أيها الإخوة المستمعون! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء الجديد من لقاءات هذا البرنامج، والذي نكون فيه بصحبة سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، ليتولى سماحته مشكوراً الإجابة على رسائلكم واستفساراتكم.
====
السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة وردت من عبد الحميد أحمد حربي من جمهورية مصر العربية من محافظة كفر الشيخ ويقيم بالأردن، يقول في رسالته: عقد قراني ولم أدخل إلى الآن، وبعد العقد بمدة غضبت من هذه المرأة؛ لأنها مشت مشياً أغضبني فناديتها ولم ترض فحلفت عليها يمين الطلاق، إذا لم تأت تكوني على ذمة نفسك ولم ترض، فمشيت وراءها حتى أرضيها فحلفت عليها ثانية يمين الطلاق وأنا في أشد الغضب وقلت: لن تكوني لي امرأة ولن تدخلي بيتي، فما الحكم في هذا؟ بارك الله فيكم.
الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذا الطلاق الذي وقع منك.. الأول والثاني، له معنيان:
أحدهما: أن تكون قصدت بذلك حثها على الاستجابة والامتثال لأمرك، ولم ترد إيقاع الطلاق عليها، فهذا لا يقع الطلاق وعليك كفارة يمين عن الطلاق الأول والثاني، يعني: كفارتان، وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد، من تمر أو أرز ونحوهما، وإن عشيت المساكين أو غديتهم مرتين العشرة عن الطلاقين كفى.
أما إن كنت أردت بذلك الطلاق الأول إيقاع الطلاق فإنه وقع عليها الطلاق ولا يلحقها الطلاق الآخر؛ لأن الأول يكفيها؛ لأنه غير مدخول بها فتبين بالطلاق الأول ولا يلحقها الطلاق الآخر.
وإن كنت أردت بالطلاق الأول اليمين يعني: حثها على طاعتك، والاستجابة لطلبك ولم ترد إيقاع الطلاق فإن فيه كفارة يمين، ثم ينظر في الطلاق الثاني: فإن كنت أردت به أيضاً أن تمتثل وأن تطيع أمرك ولم ترد إيقاع الطلاق فإن هذا يكون فيه كفارة يمين، وأما إن كنت أردت إيقاع الطلاق فإنه يقع عليك الطلاق، والذي نرى فإنه يقع عليها الطلاق، والذي نرى أن تستفتي أهل العلم عندك في الأردن أو في مصر حتى تحضر أنت والمرأة ووليها تحضرون جميعاً عند المفتي أو عند الحاكم الشرعي في الأردن أو في مصر، حتى تشرحوا له جميعاً صفة الواقعة، وحتى يفتيكم على بينة وعلى أمر واضح فيما وقع منك بحضور المرأة وحضور وليها جميعاً، هذا هو الأولى وهذا هو الأحوط حتى يكون كل منكم على بينة وعلى بصيرة.
الجواب: كله جائز سواء كان من الدولة أو من الجمهور الحاضرين، أو من بعض الحاضرين، من سبق أخذ الجائزة المعدة للسابق على حسب الشروط.
وإذا كانت هذه الجائزة من أحد فريقي السباق لا بأس، كذلك.
الجواب: عليك أن تراجع القاضي، أو مفتي البلاد مع حضور الزوجة وحضور وليها، وحضور أمك حتى ينظر في أمركم ويفتيكم بما يلزم؛ لأن هذا المقام يحتاج إلى تفصيل وعناية، فعليك أن تراجع القاضي الذي هو الشيخ الحاكم الشرعي أو المفتي في البلد، بحضرة الزوجة ووليها وأمك، حتى ينظر في الواقع كله ويفتيكم في الجميع إن شاء الله.
الجواب: ليس عليك إعادة الصلاة الحمد لله، إذا كنت قد صليت كما شرع الله، بالستر والطمأنينة، وأديت الصلاة على الوجه الشرعي فدخوله لا يبطلها، دخوله عليك لا يبطل الصلاة.
الجواب: متى علمتم أن هذه الحاجات مسروقة، فالواجب عليك ردها إلى أصحابها؛ لأن هذا منكر وإنكار المنكر واجب، فإذا علمتم أنها مسروقة فردوها إلى أهلها، وأخبروه أن هذا لا يجوز له، وأن الواجب عليه أداء الأمانة مع الشركة ومع غير الشركة، والله المستعان.
الجواب: هذا فيه تفصيل: ولعل بعض المتكلمين في هذا البرنامج من المشايخ تكلم فيه بشيء، وهذا فيه تفصيل: إذا كان الذي أتى بالهدية من طعام أو نقود قصده مواساة أهل الميت، وقصده الإحسان إليهم فهذا لا شيء فيه، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أهله أن يصنعوا طعاماً لأهل الميت لما أتى نعي ابن عمه جعفر بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فقال: (اصنعوا لآل
الجواب: نعم، لا بأس، يتيمم من التراب المعد له، بلا مدة محدودة، ما دام موجوداً فيه التراب الحمد لله.
الجواب: أولاً: أنت مشكورة ومأجورة على خدمة والدك وهذه من حقه عليك ومن بره، فلك أجر عظيم واصبري وصابري واحتسبي الأجر؛ لأن المريض قد يغضب، قد لا يتحمل بعض الأمور، فينبغي لك أن تصبري وتحتسبي ولا تغضبيه وإن أغضبك تحملي.
وأما ما فعلت من السب لجدتك فهذا غلط ومنكر، والتوبة بحمد الله فيها الكفاية ما دام تبت وندمت فالحمد لله، فالأموات لا يسبون والأقارب لهم حق، ولاسيما الجدات والآباء لهم حق عظيم، وبرهم من أهم المهمات، فسبك للجدة أمر منكر والحمد لله على التوبة، والرجوع إلى الله سبحانه وتعالى.
وأما الغضب على والدك فينبغي لك أن تحذريه، ولا تغضبي عليه، ولا تسمعيه إلا الكلام الطيب، فتحملي واصبري، وأبشري بالخير، والمريض قد يغضب من أدنى سبب، فعليك أن تتحملي وأن تصبري وتحتسبي وفقك الله ويسر أمرك وشفى والدك.
ونوصي الوالد إذا كان يسمع هذا الكلام نوصيه بالصبر وسؤال الله العافية، وشكرك على أعمالك الطيبة، وأن لا يزعجك وأن لا يتكلم عليك بما يغضبك، بل ينبغي له أن يراعي جهودك وأعمالك الطيبة، ويشكرك عليها، ويلح في طلب الشفاء والعافية، يسأل ربه الشفاء والعافية.
الجواب: هذا فيه تفصيل: إن كان له طريق آخر ينبغي أن يسلك الطريق الآخر، لئلا يقع في مشكل، إلا إذا كان يستطيع إنكار هذا المنكر، وأن يدعوهم إلى الله سبحانه وتعالى فليفعل؛ لأن إنكار المنكر من أهم المهمات وواجب، فإذا كان يستطيع إذا سلك الطريق أن ينكر المنكر، ويدعو إلى الله فليفعل، أما إن كان لا يستطيع فينبغي له أن يسلك طرقاً أخرى حتى لا يقع في مشاكل في هذا الطريق، وحتى لا يبتلى بمن يشير عليه بشرب الخمر أو يدعوه إلى شرب الخمر.
المقصود: إنه ينبغي له اجتناب هذا الطريق، إلى طريق آخر إذا تيسر ذلك، إلا أن يستطيع إنكار المنكر، فإنه ينكر المنكر ويدعو إلى الله بالحكمة والكلام الطيب، ويبين للناس أن شرب الخمر من المحرمات ومن الكبائر وفيه الوعيد الشديد، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) ويقول صلى الله عليه وسلم: (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن) يعني: إنه يكون ناقص الإيمان وضعيف الإيمان، فلو كان إيمانه كاملاً لما فعل.
فهذا يدل على ضعف إيمانه وقلة إيمانه، ولهذا أقدم على هذه المعاصي، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم: (أنه لعن الخمر وشاربها وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه، وبائعها ومشتريها، وآكل ثمنها) فهي شر وهي أم الخبائث، وثبت عنه أيضاً عليه الصلاة والسلام أنه قال: (إن على الله عهداً لمن مات وهو يشرب الخمر أن يسقيه الله من طينة الخبال، قيل: يا رسول الله! وما طينة الخبال؟ قال: عصارة أهل النار أو قال: عرق أهل النار) نسأل الله العافية.
فالخمر شرها كبير، فعليك أن تبتعد عنها وعن أهلها مهما استطعت، إلا إذا كنت منكراً عليهم، مرشداً وداعياً لهم إلى الخير، صابراً على أذاهم فلا بأس.
الجواب: لا نعلم حرجاً في ذلك، إذا توضأ وهو عار لا حرج في ذلك، وإن لبس ثم توضأ فهو أحسن وأكمل.
الجواب: الصواب: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، سواء كانت زوجته أو غيرها، هذا هو الصواب، وفيه خلاف بين أهل العلم، للعلماء في هذا أقوال ثلاثة:
أحدها: أن مس المرأة ينقض الوضوء مطلقاً.
والثاني: أنه لا ينقضه مطلقاً.
والثالث فيه التفصيل: إن كان عن شهوة وتلذذ نقض وإلا فلا، والراجح من الأقوال الثلاثة: أنه لا ينقض مطلقاً لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه: (قبل بعض نسائه ثم صلى ولم يتوضأ) عليه الصلاة والسلام؛ ولأن الأصل الطهارة وسلامتها، الأصل سلامة الطهارة، فلا تنقض إلا بدليل واضح؛ ولأن هذا الأمر يبتلى به الناس في بيوتهم، فلو كان مس المرأة ينقض الوضوء لبينه النبي صلى الله عليه وسلم بياناً واضحاً ولم يغفله، أما قوله عز وجل في نواقض الوضوء: أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ [النساء:43] فالمراد من ذلك: الجماع، كما قاله ابن عباس وآخرون، وهكذا قراءة: (أو لمستم النساء) المراد به: الجماع، كنى الله عنه بالملامسة واللمس، كما كنى عنه: بالمسيس، والله سبحانه يكني عن الجماع بهذه الألفاظ، وبالمباشرة، هذا هو الصواب: أن مس المرأة لا ينقض الوضوء، إلا إذا خرج شيء من الإنسان كالمذي وإلا فإنه لا ينقض الوضوء.
الجواب: هذا فيه تفصيل على حسب نيتك: إن كنت نويت منعها من هذا الذهاب وتخويفها وتحريجها وليس القصد من ذلك أنها طالق، وإنما أردت تخويفها وتحذيرها ومنعها فهذا فيه كفارة اليمين، وهي هنا يمين واحدة.
أما إذا كنت أردت بذلك إيقاع الطلاق، وأنها متى خرجت إلى أهلها وقع الطلاق، فإنه يقع عليها طلقة واحدة، وإذا كنت أردت بالتكرار طلقة ثانية، فإنه يقع طلقة ثانية، أما إذا أردت بالتكرار تأكيد الكلام وتأكيد المقام لا طلاقاً آخر فإنه لا يقع إلا طلقة واحدة، ولك العود إليها بنكاح جديد، بشروطه المعتبرة شرعاً، هذا هو التفصيل في هذا الأمر، أما كونها تذهب إلى والديها، فهذا فيه تفصيل:
إن كان ذهابها إليهم يضرك ويضرها لسوء أخلاقهم وسوء أعمالهم ويفسدونها عليك فلا حرج في منعها، أما إذا كان ذهابها إليهم لا يضرك ولا يضرها، فينبغي أن تسمح بذلك، وعلى كل حال ينبغي علاج هذا الأمر بالطرق الطيبة بينك وبين والدي زوجتك؛ لأن هذا يشق عليها كثيراً إذا طال، فينبغي أن تعالج هذا الأمر بواسطة أهل الخير والإصلاح بينكم حتى يتيسر ذهابها إليهم عن رضا منك، نسأل الله للجميع الهداية.
الجواب: إذا كنت حين جاوزت الميقات ناوياً العمرة، فإن عليك دماً عن ترك بعض الميقات؛ لأن جدة ليست ميقاتاً لك، وإنما هي ميقات لأهلها والمقيمين فيها.
أما إذا كنت ما نويت العمرة إلا في جدة، وحين جاوزت الميقات لم تنو العمرة فلا شيء عليك، والواجب على كل مسلم إذا أراد العمرة أو الحج يحرم من الميقات الذي يمر عليه، فمن طريق المدينة يحرم من المدينة من ميقات المدينة، إن كان من طريق الساحل جاء من الشام أو مصر أحرم من رابغ، إن كان من اليمن أحرم من ميقات اليمن كيلملم، وإن كان من طريق نجد أو الطائف أحرم من ميقات الطائف، وادي قرن، هذا هو الواجب على المؤمن، ولا يتجاوز المواقيت بغير إحرام، أما إذا كان ما أراد حجاً ولا عمرة، وإنما جاء إلى جدة أو إلى مكة لحاجة أو لعمل أو لزيارة قريب أو صديق، ما قصد حجاً ولا عمرة، فهذا لا يلزمه الإحرام، ومتى أراد العمرة وأحرم من جدة أو من التنعيم خارج الحرم فلا بأس في العمرة، أما الحج فيحرم من حيث شاء، متى عزم على الحج يحرم ولو من مكة.
الجواب: لا يلزمك السفر إليها ما دمت تبرها وتحسن إليها، وترسل إليها حاجاتها، فأنت مشكور ومأجور ولا يلزمك، لكن إذا طلبتك لمهمة من المهمات ولم ترض إلا بمجيئك فسافر إليها وانظر في أمرها وحاجتها، أما ما دامت سامحةً عنك، وليس هناك ضرورة إلى مجيئك، فلا حرج عليك، والحمد لله.
المقدم: بارك الله فيكم وأثابكم الله.
بهذا أيها الإخوة المستمعون! نأتي إلى ختام هذه الحلقة التي أجاب فيها سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز على رسائلكم واستفساراتكم فأثابه الله وشكر له.
وبهذه المناسبة أود أن أوضح لبعض الإخوة المستمعين الدين يطلبون منا أجوبة خطية بأن هذا البرنامج مهمته إذاعة الأجوبة على الهواء وليس إرسالها في أجوبة ومن كان له استفتاء يريد جوابه خطياً فما عليه ألا أن يكتب للجهة المختصة وهي لجنة الإفتاء بالرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. وختاماً لكم تحية من زميلي من الإذاعة الخارجية يحيى عبد الله إبراهيم الذي سجل لكم هذه الحلقة، وإلى الملتقى بكم في حلقة قادمة بمشيئة الله تعالى أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر