بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه، ثم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إخوتي وأخواتي! أسعد الله أوقاتكم بالخيرات والمسرات، ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء، نسأل الله عز وجل أن يجعلها نافعةً مفيدة، وأن يوفقكم لحسن السؤال، وأن يلهمني سداد الجواب، وأذكركم بأن هاتف البرنامج هو 010083434688، 010083437988، وأذكركم بأن يوم الأحد إن شاء الله سيكون هو اليوم العاشر من المحرم، وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بصيامه، وقال: (أحتسب على الله في صيام يوم عاشوراء أن يكفر ذنوب سنة ماضية)، فاحرصوا بارك الله فيكم على صيامه، وحبذا لو ضممتم إليه اليوم التاسع لتصيبوا السنة، وأسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: نرجو تفسير قوله تعالى: السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا[الأنبياء:30]؟
السؤال الثاني: ما هو تفسير قوله تعالى: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى المَاءِ[هود:7]؟
السؤال الثالث: ما هو تفسير حديث: (يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة)؟
المتصل: أريد أن أعرف فضل صلاة التسابيح؟
الشيخ: طيب، إن شاء الله، شكراً جزيلاً.
المتصل: إذا لامس الإنسان جسد زوجته، وخرج شيء من ذكره، هل يغتسل للجنابة أم يتطهر طهارة عادية؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: ما هو تفسير قوله تعالى: إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا [الإسراء:78].
السؤال الثاني: ما هو تفسير قوله تعالى: انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ * لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ [المرسلات:30-31].
السؤال الثالث: سألتك مرة عن سكرات الموت وأجبتني أفادك الله، فتملكني رعب شديد، وطار النوم من عيني وأصبحت كالعصفورة في الزيت؟
الشيخ: طيب، نعم.
السؤال: أخونا صلاح الدين من العُشرة يسأل عن تفسير قول الله عز وجل: أَوَلَمْ يَرَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ * وَجَعَلْنَا فِي الأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجاً سُبُلاً لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ * وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ * وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِيْنْ مِتَّ فَهُمْ الْخَالِدُونَ * كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ[الأنبياء:30-35].
الجواب: واضح من السياق أن الله عز وجل ذكر جملةً من الآيات الكونية الدالة على قدرته جل جلاله، وحال المشركين الذين جعلوا مع الله إلهاً آخر، فبين لهم ربنا سبحانه أن السموات والأرض كانتا رتقاً، أي: كتلةً واحدة، يقال: الرتق، أو الشيء المرتوق، أي: الذي لم تنفصل أجزاؤه، ثم بعد ذلك هو بقدرته سبحانه وتعالى فتقهما فجعل هذه سموات علوية، وجعل هذه أرضاً سفلية، وجعل السموات سبعاً، ومن الأرض مثلهن بقدرته جل جلاله.
فمعنى الآية: أن السموات والأرض كانتا كتلةً واحدة، ثم الله جل جلاله بقدرته فتقهما، وجعل كل واحدة في ناحية، والعلم عند الله تعالى.
الشيخ: وأما قوله سبحانه: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ[هود:7]، هذه في صدر سورة هود: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ [هود:7]، الله عز وجل يذكر بأنه في بدء الخلق خلق السموات والأرض في ستة أيام، وهذا المعنى تكرر في آيات كثيرة، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ[هود:7]، كان عرش الرحمن جل جلاله على الماء، هكذا نفهم الآية على ظاهرها، ولا نتأولها.
الشيخ: وأما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (يخرب الكعبة ذو السويقتين)، فالسويقتان: مثنى سويقة، وهي تصغير الساق، فقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن هذا الرجل الذي سيخرب الكعبة من الحبشة، وساقاه دقيقتان رفيعتان، وأنه يقلعها حجراً حجراً، قال صلى الله عليه وسلم: (كأني أنظر إليه يضربها بمعوله يقلعها حجراً حجراً)، وهذا في آخر الزمان حين يرفع القرآن، ويفنى الأخيار، وتخرب الكعبة، وينهب كنزها، فهذا كله سيكون في آخر الزمان، ونسأل الله أن يتوفانا على الإسلام.
الشيخ: وأما ما سألت عنه زوجة أخينا صلاح من فضل صلاة التسابيح، ففي حديث العباس رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: (يا عماه! ألا أعطيك، ألا أحبوك، ألا أمنحك), وعلمه صلاة التسابيح، وأمره بأن يصليها في كل يوم مرة، أو في كل جمعة مرة، أو في كل شهر مرة، أو في كل حول مرة، أو في العمر مرة، وكفى بهذا فضلاً، والحديث مختلف فيه يثبت أو لا يثبت، لكن لا حرج على من عمل به وصلاها.
السؤال: متوكل من السوكي يسأل عن إنسان لمس جسد امرأته وخرج منه شيء فهل يغتسل للجنابة أم لا؟
الجواب: إذا كان الخارج مذياً فإنه لا يلزمه إلا أن يغسل المكان ويتوضأ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لـعلي بن أبي طالب : (اغسل ذكرك وتوضأ).
وأما إذا كان الخارج منياً وهو الماء الدافق الذي يكون منه الولد، فإنه يلزم منه غسل الجسد كله.
السؤال: أختنا بثينة تسأل عن معنى قول ربنا جل جلاله: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً[الإسراء:78]؟
الجواب: (قرآن) هنا المراد به الصلاة، قال أهل التفسير: قد نبه ربنا جل جلاله في هذه الآية على مواقيت الصلوات الخمس، فقال: أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً[الإسراء:78]، أَقِمْ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ[الإسراء:78]، أي: زوالها وميلها، فيدخل في ذلك الظهر والعصر؛ لأن وقتهما مرتبط بحركة الشمس, إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ[الإسراء:78]، يدخل في ذلك المغرب والعشاء، فالمغرب لا يكون إلا إذا بان الليل وأقبل، والعشاء لا يكون إلا إذا اشتد ظلامه بمغيب الشفق الأحمر، ثم قال سبحانه: وَقُرْآنَ الْفَجْرِ))، أي: صلاة الفجر، إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً[الإسراء:78]، ينبه ربنا جل جلاله على فضل صلاة الصبح التي تأتي وسطاً بين الليل والنهار، ولا تقصر بسفر ولا حضر، ولا يحافظ عليها إلا مؤمن، ومن صلاها فهو في ذمة الله، هذه الصلاة المباركة التي هي ثقيلة على المنافقين، فحري بالمسلم أن يحافظ عليها، وأن يسعى إليها.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة:
السؤال الأول: شهر الله المحرم هل فيه صيام؟ وكم الأيام التي تصام من هذا الشهر؟
السؤال الثاني: أنا أخرج محتشمة، والحمد لله أنا عاملة، لكن عند ركوبي في المواصلات أكون مضطرة أن أجلس بجانب رجل مرات، ويكون جسده يلامس جسدي، فأكون متألمة جداً من هذا الأمر، فما الحكم؟
السؤال: أختنا بثينة تسأل: عن معنى قول ربنا جل جلاله: ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ[المرسلات:30]؟
الجواب: هذه الآية جاءت في سياق الوعيد للكفار، ومن لف لفهم من الفجار والمشركين، يقول الله عز وجل حاكياً عما يكون في يوم القيامة: هَذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ * وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ[المرسلات:35-36]، هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ * فَإِنْ كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ فَكِيدُونِ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ[المرسلات:38-40].
قبلها قال لهم: انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ[المرسلات:29].
كانوا يكذبون بالنار، أبو جهل ومن كان مثله كانوا يقولون: يعدنا محمد إن نحن اتبعناه بجنان كجنان الأردن، ويتوعدنا إن نحن خالفناه بنار تلظى، ويسخرون من هذا الكلام ويضحكون، فالله عز وجل بين أنه يوم القيامة يقال لهم: انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ[المرسلات:29]، مثلما قال في آية أخرى: هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ[الطور:14]، اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ[الطور:16].
انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ * انطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ[المرسلات:29-30]، يعني: أهل النار يسخر منهم والعياذ بالله، يخيل إليهم بأن هناك ظلاً يستظلون به من حر النار، وهذا الظل له ثلاث شعب، ثم يبين ربنا جل جلاله أنه لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنْ اللَّهَبِ[المرسلات:31] ليس ظلاً، مثلما أنهم إذا استغاثوا فإنهم يغاثون بِمَاءٍ كَالمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا [الكهف:29], وإذا طلبوا ماءً فالواحد منهم َيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ المَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ [إبراهيم:16-17].
فأهل النار والعياذ بالله لا يجدون ماءً يروي ظمأهم، ولا طعاماً يدفع جوعهم، ولا ظلاً يمنع عنهم حر النار، هذا كله سراب يطلبونه في النار ولا يجدونه.
المتصل: عندي سؤالان.
السؤال الأول: هل يجوز تأخير الصلاة لمدة لا تزيد عن الدقيقتين حتى يحضر الإمام؟
السؤال الثاني: حدثنا عن سجود السهو بصورة عامة؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: عندي سؤالان يا شيخ!
السؤال الأول: عندنا شيخ في الحي الخاص بنا، يؤمنا في المسجد، ولكنه يتعامل مع الجن ويفتح الكتاب، فهل تجوز الصلاة خلفه؟
السؤال الثاني: إذا قام الإمام من الركوع، فقال: ربنا ولك الحمد بدلاً من سمع الله لمن حمده خطأ، فهل يجب عليه السجود للسهو؟
الشيخ: بالنسبة لسؤال محمد هذا الأخير، الإمام بدلاً من أن يقول: سمع الله لمن حمده سها فقال: ربنا لك الحمد، أو قال: ربنا ولك الحمد، فأقول له: ليس عليه سجود سهو، فهذه يسمونها سنةً خفيفة، كتسبيحة، وتحميدة، يعني: من نسي التسبيح في الركوع، أو نسي سمع الله لمن حمده التي يسمونها التسميعة، أو نسي ربنا ولك الحمد التي يسمونها التحميدة، هذه كلها سنن خفيفة لا توجب سجوداً للسهو.
الشيخ: أما أختنا بثينة تقول: بأن سكرات الموت أطارت النوم من عينها، فأقول لها: أسأل الله عز وجل أن يهون علينا جميعاً سكرات الموت، وأن يختم لنا بالحسنى، إنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، ويا أختاه! أكثري من قراءة القرآن، أكثري من ذكر الله، أكثري من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أكثري من الاستغفار، إن شاء الله يهون الله عليك سكرات الموت، وتنزل عليك ملائكة من السماء بيض الوجوه، وتقول لك: نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ[فصلت:31]، بعدما يقولون لك: أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ[فصلت:30]، فالإنسان يموت على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه، الإنسان الذي عاش على الذكر والقرآن، وعاش على الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحلق العلم، ومجالس الذكر، وقول الخير، والسعي في مصالح المسلمين، فالله عز وجل لا يضيعه، يموت كل امرئ على ما عاش عليه، ويبعث على ما مات عليه.
السؤال: أم سحر من أم درمان تسأل عن شهر الله المحرم كيف يصام؟
الجواب: صومي منه ما تستطيعين، فلو أن الإنسان استطاع أن يصوم منه عشرة أيام، أو عشرين يوماً، أو خمسةً وعشرين يوماً، ولو صامه كله فلا حرج، فالصيام من أحب الأعمال إلى الله عز وجل، ولما قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: ( يا رسول! الله دلني على عمل يقربني من الجنة، قال: عليك بالصوم، فإنه لا عدل له)، لا مثيل له، والصائم دعوته مستجابة، (ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والمسافر حتى يرجع، ودعوة الوالد لولده)، والحديث في صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم: (أحب الصيام إلى الله بعد رمضان صيام شهر الله المحرم)، ولذلك يا أختاه! من استطاع أن يصوم أياماً كثيرةً من هذا الشهر المبارك فليفعل، وخاصةً إن شاء الله كما ذكرت في بداية الحلقة يوم الأحد وهو يوم عاشوراء ضموا إليه يوم السبت تنالوا أجراً عظيماً وثواباً جسيماً.
السؤال: أركب أحياناً في المواصلات، ويركب إلى جواري رجل، وتكون الأجساد متلاصقة فما الحكم؟
الجواب: بلا شك أن هذا وضع خاطئ، وأنا أقول لأختنا: إذا كنت في غنىً عن العمل فلا تخرجي من بيتك، الزمي بيتك بارك الله فيك، وقد قال الله: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ[النساء:34]، وقال مخاطباً القدوات والأسوات أمهات المؤمنين رضوان الله عليهن: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ[الأحزاب:33]، فالقرار في البيت أطيب شيء للمرأة، أما إذا كنت محتاجةً إلى العمل، أو كان العمل بحاجة إليك، فاحرصي بارك الله فيك على أن تجلسي إلى جوار امرأة، أو إلى جوار فتاة، وإذا ما تيسر لك ذلك وجلس بجوارك رجل إن شاء الله نرجو ألا حرج عليك، وأن يعفو الله عنك، فهذا الأمر ليس بيدك، لكن المفترض أن يكون هناك مقاعد للرجال، ومقاعد للنساء، من أجل أن تحفظ كرامة الجميع، ويصان عرض الجميع، وتدفع الفتنة عن الجميع.
السؤال: عبد الماجد يسأل عن تأخير الصلاة دقيقتين حتى يحضر الإمام؟
الجواب: تؤخر الصلاة حتى يحضر الإمام دقيقتين أو ثلاث أو أكثر من ذلك بما لا يشق على الناس، فإن الصحابة ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو إمامهم عليه الصلاة والسلام، ويحصل في كثير من المساجد بأن الإمام إذا تأخر يبدأ الناس يتلفتون ويقولون: أقيموا الصلاة، أقيموا الصلاة، ولربما لو جاء الإمام زجروه ونهروه، فمثل هذا لا ينبغي، وإنما يصبرون، فالنبي عليه الصلاة والسلام أقيمت الصلاة يوماً، ثم تذكر بأنه على جنابة فأشار للصحابة أن مكانكم، ودخل بيته وخرج ورأسه ولحيته يقطران ماءً، وقال: (إني تذكرت أني كنت جنباً، فدخلت فاغتسلت)، وكذلك أقيمت الصلاة يوماً وانتحى صلى الله عليه وسلم برجل يناجيه طويلاً، وكان يتأخر صلى الله عليه وسلم أحياناً حتى إن الصحابة تخفق رءوسهم من النعاس، لكنني أقول لإخواننا الأئمة: اتقوا الله في الناس، ولا تضيقوا عليهم، المفروض أن الإمام يلتزم بالوقت، ولا يتعمد التأخير، وما تكون باله طويلة كما يقول الناس، فبعض الأئمة ينتظر إلى أن يسمع الأذان ثم يقوم يتوضأ، ثم بعد ذلك يلبس جلبابه، ويأخذ عمامته، ويقدم رجلاً ويؤخر أخرى حتى تضيق صدور الناس، لا، الناس عندهم مشاغل، وقد أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن نراعيهم، فأرشدنا إلى التخفيف وقال: (فإن فيهم المريض، والكبير، وذا الحاجة)، فهنا لا نؤخر إقامة الصلاة عن الوقت المعهود، والحمد لله أراحنا الله بهذه الساعات الضوئية التي تبين وقت إقامة الصلاة بالنسبة للإمام والمأموم معاً.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: تقدم الإمام ليصلي بالناس، وبعدما كبر تكبيرة الإحرام قال جهراً: بسم الله الرحمن الرحيم، ثم صمت فما الحكم؟
السؤال الثاني: في بلدي سنار منعت الأكياس من أن تتداول، فأصبح الناس في الجزارة يستعملون الجرائد المكتوبة باللغة العربية، وفيها آيات قرآنية، وغير ذلك، فنرجو كلمة توجيهية بخصوص ذلك؟
السؤال الثالث: رجل يبيع البلح ويبيع معه الخميرة، فما حكم بيع هذا الرجل؟
الشيخ: تسمع الإجابة إن شاء الله.
الشيخ: بالنسبة لسجود السهو يا عبد الماجد ! من اللعوتة.
أولاً: سجود السهو لا يجبر الأركان, فلو أن الإنسان نسي ركناً من أركان الصلاة، فإن سجود السهو لا يجبره، بل لا بد من الإتيان بهذا الركن، كمن نسي ركوعاً أو سجوداً, لكن سجود السهو يجبر السنن, سواء كانت سنةً مركبة أو غير مركبة, والأمر فيه واسع سجدت قبل السلام أو بعد السلام، يجزئك إن شاء الله, لكن الأفضل إذا كان في صلاتك نقصان أن تسجد قبل السلام, وإن كان في صلاتك زيادة أن تسجد بعد السلام, وإذا اجتمع في الصلاة نقصان وزيادة؛ كمن ترك التشهد الأوسط وقام إلى ركعة خامسة مثلاً, فإنه يسجد قبل السلام أيضاً، والأدلة في ذلك كثيرة, وبهذه الصفة يحصل الجمع بين الأدلة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سجد أحياناً قبل السلام وسجد أحياناً بعد السلام, فبالتتبع والاستقراء علم أنه سجد قبل السلام لما نقص, وسجد بعد السلام لما زاد, وسجد قبل السلام كذلك حين اجتمع في صلاته زيادة ونقصان, ولكن كما ذكرت لك الأمر في ذلك واسع إن شاء الله.
السؤال: أخونا محمد من الجزيرة, يسأل عن رجل يتعامل مع البخرات وفتح الكتاب, فهل يصلى خلفه؟
الجواب: لا، المفروض يغير, هذا الذي يدعي علم الغيب ويفتح الكتاب ويقول: سيحصل كذا وسيكون كذا, وهذا يصلح وهذا لا يصلح, مثل هذا ينبغي أن يسعى الناس في تغييره؛ لأن ادعاء علم الغيب من الكبائر والمصائب العظيمة, ودليل على فساد عقدي أصيل, فإنه لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ [النمل:65], ولا يعلم الجن ولا الإنس من الغيب إلا ما أعلمهم الله عز وجل إياه, كما قال سبحانه: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا[الجن:26-27], فمثل هذا ينبغي أن يغير, وأن يزال عن هذا المنصب المبارك منصب الإمامة.
السؤال: أخونا ولاء الدين من سنار, يسأل: عن إمام كبر في صلاة الظهر ثم جهر بالبسملة؟
الجواب: إن كان فعل ذلك عمداً فلا حرج عليه في ذلك إن شاء الله؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر أحياناً يسمعهم السورة, يعني: مثلاً كان يقرأ سراً, وأحياناً يرفع صوته عليه الصلاة والسلام في بعض الآيات مثلاً, كما لو قرأ مثلاً من سورة الانفطار فيقول: يَا أَيُّهَا الإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ [الانفطار:6], من أجل أن يعلم الناس أنه صلى الله عليه وسلم يقرأ, ومن أجل أن يقتدوا به, فلو أن الإمام رفع صوته أحياناً عمداً من أجل أن يعلم الناس بأنه يقرأ، فلا حرج في ذلك إن شاء الله, وأما لو فعل ذلك سهواً أيضاً ما عليه شيء, لكن لو جهر جهراً كثيراً فإنه يلزمه سجود سهو بعد السلام؛ لأن هذه بمثابة الزيادة, كما لو أنه أسر في موضع الجهر، فإنه يسجد قبل السلام؛ لأن هذا نقصان.
الشيخ: وأما ما يحصل في سنار من منع الأكياس, وبدلاً من ذلك يستعمل الناس الجرائد التي كتب فيها باللغة العربية، فهذا فساد عظيم يا والي سنار, ويا أيها القائمون على أمر الولاية، لا بد أن تجدوا لهذا الأمر حلاً, فإنه لا يمكن أن تمنع الأكياس حتى لو ثبت ضررها, ثم بعد ذلك لا يوضع بديل للناس, فيستعملون الجرائد, والجرائد ليست فقط المشكلة في الآيات يا ولاء الدين , وإنما الحروف العربية معظمة في ذاتها؛ لأنه يتألف منها نظم القرآن, ثم إن الجريدة ما تخلو من أسماء معظمة: كمحمد وأحمد وأبي بكر وعثمان وعلي وسعد وسعيد وأبي عبيدة وكذا, حتى لو كانت جريدة كورة, فلاعبو الكرة في الغالب ما تخرج أسماؤهم عن هذه الأسماء التي ينبغي لنا أن نعظمها, والله عز وجل قال: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32], ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ [الحج:30], والجرائد أيضاً لا تخلو من اسم الجلالة, وأسماء الله الحسنى, ولذلك ينبغي للناس أن يحتاطوا في ذلك ويتحفظوا, ونسأل الله الهداية للجميع.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أنا كنت متزوجاً، فحصل اختلاف بيني وبين أهل زوجتي, فالناس أتت بالخيار الأفضل وهو الطلاق, حتى لا أدخل في مشاكل، ومعي طفل من هذه المرأة وعمره سنة، وخاله سيئ الخلق ويسب ديني مباشرة، فهل لي حق أن آخذ هذا الطفل منهم؟
السؤال: أسمع من أشخاص يتكلمون بشدة في جماعة أنصار السنة, حتى قالوا: إذا صليت وراءهم فصلاتك غير مقبولة, وأن من قتل واحداً من أنصار السنة, فسيدخل الجنة، فما حكم كلام هؤلاء الناس؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أنا أتعامل في البيع بالأقساط، فكيف أخرج الزكاة؟
السؤال الثاني: شخص اشترى تلفزيوناً عبر البنك، وأرسل لي بالفاتورة والنقود، فأرسلت بالتلفزيون، على أن المشتري هو البنك، فما حكم هذه المرابحة؟
الجواب: كان ينبغي أن تسأل قبل أن تفعل, يعني: هذه المرابحة فاسدة من جهة أن البنك لم يتسلم ولم يحز السلعة, كان المفروض أن البنك يدفع المال ثم يستلم هذه الأجهزة التي هي التلفزيونات, ثم بعد ذلك يقوم ببيعها على أخيك, لكن البنك لم يفعل ذلك, وإنما هي مجرد دراهم بدراهم, يعني: نقود بنقود, فهذه المعاملة فاسدة، وواجب عليك أن ترد المال إلى الجهة التي صدرت منها لتبرأ ذمتك إن شاء الله.
السؤال: كانت أمي مريضة قبل شهر رمضان, ودخل عليها شهر رمضان وما زالت مريضة، واستمر معها المرض إلى قبل عيد الأضحى ثم توفيت فهل أصوم عنها أم أطعم؟
الجواب: ليس عليكم شيء, لا قضاء ولا إطعام.
السؤال: أخونا ولاء الدين من سنار يسأل عن شخص يبيع البلح ويبيع مع البلح الخميرة, وهو يعلم بأن هؤلاء الذين يشترون بلحاً ومع البلح خميرة يصنعونه خمراً؟
الجواب: هذا الرجل آثم, ويأكل حراماً؛ لأن هذا من التعاون على الإثم والعدوان, ولذلك علماؤنا قالوا: لا يجوز بيع العنب أو التمر لمن يتخذه خمراً, كما أنه لا يجوز بيع السلاح لمن يقتل به النفوس المعصومة المحرمة, فهذا الرجل ينبغي أن ينصح بأن يطيب رزقه، وأن يبيع البلح لمن كان مستور الحال، أو من غلب على ظنه أنه يستعمله في الأمور المباحة, أما من علمنا أنه يصنع منه خمراً فلا يجوز لنا أن نبيع له البلح مجرداً، فضلاً عن أن نبيع له البلح ومعه الخميرة, كأننا نقول له: هذه مواد الخمر جاهزة وما عليك إلا الماء فقط.
الشيخ: أخونا طارق من كسلا, يذكر بأنه طلق امرأته، وأن بينهما طفلاً عمره سنة، فأقول له: الأم أحق بالطفل يا طارق ! الأم أحق بالطفل ما لم تنكح؛ ( لأن امرأةً جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن ولدي هذا كان بطني له وعاءً, وكان ثديي له سقاءً, وحجري له حواءً, وإن أباه قد طلقني ثم جاء يريد أخذه مني, فقال: أنت أحق به ما لم تنكحي ), فالأم أحق بولدها إلى أن يستغني عنها, إلى أن يبلغ سبع سنين, بعد ذلك يكون بحاجة إلى التأديب فينتقل إلى أبيه, فيا أخي اصبر إن شاء الله إلى أن يكون ولدك إن شاء الله بالغاً السبع سنين إن شاء الله, ولا تقل: هذه كثيرة, بل هي سنوات تمر مر السحاب.
الشيخ: وأما ذلك الرجل الذي قال: من صلى وراء جماعة كذا فصلاته غير مقبولة فهذا مفتر, وقائل على الله بغير علم, فالصلاة وراء كل مسلم لم يأت بناقض من نواقض الإسلام, لم يأت بأمر مكفر, الصلاة وراءه صلاة صحيحة, القاعدة: كل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره, وأما قوله: من قتل شخصاً من تلك الطائفة يدخل الجنة؟ فهذا أبلغ الافتراء وأعظمه, إذ الجنة لا نستطيع أن نجزم بها لأحد إلا من جزم له رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الذي لا ينطق عن الهوى, ثم كيف يستسيغ هذا الشخص لنفسه أن يحرض على قتل امرئ مسلم ويكافئ على ذلك بالجنة, والنبي عليه الصلاة السلام يقول: (كل المسلم على المسلم حرام, دمه وماله وعرضه), ويقول: (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام, كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا), وربنا سبحانه يقول: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93], والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني, والنفس بالنفس, والتارك لدينه المفارق للجماعة), فهذا الرجل يتوب إلى الله مما فاه به, ويطلب العفو من إخوانه المسلمين أولئك.
السؤال: البشير من الخرطوم, يقول: بأنه يتعامل في البيع بالأقساط, فكيف تكون الزكاة؟
الجواب: إذا كانت هذه الأقساط مضمونة الأداء, يعني: هي على أناس مليئين, أو مثلاً عندك صكوك عليهم، فالزكاة واجبة عليك؛ لأن هذه ديون, وزكاة الدين واجبة على الدائن إذا كان الدين مضموناً, أما إذا لم تكن مضمونة الأداء فلا تزكيها إلا إذا قبضتها, وحصل الملك.
السؤال: والدي خصني من ملكه بقطعة أرض، وأنا ولد وحيد ولي بنتان, وهو على قيد الحياة, فهل في ذلك شيء؟
الجواب: لا شيء يا هيثم إن شاء الله, هذا هبة صحيحة, والهبة تثبت بالقبض, ليست هي وصية من أجل أن نقول: (لا وصية لوارث), وإنما هي هبة، وما عليك شيء إن شاء الله.
السؤال: أنا مهندس أعمل في مكتب هندسي, وصاحبه مسيحي نصراني يقوم ببناء العقارات ومنها المساجد, وأنشأنا أكثر من مسجد, والآن يقوم المكتب بإنشاء كنيسة, فهل أكون آثماً إذا عملت معه؟
الجواب: لا تعمل في هذه الكنيسة, اعمل معه في المساجد أو اعمل معه في المباني المباحة, ولو كانت لنصارى, تبني لهم بيوتاً، تشيد لهم مصانع، ومتاجر، ونحو ذلك لا مانع, أما الكنيسة فلا؛ لأن الله تعالى قال: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2], والكنيسة ما فيها توحيد لله, ولا فيها أمر بالمعروف ونهي عن المنكر, وإنما الكنيسة قائمة على التثليث, وقائمة على ادعاء الصاحبة والولد لله جل في علاه, ومثل هذا لا ينبغي للمسلم أن يساعد فيه, ولا أن يعين عليه, ولا أن يسهم بمال ولا برأي في إقامته وتشييده.
المتصل: ما حكم اللحن في الفاتحة في الصلاة؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: عندي ثلاثة أسئلة يا شيخ!
السؤال الأول: نزول الشخص للسجود يكون بركبتيه أم بيديه؟
السؤال الثاني: أنا أنادي والدي بأسمائهم, فهل هذا عقوق, وما حكم الدين في مثل ذلك؟
السؤال الثالث: جيراننا ذبحوا خروفاً أضحية، فقام الخروف وجرى وهو يفك الدم، فبعد مسافة قام واحد من الجيران وأمسكه وواصل الذبح, فما حكم هذه الأضحية؟
الشيخ: طيب، شكراً.
المتصل: رجل وقع له حادث بالسيارة، ومات الذين معه في الحادث جميعاً، فأريد أن أسأل عن الدية والصيام لكل نفر مات في الحادث؟
الشيخ: طيب, إن شاء الله أجيبك, شكراً لك.
السؤال: الأخت إيمان من بور سودان، تسأل عن الهوي إلى السجود؟
الجواب: الهوي إلى السجود محل خلاف بين أهل العلم؛ لأن حديث وائل بن حجر رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا هوى أحدكم إلى سجوده فلا يبركن كما يبرك البعير, وليضع يديه قبل ركبتيه), وفي الرواية الأخرى: (وليضع ركبتيه قبل يديه), فها هنا العلماء قالوا: الحديث حصل فيه قلب, يعني: إحدى الروايتين حصل بها مثلما حصل في الحديث الآخر: (سبع يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله), ومن بينهم: (رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه), في رواية أخرى: (حتى لا تعلم يمينه ما أنفقت شماله), فحصل قلب من أحد الراويين, فها هنا السؤال: البعير هل يضع ركبتيه أولاً، أم يضع يديه أولاً؟ هذه محل خلاف بين أهل العلم, والذي عليه المالكية بأنه يضع يديه قبل ركبتيه, والحنفية والحنابلة والشافعية يقولون: بل يضع ركبتيه قبل يديه, والإمام الطبري رحمه الله يقول: كل ذلك سائغ وجائز, والأمر في ذلك واسع إن شاء الله.
الشيخ: ما ينبغي لك يا إيمان أن تنادي أمك باسمها, ولا أن تنادي أباك باسمه, يعني: الواحد منا ما يقول لأبيه: يا فلان ولا لأمه يا فلانة, بل من البر أن يناديه بيا أماه يا أبتاه, يا أمي يا أبي, أو كما نقول: يا أمي يا بوي, لا مانع من هذا كله, وهذا أدب الأنبياء, ولذلك نقرأ في القرآن إبراهيم عليه السلام يقول لأبيه: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا * يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا * يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا[مريم:42-44], وهناك إسماعيل قال: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ [الصافات:102], فأنت يا إيمان لا تنادي بالاسم، وإنما قولي: يا أمي يا بوي.
الشيخ: وأما بالنسبة للخروف الذي ذبح, ثم قام فجرى وهو يصيح, ثم لحق به أحد الجيران فأكمل ذبحه هذا يؤكل إن شاء الله ولا حرج؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكلوا ), وهذا قد حصل والحمد لله, إنهار الدم قد حصل, وذكر اسم الله عز وجل قد حصل, وهذا الذي ذبح أولاً ينبغي أن يؤدب؛ لأنه إذا كان لا يتقن الذبح فلا ينبغي له أن يتجشم عناء شيء لا يحسنه, الذي لا يعرف أن يذبح لا يتكلف ما لا يحسن, فالذبيحة حلال إن شاء الله, وكلوها هنيئةً مريئةً.
السؤال: أخونا عبد القيوم من شندي يسأل عن رجل قتل جماعة في حادث؟
الجواب: الدية على العاقلة؛ لأنه قتل خطأ, والصيام عليه هو كفارة عن كل نفس لا بد أن يصوم شهرين متتابعين, لو صام من أول الشهر فلا حرج عليه إذا نقص الشهر, يعني: إذا كان الشهر تسعة وعشرين فيصوم تسعة وخمسين يوماً أو ثمانية وخمسين يوماً لا حرج عليه, أما إذا بدأ من الكسر من نصف الشهر مثلاً فلا بد أن يتم الستين يوماً, وبذلك تبرأ ذمته إن شاء الله.
والشريعة شددت في مسألة القتل هذه, ولو كان خطأ؛ لأن إزهاق النفس ليس بالأمر الهين, فالله عز وجل قال: مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32], وهذا القاتل ليس عليه إثم؛ لأنه ما تعمد, لكن الله عز وجل قال: شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:92], كأن التوبة ها هنا من التفريط في أخذ الاحتياط, والتحصين لأسباب السلامة والأمان.
السؤال: رجل طلق امرأته ثلاث طلقات، ثم قام ورجعها الأمين له, والزوجة قالت: طلقني ثلاثاً, فما الحكم؟
الجواب: يا منير ! كلام الزوجة ها هنا غير معتبر، وإنما القول قول الرجل مع يمينه, فإذا قال: أنا ما طلقت ثلاثاً، وإنما طلقت اثنتين أو طلقت مرة واحدة, فالقول قوله مع اليمين؛ لأن هذه دعوى, يعني الزوجة تدعي، فالبينة على من ادعى، واليمين على من أنكر.
وأكرر يا إخوة! مسائل الطلاق ما يتأتى فيها الفتوى بالهاتف في برنامج كهذا، فالطلاق أمره خطير فيه تحليل فرج أو تحريمه, فالإنسان يلجأ إلى مفتي الناحية أو يلجأ إلى المحكمة الشرعية.
المتصل: عندي سؤالان:
السؤال الأول: أسأل عن الدعاء للوالد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ابن صالح يدعو له، أو علم ينتفع به), فما هو الدعاء المشروع أن يدعو الواحد لأبيه؟
السؤال الثاني: أسأل عن كلام كبار السن في المسجد بونسة أو كيفة, بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.
الشيخ: بالنسبة للدعاء يا أخانا الطيب طيب الله أنفاسك, كل دعاء مشروع, ولكن أفضل شيء دعاء القرآن: رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا [الإسراء:24]، أو تقول: (اللهم مد لهما في قبورهما مد أبصارهما, وجازهما بالحسنات إحساناً, والسيئات عفواً وغفراناً), تدعو لهم: (اللهم أطل عمرهما في طاعتك، واختم لهما بالحسنى, وارزقهما صلاح القول والعمل, وغير ذلك، كل هذا مشروع إن شاء الله).
الشيخ: بالنسبة للونسة في المسجد، فلا مانع إذا كانت بكلام مشروع ليس فيه حرام من غيبة أو نميمة أو تنابز بالألقاب, ولا تشويش على المصلين, لا مانع أن الناس يتكلموا في شيء من أمور الدنيا, فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يخوضون في أمور الجاهلية ويضحكون, والنبي صلى الله عليه وسلم يتبسم, فلا حرج في ذلك إن شاء الله.
أسأل الله أن يوفقني لما يحب ويرضى وإياكم والمسلمين, وأوصيكم أيضاً في هذه الليلة المباركة بالإكثار من الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم, ليلة الجمعة, فقد قال عليه الصلاة والسلام: (إن من خير أيامكم يوم الجمعة, فأكثروا من الصلاة عليّ فيه، فإن صلاتكم معروضة عليّ).
والحمد لله أولاً وآخراً, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر