إسلام ويب

نثار الأخبارللشيخ : سلمان العودة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تكلم الشيخ في هذه المادة عن أحوال متفرقة حول العالم الإسلامي وذكر بعضاً مما يحل بالبوسنة والهرسك، وطاجكستان، والفلبين، وأفغانستان، والأكراد، ثم تكلم عما يسمى بالحوار الإسلامي النصراني، وبين مضاره وأخطاره.

    1.   

    أحوال المسلمين في العالم

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، وعلى آله وأصحابه وأتباعه، ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعــد:

    فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    أيها الإخوة الكرام من المستمعين والمستمعات: إنني استمهلكم لأتحدث إليكم في ذلك الموضوع الذي وعدت (دلوني على سوق المدينة) أما اليوم فإن ثمة مجموعة من الأحداث فرضت نفسها وتحت عنوان (نثار الأخبار).

    أيها الأحبة جراح المسلمين اليوم كثيرة، وإذا قال قائلٌ، وإذا تحدث متحدث عن الأخبار فماذا عساه يقول عن أخبار المسلمين، هل تظنه سوف يحدثك عن جحافل الفتح التي تضرب في شرق الأرض وغربها؟

    أم تراه سوف يحدثك عن حلقات التعليم؟

    أم سوف يحدثك عن مؤسسات الدعوة؟

    أم سوف يحدثك عن برامج الإعلام التي تقوم للإسلام وتدعو إليه؟

    إن هذا كله من الممكن أن يكون، ونحن جميعاً يجب أن نكون متفائلين، لأن الله عز وجل وعدنا بنصر هذا الدين، ولكن هذا التفاؤل لا يجوز أبداً أن يحجبنا عن واقع الحال المرير الذي يعانيه المسلمون هنا وهناك، إنني سوف أحدثكم من جديد عن جراح المسلمين في البوسنة، وقد وصلني هذا اليوم تقرير من أخينا فضيلة الدكتور/ صالح السلطان، وقد ذهب إلى هناك، ثم عن مأساة المسلمين في طاجكستان وهي مأساة لا زالت دماؤها تنـزف وتنـزف، ثم عن مأساة إخواننا المجاهدين العرب في بيشاور وقد أودعوا في غياهب السجون، ثم عن مصيبة المسلمين ومأساتهم في جنوب الفلبين، وقد جاءني منهم من جاءني أمس، وحدثني عما تتفطر له الأكباد، ثم عن مصيبة المسلمين الأكراد في العراق أو إيران أو تركيا، بل عن مأساة المسلمين الأكراد في بلاد الغرب حيث يلاقون ألوان التغيير والتنصير، أما فلسطين ومصر والجزائر، فالأمر فيها أكبر من أن يتسع له هذا الوقت فضلاً عن بعض الأخبار التي سمعها الجميع وتطلَّب الأمر التعليق عليها.

    الفائدة من ذكر الأخبار

    إن الكثير من الإخوة يتساءلون إلى متى نردد مثل هذه الأخبار؟

    وإلى متى نمضغ مثل هذه الأقوال؟

    فأقول لك أيها الأخ الكريم؛ ولكِ أنتِ أيتها الأخت الكريمة: يكفيني بالنسبة لي أن أفرغ بعض مشاعر الأسى التي يعتصر بها قلبي بين يدي، فالإنسان إذا تحدث في مشكلة ما، ربما خفت عليه وطأتها وهان عليه ألمها، فمجرد حديثي عن هذا الموضوع يزيل بعض الألم الذي أشعر به في قلبي، تقول لي: وأنا ما هو دوري؟

    فرغ هذه الشحنة من الآلام لدى من تعرف ومن لا تعرف من أهل وأصدقاء وجيران وزملاء، حتى تتسع دائرة المعنيين بقضية الإسلام، وحتى يكون هذا الهم هماً عاماً يسكن في قلوب الجميع، ثم حول هذه المشاعر إلى مشاركةٍ حقيقية تبدأ أولاً بتذكر قول الباري -عز وجل: وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ [التوبة:92] إن الله تعالى مدحهم وأثنى عليهم؛ لأن عيونهم فاضت بالدموع حين عجزت أيديهم أن تفيض بالمال، فليس على هؤلاء سبيلاً، إنما جعل السبيل على الذين يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم وهم أغنياء رضوا بأن يكونوا مع الخوالف.

    المطلوب منك أيها المسلم

    نحتاج منك أيها المسلم أولاً: أن تكون هذه المشاعر الملتهبة في فؤادك، وهذه الدموع النازفة من عينيك، زاداً لك أي زاد!

    وثانياً: لو لم يكن من ثمرة بعد ذلك إلا الدعاء، والدعاء خيرٌ كله، وهو عبادة لله عز وجل كما قال تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60] ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه الترمذي وسنده صحيح: {الدعاء هو العبادة} ويقول أيضاً: من لم يسأل الله يغضب عليه} فلو لم نظفر منك بعد حزن القلب ودمع العين، إلا بدعوة صادقةٍ تطلقها وأنت ساجد الله عز وجل فإن ذلك مما تملكه، ثم هي دعوة لأخيك بظهر الغيب، وإذا دعا المسلم لأخيه في ظهر الغيب كان ذلك مظنة الإجابة، وقال له الملك: ولك بمثل، وهو جهد يملكه كل أحد، وإذا عجزنا أن نوفر السلاح لإخواننا المحاصرين في سراييفو أو في سربنتشا، أو في غيرها، فإننا لا نعجز أن نوفر لهم الدعاء، وإذا لم نجد المال في جيوبنا، فإننا نجد الدعوات الصادقة تنبعث من قلوبنا، والنصر والرزق إنما يأتي بالدعاء وفي صحيح مسلم: {أبغوني ضعفاءكم هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم} فانتصاركم بدعائهم واستنصارهم ثم إن كنت من أصحاب الأموال، فإننا ندعوك إلى جمع التبرعات عن نفسك وغيرك، وقد دعوناك بالأمس دعوة للإنفاق، فها نحن اليوم نقول: أدخل يدك في جيبك، ثم أخرج ما استطعت من مالٍ في سبيل الله عز وجل تدفع به ميتة السوء نن نفسك، وتدفع به البلاء عن أهلك وولدك، وتدفع به عن بلدك ما مس بلاد الإسلام كلها أو جلها، وفي نهاية هذا اللقاء سوف أدعوكم إلى جمع التبرعات لمن تسمعون من إخوانكم المسلمين، فجودوا لهم يجد الله تعالى عليكم، وهو القائل {يا ابن آدم أنفق أنفق عليك}.

    ثم إنني أدعوك إلى التغطية الإعلامية، فإن الكثير من الناس يجهلون مثل هذه الأمور، بل أصبح هناك اليوم من يستكثر علينا أن نتحدث في مثل هذه القضايا، أو يريد من المسلمين أن يدفنوا رؤوسهم في الرمال وفي الرماد، وألاَّ يعلموا مصاب إخوانهم ولا يألموا له ولا يتحدثوا عنه في قليلٍ ولا كثير، إنه يريد أن يقتل المسلمون على حين لا يعرف الآخرون من إخوانهم عن ذلك قليلاً ولا كثيراً، إنه يعلم أن قتل المسلم اليوم في البوسنة أو طاجكستان، تبعه أو يتبعه غداً قتل المسلم في بلادٍ إسلامية عربية، ويتبعه غداً الالتفاف على المسلمين حتى في البلاد التي بارك الله تعالى فيها وجعلها مهبط رسالاته ومنطلق شريعته، فهم يعلمون أن التداعي والتنادي لأولئك المسلمين المقتلين هناك سوف يوقظ القلوب في كل مكان.

    ولهذا يريدون أن تتم العملية في غيبة المسلمين جميعاً، ودون أن يكون هناك حتى مجرد التغطية الإعلامية لما حل بالمسلمين، أما نهاية المطاف وأعلى وأغلى ما نطمح منك هو أن تجود بنفسك.

    يجود بالنفس إن ضنَّ البخيل بها      والجـود بالنفس أقصى غاية الجود

    نعم تستطيع أن تجند نفسك للمشاركة الحقيقية وتحمل السلاح للدفاع عن إخوانك المسلمين، وقد حمله طائفة ونخبة من شباب المسلمين والعرب أمس في أفغانستان، ثم في البوسنة والهرسك!

    وبلاد المسلمين في طاجكستان أو في الفلبين، أو في غيرها هي محتاجة إلى ذلك المسلم الذي يجود بنفسه ليس فقط ممن يحمل السلاح المادي ليصوبه إلى صدور الكفار، بل ممن يحمل سلاح العلم ليزيل به الجهل عن المسلمين، أو يحمل سلاح الدعوة ليجمع به كلمة المسلمين على الحق، ولمن يعلم شيئاً ليعلمه المسلمين سواء كان طباً، أم علماً شرعياً، أم علماً دنيوياً، أم غير ذلك مما يحتاجه المسلمون.

    1.   

    الجرح النازف في البوسنة والهرسك

    أيها الإخوة: إن ذلك التقرير الذي وصلني عن البوسنة والهرسك من أخينا الدكتور صالح السلطان وصلني في هذا اليوم، وقد قدم له بمجموعة من الأقوال والأخبار وهي:

    أولاً: إن على المسلمين أن يلقوا بأسلحتهم ويسلموا لنا، وإلا فسنساعدهم لكي يذهبوا إلى الآخرة التي يتحدثون عنها. (يقول ذلك القائد الصربي في البوسنة الجنرال ملابيتش).

    ثانياً: إن علينا أن نفهم أن السيد حسب الله لاتوف رئيس البرلمان الروسي هو مسلم وأن يلسن هو نصراني (يقول ذلك مجلة كرواتية أسبوعية).

    ثالثاً: إن سقوط سربنتشا سيكون المفتاح لإقامة صربيا الكبرى، وسيمزق كل اتفاق دولي حول البوسنة، إن الموقف الدولي عاجز عن لجم صربيا وعصاباتها (تقول ذلك مندوبة c.n.n في البوسنة الشرقية).

    رابعاً: إن سقوط سربنتشا يعني سقوط الاتفاقات المعقودة في البوسنة، وسيدمر السلام الدولي (يقول ذلك: الرئيس البوسني علي عزت).

    خامساً: لقد استطاعت صربيا ومع التخاذل الدولي والأوروبي بحشد القوات الدولية لخدمة مصالحها في البوسنة (يقول ذلك: التليفزيون الإيطالي هناك).

    سادساً: إننا مضطرون للهجوم على المسلمين لندفع عن المسيحيين الصرب خطرهم ومذابحهم التي يتعرض لها إخواننا الصرب، ونراهم حيث يقوم المسلمون المتعصبون بتقتيل وتدمير المدنيين وممتلكاتهم ونهب بيوتهم. (يقول ذلك تلفزيون بلجراد).

    بالجمع بين هذه الأقوال وبين الصورة الحزينة التي تبثها شاشات العالم بأسره عن الأوضاع المأساوية التي تردت حال إخواننا من مسلمي البوسنة، يمكن لنا أن نـزداد قناعةً فوق قناعتنا بأن ما يجري اليوم على أرض البوسنة هو حرب ضد الإسلام وحده، فهم لا يريدون أن تقوم للإسلام قائمة في هذه المنطقة، وإن ما يجري هو تنفيذ لمخطط صليبي قديم قائم على أساس القضاء على المسلمين، وقد تم الاتفاق عليه بين قوى الصليب شرقها وغربها، لمنع وجود أي كيانٍ إسلاميٍ في أوروبا، وأن الخطة الأخيرة التي اضطر الرئيس علي عزت - رئيس البوسنة على التوقيع عليها ما هي إلا إحدى خطوات تلك المؤامرة التي يراد لها أن تكون مرحلة تنتهي بـأندلس أخرى لمسلمي البوسنة!

    يقول المطلعون إن الرئيس علي عزت قد صرح بعد عودته من نيويورك، وبعد توقيعه على الأوراق الخاصة بخطة "فانس أو ين" فقال: إن الحرب مستمرة، فلا تلقوا السلاح، وإن وقعت مضطراً فإنني على قناعة تامة أنهم يدبرون لنا أمراً ما.

    دور روسيا في البوسنة والهرسك

    ومن الأخبار هنا أن روسيا تلعب دوراً خبيثاً في المنطقة يتمثل في التالي يتمثل في تحذير أمريكا من الخطر الإسلامي وتبيان أن المصلحة في مناصرة صربيا والحيلولة دون اتخاذ قرارات ضدها، ومن المعلوم أن مجلس الأمن قد قرر تأجيل التصويت على اتخاذ عقوبات ضد صربيا لمدة أسبوعين استجابة لطلب روسيا التي هددت باستخدام ما يسمى بحق الفيتو، ولذلك لم يتخذ ما يسمي بمجلس الأمن الدولي أيّ قرارٍ ضد المعتدين الإرهابيين المتطرفين الصرب.

    ثانياً: إرسال حوالي خمسين ألف جندي في صورة مدنيين إلى مناطق الصرب في كرواتيا والبوسنة من الجنود الروس؛ ليقاتلوا إلى جوار إخوانهم من أهل الكتاب.

    ثالثاً: إرسال الأسلحة والذخائر إلى صربيا!

    رابعاً: مرابطة ممثل روسيا الخاص في البلقان في بلجراد والبوسنة للتخطيط للصرب، ومعاونتهم في كثير مما يخدم مصالحهم!

    خامساً: إرسال الوفود المتلاحقة برلمانية وشعبية وحكومية، وكل مرة يرسلونها إلى بلجراد للتأييد، ومرة إلى كرواتيا للمراوغة والتهديد، والكل متفقٌ على عدم رفع لحضر الأسلحة عن البوسنة، ولن يمكن المسلمين من الدفاع عن أنفسهم، والكل يهدد بالمزيد من العقوبات على صربيا وحلفائها، على الرغم من عدم جدوى تلك العقوبات، وعلى الرغم من أنَّ ليس ثمة أمل بإيجاد عقوبات حقيقية ضدها.

    أخبار الجبهات

    أولاً: الاشتباكات بين مسلمي البوسنة والكروات الكاثوليك الذين يستغلون الظروف الصعبة التي يمر بها المسلمون للاستيلاء على الأسلحة والمواد الداخلة للبوسنة وسرقة الأموال، وقتل بعض العرب والمسلمين الداخلين لمساعدة إخوانهم هناك، كل هذه التصرفات إضافةً إلى الوقاحة التي وصلت بـالكروات إلى حد محاولة إمدادهم بالكهرباء دون مقابل وبالفحم الحجري، ودفعوا بالمقاتلين المسلمين ذلك للتفكير الجدي بالتصدي لهذه العصابات وتأديبها، وعلى الرغم من نتائج هذه الاشتباكات التي كان من نتائجها قطع الطريق بين كرواتيا والبوسنة، إلا أنها مع ما فيها من ضرر لا تخلو من خيرٍ في توحيد صفوف المسلمين وتجميعهم وتعرفيهم بعدوهم وتشجيعهم للتصدي للصليب، ونـزع الخوف من قلوبهم، ورفع الذل من نفوسهم، إن الاشتباكات الأخيرة وقعت بين المسلمين والكروات وهي مستمرة إلى الآن، على الرغم أن الطريق مغلقة والخوف ينتاب النصارى أكثر وأكثر!

    ثانياً: لا زالت مدينة سربنتشا محاصرة، ولا زال المسلمون يدافعون عنها رغم التهديد الصربي والمحاولات المستمرة في احتلالها بأقل الخسائر حيث يكثفون القصف، ويدخلون مجموعات من القوات الدولية الكندية للمرابطة فيها، وغالب القوات الكندية ترجع إلى أصولٍ صربية، وقد تم إخلاء أعداد كثيرة من المدنيين من هذه المدينة بالسيارات ومات منهم قسم كبير في الشاحنات بالاختناق، وبقي في البلدة حوالي ستين ألف مسلم.

    إن هذه المدينة تشهد الآن قصفاً متواصلاً من الصرب، وهم على مسافة بضع كيلو مترات من مركز المدينة، وقد نشر في تلفزيون العالم كلها صور بشعة فظيعة للأوضاع التي يعانيها المسلمون هناك، بل نشر كبار السياسيين الغرب من أمريكا وبريطانيا وغيرها وهم يقولون: إن هذا الأمر الذي نشهده، وحشية لم يعرف التاريخ لها مثيلاً، ويقولون كما صرحت بذلك " تاتشر" وهي رئيسة وزراء بريطانيا السابقة للتلفزيون الدانمركي وقالت وصوتها يتهدج: إنني أشهد مأساة لم أكن أتوقع أن العالم كله يطيق صبراً عليها، ومع ذلك فإن مناطق البوسنة تشهد نقصاً حاداً في المواد الغذائية، ولا زال الصرب يقصفون المناطق المختلفة في البوسنة، وفي كرواتيا متحدين ما يسمى بالمجتمع الدولي الصامت، والواقع أن المجتمع الدولي هو الذي أعطى للصرب الضوء الأخضر ليقوموا بهذه العملية، ثم أعطاهم مهلة أسبوعين ليتمكنوا من القضاء على المسلمين، وإسقاط سربنتشا وهي مدينة إستراتيجية، وسقوطها يعني تمهيد الطريق لوجود ما يسمى بـصربيا الكبرى، وبرغم النقص الحاد في الذخيرة والسلاح والطعام، إلا أن الروح المعنوية للمقاتلين المسلمين عالية جداً، وهم واثقون من نصر الله عز وجل نسأل الله تعالى أن ينصرهم.

    من مآسي سربنتشا

    أما فيما يتعلق في سربنتشا فقد هرب الكثير من أهلها إلى توزلى، وتزاحموا في الصالات الرياضية الواحد على الآخر، والنفس على النفس، وهم في ضيق وكرب عظيم لا يعلمه إلا الله، أما الجرحى فهم لا يحصون، تنقلهم الشاحنات، يقول الدكتور: وقد رأيت امرأة كبيرة السن ينـزلونها من شاحنة يتناولونها واحد بعد الآخر كما يتناولون الكراتين، وهي مريضة جريحة، كما رأيت رجلاً عجوزاً يبكي بعد أن أعطي قطعة من الخبز وبدأ يأكلها وغيره كثير، فإلى الله المشتكى، الناس يهربون على الأقدام، وعلى العربات التي تجرها الدواب، والقتلى في الشوارع لا يجدون من يواريهم.

    وأخيراً رأيت صورة تدمي القلب أطفالٌ فقدوا أبصارهم وشوهت وجوههم بسبب إلقاء القذائف، وقد غطيت وجوههم وعليها آثار الدماء، وهم يمدون أيديهم لأمهاتهم، والأمهات يذرفن الدموع والحسرات، ومشاهد مفزعة محزنة مؤلمة، وفي الختام يقول لكم الدكتور: لا تنسوا هؤلاء المنكوبين من الدعاء، وحرضوا المؤمنين على ذلك فإنهم في محنة وكربةٍ وشدةٍ وخوف وجوع لا يعلمه إلا الله. أخوكم الدكتور/ صالح محمد السلطان.

    إنها مأساة ليس لها مثيل، تقع على مرأى ومشهد من العالم الذي أصبح يتلذذ بنقل هذه الصور ليس عبر الإذاعة، بل عبر التلفاز أيضاً حية في أحيان كثيرة ينقلها، أو عبر صور تنشر في الصحف والمجلات، ثم لا يملك العالم إزاء ذلك إلا أن يخدر مشاعرنا بهذه التصريحات التي قد ألفناها واعتدنا عليها، فلم تعد تهز لنا وجداناً، ولا تحرك لنا قلباً ولا كثير فينا أي شعور، إن العالم كله يشارك في هذه الجريمة، فأنتم تعلمون أن العالم قد فرض عزلةً اقتصادية على صربيا ومع ذلك سمح لها سراً بالتجارة مع إيطاليا، ومع رومانيا، ومع كل جيرانها، بل ومع ألمانيا ومع مصر، فإن صفقات البضائع التجارية رائحة غادية بين مصر بلد أربعين أو خمسين مليون مسلم والتي سلط عليها العلمانيون، وبين صربيا التي تقتل المسلمين صباح مساء.

    أما ذلك الحصار المفروض على المسلمين، حيث لا يصلهم السلاح فهو حصار صادق، حصار مخلص ومنذ رمضان لم يكد يصل إلى المسلمين من السلاح إلا أقل القليل، فإنهم محصورون حقاً لا يستطيعون أن يحصلوا على السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم، أو عن أطفالهم، أو عن أزواجهم، وأنتم ترون هذه المشاهد وتسمعون بها، ومع ذلك العالم يكتفي بمجرد التهديد.

    فيا أيها المؤمنون لا تنسوا إخوانكم في البوسنة والهرسك؛ فإنهم يقاتلون عن أعراض وعن نفوس، وعن بلاد لو سقطت في أيدي الصرب ربما لم يذكر اسم الله تعالى في تلك البلاد ونسأل الله تعالى ألا يقع ذلك.

    1.   

    الجرح النازف في طاجكستان

    أما المأساة الثانية فتقع هناك في طاجكستان، وقبل أسبوع زارنا الأخ الكريم سيد قوام الدين، وهو رابع أربعة يعتبرون مسئولين عما يسمى بـحزب النهضة الإسلامية هناك، وهو الحزب الإسلامي الوحيد القائم، وقد تحدث إلينا بحرارة ومرارة عن المأساة التي يعانيها المسلمون هناك، ورأينا بأعيننا بعض النماذج وقرأنا بعض الأخبار.

    تاريخ طاجكستان

    طاجكستان البلد الإسلامي العريق الذي شهد الفتح تحت قيادة قتيبة بن مسلم الباهلي سنة (94هـ) خلال خلافة الوليد بن عبد الملك، والذي يعرف أو يقع ضمن ما يعرف بـبلاد ما وراء النهر، حيث نهر جيحون الذي يفصل بين طاجكستان وأفغانستان، وتجاورها تركستان الشرقية التي تخضع حالياً للحكم الشيوعي الصيني، كما تجاورها أوزباكستان وقرقيزيا وأفغانستان، ومن المعلوم أن جميع الجمهوريات السوفيتية قد تخلت عن الشيوعية.

    أما الجمهوريات الإسلامية فهي الوحيدة التي ظلت ترزح تحت حكم شيوعي كافر، حتى طاجكستان على الرغم من أن الشيوعيين في طاجكستان قد أيدوا الانقلاب الذي قام ضد الحكومة الإصلاحية، والتي كانت في موسكو سابقاً، إلا أنهم قد غفروا لها الخطيئة العظمى في نظرهم بالنظر إلى أن الخطر الإسلامي أعظم وأكبر، ولذلك أيد الإصلاحيون والقوميون والشيوعيون والغربيون على حدٍ سواء أيدوا وجود الشيوعية في الجمهوريات الإسلامية سواءً في طاجكستان أو أوزباكستان أو في غيرها.

    مآسي المسلمين في طاجكستان

    لقد حكم المسلمون بالحديد والنار طوال فترة الحكم الشيوعي السابق، فهدمت المساجد والمدارس، أو حولت إلى حانات للخمور والدعارة، وقتل العلماء والشباب، حتى قدر عدد القتلى المسلمين في الجمهوريات أثناء حكم الطاغية إستالين بما يزيد عن عشرين مليون مسلم، وبعد سقوط الاتحاد السوفيتي سيطر على مقاليد الحكم في طاجكستان الحزب الشيوعي بقيادة رحمن نبيوف مدة من الزمن، ثم خرجت الجماهير المسلمة إلى ساحة تسمى بساحة الحرية ما يزيد على ثلاثمائة ألف مسلم، وظلوا أكثر من شهرين يطالبون بالحكم الإسلامي وبسقوط الشيوعية، وفعلاً سقطت الشيوعية مرة أخرى، وقامت حكومة ائتلافية عينها الإسلاميون في الغالب مع بعض الأحزاب الديمقراطية المناوئة للشيوعية، وكان ذلك في أواخر سنة (1412هـ)، ولكن هذه الفرحة لم تدم، حيث تحالف الشيوعيون والقوميون والغرب، بل اليهود الذين بعثوا بالإعانات في كراتين الحليب وصناديق الإغاثة، وكان من جراء ذلك أن عاد الشيوعيون إلى السيطرة على الحكم، وارتكبوا الجرائم الوحشية في حق ذلك الشعب المسلم، كما فعل أشياعهم من قبل، وهذه بعض الإحصاءات لما وقع للمسلمين هناك.

    ذكرت مصادر حكومية: أنها أحرقت أكثر من مائة وخمسين ألف منـزل، وقتلت خمس وعشرين ألف شخص بما يسمونهم بالمعارضة، وعندما سُئلوا: لماذا تقتلون الأطفال والنساء وتحرقون المنازل؟

    قالوا -أي: رجال الحكومة: اسألوا آباءهم وأزواجهم هم تركوا هؤلاء لنا، ونحن نتصرف فيهم كما نريد، إذا كان لهم قيمة عندهم فلماذا يتركونهم لنا؟

    ذكرت إحدى المجلات الروسية اسمها مجلة جازيت في مقال لمراسلها بعنوان (الحرب الأهلية: الدم والموت والتعذيب في طاجكستان): أن عدد القتلى يتراوح بين عشرين إلى ستين ألفاً، وأن عدد المفقودين حوالي مائة وخمسون ألفاً، أما عدد اللاجئين فهم حوالي نصف مليون نسمة تقريباً، أما مصادر حزب النهضة فيما نشرت وفيما سمعت بأذني، إنها تقول: إن عدد القتلى مائتا ألف نسمة، أما عدد اللاجئين فيزيد عن نصف مليون لاجئ، أما عدد المفقودين فيقارب عدد القتلى، ومعظم أوجزء من هؤلاء القتلى في الغابات وبعضهم أغرقوا في نهر جيحون، حتى يقول لي الأستاذ سيد قوام الدين: لقد أخرجنا بأيدينا أكثر من ألف جثة من النهر ممن اغرقوا فيه، وكثيرٌ منهم من الشباب، ومن حفاظ القرآن، ومن طلبة العلم وبعضهم يقول: من طلابي الذين كنت أدرسهم.

    لقد تحول نهر جيحون إلى بركة حمراء تسبح فيها جثث طافية بالآلاف، مما يذكرنا بما فعله المغول في بغداد حيث تحول نهر دجلة إلى نهر أحمر يجري دماً من دماء المسلمين، ورغم حملات الإبادة الشاملة التي تقوم بها الحكومة فإنها لن تستطيع السيطرة على الأوضاع، ولن تثبت دعائم الاستقرار، بل نستطيع أن نقول، على حسب المعلومات الشفهية التي وصلت: إن أكثر من نصف طاجكستان هو في أيدي المجاهدين وهم متحصنون في الجبال، وعددهم يزيد على حسب المصدر السابق على مائة ألف مجاهد مسلم، وهم يحاربون بقوةٍ وبسالة، وقد استطاعوا أن يقتلوا عدداً من الجنود الروس الذين تدخلوا في طاجكستان، وعدداً من جنود الجمهوريات المجاورة من أوزباكستان وغيرها من الشيوعيين فضلاً عن جنود الحكومة الطاجيكية.

    قامت الحكومة بتوزيع الأسلحة على الموالين لها الموجودين في المناطق الجبلية للحيلولة دون سيطرة المسلمين عليها ومازالت حملات القصف التي يقوم بها طيران أوزباكستان مستمرة على مواقع المسلمين في المناطق الجبلية، وقد تحقق هذا الأمر بعد مشاهدة الطائرات التي أسقطها المجاهدون، أما يد الروس فما زالت قوية ومؤثرة في الأحداث، وهي متمثلة في دعم الحكومة الحالية، والوقوف معها، ومدها بالسلاح، وحماية حدودها الجنوبية تجاه أفغانستان، وإنني أقول: لعل تدخل روسيا اليوم في طاجكستان يكون سبباً في سقوطها كما سقط الاتحاد السوفيتي أمس يوم تدخل في أفغانستان، لقد تدخل الاتحاد السوفيتي في أفغانستان في الوقت الذي لا تزال فيه تحتفظ ببعض قواته، ولا زالت القوة الغربية قائمة موجودة تحاربه وتناوئه، والمسلمون كانوا أضعف منهم بكثير، أما اليوم فقد تدخل الروس في طاجكستان والمسلمون اليوم أقوى منهم بالأمس، والمسلمون اليوم يأوون إلى أفغانستان، حيث يجدون في قندز وغيرها من المناطق في الشمال مأوى للاجئين والمهاجرين وتنظيم المجاهدين، ولعلهم يجدوا دعماً من إخوانهم الأفغان، ولعل ذلك يكون سبباً في توحيد كلمة الأفغان وزوال الخلاف فيما بينهم.

    إن المقاومة الإسلامية مستمرة في الجبال، وهناك استعدادات لمقاومةٍ طويلة الأمد استفادت من قربها الجغرافي كما ذكرت، خصوصاً إذا وصلتهم مساعدات من إخوانهم المسلمين، أما الطرق الجبلية الموصلة لمناطق المسلمين، فقد دُمِرَ معظمها، وقد أصبح الوصول إليها بالسيارات أمراً صعباً، وهناك ضغوطٌ أمريكية على حكومة باكستان وأفغانستان بعدم مساعدة اللاجئين؛ خوفاً من اشتعال المنطقة بالجهاد في سبيل الله عز وجل وهذا أحد الأسرار في ضغط أمريكا على باكستان، حتى إنه بالأمس جاءت مجموعة من الخبراء الأمنيين الأمريكان إلى باكستان للتحقيق في قضايا الإرهاب، تريد أن تحقق مع العرب، وتريد أن لا تتحول طاجكستان إلى أفغانستان أخرى.

    وضع اللاجئين في قندز وما حولها

    أولاً: الفقر الشديد وما يتبعه من جوع خصوصاً وأن كثيراً من اللاجئين قد استولى قُطَّاع الطرق على المؤن التي كانوا حملوها.

    ثانياً: كثرة الوفيات بين الأطفال، نظراً لسوء التغذية.

    ثالثاً: كثرة حالات الإجهاض للحوامل، لنقص التغذية أيضاً.

    رابعاً: انتشار ظاهرة التسول لمن أقام في المدن وما قد يتبعه من عادات ضارة كالتدخين والمخدرات والمفاسد الأخلاقية.

    خامساً: انتشار الأمراض خصوصاً الحصبة والدفتيريا والتهاب الكبد.

    سادساً: تكدس بعض اللاجئين في مدارس وأماكن غير صالحة للسكن، وهي أيضاً مختلطة مما قد ينتج عنه آثار اجتماعية خطيرة.

    سابعاً: معيشة كثير من اللاجئين خاصة في أفغانستان في خيام بالية ضيقة تفتقر لأدنى الحاجات الإنسانية خصوصاً مع شدة البرد في تلك المناطق.

    ومن آثار المأساة أولاً: القتل والتشريد لمئات الألوف من المسلمين.

    ثانيا: امتلاء السجون بالمسلمين وتردي أوضاعهم فيها، وذكرت المصادر أنه قد تم تسميم عداداً كبيراً منهم.

    احتراق بعض المساجد، وقد ذكر شهود عيان: أن الشيوعيين قد أحرقوا المصاحف وبالوا عليها -والعياذ بالله - إمعاناً في الكفر وحقداً على الإسلام وأهله، وقد ذكر هذا الأستاذ قوام الدين نفسه، ثم هناك حصار اقتصادي على المسلمين مع إغلاق الحدود مع الدول المجاورة.

    صور من المجازر والمآسي

    ذكرت بعض المصادر أن كل رجل ملتحٍ فهو عرضة للقتل؛ لأنه متهم بالانتساب إلى حزب النهضة، وكذلك كل شخص يشتبه أنه في المظاهرات التي كانت تطالب بتحكيم الإسلام فهو مهدور الدم وبيته عرضة للتدمير. الصحفي الإسلامي بدر كمال قتلوا ابنته وعمرها ثمان سنوات وولده أربع سنوات.

    وكذلك الأستاذ مريض عضو حزب النهضة قتلوا أسرته كاملة وزوجته ومجموعة من الأولاد.

    قتلوا أيضاً مائة وثمانين شخصاً في قرية واحدة؛ لأنهم كتموا وجود أحد الشباب من حزب النهضة بينهم، وقطع الآذان المشتبه فيهم، وقد رأى مراسلنا كما يقول التقرير بعض الإخوة مقطوعي الآذان، وذكرت صحيفة روسية أن قائداً شيوعياً يتباهى بقوله: إنه قطع أذن كل واحد من الإسلاميين، وقال ملوحاً بالسكينة: إنهم أقوياء لحد أنك تقطع أذنه وهو لم يغمض له جفن، فأنا من أجل لينين مستعد لقطع رأس أي إنسان.

    في كومانكيز هناك حفرة مملوءة بالمياه القذرة قد ألقي فيها عشرون من المسلمين أحياء، وتركوهم حتى ماتوا، ثم ساقوا مجموعة من المسلمين الأسرى فيما بعد وأجبروهم على إخراج الجثث المتعفنة من الماء، ثم أعدموهم ورموهم في نفس الحفرة.

    قتلوا في إحدى القرى سبعة عشر شيخاً في السبعين والثمانين لا بسبب، إلا أنهم من العلماء أو حتى من المسلمين، ومن هؤلاء الشيخ يوري باي خالوف الذي يبلغ من العمر أربعاً وثمانون سنة، لقد رآهم وهم يحرقون مسجداً فاستنكر هذا العمل فأطلقوا عليه خمس رصاصات، ومنعوا عنه أي مساعدة حتى مات!

    القاضي أكبر ترى جان زاده استغله الشيوعيون، ولم يتخذ موقفاً حاسماً من الأحداث، فاستفادوا منه لتدعيم موقفهم، ثم أرادوا التخلص منه فهرب ومع ذلك لم تسلم عائلته من التصفية، فقد قتلوا سبعة عشر فرداً من أسرته!

    لقد هجم الشيوعيون على إحدى المديريات وقتلوا الشيوخ والنساء، واغتصبوا من بقي منهن أحياء، ولم يرحموا الأطفال، وبعد ذلك أحرقوا المنازل!

    أهالي مديريتين في جنوب البلاد هربوا من منازلهم باتجاه نهر جيحون الذي يفصل بين أفغانستان وطاجكستان عند غابة كثيفة ضخمة، ذهبوا ليختبئوا فيها من الشيوعيين، فجلسوا فيها شهراً وزيادة حتى مات الكثير منهم من قلة الأكل، وبعد ذلك علم بهم الشيوعيون، فدخلوا عليهم وكان عدد الأهالي يزيد على خمسين ألف نسمة من المسلمين، فأخذوا يذبحون من يقع في أيديهم، ويرمونهم في النهر، والذي يهرب في اتجاه النهر تحصده المدافع الرشاشة الروسية الحامية للحدود، حتى زاد عدد القتلى من هذه القرية عن عشرة آلاف نسمة في يوم واحد من النساء والأطفال والشيوخ الذين لا حول لهم ولا قوة!

    ثم إن مجلة المجتمع نشرت في عددها رقم (1830) مجموعة من الصور البشعة لهذه المعاناة التي يعاينها المسلمون مثلاً: المرحلة الأولى: وهي مرحلة وجود المسلمين في طاجكستان ذكرت فيها مجموعة من المآسي ذكرت قول الأخت رزق ضياء الدين من إحدى الولايات تقول: المأساة التي واجهتها وعشتها لا أستطيع التعبير عنها، فالذي شاهدته بنفسي قتلهم الشيوعيون يزيدون على ألف شخص، لقد دخل الشيوعيون هذه القرية، وبدءوا أول ما بدءوا بحرق البيوت وجمع النساء والأطفال على حدة، والرجال على حدة ثم إنهم أطلقوا النار على الرجال فقتلوهم جميعاً، وأخذوا يذبحون الأطفال أمامنا، وفور انصراف الشيوعيين بعد تدمير البيوت هربنا إلى أفغانستان بملابسنا التي تستر أجسادنا فقط، وذلك طلباً للنجاة والأمن وحفاظاً على أعراضنا، إلى آلام أخرى وصور عديدة.

    أما المرحلة الثانية: وهي بعدما خرج المسلمون وفروا بدينهم إلى نهر جيحون، ثم ما وراءه ثم هناك صور أخرى من المأساة تتمثل:

    أولاً: في هذا النهر الذي تتجمد حافتاه بالليل من شدة البرودة، فهؤلاء عندما يصلون إلى النهر يكونون عرضة لقصف الشيوعيين كما حدث، وأحياناً يقصفونهم وهم في القوارب أو على ضفة النهر الأخرى في أفغانستان، ويعبر هؤلاء المنكوبون النهر بواسطة قوارب جلدية منفوخة، وبعض القوارب الخشبية التي يتسلل بها الأفغان لمساعدتهم ويتم ضم قاربين أو أكثر إلى بعضها، ولنقل بعض سيارات المهاجرين وأبقارهم وأمتعتهم التي تمكنوا من إيصالها إلى النهر، ولقد أجرت المجلة مقابلة مع مجموعة من المصابين، وهذا نداء من إخوانكم المهاجرين الطاجيك في شمال أفغانستان، يقول:

    مع المذابح الرهيبة وحملات الإبادة التي يتعرض لها المسلمون في طاجكستان على أيدي الشيوعيين هاجر إلى الشمال حتى الآن ما يقرب من ربع مليون أو أكثر، وأرسل إلينا هذه الاستغاثة إخواننا المسلمون في كل مكان بعد سقوط الاتحاد السوفيتي، مباشرة تعاود المد الإسلامي في طاجكستان لكي يطيح بالحكومة الشيوعية، وقام المسلمون بالسيطرة على زمام الأمور في عاصمة البلاد في دوشابني، ولكنَّ أعداء الإسلام لم يقبلوا بهذا، فقامت روسيا وحكومة أوزباكستان الشيوعية بإرسال الجنود والدبابات والطائرات دعماً للشيوعيين، وقد تسبب هذا في قتل وتشريد جموع المسلمين حيث تمكن الشيوعيون من السيطرة مرة ثانية وبالقوة على زمام الأمور، وقاموا بعد ذلك بأعمال الإبادة والتدمير حقداً على الإسلام والمسلمين، وكان أول ما بدأ به الشيوعيون في حملتهم المساجد والمدارس الشرعية التي بناها المسلمون في خلال السنتين الماضيتين، فأحرقوا المئات من هذه المساجد والمدارس، وقتلوا الكثير من علماء الدين وحفاظ القرآن في دوشابني وغيرها، كل هذه الجرائم تنفذ دون اتهام أو محاكمة أو مسائلة، وقد مد بطش الشيوعيين في الحكم الظالم والباغي على البلاد نتيجة لهذه المذابح الوحشية الدامية التي امتدت إلى القرى الآمنة، وإلى جموع الشعب عامة، فقد اضطر مئات الألوف من المواطنين للهجرة حفاظاً على أرواحهم وأعراضهم، فمئات الألوف من الأطفال والنساء والشيوخ، اضطروا إلى الخروج من ديارهم إلى الجبال في شرق جمهورية طاجكستان حيث لا يوجد سوى الجليد والصقيع، وقد بلغ العدد الكلي للمهاجرين هناك مليون نفسٍ يعانون من البرد والجوع، وحتى المساعدات الدولية القليلة والتي خصصت لهم لم تصلهم، لأن الشيوعيين يأخذونها ويوزعونها على أتباعهم في دوشابني؛ لأن الطريق الذي يربط شرق العاصمة تسيطر عليه القوات الشيوعية.

    أما بقية أفراد الشعب الذي هاجر جنوباً، فعددهم يبلغ أربعمائة ألف تقريباً، وقد حوصروا في هذه المنطقة لمدة ثلاثة أشهر لا تصل إليهم لوازم الحياة الضرورية من الغذاء والكساء والدواء، وقد مات نتيجة لهذا كثيرٌ من الأطفال، ورأى الناس الأمهات يحفرن في الأرض حفراً عميقة يضعن أطفالهن فيها ثم يغطين الحفرة بأجسادهن وقد وجد بعض هؤلاء الأمهات وقد تجمدن من شدة البرد، وقبل أسبوعين قام الشيوعيون بالهجوم على هؤلاء المحاصرين الفقراء الذين اضطروا لاختراق الأسلاك الشائكة وعبور نهر جيحون والدخول إلى أفغانستان، وقد مات غرقاً في نهر جيحون عشرة آلاف مهاجر، كل هذا يحدث ولا نجد من يدافع عن قضيتنا أو حتى يسمع بها.

    إن الشعب المسلم في طاجكستان يتعرض للإبادة بأيدي الشيوعيين الحاقدين، الشيوعية التي رفضها العالم كله بما في ذلك روسيا منبع الشيوعية، لكنهم يجدون العون والاعتراف في طاجكستان؛ لأنهم يقتلون المسلمين ويخرجونهم من ديارهم، نحن نطالب المسلمين أجمع أن ينظروا إلى قضيتنا، وأن توقف هذه المجازر والإبادة للشعب الطاجيكي الأعزل المسلم الذي سلبت جميع حقوقه وقتل أبناؤه ودمرت دياره، ونطلب من المسلمين في كل مكان بالإسراع في بحث قضيتنا حتى يتم تدارك الموقف قبل أن تضيع من المسلمين كما حدث في الأندلس سابقاً، ويحدث الآن في فلسطين والبوسنة. والله ولي التوفيق وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

    إخوانكم المسلمون والمهاجرون الطاجيك في شمال أفغانستان

    أيها الإخوة: إن المهاجرين والمجاهدين في أمس الحاجة إلى عونكم، وإنها قضية جديدة تتطلب منكم الدعم العاجل.

    أما القضية الثالثة: فهي على مسافة ليست بعيدة من هناك في بيشاور، حيث بقايا المجاهدين العرب والمسلمين الذين بذلوا دماءهم رخيصةً في سبيل الله وقاتلوا بالأمس في أفغانستان وضربوا أروع الأمثلة، ثم التفتت عليهم الحكومات الإسلامية والعربية، ومن ورائها الحكومة الطاغية النصرانية الصليبية الحاقدة أمريكا التي تحرك تلك الدمى من أجل الضغط على المسلمين.

    إن أمريكا لا تريد أن يقوم حكم إسلامي في أفغانستان، ولا يقوم حكم إسلامي في طاجكستان، بل ولا أن يقوم جهاد إسلامي هنا أو هناك، ولهذا تتكتم على تلك الأخبار، وتدعم القتلة في طاجكستان وتكف يدها لدعم حكومة باكستان وتهددها بأنها سوف تُدْرِجباكستان ضمن الدول التي تدعم الإرهاب، لماذا؟

    إن باكستان آوت بقايا المسلمين الذين جاهدوا أمس على جبال أفغانستان، وهذه رسالة من إخوانكم إلى المشايخ الفضلاء والدعاة الكرام، إلى جميع الغيورين الذين أزعجتهم ما نشرته وسائل الإعلام حول الأوضاع التي تمر بها بيشاور وباتوا يتساءلون عن صحة ما يجري.

    أولاً: نشكر للجميع غيرتهم، ونفيدهم بما يلي: إنه في يوم الثلاثاء، فوجئنا بهجوم رجال الأمن الباكستاني، لمنازل الإخوة العرب، وتربصوا بهم عند المساجد والطرقات، بل واقتحموا عليهم في آخر الليل وأفزعوا أهاليهم وأطفالهم.

    لقد كان الاعتقال في صورة استفزازية حيث حشد الإخوة في معتقلات ضيقة متسخة، في الغرفة الضيقة يسجن أربعون من الإخوة بحيث لا يستطيع أحدهم أن يمد رجله فضلاً على أن ينام، ومن أراد أن يرتاح فإنه يقف، وقد شمل الاعتقال كل العرب من غير تعليل أو إبداء سبب، مع أن إقامة الكثير منهم طبيعية ورسمية وسارية المفعول بصفة نظامية، هؤلاء الشباب الذين تركوا أوطانهم وأموالهم وأحبابهم وجاءوا يحملون أرواحهم على أكفهم يبتغون الموت مظانه نصرةً للدين وإعلاءً لكلمة الله عز وجلفَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ [الأحزاب:23] رجع الباقون منهم بعد أن واروا أجساداً طاهرة في التراب، رجعوا وهم يحملون جراحاتهم، ومنهم من فقد يده، ومنهم من فقد رجله، ومنهم من فقد عينه، رجعوا يحملون جراحاتهم وهمومهم، وقد كان حقهم أن يكرموا وينـزلوا منازلهم، وإذا بهم يفاجئون أنهم بين سجينٍ وقابعٍ في داره يتوقع هجوم رجال الأمن، وتركت كثيرٌ من الأسر تسامر الليل حيث عائلهم خلف قضبان الحديد والله المستعان.

    أما الوضع القائم الآن، فإنه قد خرج بعض الإخوة من السجن بنفسية محطمة للمعاملة السيئة التي قوبلوا بها بعد أن استخرجت لهم تذكرة أو كفالة مالية، وبقي آخرون متحفظ عليهم لا يدرى ما الله تعالى صانع بهم.

    أما يوم الأربعاء (22/10) فقد عادت الاعتقالات من جديد والوضع يؤذن بالخطر، نسأل الله العافية وحسن العاقبة، وقد تحرك بعض الدعاة والعلماء لاستنكار هذا العمل، وأصدرت الجماعة الإسلامية في باكستان بياناً استنكرت الوضع، وقد نشر في بعض الصحف، ومستقبل هذا يشير إلى أبعاد خطيرة منها:

    أولاً: إن بعض المعتقلين من الإخوة العرب الذين تطالب الحكومات العلمانية بهم في مصر والجزائر وغيرها، ومعلوم أن هناك تنسيقاً أمنياً بين باكستان ومصر وأمريكا، وأن أمريكا تضغط على باكستان من أجل تسليم هؤلاء إلى تلك الحكومات، ولو سلم إلى حكومتهم فمن المعلوم ماذا سوف تكون العاقبة.

    الأمر الثاني: خشية أن يكون هناك مواجهة بين الأمن الباكستاني وأولئك الإخوة العرب، وهذا أيضا أمر خطير ويعود ضرره على المسلمين.

    الأمر الثالث: هو تفرق هؤلاء الإخوة وتشتتهم في تلك البلاد، وفي بلادٍ كثيرة لا يستطيعون أن يجدوا فيها المكان الطيب الذي يأمنون فيه على دينهم وعلى أخلاقهم.

    وهذه -أيضاً- رسالة من جمعية إحياء التراث، وأقرأ جانباً منها فقط يقول: جاءت الاعتقالات بعد تحذير أمريكي بضرورة إخراج العرب من باكستان أو وضع باكستان في قائمة الدول المساندة للإرهاب.

    ثانيا: في ألمانيا تم توقيع اتفاقية لتسليم المجرمين بين باكستان ومصر، وعلى إثرها قامت مصر بتسليم قائمة تحوي خمسة وأربعين اسماً مطلوب تسليمهم، منهم من حكم عليه غياباً بالإعدام؛ لمشاركته في الجهاد الأفغاني، وينتظر وصوله إلى مصر، ليوقع عليه الحكم.

    ثالثاً: تعهدت مصر لـباكستان بالتوسط لدى أمريكا بعدم إدراجها قي قائمة الدول الداعمة للإرهاب!

    رابعاً: حملة الاعتقالات يقوم بها رجال الشرطة مع المخابرات، بعد تعدي المفوضية العامة للمهاجرين والتي تتعامل مع العرب والمؤسسات العاملة لخدمة الجهاد الأفغاني طوال العشر سنوات الماضية، فلم يسلم من الاعتقال أحد من العاملين أو غيرهم!

    خامساً: تم التنسيق مع السفارات العربية والغربية في إسلام أباد ولتعمل حتى الساعة الثانية عشرة مساءً لتجيب عن أي استفسار فيما يتعلق بجوازات سفر الإخوة المأسورين، حتى أن قسم الشرطة اتصل مباشرةً بالسفارة الأمريكية؛ لإعطائه معلومات عن أحد الإخوة المأسورين هناك، وأعطيت المعلومات خلال عشر دقائق فقط، وقد تم التعامل مع الإخوة بالصورة التي أشرت إلى جانبٍ منها الآن، هذا الوضع هو وضع مأساوي وسيئ، ونحن نطالب الجميع بإن يكون لهم دور سواء في تصعيد هذه القضية في المجال الإعلامي عبر الخطب والمحاضرات والدروس، أو في إصدار البيانات التي تشجب وتدين ما حصل وتبين الواجب اتخاذه في حق هؤلاء، في تلك البرقيات التي ترسل إلى حكومة باكستان لتكف عن مثل العمل الذي قامت به، أو في دعم هؤلاء الإخوة ومساعدتهم بكل وسيلة ممكنة، ومن ذلك دعمهم بالمال، لأنهم في أمس الحاجة إليه.

    أيها الإخوة: إن العالم اليوم يلتفوا عن المسلمين، فأنت ترى أمريكا اليوم كيف تدخلت بشكل مباشر، وبعثت الخبراء إلى باكستان، ولكنها لم تفعل مثل ذلك بالنسبة للصرب، وكأن الإرهاب الذي يمارسه الصرب، حيث يقومون بأعمال فضيعة يعجز اللسان عن وصفها، كأن هذا الإرهاب ليس إرهاباً، وليس اعتداءً، وليس انتهاكاً لحقوق الإنسان، إنما الإرهاب الحقيقي هو الذي يقوم به المسلمون.

    أقول لكم أيها الإخوة وسوف تذكرون ما أقول لكم: إن أمريكا هددت السودان بأن تجعلها على قائمة الدول التي تدعم الإرهاب، بل لعلها أدرجتها، لماذا؟

    لأنها قاتلت النصارى في الجنوب، وإن أمريكا تريد أن تجعل منظمة حماس الإسلامية الفلسطينية ضمن المنظمات الإرهابية لماذا؟

    لأنها تقاوم الاحتلال اليهودي لبلاد المسلمين، وإنني أعتقد -والله أعلم- أنه سوف يكون اليوم الذي يقال فيه للمسلم البوسني الذي يدافع عن بلده ويدافع عن دينه ويقاتل الصرب أو كرواتيا المعتدين، ألقِ السلاح وإلا سوف تدرج ضمن المنظمات الإرهابية، التي يتحالف العالم كله على قتالها، سيقع هذا إن دامت الأمور على ما هي عليه.

    إن دام هذا ولم يحدث له غير لم يبك ميت ولم يفرح بمولود

    ولكننا نسأل الله عز وجل أن يحول بين أعداء الإسلام من النصارى وبين ما يشتهون، ونسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يشغلهم بأنفسهم، وأن يشغلهم باقتصادهم المنهار، وأن يشغلهم بأمنهم القلق، وأن يسلط عليهم الجماعات والمنظمات الإرهابية من داخل بلادهم وخارجها، فتجعلهم ينهمكون بهمهم الداخلي، وبمشاكلهم الداخلية عن أن يلاحقوا المسلمين في كل مكان.

    1.   

    الجرح النازف في الفلبين

    أما الجرح الأخر في نثار الأخبار: فهو في جبهة تحرير بلاد مورو، وفي مناطق الشمال، وفي مناطق الجنوب من الفلبين حيث يوجد ملايين المسلمين هناك، وحيث توجد جبهة تحرير بلاد مورو الإسلامية التي يرأسها الشيخ سلامات هاشم وهو أحد العلماء المعروفين بسلفية عقيدته ووضوح منهجه، وهم يقومون بحركة جهاد منذ عشرات السنين، يقاومون حكومةً نصرانيةً هناك.

    إن عدد المسلمين يزيد على اثني عشر مليوناً وهم يتعرضون لعملية الإفناء المنظم من قبل الحكومة الفليبينية التي ضمت بلادهم إليها ظلماً وغدراً، وهم يطالبون بالاستقلال من تلك الحكومة، وإننا نجد -أيها الأحبة- أن دولاً كثيرة قامت، فقامت دولة للصرب، وقامت دولة للكروات، وقامت دول كثيرة، وقامت جمهوريات كثيرة فيما كان يسمى بـالاتحاد السوفيتي وهي كلها جديدة، أما المسلمون فقد حيل بينهم وأن يكونوا دولة مستقلة سواء في جنوب الفلبين أو في غيرها.

    بعض صور مآسي المسلمين في الفلبين

    لقد هجمت حكومة الفلبين بالأسلحة الفتاكة بالقتل والذبح والاغتيال والتعذيب، حتى بالموت والتشريد والنهب واغتصاب الأرض، وحرق البيوت والمدارس والمساجد، وإتلاف الحقول والمزارع والأشجار المثمرة، وقتل كل شيء حتى الدواب، وإتلاف كل شيء يمت بصلة للفرد المسلم ووجود المجتمع الإسلامي هناك.

    وهذه بعض معاناة المسلمين: قام جنود راموس الصليبيون بعمليات إرهابية ضد المسلمين الآمنين خلال الانتخابات، ومعظم ضحايا هؤلاء الجنود من الأطفال والنساء وكبار السن الذين لا يستطيعون الفرار أو الدفاع عن أنفسهم، وهذه بعض الأمثلة:

    أطلقوا النيران على مجموعة من الشباب الآمنين أثناء تجمعاتهم العادية في مدينة كوتباتو وقتل شابان وأصيب عددٌ منهم، وما ذنبهم إلا أنهم يقولوا ربنا الله، وكان ذلك في يوم الجمعة في السادس والعشرين من شهر رمضان.

    ثانياً: وضعوا قنبلة يدوية في أحد مكاتب الموظفين وانفجرت القنبلة وقتلت ثلاثة من الموظفين المسلمين وأصيب عددٌ منهم، وليس ثمة من سبب لهذا إلا أنهم مسلمون، وكان ذلك -أيضاً- في يوم الجمعة!

    ثالثاً: وضع أحد الجنود بعض المواد المتفجرة في حقيبة شاب مسلم، ثم فتشه واتهمه بأنه من مجاهدي جبهة تحرير بلاد مورو الإسلامية وأنه يقوم بالتخريب، ولذلك كانت الحقيبة في يده ثم قاموا بعد ذلك بالقضاء عليه.

    رابعاً: ألقى جنود راموس النصارى قنابل على المسلمين الآمنين في مديرية سلطان قدورات وقد قتل إثر هذا الانفجار أربعة من المسلمين الأبرياء، وأصيب عدد كثير منهم، ومن بين المقتولين فتاة مسلمة عمرها عشر سنوات، ورجل مسلم عجوز عمره خمس وسبعون سنة، وألقوا القنابل على هؤلاء بدون سبب سوى أنها مناطق إسلامية؛ وأنهم متمسكون بدينهم، علماً أن هناك وعياً ويقظة للمسلمين بحمد الله هناك!

    المعارك مستمرة اليوم بين جنود سلطة الكفر النصارى وبين المسلمين المنتسبين إلى جبهة تحرير بلاد مورو الإسلامية، من هذه المعارك معارك في محافظة باسيلان حيث تصاعدت بين المجاهدين والحكومة بقيادة الشيخ سلامات هاشم، وأما جنود راموس في هذه المحافظة فإنهم لم يتوقفوا عن قتل المسلمين الآمنين، وحرق بيوتهم، وتدمير قراهم، فوقف المجاهدون بوجههم واضطروا إلى اللجوء إلى أسلوب الكر والفر، أو ما يسمى بحرب العصابات؛ وذلك لضعف الإمكانيات؛ وعدم وجود ما يسمى بالسلاح الثقيل لديهم، ومع ذلك فقد تمكنوا -بحمد الله- من إلحاق خسائر كبيرة برجال العدو خلال تلك المعارك التي وقعت في آخر شهر رمضان وحتى في يوم العيد، وبعد ذلك قتل من جنود العدو حوالي ستة عشر جندياً، وأصيب عدد منهم، واستولى المجاهدون على خمس عشرة قطعة من السلاح.

    أما في محافظة كوتا باتو فقد تجددت المعارك بين المجاهدين وجنود الحكومة في أكثر من مديرية، وذلك بعد عيد الفطر مباشرة، وهجم المجاهدون المسلمون على مركز لجنود العدو في يوم عيد الفطر، ورغم أنهم لم يستولوا على المركز إلا أنهم ألحقوا بالعدو خسائر كبيرة في الرجال، وقتلوا عدداً كبيراً من الجنود، وفي نفس اليوم نشب قتال بين المجاهدين المسلمين وبين مجموعة من مليشيات النصارى الحكومية بالمحافظة نفسها، وقتل خمسة من العدو، واستولى المجاهدون على ثلاث بنادق، وأيضاً هجم المجاهدون على مركز في مليشيا النصرانية في إحدى القرى بالمحافظة واستولوا على المركز، وهرب رجال الميليشيات تاركين وراءهم جثث رفاقهم الخمسة مع أسلحتهم وعدتهم العسكرية.

    وهناك -أيضاً- معارك في محافظة لاناو الجنوبية، وفي محافظة أجوسان، وفي محافظات أخرى.

    نداءٌ من جبهة مورو

    وهذا نداء من لجنة الإعلام الخارجي بـجبهة تحرير بلاد مورو: نداء إلى علماء المسلمين وقادتهم وعامتهم، نتوجه إليكم بالسلام والدعاء والتوفيق في الدنيا والآخرة، ونناديكم عبر ذلك البيان ونناشدكم بحق الإسلام، وأخوة الإيمان، المساعدة العاجلة، والمساعدة الكريمة لسد احتياجات المجاهدين الضرورية من الطعام والدواء والملابس، المجاهدين الذين يبذلون الروح والدم والولد من أجل إعلاء كلمة الله وعقيدة التوحيد، ثم من أجل المستضعفين في الأرض، وتمسكهم بهذه العقيدة، كما نناديكم ونناشدكم بالدعاء إلى الله بالنصر لإخوانكم المجاهدين لإعلاء كلمة الله هنا وفي كل مكان، والله يجزيكم الجزاء الأوفى.

    كذلك الأستاذ سلامات هاشم له نداء يقول: ندعوكم إلى دعم إخوانكم المجاهدين الفقراء قبل أن تتكرر مأساة اخواننا المسلمين في البوسنة والهرسك، وحتى لا تفقد أمتنا الإسلامية جزءاً من أرضها كما فقدت الأندلس بالأمس وغيرها، ونؤكد لكم أن لدينا رجالاً متمرسين في الجهاد ونحسبهم مخلصين والله حسيبهم، ولكن مشكلتنا الفقر الشديد المنتشر في بلاد مورو منذ أن وقعت تحت نيران الحكم الصليـبي، وإننا على يقين أن الله ينصر دينه ويهزم الكفار المعتدين الظالمين، وأن راية الحق سترتفع إلى الأبد بإذن الله تعالى، والله على كل شيء قدير، وهو بذلك جدير، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

    أيها الإخوة: إن من الجدير أن أقول لكم: إنني سألت بعض الإخوة الذين هم على صلة بالجهاد، كم عدد المجاهدين هناك؟ فقالوا: إن عدد المجاهدين يزيد على مائة ألف مجاهد، ولكن مشكلتهم النقص، فحاجة المجاهدين هناك تزيد عن ستة ملايين ريال سعودي، ولو ظفروا بهذا المبلغ لاستطاعوا أن يحصلوا على السلاح من قبل المهربين الدوليين ومن قبل بعض الحكومات الإسلامية القريبة منهم، والتي قد تسمح أو تغض الطرف عنهم، فعلى إخواننا المسلمين أن يدعموا المجاهدين في الفلبين، وخاصة أن قضيتهم قضية قديمة وهي في نفس الوقت قضية منسية.

    أيها الأحبة.. هذه المآسي وبقي في الجعبة كثير، ومع ذلك فليعلم العدو والصديق أننا نحمل قلوباً ملؤها الثقة المطلقة بوعد الله عز وجل والتي لا تقبل التردد، ولا التراجع، ولا سوء الظن برب العالمين.

    إننا على ثقة من وعد الله عز وجل وإن نصر الله آتٍ، بل وإن وعد الله قريب، وإن هذه المحن والكوارث التي تلاحق المسلمين هنا وهناك إنما تكون من أجل أن لا يكون التحرك للإسلام نصيب فئة أو طائفة أو جماعة أو كوكبة من العلماء والدعاة، بل من أجل أن يتحرك المسلمون كلهم ومن أجل أن تتنادى الشعوب، ومن أجل أن تصقل على نار الفتنة، ومن أجل أن تتحول هذه الآلام إلى كير يزيل الخبث ويبقى الذهب النقي الخالص الإبريز.

    1.   

    استراحـة

    ومن أجل أن لا نسترسل مع الآلام أفضل الكلام بقصيدة جميلة للشاعر الفلسطيني الفذ الأستاذ محمود مفلح في ديوانه (إنها الصحوة) يقول:

    في يدينا يفيء هذا الزمان      نحن فيه السطور والعنوان

    إن خطونا فللمكارم نخطو           أو نطقنا فللخلود البيان

    نحن مَنْ عَلَّمَ السحائب جوداً           فتهادت في غرسها الغدران

    أبجدياتنا طموح وعزم           وإخاءٌ وألفةٌ وأمانٌ

    نحن إسلامنا عظيمٌ عظيمٌ           لا تداني إسلامنا الأديان

    ما عرفنا سوى العدالة نهجاً           وسوانا دروبهم طغيان

    إن كبا في الطريق يوماً حصانُ           فغداً ينهب الطريقَ الحصانُ

    وقدة الصيف في الدماء حريق      ولدى الثار يزخر البركان

    عندما تصقل العقيدة شعباً لا      سجون تبقى ولا سجان

    علمتنا ألاَّ نكون عبيداً      وعدو الإسلام هذا الهوان

    إن في أرض الليوث الضواري            ومداراتنا لها العقبان

    نحن في ساعة الملمَّات موجٌ           كاسح المد ما له شُطآن

    إن تكن تاهت السفينة يوماً           فلقد جاءها الفتى الربان

    مسلم صاغه الوجود وجوداً      بين عينيه تشرق الأوطان

    صقلته الآيات حتى تراءى      مثل سيفٍ زاده اللمعان

    يتقي الله في الرعية      يخشى موقفاً فيه ينصب الميزان

    ظلمة الليل لن تطول علينا      ولدينا نبراسنا القرآن

    فيه نبض الحياة فيه الأماني           فيه أيامنا الوضاء الحسان

    فيه عزٌ وفيه هدىٌ ونصر      وسواه الضلال والخسران

    كم يريدون أن يظل مهيضاً           لا جناح يقوى ولا طيران

    كم يريدون أن يقول سواه           وهو لا منطق له لا لسـان

    حاولوا بالأذى اغتيال المثاني      ليت شعري هل يطفأ الإيمان

    غاب عن مسرح الحياة زماناً           وعلى المسرح الجبان الجبان

    فإذا الناس قاتلٌ وقتيلٌ      وإذا الكون شقوةٌ ودخان

    ثم جاءت بشائر الله تترى           وأطلت بخيلها الفرسان

    في يدينا رسالة الله للناس           وفينا الإيمان والإحسان

    قد رحلنا من الجفاف وجئنا           مطراً إنَّ رملنا ظمآن

    وعبرنا مضايق الحزن حتى           غادرتنا بصمتها الأحزان

    وتلاشت على الطريق زيوفٌ           وتداعت بكبرها الأوثان

    1.   

    أحزان الأكراد

    أيها الإخوة: إخوانكم المسلمون الأكراد يعانون منذ عشرات السنين في العراق وفي تركيا وفي إيران بل وفي معظم البلاد، فقلَّ بلد تقع فيه مصيبة إلا وللأكراد يكون فيها نصيب، ولعل من آخر ذلك أذربيجان أن هناك مجموعة من الأكراد عندما نال على يد الأرمن النصارى ما نالهم كان للأكراد من ذلك نصيب، وقد جاءتني رسالة تحكي جانباً من المأساة.

    الأكراد في أمريكا ينصرون

    وعندي رسائل تحكي جوانب أخرى فهذه رسالة من أحد الإخوة في مدينة ناشفل في إحدى الولايات في أمريكا، وهو المسئول الاجتماعي بالمركز الإسلامي هناك، يقول: أحيطكم علماً بأننا نعاني معاناة كبيرة، ونشفق إشفاقاً عظيماً؛ لما نراه يحدث يومياً لإخواننا الأكراد الموجودين هنا في مدينة ناشفل في ولاية تنيسي والذين تحتويهم الكنائس في محاولة جادة لتنصيرهم ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    ويقول: هؤلاء الأكراد فيهم خير كثير وحب كبير للإسلام واعتزاز به، هذا الشعور لمسناه فيهم بحكم احتكاكنا وتعاملنا معهم، والحمد لله فهم يفرحون عندما نـزورهم في منازلهم، ويحاولون تقديم كل ما لديهم، وهم فقراء ولكنهم كرماء، والأطفال يستقبلوننا بعيون ترى فيها الأسى والبؤس، ولكن مع ذلك يبتسمون لنا ويبدءوننا بعبارة: السلام عليكم، ومما يسعدنا جداً الوعي الذي نراه فيهم، وهو يتمثل في كرههم الشديد للكنيسة، الآباء والأمهات يطلبون منا أن ندعو الله تعالى أن يحفظ عليهم إسلامهم، وأن ينقذ أطفالهم من براثن الكنيسة التي تخطط في سبيل فصل الآباء عن الأبناء، ومن ثم تقوم باحتضان الأطفال وتنصيرهم بكل يسر وسهولة.

    ثم يقول: بعد الطرح السريع الذي قدمناه لكم في هذه الرسالة، والذي نهدف من ورائه إلى إبراء الذمة أمام الله تعالى، فإن هذا الأمر ليس من السهل أن يتحمل أعباءه أفرادٌ قلائل حتى وإن كانوا مخلصين.

    وعليه نفيدكم بأننا الآن نبحث عن مكان يكون عبارة عن مدرسة تحوي هؤلاء الأطفال، والبالغ عددهم أكثر من أربعمائة وخمسين طفلاً تتراوح أعمارهم بين الرابعة والرابعة عشرة.

    إننا نحاول شراء المكان، ولا يخفى أن بعض العلمانيين من الأكراد والمقيمين هنا، تحاول الكنيسة استعمالهم للحيلولة بين تلك العائلات المحافظة وبين المسلمين في هذه المدينة.

    إن هؤلاء الأطفال الأبرياء الجاهزة عقولهم لتقبل أي عقيدة لن يستطيعوا مقاومة الإغراءات التي يحتاجها أي طفل، فإليكم يا من ننظر إليكم دائماً على أنكم أصحاب العقيدة الصحيحة، وأصحاب الأيدي المتوضئة، وأصحاب القلوب النابضة بالإيمان الصادق -ونحسبكم كذلك- نناشدكم الله، وهذا خطاب لكل طلبة العلم والدعاة والعلماء؛ بل ولكل المسلمين، ألا تتركوا إخوانكم وأخواتكم وأبناءكم لقمةً سائغة للحاقدين على الإسلام والمسلمين، وكل ما نتمناه أن يكون هذا الموضوع من الموضوعات التي يهتم الجميع بها.

    إنه من الطبيعي جداً أن يكون الطريق ليس مفروشاً بالورود، فنحن نخطو هذه الخطوة ونواجه مخططات نصرانية مدروسة، ولا نخفي أن هناك أهدافاً ترمي إليها الكنيسة من جراء المساعدات التي تقدمها، وهذا الشيء لمسناه بأنفسنا في المجموعة العلمانية حيث أنهم يدعون بالخير ويشكرون الكنيسة أمامنا، ومع إقراري بأن هذا خطأ -يقول أحد الإخوة- لكنني في قرارة نفسي أتخيل أن كثيراً من الناس لو كان مكانهم لتصرف التصرف نفسه، فإن الإنسان يعاني ويتألم وهو يرى أخاه المسلم يضحك ولا يهمه أمره، يموت أو يحيا وهو يعطي فلذة كبده لأعدائه حتى يتعطفون عليه ويهتمون به.

    يقول أحدهم: اضطررت لإرسال ابنتي حتى تتعلم الرقص مقابل مبلغ وقدره خمسون دولاراً، وأنا أشتغل في خمارة تارة، أو أبيع لحم الخنـزير تارة أخرى تحت ضغط الكنيسة.

    يقول: أصبحت أكره الإسلام والمسلمين، وخاصة العرب منهم، وهذا الشعور كله زرعته الكنيسة، ونجحت للأسف الشديد فيه أيما نجاح، أتريدون أن تعرفوا أيها المسلمون النتيجة؟

    يقول أحدهم: لقد تركت الصلاة نهائياً، بعد أن عملت فترة في محل لبيع الحرام، وأصبحت لا أعترف بأي تشريع ينسب إلى الإسلام، أما ابني الآن فهو يعتبر نصرانياً لا يعرف من الإسلام إلا عبارة السلام عليكم، لديه صديقة أمريكية يحضرها معه إلى بيتي هذا، يقول والده ولا يستنكر ذلك منا أحد، أما ابنتي فهي كاسية عارية لا تعترف بالحجاب بتاتاً، وزوجتي كذلك تحمل نفس الأفكار، أصبحت أذهب إلى بيوت الأكراد الجدد، وأقوم بنفس الدور الذي قامت به الكنيسة، غير أنني أتحدث لغة قومي، ونجحت في إبعادهم عن المسجد وعن المسلمين، وأخذتهم إلى الكنيسة والتي لها الفضل الوحيد في بقائي حياً حتى الآن.

    أيها المسلمون! لا تلوموني إذا سمعتم بقصتي، وإنني موقن تماماً بأنكم لن تصنعوا شيئاً غير الكلام، وسأقف في وجوهكم جميعاً لأنكم ظالمون، وأنتم الذين ساهمتم مع الكنيسة في تدميري وتدمير أسرتي.

    يقول أخونا المسلم الذي بعث لي بهذه الرسالة: ما الذي سيحدث بعد قراءتكم لهذه القصة، والتي هي واقعة داخل كل أسرة كردية؟ إنه ليس أمامي حل إلا أن أضع هذه المشكلة أمامكم، وأنتم جميعاً مسئولون أمام الله عز وجل عن تقديم كل ما تستطيعونه قبل فوات الأوان، اللهم إني بلغت، اللهم فاشهد، نسأل الله العلي القدير أن ينصرنا على أعداء دينه، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم.

    1.   

    الكويت واستقبالها لجورج بوش

    هذا كله يجري في الوقت نفسه تقع مصيبة من المصائب إلى جوارنا.

    فهذه رسالة وصلتني لمن سمى نفسه مسلم مخلص غيور يقول بعد المقدمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

    لا أدري كيف أسطر هذه السطور من رسالتي التي أرسلها إليكم وأنا أداوي جرحاً غائراً من الذل في قلبي، من الغثاء الذي نسمعه ونراه من وسائل الإعلام الحكومية والشعبية الكويتية للأسف، وليس.. الأمريكية بالطبع، مرارة وحرارة وذلة وهوان ما بعده هوان، نعم! إنها تغني بمقدم رئيس أمريكا السابق جورج بوش وتقول:

    خوش حياك الله يا جورج بوش كل شعبنا ناداك

    كل شعبنا حياك، اسمك من ذهب منقوش يا مستر بوش

    قلوب مفروشة لك يا رسول السلام

    يا صاحب الشهامة، يا من وقف معنا حين خذلنا بعض إخواننا

    يا منقذ مجد الكويت يا منقذ حضارة الآباء والأجداد

    يا حامي مستقبل الأولاد والأحفاد

    بهذه الأبيات الشعرية الرنانة والكلمات الشركية وغيرها يستقبل، وكل ذلك على حساب عقولنا وأموالنا ودمائنا، فقد دفعنا الفاتورة كاملة غير منقوصة، بل كنا وما زلنا ندفع مع جيراننا من أهل النفط فاتورة الاقتصاد الأمريكي المنهار، وأولاً وأخيراً فإننا ندفع الفاتورة من ديننا وأخلاقنا، إننا نطالبكم أن تتحدثوا عن هذا الموضوع في دروسكم وخطبكم وتنبهوا عنه، فنخشى أن يتكرر هذا الأمر في بلدان أخرى، وإنني أشكر هذا الشاب المسلم المخلص الغيور من أرض الكويت، وأقول للإخوة جميعاً في الكويت وغيرها: إن مثل هؤلاء كثيرون بحمد الله في الكويت، ممن تغلي قلوبهم، وتنـزعج نفوسهم، وتضيق صدورهم ذرعاً بهذا الذي يجري، ولكن لا حول لهم ولا طول، وهو قرار حكومي نافذ!

    ولعل من الأخبار التي تتعلق بذلك وتدلك على مبالغ التكاليف التي صرفت ما نشرته بعض الصحف ومنها جريدة الشرق الأوسط وإن كنت لا أشتريها ولا أنصح بشرائها، ولكن هذه قصاصة يقول: إنه بدأت الزيارة متأخرة بأربعة وعشرين ساعة عن الموعد الأساسي، وذلك بسبب خلل فني طرأ على الطائرة التي وضعتها الكويت تحت تصرفه، وكانت الطائرة التابعة للخطوط الجوية قد اضطرت للهبوط بعد حوالي ساعة من إقلاعها من مطار هيوستن بعد سقوط جزء من جناحها -إنها طائرة معدة بعناية ولكن الله عز وجل قدَّر أن يوجد هذا الخلل في جناحها الأيسر فسقطت، وكان ذلك خلال بعض المطبات الهوائية المفاجئة- وقالت المتحدثة: إن الحادث مر بسلام، وقال المتحدث باسم الرئيس: إن الطائرة أصيبت بعطل ميكانيكي، وإن الرئيس وعائلته قد غادروها بعد لحظات من هبوطها في مطار هيوستن، وقال: إن الطائرة كانت نقلته هو وزوجته وابنه وزوجة، وولده ولديها مع عدد آخر من المساعدين والمرافقين، وأنها كانت ستتوقف في واشنطن؛ لينضم إليها وزير الخارجية السابق جيمس بيكر والرئيس السابق لهيئة موظفي البيت الأبيض وكان الديوان الأميري قد أعلن عن تأجيل الزيارة ليوم واحد، بعد أن تم تأمين طائرة جديدة تابعة للخطوط الجوية الكويتية لنقل الرئيس، وأعلن أن برنامج الزيارة لم يتغير لكن المواعيد عدلت لملائمة التعديل الذي طرأ على موعد الوصول، وقد دفعت بطبيعة الحال مئات الآلاف، بل ملايين الدولارات بما يسمى عاصفة الحب الذي استقبلت الكويت بها الرئيس الأمريكي، وقد جاء من جراء ذلك عبارات غريبة تدل على مدى ما وصلت إليه عقول الكثيرين، وقصائد وأغاني حتى باللغة الإنجليزية، وغنت مطربة كويتية شهيرة مثل ذلك بلغة غربية إنجليزية ترحب بالرئيس، وأقيمت الاحتفالات، وصف الطلاب والطالبات على جوانب الطرق، وعلقت الصور على جنبات الطرق أيضاً، وكان هناك أشياء من هذا القبيل.

    يقول بعضهم ما نشر في جريدة الأنباء: أبلغ الرجل العظيم بوش أنَّ صورة وإعلام أمريكا العظمى والصديقة محفورة في قلوبنا، إضافة تتصور في ديواناتنا وصالات منازلنا، بل على سياراتنا، هناك مطالبة بمنح الرئيس بوش الجنسية الكويتية، بل ويكون منحها حقاً مكتسباً لذريته من بعده، وماذا يستفيد بهذه الجنسية؟ اقتراح أن يقام له نصب تذكاري يليق بمكانته ومقامه.

    ويضيف الكاتب: ويستطيع الرئيس أن يقدم حجر الأساس لهذا النصب -يعني: يوضع له تمثال في موضع بارز من الكويت- يأمل ألاَّ يتخلف كويتي واحد عن الخروج من منـزله الذي أعاده له بوش لتحية هذا الرجل الشريف الشهم.

    العنوان بخط عريض (عساك سالم ما قصرت) نقدم لك الحب نيابة عن نصف سكان العالم في الشرق، حيث اشتركت في تحريرهم من العبودية الفكرية والسياسية بعد سبعين عاماً من اليأس، اللجنة التحضيرية لجمعية النفع العام دعت المواطنين للتوافد إلى ساحة العالم رافعين الأعلام والشعارات والصور وليحتفل الجميع بمقدم هذا الرجل لأرض الكويت الحرة.

    الكلمات كثيرة هذا أهونها:

    بلقاك هذا يوم عيد           ويهتف بالحب والتمجيد

    أنت صفحة خالدة في تاريخ      الكويت، شكراً أبا عبد الله

    يوم زيارتكم للكويت      يوم عزيز علينا، طالما تطلعنا

    بل تلهفنا، نقولها بكل صدق وإخلاص

    مرحباً بفخامة الرئيس      والأرض التي تطأها قدمك

    ستسمع همسها وهي تقول      مرحباً بأبي عبد الله العزيز الكريم

    كل هذا لا أقول فقط نشر في صحف كويتية، بل ينشر ويدخل إلى هذه البلاد، ويشترى ويوزع بين الناس دون أن يجد من ينكره، مع أن في ذلك الكلام الكثير منه من ألوان التعظيم لهؤلاء النصارى المشركين، ونسبة الأعمال إليهم ونسيان الفواصل الشرعية التي تفصل بيننا وبينهم، بل والجهل والغباء السياسي، وتصور أنهم ما فعلوا ذلك إلا من أجل سواد عيوننا.

    على كل حال أترك هذا الموضوع على خطورته، لأن عندي موضوعين يجب التكلم عليهما:

    1.   

    الدعوة الإسلامية وتضييق الخناق

    الموضوع الأول: يبعث عن الأسى والأسف، وإذا كنا تحدثنا قبل قليل عن الكويت وكيف صرفت الملايين لاستقبال الرئيس الأمريكي وصرفت أيضاً ملايين أخرى من أجل حديقة الحيوان في لندن، في الوقت الذي يموت فيه المسلمون جوعاً وعطشاً وفقراً وقلة ذات يد، فإن من المؤسف أكثر وأكثر أننا نجد في الوقت الذي تحارب فيه الدعوة إلى الإسلام في كثير من البلاد، تجد بعض الفرص في بلاد أخرى، وتستطيع أن تثبت الدعوة نفسها في قوتها وجدارتها وإقبال الناس عليها، أنه يصلني هذا اليوم تعميم سري للغاية من مدير تعليم البنات بإحدى مناطق الشمال وأنا أترك هذا الأسبوع ذكر اسمه؛ رغبة في أن يعلن توبته إلى الله عز وجل ويصدر تعميماً مشابهاً ينقض فيما قال وإلا سوف يكون لنا وله شأن، هذا التعميم عجيب وغريب، ويدل على أن قضية الدعوة أصبحت لا بواكي لها، وكل من يريد أن يثبت جدارته أو إخلاصه فعليه أن يعلن الحرب ضد الدعوة والدعاة والمخلصين رجالاً أو نساءً بغض النظر عن النظم وعن القوانين والأوضاع والصلاحيات، وإذا أثبت ذلك، دل هذا على أنه إنسان مخلص وصادق يقول: الأخت المكرمة مديرة مدرسة.... السلام عليكم.

    لوحظ في بعض المناطق في الآونة الأخيرة ظاهرة عقد اجتماعات دينية نسائية في المنازل وقصور الأفراح كما أن بعض هذه الاجتماعات مقتصرة على عدد من النساء في أحد المنازل، كما أن هذه الاجتماعات غير معلن عنها، وتجمع فيها التبرعات، ونظراً لخطورة هذه الاجتماعات كونها سرية وغير معلنة، وقد تستغل في نشر أفكار ومبادئ خارجة عن مفهوم الوعظ الديني -يعلن هذا المدير ومن وراءه خوفهم من ماذا؟

    خائفين عن الإسلام، لتنتشر مبادئ وأفكار خارجة عن مفهوم الوعظ الديني، الله أكبر على الغيرة- يقول: خارجة عن مفهوم الوعظ الديني، حتى لا تصرف التبرعات التي تجمع في غير الأعمال الخيرية، للإطلاع وإفهام المدرسات بعدم عقد أي اجتماعات دينية نسائية غير مرخص لها لاعتماد مضمونه بكل دقة وحرص!

    صورة لكذا صورة للتوجيه التربوي لملاحظة ذلك، لما يستجد وهل سبق وأن عقد اجتماعات مثل ذلك للإفادة، صورة للوحدة الصحية، صورة للكلية المطورة، صورة لمندوب كذا صورة للإفادة بما يستجد، صورة لكل مدرسة ابتدائية، متوسطة، ثانوية، معهد معلمات، ومعهد تدريب، لمكتب فرع التوحيد بكذا، لمديرة مدرسة كذا الخاصة، صورة لكل روضة حتى رياض الأطفال، صورة للمتابعة، صورة للصادر العام.

    في أي بلدٍ نحن نحارب الدعوة بهذه الطريقة، مجموعة نساء خمس أو عشر أو عشرين اجتمعن في بيت واحدة منهن يقرأن القرآن، هذا الأمر بموجب هذا التعميم الذي قرأته عليكم هل هذا مسموح أو ممنوع؟

    ممنوع ولا يجوز! وفي هذه الحالة يعتبر هؤلاء عرضة للمساءلة، وحتى الجهات الرسمية كتعليم البنات وغيرها تعمم على موظفيها ألاَّ يقوموا بمثل هذا العمل، بل وتسأل هل سبق وأن أقيم مثل هذا العمل؟

    من أجل إقامة وإعداد التقارير لذلك ومحاسبة ومراقبة ومساءلة من يفعله.

    إننا نعلم أن النصارى يقيمون أعياداً واحتفالات، وعندنا في ذلك وثائق، ويقيمونها بكل بجاحة ويقال: هذه مساكنهم الخاصة وهذه بيوتهم، ولا يمكن منعهم منها، بل يقيمون عباداتهم، وفي بعض الإسكانيات الرسمية، ويقال: هذه أمور خاصة لم يعلنوا بها بعد، أفلا يحق للمسلمين والمسلمات أن يجتمعوا على ذكر الله، وعلى القرآن وعلى السنة النبوية، وعلى طلب العلم النافع، ما هي الأفكار والمبادئ التي يمكن أن تنتشر؟

    هل عهدنا وأسألكم بالله هل عهدتم حرباً لـالصوفية بهذه الصورة؟

    هل عهدتم حرباً للبدعة بهذه الصورة؟

    هل عهدتم حرباً للفساد بهذه الصورة؟

    إني أحلف بالله وأنا على اطلاع بأمور كثيرة أنني لا أذكر نموذجاً آخر لحرب أي شيء بمثل هذه الدقة والتحري والتعميم والملاحقة والمتابعة والتدقيق والحرص الشديد.

    أفنريد أن نكون محاربين لله عز وجل ورسوله ولدين الله عز وجل؟!!!

    إني أدعو الجميع إلى أن يتوبوا إلى الله عز وجل وأن يكفروا عما فعلوا، وأن يعلموا أنه والله الذي لا إله إلا هو لا عزة لهم إلا بالإسلام، ووالله الذي لا إله إلا هو إن كل من يحارب الله ويحارب دينه ويحارب الدعوة، فهو مغلوب، والله إنه مغلوب، والله إنه مغلوب، لا ينصر من حارب الله عز وجل ليبشروا إن أصروا على هذا الأمر بالخيبة والخسارة والبوار، وأن يجعل الله تعالى بأسهم بينهم، وأن يسلط عليهم عدوهم، أو يسلط عليهم صديقهم.

    إن العبد لا يأمن أن ينـزل عليه عقاب الله وعذابه صباحاً أو مساءً بكرة أو عشية، إذا حاربنا الله عز وجل في الوقت الذي نرى الإعلام فيه بحال يحتاج الكلام عنها إلى تفصيل، ونرى الانحلال والفساد، ونرى التساهل حتى مع الأعداء الحقيقيين، ثم نجد هذه الحرب الضروس لبعض الفتيات المخلصات، فتلاحق وتؤذى، وتعرف أن البنت لها كرامة، فإذا استدعيت أو سجنت يوماً أو حقق معها الرجال، فإن كثيراً من الآباء يقولون: ما لنا في الدعوة، ومالنا في حِلَق تحفيظ القرآن، ومالنا في الدروس، ومالنا في العلم، إجلسي في بيتك ولا نريد شيئاً من ذلك فالله المستعان..

    1.   

    الحوار الإسلامي المسيحي

    أما القضية الثانية: فأظن أن الوقت ضاق عنها لكني أشير إليها باختصار: وهي قضية ما يسمى بالحوار الإسلامي المسيحي، وهي أيضاً قضية خطيرة نشرت في صحفنا المحلية، نشرتها جريدة الندوة يوم الإثنين الثالث عشر من شوال، ونشرتها قبل ذلك في اليوم العاشر، وتحدثت عن الخبر في اللقاء المشترك بين بعض ما يسمونهم برجال الدين المسلمين ورجال الدين النصارى في اللقاء المسيحي الثامن، وكان من ضمن الشخصيات التي حضرت كما يقول علي جاد الحق شيخ الأزهر، وعصمت عبد المجيد، وبعض الدكاترة، وقال الدكتور موك وزير خارجية النمسا إن الحوار يعقد تحت شعار السلام للبشرية، ويهدف إلى تقريب وجهات النظر بين المسلمين والمسيحيين، والبحث عن الجذور المشتركة، وتجاوز الخلافات الشكلية، وعن الخلافات بين المسلمين والنصارى، وهذا نصراني لكن المشكلة في المسلمين الذين شاركوا، فهو يقول: إن الخلافات شكلية بين الإسلام والنصرانية ولكنها ترسخت بمرور الوقت نتيجة النتائج التاريخية السلبية التي شهدت العلاقة بين العالمين، وقال: إن الحوار يجئ في وقت مناسب لتصحيح الصورة التي تحاول وسائل الإعلام العالمية أن ترسمها من خلال الأحداث الدائرة في البوسنة والهرسك، وأشار أن الإسلام والمسيحية أعطيا درساً كبيراً في التعايش عبر التاريخ. هذا كلام وزير فرنسي نصراني لا يعنينا، لكن المؤسف أن يصدر لقاء مشترك من المسلمين والنصارى، يقول: الإيمان بالله الخالق الرحيم، والتعاون في مواجهة تحديات الإلحاد، وإدانة الممارسات القمعية والتصفيات العرقية في البوسنة والهرسك.

    إن ذلك التعاون في مواجهة تحديات الإلحاد، والإيمان بالله الخالق الرحيم يوهم بأن الله الذي يؤمن به المسلمون هو إله النصارى، والواقع أن النصارى يؤمنون بالثالوث: الأب، والابن، وروح القدس، كما حكى الله عنهم، قالوا: إن الله ثالث ثلاثة [المائدة:73] وقالوا: إن الله هو المسيح بن مريم [المائدة:72] أما المسلمون فليسوا يؤمنون بإله مجرد لا يعرفونه لا، هم يؤمنون بالله، ويعرفون الله تعالى بأسمائه وصفاته رباً إلهاً معبوداً حكيماً عليماً له الأسماء الحسنى والصفات العليا، ولا يمكن أن يكون الله الذي يؤمن به المسلمون ويعبدونه هو الثالوث الذي يؤمن به النصارى، وهذا تلبيس وتدليس وتضليل للشعوب الإسلامية.

    وكل من شارك في هذه المؤامرة سوءٌ من رابطة العالم الإسلامي، أو من الجامع الأزهر، أو من المفتين في مصر أو في غيرها أو من غير ذلك، فإنهم يكونون مشاركين في هذا.

    نص الحوار

    يقول الخبر ولا بأس بذكره لأنه خبر صحفي، فنحن لا نذيع سراً وقد نشر في جريدة الندوة، يقول: وقد مثل الجانب الإسلامي في هذا الحوار كل من: معالي الدكتور/ محمد معروف الدواليبي من المملكة العربية السعودية.

    ومعالي الأستاذ/ كامل الشريف من المملكة الأردنية الهاشمية ومعالي الشيخ عبد الله من موريتانيا.

    وسعادة الدكتور/ حامد الرفاعي من المملكة العربية السعودية.

    وسعادة الدكتور/ عبد الستار أبو طالب مدير مكتب الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي السعودية.

    وسعادة الدكتور/ حسن الأهدل مدير إدارة المطبوعات في الرابطة.

    سعادة الدكتور/ بهيج ملاحويج من أسبانيا.

    ونشر أيضاً في الصحيفة السعودية ولم أسمع أحد استنكره، يقول:

    وانطلاقاً من الاعتقاد المشترك بإلهٍ واحد، ورغبة منا في تحسين العلاقات بين الناس، ونود التأكيد على قناعتنا بأن الإيمان يفرض علينا تحسين العلاقات بين بني البشر، كما ندرك تماماً أن التغيرات الهامة التي تمر بها الإنسانية في السنوات الأخيرة، ونشهد للمرة الأولى في التاريخ تجربة الوحدة العالمية للشعوب، وكذلك تجربة مصيرها المشترك، وفي هذه الأيام فإننا مسلمون ومسيحيون نتلاقى في كافة دروب العالم، ومن خلال مسيرتنا المشتركة نحو أهدافنا نشعر بالحاجة للحوار على الرغم من بروز النـزاعات المتعددة في لقاءاتنا الكثيرة على مدى التاريخ، غير أنه بفضل العزيز الجبار احتل الحوار موضع المجابهة، ومع إحرازنا لتقدم واضح خلال العقود الأخيرة إلا أن الطريق ما زال طويلاً، ونحن مصممون على المضي فيه، إذ أننا مقتنعين أن الحوار أحد الأساسيات في الجنس البشري، وفي هذا الصدد فإن جلساتنا لم تعتمد على النظريات فحسب، بل قصدنا -أيضاً- بحث الاعتبارات العلمية لكل موضوع مطروح، فخلصنا إلى النتائج التالية:

    أولاً: في هذا العالم الذي يشهد تزايداً في غير المؤمنين نعلن نحن المسلمين والمسيحيين إيماننا بالإله الخالق الرحيم، وبالمقدرات الغيبية للإنسان.

    -لا يشهد العالم تزايداً في عدد غير المسلمين، بل إن الشيوعية سقطت، والملحدون الآن قلوا وضعفوا ويجب على المسلمين بعد ذلك أن ينتقلوا من حرب الشيوعية والإلحاد إلى حرب النصرانية التي تعلن حربهم في كل مكان، هذا تعليق من عندي-.

    ثانياً: نقبل التحدي الموجه إلينا من قبل الملحدين من كثير من المعاصرين، ونعلن بأننا سنعمل متعاونين في مواجهة هذا التحدي وفق منطلقاتنا الإيمانية، وبكل السبل التي تناسب روح العصر.

    ثالثاً: نحن بحاجة إلى معرفة مشتركة أكثر صحة ونبلاً تبعدنا عن عدم الثقة المتبادلة فيما بيننا وتحملنا نحو الاحترام المتبادل، بحيث يصل بنا هذا الاحترام إلى تعاون طموح في كافة الميادين الممكنة.

    رابعاً: نشعر بالألم لقيام بعض الصراعات المسلحة في بعض عالمنا.

    خامساً: نطالب أن يتم للخوض والاعتراف بحق الحرية الدينية، وحرية التعبير وحرية التعليم وحرية الضمير، ونطالب أيضاً بحريات أقليات في البلاد التي تدين فيها الأغلبية بديانة أخرى.

    سادساً: نشعر بواجبنا ومسئوليتنا للقيام بأعمال مشتركة لتفادي النـزاعات الدينية والسياسية عن طريق الخطوات المشتركة من قبل المسلمين والمسيحيين.

    سابعاً: لقناعتنا بالحاجة إلى الحوار بين الأديان، نعلن رغبتنا بزيادة فرص اللقاء على مستوى المؤسسات أو على مستوى الأفراد، ولهذا نطلب من المؤسسات التي قامت على تنظيم هذا اللقاء أن تدرس إمكانية تكثيف اللقاءات والتوصل إلى الالتزام بعقدها بصورة دورية.

    ثامناً: والمشاركون في اللقاء الإسلامي والمسيحي يحمدون الله العزيز الجبار لقيام هذا اللقاء، ونريد أن نؤكد إيماننا أمام العالم الغير إيماني، كما نعلن التزامنا مع كافة الأفراد في حل المشكلة.

    تاسعاً: اتفق الطرفان لعقد لقاءات دورية على هذا الحوار.

    عاشراً: اتفقنا على ضرورة تشكيل سكرتارية مشتركة.

    حادي عشر: اتفقنا على تأصيل قيم ومنطلقات في الحوار الإسلامي المسيحي عند الأجيال.

    ثاني عشر: بذل الجهد من قبل كل طرف وبالوسائل المناسبة؛ لتخفيف حدة التوتر في مناطق التماس المشتركة بين المسلمين والنصارى -بين المسلمين والمسيحيين-كما يعبرون.

    ثالث عشر: إدانة انتهاك حقوق الإنسان.

    رابع عشر: الإهابة بالمنظمات الدولية والمؤسسات الثقافية.

    أي: من أجل أن تولي قضايا حقوق الإنسان ما تستحقه.

    تعليق على الحوار

    إن مثل ذلك هو نوع من جعل المسلم البسيط يشعر أن النصارى منه قاب قوسين أو أدني، ونحن نعرف اليوم أن النصارى أصبحوا يعلنون ما يسمونه بالإسلام العيسوي، ويقيمون كنائسهم على نمط المساجد، ويضعون فيها المنائر أحياناً، ويطبعون الإنجيل بطريقة القرآن على شكل صور القرآن، بل ويقرءونه بطريقة قرآنية، ويقدمون المنصرين على أنهم علماء وشيوخ، ويسمون الواحد منهم الشيخ عبد الله أو الشيخ محمد، ويخاطبون المسلمين فيضلونهم، وقد انخدع بهم الكثير من المسلمين فضلاً عمن دخلوا في النصرانية عن قناعة أنهم خرجوا من الإسلام ودخلوا إلى النصرانية.

    هناك في الصومال أو في الأكراد، وفي جميع بلدان الدنيا من خرجوا من الإسلام ودخلوا في النصرانية دون أن يشعروا، وهذه اللقاءات تمثل حجراً في هذا السبيل؛ لأنها توهم المسلم المغفل بأنه ليس بين النصرانية والإسلام فرق، وكلها أديان سماوية معترف بها، مع أن المسلم الحق يعلم بأن النصرانية دين محرف منسوخ، وأن النصراني كافر، ولو مات على نصرانيته فهو من أهل النار قطعاً، ولا يحق له دخول الجنة، ولا يرحمه الله عز وجل لأنه مشرك، والله سبحانه وتعالى يقول: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ [المائدة:72] ويقول الله عز وجل: وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ [آل عمران:85] وهكذا قال عيسى عليه السلام للنصارى: اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ [المائدة:72] وهم يقولون: إله واحد ثلاثة أقانيم: الأب، والابن، وروح القدس يؤمنون بهذا كله، ويؤمنون بالشرك، ويجعلون مع الله إلهاً آخر، كما قال الله عز وجل اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31].

    ومع ذلك ينخدع بعض المسلمين، أو بعض الذين يمثلوا أهواء السياسة ومصالحها، فيلتقوا معهم في حوار، ويصدرون بياناً مشتركاً يحمل مثل هذه العبارات الفضفاضة!

    يجب أن يقيم المسلمون مؤتمراً عالمياً دورياً يرفضون فيه ذلك، ويستنكرون فيه إلزام النصارى على دينهم، ويدعونهم إلى الإسلام، ويقولون لهم: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64] ويجب أن يقيم المسلمون مؤتمراً عالمياً يتنادون فيه ليشجبوا أعمال النصارى الذين يقتلون المسلمين ويتنادون لذلك في البوسنة والهرسك، وفي الصومال، وفي طاجكستان، وفي الفلبين، وأستطيع أن أقول وبكل وضوح: لا يوجد بلد يقتل فيها المسلمون إلا والنصارى طرف مباشر أو غير مباشر في ذلك.

    نعم! إن العالم الغربي النصراني يتحالف ضد المسلمين، فهو يضغط على الحكومات من أجل التضييق على المسلمين، ومن أجل اتخاذ قرارات لصالحهم، ويضغط على الحكومات من أجل التمكين للنصارى، بل ويستخدم كل إمكانياته في تشويه صورة الإسلام، وما أحداث نيويورك عنا ببعيد؛ حيث استغلها الإعلام الغربي لتشويه صورة الإسلام الحقيقية.

    ومع ذلك فإنني أقول لكم: إن في النية -إن شاء الله- وفي أقرب فرصة، هناك حديثاً بعنوان (حديث إلى الغرب) وسوف نخاطب فيه هؤلاء الغرب البغاة الجناة بلفظٍ صريح، ونطرح لديهم مجموعة كبيرة من الأسئلة الموجودة في ذهن كل مسلم، ونقول لهم كلمة الحق التي أمر الله عز وجل بها، فإنه لا تجوز المداهنة في دين الله تعالى نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين في كل مكان.

    اللهم انصر دينك وكتابك، يا حي يا قيوم، اللهم انصر سنة نبيك، اللهم انصر عبادك الصالحين، اللهم انصرنا في الفلبين، وانصرنا في الجزائر، وانصرنا في فلسطين، وانصرنا في مصر، وانصرنا في طاجكستان، وانصرنا في البوسنة والهرسك، وانصرنا في كل مكان، اللهم انصرنا فوق كل أرض وتحت كل سماء، اللهم إن المسلمين قد عجزوا فقوهم يا حي يا قيوم، اللهم كن لهم ولا تكن عليهم، اللهم انصرهم على من بغى عليهم، اللهم عجل لهم بالفرج يا حي يا قيوم، اللهم لا أمل إلا فيك ولا نصر إلا من عندك، فانصرهم يا ناصر المستضعفين، اللهم عجل لهم بالنصر، اللهم ارحم ضعفاءهم، اللهم ارحم أطفالهم، اللهم ارحم نساءهم، اللهم ارحم شيوخهم، اللهم ارحم قتلاهم، اللهم ارحم جرحاهم، اللهم ارحم قلوبنا التي أمضها التعب والألم يا حي يا قيوم، اللهم ارحمنا، اللهم عاملنا بعفوك يا حي يا قيوم، اللهم عجل بالنصر للمسلمين، اللهم أثلج صدورنا وأقر عيوننا بنصر لدينك يا رب العالمين.

    اللهم إنك تعلم أننا ندعوك ونحن نعلم أن المسلمين قد عجزوا عن دعم إخوانهم إلا بأقل القليل، اللهم إننا ندعوك وأنت تعلم أن كل ما نريد ونفرح به هو نصر لدينك وإعلاء لشريعتك، وإحياءً لسنة نبيك، ورفع لمكانة عبادك المؤمنين، اللهم إنا ندعوك وأنت تعلم أنا لا نريد من ذلك رفعة أشخاص بأعينهم، ولا رايات في عينها ولا جهات بذاتها، وكل همنا نصر دينك وإعلاء شريعتك والدعوة إلى سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم إن كنت تعلم ذلك فإنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العليا، وأنت الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.

    وأنت الذي هو على كل شيء قدير، وأنت الذي بكل شيء عليم، وأنت الذي له الأسماء الحسنى وله الصفات العليا، إنا نسألك بأسمائك وصفاتك أن تسلط البأس والذل على أعدائك في كل مكان، اللهم بيتهم في هذه الليلة يا حي يا قيوم، ومزقهم شر ممزق، اللهم مزقهم كل ممزق، اللهم أنـزل عليهم بأسك، اللهم أنـزل عليهم رجسك وعذابك يا إله الحق يا أرحم الراحمين، اللهم أفرح صدورنا بذلهم يا رب العالمين، اللهم أنـزل عليهم الآفات والأمراض والعقوبات يا رب العالمين، اللهم سلط بعضهم على بعض، اللهم شتت شملهم، اللهم خالف بين قلوبهم، اللهم فرق ذات بينهم.

    اللهم سلط بعضهم على بعض، اللهم وجه سلاح بعضهم على بعض، اللهم انج المسلمين منهم يا رب العالمين، اللهم انج المسلمين المستضعفين، اللهم لا تكلهم إلى أحد من خلقك، اللهم لا تكلهم لأحد من خلقك، اللهم إن أبواب الناس قد أغلقت وبابك مفتوح فيا واحد يا أحد يا كريم يا جواد يا واسع العطاء يا حي يا قيوم استجب لنا في إخواننا المسلمين، اللهم انصرهم في كل مكان يا رب العالمين، اللهم لا تكلهم لأحد من خلقك اللهم لا تكلهم إلى الناس ولا إلى أحد منهم يا حي يا قيوم، اللهم عجل لهم بالنصر، اللهم وحد صفوف المجاهدين المسلمين، اللهم أصلح ذات بينهم، اللهم أصلح قلوبهم، اللهم اجعلهم مخلصين لك، اللهم اجعلهم عاملين بكتابك، اللهم اجعلهم داعين إلى شريعتك، اللهم انصرهم وانصر بهم يا حي يا قيوم.

    اللهم اجمع كلمة المسلمين على الحق، اللهم اجمع كلمتهم ووحد صفهم، اللهم أغث الملهوفين والمستضعفين، وأخرج المسجونين، وفك أسر المأسورين، وأغني الفقراء، وأطعم الجياع، وأروِ العطاش، وقوي الضعفاء، وعَلِمِّ الجهال إنك على كل شيء قدير، اللهم يا رب يا الله دعوناك، فهذا هو الدعاء ومنك الإجابة، فإنا نسألك ونتوسل إليك بكل وسيلة مشروعة، نتوسل إليك بأسمائك الحسنى وبصفاتك العليا، ونتوسل إليك بأفعالك العظيمة التي سلفت منك، يا ذا الفضل العظيم، يا حي يا قيوم، يا واسع العطاء، ونتوسل إليك بأنا مسلمون نشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك، اللهم إنا نتوسل بذلك كله أن لا ترد دعاءنا، ولا تغلق دونه أبواب السماء في هذه الساعة المباركة يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

    اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والحمد لله رب العالمين.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    767450284