أما بعد: فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛
عنوان هذا الدرس" أنصفوا المرأة "
وهو الدرس السابع والسبعون من هذه الدروس العلمية العامة، في هذه الليلة: ليلة الإثنين الخامس عشر من شهر جمادى الأولى من سنة 1413هـ.
وعندي لك أيها الأخ الحبيب سبعة عناوين:
أولها: يناديك ويقول لك لا تكن أنانياً، فالمؤمن الحق منصف بطبعه، جعل من نفسه رقيباً على نفسه، وتبرأ من وصمة الأنانية والذاتية وحب الأثرة، فأصبح قلبه يسع هموم الآخرين، وأصبح قاضياً وحاكماً بنفسه على نفسه.
إن من الأمراض المتفشية بيننا اليوم أن كل فئة أصبحت تحتجر الخير لذاتها، وتدافع عن نفسها حتى ولو على حساب الآخرين، وأصبحنا نستنكف ممن يدلنا على عيوبنا.
كل من لاقيت يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن |
ثم استمعت إلى حديث بعض النسوة، وقرأت أوراقاً ورسائل وشكاوى، فوجدت أن المرأة هي الأخرى تشارك الرجل في الطبيعة ذاتها والصفة نفسها، فما تكاد تجتمع فئة من النساء إلا وكان حديثهن: عن الرجال وظلمهم، واستبدادهم وإصرارهم على أخطائهم، وما أشبه ذلك.
إن هذا وذاك لا يليق بالمؤمن الحق، الذي جعل مقياسه شريعة الله عز وجل.
وإن تكلم المتحدث اليوم عن حقوق المدرسين غضب الطلاب وأرغوا وأزبدوا، وإن تكلم عن حقوق الطلاب غضب المدرسون ومالوا وقالوا، وإن تكلم عن حقوق هؤلاء جميعاً غضب الإداريون، وقالوا: قلت وفعلت، وإن تكلم عن حقوق الرعية غضب الراعي، وإن تكلم عن هؤلاء غضب أولئك، ولهذا يميل الكثيرون اليوم إلى ترك الحديث عن الموضوعات الساخنة والموضوعات الحية إيثاراً للسلامة والعافية في أنفسهم وفي أعراضهم وفيما يقولون، ويتركون الجرح غضاً طرياً نازفاً ينزف بالدماء، ولو كانوا يتحسرون في دخيلة نفوسهم على هذا، ولكنهم لا يملكون الجرأة والشجاعة إلى أن يجاهروا بإنكار العيوب والدعوة إلى إصلاحها.
أولاً: وجوب القيام بالقسط، وهو العدل لله تعالى، لا لأجل غرض آخر، فنحن مثلاً لا نقوم بالقسط والعدل؛ لأنه في مصلحتنا كما هو شأن المنافقين وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ [النور:48-49] لا، لأنه الحق؛ ولكن لأنه في مصلحتهم، يحقق لهم أرباً دنيوياً، كلا! بل يجب أن نقوم بالقسط وهو العدل، نقوم بذلك لله تعالى لا لغيره.
ثانياً: أن من الواجب علينا أن نقوم بحقوق الله تعالى، أن نقوم لله تعالى بعبادته وطاعته أيضاً، نقوم بهذا العمل ابتغاء مرضاته، لا رياء ولا سمعة، وفي حديث عبادة بن الصامت وهو في الصحيحين {أن النبي صلى الله عليه وسلم بايعهم وكان مما أخذ عليهم: وأن نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم} فالحق يقال به، ولابد أن يعلن مهما كان الأمر.
لقد كانت الجاهلية الأولى تبتئس بالمرأة بنتاً مولودة وتضيق بها، فتحاول أن تئدها وتقتلها، أو تمسكها على هون، فصرخ النبي صلى الله عليه وسلم بين ظهرانيهم، وفي وجوههم، وقال: {من عال جاريتين حتى تبلغا جاء يوم القيامة أنا وهو كهاتين} وضم رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه كما في صحيح مسلم.
وما زال الكثيرون اليوم يتشاءمون من ميلاد البنات، وربما هجر الرجل زوجه بسبب ذلك:
ما لـأبي حمزة لا يأتينا يقيم في البيت الذي يلينا |
غضبان ألا نلد البنينا تالله ما ذلك في أيدينا |
وما رزقناه فقد رضينا |
وكان المجتمع الجاهلي الأول يصادر حق المرأة، لضعفها وعجزها عن الدفاع، فصاح النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وقال بأعلى صوته، وأشهد الله تعالى: {اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة} وهو حديث حسن رواه النسائي وغيره بإسناد جيد كما قال النووي. وكان الرجل يسارع إلى ضرب امرأته وإيذائها، والاعتداء عليها في جسدها، وفي كرامتها، وفي سمعتها، فوجدت المرأة في شكواها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجاً ومخرجاً مما تعاني وتلاقي، فأصدر النبي صلى الله عليه وسلم أمره في المدينة إلى المؤمنين المصدقين: {يا عباد الله لا تضربوا إماء الله} -كما في حديث أبي داود وهو حديث صحيح- فقال عمر: يا رسول الله! ذئرن النساء، فأذن الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، فطاف عليه نساء كثيرات يشكون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: {والله لقد طاف بأبيات آل محمد صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن، ليس أولئك بخياركم} نعم ليسوا من الخيار فإن الخيار هم الخيار لنسائهم، كما في حديث أبي هريرة الذي رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {خياركم خياركم لنسائهم}.
لقد وفر النبي صلى الله عليه وسلم حق المرأة على ولدها وعلى زوجها وعلى أبيها، بل وعلى مجتمعها كله. فأي محافظ ومدافع عن حقوق المرأة، وحامٍ لها بقوله وفعله، يشابه أو يقارب هذا النبي المصطفى المختار، الذي هو رحمة مهداة ونعمة مسداة؟!
فماذا كسبت المرأة من وراء ذلك كله؟
لعل من الطريف والعجيب في الأخبار، أنه قام اليوم في فرنسا وغيرها جمعيات أخرى على النقيض من ذلك تطالب بحقوق الرجل، وتدافع عن الرجل، المضطهد تحت تسلط المرأة وقهرها وعنادها.
أولاً: جمعيات أنشأها المستعمرون لتكون أوكاراً للفساد، وبؤراً لتخريج البائسات المنخلعات عن الفضيلة والعفاف.
الاحتمال الثاني: جمعيات أنشأتها نسوة يشعرن بالنقص في تكوين المرأة وجِبِلَّتها وطبيعتها، فسعين إلى سد هذا النقص بمزاحمة الرجل في ميدانه وفي تخصصاته، وخالفن بذلك فطرة الله التي فطر المرأة عليها، إذ أي شأن للمرأة في بالرياضة وحمل الأثقال؟! ومعظم هؤلاء النسوة ينطلقن من معاناة شخصية وظروف مرت بها الواحدة منهن.
الاحتمال الثالث: تلك التي لا ترى في المرأة إلا جسدها فحسب، فهي تعتني بملابسها وتناسق هذه الملابس بألوانها وأشكالها وخطوطها مع أحدث الموضات، أو تعتني بشعرها وتسريحاته الجديدة التي تضاهي أحدث التسريحات الغربية، أو تعتني بألوان المكياج والأصباغ والعطور، والإضافات والتعديات على شكل المرأة وخلقتها، حتى إن وزن المرأة يضعف أحياناً مما تحمل من تلك الأثقال، التي بعضها يوضع على الرأس، وبعضها على الأذنين، وبعضها على الظهر، وبعضها على الكتفين، وبعضها على القدمين، وبعضها على الساقين، وهكذا سائر البدن ينوء بهذه الأثقال والأحمال، التي لولا أن تكاليف الموضة ورسومها أصبحت قانوناً عند كثير من النساء، لكان من الصعب على المرأة أن تتحمل ذلك وتنفذه، وأنا هنا لا أعمم فيما أقول، وقد كتب إلي واتصل بي عدد من الأخوات، حين تحدثت عن إحدى الجمعيات في المنطقة الشرقية قبل أسبوعين، فأقول: إنني لا أنكر أنه لا يوجد أخوات دينات داعيات إلى الله عز وجل، يبذلن جهوداً كثيرة في كل الميادين وفي كل المجالات، وقد ترى بعض هؤلاء الأخوات أن تدخل في هذه الجمعيات، إما لخير تحققه أو لشر تدفعه، فلهؤلاء مني الدعاء أن يوفقهن الله سبحانه وتعالى في هذا المسعى الحميد، وأن يبارك الله سبحانه وتعالى في جهودهن، وأن يجري على أيديهن الخير الكثير على بنات المسلمين في هذه البلاد وفي كل البلاد.
أم أن حقوقها أن تفتح لها أماكن يسمونها أماكن الترفيه كما زعموا، ونماذجها موجودة في الإسكانات الخاصة بالشركات، كشركات الطيران، وشركات البترول، وشركات التصنيع، والشركات الطيبة، والإسكانات في المستشفيات وغيرها، والتي تحتوي على المسابح المختلطة، وأماكن الرقص، وأماكن عرض الأزياء، بل وأقول:
وعندي الوثيقة- وأحياناً بارات للخمور.
إن هؤلاء كمن يدس السم في الحلوى، فهم يضربون على هذا الوتر الحساس، وينادون المرأة بالصوت الذي تستعذبه وتستلذه، ولكنهم يهدفون من وراء ذلك إلى أن يلقوا بها في شراكهم، حتى يضحكوا عليها ويدعوها باكية تتحسر بلا مجيب.
إن سر كمال المرأة هو في احتفاظها بشخصيتها التي خلقها الله عليها، شخصية الأنثى، لا هي بالتي تحول إلى رجل مفتول الساعدين، ولا هى بالتي تحول أيضاً إلى لعبة أو زهرة يشمها كل عابر، إن كمال المرأة هو في ضعفها، فهذا الضعف هو سر إغرائها وجاذبيتها وتأثيرها، وهو سر قوتها أيضاً:
هي الضلع العوجاء لست تقيمها ألا إن تقويم الضلوع انكسارها |
أتجمع ضعفاً واقتداراً على الفتى أليـس غريباً ضعفها واقتدارها |
بلى إنه لغريب! ولكنه صنع الله الذي أتقن كل شيء.
إن دموع المرأة أحياناً تفلح في تغير قلب، كأنما قُدّ َمِنْ صخر، وكلماتها الرقيقة تنطلق أحياناً أقوى من المدافع.
ثانياً: نعالجه اقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم، الذي أستطيع أن أقول بكل ثقة: إنه عليه الصلاة والسلام أحدث نقلاً في بناء حياة المرأة، ليس على مستوى الجزيرة العربية، بل على مستوى العالم كله، العالم الذي كان يعقد المؤتمرات ليبحث هل للمرأة روح أم لا! فقام محمد صلى الله عليه وسلم ليبين عن حقوق المرأة ومكانتها ومالها من الفضائل.
ثالثاً: نعالج هذا الموضوع لمنع متاجرة أعداء المرأة، الذين يغرونها بلذيذ الكلام، ويستغلون بعض الظلم الواقع فعلاً على المرأة، وليس لهم همٌ إلا الحديث عن هذا الأمر، حتى ظن بعض السذج والمغفلين أنهم هم المدافعون فعلاً عن حقوق المرأة، وهم المطالبون فعلاً بتحرير المرأة، ولهؤلاء من المنابر الإعلامية ضجيج يصم الآذان، وبأيديهم من الوسائل ما يصل إلى العقول وإلى العيون وإلى الآذان، وما يقرؤه أو يسمعه أو يشاهده الكثيرون.
وهناك في المقابل من يبالغ في نفي الظلم وتقليله، وهو قد يكون معذوراً، لأنه رجل كريم محسن لزوجته، وبار بأمه، وأمه ورفيق ببنته، وكريم مع أخته، فهو يظن الناس مثله، وكما يقول المثل " ما يحس بالنار إلا واطيها " والواقع أن المجتمع فيه هذا وذاك، فأما المظالم الواقعة على المرأة فهي ميدان رحب فسيح، وسأتحدث عنه بعد قليل.
فمثلاً: البر بالأمهات والجدات، وتربية الكبار والصغار على ذلك، من السلام عليهن وتقبيلهن وتحيتهن صباحاً ومساءً، باعتبار أن هذا جزء من روتين الحياة اليومية للصغار والكبار، وتوفير جميع الخدمات والمتطلبات لهذا الجيل أو ذاك.
إن هذه المرأة في الغرب تراها في المطار وهي تتوكأ على عصا، وتتحامل على نفسها، وتجر وراءها عربة، أو يحسن إليها غريب، فيجر العربة معها، وهى تنتقل من مطار إلى مطار، أو تتقلب في ميادين العمل، أو على أحسن الأحوال ترقد في دور الرعاية الاجتماعية لا يعرف بها أحد، وهى تموت موتاً بطيئاً.
من كرامة المرأة في مجتمعنا الحرص على تحقيق بعض المطالب الشخصية لها، حتى إن البنت مثلاً -وهذا مثال رأيته ولمسته بنفسي- ترفضها الجامعة عن أن تقبل أو لا تجد لها ميداناً للعمل، فيسعى أبوها ويلح في الطلب، ويطرق كل باب حتى يفلح في تحقيق مطلب هذه البنت، أما الولد أخوها فربما جلس دون دراسة أو دون عمل لفترة سنة أو سنوات.
ومن ذلك الاحترام العام للمرأة في المجتمع، ومساعدة من يرون معه عائلة، وتقديم هؤلاء في سائر المرافق، فرجال المرور مثلاً أو الأمن، أو العاملون في المطار، أو سائر العاملين في أي قطاع أو مرفق، بل عامة الناس، يحترمون المرأة، ويسهلون مهمة الرجل الذي تكون معه أسرته أو عائلته.
إن الرجل يقف ليمر عبر الشارع فينتظر طويلاً، أما المرأة فإن الجميع يقف لها احتراماً وتقديراً ومراعاةً لظروفها، وحتى في حالة حصول خطأ من بعض النساء أو تعدٍ فإن الكثيرين من الرجال يحجمون عن مقابلة ذلك بمثله، صوناً للمرأة، والتزاماً بالأخلاقيات العامة التي تحكم المجتمع.
إن من الكرامة التي يقدمها المجتمع للمرأة توفير الكثير من الاحتياجات والخدمات لها في بيتها، فالرجل مثلاً وهو القيم الذي يكدح ليوفر لها الغذاء والكساء والدواء، وقد ساهمت الآلات والتيسيرات الحديثة في تخفيف المسئوليات عن المرأة، فلم تعد مكلفة مثلما كانت بالأمس قبل سنوات ليست بالطويلة، بالغسيل اليدوي، والخياطة لنفسها وأهلها وولدها وزوجها، بل حتى ملابسها يقوم بها غيرها, وأصبحت ألوان الأطعمة الجاهزة في متناول يديها، يخفف ذلك أعباء الحياة المنـزلية تخفيفاً كثيراً.
هذه مجرد نماذج سريعة، وهى تقدم للمرأة دون مَنٍّ ولا أذى، فإن المرأة التي تخدم ليست عنصراً غريباً على المجتمع، ولا شيئاً دخيلاً، هي أمي وأمك، وأختي وأختك، وزوجي وزوجك، وقريبتي وقريبتك، فهي جزء منا، وما نقدمه لها هو بعض من واجبنا ومسئوليتنا، فضلاً عما تلقاه المرأة من حفاوة في بيتها ومقر عملها ومدرستها، وغير ذلك في غالب الأحيان.
إنك تستطيع أن تمنع المرأة يوماً، لكنك لا تستطيع أن تمنعها كل يوم، وتستطيع أن تمنع واحدة، ولكن لا تستطيع أن تمنع الجميع، ولكن ذلك يكون بأن نحفظ للمرأة حقوقها، ونضمن لها الحياة الحرة الكريمة في بيتها وفي مكان عملها، ويكون بأن نربيها على مكارم الأخلاق، وعلى معالي الأمور، وعلى التدين الحق الظاهر والباطن، وننأى بها عن سفاسف الأخلاق، وما لا يليق بها، ويكون بأن نتولى الدفاع عن قضاياها، ونطالب برفع الظلم عنها قبل أن نعض أصابع الندم ولات ساعة مندم..!
أولاً: ليست على سبيل الحصر بل هي على سبيل المثال.
وثانياًَ: لا أدعي أن هذه الصور موجودة في كل مجتمع، فضلاً عن أن تكون موجودة في كل بيت، لأنه لا بد من الإشادة بالرجال الفضلاء الأماجد الذين يحترمون المرأة ويحفظون حقها، ويكفيهم شهادة الرسول صلى الله عليه وسلم لهم أنهم من الخيار: {خياركم خياركم لأهله} ومن هذه الصور:
من ذلك الاحتقار: الخجل من التصريح باسم المرأة واعتبار ذكر اسمها عيباً يُستحيا منه، والله تعالى سمى لنا في القرآن الكريم مريم في مواضع، بل يوجد في القرآن الكريم سورة اسمها سورة مريم، إضافة إلى سورتين أخريين سورة النساء الكبرى والصغرى، {ورسول الله صلى الله عليه وسلم -كما في الصحيح- مشى مع امرأة، فمشى بعض أصحابه، فقال: على رسلكم إنها
ويعرف طلاب المدرسة الابتدائية أسماء زوجات النبي عليه الصلاة والسلام {طرقت امرأة واستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي عليه السلام لـ
والرسول صلى الله عليه وسلم ذكر لنا آسية امرأة فرعون وأنها من النساء الكوامل، {كمل من الرجال كثير، وكمل من النساء أربع، وذكر منهن رسول الله صلى الله عليه وسلم -
إذاً لا بأس أن تُعرف المرأة ويُعرف اسمها، ولا بأس أيضاً أن يكني الإنسان عن المرأة بغير اسمها، فيقول مثلاً: أهلي بدلاً من أن يقول: فلانة أو زوجتي، لا مانع أن يقول: أهلي، والله تعالى قال عن موسى: فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ * قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً [القصص:28-29] وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ [طه:132] إلى غير ذلك، لكن هذا تجنباً لذكر المرأة باسمها، ولا تعيُّباً لذلك ولا إنكاراً له.
إنه مجرد سؤال والإجابة عليه عشرات الأحاديث، وعشرات القصص، وعشرات الروايات الصحيحة، بل كان عليه الصلاة والسلام يصحب زوجته ويقلبها إلى أهلها، ويذهب بها معه في السفر، وتصحبه في المغازي والسرايا والبعوث وغيرها.
والناس ألف منهم كواحد وواحدة كالألف إن أمر عنا |
ومع اعترافنا -ولا شك- بنقص المرأة، وأن شهادة امرأتين بشهادة رجل، كما قال الله عز وجل: فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ [البقرة:282] وذلك في خمسة مواضع، أترك الحديث عنها وتفصيلها لذاكرتكم. ومع هذا النقص الذي ذكره الله في كتابه، وذكره النبي صلى الله عليه وسلم، ولا شك أن هناك أموراً تقدرها المرأة، وتدركها أكثر من غيرها بحكم تخصصها ومعرفتها، أو دأبها وإصرارها واجتهادها، أو غير ذلك، ومع النقص أيضاً فإنه قد يوجد في الأنهار ما لا يوجد في البحار.
وهل أنت حين تستشير لا تستشير إلا من هم أكثر منك ذكاءً، وأوسع منك خبرة، وأطول منك عمراً؟ كلا! بل قد تستشير من هو مثلك أو دونك، وقد يشير عليك بالرأي السديد.
وإن من الطريف مما يذكر في النكت -ومع الأسف أنه واقع وليس نكتة- يروى أن رجلاً أضاف أناساً، فجلسوا عنده، فجهز العشاء لهم، فقاموا وهموا بالخروج، فألح عليهم بالبقاء، فاعتذروا بأنهم مرتبطون بمواعيد، فأصر عليهم فأبوا، فقال لهم: اجلسوا وحلف عليهم بالطلاق من زوجاته إلا جلسوا، فقالوا: لا شأن لنا بك ولا بزوجاتك، نحن لا نستطيع الجلوس فقال: إذاً فانتظروا قليلاً، فذهب إلى المنـزل وأحضر الكلاشينكوف وأشهره عليهم، وقال لهم: والله إن يخرج واحد منكم فإنني سوف أفجر رأسه، ولكن اذهبوا وكلوا الطعام، فذهبوا مضطرين وأكلوا وجبتهم، ولا أدري بأي شعور كانوا يأكلون!
التهديد بالطلاق أيضاً عند أية زلة، وبقدر سرعة الرجل في القرار بالرغبة في هذه المرأة، أو الموافقة على الزوج منها، بقدر ذلك تكون سرعة الرجل في إيقاع الطلاق، إن الكثير من الرجال كلما قالت له المرأة شيئاً، قال لها: كذا أو الطلاق، اختاري كذا أو الطلاق، وهذا ليس من المروءة ولا من شيم الرجال، إذا كنت عازماً على الطلاق بعد دراسة وتأنٍ ومشورة واستخارة، وبعدما اقتنعت قناعة تامة أن الطلاق أرفق بك وبالمرأة، فإيقاعه هنا يتم كما أمر الله تعالى فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ [البقرة:229] أما أن تعتبر أن الطلاق سيفٌ يشهر على المرأة، تهدد به في كل حين، فهذا ليس من الشرع. ولا من العقل ولا من المروءة في شيء.
فينبغي ألا نعمم النظرة إلى المطلقة، بل أن ندرك أن كل حالة تقدر بقدرها، فلابد من معرفة ما هو سبب الطلاق؟ وكيف تم الطلاق؟ وما الذي حصل من المرأة؟ ولا أعتمد على مجرد الإشاعات، فإن المجتمع مع الأسف مصابٌ بداء، وهو داء الفضول، والبحث عن أسرار الآخرين، فإذا لم يجد الناس اليوم معلومات صحيحة؛ لفقوا معلومات غير صحيحة، وأشاعوا بعض الأقاويل غير الموثقة، فقالوا: فلانة طلقت لكذا ولأنها قالت: كذا، ولأنها فعلت كذا، ولو تحريت وتَثَبَّت لم تجد الأمر كما أشيع.
فلا داعي للتهديد، إذا اتخذت قراراً بالزوجة الثانية بعد دراسة وتأمل ونظر، فلا تظن أن القضية مجرد تنويع، بل لابد أن تدرس الموضوع دراسة صحيحة وسليمة ومضبوطة، فإذا اتخذت القرار بعد الاستخارة والنظر والاستشارة، فبإمكانك أن تنفذ دون حاجة أن تروع قلب المرأة صباح مساء بالزوجة الثانية.
إنني أعرف الكثير حتى من الصالحين والملتزمين، قد يسارع الواحد منهم بالزواج بالأخرى دون تأمل ولا دراسة ولا نظر ولا استشارة، بل يَسْتَبِدُّ برأيه، وسرعان ما تكون الأمور على خلاف ما يريد! ويفاجأ بأشياء لم تكن له في حساب، وبحسب ما نظرت ورأيت وقدرت، فإنني أجد أن الفشل والإخفاق في الزواج الثاني أكثر منه بكثير في الزواج الأول، خاصة أن الزوج الذي يتزوج ثانية قد تنازل عن بعض الشروط؛ لأنه يدرك أنه معدد وعنده زوجة، فلن يحصل على الشروط التي يريدها تماماً، فهو متنازل عن بعض الشروط، ونتيجة لذلك سيجد في زواجه الثاني بعض المكدرات وبعض المنغصات، التي قد تجعله يندم على هذا القرار المتسرع.
وربما مال بعضهم مع المرأة الجديدة وترك أولاده، لا يرعاهم ولا يربيهم ولا يشملهم ولا يضمهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير {اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم} فكما تحب أن يكونوا لك في البر سواء، فينبغي أن تكون لهم في العناية والرعاية سواء، ومن أعظم أسباب الخصومات بين الأولاد والأحقاد، ألا يعدل الأب بينهم.
وربما يسافر الزوج بإحداهما ويترك الأخرى، وقد يجود على تلك بالمال ولا يعطي ضرتها، والله تعالى يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {قال الله تعالى: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلت بينكم محرماً فلا تظالموا} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الذي رواه مسلم أيضاً عن جابر: {اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم}.
عاقبة الظلم والظالمين: إن العالم يشهد مظالم شنيعة اليوم.. إهدار لكرامة شعوب بأكملها، خاصة الشعوب الإسلامية، وتسليط الأعداء عليها، وتسليط الحكام الجائرين الذين سلبوا خياراتها، ونهبوا ثرواتها، وأهدروا حقوقها، وأودعوها في السجون، وساموا شعوبهم سوء العذاب، وما يدريك أن يكون هذا الظلم العظيم الذي يلقاه المسلمون عقاباً من الله تعالى؟! فإن الله يعاقب الظالمين بالظالمين، قال الله تعالى ووعد، ووعده الحق، قال: وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [الأنعام:129] ومعنى نولي: نجعلهم أولياء، فيجعل الله تعالى عقوبة الظالم أن يسلط عليه من هو أظلم منه.
وما من يد إلا يد الله فوقها وما ظالمٌ إلا سيبلى بأظلم |
وفي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- وهو حديث صحيح رواه الترمذي وأبو داود وأحمد في مسنده وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره من العذاب في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم}.
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم |
إن هذه المشكلات في ظلم المرأة، أو الإحجاف بحقها، أو الجور عليها أو بخسها، إنه لا تَحلُّه القوانين والأنظمة، ولا تحله المحاكم ذهاباً وإياباً، فالحيل كثيرة، وإمكانية المكايدة والتلاعب في الحياة الزوجية قائمة ولكن يُحلُّه التذكير بعقوبة الله عز وجل، قال الله تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:30].
أيها الأحبة.. والله الذي لا إله غيره إنني أعلم اليوم أن كثيراً من البيوت تغلق على مظالم، ومفاسد، وجور، وإيذاء، وعسف، وعلى اضطهاد، فعلينا أن نتقي الله تعالى في من ولانا أمرهم.
وفي الحديث الذي رواه أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق إلا أتى الله تعالى مغلولة يده إلى عنقه، فَكَّهُ بِرُّه، أو أوبقه إثمه} قد يكون مجموع أهلك عشرة أو أكثر، لكن لنفترض أنهم أقل، لنفترض أنه ليس لديك إلا زوجتان أو زوجة واحدة فقط، ففي حديث ابن عمر المتفق عليه: {كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته} وفي حديث أبي هريرة وهو حديث صحيح، رواه أحمد وأبو داود والنسائي والطيالسي وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل}.
أخي الكريم.. إن المرأة مخلوق له شخصيته، وله كرامته، وله عاطفته، له مطالب للجسد، ومطالب للروح، ومطالب للوجدان، فليس كل مراد المرأة فقط توفير الأكل والشرب واللباس والسكن، لا! هذا لا يكفي، ولا كل مرادها أيضاً اللقاء الجسدي في الفراش فحسب، هذا أيضاً لا يكفي، بل الأمر يتطلب أوسع من ذلك.. حسن الخلق.. الإمساك بمعروف.. حسن المعاشرة.. الصبر على أخطاء المرأة.. التسامح معها، بل ما يقدر الرجل عليه في ذ لك، وهو يقدر على الكثير والكثير.
إن هذا الأمر وهو ترك البنات دون تزويج، على رغم تفاقم الأمر وطول العمر، إنه خيانة لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وسبب لانتشار الفواحش والموبقات، وحري بمن يكون هذا شأنه وهذا عمله، أن يعجل له الله العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له من العذاب يوم القيامة.
فيا من تقدمون على هذا الأمر! إن هذا الأمر أمر عظيم وجرم كبير، أين قلوبكم على محارمكم وبناتكم؟! هل ترضى أنت أن تخالف بنتك زوجها لتعاكس في الهاتف، أو تتصل برجل غيره؟! لماذا تتبرع أنت بتحمل المسئولية عنها؟! تقول: لستم أحرص مني على بنتي، ونقول لك: نعم لسنا أحرص ولا أغير منك على ابنتك، ولكننا نتعجب أين ذهب عقلك؟! ونتساءل أين حنان الأبوة، حينما ألقيت بهذه البنت في هذا البيت الذي لا تجد فيه الرجل الذي تريده، ولا تحبه ولا تقبل به، ولا توافق عليه بدءاً ولا انتهاءً...؟!
كذلك مصادرة حقها أيضاً في الرأي المتعلق بالمنـزل وتقلبات الحياة، من سفر، وإقامة، وتنقل، وحل وترحال، وسكن، وغير ذلك، ومثل قضايا الولائم وسواها، فإن الرجل في كثير من الأحيان لا يجعل للمرأة مجالاً في مثل هذه الأمور، ولا شك أن هناك أشياء تفرض نفسها على الرجل والمرأة على حد سواء. لكن إذا كان ثَمَّ مجال للمشاورة، فإنه لا بأس أن تأخذ رأيها.
إن الرجل الكريم ليس هو ذلك الذي سلم قيادته للمرأة، وأصبح تابعاً لها، تسير به حيث تشاء، فإن هذا ليس من الرجولة في شيء، وما جعل الله تعالى القوامة للمرأة على الرجل، وإنما جعل القوامة للرجل على المرأة، قال الله تعالى: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] ولكن هذا لا يعني أن يبدو الرجل في بيته امبراطوراً، إذا ظهر طأطأت الرءوس، ونكست الأذقان! وقد قال الله تعالى عن رسوله: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً [الأحزاب:21] فاقرأ وراجع ولو في كتاب واحد، كيف كانت معاملة الرسول صلى الله عليه وسلم لأهله، والكلام اللين مع المرأة يحل كثيراً من المشكلات، والتفاهم هو أساس من أسس الحياة الزوجية الناجحة.
ومن الظلم لها أن تُلْقى المرأة في مجال عمل لا يناسبها ولا يلائم طبيعتها، بل يجور على أنوثتها، ويغير من تكوينها وطبيعتها وما جبلها الله تعالى عليه.
ومن الظلم الذي يقع -أحياناً- الإثقال على المرأة بالأوقات التي تقضيها خارج المنـزل في أعمال طويلة عريضة، تبدأ ولا تنتهي، فتأوي المرأة إلى منـزلها وهى مرهقة منهكة، لا وقت لديها للقيام بحقوق الزوج، ولا للقيام بحقوق الأولاد، وقبل ذلك كله القيام بحقوق الله تعالى من طاعته وعبادته وذكره واستغفاره، وإنما تكون مجهدة منهكة، وربما تسبب هذا في مشاكل زوجية، وفي أضرار تربوية، وإنما الجور حينئذٍ من المجتمع الذي أصبح يعامل المرأة كما يعامل الرجل سواءً بسواءٍ.
إننا ونحن نجد اليوم الكثير من بناتنا وفتياتنا قعيدات البيوت بعد التخرج بلا عمل، وبالمقابل نجد الأخريات يعملن دواماً كاملاً، فلماذا لا يفكر -مثلاً- في تقسيم العمل بين هؤلاء وهؤلاء، أو توزيعه بطريقة أخرى، تضمن أن يكون الجميع عنده قدر من المشاركة، وفي نفس الوقت قدر من الفراغ للقيام بحقوق الله تعالى، ثم القيام بحقوق الزوج والأولاد والمنـزل وغير ذلك؟!
ومثل ذلك الجور على المرأة في الأماكن التي تعمل بها أو تعين بها، سواء كانت موظفة أو معلمة أو غير ذلك، فإنها بحاجة إلى مراعاة كونها امرأة، لا تستقل بنفسها في ذهاب ولا إياب، ولا سفر ولا إقامة، ولا غير ذلك. ومثل ذلك الجور في أسلوب معاملتها من الزوج، الذي يريد أن يكون كل شيء منها كما يحب، وينسى وصية الرسول صلى الله عليه وسلم الواردة في الصحيحين: {استوصوا بالنساء خيراً، فإن المرأة خلقت من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها} إن كونك تنتظر من المرأة أن تلبي جميع مطالبك، وتكون لك دائماً وأبداً كما تريد وكما تحب .. إنه طلب المحال، والذي يطلب المحال لا شك يبوء بالفشل.
ومثل ذلك المعاملة أيضاً من الإخوة أو الوالدين أو الأقارب، فلابد أن تكون المعاملة بالرفق: {رفقاً بالقوارير}.
ثانياً: حقها في الميراث، وبعض البيئات تمنع المرأة من الإرث الذي شرعه الله تعالى لها في كتابه، تأسياً بحال أهل الجاهلية الذين كانت المرأة عندهم موروثة لا وارثة، فكان بعض الأقرباء إذا أعجبته زوجة الميت ألقى عليها ثوبه، ثم قال: هذه لي، فلا تكون لأحد غيره إلا أن تفتدي نفسها منه.
ثالثاً: الخروج الشرعي المباح لحاجة أو مصلحة، كخروج المرأة مثلاً لزيارة والديها، فإنه حق مشروع لها أو خروجها لزيارة أهلها، وقد جاء هذا في حديث ضعيف ذكره بعض الشيوخ ولا يصح. ومثل ذلك خروجها للعلاج أو لطلب علم تحتاج إليه أو للدعوة إلى الله تعالى، والدعوة إلى الله تعالى أمر لابد منه في المجتمع، فلابد للناس من آمرين بالمعروف وناهين عن المنكر ومعلمين، ونحن نعلم أنه في مجتمع الرسول صلى الله عليه وسلم كان هناك من النساء من تعلم، بل كانت أمنا عائشة رضي الله عنها، كانت معلمة للرجال، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه: [[ما أشكل علينا أمر؛ فسألنا عنه
وإن كنا نحن جميعاً نرى أن القرار في البيت ولزومه أحسن للمرأة وأفضل، وهو وصية الله تعالى لأفضل النساء وأطهر النساء، أزواج النبي صلى الله عليه وسلم.. قال تعالى: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب:33] لكن هذا الأمر وهذه الوصية لم تمنع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من الخروج للزيارة (زيارة الأهل) والخروج لقضاء الحاجة، والخروج للصلاة في المساجد أحياناً، وصلة الرحم، والخروج مع المسلمين في الغزو.. إلى غير ذلك.
رابعاً: حرمان المرأة من رؤية أبنائها خاصة في حالات الطلاق، حيث يحال بينها وبين فلذات أكبادها.
خامساً: حرمانها من النفقة الواجبة لها في أحوال كثيرة، سواء حين تكون بعصمة الزوج، أو تكون بغير عصمته.
سادساً: منعها من الإنجاب أو منعها من كثرة الأولاد، مع أن الأولاد هم كما قال الله تعالى أنهم زينة الحياة الدنيا: الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [الكهف:46] وما هو تصورك لو كنت أنت عقيماً لا يولد لك؟! كم كنت تشتاق إلى ضم الأولاد وشمهم ورؤيتهم؟ وتفرح حتى بصياحهم وبكائهم. وإذا سمعت صراخاً في بيت الجيران غمك قلبك، وامتلأ صدرك بالحسرة.. فلماذا لا تعامل الناس بهذا المنطق الذي تريده لنفسك؟!
لماذا تمنع زوجتك من الإنجاب؟! ما رأيك لو ماتت دون أن يكون لها ولد؟ ألا تشعر بالحزن والإثم أن تكون سبباً في انقطاعها من الذرية الذين يدعون لها في الدنيا وقد يكونون سبباً في رفعة درجاتها في الجنة؟ إنه لا يجوز للرجل أن يحول دون زوجته ودون الإنجاب.
وبعضهم قد تكون زوجته معه ست سنوات أو سبع سنوات يمنعها من الإنجاب لماذا؟ لأنه لا مكان عنده للتربية ولا وقت مثلاً، أو لأنه يريد أن تكون خفيفة، أو لأنه لم يستقر معه قرارها، امرأة عندك منذ ست سنوات أو سبع أو ثمان وما استقر قرارها معك أو قرارك معها بعد؟! إن هذا أمر لا يجوز بحال.
فعليك أن تتقي الله، والرسول صلى الله عليه وسلم أشهد في خطبة حجة الوداع على رءوس الأشهاد، وعلى رءوس الناس وقال: {اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء، اتقوا الله في النساء؛ فإنهن عوانٍ عندكم - أي: أسيرات في بيوتكم- استحللتم فروجهن بكلمة الله، وأخذتموهن بأمان الله} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ألا فاتقوا الله في النساء، فلا تخالف وصية الرسول صلى الله عليه وسلم إن كنت ترجو أن تحشر معه يوم القيامة، وأن تدخل الجنة، وأن تكون ممن أنعم الله عليهم وحشرهم مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، فلا تخلف وصية محمد صلى الله عليه وسلم في هؤلاء النساء الأسيرات عندك في منـزلك.
وبعضهم يريد أن تنجب بين الحين والآخر، ويجعل بين الولد والولد وقتاً طويلاً جداً، والمرأة تكون متعلقة بالأولاد.
يا أخي... سبحان الله! ما يدريك أن تكون سعادتك أنت في الدنيا والآخرة بسبب بركة هؤلاء الأولاد الذين أنجبتهم لك؟! لماذا تمنع نفسك من الخير، وتحول دون هذا الأمر الذي شرعه الله تعالى، وجعل فيه بركةً وخيراً وبراً؟!
ومما يذكر أن رجلاً كان عنده أربعة أطفال، فقام بربط رحم زوجته لئلا تنجب، فكان أن حصل حادث مفاجئ ذهب فيه هؤلاء الأولاد الأربعة كلهم في لحظة واحدة، فاتقِ الله أخي الكريم! ولا تمنع زوجتك من الإنجاب ما دامت تريده، ولا تحل بينها وبين طفل تضعه في حجرها، وتضمه إلى صدرها، وتشمه فتفرح به، ويكون أنساً لها في حياتها، وسعادةً لها في قبرها وفي آخرتها بدعائه واستغفاره، وهناك شكاوي في الواقع كثيرة في هذا القبيل.
ومن ذلك أيضا العقوق بالأمهات، فهو حرمان من الحقوق الشرعية، والنبي صلى الله عليه وسلم سأله سائل كما في الصحيح: {من أبر؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال: ثم من؟ قال: أمك، قال في الرابعة: أبوك} وفي رواية: {أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل -وهو حديث في الصحيح أيضاً- عن أفضل الأعمال فقال: أيمان بالله، قيل: ثم أي؟ قال: بر الوالدين، قيل: ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله} فقدم صلى الله عليه وسلم بر الوالدين على الجهاد في سبيل الله، والحديث الثالث: {أنه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول: جئت أجاهد معك، وتركت والديا يبكيان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فأضحكهما كما أبكيتهما} وفي رواية: {أنه عليه الصلاة والسلام سأله فقال: أّحَيٌّ والداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد}.
وكان رجل يطوف بالبيت ويدعو الله تعالى على ولده ويقول:
جزت رحم بيني وبين منازلٍ جزاءً كما يستنـزل الدين طالبه |
وربيته حتى إذا ما تركته خا القوم واستغنى عن المسح شاربه |
تغمط حقي ظالماً ولوى يدي لوى يده الله الذي هو غالبه |
أئن رعشت يدا أبيك وأصبحت يداك يدي ليث فإنك ضاربه؟! |
إن من المآسي العظام أن أصبحنا نسمع اليوم قصصاً ترتعد لها الفرائص فزعاً ورعباً. من كان يتصور أن يعتدي رجل على أمه بالقتل؟ وأي قتل؟! إنه يقتلها بكل الوسائل، فيضربها بالسكين، فإذا عجز صب عليها الأسيد، فإذا عجز ضربها بالحجارة، فإذا عجز استخدم كل الوسائل؛ حتى يفلح أخيراً في قتل أمه بهذه الوسائل. سبحان الله! حتى والإنسان يقتل حيواناً أو إنسانا مستحقاً للقتل، يقول النبي صلى الله عليه وسلم، كما في حديث شداد بن أوس وهو في الصحيحين: {إن الله تعالى كتب الإحسان على كل شيء، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته، وإذا قتلتم فأحسنوا القتلة}.
فيا سبحان الله! هذا الأمر الدوي الذي بدأ يتسرب إلى مجتمعاتنا، فضلاً عن العقوق، نساء كثيرات من العجائز، وكبيرات السن والأرامل، قاعدات في البيوت يلقين ألواناً من الضيم والذل والهوان، لا يعلم بها إلا الله عز وجل!
يا أخي! هذه جنتك ونارك، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: {الزمها الزم قدمها فثم الجنة} ..حديث صحيح، فماذا تريد أنت أكثر من أن يجعل الله السعادة في قلبك، ويجعلك مباركاً أينما كنت، ويوفقك في أمور دينك ودنياك، ويجعل الجنة لك بفضله سبحانه! ثم بفضل برِّك بأمك؟!
البر بالأم سبب في السعادة، وسبب في قبول الدعاء، وسبب في سعة الرزق، وسبب في صلاح الأولاد.. إلى غير ذلك من النعم التي ينعم الله بها على البررة.
أولاً: عرض المسلسلات والأفلام الرديئة التي تصور المرأة على أنها تلهث دائماً وراء الرجل، وتبحث عن المتعة لا غير، وهذه الأفلام والمسلسلات تجاهلت الشخصية الإنسانية للمرأة، التي هي سر عبوديتها لله تعالى، وسر كمالها، وسر صلاحها، وسر إنسانيتها ونجاتها في الدنيا وفي الآخرة، وتجاهلت أخلاق المرأة، وتجاهلت عقل المرأة، وتجاهلت شخصية المرأة؛ فلم تظفر المرأة منها إلا بتلك الفتاة التي تلاحق الشباب، وتعاكسهم وتغازلهم، وتترك هذا إلى ذاك، وتتصل بهذا ليغار منها ذاك.
ثانياً: فرض الاختلاط في بعض الجامعات والمدارس والمؤسسات والشركات، وأخيراً البنوك..مما من يجعل المؤمنة بين خيارين أحلاهما مر؛ إما أن تترك هذه الأشياء التي قد يكون لها فيها فائدة، وقد يكون فيها للمسلمين فائدة، وقد تكون ثمة حاجة، بل ربما كان لديها ضرورة، أو أن تختلط بالرجال وتجالسهم، وتحدثهم وتنظر إليهم وينظروا إليها، وفي ذلك من الأضرار والمفاسد ما لا يخفى على عاقل.
ثالثاً: منع ارتداء الحجاب الشرعي أيضاً في بعض الجامعات والشركات، بل يصل الحال كما سمعتم في الأخبار إلى تهديد المنتقبة أحياناً بالفصل من أعمالهن، من شركات معروفة، ومن جامعات معروفة، بل يتعدى الأمر إلى اتخاذ القرار وطرد الفتاة المتنقبة من الجامعة حتى تخلع الحجاب والنقاب.
رابعاً: عدم العناية بالتطبيب النسائي المتخصص للمرأة، حيث يعالج الرجال كثيراً من النساء، وربما وجدت المرأة نفسها مضطرة لمقاساة الآلام، بأمراض أو آلام الوضع، أو غير ذلك، تجنباً لكشف الرجل عليها، وإنَّ من حق المرأة المسلمة على المجتمع، بأفراده، وبتجاره، وبأثريائه، وبأطبائه، وبمسئوليه، أن يوفروا لها المجال المناسب الذي تمرض فيه، وتطبب فيه، وتعالج فيه بستر وصون وعفاف، بعيداً عن أعين الرجال، فضلاً عن أيديهم وما سوى ذلك.
خامساً: تهيئة الفرص للاعتداء على المرأة في أحيان كثيرة، والإستفراد بها مثل تشجيع السفر الانفرادي للمرأة، سواء كانت المرأة مسافرة من بلدها، قادمة من بلد آخر، من غير حاجة أو ضرورة تدعو إلى ذلك، ثم تسهيل وسائل الاتصال من خلال الاتصالات الهاتفية أو الاتصالات المباشرة، أو السيارات، أو الأجرة، أو الليموزين أو غير ذلك.
ثانياً: وأحذرك -أيضاً- عواقب الظلم في الآخرة قال تعالى: يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [غافر:52] مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ * يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ [غافر:19،18].
ثالثاً: تذكر أنك تتعامل مع إنسان كرمه الله تعالى واختاره واصطفاه قال تعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [الإسراء:70] إن بنات آدم وبنات حواء داخلات في هذا التكريم والتفضيل.
ألا تعلم أخي أن امرأة دخلت النار في هرة حبستها، لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض. ألا تعلم أن أخرى دخلت الجنة في كلب سقته فشكر الله لها وغفر لها فأدخلها الجنة: {إن في كل كبد رطبة أجرا ً} كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه.
فهلم أخي الحبيب! وسارع في اغتنام الأجور في بر والديك، والرفق بأهلك وزوجاتك، والإحسان إلى بناتك، والكرامة مع أخواتك، وبذل المعروف والندى لمن تعرف ومن لا تعرف.
رابعاً: إن كنت تريد أن تحشر مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فعليك بعملهم من الإحسان إلى القريب والبعيد، والأمر لأهلك وأولادك وبناتك وأقاربك بالصلاة والزكاة والتقوى، قال الله عز وجل: وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى [طه:132] وقال الله عز وجل: وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ [مريم:55].
ثانياً: عليك أن تتقي الله تعالى وتخافينه، فإنه ما يصيب العبد من أمر إلا وسببه المعاصي والذنوب، قال العباس رضي الله عنه: [[إنه ما وقع بلاء إلا بذنب ولا ر فع إلا بتوبة]] فأسرعي بالتوبة إلى الله عز وجل، واتقي الله تعالى في أعمالك وفي أقوالك، عسى الله تعالى أن يسخر لك من حولك.
ثالثاً: تذكري أن الدنيا لا تصفو لأحد.
حكم المنية في البرية جار ما هذه الدنيا بدار قرار |
بينا يرى الإنسان فيها مُخْبِراً حتى يرى خبراً من الأخبار |
وإذا رجوت المستحيل فإنما تبني الرجاء على شفير هار |
فاقضوا مآربكم عجالى إنما أعماركم سفر من الأسفار |
والموت نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري |
لابد في الحياة من منغصات، جعلها الله تعالى بهاراً في هذه الحياة الدنيا، ليقول لك: إن الدنيا ليست دار مقر، وإنما هي دار ممر، قال عيسى عليه السلام: [[الدنيا قنطرة فاعبروها ولا تعمروها]] لقد جعل الله تعالى في الدنيا المنغصات من الآلام والنقائص والمصائب والنكبات، وآخرها الموت، لتنادي على أهلها بالفضيحة، وألا تتعلقوا بالدنيا ولا تركنوا إليها.
و عليكم أن تستعدوا للدار الآخرة، فاستعيني على ما تلاقين من عناء الدنيا بالصبر والصلاة، قال الله تعالى: وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [البقرة:45] وعليك أن تتقي الله تعالى وتصبري، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة المصابة عندما مَرَّ عليها وهى تبكي على قبر فقال لها: {اتقي الله واصبري}.
رابعاً: أقبلي على تربية أولادك تربية سليمة، وادعي الله تعالى لهم بالهداية والصلاح، وابذلي وسعك معهم، فربما وجدت طعماً آخر للحياة في ظل أولادك، هذا إذا صلحوا واهتدوا، لئلا يكونوا شقاءً يضاف إلى ما تعانينه، عليك أن تبذلي وسعك في تربيتهم ورعايتهم، والدعاء لهم، والحرص عليهم في صغرهم قبل أن يكبروا.
خامساً: أحسني إلى زوجك وإلى أبيك، إلى أخيك ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، فإن هؤلاء هم سترك في الدنيا، وهم في الآخرة جنتك ونارك، واحذري من التفريط بشيء من ذلك.
نعم إنا بنيات هدينا ألا يا كل دنيانا اعرفينا |
نهجنا نهج سيرتهن طراً فكن النسل والخلف الأمينا |
وفي حضن الصفية قد نشأنا فكان لنا مهاداً يحتوينا |
وذاك الربع تملؤه علوم بأسماء ترن به رنينا |
وذاك الربع حفصة عطرته بآي فيه بشرى المتقينا |
بآي لانت الأحجار منها وكانت قبل تأبى أن تلينا |
نعم إنَّا بنيات هدينا نعم سنظل ذخر المسلمينا |
إذا نهبت حقوق الناس قمنا نرد الحق أو نلقى المنونا |
وإن هبت على الإسلام ريح تصدينا بأُسدٍ من بنينا |
(لا تظنوا أنها هي سوف تحارب لكن تحارب بأولادها)
صنعناهم ونعم الصنع كانوا بناة لن تذل ولن تهونا |
زرعنا في قلوبهم افتخاراً بهذا الدين زلزل معتدينا |
نعم إنا بنيات هدينا ونحن إذن وقود الفاتحينا |
نعم إن كان في اليمنى مهادٌ يهز ففي الشمال العالمونا |
إلينا يا شموس الخلد هيا أطلي من علاك وصافحينا |
إلينا يا شموس الخلد طوفي بكل ربوع منبتنا احضنينا |
فكل ربوعنا شهدت تقانا وأشهدت الدنا والعالمينا |
وكل ربوعنا شهدت بأنا على علم وفضل قد بنينا |
فهذا الربع للـالزهراء فيه مجالس قد عمرناها سنينا |
تحدثنا ونصدقها استماعاً حديثاً يمنح القلب المعينا |
حديثاً تشرق الأنوار منه ومنه الزهر يستجدي غصونا |
تعلمن الحجاب وكيف يؤتى حقيقته وكيف به حبينا |
وما فحواه من هدف عظيم وكيف يشيد للتقوى حصوناً |
وكيف يكون صنواً للعفاف وتشرح كل حكم الله فينا |
- ومن ضمن الأسئلة الموجهة إليه أنهم سألوه لماذا كان قد حلق شعر وجهه وأطال شنبه؟
- فقال: إن هذه أصول الشغل لكسب السياح إلى هذه القرية.
- ثم بعد ذلك سُئِلَ: إنك متزوج من امرأتين وهذا مخالف للقانون؟
- فقال يا ولدي، كنت أريد الزواج من أربع، ولو لم يمنعني الرئيس السابق لفعلت.
- ثم سألوه: عن عدد المرات التي أحب فيها؟ قال: أكثر من عدد شعر رأسي.
- ثم سألوه: هل كنت محبوباً مع من أحببت أو كما أحببت؟
قال: لقد كنت ألقب بزير النساء، ليس في تونس فحسب وإنما في منطقة المغرب العربي بأسره، وقد تحدث الركبان بأخباري وقصص مغامراتي النسائية، ولا سيما مع السائحات الأوربيات.
- قالوا له: ما هي نصائحك للشباب حتى يفوز بقلوب الفاتنات؟ -أنا أقرا لكم الآن ليس من صحيفة غربية مترجمة، ولا من صحيفة أجنبية، إنما من صحيفة تصدر من بلاد الحرمين، من أرض الحجاز الطاهرة المقدسة، من جريدة البلاد - تسأل رجلاً تونسياً، نصائحك للشباب حتى يفوز بقلوب الفاتنات -
- فيقول: أنصحهم قبل أي شيء بعدم إظهار الاهتمام الكبير بالفتاة التي تعجب أحدهم، وأن يتحلى بالصبر، وأن يظل متمسكاً بعاداته العربية، وبعد ذلك سيجد أن الفتاة التي أعجب بها هي التي ستلاحقه بدلاً أن يقوم هو بملاحقتها.
فيقولون له: باعتبارك خبيراً بشئون النساء، أي النساء أكثر جمالاً؟ قال: الأوربيات يمتزن بجمال القوام، والعربيات بدفء العاطفة، والآسيويات بالطاعة، والإفريقيات السوداوات بسرعة الوقوع في الحب، ولكنني أنصح كل من يريد أن يتعرف إلى نساء جمال العالم أن يأتي إلى جزيرة جربة في الصيف، لأنه سيجد من الحوريات ما يسر النظر ويفرح القلب، وينشط الشعور، أو كلمة نحو هذا.
إنه منكر عظيم وأمر خطير، والله لم أكن أتصور أن تقدم الجريدة على مثل هذا الكلام ونشره، وهي ما أقدمت إلا لأنكم غافلون، لا تتصلون بهذه الصحف، ولا تراسلونها، ولا تنكرون عليها، والمؤسف أيها الإخوة أننا نشتريها بأموالنا وتقرؤها ونقدمها لأولادنا وبناتنا وزوجاتنا، ثم لا يكلف الواحد منا عناء نفسه، أن يرفع الهاتف على أقل تقدير على الجريدة ليقول: هذا خطأ، أو يرسل فاكساً، أو رسالة بريدية، أو يتصل بأي أسلوب لينكر، ويقوم بهذا الواجب الذي لا يسعه التخلي عنه.
السؤال: الجمعيات النسائية المنتشرة في جميع البلاد، هل تنصح بالمشاركة فيها أو العكس؟
الجواب: أقول: إن كانت المشاركة في هذه الجمعيات، سوف تضمن للأخوات المشاركات الهيمنة على الجمعيات، والتحكم في أنشطتها ومنع المنكرات والمحرمات القائمة فيها، أو تقليل ذلك بشكل واضح فحسن، أما إن كانت المشاركة سوف تؤدي إلى تحسين صورة الجمعيات في نظر المجتمع، دون أن يتمكن الخيرون من الهيمنة على نشاطاتها فلا شك أنه ينبغي تجنبها.
الجواب: هذا يعود إلى أسباب منها ما ذكرنا من أثر الإعلام، ولكن له سبب آخر وهو دور الوالدين والزوج والإخوة والأقارب، فمثلاً أنت حينما تجد شريطاً يناسب المرأة، ويخاطب المرأة، ويتكلم عن حقوق المرأة، تحجبه عن أختك وزوجك؛ لئلا تطلع على بعض حقوقها، فإذا وجدت شريطاً يبين ما عليها من الواجبات أوصلته إليها، وهكذا تصورت أن الأئمة والعلماء والخطباء والدعاة لا يتكلمون إلا عن الواجبات التي تجب عليها، ولا يذكرون الحقوق التي تجب لها.
سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر