عباد الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].. وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].. وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً [النساء:9].
اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأنصر من ابتغي، وأرأف من ملك، وأجود من سئل، وأوسع من أعطى، أنت الملك لا شريك لك، أنت مالك الملك لا شريك لك، أنت ملك الملوك لا شريك لك، والأحد الذي لا ند لك، كل شيء هالك إلا وجهك، لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك، تطاع فتشكر، وتعصى فتغفر، أقرب شهيد، وأدنى حفيظ، حلت دون النفوس، وأخذت بالنواصي، وكتبت الآثار، ونسخت الآجال، فالقلوب لك مفضية، والسر عندك علانية، الحلال ما أحللت، والحرام ما حرمت، والدين ما شرعت، والخلق خلقك، والأمر أمرك، والحكم حكمك، وأنت الله الرءوف الرحيم.
نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له السماوات والأرض، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة أن تقبلنا هذه الساعة، وأن ترحمنا هذه الساعة، وأن تجبرنا هذه الساعة، وأن تجيرنا من النار بقدرتك، يا من إليك المنتهى، وبيدك خزائن كل شيء، لا نحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك، لك الحمد، تتابع برك، واتصل خيرك، وكمل عطاؤك، وعمت فواضلك، وتمت نوافلك، وبر قسمك، وصدق وعدك، وحق على أعدائك وعيدك، ولم تبق حاجة لنا إلا قضيتها برحمتك يا أرحم الراحمين.
نسألك بعزتك وذلنا بين يديك إلا رحمتنا، وبقوتك وضعفنا، وغناك عنا وفقرنا إليك، هذه نواصينا الخاطئة بين يديك، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك، عبيدك سوانا كثير، وليس لنا ربٌ سواك، نسألك مسألة المسكين، ونبتهل إليك ابتهال الخاضع الذليل، وندعوك دعاء الخائف الضرير، دعاء من خضعت لك رقبته، ورغم لك أنفه، وفاضت لك عيناه، وذل لك قلبه، يا أرحم الراحمين، يا ذا العرش المجيد، يا فعالاً لما يريد.
نسألك بعزتك التي لا ترام، وبملكك الذي لا يضام، وبنورك الذي ملأت به أركان عرشك أن تحرر المسجد الأقصى يا أرحم الراحمين، وأن ترينا في أعدائنا وأعدائك يوماً أسودا، اللهم إنهم لا يعجزونك: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً [نوح:26] اللهم أحصهم عددا، واقتلهم بددا، ولا تغادر منهم أحدا، عليك باليهود وأعوانهم، وعليك بيهود العرب، والنصارى وأنصارهم، والشيوعيين وأشياعهم، منزل الكتاب، ومنشئ السحاب، ومجري الحساب، وهازم الأحزاب اهزم أحزاب الباطل يا رب العالمين.
عباد الله! إن تعدد الآلهة يفسد السماوات والأرض: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء:22] كذلك تعدد القيادات والزعامات تفسد الشعوب.
إن التوحيد فطرة الله التي فطر الناس عليها في كل شيء، توحيد الألوهية، توحيد الربوبية، توحيد الملك لله، توحيد الرسالة، توحيد القيادة، توحيد المنهج، توحيد الوجهة، فيوم أن تتعدد فيا ويل الأمة، ويا ويل الشعوب.
الأمة الإسلامية كان لها قائد واحد في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء من بعدهم، كانوا يفتحون مشارق الأرض ومغاربها، ولما تعددت الزعامات، وجاء المماليك، جاء التتار والأمة ممزقة مهلهلة، فاجتاحوا بجيوشهم تحت قيادة جنكيز خان ، انتصر أهل الأوثان على أهل الإيمان بتوحيد القيادة، فلما هلك جنكيز خان استلم القيادة ابنه هولاكو فانتصر على المستعصم العباسي، واجتاحت جيوشه.
أحبتي في الله: ويوم أن كان الصليبيون يسيطرون على الأقصى والقدس ، وينصبون الصليب في محراب الأقصى، لم يستطع صلاح الدين أن يحرره من نير الذل والعار أكثر من تسعين عاماً إلا بعد أن وحد القيادة، أطاح بالزعامات الزائفة، ووحد الجيوش، وزحف بها إلى الصليب، وكسر الصليب، وفتح الأقصى: لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ [المؤمنون:91] لو كان للشمس إله، وللقمر إله، وللبحار إله، وللهواء إله، لذهب كل إله بما خلق.
كذلك أمة الإسلام، أمة الإيمان، هناك إله علماني، وهناك إله رأسمالي، وهناك إله بعثي، وهناك إله شيوعي، وهناك إله لا ديني، وهناك إله إبليسي، وهناك إله ثعلبي، وهناك إله ذئبي، فكيف لا تضيع الأمة ولا تتمزق؟!
أمتنا فريدة القيم.. وجودها عدم |
جحورها قمم.. لاءاتها نعم |
والكل فيها سادة.. لكنهم خدم |
يؤسفني أن أمريكا في هيئة الأمم يمثلها واحد، وإسرائيل دولة اليهود المزعومة في فلسطين المسلّمة يمثلها واحد، وروسيا يمثلها واحد يتخذ حق النقض (الفيتو) وأمة الإسلام قرآنها واحد، ونبيها واحد، وربها واحد يمثلها أكثر من سبعين ممثلاً!! يمثلون العار والشنار! التعدد مرفوض، حتى في قفص الدجاج، لو كان هناك ديكان في قفص الدجاج لتقاتلا حتى ينتصر الأول أو الآخر!
في عالم الدجاج التعدد مرفوض، فكيف تريده الأمة.
ويؤسفني كثيراً يوم أن أنتقد طاغوتاً من الطواغيت يأتيني متعصبٌ، ويقول: لماذا تذكر زعيمي ورئيسي، ويتعصب إليه، ولا يعلم إن كان يحبه ويدافع عنه أنه سيحشر معه يوم القيامة (رب كلمة يقولها المرء لا يلقي لها بالاً تهوي به في النار سبعين خريفا) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّأُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:166-167].
يؤسفنا أن دين أمريكا الدولار، ودين روسيا إنكار الواحد العزيز الجبار، ومع ذلك هم متحدون، ونحن ممزقون، إنا لله وإنا إليه راجعون، الرسول صلى الله عليه وسلم لخوفه من تعدد الزعامة كان يقول لأصحابه: (إذا بويع لخليفة ثم جاء آخر يطلب البيعة له فاقتلوا الثاني كائناً من كان) حتى تجتمع الأمة تحت قيادة واحدة، وأعداؤنا علموا سر قوتنا.
سيد قطب رحمة الله عليه في كتابه: في ظلال القرآن في تفسير سورة الأنعام، يقول لما ذكر التوحيد في أولها، يقول: عجز أعداء هذه الأمة على قتل التوحيد توحيد الألوهية والربوبية، عجزوا عن قتله في قلوب المسلمين، فاستحدثوا أسلوباً أمكر، وطريقة أخبث، أوجدوا أنظمة تنازع الله في حاكميته، وهذه الأنظمة تتمسح بالدين والعقيدة، وتذبح الإسلام باسم الإسلام، وتخنق الحرية باسم الحرية، وتهدر الكرامة باسم الكرامة، وتفتعل فيما بينها حروباً باردة أو ساخنة حتى تجوز اللعبة على الشعوب والأمم، وتفتعل حرباً إعلامية بينها وبين معسكرات الشيوعية والرأسمالية والصهيونية، حتى تجوز الحيلة، فإذا وجدت هناك فرقة مؤمنة لم تجز عليه الحيلة فتحوا لها السجون، ونصبوا لها المشانق والمعتقلات، وسحقوها سحقاً، ولكن الأمل بالله كبير، وبهذا الدين عظيم: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق:15-17] .. وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ [الأنفال:30].
لما دخل الاستعمار الإنجليزي الهند وباكستان شعب الهند وباكستان بالملايين، وبإمكانه أن يسحق الإنجليز سحقاً، لكن كانت السيطرة لمشايخ الصوفية، قالوا: إن الإنجليز أسيادنا، وولاة أمورنا، والله يقول في القرآن: أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] وإن قتال الإنجليز في الشرع حرام، واستسلم السلطان عبد الحميد، كما أراد الصوفيون، والجيوش الفاتحة التي دكت حصون القسطنطينية أيام السلطان محمد الفاتح ، وكانت تسمى بـالإنكشارية، استلمها الصوفيون فمزقوها ومزقوا روح الجهاد فيها.
أحبتي في الله! إن الأمة الآن يخطط لها بنفس الأسلوب، اقرءوا البحوث التي تنشر في الصحف، واللجان والهيئات التي تقوم الآن بدراسة الحركات الإسلامية في العالم، إنها الآن تشجع الحركات التي تنادي بالاستسلام، وترصد الحركات المجاهدة، التي ترفع راية الجهاد في سبيل الله، وتنادي بحاكمية الله في الأرض، نفس الأسلوب يستخدم، المسالمون الذين ينادون دائماً بالجانب التعبدي، ويحرمون السياسية والجهاد افتحوا لهم المجال؛ ليسافروا إلى كل مكان، أسسوا لهم المؤسسات، أغدقوا عليهم بالأموال.
وأما الذي يرفع شعار خالد إسلام بولي ، أو سليمان الجندي المصري الذي قتل سبعة من اليهود فهؤلاء خذوه فغلوه ثم الجحيم صلوه، ولكن هيهات هيهات! لن يستطيعوا أن يقهروا هذا الدين وهذه الدعوة؛ لأن حاميها وراعيها هو الله، وقد حاول من هو أشد منهم، وأكثر منهم قوة عبر التاريخ والعصور فهزمهم الله: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ * الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلادِ * وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ * وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ * الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلادِ * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ * فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ [الفجر:6-13] هذا للماضين، أما الباقين: إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ [الفجر:14].
أحبتي في الله! إنني لأرى بعض الزعامات غثاء كغثاء السيل ورب الكعبة، اللهم إنا نسألك توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الملك، وتوحيد القيادة، وتوحيد الجيوش، وتوحيد القبلة، وتوحيد المنهج، وتوحيد الوجهة، وتوحيد القدوة، وتوحيد القلوب، وتوحيد الصف، آمين.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
اللهم أنت ربنا ورب العالمين، لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أو أقل من ذلك، من أراد بنا سوءاً فأشغله بنفسه، ومن كادنا فكده، واجعل تدبيره تدميره، اللهم احرسنا بعينك التي لا تنام، وبركنك الذي لا يرام، وارحمنا بقدرتك علينا، ولا نهلك وأنت رجاؤنا، يا أرحم الراحمين.
أحبتي في الله! والداء الثاني في هذه الأمة: تمزق الشعوب ذاتها، وتمزق الجماعات الإسلامية، وتمزق الأسر والمجتمعات والتعصب للقوميات.
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً وإذا افترقن تكسرت آحادا |
الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أقام دولته التي دوخت قريش، ودوخت بعد ذلك الروم والفرس، أقامها على قاعدتين، ليست قاعدة "كاب كندي" الأمريكية، ولا "برجنيف" الروسية، إنما أقامها على قاعدة الإيمان وقاعدة الأخوة، قاعدة الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقضاء والقدر.
الأخ يكيد لأخيه، الجار يمكر بجاره، الولد يعق والديه، وأنا أعرف بعض الأبناء أمه تبكي منذ عشر سنوات تريد أن تراه وهو لا يريد أن يراها، وأعرف إخوة أخوهم فقير معدم يجري يلهث خلف الخبز لتحصيله لأولاده وهم لا يدرون ماذا يفعلون بالأموال الطائلة، أدنى مراتب الأخوة خلو الصدر، وصاحبها بُشر بالجنة ثلاث مرات، قال النبي لأصحابه: (يمر عليكم الآن رجل من أهل الجنة، فمر، فقال: هذا، وفي اليوم الثاني، قال: هذا، وفي اليوم الثالث، قال: هذا، على نفس الرجل، فقام
وهناك سيأتيك الشيطان يا صاحب الحظ العظيم عند الله، يقول: أتسكت له، رد عليه الصاع صاعين، عند إشارة المرور الأعصاب متوترة، في البيت الأعصاب مشدودة، في الدوام الناس في خناق ومعارك بسبب الشيطان، لهذا قال الله بعدها: وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الأعراف:200].
وسعد بن أبي وقاص ذو الدعوة المجابة يطوف في الحج حول البيت ولا يدعو إلا بدعاء واحد، يقول: اللهم إني أسألك أن تقيني شح نفسي، فيقول الصحابة: ألا تحسن غير هذا الدعاء، قال: وهل هناك أحسن من هذا الدعاء: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ [الحشر:9] وكونوا لإخوانكم هينين لينين، لا تتمثلوا بالزعامات، لا تتمثلوا ببعض القيادات التي إذا التفتت إلى أسيادها ذلت، وإذا التفتت إلى شعوبها اكفهرت.
ودارت الأدوار فوق أوجهٍ قاسية.. تعدلها من تحتهم ليونة |
فكلما نام العدو بينهم.. راحوا يقرعونه |
لكنهم يجرون ألف قرعة لمن ينام دونه |
لم يقل بمنابر من ذهب، فالطواغيت عندهم عروش من ذهب لا قيمة لها ولا وزن لها عند الله، إنما قال: من نور، من يستطيع أن يجمع النور فيجعله منبراً وعرشاً غير الله؟! لأن العلاقة كانت بينهم نور على نور، الذي في قلبي هو الذي على لساني، لا أسلمك .. لا أظلمك .. لا أحقد عليك .. لا أغتابك .. لا أبهتك .. لا أقذفك .. لا أغدرك؛ لهذا كانت المنابر من نور، منابر مرتفعة والناس تحتها، والطواغيت تحت الأقدام، قال صلى الله عليه وسلم: (يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان، وله لسان، يبحث عن الجبابرة والملوك، يقول: أين الجبارون؟ أين الملوك؟ فيأخذهم من تحت أقدام العباد على هيئة الذر).
واختر لنفسك فالفرصة أمامك، اعتز بالأخوة.
إخوانكم لا شيء أغلى منهم لا شيء يعدلهم من الأشياء |
كونوا لهم نعم المعين وراقبوا أعمالهم في مصبح ومساء |
الفرد إن يهمل يضع في عصرنا إذ لا مكان اليوم للضعفاء |
علمه أن بجهده وجهاده يرقى إلى مستقبل وضاء |
علمه أن النصر ليس بهين بل دونه تعب وطول عناء |
إني أرى نوراً يشع بريقه من خلف تلك الأوجه السمحاء |
وأكاد أسمع زحفهم وهديرهم يعلو هناك بموطن الإسراء |
ألا إنها النعمة. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [آل عمران:103].
اللهم إنا نسألك حسن الاعتقاد، وصلاح العمل، ونور اليقين، وبرد الرضا، وإخلاص النية، وصدق البر، وبر الصدق، وبركة الدعوة، اللهم أمن روعاتنا، واستر عوراتنا، وخفف لوعاتنا، واغفر زلاتنا، واقبل حسناتنا، واجعلنا في الفردوس الأعلى، اللهم إنا نعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء، اللهم إنا نعوذ بك من المغرم والمأثم، اللهم آت أنفسنا تقواها، وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، واجعلنا هادين مهديين، غير ضالين ولا مضلين، سلماً لأوليائك، حرباً على أعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعدواتك من خالفك، اجعلنا مبشرين وميسرين، ولا تجعلنا معسرين ومنفرين، نسألك الشهادة في سبيلك بعد طول عمر وحسن عمل، مقبلين غير مدبرين، صابرين محتسبين، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة، ولا دين علينا،اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علنيا مصائب الدنيا، اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا، واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا، ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، ولا تجعل الدنيا أكبر همنا، ولا مبلغ علمنا، ولا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك فينا ولا يرحمنا، يا أرحم الراحمين.
بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحينا ما علمت الحياة خيراً لنا، وتوفنا إذا علمت الوفاة خيراً لنا، اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة، ونسألك كلمة الإخلاص في الرضا والغضب، ونسألك القصد في الفقر والغنى، ونسألك نعيماً لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع، والرضا بعد القضاء، وبرد العيش بعد الموت، ولذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك، في غير ضراء مضرة، ولا فتنة مضلة.
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين، اللهم أصلح أولادنا وبناتنا، وأزواجنا، وجيراننا، واجعلهم قرة عين صالحة لا تنقطع، نسألك العافية في الجسد، والإصلاح في الولد، والأمن في البلد، اللهم هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي؛ يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر