كلمة من ناصح لكم، بعد تجارب اطلعت عليها من أعداد غير قليلة من إخوانكم الشباب: أقول:

    إن أخطر وأهم مرحلة في الزواج؛ هي مرحلة البحث عن الزوجة ولو طالت هذه المرحلة، بعض الشباب إذا هم بالزواج يريد خلال شهر أن يكمل الزواج، وهذه أخطر مرحلة؛ لأن كثيراً من حالات الطلاق، والطلاق مع الأسف الشديد تفشى في مجتمعنا، وقد سألت الإخوة العاملين في الهيئة في أكثر من مدينة؛ فوجدنا أن معظم حالات الفساد التي تكتشف، ممن يقع فيها نساء أو رجال من أهل هذه البلاد؛ تكون من نساء مطلقات أو رجال مطلقين.

    إذاً: الطلاق ضرر عظيم، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام ذكر في صحيح مسلم {إن الشيطان ينصب عرشه في البحر ويبعث سراياه، فإذا رجعوا إليه كل واحد منهم يقول: ما زلت به حتى وفعل كذا وفعل كذا، فعل كذا، فيقول: ما فعلت شيئاً، سيتوب ويستغفر، حتى يأتي أحدهم فيقول: ما زلت به حتى فرقت بينه وبين زوجته، فيقربه ويدنيه ويقول: أنت أنت} أي: أنت الذي فعلت شيئاً كبيراً؛ لأنك فرقت بين الرجل وبين زوجته.

    لماذا يحرص الشيطان على التفريق بين الزوجين؟

    لأنه يعلم أضرار ذلك، أضراره على الزوج، وأضراره على الزوجة، وعلى الأولاد وعلى المجتمع، وأضراره على الأقارب وعلى الأباعد، ولهذا قضية الطلاق من القضايا التي يحرص الإسلام كل الحرص ألا تتم.

    وأنا أقول: إن من أعظم أسباب الوقاية من الطلاق هو أن يحسن الإنسان البحث عن الزوجة الصالحة، وكذلك المرأة تحسن الموافقة على الزوج الذي يناسبها ويلائمها، ولو طالت هذه المدة، فإن العجلة غالباً هي بسبب عدم التجربة، وأن الإنسان لا ينظر في الزواج إلا إلى الجانب الجسدي فحسب، جانب اللذة والمتعة، وينسى أن الزواج بناء بيت جديد، يرفرف عليه -إن شاء الله- الإيمان والتقوى وطاعة الرحمن جل وعلا، قال تعالى: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً الفرقان:74].

    فإذا حصل الزواج ثم لم يحصل هناك وئام، فإن كلاً من الطرفين قد تورط مع الآخر، تورطا بعقد، وتورطا بتكاليف وبعلاقات، وأحياناً بأولاد، وبأمور كثيرة، ولم يكن الطلاق مجرد قرار يُتخذ وتنتهي المشكلة، لكن قبل الزواج الخيار بيدك فتريث وانتظر وتربص وتحرى، وكذلك المرأة تفكر في الأمر جيداً.

    إذاً: نصيحة ذهبية، أختم بها هذا الحديث للطرفين: هي أنك بكل ما أوتيت من قوة؛ احرص على أن تكون فترة البحث عن الزوج فترة كافية، وأن تكون خلال هذه المدة -أيضاً- واقعياً لا تبالغ، ولا تطلب الخيال أو المحال، لكن أيضاً لا تتعجل وتنظر إلى الجانب المادي أو الجسدي فحسب، فإن الزواج أبعد وأكثر من ذلك.

    وختاماً أدعو لنفسي وإخواني بما أوصانا الله تعالى به، وذكر عن عباده أنهم يدعون به فقال: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] وأدعو بما ذكر الله تعالى عن عباده -عباد الرحمن- أنهم يدعونه به فقال: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً [الفرقان:65-66].

    وأسأل الله عز وجل بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح ذراري المسلمين، اللهم أصلح ذراري المسلمين، اللهم أصلح شبابهم ونساءهم وشيوخهم وعلماءهم وحكامهم، إنك على كل شيء قدير، اللهم وفقنا لما تحب وترضى، اللهم أصلحنا في الآخرة والأولى، واهدنا إلى سواء السبيل.

    وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم.

    والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755830543