إسلام ويب

حب الشهوةللشيخ : أحمد فريد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • شهوات الدنيا كثيرة، ومنها المال، وقد انقسم الناس في التعامل معه إلى فريقين؛ فريق جعل كل همه جمع المال من حله ومن غير حله، فهو يخبط فيه خبط عشواء، فهذا بأخبث المنازل، وفريق يأخذ بالأسباب الشرعية ويجمعه من حله، ويقوم فيه بما يرضي ربه عز وجل، فهذا بأحسن المنازل، وإن مما ذكره الله تعالى في كتابه بشأن النظرة الإنسانية الممقوتة إلى المال قصة قارون ففيها العظة والعبرة.

    1.   

    الأثر السلبي المترتب على حب المال

    الحمد لله الذي رضي من عباده باليسير من العمل، وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل، وأفاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة، وضمن الكتاب الذي كتبه أن رحمته سبقت غضبه، دعا عباده إلى دار السلام، فعمهم بالدعوة حجة منه عليهم وعدلاً، وخص بالهداية والتوفيق من شاء نعمة ومنة وفضلاً، فهذا عدله وحكمته وهو العزيز الحكيم، وذلك فضله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة عبده وابن عبده وابن أمته، ومن لا غنى به طرفة عين عن فضله ورحمته، ولا مطمع له في الفوز بالجنة والنجاة من النار إلا بعفوه ومغفرته.

    وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أرسله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، ومحجة للسالكين, وحجة على العباد أجمعين.

    وقد ترك أمته على الواضحة الغراء، والمحجة البيضاء، وسلك أصحابه وأتباعه على أثره إلى جنات النعيم، وعدل الراغبون عن هديه إلى صراط الجحيم، ليهلك من هلك عن بينة، ويحيا من حي عن بينه، وإن الله لسميع عليم.

    فصلى الله وملائكته وجميع عباده المؤمنين عليه، كما وحد الله عز وجل وعرفنا به ودعا إليه وسلم تسليماً.

    أما بعد عباد الله:

    فإن أصدق الحديث كتاب الله عز وجل، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، وما قل وكفى خير مما كثر وألهى، إن ما توعدون لآت، وما أنتم بمعجزين.

    قوله عز وجل: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ * وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ * قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ * تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:76-83].

    هذه القصة -عباد الله- هي قصة المال الذي يطغي صاحبه، والذي لا يعترف صاحبه بأن الله عز وجل أنعم عليه بهذه النعمة، فلا يؤدي زكاة ماله، ولا يشكر ربه عز وجل، ولا يستعمل النعمة في طاعة الله عز وجل، بل يتكبر على عباد الله، ويبغي على عباد الله عز وجل، ويحسن الظن بنفسه، يظن أنه بمهارته وبذكائه وبسعيه حصَّل هذا المال، فيقول: أنا رجل عصامي ما ورثت هذا المال: بل اكتسبته بجهدي ومهارتي.

    لا يعترف بأنه نعمة من عند الله عز وجل، فيقول: إنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78].

    فكلما ازداد ماله يزداد كبراً ويزداد بغياً ويزداد عجباً بنفسه، ثم هي قصة الدنيا التي تزهو وتعجب الناظرين، فيتمنى الناس ما عنده من زينة الدنيا، ثم عاقبة هذه الزينة الزائفة إلى الفناء وإلى الزوال: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ [القصص:81]. ولكن أهل العلم -عباد الله- لا يغترون بزينة الدنيا، ويعلمون أن الآخرة هي الحيوان، وأن الدنيا عرض زائل.

    فقصة قارون -عباد الله- التي قصها الله عز وجل علينا في كتابه، في خاتمة سورة القصص: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى [القصص:76]، قيل: كان ابن عم موسى، وقيل: كان عمه لأبيه وأمه، وهناك قول بأنه كان من قومه الذين أرسل بالدعوة إليهم، أي: كان من قبط مصر، فآتاه الله عز وجل: مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ [القصص:76].

    أي: أن مفاتيح الكنوز يثقل على الجماعة الكثيرة، ذات القوة القوية أن يحملوا مفاتيح الكنوز، وقيل: خزائنه تنوء بالعصبة أولي القوة: إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [القصص:76].

    قيل: الذي نصحه هو موسى، وقيل: الذي نصحه مؤمنون من أتباع موسى: إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لا تَفْرَحْ [القصص:76].

    نصحوه بخمس نصائح: لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ [القصص:76].

    وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص:77].

    فنصحوه بهذه النصائح الخمس، قالوا: لا تفرح، أي: فرح بطر وأشر، فرح إعجاب بالنعمة وغرور بها، ولكن من فرح بها لأنها نعمة من عند الله عز وجل، واستوجب منه هذا الفرح شكر نعمة الله عز وجل عليه، فهذا الفرح محمود، قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58]، ولكن الفرح الذي ذمه المؤمنون على قارون هو فرح البطر، والفرح الذي يطغي صاحبه، ويغتر صاحبه بنعمة الله عز وجل عليه، ويظن أن له منزلة عند الله عز وجل، أو أنه يستحق التكريم والتشريف، كما أخبر الله عز وجل عن بعضهم: وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [سبأ:35].

    والذي قاله صاحب الجنتين: وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا [الكهف:36]، مع أنه كفر بالله عز وجل عندما قال: وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً [الكهف:36].

    فهو يكفر بالآخرة، ومع ذلك يظن أنه لو كان هناك آخرة لكان له جنة أفضل من جنة الدنيا؛ لأنه اعتاد في الدنيا أن يكون مميزاً، وأن يكون مكرماً، وأن يكون أكثر من الناس، فهو يظن أن الآخرة كذلك، وأن من كان أكثر مالاً وأولاداً وجاهاً وسلطاناً في الدنيا فهو كذلك في الآخرة، وما درى أن الآخرة خافضة رافعة، ترفع أهل الإيمان، وتخفض أهل الكفر والنفاق والعصيان، يرتفع في الآخرة أهل التقوى عباد الله: وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [البقرة:212].

    ويقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالاً وعلماً، فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقاً، فهذا بأحسن المنازل عند الله.

    ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو أتاني الله مالاً لعملت فيه بعمل فلان، فهو بنيته، وهما في الأجر سواء.

    ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً، فهو يخبط في ماله بغير علم، لا يتقي فيه ربه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقاً، فهذا بأسوأ المنازل عند الله.

    ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علماً، فهو يقول: لو أن لي مالاً لعملت فيه بعمل فلان وهو بنيته، وهما في الوزر سواء).

    وهؤلاء أكثر الناس عباد الله، ليس عندهم زينة من الدنيا، ولا أعراض من أعراضها، ومع ذلك يتمنون لو أن عندهم مالاً يعصون به الكبير المتعال، ويبغون ويفسدون به في الأرض.

    إنما ينفع المال -عباد الله- إذا كان معه علم، فهذا بأحسن المنازل عند الله عز وجل: (رجل آتاه الله مالاً وعلماً فهو يتقي فيه ربه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقاً).

    كذلك يلحق هذا بالنية من عنده علم وليس عنده مال، فعاد الشرف بجملته على العلم وأهله عباد الله، والله عز وجل يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولكنه لا يعطي الدين إلا لمن أحبه.

    قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).

    ومفهوم الحديث، من لم يرد الله به خيراً لا يفقهه في الدين، وإن كان رئيساً وإن كان وزيراً وإن كان أميراً.

    فالمرء مهما أعطي من زينة الدنيا، ولم يفقهه الله في الدين، فإنه ممن لم يرد الله به خيراً.

    وقال عز وجل: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فَضَّةٍ وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ [الزخرف:33-35].

    أي: لولا أن تكون الفتنة شديدة على أهل الإيمان لجعل الله عز وجل لمن يكفر به سقف بيوتهم من فضة، وجعل لهم أبراجاً وسلالم عليها يرتفعون، وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَابًا وَسُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفًا [الزخرف:34-35].

    (فلو كانت الدنيا تعدل عند الله عز وجل جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء).

    والذين يعرفون ذلك هم أهل العلم النافع عباد الله، أما أهل الدنيا الذين انطمست بصيرتهم، والذين أعماهم حب المال وحب الرفعة في الدنيا عن هذا الفهم الذي لا يلقاه إلا الصابرون، فهؤلاء لا ينظرون أمامهم وإنما ينظرون تحت أقدامهم، ولا يعرفون أن الآخرة هي الحياة الحقيقة.

    والدنيا عرض زائل وظل حائل، عما قليل سوف تذهب عباد الله.

    1.   

    الحث على إنفاق المال في وجوه الخير

    قال تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77].

    فكل عبد أنعم الله عز وجل عليه بنعمة، فإن من شكر هذه النعمة أن يستعملها في طاعة الله عز وجل، ولا يستعملها في معصية الله عز وجل، كما قال موسى عندما قتل القبطي: قَالَ رَبِّ بِمَا أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَلَنْ أَكُونَ ظَهِيرًا لِلْمُجْرِمِينَ [القصص:17].

    أي: بما أنعمت علي من قوة البدن، ومن السلطان ومن الوجاهة فلن أكون ظهيراً للمجرمين، فمن أعطاه الله عز وجل علماً فعليه أن يسعى في تعليم هذا العلم، ومن أعطاه الله عز وجل مالاً فلينفق من هذا المال في طاعة الكبير المتعال، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجلاً آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها).

    فمن أعطاه الله عز وجل جاهاً ومنزلة في قلوب الناس، فزكاة ذلك الشفاعات الحسنة: مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا [النساء:85].

    فعلى العبد أن يشكر نعمة الله عز وجل عليه، مهما كانت هذه النعمة، وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77].

    قال بعضهم: لا تنس نصيبك من طاعة الله عز وجل، وهذا غاية الوعظ والنصح عباد الله؛ لأن هذا هو النصيب الحقيقي من الدنيا، وقال بعضهم: هو من باب الترفق به: وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77].

    أي: أنك لا تترك زينة الدنيا بالكلية: قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ [الأعراف:32].

    أي: الرزق الحلال والتمتع بالطيبات والمباحات، يشارك المؤمنون الكافرين في الدنيا، ولكنه وقف في الآخرة على المتقين، وعلى أهل الدين والإيمان.

    وقيل: وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77].

    أي: لا تنس أنك لا تنال من الدنيا إلا الزاد والكفن.

    فانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الزاد والكفن

    أي: أن هذا نصيب العبد من الدنيا، قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: ما منا من أحد إلا ماله أحب إليه من مال وارثه، قال: فإن ماله ما قدم، ومال وارثه ما أخر).

    فالعبد قد يجمع الدنيا ويكنزها ولا يخرج حق الله عز وجل منها، ثم يترك هذا المال بأجمعه لورثته، فورثته إما أن يكونوا من الصالحين، فينفقون هذا المال في طاعة رب العالمين، فيجد المال الذي اكتسبه والذي بخل بزكاته وبإنفاقه حتى على نفسه، يجده في ميزان غيره يوم القيامة، أو يستعين به الورثة على معصية الله عز وجل، فيكون قد جمع لهم المال، وتركه لهم يعصون به الكبير المتعال، فهو على كلا الحالتين نادم عباد الله، ولكن من أنفق ماله في طاعة الله عز وجل، فإنه يجد هذا المال موفوراً مدخراً يوم القيامة.

    كان بعض السلف إذا أتاه سائل، يقول: مرحباً بمن جاء يحمل حسناتي إلى يوم القيامة.

    وقال بعضهم: نعم السائلون، ينقلون حسناتنا إلى الآخرة بغير أجرة، أي: يبدلون هذه العملة إلى حسنات يوم القيامة، ولا يأخذون أجراً على ذلك.

    1.   

    نصيحة المؤمنين لقارون بإنفاق المال في مرضاة الله وعدم الفساد في الأرض

    قال تعالى: وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص:77].

    لما نصح المؤمنون قارون بأن يبتغي فيما آتاه الله الدار الآخرة، وأن يحسن في ماله، نصحوه بعموم الإحسان في كل شيء، الإحسان في عبادته لله عز وجل، والإحسان إلى والديه، والإحسان إلى جيرانه، والإحسان إلى جميع الخلق: وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ [القصص:77].

    ثم نهوه عن البغي والفساد في الأرض: وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ [القصص:77].

    فكانت نصيحة جامعة مانعة عباد الله، فما كان رد قارون الذي أعماه ماله، قال: قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78].

    أي: أنه نسب النعمة إلى نفسه، أو لعله قال: إن الله عز وجل أعطاني هذه النعمة. لعلمه بشرفي وكرامتي، ولأني أستحق هذه النعمة؛ ولذلك قال الله عز وجل: أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا [القصص:78].

    أي: أن الله عز وجل أهلك من هو أشد قوة منه وأكثر مالاً منه، فلو كان إعطاء المال والنعمة، وإعطاء الجاه والسلطان علامة على رضا الله عز وجل، فكيف أهلك الله عز وجل من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعاً: وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ [القصص:78].

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    رد قارون على من نصحه من المؤمنين وموقف أهل الآخرة وأهل الدنيا منه

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له.

    وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    قال عز وجل مخبراً عن قارون : قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78]: أي بمهارتي وذكائي وبجدي واجتهادي: قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلا يُسْأَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ * فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [القصص:78-79].

    خرج في تجمله وفي زينته وفي موكبه، فأعجب هذا المنظر أهل الدنيا الذين لا يعرفون الله عز وجل، والذين لا يعرفون الدار الآخرة، الذين يغترون بظاهر الدنيا وزينتها، ولا يدرون كيف وصل هذا المال إلى هذا الشخص، فقد يصل إليه بالبغي والعدوان، وقد يكون هذا المال من ظلم الناس وسرقة أموالهم، فكيف يغتر المؤمن بالدنيا عباد الله، (ما الدنيا في الآخرة كما يجعل أحدكم إصبعه في اليم فلينظر بم يرجع)، كم يعيش العبد في الدنيا؟ يقول عز وجل: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ [الروم:55].

    وقال عز وجل: قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [المؤمنون:112-114].

    وقالوا: هي عشية أو ضحاها، فالدنيا ساعة، بل لا تساوي ساعة من ساعات يوم القيامة، فكيف بالآخرة؟! خلود في النعيم المقيم، أو العذاب الأليم.

    فالمؤمنون -عباد الله- لا يغترون بزينة الدنيا، ولا يغترون بزخرفها، وإنما يغتر بذلك من بخس حظه من العلم النافع، والعمل الصالح: قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [القصص:79]. مقاييس مختلة عباد الله، فالعبد المؤمن لا يحسد أهل الدنيا على دنياهم؛ لأن الدنيا تزول عن قليل عباد الله، فمن أراد أن يحسد فعليه أن يحسد أهل العلم النافع، وعليه أن يحسد أهل العمل الصالح، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها).

    وقال بعضهم: إذا رأيت الرجل ينافسك في الدنيا، فنافسه في الدين.

    وقال بعضهم: إذا استطعت ألا يسبقك أحد إلى الله عز وجل فافعل، قال عز وجل: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ [المطففين:26].

    فإذا ذكر الله عز وجل الآخرة، شرع لنا التنافس والتسابق، فيها، قال تعالى: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ [الحديد:21].

    وإذا ذكر الله عز وجل الدنيا والسعي على المعاش قال: فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ [الملك:15].

    فالناس يتسابقون ويتسارعون إلى الدنيا، ولكنهم لا يتسابقون ويتسارعون إلى الآخرة، ولكن أهل العلم النافع -عباد الله- هم الذين يعلمون صفة الدنيا وزوالها، وأنها كقطعة الثلج رخيصة الثمن، سريعة الذوبان، والآخرة جوهرة غالية الثمن ومع ذلك لا تزول، فهم يتسابقون إلى الآخرة، ويتسارعون في نيل درجاتها.

    قال تعالى: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ [القصص:80].

    أي: لا يلقى الآخرة ولا يلقى ثواب الله عز وجل إلا الصابرون، أو لا يعلم هذا العلم ولا يفهم هذا الفهم ولا يلقى ذلك إلا الصابرون الذين صبروا على طاعة الله عز وجل، وصبروا عن معصية الله عز وجل، وصبروا على الأقدار التي تخالف هوى نفوسهم، فهم لا يغترون بالدون، ولا يبيعون الأعلى بالأدنى بيع الخاسر المغبون.

    فالمؤمنون لا ينافسون على زينة الدنيا وزخرفها، ولكنهم ينافسون على النعيم المقيم، ومجاورة رب العالمين، فلا يغترون بالمال ولا بالجاه ولا بالسلطان: وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ * فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص:80-81].

    والفاء للتعقيب عباد الله، إشارة إلى سرعة زوال الدنيا، وأن زينة الدنيا تذهب عن قريب: قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا [النساء:77].

    فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص:81].

    وهذه عاقبة كل جبار وكل متكبر وكل باغ عباد الله: فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ [القصص:81].

    أي: خسفنا بماله وخزائنه وقصره وبه، فصار عبرة للمعتبرين، ومن لم يعتبر بغيره صار عبرة لغيره، والسعيد من اعتبر بغيره، والشقي من اعتبر بنفسه.

    فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ [القصص:81].

    فإذا جاء عذاب الله عز وجل وإذا جاءت نقمة الله عز وجل فلا يستطيع كل من على وجه الأرض أن يرد عذاب الله، أو يحمي الطاغي الباغي من عذاب الله عز وجل ونقمته.

    فخسف الله عز وجل به وبداره الأرض: فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ * وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ [القصص:81-82].

    اعلم عبد الله أنه ينبغي لك أن تعلم وأن تعتبر قبل أن ينزل عذاب الله عز وجل.

    فالفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم، وإذا أدبرت عرفها كل جاهل، فهؤلاء ما عرفوا ذلك إلا بعد وقوع عذاب الله عز وجل بقارون : وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ [القصص:82].

    فقوله: (وَيْكَأَنَّ) إرادة للتعجب والندم، وكأنهم ندموا على مجرد هذا الظن ومجرد هذا التمني، وعلموا أنهم لو أعطوا مالاً لكان يمكن أن يخسف بهم؛ لأنهم تمنوا ما فيه قارون ، مع أنه كان من البغاة، وكان من الكافرين، وكان من المتكبرين، فتمنوا ما هو فيه، فعند ذلك عباد الله قالوا: وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [القصص:82].

    أي: لا يفلحون في الدنيا ولا في الآخرة، والعاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة.

    فهذه عبرة عباد الله، كيف تزول الدنيا سريعاً عن أصحابها الذين يغترون بها، ولا يعملون للآخرة، ولا يبذلون في طاعة الله عز وجل، ولا يستعملون نعم الله عز وجل عليهم في التقرب إلى الله عز وجل: وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ [القصص:82].

    أي: ليس بسط الرزق علامة على رضا الله، وليس تقدير الرزق علامة على سخط الله عز وجل، فليس الأغنياء هم الذين رضي الله عز وجل عنهم، والفقراء هم الذين سخط الله عز وجل عليهم، كما يظن أهل الكبر وأهل الغرور من الدنيا، وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ [القصص:82].

    ثم عقب الله عز وجل هذه القصة بآية تعتبر سنة ربانية، فقال: تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].

    فالمتقون عباد الله وأهل الإيمان لا يريدون الدنيا، ولكنهم يريدون الآخرة، وهم يعلمون أن ما قدر لهم من زرق في الدنيا فلا بد أن يأتيهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الرزق ليطلب ابن آدم كما يطلبه أجله).

    وفي بعض الآثار كذلك: (لو أن ابن آدم هرب من رزقه كما يهرب من الموت، لأدركه رزقه كما يدركه الموت).

    فالمؤمن يعلم أن ما قدر له في الدنيا لا بد أن يأتيه، ولكنه يطلب الآخرة، فهمته أعلى من الدنيا، لا يرغب في الحطام، ولكنه يرغب في النعيم المقيم، ومجاورة رب العالمين، كذلك هو لا يرضى بالدون، ولا يبيع الأعلى بالأدنى بيع الخاسر المغبون تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [القصص:83].

    اللهم اهدنا فيمن هديت، وتولنا فيمن توليت، وبارك اللهم لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت.

    اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بعز فاجعل عز الإسلام على يديه، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بكيد فكده يا رب العالمين، ورد كيده في نحره، واجعل تدبيره في تدميره، واجعل الدائرة تدور عليه.

    وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756906826