إسلام ويب

زمن الملحمةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • هذه المادة تحوي صوراً من أحوال المسلمين والمسلمات من اللبنانيين والفلسطينيين في أرض لبنان، لقد اجتمع عليهم خمسة أعداء في خمس جبهات كلهم يريدون القضاء على الإسلام، وقد تحدث الشيخ أيضاً عن بعض حقائق اليهود، كما نبه الأمة الإسلامية إلى ضرورة الانتباه من غفلتها؛ لتجاهد في سبيل دينها.

    1.   

    المآسي في أرض لبنان

    الحمد لله رب العالمين، أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو الملك الحق المبين، حمداً خالداً مع خلود ربي، لا منتهى له دون مشيئته، ولا منتهى له دون علمه، ولا أجر لقائله إلا رضاه، والنظر إلى وجهه الكريم في جنات النعيم. وأصلي وأسلم على قدوتي ومعلمي وحبيبي وقرة عيني أبي القاسم محمد بن عبد الله القائل في الحديث الصحيح: (لتقاتلن اليهود ولتقتلنهم، حتى يقول الشجر والحجر: يا مسلم! يا عبد الله! هذا يهودي خلفي تعال فاقتله، إلا شجر الغرقد فإنه من شجر يهود). واليهود الآن يكثرون من شجر الغرقد في أرض فلسطين ، مما يبين أنهم يعتقدون بهذا الحديث الصحيح، فلا يتركون حديقة ولا بيتاً ولا منزلاً إلا ويزرعون فيه هذه الشجرة التي ذكرها محمد صلى الله عليه وسلم، وكثير من الفلسطينيين يؤكدون لي ذلك، فهي شجرة معروفة عند اليهود.

    وهذا الشجر العميل الذي يختفي خلفه اليهودي فلا يخبر عنه، ينبئ أن العمالة والخيانة ستمتد في هذا الزمان، زمن الملحمة التي كتبت على اليهود، والتي ستكون على أرض فلسطين المباركة إن شاء الله، سيجمع الله أقطاب اليهود من مشارق الأرض ومغاربها، ويخدعهم، ويملي لهم، ويمكر بهم، ويغترون بوجود هذا الشجر، ثم تكون عليهم الملحمة والمذبحة الموعودة من الله: لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيراً [الإسراء:7].

    وزراعة اليهود لهذه الشجرة يدل على أنهم يعتقدون بهذه المذبحة، ولكنهم كما يقولون: نأكل نصيب يومنا بحرمان غدنا، وعلينا وعلى أعدائنا يا رب، لهذا هم يتسابقون ذرياً ونووياً وتكنولوجياً حتى يملكوا القنابل الذرية؛ لأن الاعتقاد عندهم: إذا جاءت الملحمة فإنهم قد هيئوا لأنفسهم أقبية تحت الأرض مجهزة تجهيزاً خاصاً ضد الإشعاع النووي، يختبئون فيها هناك، كما يختبئ الممولون اليهود في أوروبا وأمريكا بهذه الأقبية الغالية الثمن، فإذا دمرت الأرض ومن عليها خرجوا من أقبيتهم مرة ثانية ليحكموا العالم، ولكن الآيات تقول: وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ [إبراهيم:46].

    الجبال تتفجر وتتدمر من مكرهم، ولكن الله سبحانه وتعالى يدمرهم، لأنه يقول: إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً [الطارق:15-17].

    خمس جبهات ضد المسلمين في لبنان

    أيها الأحبة في الله: في هذه اللحظات التي نحن نجلس فيها هنا، ونحن نستمع الدفاع عن المسجد الأقصى والقدس وفلسطين ، أبناؤنا وأمهاتنا وأخواتنا وآباؤنا وبناتنا وشيوخنا يذبحون ذبح الشياة هناك في جنوب لبنان في مخيم (عين الحلوة) ومخيم (المية مية)، أكثر من أربعين ألف نازح الآن يزحفون تحت القصف والتدمير والتفجير إلى غير اتجاه، وهم يضربون من خمس جبهات؛ الجيش العميل لإسرائيل بقيادة لحد، والجيش العميل الآخر لإسرائيل بقيادة جعجع ، والجيش الثالث المتواطئ مع اليهود من فصائل الكتائب الموالية لرئيس لبنان ، ثم جيش الجنوب اللبناني المزعوم، ثم جيش اليهود الجبان الحقير، خمس جبهات تضرب العزل من السلاح والنساء والأطفال الذين يتجارون في الطرقات لا يدرون أين يذهبون.

    وكأنني وأنا أقرأ تلك الأخبار يوم أمس وهذا اليوم، والتي تقول:

    يدخل هؤلاء بجميع أصنافهم كالذئاب الكاسرة، ويلتقي اليهودي والكتائبي والصليبي والمرتزق، يلتقون في بيوت الفلسطينيين والمسلمين اللبنانيين، ثم يقومون بربط الآباء والأبناء ثم يعرون الفتيات من ملابسهن، ويغتصبونهن أمام أهلهن، ثم بعد أن يتعاوروا عليهن، يقولون للفتاة المسكينة التي أهدر شرفها وسلب عرضها، وهي تستغيث ولا مغيث، وتصرخ ولا أذن صاغية، يقولون لها: اختاري أي هؤلاء نذبحه؛ أباك أم أخاك أم زوجك أم أبنك، لا بد أن تختاري واحداً وهم يسمعون، وإذا لم تختاري واحداً سنقتلهم جميعاً وأنت تنظرين؟

    وتظل هذه المسكينة في حيرة من أمرها، ماذا تفعل وماذا تقول وأبوها ينظر إليها بعين كسيرة، وزوجها ينظر إليها بعين ذليلة، وأخوها يبكي دماً، وابنها يتلبط على الأرض حسرة وألماً؟ ماذا تقول؟

    تقول: اقتلوني قبل أن تقتلوهم، ابدءوا بي قبل، أما كفاكم ما فعلتم؟! ولكنهم لا يتركونها، يتفننون في تعذيبها حتى تختار واحداً منهم مرغمة، فيفرغون رصاصهم في رأسه ويخر على الأرض، ثم يضربون بأعقاب البنادق ما تبقى من أهلها يدكون أضلاعهم، ثم يخرجون إلى البيت الثاني والثالث، والعاشر والمائة... والجيوش العربية كلها تلمع أسلحتها:

    عباس وراء المتراس     يقظ منتبه حساس

    منذ سنين الفتح يلمع سيفه

    يلمع سيفه ويلمع شاربه أيضاً

    أيها الإخوة .. أيها الأحبة! نحن في عالم التلميع والتصفيق، وعالم الشعارات والبهرج، وعالم تكميم الأفواه ومصادرة الأفكار وتأميم حريات الكلمة، في عالم جدار الصامتين نشكو إلى الله ولا أحد غيره.

    اللهم ثقة بعلمك، وعدلك وحكمك، افتح بيننا وبين أعدائنا بالحق وأنت خير الفاتحين، واحكم بيننا وبينهم بالحق وأنت خير الحاكمين.

    رحماك رحماك بالأطفال اليتامى، والنساء الثكالى، والشباب الحيارى.

    الأم الجريحة وطفلها المذعور

    أيها الإخوة: كأني أرى تلك الأم المسكينة التي جاءها القصف من فوقها ومن أسفل منها، وفر من في البيت، تطاير الصغار خارج الدار، لا يدرون أين يذهبون، وهي تجري خلف أصغرهم، فتتعثر بشظية ملتهبة، وتعلق النار في ثيابها، فتجري باحثة عن الماء لكي تطفئ نفسها وابنها يجري في اتجاه وهي تجري في اتجاه، ولكنها عندما تلتفت إلى وليدها الصغير وهو ينطلق بأقصى سرعته، والدبابة اليهودية يثور غبارها وهي متجهة إليه، تنسى النار التي في ثوبها والحريق الذي يأكل لحمها وجلدها، فتنطلق عائدة خلف وليدها لتلقي بنفسها عليه ثم تطويها جنازر الدبابة وتهرس لحمها، ويدها تمسك على جبين وليدها لكي تحفظه من الموت، ويموتان جميعاً، ويموت ما تبقى من ضمير عربي وإسلامي، عند أولئك الذين لا يزالون يخطبون في القضية الفلسطينية أكثر من أربعين عاماً.

    واحر قلباه! عجباً لنا كيف نهنأ بطعام ومنام! والذي نفسي بيده، إن الهموم التي في قلبي تنغص علي حياتي، أصبحت متوتر الأعصاب لا يقر لي قرار، وكأن صيحات المساكين تصم آذاني في الليل والنهار، وأرى أحلاماً في الليل كأني غائص في الطين أنا وسيارتي ولا ينتشلني أحد، إنه طين الذل والهوان الذي نعاني منه جميعاً، لو أن أختي كانت هناك في الجنوب، أو أمي أو زوجتي كيف يكون حالي؟ لا يستوي من يده في النار ومن يده في الماء البارد.

    أتابع صورهم في الجرائد ولا سبيل للمتابعة إلا في هذه الجرائد التي تساوم وتتاجر في القضية حتى الآن، وأرى صوراً لا أملك إلا البكاء، وأعلم أن البكاء للنساء؛ ولكنني إذا لم أبكِ أموت هماً وغماً، فالفلسطينية هناك أختي، وأمي ورب الكعبة، عرضها عرضي، وشرفها شرفي، ودينها ديني، ودمها دمي، ألا لعنة الله على الغافلين، ألا لعنة الله على الطواغيت الذين يجمعون الأموال ويكنـزون الجيوش، وأحدهم يستأذن الدول العربية ويستشيرها، لقد جعل تجار القضية الذين يساومون عليها ويذبحونها أكثر من اليهود أربعين سنة مستشارين، هل أدخل في الجنوب أم لا أدخل، هل أحارب أم لا أحارب؟

    تستشير من يا مسكين؟ إنما ذبحه هؤلاء وتآمروا عليه أكثر مما تآمر عليه اليهود ورب الكعبة، ولا يزال يستشير، يدخل أم لا يدخل، حتى لا تبقى من المسلمين باقية.

    ومن جراحات الثكالى في أرض لبنان

    لقد قلت لكم: إن الحرب هناك في لبنان ضد الإسلام والمسلمين، ولكن كثيراً من الناس لا يصدقون، يظنونها حرباً طائفية، أو حرباً قومية، أو حرباً عربية، أو حرباً من أجل أرض، لا. إنها حرب ضد التوحيد والإسلام والمسلمين، فليعِ المسلمون هذه الحقيقة، إنهم الآن يريدون إيجاد شريط من النصارى في الجنوب ليشكلوا حاجزاً أمنياً لليهود، ولا يكون هذا الشريط النصراني في قرى الجنوب كلها إلا على حساب دمائنا، فهم يريدون إبادة كل مسلم هناك.

    من لهؤلاء المساكين الفلسطينيين، من لهم؟ كيف تكون حياتهم هناك في هذا المخيم؟ إنها عذاب في عذاب، أيتام على موائد اللئام، منذ أيام النزوح الكبير ولجوءهم إلى الخيام ولا نجد أرضاً تأويهم على سعة العالم العربي والعالم الإسلامي، لكنهم رابطوا وصابروا وصبروا، وظلوا في هذه المخيمات على ما فيها من شظف العيش، وعلى ما فيها من إرهاق وإرهاب، كل يوم تفتيش وتجريد سلاح، كل يوم سب وشتم، كل يوم مذلة، كل يوم يسمعون أن محمداً صلى الله عليه وسلم يشتم، والرب يشتم، والدين يشتم، وهم صابرون صابرون صابرون... يحاربون في لقمة الخبز، يحاربون في شربة الماء.

    أرض لبنان تجري من تحتها الأنهار، وأرض العروبة تجري من تحتها الآبار، وهؤلاء تمر عليهم السنوات يقتلهم الزمهرير، ويذبحهم نار النابال والقنابل الفسفورية وقنابل حرب الأعصاب والغازات السامة.

    النساء لا تجدهن أبداً إلا حاملات على رءوسهن الصرة وما تدري ماذا يوجد بهذه الصرة؟ توضع على الرأس، وتسير المرأة متجهة إلى مكان طوله متر وعرضه متر، تضطر اضطراراً أن تلقي الصرة عليه، ثم تلتف وتنطوي حولها تحت جنح الظلام، لينزل عليها الثلج والماء والمطر، وتعوي حولها الذئاب، وتنعش قليلاً من لحمها ونصابها، وتلعق دماءها وجراحها، ثم تستيقظ مع استيقاظ الشمس لكي تحمل الصرة وتسير مجرجرة جراحها إلى أين؟ لا تدري إلى أين.

    وهكذا يطول الزمان وتضيق الأرض وتبلغ الأرواح والقلوب الحناجر، وتدعو المسكينة وتدعو، وترفع يديها إلى الله وتستغيث، ولكن الله سبحانه وتعالى جعل لإجابته نواميس وقوانين. الله سبحانه وتعالى لا يفتح السماء وينزل ملائكة لينتشل هذه المسكينة، لا. ولو فعل الله ذلك لما أصبح هناك حاجة للجهاد الإسلامي، عار وعيب أن ترفع امرأة تتظلم إلى الله بأيدي الملائكة، عار على العرب والمسلمين، وهناك آلاف الجيوش وآلاف الأسلحة، الصواريخ التي تقصف بغداد في الليل والنهار، صواريخ عربية بأموال عربية، اشتروها من الاتحاد السوفيتي ، ليتها توجهت إلى اليهود، الطائرات التي تقصف المسلمين وتحصدهم حصداً بالآلاف، اشتريت بأموال إسلامية وعربية، لماذا هذه الحال؟ لماذا نحن في هذا العار؟ لا ندري إلا أنه سخط الله وغضبه، يوم أن تبرأنا منه تبرأ منا، يوم أن حاربناه حاربنا، ولا تأييد ولا إجابة لدعاء ولا نصر حتى نصطلح مع الله حكاماً ومحكومين، وإلا فالشر يعم، والخير يخص: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:25].

    كلمات إلى الأخت الجريحة في أرض لبنان

    أختي الجريحة هناك .. عزاؤك الوحيد أن موتك ليس هو نهاية المطاف، لا ورب الكعبة، إن ذبح زوجك وخطف ابنك وهدم بيتك وهتك عرضك ليس هو نهاية المطاف، إنها بداية النهاية، إنك ستقفين في المحكمة الإلهية عند رب لا يظلم عنده أحد، وسيتقدم كل العلماء أصحاب الفتاوى المضللة، وكل العملاء والزعماء والمتاجرون والخونة، كل هؤلاء سيقفون في محكمة العدل الإلهي، وستكونين أنت وحدك أمة، أمة على رءوس الأشهاد، تغمسين في الجنة غمسة فيقال لك: هل مر عليك بؤس قط؟ فتقولين: لا وعزتك وجلالك ما مر عليَّ بؤس قط، وسيغمس هؤلاء المتنعمون بالأموال المنهوبة، والأعراض المسلوبة، والأوضاع المقلوبة، والتصاريح المكذوبة، سيغمسون في النار غمسة، ويقال لهم: هل مر عليكم نعيم قط؟ فيقولون: لا وعزتك ما مر علينا نعيم قط.

    إن موتك ليس هو النهاية، ولو كان موتي وموتك هو النهاية، والله ما خرج أحدنا من بيته، ولكن هناك حياة أخرى أملنا فيها، وقلوبنا فيها، ورجاؤنا فيها: مَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [العنكبوت:5-6] وقال تعالى: وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ [النساء:104].

    أيها الإخوة هنا وهناك: ترجون من الله ما لا يرجون، اصبروا، إنها أيام ولحظات، والدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر، وسيأتي الفرج القريب إن شاء الله، وسترون النعيم المقيم هناك، ثم ترون الفضائح لهذه العصابات، وهؤلاء المطبلين والمزمرين وعصابات اللصوص، الذين يسمون أنفسهم بالحكام أو الخبراء، أو المستشارين، أو الأوصياء أو الأبطال، هذه العصابات عصابات اللصوص سترونهم واحداً تلو الآخر، قال تعالى: وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ [إبراهيم:49]. مربوطين بالحديد، سرابيلهم وثيابهم من النفط، والله اختار النفط ثياباً لهم: سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ [إبراهيم:50] القطران: هو النفط الخام، حتى يكون سريع الاشتعال، أمريكا الآن تستفيد من النفط الخام، اليهود يستفيدون من النفط الخام .. سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمُ النَّارُ * لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ [إبراهيم:50-51].

    1.   

    حقائق اليهود في القرآن الكريم

    أيها الأحبة الكرام: نعود مرة ثانية إلى الآيات التي تعري اليهود في الدرس الثاني، لكي ننتقل في الدروس المقبلة -إن شاء الله- إلى القضية لنعيشها لحظة لحظة، ولنعطي الطريق الصحيح لتحرير فلسطين واستنقاذ المسجد الأقصى والقدس إن شاء الله.

    الذلة مضروبة عليهم

    يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم عن اليهود مظهراً هذه الحقيقة العجيبة: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنْ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران:112] هذا هو تقرير الله في اليهود.

    المادة الأولى في هذا التقرير: اليهود أذلاء، جبناء، ضربت عليهم الذلة كما تضرب النقشة على النقود لا تفارقهم أبداً، ومهما حاول أصحاب الهزائم الثورية أن يقنوعني أن اليهود أبطال، وأن اليهود مقاتلون، وأنهم هم الذين يقاتلون القتال الحقيقي عندما يكون قتالاً حقيقياً، مهما حاولوا وأقنعوني، سأقول: كذبتم يا أعداء الله، الله يقول: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ [آل عمران:112] ضربت كما يضرب النقش على سكة النقود، لا تنمحي أبد الدهر، ولكن ما صاروا أبطالاً وفرساناً إلا يوم أن أصبح المقاتلون أمامهم:

    أسد عليَّ وفي الحروب نعامـة     فتخاء تنفر من صفير الصافر

    يوم أن صاروا كذلك تكبر اليهود وتجبروا.

    اعتماد اليهود على حلفائهم

    المادة الثانية: يستثني الله لحظات من لحظات شجاعتهم منافين القاعدة العامة من الذلة، وهذا الاستثناء يقول الله فيه: إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ [آل عمران:112] أي: إذا صاروا مسلمين موحدين أتباع محمد صلى الله عليه وسلم يمدهم الله بحبل النصر والتأييد، هذا حبل من الله، وإذا بقوا كفاراً معاندين مشركين ملحدين، يقول الله: هناك حبل من الناس.

    أمريكا تمدهم بالتكنولوجيا الحديثة، وتمدهم بالدعم العسكري والاقتصادي، ويمولون اليهود الذي يخنقون الآن أوروبا وأمريكا برءوس الأموال الربوية، شعارهم: إذا سالت قطرة يهودي في إسرائيل سال الذهب الأصفر وراءها، وكل عام هذا العجوز الشيطان بيجن يجسم نفسه على الأمراض التي فيه، أمراض هائلة يرتجف لا يستطيع أن يمشي على قدميه مسافات طويلة، ويتحمل سفر ست عشرة ساعة إلى أمريكا من أجل أن يجمع التبرعات لليهود، ويذهب إلى اليهود البخلاء من رءوس الأموال أصحاب الشركات والمؤسسات والصناعات العالمية الكبرى الذين يملكون شركات الطائرات والجزر والباخرات والمواصلات العالمية والأجهزة الإعلامية، يلتقي بهم واحداً واحداً على انفراد، يأتيهم أولاً بأسلوب الترغيب، يأتيهم ويقول لهم أولاً: هذا مستقبل إسرائيل ويهود الكبرى، ونحن أصبحنا الآن على المرحلة الأخيرة على قاب قوسين، فإذا ما أفاد معهم ذلك، أعطاهم المواجهة الثانية: توقع بعد إسبوع أن أرسل إليك فرقة من الفرق الخاصة لاغتيالك وحرمانك من أموالك هذه كلها، بعد ذلك ملفك كله موجود عندنا.

    بعد ذلك يفتح له جميع الصور الدعارة الخليعة، وجميع النصب والاحتيال العالمي الذي مارسه، وجميع الضرائب التي هرب منها، وجميع الإدانات والتهم كلها موجودة، يفتح له الملف، يقول له: ماذا تقول؟ ماذا تريد؟ يقول: أريد مائة مليون دولار، على طول يفتح له شيكاً، ولا يعود بيجن العجوز بعد الرحلات تلو الرحلات، عبر اثنين وخمسين ولاية، وهو كبير السن يضرب المثل والقدوة لطنابر الطين الذين يسكنون الدور والقصور، ينامون ملء عيونهم ويأكلون ملء أفواههم ويتمتعون بفروجهم لا هم لأحدهم إلا شهوته وعبادة شهوته، ثم يدعي أنه رئيس الدفاع أو رئيس لجنة الدفاع.

    ويعود بيجن بعد ذلك محملاً بالملايين والملايين لكي تشكل حكومته جسراً جوياً بهذه الأموال لينقل اليهود الأثيوبيين واليهود الهنود وجميع يهود العالم لكي يقاتلونا هنا في هذا المكان وفي كل مكان؛ لأن الخارطة التي نشرت وقد رأيتها بأم عيني، وهي توجد في مكتب ألنز وبيجن سالفاً، الخريطة تمتد من النيل وهي تقتطع جزءاً من قناة السويس ، هذا المعبر المائي التاريخي الخطير الاستراتيجي، الخريطة تقتصه، ثم سيناء ، ثم تنحدر إلى فلسطين ، ثم بعد ذلك تنزل إلى جزيرة العرب ، وتدخل المدينة فيها، وقد كتبوها باللغة الإنجليزية (مدينة)، وتدور وتخرج إلى مكة وتدخل المدينة معها بعد أن تنـزل، تأخذ الخليج كله، عمان والكويت إلى الخليج العربي ثم شط العرب إلى ما وراء البصرة ثم تنـزل على الشام بعد ذلك، وقد كتبوا عليها دولة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات.

    قد تقولون: هذا حلم، الأكثرية البشرية والطاقة الإنسانية ستكون حجر عثرة أمام تخطيطهم وتحقيق أهدافهم، أقول: هيهات هيهات، متى كانت الكثرة الكاثرة البشرية في زمان العلم والتكنولوجيا والتصنيع لها أثر، الطاقة البشرية والكثرة الكاثرة لها أثر في الحروب الفردية، السيف أمام السيف، والرمح أمام الرمح، لكن أمام التكنولوجيا الحديثة المدعمة برءوس نووية، الطاقة البشرية ما لها أي قيمة، ثم هم على استعداد أن يوجدوا من بيننا عملاء يحملون نفس أسمائنا ونفس ديانتنا ويقومون بغسل أدمغتنا بالتدريج.

    أما تذكرون يوم أن كنا نسميها القضية الفلسطينية والقدس، ثم صارت قضية الشرق الأوسط، وأتحداكم إذا سمعتم في الأخبار الآن كلمة فلسطين، إنما تسمعون قضية الشرق الأوسط ، بعد أن نسيت صارت قضية لبنان ، ثم نسيت صارت قضية الجنوب، وهكذا وهكذا... وتظل التغطية الإعلامية الغاسلة للأدمغة تنتقل من بقعة إلى بقعة، واليهود يأكلون أرضنا وعرضنا كما تأكل (الترتة) قطعة قطعة ونحن ننظر بأعيننا، إلى متى هذا الذل وهذا الصمت وهذا الهوان؟!

    الله يقول: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ [آل عمران:112] والحبل من الله هم الآن نحن محرومون منه تماماً؛ لأن الله أعلنها، فقال: فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ [البقرة:90] فليس لهم حبل من الله، بقي حبل الناس، وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران:112]، وهذه روسيا تمدهم بالهجرة البشرية، أول دولة اعترفت بإسرائيل هي الاتحاد السوفيتي، والتي يسمونها الآن الصديق الحميم، والذين يدندنون حوله ويسبحون بحمده، والروس يقولون: استطعنا أن نصهر كل القوميات إلا القومية اليهودية ما استطعنا أن نصهرها في ثورتنا البلشفية لهذا نحن نهجرها حتى نتخلص منها، المؤسسون للثورة الماركسية كلهم يهود، إنجنز وماركس وهرتزل ، ودارون، وفرويد ، كل هؤلاء يهود.

    إذاً: ليس غريباً ولا عجيباً أن تكون الطاقة البشرية الهائلة التي تقتل الآن في الجنوب من اليهود الشرقيين هناك في روسيا ، هذا حبل من حبال الناس يذكره الله في القرآن.

    وهناك حبل آخر يأتي من أوروبا، وحبل ثالث جاءهم من اليمن، وحبل رابع جاءهم من الدول العربية بإرادتها أو بغير إرادتها، حيث يتم تهجير اليهود وهم في قمة الاحترام والتقدير، فيسمحون لهم بأخذ أموالهم وذهبهم، ويبيعون أراضيهم ودكاكينهم، ويخرجون معززين مكرمين، حتى إنني وجدت هناك نخلاً من أحسن النخل العراقي موجود في أمريكا ، والنخلة لا تطول، واقفة بطول الرجال سحروها تكنولوجياً.

    اليهود الذين هاجروا جاءوا وأحضروا فسائل النخل وزرعوها ومحصودها وثمارها وأموالها تدفع لتدعيم إسرائيل، نعم. وهكذا قتلنا أنفسنا بأيدينا، وجرحناها بخناجرنا، نحن الذين جلبنا على أنفسنا ذلك .. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ [الرعد:11] هذا قدر الله وسنته في خلقه.

    أيضاً هناك حبل من الناس وهم العملاء المبثوثون الآن على أرض لبنان، فتجد المقاومة الوطنية تبذل قصار جهدها في مطاردة اليهود المنسحبين، وأيدٍ عربية عميلة تقوم بوضع المتفجرات والكمائن ضد المقاومة العربية هناك، وكم جاءتني من القصص والأخبار العجيبة الغريبة الطريفة، حيث دكت المخيمات الفلسطينية وأبيدت في لبنان، بعد الهجوم اليهودي عليها في العام الماضي والسنة التي قبله، لقد كانوا يقولون: ما كان اليهود يعرفون أقبية الأسلحة الخفية، ما كانوا يعلمون أن تحت المطار هناك مخازن للعتاد هائلة، ما كانوا يعلمون أن المخيم الفلاني في الحي الفلاني، وفي السوق الفلاني، في المصنع الفلاني تحت الأرض أسلحة هائلة ضخمة كانت تعد لضرب اليهود، ما كانوا يعلمون ذلك، وإذا الذي يقوم بإعلامهم صباغ أحذية أو بائع سجائر، أو شحات عند باب المسجد، أو يجلس في مجالس الناس وهم يكشفون بأحاديثهم العابرة يجمع بين الكلمات ويؤلف بين العبارات، ويرفع التقارير إلى إسرائيل، بأيدينا نحن، بالأيدي الخائنة التي أنكرت العيش والملح واللقمة الحلال والأرض التي آوتها، والقلوب التي فتحت لها، ولا يمكن أبداً أن ننتصر على عدونا إلا بعد تطهير هذا الصنف، ومطاردته ومتابعته، والقضاء عليه، وإلا عوراتنا كلها مكشوفة.

    وجاءت الكتائب وجاء اليهود، ووقعت أسلحة كنا جمعنا لها الأموال من دمائنا وعرق جبيننا ورواتبنا عبر السنيين الماضية، كلها أخذوها باردة وبلا ثمن، أليست هذه مأساة.

    اقتطعنا من لقمة العيش وأعطينا الأموال واشترينا السلاح، وجاء هؤلاء الخونة وأصبحوا أذلة لليهود والنصارى.

    إذاً: عندما يقول الله: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ [آل عمران:112] ليتنا كنا نعي هذه الحقيقة وأخذنا الحذر تلو الحذر من هذا الصنف من الناس، الذين يكون بينه وبين اليهودي حبل موصول وجسر معمور يسعى عليه، حبل اتصال، سواء حبل لاسلكي أو حبل مادي، أو حبل معنوي، أو حبل جنسي، المهم هناك صلة معينة بينه وبين دولة إسرائيل.

    وما أكثر الطوائف التي تتنافس الآن على إرضاء إسرائيل، ما أكثرهم وكلهم محسوبون على الإسلام والمسلمين، لا أستطيع أن أذكر بالأسماء، قد يقول قائل: كلامك هذا يعطي الفتنة يا شيخ، لكنكم تعلمون هذه الطوائف، وتعلمون من خلال مسيرتها التاريخية كيف كانوا يستمتعون ويضحكون وهم يرون الدم الفلسطيني يسيل على تراب الأرض التي رفضت أن تشربه، لكي يظل ظاهراً وعنواناً للجريمة الشنعاء، لشركاء الجريمة بمشارق الأرض ومغاربها.

    اليهود هم قتلة الأنبياء بغير حق

    يقول الله تعالى: وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ [آل عمران:112] يؤكدها الله مرة ثانية حتى لا نخدع .. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الأنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقِّ [آل عمران:112].

    قتل اليهود في يوم واحد مائة واثنين وعشرين نبياً من أنبيائهم، قتلوهم وقت الضحى إلى الظهر، وفتحوا الدكاكين وقت العصر يبيعون ويشترون وكأنه ما حدث شيء، إن الله قادر على أن ينصر هؤلاء الأنبياء، لكن الله سبحانه وتعالى يريد أن يعلِّم البشرية حقيقة هذا الصنف، فالذي عنده نفسية قادرة على أن يقتل في اليوم الواحد مائة واثنين وعشرين نبياً، ماذا يكون عنده الفلسطيني؟ وماذا عنده العربي؟ وماذا عنده اللبناني؟ هذا يعني لا قيمة لهم ولا وزن، وما وجود الفلسطينيين الآن على أرض فلسطين والقدس والضفة وحيفا ويافا ورام الله واللد والرملة ... إلى آخره، ما وجودهم هناك محبة فيهم ولا رغبة فيهم وإنما مثلهم كمثل الحمامة التي تثار لكي يصاد الصقر الثمين الذي يباع بالآلاف، حتى تتم التغطية الإعلامية التي يستدرون بها عطف العالم كله وهم فنيون في الإعلام مع الأسف الشديد.

    1.   

    اليهود واستخدامهم للإعلام العاطفي بشتى صوره

    إن أكبر جرائم إنجلترا أو أمريكا لا أذكرها، والتايمز -على ما أظن- كانت قد عرضت نفسها للبيع، والعرب الواحد منهم يقضي في الليلة الواحدة مليون دينار يصرفه على عاهر، لا يوجد واحد منهم تشرف وتكرم واشترى هذه المجلة العالمية لكي يجعلها صدقة لوجه الله، تدافع عن القضية لأنها مجلة عالمية، كثير من الناس في العالم يقرؤنها.

    محطات موجودة هناك في أمريكا ، في كل لحظة تفتحها تجد الدعاية اليهودية تبين أنهم حماة المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ، وهم صمام الأمان لكل الخيرات التي تنتظرها أمريكا ، وأن الأجواء أجواء دول العروبة، لا يملكونها إنما يملكها يهود، فهذه طائراتهم النفاثة تعبر الأجواء لكي تختار المواقع التي تقصفها دون أن يعترضها معترض براً أو بحراً أو جواً، وإن هؤلاء العرب في حقيقتهم هذا الكدلك الأمريكي وهذا المرسيدس الألماني بجوار هذه الخيمة والجمل بينهما يبول ويروث عليهما، كيف تسلمون الحضارة الأمريكية التكنولوجيا إلى أمثال هؤلاء؟ نحن أولى بها.

    انظروا هذه البيوت الخربة في فلسطين ، وانظروا إليها بعد أن عمرناها، لقطة من هنا، ولقطة من هناك، وإذا بالكونجرس الأمريكي كله، والخبراء والمستشارون، وزعماء أوروبا يصفقون لهذا الإعلام الناجح الذي نحن فشلنا فيه الفشل الذريع؛ لأننا إذا أردنا أن نغطي إعلاماً معيناً، فإننا نغطي ما يثبت الطواغيت، وما يؤصل مساميرهم على عروشهم، وما يسبح بحمدهم، ونجعل من الحبة قبة، ونظهرهم أبطالاً وفرساناً ومنقذين، وفي الحقيقة كما يقول الله تبارك وتعالى: فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ [الرعد:17].

    عندنا أموال كثيرة ولكننا لا نعرف كيف ننصر قضيتنا حتى الآن، لا نعرف.. لا نعرف.. والله عندي يقين أنه لو تبنت دولة واحدة بصدق التغطية الإعلامية للقضية الفلسطينية لانتصرنا عالمياً وإن لم تطلق طلقة واحدة، ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله!

    قال تعالى: وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ [آل عمران:112].

    مما قتلني وأنا في أمريكا أدعو إلى الله، فيلماً رأيته. يريد أن يقنعني أن القدس (أورشليم) أرض يهودية، وعبر تاريخ السنين، والله لولا إيماني ويقيني ولو كنت إنساناً من عوام الناس لآمنت وصدقت بهذا الفيلم.

    يبدأ الفيلم بلقطة حالمة على وردة متفتحة تفتح وتفتح عليها حبات الندى، بعد ذلك ينـزل بلقطة عابرة للقدس، ثم بعد ذلك تنـزل السينما مع فرقة لعلماء خبراء آثار -ليسوا يهوداً حتى لا نقول: الفيلم متعصب- وإنما مجموعة علماء أخصائيين جاءوا من عدة دول حياديين، هم يهود لكن ماذا يقول يهود؟ ثم قام هؤلاء العلماء بتحديد أرض، ثم البحث فيها، وإذا بهم يخرجون آثاراً عليها النجمة السداسية، ويمكن أن اليهود قد زرعوا هذه الآثار منذ شهر، وحفروا لها حفرة ووضعوها، ويعطون لهؤلاء مالاً، ثم قاموا بالتصوير ويصورون لك هذه الآثار التي تثبت بأن هذه الأرض لليهود، وهذه آثارهم، وهذه أوانيهم، وهذه كتبهم المقدسة المدفونة تحت الأرض، والتاريخ يشهد لنا، إذاً لماذا يحاربنا الفلسطينيون على أرضنا؟ إن وجودهم عندنا يدل على كرم ضيافتنا وعلى سعة صدورنا، انظروا إليهم كيف يحاربوننا بالحجارة ونحن نقيم لهم مصانع الخبز، انظروا إلى حقول البرتقال وإنتاجها .. إلى حقول القمح وإنتاجها .. انظروا إلى الأيدي العاملة التي نشغلهم ثم يكافؤننا فيرجموننا بهذه الحجارة، فيلم في منتهى اللؤم، يجعل الغربي المسكين الغافل الذي ما عنده ثقافة إلا أنه يخرج من الصباح ويكد كد البهيمة إلى الساعة السابعة ليلاً، ثم بعد ذلك يأخذ الدولارات يسكر فيها في الملهى، وعندما يأتي وقت الراحة ويفتح التلفزيون ويشاهد هذا، يقول: صحيح، العرب مجرمون، والفلسطينيون إرهابيون كما تقول الصحف العربية عنهم.

    لماذا لا نخدع؟ لماذا لا نكذب كما يكذب اليهود؟ فالحرب خدعة، والكذب في هذا المجال عبادة، ولكن من يفتي بذلك، وأقول: نكذب لأن الحق معنا، والحقائق بأيدينا، ولكن وإن اضطررنا على أن نفعل فلماً غير واقعيٍ نشوه فيه اليهود، فإن ذلك قربة وعبادة إلى الله، أيفعلونها؟ معاذ الله إنهم عنها مبعدون.

    1.   

    أخلاق اليهود تخلق بها بعض من ينتسب إلى الإسلام

    يقول سبحانه وتعالى مخبراً عن حقيقة من حقائق اليهود وخلق أو مرض مع الأسف اليهود تخلو عنها، يعني: عرف اليهود علاجه في أنفسهم؛ التشرد العالمي .. التشرذم .. التقوقع .. الاضطهاد الذي يدندنون حوله، وهم الذين افتعلوه في الحرب العالمية الأولى والثانية، وهم الذين قالوا في ( بروتكولات حكماء صهيون ): إننا على استعداد أن نضحي بعدد كبير أو صغير من اليهود ثم نستغل هذه القضية ونشرها عالمياً؛ فنستدر العطف العالمي ونستخلص من الأموال والدعم المادي والمعنوي، وستظل هذه التضحيات التي نقدمها قرباناً من أجل الهيكل لملك إسرائيل، ستظل عاراً لمن يمارسونها ووساماً لليهود، نأخذ منهم ما شئنا من الأموال، والآن ألمانيا تبكي حزينة تريد أن تكفر خطيئة هتلر الذي دخل اليهود في معامل الصابون وأخرج منهم صابوناً.

    الله سبحانه وتعالى يخبرنا عن خلق كان عند اليهود، ولكن اليهود تركوه، وانتقل هذا الخلق إلينا، ماذا يقول الله سبحانه وتعالى؟ اسمع أنا أريدك وأنت تسمع الآية، هل هذا الآن اليهود يطبقونه على أنفسهم كما تقول الآية أم نحن نطبقه على أنفسنا؟ ولا تقل لي تعليقاً، التعليق سأتركه في قلبك أنت الذي تعاني.

    قال تعالى: وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة:84-85].

    ومن هذه الأخلاق اليهودية التي حلت بالعالم العربي الآن: نقض المواثيق، فعلى الأقل مواثيق الجامعة العربية كلها منقوضة الآن، فدول الجامعة العربية تدعم عسكرياً ومادياً أي دولة عربية تدخل في هذا الميثاق إذا ما جاءها أي تدخل عسكري أجنبي، ولا يوجد أي تنفيذ، فهناك سفك للدماء، وإخراج من الأوطان للعقول الحرة والعقول المستنيرة التي درست ووصلت إلى الدكتوراه ووصلت إلى الأستاذية، هي هناك في أوروبا وأمريكا ولندن ، وكثير من الخريجين والأطباء والدكاترة يبكون شهادات بدون وظائف، أما الخبراء والعلماء والعباقرة فقد استفادت منهم قاعدة كبكند الأمريكية، وأول صاروخ نزل وحل على ظهر القمر كان من المخططين له عقل عربي مسلم، ولكن هل نعي ذلك! الأحرار أخرجناهم طيوراً مهاجرة لا عودة لها إلى أوطانها، أمها وأبوها تموت، ولا يستطيعون حتى أن يشيعوا جنازة أمه وأبيه. أحدهم مات أبوه، فقال: يا جماعة! اسمحوا لي وأعطوني فرصة أدخل أشيع أبي، قالوا: تفضل لكن ابحث لك من يشيعك مع أبيك.

    يسفكون الدماء، يخرجوننا من الأوطان، يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعض، ثم يتظاهرون بالإثم والعدوان. كذلك الأسارى يفادونهم وهو محرم عليهم إخراجهم، وما أعظم الأسارى في السجون والمعتقلات بالآلاف بل بالملايين لا أحد يعلم عنهم، اختلطت شعورهم وأظافيرهم وأجسادهم ولحاهم، وأصبحوا كالأشباح، إذا أراد أن يقضي حاجته، قالوا له: دقيقة إلا ربع، وإذا تأخر بسبب مرض، يا ويله، اقرءوا الكتب التي ألفت: الزنزانة السوداء، المذبحة داخل السجون، تجدون العجائب، هؤلاء الأسارى المساكين.

    أخلاق اليهود انتقلت إلينا مع الأسف الشديد، وأصبحت هذه الآية تنطبق على واقع الحال والمقال على الأمة، ولا إنقاذ لها ولا تفريج إلا من الله رب العالمين.

    فالأمل بالله كبير وبهذا الدين عظيم، وأكتفي عند هذا القدر لكي أعود في الدرس القادم إن أبقاني الله سبحانه وتعالى، لكي نشرح ونفصل حول هذه الحقائق التي يسكت عنها الجميع ويتآمر بهذا السكوت.

    اللهم لا تدع لنا ذنباً إلا غفرته، ولا هماً إلا فرجته، ولا ديناً إلا قضيته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا ضالاً إلا هديته، ولا تائباً إلا قبلته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا سوءاً إلا صرفته، ولا عيباً إلا سترته وأصلحته، ولا مسافراً إلا حفظته، ولا غائباً إلا رددته، ولا مجاهداً في سبيلك إلا نصرته، ولا عدواً إلا قصمته.

    اللهم حقق مصالحنا في أعمالنا، واختم بالطاعة أعمالنا، وحرم وجوهنا ووالدينا والمسلمين على النار، وأدخلنا الجنة مع الأبرار الأخيار، ونسألك اللهم تحرير القدس والأقصى وفلسطين ، وأرض لبنان يا رب العالمين، وأن ترزقنا صلاة في الأقصى طيبة مباركة غير خائفين ولا وجلين برحمتك يا أرحم الراحمين.

    اللهم أصلح أولادنا وأصلح بناتنا، وأصلح أرحامنا، وأصلح جيراننا، اللهم إنا نسألك أن تؤمن روعاتنا، وأن تستر عوراتنا، وأن تغفر زلاتنا.

    اللهم إنا نسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاء من كل داء.

    اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وأغننا بفضلك عمن سواك، اللهم اقض عنا الدين، اللهم اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر.

    اللهم كما صنت وجوهنا أن تسجد لأحد غيرك، فصن أيدينا على أن تمتد لأحد سواك، يا من بيدك خزائن السماوات والأرض! أفض علينا من فضلك، وأفض علينا من برك وكرمك، يا أرحم الراحمين، يا رب العالمين، هذا الدعاء ومنك الإجابة وهذا الجهد وعليك التكلان، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

    1.   

    الأسئلة

    بيان بطلان القول بجواز خروج المرأة متعطرة إذا لم تقصد فتنة الناس

    السؤال: هناك سؤال حول فتوى الدكتور عبد الصبور شاهين في مجلة الرأي ، يقول: بأنه يجوز للمرأة أن تخرج متعطرة، إذا كان ليس نيتها فتنة الناس؟

    الجواب: هذا كلام باطل، إنما الرسول يقول: (أيما امرأة خرجت وهي متعطرة ليجد الناس ريحها فهي زانية)، وقال: (لا يحل لامرأة أن تقرب المسجد إلا وهي مغتسلة عن الطيب والبخور) والذي يفتي بهذه الفتيا بأنه يجوز للمرأة أن تخرج متعطرة ليجد الناس ريحها فهو يضلل الناس، ونسأل الله أن يهديه وأن يهدي المسلمين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718746

    عدد مرات الحفظ

    766220766