إسلام ويب

رحلتي إلى أمريكاللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • حري بمن أنعم الله عليه فهداه للإسلام، وجعله من أمة خير الأنام صلى الله عليه وسلم أن يحمد الله على هذه النعمة، وأن يشكره على هذه المنة. وإن من الأسباب التي تدفع المرء لحمد الله على الهداية أن يطوف في أرض الله؛ ليطلع على حال من حرمه الله من نعمة الإسلام، فظل يتخبط في ظلمات الكفر والشرك، وينبغي على كل مسلم ساقته قدماه إلى بلد من بلدان الكفر أن يكون داعية إلى دين الله بقوله وفعله وسمته لعل الله أن يهدي به رجلاً واحداً.

    1.   

    انطباعات حول رحلة أمريكا

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبياً عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس، وشرح الله هذه الصدور، طبتم جميعاً وطاب ممشاكم وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعني وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! اسمحوا لي أن يكون لقاؤنا اليومَ بعنوان: (رحلتي إلى أمريكا بين الحقائق والآمال والواجبات). فلقد شرفني اللهُ جل وعلا في الأيام القليلة الماضية بالمشاركةَِ في ثلاثة مؤتمرات إسلامية في أمريكا، أستطيع أن أعطي حضراتكم لمحة سريعة عن هذه المؤتمرات، قبل أن أسجل بين يدي حضراتكم بعض انطباعاتي عن هذه الزيارة: أما المؤتمرُ الأول: فقد عُقد في مدينة (إنديانا بوليس) تحت إشراف جمعية القرآنِ والسنة التي يقوم عليها إخوةٌ فضلاء كرام، يقدمون الإسلام غضاً طرياً صافياً خالصاً من القرآن والسنة بفهم سلف الأمة. يقدمون الإسلام بهذه الصورة المشرقة في بيئة قد أحرقها لفح الهاجرة القاتل، وأرهقها وأضناها طول المشي في التيه والظلام، هذا المؤتمر الذي يقوم عليه هؤلاء الإخوة الفضلاء كان الموضوع الذي طرحه في هذا العام: (العملُ الإسلاميُ المعاصر بين عذاب الاختلاف ورحمة الائتلاف). وشارك فيه مجموعةٌ من العلماء والدعاة وحضر المؤتمر عدةُ مئات من المسلمين والمسلمات. أما المؤتمر الثاني: فكان في مدينة (ديترويت) تحت إشراف رابطة الشباب المسلم العربي، هذه الرابطة المباركة التي بدأت بأفراد قلائل، ويقوم عليها إخوة يعتز بهم كل مسلم، هؤلاء الإخوة الذين رأيت منهم مواصلة الليل بالنهار، وبذل الجهود والطاقات لإنجاح هذا المؤتمر الكبير، هؤلاء الإخوة يتطوعون بعملهم هذا لله جل وعلا، هذا المؤتمر الذي كان موضوعه الذي طرحه في هذا العام بعنوان: (الأمة الإسلامية شروق لا غروب) ، وحضر في هذا المؤتمر عدد كبير من أكابر علماء الأمة ودعاتها من مختلف أنحاء العالم الإسلامي، وأصغ لي السمع أيها الحبيب وانتبه! فإن عدد الحضور في هذا المؤتمر في أمريكا بلغ ستة آلاف مسلم ومسلمة، وقد احتلوا أكبر فندق في هذه المدينة، وتحول هذا الفندق بقاعة المؤتمرات إلى تظاهرة إسلامية شماء شامخة تبكي العيونَ فرحاً، وتهز القلوبَ أملاً لدين الله جل وعلا!! وفي أول ليلة من ليالي هذا المؤتمر قام أحد الإخوة بدعوة المسلمين إلى مد يد العون لإخوانهم في البوسنة والهرسك وفي فلسطين وفي كشمير، وكانت العجيبة التي لا أصدقها إلى الآن أن الإخوة جمعوا في هذه الليلة ما يزيد على مائتين وأربعين ألف دولار في نصف ساعة! وفي الليلة التالية جمعوا أكثر من مائة وثمانين ألف دولار! إنه الإسلام! إنه العمل الجاد! ولا يفوتني هنا أن أسجل كلمة حق لله جل وعلا، وهي أنه على الرغم من وجود بعض الملاحظات على هذا المؤتمر إلا أنها تذوب تماماً مع الحسنات الكبيرة الكبيرة، فقد بلغ الإخوة في هذا المؤتمر درجة من التنظيم والتنسيق والترتيب والإبداع يسعد ويعتز بها كل مسلم ومسلمة في أرض الله جل وعلا، لاسيما وقد علمتم أن الحضور قد بلغ في هذا المؤتمر قرابة ستة آلاف مسلم ومسلمة. أما المؤتمر الثالث: فكان في (كندا) في مدينة (توزنتو) تحت إشراف الاتحاد الإسلامي الصومالي، أسمعتم؟! تحت إشراف إخوان لنا من الصوماليين الذين هاجروا من بلادهم هرباً بدينهم من نيران الحروب الأهلية الطاحنة، وذهبوا إلى كندا وتحركوا لدين الله جل وعلا، وتعجبون إذا علمتم أن الطرح الذي طرحه المؤتمر في هذا العام كان بعنوان: (نحو منهج السلف)، أي: نحو منهج أبي بكر وعمر وعثمان وعلي !! على أيدي إخوة صوماليين يتحركون لدين الله جل وعلا في بلد مثل كندا!! وقد شارك في المؤتمر عدد من العلماء والدعاة، وكذا حضره عدة مئات من المسلمين والمسلمات. ثم يسر الله لنا بعض الزيارات لبعض المساجد والمراكز الإسلامية، وكادت سعادتنا وفرحتنا أن تبلغ عنان السماء ونحن نتجول بين أجهزة حديثة وصرح شامخ في ولاية (فرجينيا) في معهد الدراسات الإسلامية والعربية التابع لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، هذا الصرح الشامخ الذي يسعد ويعتز به كل مسلم ومسلمة، أنشئ منذ ثلاث سنوات فقط وافتتح رسمياً منذ عام واحد، وبالرغم من ذلك، لو وقفتم على نشاطات هذا المعهد لعجبتم، ومن أروع ما قدمه هذا المعهد: برنامجاً بالكمبيوتر لتعليم الإسلام باللغة الإنجليزية للمسلمين ولغير المسلمين من الأمريكيين، مع طبع النشرات والدوريات والمجلات وترجمة بعض الكتب، فضلاً عن أنه يدرس للطلاب العرب والأمريكيين ويمنح البكالوريوس مع الماجستير في الدراسات العليا للدراسات الإسلامية. من كان يظن أن هذا العمل للإسلام يكون يوماً ما في أمريكا! أنا لن أتحدث اليوم عن أمريكا، ولا عن الشعب الأمريكي، ولا عن أخلاقه، وإنما أحدثكم اليوم عن الأمل .. عن البسمة .. عن السرور .. عن الفجر الذي بدأ يتدفق ويتحرك كالنسيم في كل بقاع الدنيا، حتى في قلب أمريكا يعمل هذا العمل المنظم لدين الله جل وعلا، وعلمنا ونحن في مؤتمر (ديترويت) أن هناك مؤتمراً آخر يعقد في فرنسا، وما استطعنا أن نلبي الدعوة ونذهب إلى هناك، وحضر المؤتمر في فرنسا ما يزيد على خمسة وثلاثين ألف مسلم ومسلمة! شيء عجيب! ولا أريد أن أطيل عليكم أيها الأحبة! فدعوني أسجل لحضراتكم بعض انطباعاتي عن هذه الرحلة بين الحقائق والآمال والواجبات

    1.   

    نعمة الإيمان والعيش في بلاد الإسلام

    أولاً: الحقائق: إن أكبر حقيقةٍ أذكر بها نفسي وإياكم أن من قدَّر الله له زيارة تلك البلاد عَلم عِلم اليقين أن أعظم نعمةٍ امتن الله بها علينا -ونحن نغفل عنها- هي نعمةُ الإسلام والإيمان، نعمة التوحيد لله العزيز الحميد، أعظم نعمة وأكبر نعمة امتن الله بها علينا من غير اختيار منا ومن غير فضل منا، ولا بقوة عقولنا، فإن القوم هناك قد ناطحوا السحاب بما أبدعته عقولهم، وعرفوا كل شيء في الكون إلا خالقه جل وعلا! فالفضل لله ابتداءً وانتهاء أن من علي وعليك بالتوحيد والإيمان والإسلام. ومما زادني فخراً وتيها وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن أرسلت أحمد لي نبيا من أنا ومن أنت ليشرفنا الله بعبادته وتوحيده جل وعلا؟! إنه محض فضل الله على العباد ابتداء وانتهاء، وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53] وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ * فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً [الحجرات:7-8] يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17]. ذلك الفضل من الله جل وعلا، فيا منْ منَّ الله عليك بلا إله إلا الله وبنعمة الإسلام وبنور الإيمان! لا تغفل عن هذه النعمة، واسجد لربك شاكراً، واحمد الله مع كل نفس من أنفاس حياتك أن خلقك الله موحداً بغير رغبة منك ولا اختيار، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كل مولود يولد على الفطرة)، وفي لفظ مسلم : (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه) ينشأ في بيت يهودي يقول: عزير ابن الله! فينشأ يهودياً كافراً بمولاه. (أو ينصرانه) ينشأ في بيت يقول: عيسى ابن الله، أو المسيح ابن الله! فينشأ كافراً بمولاه. (أو يمجسانه) ينشأ في بيت يعبد النار من دون الله فيخر لها ساجداً من دون مولاه! قال: (يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء -أي: مكتملة- ثم قال أبو هريرة : واقرءوا إن شئتم: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [الروم:30]). وفي صحيح مسلم من حديث عياض بن حمار رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (قال الله تعالى: إني خلقت عبادي حنفاء) أي: على الملة الحنيفية السمحة، وعلى فطرة التوحيد، وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ [الأعراف:172-173] قال: (إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا) فالفضل لله ابتداء وانتهاء. وإذا منَّ الله عليك -بعد نعمة الإسلام والإيمان- ببيئة تعينك على طاعة الله، وعلى ذكر الله، وتحول بينك وبين معصية الله فهي نعمة أكبر ونعمة أعظم، ولا يعرف قدر بيئة الطاعة التي ذكرتها إلا من ذهب إلى تلك البلاد، فإن البيئة هناك تؤزك إلى المعصية أزاً، وتدفعك إلى معصية الله دفعاً، فلا تقع عينك في أي مكان إلا على معصية، في المطار .. في القطار .. في الطائرة .. في المصنع .. في الفندق .. في الشارع .. في المحل .. في التلفاز .. في المجلة .. في الجريدة، لا تقع عينك -بلا ذرة من المبالغة- إلا على معصية. ففي كل لحظة تنظر وفي كل وقت تمشي لا تقع عينك في تلك البيئة إلا على معصية الله جل وعلا، ولا يعصمك إلا الله، لا يوجد أحدٌ يذكرك بالله، إلا إذا التقيت بأخ من إخوانك يتلهف لرؤياك وتتلهف لرؤيته، كل ما في تلك البيئة يؤزك إلى المعصية أزاً، ومن رأى تلك البيئة عرف فضل بيئة الطاعة التي نعيشها. ووالله إن أطهر وأشرف بيئة على ظهر الأرض تعينك على طاعة الله هي بيئة بلاد الحرمين، أقولها لمرضاة الله جل وعلا، هذه البلاد بلاد الحرمين التي هي جزيرة الإسلام، وفيها مهبط الوحي وأرض الرسالات .. فيها بيت الله جل وعلا، ومسجد رسوله المصطفى ونبيه المجتبى، فكلما تجاذبت الإنسان أشواك الطريق هرول مسرعاً إلى بيت الله أو إلى مسجد رسول الله شاداً إليه الرحال؛ ليغتسل هناك، وليرفع إلى الله أكف الضراعة، ليرجع وقد شرح الله صدره، وغفر ذنبه، وفرج كربه، إنها بيئة تدفعك إلى الطاعة دفعاً، وتحول بينك وبين المعصية حولا، إلا لمن بحث عن المعصية طائعاً مختاراً غير مضطر، فهذه ما خلا منها زمان ولا مكان، بل لقد كانت على عهد سيد ولد عدنان صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. كيف لا وقد قال الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى كما في صحيح البخاري ومسلم واللفظ لـمسلم من حديث أبي هريرة : (إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، وهو يأرز بين المسجدين -أي: المسجد الحرام والمسجد النبوي- كما تأرز الحية في جحرها) ومعنى يأرز: أي يتجمع وينضم كما تنضم وتتجمع الحية في جحرها، فالإسلام -بشهادة رسول الله- يأرز وينضم ويتجمع بين المسجد الحرام ومسجد الرسول عليه الصلاة والسلام. بل وفي صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، إلا في التحريش بينهم) أي: يوقع بينهم من الفساد والعداوة والبغضاء، لكن أن يعبده المصلون من دون الله جل وعلا في الجزيرة فلا، فالشيطان ما يئس من أن يعبد في أرض من أرض الله -بشهادة رسول الله- إلا في أرض الجزيرة العربية، وهذه نعمة من الله جل وعلا، وربك يخلق ما يشاء ويختار، وكما أن الله سبحانه قد اختار من الخلق الأنبياء، واختار من الأنبياء الرسل، واختار من الرسل أولي العزم الخمسة، واختار من أولي العزم الخليلين الكريمين إبراهيم ومحمداً، فكذلك اختار الله جل وعلا له أرضاً، فاختار مكة وشرفها على بقاع الأرض كلها، وقد جاء في سنن الترمذي وابن ماجة بسند حسن صحيح أن رسول الله حين خرج مهاجراً قال يخاطب مكة: (والله إنك لخير أرض الله، وإنك لأحب بلاد الله إلى الله، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت أبداً)، ويوم أن ترك مكة وذهب إلى المدينة دعا لها وقال -كما في صحيح البخاري من حديث أنس بن مالك-: (اللهم اجعل في المدينة ضعفي ما جعلت بمكة من البركة) واستجاب الله دعاء حبيبه وخليله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. بل وقال كما في صحيح البخاري ومسلم من حديث أنس : (إن على مناقب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا يدخلها الدجال) ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. فمن من الله عليه بالإيمان وببيئة تعينه على طاعة الرحيم الرحمن فليسجد لله شكراً، وليعرف قدر هذه النعمة، وليضرع إلى الله جل وعلا أن يثبته عليها وأن يتوفاه عليها، أسأل الله أن يجعل بلاد الحرمين أمناً أماناً، سخاء، رخاء، وسائر بلاد المسلمين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    1.   

    المستقبل للإسلام

    ثانياً: الآمال: الآمال كثيرة، ولله الحمد والمنة، وكُلها تنادي بصوت مرتفع وتقول: إن الإسلامَ قادم، كقدوم الليل والنهار. فإن عرف التاريخ أوساً وخزرجاً فلله أوس قادمون وخزرج وإن كنوز الغيب تخفي طلائعاً مصابرة رغم المكائد تخرج أيها الأحبة! إن أمة الإسلام مرضت وطال مرضها، ونامت وطال رقادها، ولكنها بحمد الله لم تمت. وإن الذي يفصل في الأمر في نهاية المطاف ليس هو كثرة الباطل، ولا قوة الحديد والنار، ولكن الذي يفصل في الأمر في نهاية المطاف هو قوة الحق. ولا شك أننا نملك الحق الذي من أجله خلقت السموات والأرض، والجنة والنار، ومن أجله أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل. معنا رصيد الفطرة.. فطرةُ الكون وفطرة الإنسان.. وقبل كل ذلك وبعد كل ذلك معنا الله، ويا لها والله من معية عظيمة جليلة مباركة، قال تعالى: وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف:21] وقال: وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ * وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ [الصافات:171-173] وقال سبحانه: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ [الصف:8-9]. وقال جل وعلا: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ [الأنفال:36] وقال سبحانه: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا [النور:55] بشرط: يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا [النور:55] إنه وعد الله الذي لا يتخلف، وسنة الله التي لا تتغير . ومن أروع ما قرأت -وأنا أعد هذا اللقاء- قول المفكر الكبير ماكنيل : (إن الحضارة الغربية في طورها الأخير من أطوار حياتها). ومن سافر إلى تلك البلاد عرف هذه الحقيقة التي بدأت تنادي ويصرخ من أجلها المفكرون هناك: إن الحضارة الغربية في طورها الأخير من أطوار حياتها. نعم أيها الأحبة! لا ننكر أن الحضارة الغربية قد قدمت تقنية علمية رائعة مذهلة، انطلقت بعيداً بعيداً في أجواء الفضاء، وغاصت بعيداً بعيداً في أعماق البحار والأنهار والمحيطات، وفجرت الذرة، بل وحولت العالم كله إلى قرية صغيرة عن طريق هذا التقدم العلمي المذهل، والتقنية الحديثة في عالم الاتصالات والمواصلات. ولكنها بالرغم من ذلك فشلت في أن تمنح الإنسان طمأنينة النفس، وسعادة القلب، وراحة البال، واستقرار الضمير، وهدوء الأعصاب، ومن أراد أن يتحقق من ذلك فليراجع أي إحصائية تقع عليها عينه؛ ليتعرف على هذه الحقائق التي ذكرتها. والسبب في ذلك: أن الحضارة تتعامل مع شق واحد من هذا الإنسان، ألا وهو البدن، فأعطت هذه الحضارة البدن كل ما يريد، وكل ما يشتهي، وكل ما يرغب، وبقي الشق الآخر وهو الروح، وهذه الأمور لا تتعامل مع الروح؛ لأن الروح لا تقاس بالكيلومترات ولا توزن بالجرام، ولا تخضع للترمومتر الميتافيزيقي مثلاً، ولا تخضع ولا تتجسد في بوتقة اختبار في مصنع أو معمل كيمياء أو فيزياء كلا، بل إنه لا يشبع الروح ولا يغذيها ولا يسعدها ولا يفرحها، إلا منهج خالقها جل وعلا، هذه حقيقة بدأ يصرخ بها الآن المفكرون في هذه الحضارات الغربية وينادون بها، ومن أعجب ما قرأت في هذا ما قاله المفكر الشهير اكسنجل ، حيث يقول في كتابه القيم سقوط الحضارة: إن للحضارة دورات فلكية، فهي تغرب هنا لتشرق هناك، وإن حضارة جديدة أوشكت على الشروق في أروع صورة، هي حضارة الإسلام، فهو وحده الذي يملك أقوى قوة روحانية عالمية نقية، إنه دين الفطرة، دين الله الذي خلق هذا الإنسان ويعلم ما يفسده وما يصلحه، أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الملك:14] وبدأت البشارات تتوالى، ومن هذه البشارات أنه في الأسبوعين الماضيين حدث في أمريكا حدث لأول مرة في تاريخ أمريكا، فلقد احتفل البنتاغون -وزارة الدفاع الأمريكية- بتنصيب أول إمام للمسلمين في الجيش الأمريكي، وهذا حدث فريد من نوعه، وقد تلقفت هذا الخبر وكالات الأنباء والإذاعات والمجلات في أمريكا، وركزت عليه تركيزاً شديداً، إنه حدث فريد في تاريخ أمريكا كله أن ينصب رجل مسلم في مثل هذا المنصب، واسم هذا الرجل عبد الرشيد محمد وقد نصب إماماً للمسلمين في الجيش الأمريكي والذين يزيد عددهم عن ستة آلاف مسلم، وسمح لهم رسمياً بإقامة الصلوات في أوقات الدوام الرسمي. خذ المزيد: وصل عدد المسلمين في أمريكا إلى ما يزيد عن ستة ملايين مسلم! خذ المزيد: بلغ عدد المساجد في أمريكا ما يقرب من ألف مسجد يرفع التكبير لله العلي الكبي! ألف مسجد يؤذن ويصلي فيه المسلمون الصلوات الخمس لله جل وعلا! خذ المزيد: مؤسسة كبيرة تسمى بمؤسسة الأخت كليرا محمد هذه الأخت الفاضلة المليونيرة المسلمة الأمريكية سخرت مالها لدين الله، وأنشأت خمسين مدرسة إسلامية، والعام الماضي انتهت من إنشاء كلية في ولاية فرجينيا ، وهذه الكلية تسمى بكلية المعلمين؛ لتخريج المدرسين الذين يدرسون في هذه المدارس الإسلامية. خذ المزيد: في الشهر الماضي، بل في الأيام القليلة الماضية افتتح في أمريكا أول برنامج إذاعي ليبث للمسلمين والأمريكيين باللغة الإنجليزية تعاليم دين الرحيم الرحمن في إذاعة تسمى (صوت الحق). خذ المزيد: معهد الدراسات الإسلامية والعربية التابع لجامعة الإمام يمنح (البكالوريوس) و(الماجستير) في الدراسات الإسلامية، ويقدم برامج علمية هادفة مثقفة مركزة باللغة الإنجليزية للمسلمين الأمريكيين ولغير المسلمين، بالإضافة إلى هذه التجمعات والمؤسسات الإسلامية والمؤتمرات والندوات والمجلات والدورات والنشرات والمحاضرات في كل أنحاء أمريكا، بل تعجبون أيها الأحبة! لقد علمت أن في مدينة واحدة -وهي مدينة (ديترويت)- أكثر من سبعين مسجداً، ويزيد عدد الإخوة اليمنيين في هذه المدينة عن مائتي ألف يمني مسلم! كادوا أن يستقلوا بحياتهم ومطاعمهم ومآكلهم ومشاربهم في هذه المدينة، إنه فضل الله جل وعلا، إنه وعد الله الذي لا يتخلف، وسنة الله التي لا تتغير، إن يد الله جل وعلا تعمل ولكننا في غفلة. وأخيراً أيها الأحبة الكرام! يبقى أن نقول: فما واجبنا وما دورنا؟ وهذا نتعرف عليه بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    واجب المسلم في نشر دين الإسلام

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: أيها الأحبة! يزيد هذا الأمل ويضاعف هذه البشريات ما نراه من صحوة إسلامية عالمية مباركة، يحلو لي أن أكررها وأن أذكر بها في كل لقاء؛ فإنها أكبر حدث إنساني في النصف الثاني من هذا القرن، هذه الصحوة التي يغذيها كل يوم شباب في ريعان الصبا، وفتيات في عمر الورود، تأتي هذه الكوكبة المباركة والثلة العظيمة الأبية، تأتي بعد بدر والقادسية واليرموك وحطين، تأتي في كهولة من الزمن؛ لتمضي على طريق الدعوة الطويل الضارب في شعاب الزمان من لدن نوح على نبينا وعليه الصلاة والسلام، تأتي هذه الكوكبة لتمضي على نفس الطريق مستقيمة الخطى، ثابتة الأقدام، تجتاز الصخور والأشواك والحجارة، فتسيل دماء، وتتمزق هنا وهناك أشلاء، ولكن الركب الكريم في طريقه لا ينحني ولا ينثني ولا يحيد؛ لأنه على ثقة مطلقة بانتصار الحق ومحق الباطل حتى وإن طال الطريق، إنه صبح كريم مبارك: صبح تنفس بالضياء وأشرقا والصحوة الكبرى تهز البيرقا وشبيبة الإسلام هذا فيلق في ساحة الأمجاد يتبع فيلقا وقوافل الإيمان تتخذ المدى دربا وتصنع للمحيط الزورقا ما أمر هذي الصحوة الكبرى سوى وعد من الله الجليل تحققا ولكن أيها الأحبة! ما هو دورنا نحن؟ وما هو واجبنا؟ إنني أخاطبك أيها المسلم! وأخاطبك أيتها المسلمة! في كل مكان من أرض الله يسمع هذا الكلام، أخاطبك وأخاطبك كي نتحرك جميعاً لدين الله، وأن نكون إيجابيين، دعونا من الكسل، ودعونا من الكلام المثبط للهمم، كقول: ماذا أصنع؟! وماذا أفعل؟! وما هو دوري؟! أنت أدرى بدورك، وأنت أعلم بوظيفتك، أنت تستطيع أن تبدع في مجالك لدين الله بدلاً من أن يملي عليك غيرك. فهيا تحرك يا أخي! تحرك أيها الحبيب! لدين الله جل وعلا بكل ما تملك، كفانا كلاماً، نريد أن نحول بعض هذه الكلمات إلى واقع وعمل، تحرك لدين الله على قدر استطاعتك وبكل ما تملك، لقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم -كما في الحديث الذي رواه أحمد والبخاري في الأدب المفرد وهو حديث صحيح- أنه قال: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فاستطاع أن يغرسها، فليغرسها؛ فإن له بذلك أجراً) لا تقل: متى أغرس؟! ومتى تثمر؟! ومن يأكل؟! إن القيامة ستقوم. لا يا أخي! اغرس ولا تهتم بالثمرة، ولا تحرص على أن تكون أنت آكل الثمار، اغرس وليأكل ولدك، وليأكل حفيدك، فهيا اغرس لدين الله جل وعلا وتحرك من الآن لدين الله جل وعلا، وتحركي يا أختاه! من الآن لدين الله جل وعلا. بماذا؟ بالدعوة إلى الله سبحانه وتعالى! بالتربية تربية صحيحة على كتاب الله وعلى سنة رسول الله بفهم سلف الأمة الصالح، حتى ولو تأخرت نتيجة التربية فإن الله جل وعلا لن يسألنا: لماذا لم تنتصروا؟ ولكنه سيسألنا: لماذا لم تعملوا؟ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]. فهيا نتحرك بالدعوة إلى الله جل وعلا، وأقول هنا: حتى لو كانت الدعوة المتخصصة لا يقوم بها إلا أهلها، إلا أنني على يقين جازم بأن كل مسلم ومسلمة بإمكانه الدعوة إلى الله جل وعلا، ونحن لا نريد أن يتحول الناس جميعاً إلى خطباء وإلى محاضرين على المنابر، ويتركوا مجالات الأعمال وحقول الإنتاج كلا، بل إننا نريد من كل مسلم ومسلمة أن يتحول إلى داعية عظيم لدين الله في موطن إنتاجه وموقع عطائه، وإن أعظم خدمة نقدمها اليوم للإسلام أن نشهد للإسلام شهادة عملية واقعية سلوكية؛ لأنه أصبح يحكم على إسلامنا من خلال واقعنا المر الأليم. وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (بلغوا عني ولو آية) حديث صحيح رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمرو ، فكم تحفظ من الآيات؟! وكم تحفظ من الأحاديث؟! هيا تحرك بما عندك لدين الله جل وعلا. وأقول مكرراً: حتى وإن كانت الدعوة المتخصصة لها رجالها، ولها الدعاة، ولها العلماء، إلا أن الدعوة العامة واجبة عليك أيها المسلم! فيجب عليك أن تدعو إلى الله جل وعلا، إن لم يكن بلسانك العذب الرقيق فبسلوكك .. بأخلاقك .. بمالك .. بشريط .. بكتاب .. بهدية .. بدورة .. بنشرة .. براتب تخصصه لدين الله في هذه البيئات وفي هذه البقاع وفي هذه البلاد، فإن المنصرين يغدقون الأموال والعطاءات على هؤلاء الشباب؛ ليحركوهم لباطلهم في كل بقاع الدنيا، ونحن أهل الحق لا نتحرك للحق الذي من الله جل وعلا به علينا! فهيا أيها الحبيب! لنتحرك جميعاً، ولنتشرف بأن نكون من حواريي رسول الله وأصحابه وأنصاره كما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم قال: (ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا وكان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). أيها الأحبة الكرام! أسأل الله جل وعلا أن يُقر أعيننا وإياكم جميعاً بنصرة الإسلام وعز المسلمين. اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم احمل المسلمين الحفاة، اللهم اكس المسلمين العراة، اللهم أطعم المسلمين الجياع، اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم من أرادنا والإسلام والمسلمين بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل تدميره في تدبيره إنك ولي ذلك والقادر عليه يا أرحم الراحمين! اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه. أحبتي في الله! هذا وما كان من توفيق فمن الله، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه. والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756592948