إسلام ويب

الجهاد سلعة ثمنها الجنةللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن الناظر إلى حال الأمة الإسلامية اليوم يجد أنها تعيش في واقع مؤسف مرير، واقع الذل والمهانة.. واقع الخزي والعار .. واقع تسلط الأعداء .. واقع تشريد الأطفال وترميل النساء.. ووالله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن على الأمة المكلومة المحزونة، فبالأمس القريب كنا نقود العالم واليوم نقاد.. بالأمس نغزوا واليوم نغزى.. بالأمس كنا منارات هدى للحيارى والتائهين، واليوم نتسكع على موائد الفكر الغربي.. إنها الرزية التي ما بعدها رزية، والذل الذي ليس بعده ذل، ولا مخرج لنا ولا نجاة من هذا الواقع المؤلم إلا بالعودة إلى دين الله والجهاد في سبيله.

    1.   

    إنها الجنة

    بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102]، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا [النساء:1]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71] أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار، وبعد: فحياكم الله جميعاً أيها الآباء الفضلاء وأيها الإخوة الأحباب الأعزاء، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله العظيم جل وعلا الذي جمعنا وإياكم في هذا البيت المبارك على طاعته أن يجمعنا وإياكم في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى في جنته؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله: سلعة ثمنها الجنة، هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم في هذا اليوم الأغر المبارك، وكعادتنا فسوف ينتظم حديثنا مع حضراتكم تحت هذا العنوان في العناصر التالية: أولاً: واقع مرير. ثانياً: شرف الجهاد وفضله. ثالثاً: صورة مشرقة. رابعاً: التولي كبيرة. وأخيراً: لا عز إلا بالجهاد. فأعيروني القلوب والأسماع، فإن هذا الموضوع في هذه الآونة الحرجة من الأهمية بمكان، والله أسأل أن يرزقنا الصواب والسداد والتوفيق، وأن يجعل أقوالنا وأعمالنا خالصة لوجهه؛ إنه ولي ذلك ومولاه، وهو على كل شيء قدير.

    1.   

    واقع مرير في حياة الأمة

    أيها الأحبة: لن أطيل الحديث في تشخيص الواقع المرير الذي تحياه الأمة في هذه الأيام، فإن هذا الواقع معروف للصغير قبل الكبير، ومعروف للقاصي قبل الداني، فوالله إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لما حل بالأمة لمحزونون. أيها الأحباب! إن الناظر إلى أمة الإسلام سيبكي دماً بدل الدمع إن كان ممن يتحرق قلبه على أحوال أمته الجريحة المسكينة، فإن الأمة قد ذلت بعد عزة، وضعفت بعد قوة، وجهلت بعد علم، وأصبحت في ذيل القافلة الإنسانية بعد أن كانت تقود القافلة كلها بالأمس القريب بجدارة واقتدار. أصبحت الأمة اليوم تتأرجح في سيرها، بل ولا تعرف طريقها الذي يجب عليها أن تسلكه وأن تسير فيه بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب الدليل الحاذق الأرب للدروب المتشابكة في الصحراء المهلكة التي لا يهتدي للسير فيها إلا الأدلاء الأذكياء المجربون، وأصبحت الأمة الآن تتقوت على موائد الفكر الغربي بعد أن كانت الأمة بالأمس القريب منارة تهدي الحيارى والتائهين والضالين الذين أحرقهم لفح الهاجرة القاتل، وأرهقهم طول المشي في التيه والظلام. إن كان الله جل وعلا قد وصف الأمة في القرآن بالوسطية والوسطية هي الاعتدال بتفسير النبي صلى الله عليه وسلم فإننا نرى الأمة الآن قد تركت منهج الوسطية وجنحت إلى الشرق الملحد تارة وإلى الغرب الكافر تارة أخرى. وإذا كان الله جل وعلا قد وصف الأمة في القرآن بالخيرية فقد علل الله خيريتها بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والإيمان بالله جل وعلا، ولكنك ترى الأمة الآن -إلا من رحم ربك جل وعلا من أبنائها- لا تأمر بالمنكر ولا تنهى عن المعروف، بل ويشرك بالله جل وعلا على مرأى ومسمع ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإذا كان الله عز وجل قد وصف الأمة في القرآن بالوحدة إلا أنك ترى الأمة الآن قد تمزق شملها، وتشتت صفها، وتقسمت إلى دول بل إلى دويلات، بل وتفككت الدويلات هي الأخرى إلى أجزاء، بل وتقسمت الأجزاء من الدويلات إلى أجزاء، ووضع الاستعمار بين هذه الدويلات والجزئيات مسماراً عفناً نتناً ألا وهو مسمار الحدود، يطرق عليه الأعداء بعنف وقوة من آن لآخر لتشتعل نار الفتن بين هذه الدويلات الصغيرة التي لا تحرك ساكناً، ولم يعد يلتفت إليها الشرق الملحد أو الغرب الكافر. لقد تحولت الأمة الآن إلى قصعة مستباحة من أذل وأخس وأحقر أمم الأرض، أصبحت الأمة الآن قصعة مستباحة لإخوان القردة والخنازير.. للصرب المجرمين.. للملحدين الشيوعيين.. لعباد البقر الأنجاس. لقد أذل الله الأمة الآن لمن كتب الله عليهم الذل والذلة والمهانة! وأنا أتساءل دوماً وكثيراً وأقول: هل رأيتم أذل ممن أذله الله للأذل؟ لا والله، ولا أريد أن أفصل في تشخيص الداء فإنه معلوم، والسؤال الآن: ما الذي أوصل الأمة إلى هذا الحال وإلى هذا الواقع المرير؟ والجواب -أيها الأحبة- في آية واحدة محكمة من كتاب الله جل وعلا: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]. والله لقد غيرت الأمة وبدلت.. بدلت في جانب العقيدة.. في جانب العبادة.. في جانب التشريع، بل تجرأت وتحدت ربها جل وعلا، ونحت شريعة نبيها، وحكمت في الأعراض والأموال والفروج القوانين الوضعية والمناهج الأرضية من صنع المهازيل من البشر من الملحدين والشيوعيين والديمقراطيين والعلمانيين والساقطين بل والتافهين، ممن قال عنهم المصطفى في حديثه الصحيح الذي رواه أحمد وغيره: (يأتي على الناس سنوات خداعات، يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قيل: ومن الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة) ووالله لقد تكلم التافهون لا في أمر العوام بل في أمر دين الله جل وعلا وشريعة النبي عليه الصلاة والسلام. أيها الأحبة: لقد غيرت الأمة وبدلت في كل جانب من الجوانب إلا من رحم ربك جل وعلا، وما هذا الواقع المرير الذي أراه إلا عدلاً من الله جل وعلا إذ إن الله لا يحابي أحداً من الخلق بحال مهما ادعى لنفسه من مقومات المحاباة. أيها الأحبة! لقد شخص النبي صلى الله عليه وسلم الداء في كلمات بسيطة، وحدد لهذا الداء الدواء، فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم الداء والدواء لأي داعية من الدعاة ليحدده على حسب نظرته أو على حسب هواه، بل حدد الداء في حديثه الصحيح الذي رواه أبو داود من حديث ثوبان رضي الله عنه: (يوشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قالوا: أومن قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟ قال: كلا، ولكنكم يومئذ كثير، ولكن غثاء كغثاء السيل، وليوشكن الله أن ينزع المهابة من قلوب عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا وكراهية الموت) هذا هو الداء. ولقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم الداء في حديث آخر رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن عمر وصححه الألباني وغيره، قال صلى الله عليه وسلم: (إذا تبايعتم بالعينة) والعينة نوع من أنواع البيوع الربوية المحرمة ولا مجال للتفصيل في هذا البيع الآن. قال: (إذا تبايعتم بالعينة، ورضيتم بالزرع، وتبعتم أذناب البقر، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم). يوم أن حرفت الأمة الإيمان بالله ونخر الفكر الغربي في جسد الأمة، وشوهت العقيدة الصافية، ودنس صفاؤها وعكر نقاؤها، وانحرفت الأمة عن المعتقد الصحيح، وعن حقيقة الإيمان التي قال عنها علماؤنا: قول باللسان، وتصديق بالجنان، وعمل بالجوارح والأركان، وانطلقت الأمة لتستغيث بغير الله، ولتستعين بالشرق الملحد والغرب الكافر، ولتذبح لغير الله، ولتقدم النذور لغير الله، ولتسأل الأموات من دون الله، بل ولتنحي شريعة الله جل وعلا، ووقعت في شرك مظلم معتم إلا من رحم ربك جل وعلا، وتركت بعد ذلك الجهاد في سبيل الله، وأخلدت إلى الوحل والطين، وعاش المسئولون في هذه الأمة يعبدون العروش والكروش والقروش، وبذلوا كل ما يملكون حتى العقيدة من أجل الحفاظ على هذا الكرسي الزائل والمنصب الفاني، ومن أجل إرضاء السادة والكبراء الذين أجلسوهم على هذه الكراسي، ولعبوا بهم من وراء الكواليس كلعبة العرائس أو الدمى على مسرح يتلهى به الساقطون والسذج والرعاع. أيها الإخوة! لما أخلدت الأمة إلى الأرض وتركت الجهاد في سبيل الله سلط الله عليها إخوان القردة والخنازير، والصرب الكفرة المجرمين، والشيوعيين الملحدين، وعبدة البقر والفئران المجرمين في كشمير، وهأنتم ترون الصورة بهذا الواقع المرير، وبهذا الظلام، نسأل الله جل وعلا أن يسعد قلوبنا وإياكم بنصرة الإسلام وعز المسلمين، وإِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ [الرعد:11]. أيها المسلمون! واقع مرير، ولا خروج من هذا الواقع المرير الذي تحياه الأمة الآن إلا إذا رفعت الأمة من جديد راية ذروة سنام الإسلام، راية الجهاد في سبيل الله، والله لقد تمنيت من كل قلبي أن لو أسمعت هذا الموضوع وهذه الخطبة لكل مسئول في هذه الأمة، لا أقول لمسئولينا في مصرنا -أسأل الله أن يحفظها- وإنما تمنيت أن لو أسمعت هذا لكل مسئولي هذه الأمة الذين يتعرضون الآن للذل والمهانة من قبل أعداء الله جل وعلا، ولو فطنوا إلى أن الشباب الذين أعلنت عليهم الحرب اليوم هم القوة الرادعة لأعداء الله جل وعلا لاحتضنوا هؤلاء الشباب، ولوضعوهم في القلوب، وأطبقوا عليهم العيون، فإنه إذا جد الجد وحمي الوطيس فهم أسوده. أيها الأخيار! ها نحن نرى اليهود يتلاعبون بالأمة كلها، بل وبالعالم كله، وما أخبار المفاعل النووي في (ديمونة) من أحد ببعيد. وها نحن نسمع الآن وزير خارجيتنا يصرح بتصريحات جريئة بل وخطيرة، ولو علم الحكام قوة هؤلاء الشباب الذين يتشوقون للجهاد في سبيل الله لوضعوا هؤلاء الشباب في القلوب ولفتحوا الباب على مصراعيه لشباب توضأ لله جل وعلا، وقام الليل يتضرع إلى الله أن يرفع الله علم الجهاد، ليقوم هؤلاء ليسدوا بصدورهم فوهات مدافع أعداء الله جل وعلا. أيها الأحبة! لا عز لهذه الأمة إلا بالجهاد، وأنا أعلم علم اليقين أن الحديث عن الجهاد أصبح جريمة، ويقابل بتعسف شديد وباستنكار، بل وأصبح الحديث عن الجهاد تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام، لكن تمنيت أن لو فهم الحكام حقيقة الجهاد الذي أنادي به الآن، فأنا ما قصدت به التطرف؛ لأن إعلامنا العميل قد شوه الصورة فهو متخبط في قلب الحقائق وتشويه الصور، فقد شوه الإعلام صورة الجهاد، وطمس الصورة المشرقة للجهاد، وخلط بينما يسميه بالإرهاب والتطرف .. . إلى آخر مسمياتهم، بل وخلط الإعلام بين هذه الصورة وبين الصورة المشرقة للجهاد في سبيل الله ضد أعداء الله من الكافرين والمنافقين. أيها الأحباب! لا بد أن يعي الحكام حقيقة الجهاد حتى لا يصبح الجهاد بعبعاً يخشونه الحكام في كل بلد من بلاد المسلمين، يخشون من مجرد سيرته أو من مجرد الحديث عنه، لأن القائمين على الإعلام قد قلبوا الحقائق وشوهوا الصور.

    1.   

    شرف الجهاد وفضله

    أيها الأحبة! عنصرنا الثاني من عناصر هذا اللقاء: شرف الجهاد وفضله. أحبتي! لقد أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالدعوة إليه، ونادى عليه بقوله: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ [المدثر:1-2] فقام النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقعد ولم ينم حتى لقي ربه جل وعلا، ثم خاطبه بعد هذه المرحلة السرية، بأن يجهر بالدعوة، والسرية والجهرية في الدعوة قائمة إلى يومنا هذا بحسب ما تقتضيه مصلحة الدعوة، وانطلق عليه الصلاة والسلام يدعو الناس إلى الله سراً في الظلام وتحت السراديب لماذا؟ لأن للأصنام جيوشاً من الغضب، ولأن عباد الأصنام ينحر بعضهم بعضاً من أجل ناقة، فما ظنك بما سيفعلونه من أجل آلهتهم التي يذبحون لها آلاف النياق؟! وبعد ثلاث سنوات أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يجهر بالدعوة بقوله: فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر:94] فقام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ليجهر بدعوة الله على رءوس المشركين بمكة، فصدع بأمر الله ودعا إلى الله الصغير والكبير، والذكر والأنثى، والحر والعبد، والأحمر والأسود، فأرغت قريش وأرعدت وأزبدت، ودقت طبول الحرب وأوعدت، وازداد الإيذاء واشتد البلاء، وأصاب هذا البلاء صاحب الدعوة، وابتلي المصطفى صلى الله عليه وسلم، ووضع التراب على رأسه! يا شباب الصحوة! وضع التراب على رأس الحبيب محمد! ووضعت النجاسة على رأسه، وتقدم إليه مجرم ليخنق أنفاسه. وابتلي أصحاب الحبيب... وأنتم تعلمون ماذا فُعل بـبلال وماذا فعل بـعمار وماذا فعل بأم ياسر وماذا فعل بـخباب وبغيرهم، وعندها أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة إلى بلاد الحبشة مرتين. لماذا الهجرة إلى الحبشة؟ لأن بها ملكاً لا يظلم عنده أحد، ولما كثرت جراحات أصحاب النبي صلى الله من أثر التعذيب الذي لاقوه على أيدي المشركين والمجرمين في مكة؛ هاجروا إلى الحبشة، ومع ذلك، لم يأذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في القتال. يا شباب الإسلام! ليس من الحكمة مطلقاً أن تقاتل فئة قليلة أمة طاغية عاتية جندت كل طاقاتها وإمكانياتها للصد عن سبيل الله ولمحاربة دين الله، بل وليس من فقه الدعوة ولا من الدين، إنما قد لا ينسحب هذا الحكم على بعض الأفراد، فإن الذي ندين الله به أنه على طول خط الدعوة رأينا من الأفراد من يبذل روحه لدين الله جل وعلا ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، لكنني أتكلم في الجملة وبالمجموع، فليس من الحكمة أن تواجه. وهأنذا أكرر للمرة الثالثة: ليس من الحكمة أن تواجه فئة في صورة ضعيفة لا يملكون فيها شيئاً أمة طاغية جندت كل الطاقات والإمكانيات للصد عن سبيل الله جل وعلا، وإنما في هذه الحالة تتحرك كما تحرك النبي صلى الله عليه وسلم في مرحلة استضعاف، وهأنذا أقول بملء فمي: نحن نعيش الآن مرحلة استضعاف، بل ومرحلة ذل. يا إخوة! يا من تحرككم الحماسة والعاطفة فقط اعلموا أننا الآن ندفع الجزية، ولا بد من فقه مراحل الجهاد، ولا بد من النظر إلى الأمر نظرة كاملة، إذ إن العاطفة وحدها لا تكفي، وإذ إن الحماس وحده لا يكفي، وأنا أقول ذلك ووالله لا أبتغي به إلا وجه الله، فإن الحركة الإسلامية الآن في أمس الحاجة إلى هداة ودعاة مخلصين لا يجاملون الحركة على حساب منهج الله جل وعلا، إذ لا بد من فهم النصوص العامة والخاصة للربط بينها وبين المناطات الخاصة والعامة ربطاً صحيحاً حتى لا نضع النصوص في غير موضعها، أو نستشهد بالأدلة في غير محلها. أيها الأحبة الكرام: في هذه المرحلة من الاستضعاف لم يأذن الله لنبيه ولا لأصحابه بالقتال، بل أمر الله عز وجل نبيه بقوله: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ [الطور:48] .. فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف:89] تحرك أنت للدعوة.. جيش الأمة كلها للدعوة لدين الله! أيها الأحبة: جيشوا الأمة كلها للدعوة لدين الله جل وعلا: فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ [الزخرف:89]. وبعد مرحلة الجهر بالدعوة اشتد البلاء والإيذاء، وبلغ الإيذاء ذروته بتدبير مؤامرة حقيرة لاغتيال صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم، فأمر الله نبيه بالهجرة من مكة إلى المدينة، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بالهجرة من مكة إلى المدينة، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أسس للإسلام دولة بكل ما تحمله معنى كلمة دولة: قائد .. جيش .. رجال .. قوة .. أرض، وهنا بل وهنا فقط أذن الله للنبي والمسلمين معه بالقتال ولم يفرض القتال عليهم، بل أذن لهم في صد العدوان لتأمين الدعوة، فقال جل وعلا: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الحج:39-40] ألم أقل لكم هذه هي الجريمة القديمة الحديثة: أن تقول: لا إله إلا الله: إلا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ [الحج:40-41] أذن الله بصد العدوان بالقتال لتأمين الدعوة وحماية النفس، ولم يفرض الله القتال على النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وفي السنة الثانية من الهجرة -وهذه هي المرحلة الرابعة من مراحل التشريع الجهادي- أمر الله النبي والمؤمنين معه بالقتال، وفرض الله القتال عليهم بقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [البقرة:216] وهنا أصبح القتال فرضاً على النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين معه والمؤمنين من بعده إلى أن يرث الله الأرض من عليها، ولا تصدقوا الكذابين والأفاكين والمجرمين الذين أرادوا أن يميتوا الجهاد، فإن الجهاد ما مات ولم يمت ولن يموت بإذن الله، وأسأل الله جل وعلا أن يسعدنا وإياكم برفع علم الجهاد؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه. ولقد بين الله شرف الجهاد بعد ذلك، وحث الله المؤمنين على الجهاد فقال جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ [الصف:10] هأنذا الآن لو قلت لحضراتكم: أيها الناس هل أدلكم على تجارة يربح فيها صاحب الألف ألفين.. هل أدلكم على تجارة يربح فيها صاحب المليون مليونين، لحلقت الأعين وأنصتت الآذان. نعم. فهذه تجارة مربحة، ولقلتم بصوت واحد: أين.. دلنا!! هأنذا أدلكم على تجارة أغلى من ذلك وأربح من ذلك، يقول الحق جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ [الصف:10-13] اللهم عجل بالفتح يا رب العالمين! : نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ [الصف:13] هل تصدقون الله رب العالمين؟! انتبهوا يا شباب الصحوة! فقد أمر الله بالإيمان قبل الجهاد: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا [الصف:10] فأثبت لهم عقد الإيمان ابتداءً، ثم قال: هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [الصف:10-11]. يا إخوة: والله الذي لا إله غيره لن نرى للإسلام دولة، ولن نرى حاكمية تطبق الشريعة إلا إذا حققنا الإيمان ابتداءً، وربينا الناس على عقيدة التوحيد بصفائها وشمولها وكمالها. يا إخوة! الإسلام لبنة أساسه العقيدة، فالإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة تنظم كل شئون الحياة، ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم، فمحال والله أن نرى ما نحلم به إلا بمثل ما بدأ به المصطفى، وقد بدأ بالتربية.. بالعقيدة. لا تتعجب أيها الشاب، ولا تقل لي: أنت تريد منا الآن أن نبدأ بالتربية على العقيدة من جديد، والأمة تضرب بالنعال؟! أقول لك بملئ فمي وأعلى صوتي: لن تجني ثمرة على الإطلاق ولو عشت ألف سنة إلا إذا ربيت من جديد على العقيدة بصفائها وشمولها، وأنت لست مسئولاً عن النتيجة، والله لن يسألك عن النتيجة، إنما سيسألك عن العمل: وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105] لن يسألني الله عن نتيجة الدعوة، ولا عن نتيجة العمل، وما علي الآن إلا أن أدعو، سواءً اهتدى الناس أم لم يهتدوا، فليس هذا من شأني، بل ولا من شأن غيري، إنما هو من شأن العزيز الحميد. لقد خاطب الله إمام الدعاة وسيد النبيين بقوله: لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [البقرة:272] .. إِنَّمَا أَنْتَ مُنذِرٌ [الرعد:7] .. يَا أَيُّهَا ا

    1.   

    صور مشرقة من حياة الصحابة الكرام في ميادين الجهاد

    عباد الله! إن شرف الجهاد عظيم, وإن فضل الجهاد كبير، ولما علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بذلوا أرواحهم لله جل وعلا، وإن عنصرنا الثالث: صور مشرقة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:

    أنس بن النضر

    فهذا أنس بن النضر -وحديثه في الصحيحين- في غزوة أحد يسمع الخبر: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتسري الفتنة والفاجعة بين الجنود كسريان النار في الهشيم، حتى وضع بعض الصحابة السلاح وأرادوا الرجوع إلى المدينة، وقالوا: ماذا نصنع بالحياة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمر عليهم أنس بن النضر فأخبروه بذلك فصرخ فيهم وقال: قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التفت فرأى سعد بن معاذ فقال له: يا سعد ! إني لأجد ريح الجنة، وترك أنس بن النضر سعد بن معاذ وانطلق في صفوف القتال ليقاتل محتسباً مقبلاً غير مدبر، فمن الله عليه بالشهادة، فما عرفته إلا أخته ببنانه، وبه بضع وثمانون جرحاً ما بين ضربة بسيف ورمية بسهم وطعنة برمح.

    عمير بن الحمام

    وهذا عمير بن الحمام يقف إلى جوار النبي صلى الله عليه وسلم على أرض المعركة في بدر ليرفع النبي هذا التبليغ الكبير: (أيها الناس قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض)، الله أكبر! فسمع عمير بن الحمام ، هذا الشاب العملاق، سمع هذا النداء من القائد الأعلى بأبي هو وأمي حيث أفاد: (قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض، فقال عمير : بخ بخ ! جنة عرضها السماوات والأرض، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم عميراً ، فقال: يا عمير ما حملك على أن تقول بخ بخ؟ قال: لا والله يا رسول الله إلا أني رجوت أن أكون من أهلها، فقال المصطفى: أنت من أهلها). يا إلهي! هكذا يبشر على الفور بالجنة وهو لا زال على تراب الدنيا، والمبشر له هو المصطفى الصادق المصدوق، يقول له: (أنت من أهلها) فاطمأن عمير ، وأخرج تمرات معه ليأكلها ليتقوى بها على القتال، وما أخرج تلك الكلمات إلا ليرفع بها معنوياته، فما أتوا له براقصة داعرة لترفع معنويات الجيش، بل سمع هذه الكلمات فارتفعت معنوياته .. كلمات الطهر والصدق، وأخرج التمرات ليأكلها ليتقوى على القتال، فأكل تمرة أو أكثر، ثم تفكر في كلام المصطفى وفي حقيقة الأمر، وقال: جنة عرضها السماوات والأرض! كأن ما بيني وبين الجنة إلا أن ألقي بهذه التمرات وأن أنقض في الصفوف لأقاتل فأقتل لأدخل الجنة، والله لئن حييت حتى آكل هذه التمرات إنها إذاً لحياة طويلة!. أيها الاحباب! تمنيت أن لو سمع ذلك عباد العروش والقروش والكروش.. يعتقد أن الحياة لأكل بعض التمرات طويلة!

    حنظلة بن أبي عامر

    وهذا شاب آخر في أول أيام عرسه، في ليلة أنس وعرس، يسمع النداء: يا خيل الله اركبي، حي على الجهاد، حي على الجهاد، فينزع نفسه من بين أحضان عروسه، أو إن شئت فقل: ينزعه الإيمان من بين أحضان عروسه وينطلق مسرعاً على الفور لينال شرف الصف الأول خلف رسول الله، وتنتهي المعركة، ويرفع التقرير للحبيب محمد، يا رسول الله إننا نرى أثر ماء على أرضنا، ونزل النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه فرأى أثر الماء على حنظلة، فقال النبي: اسألوا زوجته، اسألوا أهله، فرفعت زوجة حنظلة هذا التقرير العجيب وقالت: إن حنظلة لما سمع المنادي يقول: يا خيل الله اركبي! حي على الجهاد! حي على الجهاد! كان جنباً فلم يمهله الوقت ليرفع عن نفسه الجنابة، فانطلق لينال شرف الصف الأول خلف الحبيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقط شهيداً في ميدان القتال، فلما سمع النبي صلى الله عليه وسلم ذلك قال: (إن الله جل وعلا قد أرسل ملائكة من السماء بماء من الجنة لتغسل حنظلة ، ولترفع عنه الجنابة، ليلقى الله جل وعلا وهو طاهر). إنهم الأبطال! إنهم الرجال الذين عرفوا حقيقة الدنيا!! اللهم إنا نشهدك أننا نحب الجهاد في سبيلك، اللهم إنا نشهدك أنا نتمنى الجهاد في سبيلك، اللهم إنا نشهدك أن لو نادى المنادي الآن: يا خيل الله اركبي حي على الجهاد لرأيت من هذا الشباب ومن هؤلاء الشيبان من هو كـحنظلة ، ومن هو كـعمير بن الحمام ، ومن هو على شاكلة خالد . اللهم إنا نشهدك أن من شباب الأمة الآن من يتمنى أن لو سد فوهات المدافع بصدره لتكون كلمتك هي العليا!! اللهم ارفع علم الجهاد، واقمع أهل الزيغ والفساد برحمتك يا أرحم الراحمين!

    1.   

    عظم التولي يوم الزحف

    عباد الله! لقد حرم الله جل وعلا التولي من ساحة الجهاد، بل وجعله كبيرة من الكبائر، فقال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [الأنفال:45]، وقال الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال:15-16] يبوء بغضب الله ومأواه جهنم؛ لأنه فر من ساحة الشرف والبطولة. يا عابد الحرمين لو أبصرتنا لعلمت أنك بالعبادة تلعب من كان يخضب خده بدموعه فنحورنا بدمائنا تتخضب ريح العبير لكم ونحن عبيرنا رهج السنابك والغبار الأطيب من كان يتعب خيله في باطل فخيولنا يوم الصبيحة تتعب ولقد أتانا من مقال نبينا قول صحيح صادق لا يكذب لا يستوي غبار خيل الله في أنف امرئ ودخان نار تلهب هذا كتاب الله ينطق بيننا ليس الشهيد بميت لا يكذب من علم هذه الحقيقة بذل نفسه وهو يعلم أنه سيفوز بإحدى الحسنين: الشهادة أو النصر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ [الأنفال:15-16] وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن التولي كبيرة، كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة : (اجتنبوا السبع الموبقات، قالوا: يا رسول الله وما هن؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات). أسأل الله أن يجعلني من : الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:18] وأرجئ الحديث عن العنصر الأخير إلى ما بعد جلسة الاستراحة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.

    1.   

    لا عزة إلا بالجهاد

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فيا أيها الأحبة: لا عزة إلا بالجهاد، وأعلم يقيناً أنكم تعلمون ذلك، وتمنيت أن لو أسمع من لا يعلم ذلك، فأسأل الله أن يبارك بهذه الكلمة وأن يوصلها كيف شاء. أيها المسئولون أيها الحكام؛ ها أنتم تصرحون الآن على ألسنة وزرائكم أن اليهود يتحدون العالم كله، وهأنتم توقعون على نزع السلاح النووي من منطقة القارة الأفريقية وتنادون بنزع السلاح النووي من إسرائيل، بل وحدد بمنتهى الصراحة وزير خارجيتنا وأعلن أنه لن يسمح على الإطلاق بأن تمتلك إسرائيل السلاح النووي، ويحذر من المواجهة المسلحة في المنطقة مرة أخرى، وأنتم تعرفون ما لا نعرفه نحن، فلماذا لا تفتحون صفحة جديدة مع الشباب المسلم؟ والله الذي لا إله غيره إذا جد الجد لن يفر من الميدان إلا من ترفعونهم اليوم على الرءوس وفوق الأعناق. هل تتوقعون أن يحمل السلاح ضد اليهود وأذناب اليهود وأعداء الأمة الممثلون الساقطون الهابطون؟ هل تتوقعون أن يدافع عن الأرض والعرض والعقيدة المطربون والمطربات، واللاعبون واللاعبات؟ لا والله، فلن يدفع العدو الذي يصول الآن ويجول إلا هذا الشباب الطاهر الذي توضأ لله جل وعلا، وقام بالليل يبكي، وكاد قلبه أن يحترق وهو يرى الأمة من حوله مبعثرة، والدماء من حوله تنزف والأشلاء من حوله تتمزق، ومع ذلك فإن الطواغيت قد وضعوا في وجهه العقبات والعراقيل والسدود، بل واتهموه بأبشع التهم إن اشتاق إلى الجهاد في سبيل الله، يخرج لينصر إخوانه في أفغانستان فيتهم بالتطرف والإرهاب .. يذهبون إلى البوسنة فيشار إليهم بأصابع الاتهام... هؤلاء تدربوا على السلاح! لماذا لا نستغل مثل هذه الطاقات في محاربة أعداء الله؟! تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ [الأنفال:60]. نحن لا ننادي بأعمال الفوضى مطلقاً داخل البلاد، فإننا لا نوافق على ذلك على الإطلاق، بل إنني أقول لهؤلاء: والله إننا أحرص على أمن مصر منكم، وأحرص على مصر منكم، فلماذا يتهم هؤلاء على طول الخط؟! لماذا يشار إليهم بأصابع الاتهام في كل المناسبات بل وبدون مناسبات؟ لماذا لا تفتح لهم الصفوف؟ لماذا لا يستمع إلى رأيهم؟ ما توجههم، ما هي أمنيتهم، ما هي هويتهم؟ هويتهم تحكيم الشريعة. هل هذا إرهاب؟! هل من ينادي بأن يحكم قرآن الله، وأن تحكم شريعة رسول الله إرهابي متطرف؟! قالوا تطرف جيلنا لما سما قدراً وأعطى للطهارة موثقا ورموه بالإرهاب لما أبى الخنا ومضى على درب الكرامة والسخا أوكان إرهاباً جهاد نبينا أم كان حقاً بالكتاب مصدقا أتطرف إيماننا بالله في عصر تطرف بالهوى وتزندقا إن التطرف أن نذم محمداً والمقتدين به نمدح عفلقا إن التطرف أن نبادل كافر حباً ونمنحه الولاء محققا إن التطرف وصمة في وجه من جعل البوسنة جمراً محرقا شتان بين النهر يعذب ماؤه والبحر بالملح الأجاج تفتقا ما هو التطرف؟ ما هو الإرهاب؟ لماذا لا تفتح الصفوف لشباب الإسلام ليعدوا لمثل هذا اليوم؟ ووالله إنه لقادم، إنه لوعد الله ووعد الصادق رسول الله الذي لا ينطق عن الهوى. هذا نداء إلى حكامنا ومسئولينا: إننا لا نريد على الإطلاق فتناً أبداً، ولا نريد على الإطلاق أن تخدش لبنة في جدار من جدران مصر أبداً، إننا نواجه ذلك على طول الخط، إذ إننا نعلم يقيناً أن الدعوة إلى الله لن تثمر إلا في جو هادئ آمن مطمئن. أيها الأحبة! إن المرحلة التي نحياها الآن تحتاج من كل فرد منا، ومن كل رجل، ومن كل شاب، ومن كل طفل، ومن كل أخت، ومن كل فتاة. تحتاج من أن نربي أنفسنا على الأقل -وذلك أضعف الإيمان- تربية إيمانية صحيحة بشمولها وكمالها، لا نريد علماً فقط، ولا أريد أن يقعد الإخوة لطلب العلم الشرعي فقط، وإنما أريد أن نحول هذا العلم في حياتنا إلى واقع، وأن نجيش الأمة كلها دعوياً لدين الله جل وعلا؛ لنكون القاعدة الصلبة التي تحمل دين الله وتنطلق بدين الله لتنادي على الجميع بتحقيق دين الله، وحينئذ يفرح المؤمنون بنصر الله! والله أسأل أن يقر أعيننا وإياكم بنصرة الإسلام وعز الموحدين! اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم ارفع علم الجهاد، اللهم اقمع أهل الزيغ والفساد، اللهم اقمع هل الزيغ والفساد، اللهم أقر أعيينا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم أقر أعيننا بنصرة الإسلام وعز الموحدين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين، اللهم اشف صدور قوم مؤمنين! اللهم إنا نشكو إليك خيانة الخائنين، وإشراك المنافقين، وضعف الموحدين، اللهم إنا نشكو إليك إجرام المجرمين، وخيانة المنافقين، وضعف الموحدين! اللهم ارحم ضعفنا، اللهم ارحم ضعفنا، اللهم ارحم ضعفنا! اللهم اجبر كسرنا، اللهم اغفر ذنوبنا، اللهم استر عيوبنا، اللهم آمن روعاتنا، اللهم تول أمرنا! اللهم فك أسرنا، اللهم واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، اللهم إن أردت بالناس فتنة فاقبضنا إليك غير خزايا ولا مفتونين ولا قانطين ولا مضيعين ولا مغيرين ولا مبدلين، برحمتك يا أرحم الراحمين! اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم انصر المجاهدين في كل مكان، اللهم قيض لأمة التوحيد أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، أنت ولي ذلك ومولاه! اللهم قيض للأمة قائداً ربانياً يحكم الأمة بكتابك وبسنة رسولك صلى الله عليه وسلم، لينصر دينك لتنصره والأمة يا رب العالمين! اللهم احمل المسلمين الحفاة، واكس المسلمين العراة، وأطعم المسلمين الجياع، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم ارزقنا الشهادة في سبيلك، اللهم وإن كان الطواغيت قد منعونا من الجهاد فإنا نشهدك أننا نحدث أنفسنا بالصبر والجهاد في سبيلك! اللهم واختم لنا بالشهادة ولا تحرمنا الزيادة، اللهم وأدخلنا الجنة ولا تحرمنا الزيادة! اللهم احفظ شباب الأمة! اللهم أصلح حكامنا، اللهم اهد حكامنا، اللهم اهد حكامنا، اللهم ردهم إليك رداً جميلاً! اللهم ردهم إلى القرآن رداً جميلاً، اللهم ردهم إلى السنة رداً جميلاً، اللهم ردهم إلى الحق رداً جميلاً، اللهم ارزق علماءنا الصدق والإخلاص، اللهم جنب علماءنا الرياء والنفاق، اللهم جنب علماءنا الرياء والنفاق، اللهم ارزق علماءنا الصدق والإخلاص، واجمع كلمتهم يا رب العالمين! اللهم اجمع شمل الأمة، اللهم وحد صفها، اللهم لا تمزق شملها، اللهم اجمع كلمتها يا رب العالمين، اللهم استرنا ولا تفضحنا وأكرمنا ولا تهنا وكن لنا ولا تكن علينا! اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك! اللهم أكرمنا ولا تهنا وكن لنا ولا تكن علينا! اللهم من أرادنا والإسلام بخير فوفقه لكل خير، ومن أرادنا والإسلام بسوء فأشغله بنفسه ودمره كما دمرت عاداً وثمود، حسبنا الله ونعم الوكيل من كل ظالم يمكر بنا! اللهم إنا نعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم إنا نعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا، اللهم إنا نعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا! اللهم فك أسر إخواننا المأسورين، اللهم فك أسر شيوخنا المسجونين، اللهم فك أسر شيوخنا المسجونين، اللهم فك أسر دعاتنا المأسورين، اللهم فك أسر دعاتنا المأسورين، اللهم اربط على قلوبهم يا أرحم الراحمين، اللهم رب أولادهم يا رب العالمين، اللهم رب أولادهم يا رب العالمين، اللهم رب أولادهم يا رب العالمين، اللهم احفظنا وإياهم بحفظك، واكلأنا وإياهم بعنايتك ورعايتك! اللهم اجعل مصر واحة للأمن والأمان، اللهم اجعل بلدنا مصر واحة للأمن والأمان! اللهم اجعل مصر سخاءً رخاءً وسائر بلاد الإسلام! اللهم ارفع عن مصر الغلاء والوباء والبلاء والفتن ما ظهر منها وما بطن يا رب العالمين! أيها الأحبة الكرام! هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل أو نسيان فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه برآء، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ويلقى بي في جهنم. والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    766371833