أما بعد: ها نحن مع خاتمة سورة الملك، فهيا بنا نصغي مستمعين تلاوتها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * قُلْ هُوَ الرَّحْمَنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِمَاءٍ مَعِينٍ [الملك:28-30].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ [الملك:28] الآية، الآمر هو الله جل جلاله، والمأمور محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فهو تعالى يقول: قُلْ أَرَأَيْتُمْ [الملك:28], أي: أخبروني إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ [الملك:28]. لأنهم كانوا يعملون الليل والنهار على أن يموت الرسول صلى الله عليه وسلم، وأن يهلك ويهلك أصحابه المؤمنون في مكة، فقد حاولوا قتله, وعملوا العجب معه، فقال الله تعالى: قُلْ أَرَأَيْتُمْ [الملك:28], أي: أخبروني إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنَا [الملك:28], ونجانا منكم وأدخلنا الجنة، فَمَنْ يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ [الملك:28]؟ أي: لا أحد. وهذا معناه: سينجينا الله ويسعدنا, ويعذبكم ويشقيكم ويهلككم أيها الظلمة! الذين يريدون أن يؤذوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم قال تعالى له: فَسَتَعْلَمُونَ [الملك:29] في يوم من الأيام مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ [الملك:29] نحن أو أنتم في الدنيا؟ وقد عرفوا أنهم هم الضالون، حيث دخل الناس في دين الله من أطراف الجزيرة كلها، ثم يوم القيامة يعرفون الحقيقة, أي: أنهم هم الذين كانوا في ضلال، وكانوا في هداية. ويعرفون أن المؤمنين وعلى رأسهم النبي صلى الله عليه وسلم كانوا في هداية، وأن المشركين والكافرين كانوا في الغواية والضلال. فقد علموا هذا في الدنيا, ويعلمونه في الآخرة.
هكذا يفقههم ويعلمهم ويبصرهم. فآمن من آمن وضل من ضل.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر