الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المصنف رحمه الله: [ أبواب إقامة الصلوات والسنة فيها.
باب افتتاح الصلاة.
حدثنا علي بن محمد الطنافسي، قال: حدثنا أبو أسامة، قال: حدثني عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء، قال: سمعت أبا حميد الساعدي يقول: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة استقبل القبلة ورفع يديه وقال: الله أكبر ) ].
ولا خلاف عند العلماء في مسألة استقبال القبلة, وإنما الكلام في الإنسان إذا كان في سفره وعلى راحلته ألا يستقبل القبلة هل يرخص له في ذلك؟ ربما يأتي كلام في إيراد المصنف عليه رحمة الله حول هذا, ولكن نقول: الإنسان إذا كان قريباً من الكعبة يجب عليه التصويب, وإذا كان بعيداً عن الكعبة ولا يراها فإنه يصلي إلى جهتها, ولا يجب عليه التصويب, حكي الإجماع في هذا, فقد ذكر ابن تيمية رحمه الله في كتابه الرد على المنطقيين أن الصحابة أجمعوا على عدم وجوب المسامتة, يعني: أن الإنسان يصوب على الكعبة, وإنما يصلي جهتها إذا لم يكن يرى الكعبة, وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً وموقوفاً- والصواب فيه الوقف- أنه قال: ( ما بين المشرق والمغرب قبلة ), يعني: يتسامح في الشيء اليسير من الانحراف, وقد كان الإمام أحمد عليه رحمة الله يشدد في هذا الأمر, يعني: أنه لا يشدد في جانب القبلة بالاهتداء بالنجوم, ويلحق بهذا في زماننا المتأخر الاعتماد على بعض التقنيات الحديثة من البوصلة وغير ذلك بحيث يعرف الإنسان التصويب الدقيق.
نقول: ما عرف الجهة فهذا كاف, أما أنه لا يقيم الصلاة إلا على بوصلة فهذا شيء من التكلف.
قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثني جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدثني علي بن علي الرفاعي، عن أبي المتوكل، عن أبي سعيد الخدري، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح صلاته يقول: سبحانك اللهم وبحمدك، تبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وعلي بن محمد، قالا: حدثنا محمد بن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبر سكت بين التكبير والقراءة, قال: فقلت: بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة، فأخبرني ما تقول, قال: أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب, اللهم نقني من خطاياي كالثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد ).
حدثنا علي بن محمد، وعبد الله بن عمران، قال: حدثنا أبو معاوية، قال: حدثنا حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة قال: سبحانك اللهم وبحمدك, تبارك اسمك, وتعالى جدك, ولا إله غيرك ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الاستعاذة في الصلاة.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، عن عاصم العنزي، عن ابن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل في الصلاة قال: الله أكبر كبيراً، الله أكبر كبيراً، ثلاثاً, الحمد لله كثيراً، الحمد لله كثيراً، ثلاثاً, سبحان الله بكرة وأصيلاً، ثلاث مرات, اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه ).
قال عمرو: همزه: الموتة, ونفثه: الشعر, ونفخه: الكبر.
حدثنا علي بن المنذر، قال: حدثنا ابن فضيل، قال: حدثنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن ابن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم وهمزه ونفخه ونفثه ).
قال: همزه: الموتة, ونفثه: الشعر, ونفخه: الكبر ].
والثابت من الاستعاذة عند القراءة عن النبي صلى الله عليه وسلم هو الاستعاذة بأعوذ بالله من الشيطان الرجيم, أما أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه ونفخه، فهذا جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدة طرق لا تخلو من ضعف.
قال المصنف رحمه الله: [ باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك بن حرب عن قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس (ح)
وحدثنا بشر بن معاذ الضرير، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فأخذ شماله بيمينه ).
حدثنا أبو إسحاق الهروي، قال: إبراهيم بن عبد الله بن حاتم، قال: أخبرنا هشيم، قال: أخبرنا الحجاج بن أبي زينب السلمي، عن أبي عثمان النهدي، عن عبد الله بن مسعود، قال: ( مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا واضع يدي اليسرى على اليمنى، فأخذ بيدي اليمنى فوضعها على اليسرى ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب افتتاح القراءة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن حسين المعلم، عن بديل بن ميسرة، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتتح القراءة بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ).
حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان، عن أيوب، عن قتادة، عن أنس بن مالك (ح)
وحدثنا جبارة بن المغلس، قال: حدثنا أبو عوانة، عن قتادة، عن أنس بن مالك، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يفتتحون القراءة بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ).
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، وبكر بن خلف، وعقبة بن مكرم، قالوا: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا بشر بن رافع، عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة، عن أبي هريرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفتتح القراءة بـ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ) ].
والقراءة تكون في الصلاة وفي غيرها على مصحف عثمان, ومن قرأ بخلافه فصلاته باطلة, وقد حكي الإجماع على هذا, نقله ابن أبي داود في كتابه المصاحف, وحكى أيضاً الاتفاق عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن الجريري، عن قيس بن عباية، قال: حدثني ابن عبد الله بن المغفل، عن أبيه، قال: ( وقلما رأيت رجلاً أشد عليه في الإسلام حدثاً منه، فسمعني وأنا أقرأ: بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ [الفاتحة:1], فقال: أي بني, إياك والحدث، فإني صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع أبي بكر، ومع عمر، ومع عثمان، فلم أسمع رجلاً منهم يقوله, فإذا قرأت فقل: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2] ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب القراءة في صلاة الفجر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا شريك، وسفيان بن عيينة، عن زياد بن علاقة، عن قطبة بن مالك: ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح: وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ [ق:10] ).
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أصبغ مولى عمرو بن حريث، عن عمرو بن حريث، قال: ( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فكان يقرأ في الفجر كأني أسمع قراءته: فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ [التكوير:15-16] ).
حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا عباد بن العوام، عن عوف، عن أبي المنهال، عن أبي برزة (ح)
وحدثنا سويد، قال: حدثنا معتمر بن سليمان، عن أبيه، حدثه أبو المنهال، عن أبي برزة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الفجر ما بين الستين إلى المائة ).
حدثنا أبو بشر بكر بن خلف، قال: حدثنا ابن أبي عدي، عن حجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، وعن أبي سلمة، عن أبي قتادة، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا فيطيل في الركعة الأولى من الظهر ويقصر في الثانية، وكذلك في الصبح ).
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن السائب، قال: ( قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح بالمؤمنين، فلما أتى على ذكر عيسى أصابته شرقة فركع، يعني سعلة ) ].
التطويل والتخفيف بين ركعات الصلاة يكون في حال القراءة, لا في حال الركوع والسجود, أما الركوع والسجود فهو واحد في جميع الركعات, في الركعة الأولى والثانية والثالثة والرابعة من الرباعية, وفي جميع الركعات كذلك من الثلاثية, وأما أن تكون الركعة الثانية على النصف من الركعة الأولى هذا في القيام والقراءة, وأما الركوع والسجود فهو سواء في جميع الصلاة, ثبت هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في البخاري.
قال المصنف رحمه الله: [ باب القراءة في صلاة الفجر يوم الجمعة.
حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، قال: حدثنا وكيع، وعبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا سفيان، عن مخول، عن مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة : الم * تَنزِيلُ [السجدة:1-2], السجدة, و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1] ).
حدثنا أزهر بن مروان، قال: حدثنا الحارث بن نبهان، قال: حدثنا عاصم بن بهدلة، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة: الم * تَنزِيلُ [السجدة:1-2], و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1] ).
حدثنا حرملة بن يحيى، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني إبراهيم بن سعد، عن أبيه، عن الأعرج، عن أبي هريرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم * تَنزِيلُ [السجدة:1-2], و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1] ).
حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا إسحاق بن سليمان، قال: أخبرنا عمرو بن أبي قيس، عن أبي فروة، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة: الم * تَنزِيلُ [السجدة:1-2], و هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ [الإنسان:1] ).
قال المصنف رحمه الله: [ باب القراءة في الظهر والعصر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا زيد بن الحباب، قال: حدثنا معاوية بن صالح، قال: حدثنا ربيعة بن يزيد، عن قزعة، قال: ( سألت أبا سعيد الخدري عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ليس لك في ذلك خير, قلت: بين رحمك الله, قال: كانت الصلاة تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر، فيخرج أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ويجيء فيتوضأ، فيجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى من الظهر ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن أبي معمر، قال: ( قلت لـخباب: بأي شيء كنتم تعرفون قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر؟ قال: باضطراب لحيته ) ].
قوله: ( نعرف قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم باضطراب لحيته ), فيه أنه يجوز للإنسان أن ينظر في غير موضع سجوده, فينظر أمامه، أو يلحظ يمينه ويساره بما لا يفوت عليه الخشوع, وهذا فيه أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى ينظرون أمامهم, منهم من يكون عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من يكون عن يمينه.
جاءت جملة من الأحاديث في النظر إلى موضع السجود وكلها معلولة, ونقول: إن الإنسان ينظر فيما هو أخشع له, فإذا نظر أمامه كان أخشع، أو نظر موضع السجود فهو أخشع لا حرج عليه، إلا أنه ينهى عن أمرين: الأمر الأول محرم والثاني مكروه, المحرم أن ينظر إلى السماء, والمكروه أن يلتفت, واختلف في اللحظ بلا حاجة, روي أن النبي صلى الله عليه وسلم يلحظ وهو منكر, ولهذا نقول: الإنسان يضع بصره فيما هو أقرب لخشوعه.
قال: [ حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو بكر الحنفي، قال: حدثنا الضحاك بن عثمان، قال: حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة، قال: ( ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلان, قال: وكان يطيل الأوليين من الظهر، ويخفف الأخريين، ويخفف العصر ).
حدثنا يحيى بن حكيم، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا المسعودي، قال: حدثنا زيد العمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: ( اجتمع ثلاثون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: تعالوا حتى نقيس قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما لم يجهر فيه من الصلاة, فما اختلف منهم رجلان، فقاسوا قراءته في الركعة الأولى من الظهر بقدر ثلاثين آية, وفي الركعة الأخرى قدر النصف من ذلك, وقاسوا ذلك في العصر على قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر ) ].
وما قاله أبو سعيد هنا يمكن أن يعتبر إجماعاً من الصحابة.
قال المصنف رحمه الله: [ باب الجهر بالآية أحياناً في صلاة الظهر والعصر.
حدثنا بشر بن هلال الصواف، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بنا في الركعتين الأوليين من صلاة الظهر ويسمعنا الآية أحياناً ).
حدثنا عقبة بن مكرم، قال: حدثنا سلم بن قتيبة، عن هاشم بن البريد، عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا الظهر، فنسمع منه الآية بعد الآيات من سورة لقمان والذاريات ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب القراءة في صلاة المغرب.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس، عن أمه- قال أبو بكر بن أبي شيبة : هي لبابة-: ( أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالمرسلات عرفاً ).
حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، قال: ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور ).
قال جبير في غير هذا الحديث: ( فلما سمعته يقرأ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35], إلى قوله: فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ [الطور:38], كاد قلبي يطير ).
حدثنا أحمد بن بديل، قال: حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ [الكافرون:1], و قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ [الإخلاص:1] ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب القراءة في صلاة العشاء.
حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان بن عيينة (ح)
وحدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، قال: حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة؛ جميعاً عن يحيى بن سعيد، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب: ( أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة، قال: فسمعته يقرأ بالتين والزيتون ).
حدثنا محمد بن الصباح، قال: أخبرنا سفيان (ح)
وحدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، قال: حدثنا ابن أبي زائدة؛ جميعاً عن مسعر، عن عدي بن ثابت، عن البراء مثله، قال: ( فما سمعت إنساناً أحسن صوتاً أو قراءة منه ).
حدثنا محمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن جابر: ( أن معاذ بن جبل صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اقرأ بالشمس وضحاها، و سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1], و وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى [الليل:1], و اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ [العلق:1] ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب القراءة خلف الإمام.
حدثنا هشام بن عمار، وسهل بن أبي سهل، وإسحاق بن إسماعيل، قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن محمود بن الربيع، عن عبادة بن الصامت، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن ابن جريج، عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب، أن أبا السائب أخبره، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج غير تمام, فقلت: يا أبا هريرة إني أكون أحياناً وراء الإمام فغمز ذراعي, وقال: يا فارسي اقرأ بها في نفسك ).
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا محمد بن الفضيل (ح)
وحدثنا سويد بن سعيد، قال: حدثنا علي بن مسهر؛ جميعاً عن أبي سفيان السعدي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة الحمد وسورة، في فريضة أو غيرها ) ].
والأحاديث الواردة في هذا الباب، سواء كانت المرفوعة أو الموقوفة الصحيح منها جاءت بلفظ العموم مع عدم تفريق بين إمام أو مأموم، وإن جاءت في مسألة المأموم لا تفرق بين صلاة الجهرية وعدمها, فتأتي على العموم, ولهذا يحمل بعض العلماء الأمر في ذلك على الصلاة السرية ولا يحملها على الصلاة الجهرية بالنسبة للمأموم, ويقولون: إن ذلك مقتضى الأصول, باعتبار أن الله عز وجل حينما أمر الإمام بالقراءة فإنه يلزم من ذلك أن يؤمر المأموم بالإنصات, فإن الله عز وجل لا يأمر أحداً بتلاوة كتابه، ثم يأمر غيره أن يقرأ على قراءته, (( وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا )) [الأعراف:204], قال مجاهد بن جبر: نزلت في الصلاة, حكى الاتفاق على هذا غير واحد، كالإمام أحمد عليه رحمة الله تعالى وغيره.
وكذلك حكى بعض العلماء على أن الصحابة يرون الإنصات في الصلاة الجهرية خلف الإمام بالنسبة للمأموم, حكى الإجماع على هذا العيني عليه رحمة الله, قال: وأجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإنصات خلف الإمام في الصلاة الجهرية, والأحاديث أو الآثار المروية في ذلك عن الصحابة عامة, منها ما هو عام في القراءة, ومنها ما هو خاص بالصلاة السرية, فيحمل هذا على هذا, وبعضها أيضاً يأتي مصرح بالقراءة ولو كانت جهرية, ولكن لا يخلو من علة.
قال: [ حدثنا الفضل بن يعقوب الجزري، قال: حدثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عائشة، قالت: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كل صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج ).
حدثنا الوليد بن عمرو بن السكين، قال: حدثنا يوسف بن يعقوب السلعي، قال: حدثنا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( كل صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج, فهي خداج ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا إسحاق بن سليمان، قال: حدثنا معاوية بن يحيى، عن يونس بن ميسرة، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي الدرداء، قال: ( سأله رجل فقال: أقرأ والإمام يقرأ؟ قال: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم: أفي كل صلاة قراءة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم, فقال رجل من القوم: وجب هذا ).
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا سعيد بن عامر، قال: حدثنا شعبة، عن مسعر، عن يزيد الفقير، عن جابر بن عبد الله، قال: ( كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في سكتتي الإمام.
حدثنا جميل بن الحسن بن جميل العتكي، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: ( سكتتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأنكر ذلك عمران بن الحصين، فكتبنا إلى أبي بن كعب بالمدينة، فكتب: أن سمرة قد حفظ ) ].
ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بسورة في الركعتين الأخريين مع الفاتحة, وجاء عن عبد الله بن عمر وأبي هريرة القراءة, والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم هو قراءة الفاتحة فقط, ولهذا نقول: إن السنة في هذا أن يقرأ الإنسان بالفاتحة وسورة في الأوليين, وفيما بعد ذلك يقرأ بفاتحة الكتاب, ولو فعل على سبيل الندرة معها بسورة فهذا لا حرج فيه.
قال: [ قال سعيد: فقلنا لـقتادة: (
قال: وكان يعجبهم إذا فرغ من القراءة أن يسكت حتى يتراد إليه نفسه ).
حدثنا محمد بن خالد بن خداش، و علي بن الحسين بن إشكاب، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، عن يونس، عن الحسن، قال: قال سمرة: ( حفظت سكتتين في الصلاة: سكتة قبل القراءة, وسكتة عند الركوع, فأنكر ذلك عليه عمران بن الحصين, فكتبوا إلى المدينة إلى أبي بن كعب، فصدق سمرة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب إذا قرأ الإمام فأنصتوا.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن ابن عجلان، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به، فإذا كبر فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا، وإذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7], فقولوا: آمين, وإذا ركع فاركعوا, وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد, وإذا سجد فاسجدوا, وإذا صلى جالساً فصلوا جلوساً ) ].
قوله هنا: ( وإذا كبر فكبروا ), التكبير هنا لا يخلو إما أن يكون الإنسان منفرداً وإما أن يكون في جماعة, فإذا كان منفرداً هل يجب عليه التكبير أو يشرع له؟ جاء عن عبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود قالا: إنما التكبير على من صلى في جماعة, أما تكبيرة الإحرام فلا خلاف في وجوبها عندهم, وأما بالنسبة لبقية التكبيرات فلا يكبر إلا من صلى في جماعة, قال ابن قدامة رحمه الله في كتابه المغني: ولا مخالف لهما- يعني: لـعبد الله بن عمر وعبد الله بن مسعود- من الصحابة؛ أن التكبير إنما يكون لمن كان في جماعة, والتكبيرات في غير تكبيرة الإحرام هي سنة وليست بواجبة, وهذا عليه إجماع السلف, ونشأ الخلاف فيه بعد ذلك.
قال: [ حدثنا يوسف بن موسى القطان، قال: حدثنا جرير، عن سليمان التيمي، عن قتادة، عن أبي غلاب، عن حطان بن عبد الله الرقاشي، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا قرأ الإمام فأنصتوا، فإذا كان عند القعدة فليكن أول ذكر أحدكم التشهد ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن ابن أكيمة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة نظن أنها الصبح, فقال: هل قرأ منكم من أحد؟ قال رجل: أنا، قال: إني أقول ما لي أنازع القرآن ).
حدثنا جميل بن الحسن، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا معمر، عن الزهري، عن ابن أكيمة، عن أبي هريرة، قال: ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- فذكر نحوه وزاد فيه- قال: فسكتوا بعد فيما جهر فيه الإمام ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن الحسن بن صالح، عن جابر، عن أبي الزبير، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان له إمام فإن قراءة الإمام له قراءة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الجهر بآمين.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا أمن القارئ فأمنوا, فإن الملائكة تؤمن, فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ).
حدثنا بكر بن خلف، وجميل بن الحسن، قالا: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا معمر (ح)
وحدثنا أحمد بن عمرو بن السرح المصري، وهاشم بن القاسم الحراني، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، عن يونس؛ جميعاً عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أمن القارئ فأمنوا، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا صفوان بن عيسى، قال: حدثنا بشر بن رافع، عن أبي عبد الله ابن عم أبي هريرة، عن أبي هريرة: قال: ( ترك الناس التأمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7], قال: آمين, حتى يسمعها أهل الصف الأول، فيرتج بها المسجد ) ].
وقد حكى غير واحد إجماع السلف على الجهر بـ(آمين), والصحابة عليهم رضوان الله تعالى يجمعون على هذا, ولا يحفظ عن واحد منهم أنه لا يجهر, وجهر النبي صلى الله عليه وسلم وجهروا أيضاً فيما بعده, ولا مخالف يُعرف في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة, وإنما نشأ ذلك عند بعض أهل الرأي من فقهاء الكوفة ومن جاء بعدهم.
قال: [ حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا حميد بن عبد الرحمن، قال: حدثنا ابن أبي ليلى، عن سلمة بن كهيل، عن حجية بن عدي، عن علي، قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7], قال: آمين ).
حدثنا محمد بن الصباح، وعمار بن خالد الواسطي، قالا: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن عبد الجبار بن وائل، عن أبيه، قال: ( صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قال: وَلا الضَّالِّينَ [الفاتحة:7], قال: آمين, فسمعناها منه ).
حدثنا إسحاق بن منصور، قال: أخبرنا عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين ).
حدثنا العباس بن الوليد الخلال الدمشقي، قال: حدثنا مروان بن محمد، وأبو مسهر، قال: حدثنا خالد بن يزيد بن صبيح المري، قال: حدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على قول آمين، فأكثروا من قول آمين ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب رفع اليدين إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع.
حدثنا علي بن محمد، وهشام بن عمار، وأبو عمر الضرير، قالوا: قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن سالم، عن ابن عمر، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا افتتح الصلاة رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه, وإذا ركع, وإذا رفع رأسه من الركوع, ولا يرفع بين السجدتين ).
حدثنا حميد بن مسعدة، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا هشام، عن قتادة، عن نصر بن عاصم، عن مالك بن الحويرث: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر رفع يديه حتى يجعلهما قريباً من أذنيه, وإذا ركع صنع مثل ذلك, وإذا رفع رأسه من الركوع صنع مثل ذلك ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، وهشام بن عمار، قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أبي هريرة، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في الصلاة حذو منكبيه حين يفتتح الصلاة, وحين يركع, وحين يسجد ) ].
ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يشير ويرفع يديه في سجوده, إلا إذا قام من تشهده الأول إلى الركعة الثالثة, فإنه يرفع، كما جاء في وجه عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى وهو في الصحيح, ورواه البخاري.
وجاء عن النبي صلى الله عليه وسلم جملة من الأحاديث برفع اليدين في كل خفض ورفع, منها حديث مالك وعلي وغيرها, وكلها معلولة.
مع أن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله ينفي أن النبي صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في السجود، إلا أنه ثبت عن عبد الله بن عمر أنه كان يرفع, فهو ثابت موقوف عن عبد الله بن عمر، ولا يثبت مرفوعاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: [ حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا رفدة بن قضاعة الغساني، قال: حدثنا الأوزاعي، عن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن أبيه، عن جده عمير بن حبيب، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه مع كل تكبيرة في الصلاة المكتوبة ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن عطاء، عن أبي حميد الساعدي، قال: ( سمعته وهو في عشرة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعي، قال: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصلاة اعتدل قائماً، ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر, وإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه, فإذا قال: سمع الله لمن حمده ورفع يديه اعتدل, فإذا قام من الثنتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه, كما صنع حين افتتح الصلاة ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا فليح بن سليمان، قال: حدثنا عباس بن سهل الساعدي، قال: ( اجتمع أبو حميد، وأبو أسيد الساعدي، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فكبر ورفع يديه, ثم رفع حين كبر للركوع, ثم قام فرفع يديه واستوى, حتى رجع كل عظم إلى موضعه ).
حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، قال: حدثنا سليمان بن داود أبو أيوب الهاشمي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن عبد الله بن الفضل، عن عبد الرحمن الأعرج، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن علي بن أبي طالب، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حتى تكونا حذو منكبيه, وإذا أراد أن يركع فعل مثل ذلك, وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك, وإذا قام من السجدتين فعل مثل ذلك ).
حدثنا أيوب بن محمد الهاشمي، قال: حدثنا عمر بن رياح، عن عبد الله بن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه عند كل تكبيرة ).
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الوهاب، قال: حدثنا حميد، عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرفع يديه إذا دخل في الصلاة وإذا ركع ).
حدثنا بشر بن معاذ الضرير، قال: حدثنا بشر بن المفضل، قال: حدثنا عاصم بن كليبن عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: ( قلت: لأنظرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي, فقام فاستقبل القبلة فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، فلما ركع رفعهما مثل ذلك, فلما رفع رأسه من الركوع رفعهما مثل ذلك ).
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزبير: ( أن جابر بن عبد الله كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه, وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع فعل مثل ذلك ويقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ذلك, ورفع إبراهيم بن طهمان يديه إلى أذنيه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الركوع في الصلاة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن حسين المعلم، عن بديل، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه، ولكن بين ذلك ).
حدثنا علي بن محمد، وعمرو بن عبد الله، قالا: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن عمارة، عن أبي معمر، عن أبي مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا ملازم بن عمرو، عن عبد الله بن بدر، قال: أخبرني عبد الرحمن بن علي بن شيبان، عن أبيه علي بن شيبان، وكان من الوفد، قال: ( خرجنا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه وصلينا خلفه, فلمح بمؤخر عينيه رجلاً لا يقيم صلاته- يعني: صلبه- في الركوع والسجود، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: يا معشر المسلمين! لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود ).
حدثنا إبراهيم بن محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن عطاء، قال: حدثنا طلحة بن زيد، عن راشد، قال: سمعت وابصة بن معبد يقول: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، فكان إذا ركع سوى ظهره حتى لو صب عليه الماء لاستقر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب وضع اليدين على الركبتين.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا محمد بن بشر، قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن الزبير بن عدي، عن مصعب بن سعد، قال: ( ركعت إلى جنب أبي فطبّقت، فضرب يدي، وقال: قد كنا نفعل هذا، ثم أمرنا أن نرفع إلى الركب ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا عبدة بن سليمان، عن حارثة بن أبي الرجال، عن عمرة، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ركع فيضع يديه على ركبتيه، ويجافي بعضديه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع.
حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني، ويعقوب بن حميد بن كاسب، قالا: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قال: سمع الله لمن حمده، قال: ربنا ولك الحمد ).
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده, فقولوا: ربنا ولك الحمد ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن سعيد بن المسيب، عن أبي سعيد الخدري: ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده, فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد ).
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا الأعمش، عن عبيد بن الحسن، عن ابن أبي أوفى، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال: سمع الله لمن حمده، اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد ).
حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، قال: حدثنا شريك، عن أبي عمر، قال: سمعت أبا جحيفة يقول: ( ذكرت الجدود عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فقال رجل: جد فلان في الخيل, وقال آخر: جد فلان في الإبل, وقال آخر: جد فلان في الغنم، وقال آخر: جد فلان في الرقيق, فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته ورفع رأسه من آخر الركعة قال: اللهم ربنا لك الحمد، ملء السموات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد, اللهم لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد, وطول رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته بالجد، أي: ليعلموا أنه ليس كما يقولون ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب السجود.
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن عبد الله بن الأصم، عن عمه يزيد بن الأصم، عن ميمونة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى يديه، فلو أن بهمة أرادت أن تمر بين يديه لمرت ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن داود بن قيس، عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاعي، عن أبيه، قال: ( كنت مع أبي بالقاع من نمرة، فمر بنا ركب فأناخوا بناحية الطريق، فقال لي أبي: كن في بهمك حتى آتي هؤلاء القوم فأسائلهم، قال: فخرج وجئت- يعني: دنوت- فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحضرت الصلاة فصليت معهم, فكنت أنظر إلى عفرتي إبطي رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما سجد ).
قال أبو بكر بن أبي شيبة: يقول الناس: عبيد الله بن عبد الله.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، وصفوان بن عيسى، وأبو داود، قالوا: حدثنا داود بن قيس، عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم, نحوه.
حدثنا الحسن بن علي الخلال، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا شريك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه, وإذا قام من السجود رفع يديه قبل ركبتيه ) ].
وإذا سجد الإنسان سواء على تراب أو على حجارة أو بلاط أو رخام أو ما في حكمه فسجوده صحيح, أو سجد كذلك على حائل على الأرض مما ليس من جنسها؛ كالفرش والبسط الحديثة فأيضاً سجوده صحيح, ولا خلاف في هذا, وقد حكي الاتفاق على هذا, حكى اتفاق الصحابة ابن حزم الأندلسي عليه رحمة الله كما في كتابه المحلى.
قال: [ حدثنا بشر بن معاذ الضرير، قال: حدثنا أبو عوانة، وحماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ).
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا سفيان، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أمرت أن أسجد على سبع، ولا أكف شعراً ولا ثوباً ) ].
ولا خلاف في ذلك أن السجود لا يجزئ إلا على الأعظم السبعة, وأما بالنسبة للأنف والجبهة فقد نقل ابن المنذر رحمه الله كما في كتابه الأوسط أن السجود على الأنف بلا جبهة لا يجزئ, باعتبار أنه لا يسمى سجوداً حتى يضع الجبهة, وهذا حق, بل حكى ابن المنذر رحمه الله اتفاق الصحابة عليهم رضوان الله على أن السجود على الأنف وحده لا يجزئ, وأن السجود باطل, ويجب أن تمس الجبهة, أما سجود الجبهة بلا أنف فهو سجود صحيح؛ لأن السجود لا يسمى سجوداً إلا بوضع الجبهة.
قال: [ قال ابن طاوس: فكان أبي يقول: اليدين والركبتين والقدمين، وكان يعد الجبهة والأنف واحداً.
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن يزيد بن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي، عن عامر بن سعد، عن العباس بن عبد المطلب: ( أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه, وكفاه, وركبتاه, وقدماه ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا عباد بن راشد، عن الحسن، قال: حدثنا أحمر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن كنا لنأوي لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما يجافي بيديه عن جنبيه إذا سجد ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب التسبيح في الركوع والسجود.
حدثنا عمرو بن رافع البجلي، قال: حدثنا عبد الله بن المبارك، عن موسى بن أيوب الغافقي، قال: سمعت عمي إياس بن عامر قال: سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول: ( لما نزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] ، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] ، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في سجودكم ).
حدثنا محمد بن رمح المصري، قال: أخبرنا ابن لهيعة، عن عبيد الله بن أبي جعفر، عن أبي الأزهر، عن حذيفة بن اليمان: ( أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ركع: سبحان ربي العظيم ثلاث مرات، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات ).
حدثنا محمد بن الصباح، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن أبي الضحى، عن مسروق، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوع وسجوده: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن ).
حدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، قال: حدثنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن إسحاق بن يزيد الهذلي، عن عون بن عبد الله بن عتبة، عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا ركع أحدكم فليقل في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً، فإذا فعل ذلك فقد تم ركوعه، وإذا سجد أحدكم فليقل في سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً، فإذا فعل ذلك فقد تم سجوده، وذلك أدناه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الاعتدال في السجود.
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، عن الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا سجد أحدكم فليعتدل ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب ).
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن أنس بن مالك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اعتدلوا في السجود، ولا يسجد أحدكم وهو باسط ذراعيه كالكلب ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الجلوس بين السجدتين.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا يزيد بن هارون، عن حسين المعلم، عن بديل، عن أبي الجوزاء، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائماً، فإذا سجد فرفع رأسه لم يسجد حتى يستوي جالساً، وكان يفترش رجله اليسرى ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال: ( قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقع بين السجدتين ).
حدثنا محمد بن ثواب، قال: حدثنا أبو نعيم النخعي، عن أبي مالك، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن أبي موسى، وأبي إسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا علي! لا تقع إقعاء الكلب ) ].
بالنسبة للإقعاء نقول: الإقعاء على نوعين:
إقعاء مكروه وهو الذي يشابه إقعاء الكلب، وهو أن يجلس الإنسان بين قدميه منصوبتين.
وأما بالنسبة للإقعاء المشروع وهو السنة: فهو أن ينصب الإنسان قدميه ثم يجلس على عقبيه، ويكون هذا بين السجدتين، وقد جاء ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح الإمام مسلم من حديث عبد الله بن عباس.
إذاً: فالإقعاء المنهي عنه هو إقعاء الكلب، وذلك أن الإنسان إما أن يجلس ناصباً لقدميه جالساً بينهما على إليته، أو يكون مقيماً لساقيه جالساً على إليته، فهذه هي صورة الإقعاء المنهي عنه، أما بالنسبة للمشروع والسنة: فهو أن ينصب الإنسان قدميه ويجلس على عقبيه، وهذا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: [ حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا العلاء أبو محمد، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: ( قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رفعت رأسك من السجود فلا تقع كما يقعي الكلب، ضع أليتيك بين قدميك، وألزق ظاهر قدميك بالأرض ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يقول بين السجدتين.
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا حفص بن غياث، قال: حدثنا العلاء بن المسيب، عن عمرو بن مرة، عن طلحة بن يزيد، عن حذيفة (ح)
وحدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا حفص بن غياث، عن الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر، عن حذيفة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين: رب اغفر لي، رب اغفر لي ).
حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، قال: حدثنا إسماعيل بن صبيح، عن كامل أبي العلاء، قال: سمعت حبيب بن أبي ثابت، يحدث عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين في صلاة الليل: رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني وارفعني ) ].
والثابت قول: ( رب اغفر لي ) بين السجدتين، وهذا في الصحيح، أما حديث عبد الله بن عباس: ( رب اغفر لي وارحمني واجبرني وارزقني وارفعني )، فهذا حديث معلول، في إسناده كامل أبو العلاء، وأما بالنسبة للثابت فهو قول: (رب اغفر لي)، ويكررها الإنسان، ولو دعا معها بغيرها فهو حسن أيضاً، سواءً بهذا الدعاء أو بغيره، ولا يلتزم شيئاً معيناً على سبيل الدوام إلا قول: (رب اغفر لي).
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في التشهد.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدثنا أبي، حدثنا الأعمش، عن شقيق بن سلمة، عن عبد الله بن مسعود (ح)
وحدثنا أبو بكر بن خلاد الباهلي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال: حدثنا الأعمش، عن شقيق، عن عبد الله بن مسعود، قال: ( كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبرائيل وميكائيل وعلى فلان وفلان، يعنون الملائكة، فسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الله هو السلام، فإذا جلستم فقولوا: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فإنه إذا قال ذلك أصابت كل عبد صالح في السماء والأرض، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ).
حدثنا محمد بن يحيى، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن منصور، والأعمش، وحصين، وأبي هاشم، وحماد، عن أبي وائل. وعن أبي إسحاق، عن الأسود، وأبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه.
حدثنا محمد بن معمر، قال: حدثنا قبيصة، قال: أخبرنا سفيان، عن الأعمش، ومنصور، وحصين، عن أبي وائل، عن عبد الله بن مسعود (ح)
وحدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة، والأسود، وأبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم التشهد )، فذكر نحوه.
حدثنا محمد بن رمح، قال: أخبرنا الليث بن سعد، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، وطاوس، عن ابن عباس، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ).
حدثنا جميل بن الحسن، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة (ح)
وحدثنا عبد الرحمن بن عمر، قال: حدثنا ابن أبي عدي، قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة، وهشام بن أبي عبد الله، عن قتادة -وهذا حديث عبد الرحمن- عن يونس بن جبير، عن حطان بن عبد الله، عن أبي موسى الأشعري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا وبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا، فقال: إذا صليتم فكان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، سبع كلمات هن تحية الصلاة ) ].
وفي هذا الحديث وفي غيره من المسائل: أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعلم أصحابه الفقه وأحكام العبادات على منبره، وقد جاء في ذلك جملة من الأحاديث التي تدل على هذا.
ونستطيع أن نقول: إن النبي عليه الصلاة والسلام على منبره كان يعلم الفقه، وهذا وارد لكنه قليل، وكان يعظ أصحابه، وهذا هو الأكثر، والثالث: كان النبي عليه الصلاة والسلام يتحدث بأحوال المخالفين له والتحذير، كما جاء عنه حين ذكر عصية وغيرهم، فقد سلك النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما جاء عنه في الصحيح.
قال: [ حدثنا محمد بن زياد، حدثنا المعتمر بن سليمان (ح)
وحدثنا يحيى بن حكيم، حدثنا محمد بن بكر، قالا: حدثنا أيمن بن نابل، حدثنا أبو الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن: باسم الله وبالله، التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أسأل الله الجنة وأعوذ بالله من النار ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا خالد بن مخلد (ح)
وحدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا أبو عامر، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن يزيد بن الهاد، عن عبد الله بن خباب، عن أبي سعيد الخدري، قال: ( قلنا: يا رسول الله! هذا السلام عليك قد عرفناه، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم ) .
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع، قال: حدثنا شعبة (ح)
وحدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، ومحمد بن جعفر، قالا: حدثنا شعبة، عن الحكم، قال: سمعت ابن أبي ليلى، قال: ( لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: قد عرفنا السلام عليك، فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم، إنك حميد مجيد ) .
حدثنا عمار بن طالوت، قال: حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن عمرو بن سليم الزرقي، عن أبي حميد الساعدي، أنهم قالوا: ( يا رسول الله! أمرنا بالصلاة عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد ) .
حدثنا الحسين بن بيان، قال: حدثنا زياد بن عبد الله، قال: حدثنا المسعودي، عن عون بن عبد الله، عن أبي فاختة، عن الأسود بن يزيد، عن عبد الله بن مسعود، قال: ( إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه، فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه، قال: فقولوا له: فعلمنا! قال: قولوا: اللهم اجعل صلاتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين، محمد عبدك ورسولك إمام الخير، وقائد الخير، ورسول الرحمة، اللهم ابعثه مقاماً محموداً يغبطه به الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد ) .
حدثنا بكر بن خلف أبو بشر، قال: حدثنا خالد بن الحارث، عن شعبة، عن عاصم بن عبيد الله، قال: سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من مسلم يصلي علي إلا صلت عليه الملائكة ما صلى علي، فليقل العبد من ذلك أو ليكثر ) .
حدثنا جبارة بن المغلس، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يقال في التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا حسان بن عطية، قال: حدثني محمد بن أبي عائشة، قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال ) .
حدثنا يوسف بن موسى القطان، حدثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل: ما تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار، أما والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ، فقال: حولها ندندن ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الإشارة في التشهد.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا وكيع، عن عصام بن قدامة، عن مالك بن نمير الخزاعي، عن أبيه، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعاً يده اليمنى على فخذه اليمنى في الصلاة، ويشير بإصبعه ) .
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا عبد الله بن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن وائل بن حجر، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد حلق الإبهام والوسطى، ورفع التي تليهما، يدعو بها في التشهد ) .
حدثنا محمد بن يحيى، والحسن بن علي، وإسحاق بن منصور، قالوا: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فيدعو بها، واليسرى على ركبته باسطها عليها ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب التسليم.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، قال: حدثنا عمر بن عبيد، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ].
ذكر: (وبركاته) في هذا الحديث، وكذلك عند أبي داود في بعض النسخ غير محفوظة، ولا يثبت في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء، مما يدل على أن العمل ليس عليها.
قال: [ حدثنا محمود بن غيلان، قال: حدثنا بشر بن السري، عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير، عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص، عن عامر بن سعد، عن أبيه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره ) .
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن آدم، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر، قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خده: السلام عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله ) .
حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن بريد بن أبي مريم، عن أبي موسى، قال: ( صلى بنا علي يوم الجمل صلاةً ذكرنا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإما أن نكون نسيناها، وإما أن نكون تركناها، يسلم على يمينه وعلى شماله ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من يسلم تسليمةً واحدة.
حدثنا أبو مصعب المديني أحمد بن أبي بكر، قال: حدثنا عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي، عن أبيه، عن جده: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سلم تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه ) .
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عبد الملك بن محمد الصنعاني، قال: حدثنا زهير بن محمد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمةً واحدةً تلقاء وجهه ) .
حدثنا محمد بن الحارث المصري، قال: حدثنا يحيى بن راشد، عن يزيد مولى سلمة، عن سلمة بن الأكوع، قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فسلم مرةً واحدةً ) ].
يتفق العلماء من السلف على عدم وجوب التسليمة الثانية، وأن الإنسان ينفتل من صلاته بالتسليمة الأولى، وهذا الذي عليه إجماع الصحابة عليهم رضوان الله تعالى، وأما بالنسبة للتسليمة الثانية فهي سنة يؤديها الإنسان، جاء في ذلك جملة من الأحاديث المرفوعة، وهي أيضاً لا تخلو من علل، ولكن الثابت في ذلك الموقوف عن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى التسليمة الواحدة، والتسليمة الثانية ليست من واجبات الصلاة فضلاً عن أن تكون من أركانها، وإنما هو قول لبعض الفقهاء بعد الصدر الأول.
فهذه الأحاديث كلها معلولة.
قال المصنف رحمه الله: [ باب رد السلام على الإمام.
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا إسماعيل بن عياش، قال: حدثنا أبو بكر الهذلي، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سلم الإمام فردوا عليه ) .
حدثنا عبدة بن عبد الله، قال: حدثنا علي بن القاسم، قال: أخبرنا همام، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نسلم على أئمتنا، وأن يسلم بعضنا على بعض ) ].
والسلام هو الواجب، وأما بالنسبة للالتفات فسنة، فلو سلم من غير التفات انقضى من صلاته، كأن يسلم تلقاء وجهه، أو يسلم عن يمينه، أو يسلم ثم ينفتل، فيكون الالتفات تالياً للتسليم، أو يكون سابقاً له، الواجب في ذلك هو لفظ التسليم لا مجرد الالتفات.
قال المصنف رحمه الله: [ باب لا يخص الإمام نفسه بالدعاء.
حدثنا محمد بن المصفى الحمصي، قال: حدثنا بقية بن الوليد، عن حبيب بن صالح، عن يزيد بن شريح، عن أبي حي المؤذن، عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤم عبد فيخص نفسه بدعوة دونهم، فإن فعل فقد خانهم ) ].
حديث أبي حي المؤذن جاء عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى في قوله: ( فدعا لنفسه فقد خانهم )، حمله بعض العلماء على القنوت في الوتر، أنه ليس هو الدعاء الخاص، وهذا هو الأظهر، أن المراد بالدعاء أن الإنسان لا يدعو لنفسه في قنوت عام، سواءً كان ذلك في قنوت الوتر أو كان ذلك في قنوت النوازل، فيخص نفسه بخير أو بدفع شر دون الناس.
وهذا من عظيم الأمور والأحكام: أن النبي عليه الصلاة والسلام جعل إمام الصلاة إذا خص نفسه بدعاء دون المأمومين خائناً لهم، فكيف في أمر الولايات العامة فيمن يخص نفسه بشيء من أمر الدنيا من المال أو الجاه دون الرعية؟! لا شك أن هذه إذا كانت خيانة صغرى فتلك خيانة عظمى.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما يقال بعد التسليم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو معاوية (ح)
وحدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عاصم الأحول، عن عبد الله بن الحارث، عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم لم يقعد إلا مقدار ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) .
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا شعبة، عن موسى بن أبي عائشة، عن مولى لـأم سلمة، عن أم سلمة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً طيباً، وعملاً متقبلاً ) .
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا إسماعيل بن علية، ومحمد بن فضيل، وأبو يحيى التيمي، وابن الأجلح، عن عطاء بن السائب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( خصلتان لا يحصيهما رجل مسلم إلا دخل الجنة، وهما يسير ومن يعمل بهما قليل: يسبح الله في دبر كل صلاة عشراً، ويكبر عشراً، ويحمد عشراً، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدها بيده، فذلك خمسون ومائة باللسان، وألف وخمسمائة في الميزان، وإذا أوى إلى فراشه سبح وحمد وكبر مائةً، فتلك مائة باللسان وألف في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم ألفين وخمسمائة سيئة، قالوا: وكيف لا يحصيهما؟ قال: يأتي أحدكم الشيطان وهو في الصلاة فيقول: اذكر كذا وكذا، حتى ينفك العبد لا يعقل، ويأتيه وهو في مضجعه فلا يزال ينومه حتى ينام ) .
حدثنا الحسين بن الحسن المروزي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن بشر بن عاصم، عن أبيه، عن أبي ذر، قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم- وربما قال سفيان قلت-: ( يا رسول الله! ذهب أهل الأموال والدثور بالأجر، يقولون كما نقول، وينفقون ولا ننفق، قال لي: ألا أخبركم بأمر إذا فعلتموه أدركتم من قبلكم وفتم من بعدكم: تحمدون الله في دبر كل صلاة، وتسبحونه وتكبرونه ثلاثاً وثلاثين، وثلاثاً وثلاثين، وأربعاً وثلاثين )، قال سفيان: لا أدري أيتهن أربع!
حدثنا هشام بن عمار، قال: حدثنا عبد الحميد بن حبيب، قال: حدثنا الأوزاعي (ح)
وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي، قال: حدثنا الوليد بن مسلم، قال: حدثنا الأوزاعي، قال: حدثنا شداد أبو عمار، قال: حدثنا أبو أسماء الرحبي، قال: حدثنا ثوبان: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاث مرات، ثم يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الانصراف من الصلاة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن قبيصة بن هلب، عن أبيه، قال: ( أمنا النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ينصرف عن جانبيه جميعاً ).
حدثنا علي بن محمد، قال: حدثنا وكيع (ح)
وحدثني أبو بكر بن خلاد، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قالا: حدثنا الأعمش، عن عمارة، عن الأسود، قال: قال عبد الله: ( لا يجعلن أحدكم للشيطان في نفسه جزءًا، يرى أن حقاً عليه ألا ينصرف إلا عن يمينه، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر انصرافه عن يساره ).
حدثنا بشر بن هلال الصواف، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينفتل عن يمينه، وعن يساره في الصلاة ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، قال: حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن هند بنت الحارث، عن أم سلمة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضى تسليمه، ثم يلبث في مكانه يسيراً قبل أن يقوم ) ].
نقف على هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر